هل أنصف محمد صلى الله عليه وسلم بموضوعية المستشرق كلينتون؟!
حتى لا يندلعَ جدلٌ بيزنطي عقيم حول إنصاف المستشرق كلينتون بينيت للإسلام ولرسول الله صلى الله عليه وسلم في البرامج التلفزيونية والصحف كاستهلاك محلي، يجدرُ بنا أن نقف بكل أمانة وموضوعية، ولا أنصب نفسي قاضيًا، ولكن دعونا نفحص الرجل من خلال إنتاجه، من أجل الحذر من فتنة يروج لها على نطاق عالمي واسع، إذ يعد الغربُ جهودَه مساهمة مهمة نحو تطوير التقدير المسيحي للإسلام ولمحمد صلى الله عليه وسلم، فهل كان كلينتون حقًّا باحثًا محايدًا تخلى عن نظرته الكنسية، أم هو متحيز ظهر تحيزُه بدرجات تتهم حيادَه؟!
وحتى يخمد الجدل المثار حول هذه الموضوعية والتشدق بأنه أنصف محمدًا صلى الله عليه وسلم، يجدر بنا أن نعرض له؛ لأنه مارس الاستشراق والتبشير والحوار في آن واحد، ولا تزال جهودُه تمثل ظاهرةً جديرة بالمتابعة لاستشراف الحوار الإسلامي المسيحي، ويجدر بنا أن نلقي الضوء على واحد من أكبر خبراء الحوار المسيحي الإسلامي، وهو مدير العلاقات الدينية المشتركة في المجلس البريطاني للكنائس، هو كلينتون.
كلينتون عالم بريطاني في الأديان ومشارك في الحوار الديني المشترك، تخصص في دراسة الإسلام وركز على الحوار الإسلامي، وهو وزير معمداني مقتدر، مارس التبشير في بنغلادش، ونشط أيضًا في حوار المجلس العالمي للكنائس.
وهو شخصية مثيرة جديرة بالاهتمام العالمي، ومثيرة للجدال على صعيد العالم الإسلامي، انطلق هذا المستشرق مبشرًا في بداية احتكاكه المباشر بالعالم الإسلامي، وتغيرت بعضُ انطباعاته المسبقة حول الإسلام، وقد أكبرَ كثيرٌ من المسلمين شجاعةَ كلينتون وجرأته في نقده لكتابات العصر الفيكتوري التي شوهت محمدًا صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك اختلفت الآراء حوله، فمثلا لم يكتف د. أحمد شفاعات[1] بأن يؤكد هشاشة موضوعيته، بل قام أيضًا بنقد كتبه نقدًا موضوعيا أشاد به الغرب، ومن ناحية أخرى نجد أن د. عبد الوهاب الأفندي (المشرف على برنامج الإسلام والديمقراطية بمركز دراسات الديمقراطية بجامعة وستمنستر في لندن) قد أدرج هذا المستشرق ضمن المستشرقين المنصفين لرسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابه[2] الصادر بعنوان: [عن محمد.. الرؤية الغربية الأخرى لنبي الإسلام - مقتطفات قصيرة لكتاب غربيين عن الرسول من القرن الثامن عشر حتى اليوم]، صاحَبَ ذلك حملةٌ عالمية شبه مستمرة تصفه بأنه من المعتدلين المتسامحين، وأن التقصير في الحوار من الجانب الآخر، أي من المسلمين.
سيرته ذاتية
ولد بينيت[3] في 7 أكتوبر/تشرين الأول 1955 في تيتينهول التابعة لستافوردشير، بإنجلترا، وفي 1966 هاجر إلى أستراليا مع أسرته، وأكمل سنَتَه النهائيةَ من التعليم الأساسي في أستراليا، ثم مدرسة ماكلين العليا، وهو أصلاً أنجليكاني، وكان يمتاز بأنه قيادي منذ كان طالبًا، وفي جامعة برمنغهام أعد الماجستير والدكتوراه، ثم عاد كلينتون إلى إنجلترا للتدريب في الكلية المعمدانية في علم اللاهوت في جامعة مانجستر حيث طور اهتمامه في الأديان العالمية، وركز على أديان الهند، ولما رأوا أنه جدير ويصلح كورقة رابحة دفعوه لدراسة الإسلام في يوليو/تموز 1979، فحصل كلينتون على شهادة في دراسة الإسلام من جامعة برمنغهام، وركز على العلاقات المسيحية الإسلامية قبل المضي إلى بنغلادش، حيث قام بالتبشير حتى 1982، ثم عاد إلى برمنغهام في 1985.
كان كلينتون قسيسَ كنيسةٍ حرًّا من 1986، وحصل على الدكتوراه في 1990، وأطروحة الدكتوراه نُشرت بعد ذلك كصور فيكتورية للإسلام 1992، وكانت كل دراساته العلمية في الدراسات الإسلامية بإشراف ديفيد كير كريستشن دبليو ترول Christian W. Troll. وواصل بحوثه في سلسلة: المسيحية والإسلام التي بدأت في 1985، وفي 1992 صار قسًّا في كنسية هايغيت المعمدانية، ببرمنغهام، ثم صار مدير العلاقات الدينية بالمجلس البريطاني للكنائس.
نشاطه
شجع كلينتون[4] الكنائس لتتبنى مبادئ الحوار، وسافر وتكلم على نحو واسع وحاضر للترويج لهذه المبادئ، لكنه وجد نفسه في أغلب الأحيان مهتمًّا بالعلاقات المسيحية الإسلامية، وأصدر بيانات صحفية مشتركة مع زكي بدوي، كرسي مجلس المساجد والأئمة ردًّا على قضية سلمان رشدي، وإلى حرب الخليج الأولى في 1992، بعد أن ساعد لتأسيس لجنة الكنائس للعلاقات الدينية المشتركة ضمن التراكيب العالمية الجديدة لبريطانيا وأيرلندا، ثم ترك المجلس لتعيينه محاضرًا في الدراسات الدينية في كلية ويست مينستر، بأكسفورد من 1996، وأصبح مُحاضرًا كبيرًا.
تدخل في المجلس العالمي للكنائس
كان كلينتون[5] مستشارًا لوحدة الحوار منذ 1988، وعضو لجنة عمل وحدة الحوار، وهو الذي صاغ القضايا في العلاقات الإسلامية المسيحية: الاعتبارات العالمية 1991، ومن 1992 حتى 1998 كان عضو المجلس العالمي لاستشارة الكنائس على الكنيسة والشعب اليهودي (سي سي جي) يمثل الاتحاد المعمداني لبريطانيا العظمى، حضر الاجتماعات في جنيف 1992 وبودابست 1994.
كان بينيت عضو لجنة نصيحة الإدارة المركزية 1985-1992، وجمع التبرعات، وجند الموظفين ونسق مع اللجنة الخيرية، ومجلس المدينة والأقسام الحكومية، نظم المخططات، عمل كذلك مندوبا لبرمنغهام في اللجنة العامة للجمعية المعمدانية، قاد مجموعات الطلاب في الجاليات في عيد الفصح 1986-1997، وفي 2005 حضر الكونجرس المئوي للتحالف العالمي المعمدانيِ، وهو عضو اللجنة الاستشارية الدولية لمنتدى الحرية الدينية[6] ليعرف الإسلام أكثر، دخل المساجد والمقاهي ليعرف عمق التجربة الإسلامية تجاه محمد صلى الله عليه وسلم.
ظلت صِلاته الوثيقة مع الهند وبنغلادش، زار وجَوَّل في الهند عدة مرات بالإضافة إلى التعليم في المدارس الصيفية بمعهد هنري مارتن، بحيدر آباد وكلية ويست مينستر.
امتد برنامجه في الهند بين 1996-1997، وعمل عملا ميدانيا في بنغلادش لكتابه حول محمد صلى الله عليه وسلم، وسافر لعدد من البلاد الإسلامية الأخرى كمصر وتركيا وأندونيسيا وماليزيا والمغرب واستكشف التراث المعماري المغربي في إسبانيا.
وقد كان مُستشارًا للمجلس الوطني الكاثوليكي الروماني للجمعيات العامية، وأيضًا مستشار المنتدى الأوربي للجان العلمانية الوطنية في فيينا 1990 و2005-2007، وكان عضو المجلس العالمي لاتحاد السلام العالمي، وكان ممثلاً معتمدًا ليو بي إف في الأُمم المتّحدة في نيويورك.
بين كلينتون[7] مرارًا وتكرارًا المخاوف المتعلقة بكيفية الاستنتاجات المتأثرة بفرضيات الكنيسة وخلفيات الغرب عامة، وقدم أساليب لتجنب التأثيرات السلبية، فهو يستهل كلامه إما بنقد المستشرقين، ويصف بالتفصيل بعض وجهات النظر العدائية جدًّا من الكتاب المسيحيين تجاه الإسلام ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم، أو يواجه المسلمين بالفهم الإسلامي أو رأيه الخاص الأكثر مناسبة "استمالة لعقول الناس، وتأثيرًا في قلوبهم".
صور الإسلام الفيكتورية
في صور كلينتون الفيكتورية للإسلام 1992 استشهد بأمثلة كافية وعلى نحو واسع، وعلى سبيل المثال، استشهد بكايت زيبيري، وهيو غودارد، ودانا روبرت، واتهمهم بالكذب، ووصف ديفيد توماس[8] كتاب كلينتون بأنه دراسة منيرة مُشرفة تركز على زاوية التاريخ الديني الفيكتوري بشكل خاص.
وصف كلينتون كثيرًا ممن تجنوا وافتروا على الإسلام ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وركز أيضًا على وليام ميور الذي لا تزال كتبه تدرس كمراجع أصيلة لدراسة الإسلام ولاسيما في سيرة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يقتصر دراستها في بريطانيا بل في كثير من البلاد الأخرى التي لا تزال لها علاقات ببريطانيا، لا سيما الهند.
علَّق كلينتون[9] لاحقًا بأن الاجتماعات الفعلية بين المسيحيين والمسلمين قد تؤدي إلى تغيير الرأي والعقل.. قال أحمد غنني[10] يؤكّد إجحافَنا "أي إجحاف الغربيين تجاه الإسلام"، وصف هذا الإجحاف بأنه أحد المشاكل الكبرى في اللقاء المسيحي الإسلامي، وشدد مع ذلك على قصة اللقاء المسيحي الإسلامي،كأمثلة التعايش المنسجم بالإضافة إلى صور من العداوة، وذكر بأن هذه التجارب يمكن أن تضمن العلاقات المستقبلية التي لم تعرف فقط من قبل ذاكرة تاريخية سلبية كالحروب الصليبية، قال جيرارد ريكسون[11] من كلمات كلينتون في كتابه البحث عن محمد، وهدف لسمع الأصوات الإسلامية، في كتبه الأخرى مثل: المسلمون والحداثة 2005 والعلاقات المسيحية الإسلامية المتسامحة 2008، وبحث حول المسلمين والحداثة، ركز كلينتون في كتابه أكثر على علم منهج البحث الاجتماعي.
القرآن
يتهم القرآن بالغموض، يقول كلينتون بأن كل المسلمين تقريبًا يعتقدون أن السيد المسيح لم يَمُت على الصليب، بالرغم من أن البعض يُجادل بأن الآية 5: 157 آية غامضة، يقصد قوله تعالى: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ﴾ [المائدة: 15].
آية واضحة جلية يتهمها بالغموض؛ لأنها تتعارض مع منظوره المسيحي، ويكمل كلامه: في حين يعتقد المسيحيون أن السيد المسيح صلب ومات على الصليب، وقد يكون هناك طريق للجدال حول ذلك، فالسيد المسيح حتى الآن لم يقتل على الصليب، وهذا ما يؤدي إلى التناقض والجدل؛ يزعم كلينتون أن القرآن لا ينكر حقيقة أن السيد المسيح انقضى، وبأنه قُتل من قبل اليهود، في الحقيقة -يضيف كلينتون- إن السيد المسيح لم يقتل من قبل اليهود، لكنه صلب بالذنب الإنسانيِ، موت السيد المسيح كان ضروريًّا جدًّا لإنقاذ الإنسانية. وهذا من سوء فهمه.
يقول كلينتون[12]: لا أُنكر موت السيد المسيح لكن القرآن ظاهر، بالرغم من أنه لا ينكر موت المسيح؛ قال تعالى: ﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ﴾ [النساء: 157].
لم يقل القرآن إن المسيح عليه السلام قتل من قبل اليهود، والرومان كانوا يضطهدون اليهود لأنهم كانوا يعتقدون أن اليهود قتلوا المسيح عليه السلام، وفي العلاقات الإسلامية المسيحية المتعاطفة يُناقش على نطاق واسع نصوصُ المسيحيين والمسلمين، ويستشهد بأدلة من كتبهم المقدسة لتسويغ وجهات نظر الآخرين، ويفحص النصوص التي تدعم الإيجابية، أو المصالحة والنصوص السلبية، أو التي تحث على المجابهة، فقام بفحص الآيات القرآنية، واستشهد بقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 5].
يقول نورماني[13]: قام كلينتون بتفسيرها بأن هذا يؤدي إلى الرخصة إلى إعادة هدنة دينية ضمن سياق حرب دفاعية حالية ولا يشكّل رخصة عامة للمسلمين لمهاجمة غير المسلمين في أي وقت كان.
وقال[14] بأنها آية تسوغ العدوان غير المستفز ضد غير المسلمين، وأدرج أحداث 9/11 ضمن الأعمال الإرهابية الإسلامية، ولا يزال جون إسبوسيتو يشكك ويؤكد أنهم طرف السكين، وعلينا أن نعرف من يمسك السكين، واستشهد على ظلم النساء في الإسلام بقوله تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾ [النساء: 34].
محمد
الحق أن د. أحمد شفاعات[15] (وهو عالم رياضيات كندي من أصل باكستاني) خير من تعرض لموضوعية كلينتون بالنقد الموضوعي المقنع؛ إذ قال: مع أن كلينتون استمع إلى الأصوات الإسلامية، إلا أنه معوق بسبب ولائه للنظرة المسيحية المسيطرة، والمخاوف اللاهوتية، يستثني كلينتون القرآن تقريبًا كمصدر معلومات حول النبي محمد، إذا جاز التعبير، ويروي القرآن قصة محمد، لكننا لا نستطيع الاستنتاج منه متى ولد أو متى بدأ الوحي، ولذا فنحن لا نستطيعُ إعادة بناء حياة النبي وشخصه من القرآن.
يهدف كلينتون من وراء ذلك إلى أن يصرف المسيحيين عن القرآن ويخفض قيمة القرآن، مدعيا أن ليس فيه شيء واضح حتى سيرة محمد ليست واضحة فيه، ويتهم الحديث النبوي، وفي السياق يقول كلينتون: إن معظم الأحاديث عديمة الفائدة، وخذ أحد الأمثلة:
يقصد قوله تعالى: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40].
ونترك التعليق للدكتور شفاعات: يقتبس كلينتون تقريره هذا من مارتن لينغ إذ يذكر نفس الكلام الذي ذكره لينغ، الذي يشكك حول ثقة التقارير القرآنية التي تتعلق بالسيرة.
ويضيف د. شفاعات[16]: ولهذا فهو يحاول أن يجعل الإسلام ملائمًا من نظرته المسيحية، وأضاف بأنه تشكك في أنهم يعرفون الله في السيد المسيح، وأخفق بينيت في عدم السماح لمحمد بالكلام، ويعتقد شفاعات بأن كلينتون تعرض لبعض الضغوط من وجهة النظر المسيحية.
الحق أن كلينتون لم يتخل عن وجهة نظره المسيحية، لأنه يقول :حاولتُ أيضًا أن أفهم كم يمكن أن يلائم الإسلامُ وجهةَ نظري المسيحية العالمية (p. 11-12).
ويضيف د. شفاعات: كلينتون لا يعطي أي وزن إلى صوت محمد التاريخي، في حين يعطى السيد المسيح ما يستحق، وهكذا يبدو غير قادر على إبقاء موضوعيته من ناحية، ويبدي وجهة النظر المسيحية التقليدية، من الناحية الأخرى، الموقف الشامل نحو الإسلام والأديان الأخرى.
يترك السيد المسيح يتكلم لمدة عن نفسه حسب الأصول، يسمح كلينتون لحمل وجهات نظر مسيحية تقليدية، ولا يترك محمدًا يتكلم لمدة عن نفسه حسب الأصول الموضوعية.
يمكن أن يذكر هذا الحديث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد.
لكنه لن يذكر هذا الحديث لتمسكه بمسيحيته، وكان أولى أن يذكر حديثا آخر، مثل ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال ما هذا، قالوا هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله -عز وجل- بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: فأنا أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه.
لأن كلينتون يراعي اليهود فلن يذكر هذا الحديث، ولكنه كان ينبغي على الأقل ذكر هذا الحديث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ثم هذا يومهم الذي فرض الله عليهم فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع، اليهود غد، والنصارى بعد غد.
ولم يذكره.
كان أولى به أن يذكر قوله تعالى: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ﴾ [الأحزاب: 6].
لكن لا يسمح لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يسجل له حديثًا واحدًا، ويقال بأنه أنصف محمدًا صلى الله عليه وسلم، أيعقل هذا؟!
المثال الثاني على أن كلينتون لا يُقيم وزنًا لكل صوت بشكل صحيح، أنه يعطي صوت سلمان رشدي في خاتمة الكتاب، في الجزء الأكثر أهمية، يكرس كلينتون لسلمان رشدي عشرين صفحة من ص 20 إلى 40 في خاتمة كتابه حول محمد، يتوج كلامه بقصة سلمان رشدي الذي أعلن عن نفسه أنه غير مسلم، يكاد يقول ما لم يقله دانتي وفولتير وهيوغو وغيبون وميور وبيرون وشيبي، روح كلماتهم مُنتعشة في صفحات رشدي، هذا يحيلنا إلى أن يجذبنا أقرب لنرى وجهة نظر كلينتون في محمد الذي يتبنى رؤية رشدي بطريقة شاملة في خاتمة الكتاب.
المسيح عليه السلام
يقول د. شفاعات: يقول كلينتون مرة ثانية: كان السيد المسيح هو الله، كما اعتقد بول، أو كان بول مخطئا، كما يجادل المسلمون واليهود، لتقديم السيد المسيح كتوسط بين البشر وبين الله، وهذا يوضح مدى التخبط.
لاحظوا التشويش هنا: السؤال الأصلي هو: هل كان السيد المسيح هو الله؟ وبعد ذلك السؤال يُصبح سواء السيد المسيح كان وسيطًا بين الله والإنسانية، في مكان آخر يتكلم كلينتون عن السيد المسيح كـ(وصلة بين الإنسانية والله).
فنسبة كلينتون إلى بول أن السيد المسيح كان وسيطًا بين الله والإنسانية، قول خاطئ؛ إذ بول يشير إلى أن السيد المسيح هو الله.
يؤكد شفاعات أن كلينتون فشل في إعطاء الوزن الصحيح إلى الأصوات المختلفة، أي كال بمكيالين.
أنا سأُناقشُ هنا مثالين لتَصوير إخفاق كلينتون في تقدير وزن الأصوات المُختَلِفة بطريقة صحيحة. المثال الأول مجهز بالبيان التالي: يقول كلينتون بأن المسلمين يقربون محمدًا من الله بشروط مماثلة، بالرغم من أنّهم ينتقدون المسيحيين بسبب تحويل السيد المسيح (النبي) إلى السيد المسيح (الله)، ذلك عندما يقرر المسلمون لزومية محمد ضمن الإسلام، فهل هم لا يتحملون أن يكسبوه تقديرًا مثل تقدير المسيحيين عندما يتكلمون عن السيد المسيح كوصلتهم مع الله؟
ففي الشهادة shahada (إعلان الإيمان) يربط محمد مع الله برباط شديد جدًّا، بحيث يصعب على الكثير من المسلمين أن يفكروا بالله من غير أن يفكروا برسول الله.
لا يزود كلامه بأي دليل يدعم به هذا البيان.
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، واضحة جلية بأن الله سبحانه هو الله الأحد، وبأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس فيها الشرك الذي يزعمه كلينتون.
يقول مدعيًا: في النهاية أرى الثالوث كالمفتاح إلى ترجمة الكون.
هو لا يزود رأيه بأي دعم لهذا البيان، نظرًا لأن الشيء المطلوب للحقيقة بأن يرى المسيحيون وغير المسيحيين الإنجيل وعلى مدار القرون، بأنه يترجم الكون الكامل.
الحديث النبوي
يضيف الدكتور شفاعات: لا شيء يمكن أن يسوغ ادعاء كلينتون "بأن المسلمين في الكلام عن محمد أحيانًا ما يقتربون من التعريف المسيحي للسيد المسيح مع الله"، يريد في بيانه هذا أن يستند على ما يبدو، من ناحية، على تخفيف الاعتقاد المسيحي التقليدي في لاهوت السيد المسيح، ومن الناحية الأخرى، فهم هذا من محادثاته مع بعض الصوفيين Sufi في الإسلام، ومثال على ذلك: المحادثة التي فيها: أبدى طالب آخر وجهة النظر أن محمدًا بعض الشيء تحت الله، والحقيقة بأن بعض المسلمين يُبالغون في تمجيد محمد، وهذه المبالغة واسعة الانتشار جدًّا، فبعض أتباعه ما زالوا يُحاولون رفعه تقريبًا إلى مستوى الله.
كلها أقوال لا تمثل الإسلام وما يعتقده المسلمون الملتزمون بالإسلام عقيدة وشريعة وهدفًا.
يرد عليه د. شفاعات: لا شيء في القرآن يسوغ وجهة النظر التي يبديها كلينتون، ولا الحديث الصحيح، ولا الرأي الإسلامي العلمي، وكلينتون نفسه يُضيف بأنني "أنا لا أستطيعُ أن أحد مكان هذا الحديث" حيث يقول الله لمحمد "أنت نظيري".
أيضًا: ملاحظة "أنت نظيري"، محمد موصوف كأنه "تحت الله"، وهذا يعد نوع تمجيد لمحمد، وهنا خطأ، إذ يبدو أن كلينتون يعتقد أن بعض المسلمين يقترفون خطأ، ثم كل المسلمين يُطلقون الحق لانتقاد الخطأ المماثل في المجموعات الدينية الأخرى.
كلينتون يبحث عن حديث: أنت نظيري، ولا يوجد حديث يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت نظيري. وأخشى أن يتجرأ أحد المستشرقين ويضع هذا الحديث كما وضع روبرت سبنسر حديث أبيدوا اليهود، الحديث الذي رواه عنه هيوفيزغيرالد.
حركة التوحيد
قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64].
هذه الآية التي نحن أحوج ما نكون إليها وإلى التمسك بها، تعد منطلقًا سماويًّا رفيعًا، ونداء إلهيا لشعار الوحدة الدينية للديانات السماوية، ويعد كلينتون واحدًا من أشهر الأكاديميين الذين تبنوا مؤتمرات حركة التوحيد التي تمخضت عن اجتماعات سان فرانسيسكو للجمعية الثانية لأديان العالم فيما بين 15-21 أغسطس/آب 1990، وفي إسطنبول كحلقة دراسية مسيحية إسلامية سبتمبر/أيلول 1991، وفي برلين كمؤتمر الحرية الدينية 29 -31 مايو/مايس 1998، وفي إسرائيل ديسمبر/كانون الأول 2003، وفي كوريا الجنوبية، وفي عدة مناسبات أبدى وجهة النظر بثبات تجاه الحرية الدينية غير القابلة للقسمة[17].
وإن كنا نتحفظ على الحركة -اسما وهدفا، لأن اسمها غير معناها وهدفها الحرية الدينية- إلا أننا نرحب بها من منطلق قوله تعالى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 256].
كـتبه
كتب كلينتون كتبًا كثيرة، وقام بمحاضرات كثيرة، وكتب مقالات، ومن أهم كتبه ذات الشأن:
1- صور فيكتورية للإسلام، لندن 1992
2- في البحث عن المقدسين: علم الأجناس البشرية ودراسة الأديان 1996
3- في البحث عن محمد 1998
4- في البحث عن السيد المسيح 2001
5- المسلمون والحداثة: مقدمة إلى القضايا والنقاش 2005
6- العلاقات الإسلامية المسيحية المتعاطفة القديمة والحديثة 2008
7- في البحث عن الحلول: مشكلة الدين والنزاع 2008
8- ترجمة القرآن: أي دليل لغير المستهلين 2009
9- تدريس الإسلام: القضايا الحاسمة 2010
10- نساء القوة المسلمات: الجنس والسياسة والثقافة في الإسلام 2010
في كتابه العلاقات الإسلامية المسيحية المتعاطفة القديمة والحديثة 2008 ألقى اللوم على تمدد النظرة الغربية النمطية تجاه الإسلام ومجابهته، يقول كلينتون: يصور الكثير منا بطريقة ما أن العالم الإسلامي دكتاتوري وغير ديموقراطي (p. 4) يجب على الغرب أن يركز على استماع المسلمين ويتعلم أكثر حول العالم، يجب أن نتحرك بعد أن كنا أعمياء بالصور النمطية، نحن يجب أن نستغل اللقاءات المستقبلية بالكامل، ويجب أن نتعلم أن القوة والعنف ليست الخيارات الوحيدة في الصراع مع المسلمين في الوطن أو في الخارج، إن المجابهة لن تساعدنا لإقامة ارتباطات قوية بالإسلام، إن النظرة التصالحية الشاملة ستساعدنا على جمع المعلومات وتدقيقها.
في البحث عن محمد 1998
عدد صفحات الكتاب 288 صفحة، سرد فيه السيرة النبوية وقسمها إلى ثلاث مراحل من ولادته إلى نزول الوحي 570-610، ومن الوحي إلى الهجرة hejira 610- 622 ومن إقامته في المدينة إلى وفاته 622-632، ولم ينس أن يلمح أن محمد بن إسحاق كتب السيرة تقريبًا بعد 100 سنة من وفاة محمد، وأن الجزء الثاني: الحياة غير المسلمة لمحمد كتبت منذ بداية القرن السابع إلى القرن العشرين، واستعمل كلينتون المحادثات مع المسلمين المعاصرين ليستكشف أهمية محمد لهم في الحياة والاقتداء به.
ترجمة القرآن: أي دليل لغير المستهلين 2009
على مدى 176 صفحة يوجه كلينتون القراء إلى القرآن؛ لأن مبيعات ترجمة معاني القرآن ارتفعت بعد 9/11 بأرقام فلكية، إذ أقبل عليها الطلاب وعموم القراء على حد سواء، وعلى نحو متزايد لمعرفة الإسلام، لم ينس بأن يذكر أن قراءة القرآن يمكن أن تكون قراءة صعبة في أغلب الأحيان، وهذا كذب وافتراء، يتنافى مع قول الله سبحانه الذي أحكم آياته، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17]، وكررت الآية في السورة نفسها أربع مرات في انسجام بديع محكم، يدحض زعم كلينتون المكشوف.
ثم تعرض للتفاسير، وقدم نصوصًا انتقائية للتفسير القديم، زاعمًا بأن هذا التفسير تحير في المحتوى غير المترابط، وأن القارئ يفهم سمات مختلفة من تفسير القرآن، وركز على الصلاة في القرآن وكيف فسرها التفسير، وتكلم على الشريعة في القرآن وكيف فسرتها التفاسير المختلفة.
دراسة الإسلام
على الغلاف نحو ثلاث آيات بدأت بقوله تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [البقرة: 83].
على مدى 304 صفحة مهد لرأي القرآن حول النساء، والأقليات، وحقوق الإنسان، هل الإسلام والغرب في حالة صدام بعد 9/11، كُتِبت كتب كثيرة عن حتمية الاشتباك بين الإسلام والغرب من أجل السيادة العالمية، حاول أن يؤكد التطورات الحديثة لتحدي الصدام، أو صورة الغرب السلبية للإسلام، وراهن على لقاء الإسلام بالحداثة الليبرالية، يستكشف في هذا الكتاب التفكير الإسلامي نحو المساواة الرجل والمرأة، ونحو الأقلية وحقوق الإنسان، وطبيعة الدولة الإسلامية والسلم والحرب، يُوازن بين المسلمين التقليديين والتقدميين، ويقترح أن يكون المسلمون التقدميون أكثر تأييدًا للغرب.
نساء القوة المسلمات: الجنس والسياسة والثقافة في الإسلام 2010
على مدى 256 صفحة قام كلينتون ببحث عن النساء المسلمات القويات اللواتي يعملن في قضايا الجنس والثقافة والسياسة في دول الإسلام، وقدم خمس نساء عملن زعماء لبعض البلاد الإسلامية، منهن ميجاواتي سوكارنوبوتري نائبة رئيس أندونيسيا، وبينظير بوتو رئيسة وزراء باكستان، والشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش، وخالدة ضياء رئيسة وزراء بنغلادش، ورئيسة وزراء تركيا، وقال بأن هذا السجل الاستثنائي يتحدي الفهم الغربي الواسع الانتشار بأن النساء المسلمات مضطهدات.
من أصاب ومن أخطأ
بعد أن تبين للجميع حقيقة موضوعية المستشرق كلينتون نسأل: هل الدكتور أحمد شفاعات على صواب في نسف موضوعية كلينتون أم أن الدكتور عبد الوهاب الأفندي على صواب في إدراج هذا المستشرق ضمن المستشرقين المنصفين لمحمد صلى الله عليه وسلم؟!
ليس هناك داع أن ينقسم رأي المسلمين حول المستشرق كلينتون، لأن لدينا أيضًا كثيرًا من التحفظات على رؤية د. الأفندي لا سيما تجاه المستشرق الأميركي- اللبناني فيليب حتي الذي أدرجه ضمن المنصفين لمحمد صلى الله عليه وسلم –فيليب حتي مؤلف كتاب تاريخ العرب من العصور القديمة حتى اليوم 1956- الذي عده من المنصفين،كان هذا مستشارا غير رسمي لوزارة الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأوسط، وبالرغم من تظاهره بالدفاع عن القضية الفلسطينية إلا أنه في 1946 وقف ليدلي بشهادته أمام لجنة التحقيق الأنجلو أمريكية بشأن فلسطين، قال حتي: ليس هناك شيء إطلاقا اسمه فلسطين، وألف كتابا بالإنجليزية: دراسة شخصيات مسلمة 1968 بدأها بمحمد صلى الله عليه وسلم النبي العربي، صاحب وحي ورسالة وباني أمه ومؤسس دولة، خصه في الكتاب بعشرين صفحة بين 13-33، ولتتيقنوا من كلامه، يقول المؤلف: "عندما خرج الفتى محمد وهو بعدُ في الثانية عشرة من عمره مع عمه أبي طالب إلى الشام، نظر راهب مسيحي اسمه بحيرا إلى ظهره، فرأى خاتم النبوة بين كتفيه، هذه الأساطير الإسلامية المسيحية التي حيكت حول بحيرا تعكس لنا شيئا عن العلاقات القديمة بين الديانتين وعن أثر المسيحية...".
في صفحة 18 يزعم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم كان قارئًا كاتبًا، وهذه الفرية دحضها الله سبحانه وتعالى بقوله: ﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [العنكبوت: 48]، ويتنافى أيضًا مع كل كتب السيرة.
يقول: لما جاء جبريل قال له اقرأ، قال له ماذا أقرأ، يبدو أنه غير متأكد من أنه يستطيع أن يكتب أمورا في الدين.
تأمل ما قاله عن غزوة بدر صـ26: كانت القوافل المكية إغراء لم يتمكن أهل المدينة من مقاومته، وذات يوم من أيام رمضان، وفي أثناء الشهر الحرام، وقعت غزوة بدر، وإذا كان المسيح يسوغ عمل تلاميذه يوم السبت على أساس أن السبت وجد للإنسان لا الإنسان للسبت، فلماذا لا يسوغ النبي غزوته هذه في الشهر الحرام، واستشهد من المسلمين ثمانون رجلا.
رمضان ليس من الأشهر الحرم، وقد سبقت غزوة بدر أربع غزوات، وأربع سرايا، الغزوات هي غزوة ودان وغزوة بواط وغزوة العشيرة وغزوة بدر الأولى.
يقول حتي صـ19: حتى اعتراف محمد بالكعبة والحجر الأسود وبئر زمزم، وهي من بقايا الجاهلية العربية جعل الإسلام يبتعد عن الديانتين التوحيديتين اليهودية والنصرانية.
يقول صـ28: لكن ما لبث النبي في المدينة أن شعر بأنه كان على خطأ فيما ظنه بهم، ونشبت حرب باردة بينه وبين اليهود عند بدء السنة الثانية، أمر النبي أن تحول القبلة عن بيت المقدس إلى مكة، وصار المؤذن يدعو إلى الصلاة بعد أن كانوا يستعملون الناقوس، يتهم أهل الكتاب بأنهم أفسدوا الدين الصحيح، وأخفوا الوحي، وحوروا فيه...
المعروف أن الأذان شرع في السنة الهجرية الأولى، ولم يستخدم المسلمون الناقوس.
ويبقى السؤال: هل من الموضوعية أن يوضع هذا ضمن المستشرقين الموضوعيين؟!
نلح على الجميع أن يناشدوا الدكتور الأفندي بأن يعيد النظر في موضوعية كثير ممن أدرجهم كمنصفين في كتابه، لا سيما أن كتابه بالإنجليزية، وسيثير هذا القراء غير المسلمين ويجعلهم يتحمسون متشدقين بأن هؤلاء من المنصفين، وبشهادة أكاديمي مسلم.
[1] Shafaat, Ahmad “A Review of Clinton Bennett, In Search of Muhammad and In Search of Jesus", Islamic Perspectives, May 2002 A Review of Clinton Bennett, In Search of Muhammad and In Search of Jesus'
[2] Abdelwahab El-Affendi ,About Muhammad The Other western writings on the prophet Muhammad, Legacy,
[3] Bennett, Clinton”, Contemporary Authors, Volume 157 (Detroit, MI: Gale Research, 1997 ,page 20
[4] The four principles were developed by Kenneth Cracknell, who redacted them from the 13 contained in the WCC's Guidelines on Dialogue with People of Living Faiths and Ideologies (1979). They are: Dialogue begins when people meet each other; dialogue depends on mutual trust and mutual understanding; dialogue makes it possible to share in service to the community and dialogue becomes the medium of authentic witness. Several member churches had already officially endorsed these and several more did so while Bennett was in office.
[5] available at Issues in Christian-Muslim Relations
[6] See FOREF-Europe International Advisory Board. FOREF-Europe. Accessed January 12, 2009.
[7] Shafaat, Ahmad op cit
[8] Thomas, David "Victorian Images of Islam - Clinton Bennett". 217-9, Islam and Christian-Muslim Relations, V5 1994.
[9] Bennett, Clinton Understanding Christian-Muslim Relations (2008) page 9.
[10] Gunney, Ahmad "Victorian Images of Islam by Clinton Bennett", 292-294, Journal of Islamic Studies, 5: 2 July 1994. See Sarder, Ziauddin et al., Christian-Muslim Relations: yesterday, today, tomorrow, London: Grey Seal, 1991
[11] Rixhon, Gerard. 2005. "Muslim Voices: An Introduction to Islam's Oral Dimension." 117- 162 Asian Cooperation: problems and challenges in the new century. Yu-Jose, Lydia N (ed). Quezon City: Ateneo Center for Asian Studies.. page 120.
[12] Understanding, p 221
[13] Noorani, A. G Islam and Jihad London, Zed Books, p 2002 p 52
[14] See Understanding, p 228N4 and extensive discussion in Bennett (2005). On jihad and interpretation of Qur'anic texts on war and peace, see also Bennett, Clinton and Kunkel, Geros (2004), “The Concept of Violence, War and Jihad in Islam’, pp 31 – 51, Dialogue and Alliance, Vol.18, No 1 (ISSN 0891-5881) available at The Concept of War, Violence and Jihad in Islam.
[15] Dr. Ahmad Shafaat, A review of:Clinton Bennett, In Search of Muhammad and In Search of Jesus, May, 2002
[16] Shafaat, op cit.
[17] Arweck notes “Clinton Bennett spoke at the ‘Interfaith Thanksgiving’ on 21st February, 1988 at the UC’s headquarters, after the case against the UC’s charitable status had been withdrawn” (page 47) and references his address, “Victory for Religious Freedom” (1988) (page 389). Arweck, Elisabeth Researching New Religious Movements: responses and redefinitions, London: Routledge, 2006 ISBN 0-415- 27755-8.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق