الخميس، 3 مارس 2011
جريدة النهار:: أصاني للدول الإسلامية: حان وقت التغيير
الخميس 03 آذار 2011 - السنة 78 - العدد 24142
فصل الإسلام عن السياسة وانتهاج التعددية والعدالة
أصاني للدول الإسلامية: حان وقت التغيير
وصفته العلاجية فصل الاسلام عن السياسة، اعتماد الدول، خصوصا الاسلامية منها، "فكرة التعددية والعدالة الاقتصادية والاجتماعية والانسانية مبادئ لها". وانطلاقا منها، يوجه الدكتور علي اصاني(•)، الاستاذ المحاضر في جامعة هارفرد في الثقافة والدين الاسلامي والهندي اسلامي المدير العام المساعد لفرع الدراسات الاسلامية، دعوة الى التغيير، "والا ستبقى الامور على حالها، وستكون البدائل محزنة"، على ما يحذر في حديث الى "النهار".
الدين موضوعه الرئيسي، وبه يحيي محاضراته في مختلف ارجاء العالم. "انه ليس مجرد ممارسات او نصوص، بل هو ظاهرة ثقافية متجذرة بعمق في مختلف المجالات، السياسية والاقتصادية والادبية والفنية وغيرها، وبالتالي يندمج في كل جانب من الابعاد الانسانية"، يشرح. ومن الامور التي يشدد على اهميتها، ان "الافكار التي يكونها الناس عن الدين تتغير وفقا للمضمون. وبالتالي فان المضامين السياسية والاقتصادية والاجتماعية تؤثر، بتغيرها، في افكار الناس عن الدين. الدين ليس امرا ثابتا، بل ان افكار الناس حوله في تغير مستمر".
في رأي اصاني، هذا التغير يطال ايضا كل المجتمعات، لاسيما المجتمعات الاسلامية. يقول: "هذه هي طبيعة الدين، كل دين"، معتبرا ان "المهم اليوم، في ممارسة المسلم الاسلام في مختلف ارجاء العالم، هو السياق الوطني، البلد ونظامه السياسي واديولوجيته". لكن ما لا يوافق عليه هو القول ان هذه الممارسة قد تكون متشابهة هنا وهناك. على سبيل المثال، تتأثر ممارسات المسلمين في السنغال لاسلامهم "بتاريخ بلدهم، ولديهم حركة صوفية قوية، ذات سلطة". وبالنظر الى السعودية، فان "تأثير الدولة على طريقة ممارسة المسلمين لاسلامهم واضح جدا".
كلامه هذا يعني انه يمكن ان يكون المسملون يعيشون في مختلف الدول، "لكن اختبارهم الاسلام يتعلق بالدولة ونظامها السياسي، مما يظهر ان السياق السياسي الوطني الذي يمارس فيه المسلمون ايمانهم يؤثر في طريقة تفكيرهم في هذا الايمان".
انطلاقا من تنوع الجوانب المتعلقة بالدين، يجد اصاني "من المنظور الاكاديمي ان القول وفقا للاسلام ليس ممكنا، لان لا اسلام واحدا. الامر يتعلق، على ما يرى، "بمن يفسر الاسلام وبتاريخه وخلفيته السياسية والسياق الذي يعيش في اطاره ومستواه الاجتماعي. وبالتالي يمكن ان تكون هناك فئتان من الناس تقرآن القرآن لكن في شكل مختلف كليا، وذلك بسبب اختلاف السياق الذي تعيش كل منهما فيه".
ما يحاول ان يشرحه للناس الذين يلتقيهم هو ان "الدين يبنيه الناس". وعندما يقرأ في التطورات الحاصلة في العالم، يلفت الى "تأثير العولمة وانتشار الحضارة الغربية، او ما يسميه "ماك دونالنديزاشون" للعالم، والضغط السياسي للغرب، ومحاولة الناس التفتيش عن هوية". ويقول: "يريدون ان يكونوا حضاريين، ولكن ليس غربيين. وما يفعله العديد منهم هو استخدام الاسلام كهوية سياسية واجتماعية للتعبير عن انفسهم في مواجهة الغرب، واحيانا يوجدون هوية جديدة للسلام".
نقاط عدة اخرى يعزز بها رأيه: "الاسلام لم يتم الايحاء به كايديولوجيا أو ايديولوجيا سياسية للدولة خلال ايام النبي، بل هو ايمان". "الاسلام يعني الخضوع لكلمة الله، والمسلم هو من يخضع لله. وهاتان الكلمتان استخدمتا في القرآن بمعنى الخضوع، وليس كما تستخدمان اليوم. "هناك فهم مثير للاهتمام للاسلام والمسلم، لان المسلم هو اي شخص يخضع لله على النطاق العالمي". "هذا الفهم الذي يتضمنه القرآن، وكما فهمه النبي محمد، تغيّر، وبات الناس يعتقدون ان القرآن هو ايديولوجيا التقاتل".
ايا يكن، فالامر واضح بالنسبة اليه. فعندما يتم استخدام الاسلام كايديولوجيا للاختلاف والتمييز ضد الآخر اليوم، "يصبح خطيرا جداً - وهو ما يلاحظه عند العديد من المسلمين – من دون ان يستثني الخطر الذي تكتنفه ايضا "القومية كايديولوجيا سياسية". ويقول: "عندما ينغمس الناس في الدين كاختلاف عن الآخرين، ينسون الاخلاقية الاساسية للايمان". ومن اجل وقف هذه الاستخدامات السيئة للاسلام، يجد انه "من الضروري تثقيف الناس اكثر عن طبيعة الدين، علما ان احدى اكبر المشكلات التي نعانيها هي نقص المعرفة حول هذا الامر".
الوصفة قد تتطلب امرا آخر في حال الاسلاميين المتطرفين. وفقا لأصاني، "هؤلاء لديهم تفسير خاص بالدين. وهو مرتبط بمضامين سياسية واقتصادية واجتماعية خاصة. لكن علينا السؤال عن السبب الاساسي الذي يدفعهم الى تفسير الدين في هذا الشكل. وبالتالي علينا التفكير في طريقة معالجة التهميش الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، لانه اذا تغيرت الاوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فان طريقة التفكير في الدين ستتغير".
مسألة اخرى يقود تتابع افكاره اليها: فصل الاسلام عن العمل السياسي. "لانه اذا جعلنا الاسلام سياسيا، فاي اسلام سنستخدم؟ صحيح ان القرآن ليس وثيقة سياسية، لكن الناس يستخدمونه على هذا الاساس، على انه دستور"، يقول. وان تأخذ الدول الاسلامية "فكرة التعددية والعدالة الاقتصادية والاجتماعية والانسانية مبادىء لها" مسألة ضرورية في رايه، على ان "تستمد من القرآن الارشاد في هذه الامور، وفي الوقت نفسه لا تستخدمه كدستور لها".
الانفتاح على هذه الآراء "مسالة تربية"، في رأيه. وايا يكن، فان "الوقت حان للتغيير، والا ستبقى الامور على حالها، وستكون البدائل محزنة"، يقول. بالنسبة اليه، "ما يجب ان يفتش عنه الناس هو الاسلام انطلاقا من الايمان، والايمان مرتكز على عدد من الوقائع، منها التعددية والعدالة الاجتماعية والاقتصادية والانسانية. وما يجب ان يعيدوا التفكير فيه هو الرسائل الاساسية للاسلام".
(•) حائز ميدالية "مؤسسة هارفرد"، تقديرا لعطاءاته في تحسين العلاقات الثقافية بين البلدان في العالم. ناشر كتب عدة. حاضر عن "الدين والهوية في المجتمعات الاسلامية" في 19 ك2 الماضي في بيروت، بدعوة من "رابطة خريجي جامعة هارفرد في لبنان". وهو كيني الاصل.
هالة حمصي
.........................................................................................................................................................................................
جميع الحقوق محفوظة - © جريدة النهار 2011
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق