بوابة الشرق :: مؤسس معهد المجتمع الإسلامي بإندونيسيا: نحتاج مدارس إسلامية أكثر من حاجتنا للمساجد
طلاب المعهد الديني باندونيسيا
03:06 م
20
يوليو
2012
حوار ـــــــ محمد دفع الله
تمنى الدكتور بخاري عبد الصمد
مؤسس ومدير معهد المجتمع الأسلامي في اندونيسيا ان تساهم قطر وبقية الدول
الاسلامية ذات التأثير في العمل الاسلامي وان يحدثوا تحولا في مفهوم
المسلمين المحسنين وأهل الخير الذي يسعون الى بناء المساجد الى التوجه أيضا
الى بناء المدارس الاسلامية لأن التعليم الاسلامي في العديد من الدول التي
تواجه مشكلات كبيرة أهمها ضعف التمويل، كما ان التركيز على بناء المدارس
يضمن لنا اجيالا اسلامية متعلمة ولا يمكن بناء هذه الأجيال في ظل الجهل
والعبادة غير الحقيقية.
وقال الدكتور عبد الصمد الداعية الاندونيسي ومدير معهد
المجتمع الاسلامي في أندونيسيا في الحوار الذي أجرته معه الشرق ان العديد
من المشكلات تواجه التعليم الديني هناك أهمها أنه يوجد في أندونيسيا عدد
كبير من الفرق الدينية المختلفة التي تختلف عنهم وهذا يحتم على المركز ان
يركز في التعليم الذي يعمل على تصحيح العقيدة لتقوم على السنة والقرآن
الكريم وتحارب كل الشركيات الموجودة في المجتمع الاندونيسي ومحاربة البدع
والخرافات وكل أنواع الضلال التي توجد هنا وهناك في هذا المجتمع"
واشار في هذه الاثناء الى ان المسلمين في جزيرة بالي احدى
الحزر الاندونيسية لا يسمح لهم بالجهر بالأذان كما لا يسمح في يوم معين
باشعال النار وهذه واحدة العادات التي يواجهها الدعاة ولا يستطيع مسلم في
هذه الجزيرة ان يتكلم لأن المسلمين عددهم نحو 5 بالمائة والبقية من الغير
المسلمين المحميين بالقانون.
تصحيح العقيدة
وأشار الدكتور بخاري — دكتوراة في الحديث من الجامعة
الاسلامية في جاكارتا — أنه من أجل تخريج دعاة مؤهلين ومن اجل تصفية
العقيدة أنشأ معهد المجتمع الأسلامي عام 2008 وبالنظر الى أن منهج الصوفية
يسيطر على عقيدة الكثيرين من المسلمين في أندونيسيا الأمر الذي يشوش على
العقيدة الصحيحة لذلك هدفنا أن تتم العقيدة على منهج السلف الصالح الذين
اتبعوا عقيدة سليمة لا يشوبها أي شك.
وقال ان المناهج المتبعة في المعهد والذي يدرس فيه حوالي 140 طالبا و160 طالبة.
هي خليط من ثلاثة مناهج الأول مأخوذ من مناهج المملكة العربية السعودية ثم منهج الحكومة الأسلامية في أندونيسيا ومنهج جاوا الشرقية.
وأضاف " حرصا على تخريج دعاة مؤهلين فقد عمدنا الى استقدام
مدرسين من منطقة الشرق الأوسط ومن أندونيسيا ويحمل المدرسون درجات علمية
مختلفة تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه ويقيم المدرسون في سكن
المعهد الأمر الذي خلق نوعا من الاستقرار لطاقم التدريس ويتحدث الطاقم
التدريسي اللغتين العربية والانجليزية.
فيما يقيم الطلاب في المعهد طوال اليوم حتى تكون عملية التربية متواصلة مما يسهل على العهد تحقيق الأهداف المنوطة به.
اتهامات تلاحقنا
ويقول الدكتور عبد الصمد ان معهده ودعوته تقوم على المنهج
الوهابي الا انه قال ان الامر ليس كذلك " بل ان معهدنا يقوم على احقاق الحق
واحياء منهج السلف الصالح في المجتمع بناء على السنة النبوية الشريفة
والقرآن الكريم".
وبشأن ان كان المعهد يواجه صعوبات من قبل الحكومة قال "
الواقع ان الحاصل هو العكس فان المعهد يجد تعاونا كبيرا من قبل الحكومة اذ
تقدم اليه المساعدات في أحيان كثيرة كما يجد المعهد المساعدة من كبار
المسؤولين ومن عدد من الشخصيات الكبيرة في المجتمع..
ويتخرج الطلاب الذين يدرسون في المعهد الاسلامي بالشهادة
الثانوية وقد ثبت أنهم متفوقين جدا في الجامعات لذلك نجد الكثيرين يحرصون
على الالتحاق بالمعهد الاسلامي علاوة على قدرتهم الكبيرة على الحديث
باللغتين الانجليزية والعربية التي تساعدهم في تعليم دينهم ومواصلة تعليمهم
في الجامعات الاسلامية..
وفي رده على سؤال عن كيفية سداد نفقات المرتبات والجوانب
الادارية قال الدكتور عبد الصمد قال ان الطلاب يدفعون نحو 300 ألف روبية
(100) ريال قطري مقابل الوجبات اليومية للطلاب طوال الشهر.
حلاقة على (الزيرو )
وقال ان تعليم الدعاة اللغة العربية أمر ضروري في المعهد الى
درجة ان الادارة أدخلت نوعا من العقاب اذ ان الطالب الذي يعجز عن الحديث
باللغة العربية يتم حلق رأسه على (الزيرو) كما هو حال العقاب في
العسكرية..أما الطالبات تفرض عليهن عقوبات من نوع آخر من بينها نظافة
(الحمامات) وتهذيب اشجار حديقة المعهد وغيرها من العقوبات التي تناسب
المرأة.وقد نجح هذا العقاب وجاء بنتيجة ممتازة حيث تمكن الكثيرون من النطق
باللغة العربية في اقل من ثلاثة شهور لذلك وبعدها نقوم بارسالهم الى
المجتمع لالقاء المحاضرات وتقديم الدروس الاسلامية في المجتمع.
التبشير في الجنوب
وقال مدير المعهد ان هذا الاخير يواجه تحديات في مجال الدعوة
تتمثل في ان المنطقة الجنوبية من أندونيسيا يزداد فيها التبشير المسيحي
بسبب زيادة المهاجرين الى المنطقة في وقت استطاع فيه المبشرون بمقدرتهم من
الوصول الى الفقراء من المسلمين لذلك فقد نجحوا في تنصير الكثيرين منهم
الذين كانوا في حاجة ماسة الى الاكل والملابس وغيرها.
واضاف بخاري " أنه أمر مؤسف يحدث بين أظهرنا والعالم الأسلامي
فيه الكثير من الاموال التي لم تستشمر ولو ان هذه الاموال وجهت الى الدعوة
الاسلامية لما تمكن مبشر واحد من تنصير المسلمين.. والمعروف ان حركة
التنصير الكبيرة التي تشهدها المناطق الجنوبية يقف من خلفها الفاتيكان ولدى
هذه الحركة برامج يتم تطبيقها ومن بينها تحديد النسل وتزويج ابنائهم الى
النصارى ..الا ان الدعاة في المعهد لا يستطيعون فعل شئ ازاء هذا التنصير
الكبير لأن هذا التنصير محمي بالقانون ففي المنطقة التي يعمل فيها المعهد
يوجد اعتراف بخمس ديانات من بينها المسيحية لذلك يعمل التنصير بشدة.
وتناول بالحديث التحدي الذي يواجه المعهد ازاء هذا الدور الذي
تقوم به الكنيسة مشيرا الى ان المعهد يقوم بشرح الدين الحق للمسلمين ولكن
هذه الجهود وحدها لا تكفي لأن المسلمين في حاجة الى معونات.
وبشأن ما اذا كان المعهد يواجه مشكلة في المناهج او توفير
الكتب الاسلامية والمصاحف قال انه هذه مشكلة واقعية يعاني منها المعهد
وأضاف " ماذا سافعل اذا علمت ان الطلاب لا يستطيعون حتى دفع نفقات الطعام
وتعادل 100 ريال قطري.
لا مساعدات إسلامية
وأعرب الداعية الدكتور عبد الصمد عن أسفه لغياب المساعدات من
الدول الاسلامية الا انه قال انه سيبدأ مرحلة جديدة ستبدأ من قطر حيث سيطلب
الدعم من الجمعيات الخيرية لأن المعهد محتاج الى الكثير من الاموال لبناء
الفصول والداخليات للطلاب والطالبات.
والمعروف أن أندونسيا واحدة من الدول التي تتعامل كثيرا مع
التقنية الا ان الدكتور عبد الصمد قال ان المعهد الاسلامي على الرغم من
وجوده في هذ البلد الا انه لا يوجد فيه أي تقنية حديثة في حين انها متوافرة
في كل مكان في اندونيسيا وقال في هذه الاثناء " نخطط لان يكون دينا معلما
للغة خلال سنتين لأن تعليم اللغة في المعهد يسبق أي تعليم ونأمل في تدريس
الحاسوب للطلاب بعد توفير الاجهزة ومن المؤسف ان يكون هذا الواقع في بلد
مثل أندونيسيا ولكن هذا يعكس واقع التعليم الاسلامي في أندونيسيا.
الأمل في قطر
وأعرب عن أمله في ان يجد الدعم من المؤسسات الخيرية في قطر من
أجل بناء الفصول وسكن الطلاب والمدرسين ومعمل اللغات وتوفير أجهزة الحاسوب
اذ ان الخطة ان الطلاب الذين يتخرجون من المعهد يجب ان يعرفوا العلوم
الشرعية والتكنولوجيا معا حتى لا يكونون كمن يعيش خارج عصرهم.
وقال ان شهر رمضان يمثل فرصة مناسبة لأنتشار طلابنا وطالباتنا
في المناطق المختلفة خلال شهر رمضان لالقاء المحاضرات والوعظ والارشاد من
خلال جدول يومي طوال أيام الشهر وفي الوقت ذاته نقيم افطارات جماعية في
المجتمع بحسب الامكانيات المتوافرة لدينا..وكنا نتمنى لو أننا نملك الدعم
حتى نقيم أكبر عدد من الافطارات للمسلمين لأنهم في حاجة ماسة الى
المساعدات.
وقال عبد الصمد في هذه الأثناء " ان الحكومة الاندونيسية لا
تقدم الينا الدعم الكافي بحكم أننا معهد يتبع القطاع الشعبي وفي الوقت ذاته
يتهم بالعلوم الشرعية وكما هو معروف فان الاهتمام بالمؤسسات الشرعية قليل
وهذه مشكلة نواجهها دائما.
وسألته ما مستقبل الطلاب الذين يريدون مواصلة التعليم الشرعي
في الجامعات بعد الانتهاء من الدراسة في المعهد فرد الدكتور عبد الصمد
بقوله: لدينا نظام نعمل به وهو ان أي طالب يتخرج من المعهد وقبل ان يلتحق
للدراسة في الجامعة عليه ان يقوم بمهنة التدريس مدة عام كامل في المدارس
وبعد اكمال العام يمكنه الالتحاق بجامعته
وقال في هذه الاثناء أعرب عن أمله في ان يجد طلاب معهده منحا
من جامعة قطر حتى يتمكنوا من مواصلة دراستهم الجامعية ولفت الى ان بعض
الطالبات درسن في قطر وحفظن القرآن الكريم ووجدن كل الرعاية من الجهات
المختصة.
وأضاف " خلال الأيام المقبلة أنوي زيارة مكة المكرمة حيث
أقابل هناك عددا من المسؤولين في التعليم الاسلامي حيث سأناقش معهم بعض
المشكلات التي نعاني منها على أمل ان نجد لها حلا لأن ما نعانيه من مشكلات
لا نقدر وحدنا على حلها وكذلك من بين القضايا التي نريد مناقشتها هو ان نجد
للطلاب بعض المنح للدراسة في مكة المكرمة او المدينة المنورة فضلا عن
محاولة البحث عن مساعدات مادية لبناء الفصول التي تمت الاشارة اليها.
النظرة إلى التعليم الإسلامي
وفي رده على سؤال عن كيفية نظرة المجتمع الاندونيسي الى
التعليم الاسلامي من خلال المعهد والى دروه الاسلامي الكبير؟ وكيف ينظر
المجتمع الى الدعاة الذين يتخرجون من المعهد؟ قال الدكتور بخاري " قال ان
مؤسستنا وجدت أنطباعا متميزا من افراد المجتمع الا ان الاكثرية التي تتعامل
مع المعهد هم من الفقراء اذ يعتبرون أن المعهد هو أفضل مؤسسة يمكن ان
تساعد الفقراء على الاصلاح.
واشار الى ان التعليم الديني في أندونيسيا يتضمن جوانب من
التعليم الحديث مثل الهندسة والأحياء والفيزياء وعلوم الحاسوب ويدرس الطالب
هذه الجوانب خلال الاربع سنوات حتى اذا دخل الجامعة في تخصص علمي يمكنه ان
يتواصل مع الجامعة ويكمل دراسته فيها وهو أحد الأسباب التي جعلت الطلاب
يقبلون على الالتحاق بالتعليم الديني.
وقال ان العديد من المسلمين يريدون ان يتعلم أبناءهم التعليم
الديني الا ان أدارة المعهد لا تستطيع ان تقبل اعداد جديدة من الطلاب
المسلمين لأن الفصول لا تكفي ولأن الامكانيات محدودة..وقال في هذه الاثناء
ان قبول البنات يواجه مشكلة لأن الفصول التي كانت مخصصة للطالبات حولت كلها
وعددها ستة فصول الى سكن للطلاب وكان ذلك أمرا حتميا لذلك فقد أضررنا ان
نستخدم قاعة الطعام ونحولها الى فصول وفي بعض الاحيان نقوم بتدريس البنات
في ميدان المدرسة.
وقال ان تعليم البنات يواجه بعض المشكلات خاصة في مجتمع مفتوح
قائم على الحرية وهذا الامر بالنسبة لنا يشكل تحديات كبيرة " الا أننا
تجاوزناها ".
مشكلات أمام الدعاة
وسألنا الدكتور بخاري الداعية الاندونيسي عن المشكلات التي
تواجه الدعاة في أندونيسيا فقال انها تتمثل في ان مع معظم المسلمين في
اندونيسيا هم من الصوفيين الأمر الذي يقف عائقا أمام الكثيرين من دعاتنا
لان المجتمع الاسلامي الذي يقوم على الصوفية ينفر من طريقة دعوتنا الى الحق
وهذه واحدة من المشكلات التي تواجهنا.
واضاف " ان ادارة المعهد منذ ان قام كانت تضع في اعتبارها
التوجه الصوفي في المجتمع لذلك يتم تزويد الدعاة بأفضل الطرق التي تقنع
الصوفية وتجعل المجتمع يقبل دعاتنا الذين يخرجون من معهد المجتمع
الاسلامي..وقبل الخروج الى الوعظ والارشاد يلم الطلاب بمنهج الدعوة قبل
ثلاثة شهور من تخرجهم من المعهد ويتمثل هذ المنهج في طريقة مواجهة المجتمع.
وقال ان أندونيسيا فيها مئات المعاهد الاسلامية الا انه كلها
تختلف عن معهد المجتمع الاسلامي وزاد القول " ان معهدنا نسميه (خالف تعرف)
لأنه يتبع المنهج السلفي الذي يختلف عن الكثير من المناهج الموجودة في
أندونيسيا.
ولفت الى ان المرأة عندما تنتمي الى معهد المجتمع الاسلامي
لابد ان تكون منقبة وقال ان هذا النوع من اللبس كان في بداية الامر غير
مقبول الا ان الناس تعودوا على اللبس بل اقبلوا عليه.
وعلى الرغم من ان التعليم الديني الذي يتبع في المعهد المذكور
قد يختلف الا ان ثمة نقاط التقاء مع التعليم الذي يتبع في المعاهد الأخرى
والعامل المشترك في هذه المعاهد أنها لا تجد أي دعم من الحكومة بصرف النظر
عن المنهج المتبع وهذا يشير بشكل واضح الى ان وقف الدعم عن التعليم الديني
يشمل كل المعاهد.