كتب محرر دار الغربة :
عنوانان لفتا نظري في الإعلام السعودي أحدهما للكاتب زين العابدين الركابي بعنوان :
دعوة للتحالف (الإنساني )..مع عقلاء اليهود وعدولهم في جريدة الشرق الأوسط اليوم 26 - 6 - 2010
والآخر هو:
أوروبا تعادي المسلمين.. خطأ فادح للكاتب خالد ساير العتيبي في جريدة الوطن اأمس 25 - 6 - 2010
دعوة للتحالف (الإنساني).. مع عقلاء اليهود وعدولهم
من الجرائم العربية الجسيمة في الصراع العربي الإسرائيلي: أن العرب المتدينين صوروا الصراع بأنه (ديني) وأن العرب غير المتدينين صوروه بأنه (قومي).. وهذا تصور فاسد تأسس عليه كارثتان ماحقتان: كارثة تعميم العداوة على اليهود أجمعين، (وهذا ظلم) أخلاقي، وغباء سياسي.. وكارثة أن عربا من العرب عندما (كفروا) بالقومية العربية: مالوا إلى الصهيونية ميلا عظيما من جهة أن (عامل العداء القومي) قد انتفى!!.. وليس هناك بد من إعادة النظر - بعمق - في حقيقة الصراع وفق أسس جديدة عقلانية وقانونية وأخلاقية صحيحة، وهما أساسان كبيران: أساس (الحق) وأساس (العدل)، لأن هذا هو جوهر القضية بالضبط، ولأن القضية بهذا المنظور تتجرد من المزالق العنصرية والدينية، ولأن وضعها في هذا الإطار الطبيعي يوسع مداها (الإنساني)، أي يجعلها (إنسانية عالمية) رحبة، لا عربية إسلامية محدودة. وقد ينشأ إشكال يقول أصحابه: إذا جردنا الصراع من العامل الديني فكيف نفسر (تهويد) القدس؟. وكيف نفسر الإصرار الصهيوني على أن فلسطين وتراثها (إرث يهودي توراتي)؟.. لسنا ننكر - وما ينبغي لنا وما نستطيع-: أن ما ذكر أمر حاصل - في الظاهر -، بيد أن الدين - هنا - أداة تُستغل وتوظف لخدمة أغراض صهيونية سياسية، وإلا فإن عددا كبيرا من قادة إسرائيل (علمانيون)، بمن فيهم (المؤسس التطبيقي) للكيان الصهيوني - وهو ديفيد بن جوريون.. يضم إلى ذلك أن اليهود الحقيقيين يعارضون قيام دولة إسرائيل على أسس دينية.. ثم إن استغلال الدين لأجل غرض سياسي قصة طويلة في التاريخ البشري: توزعت فصولها على أهل الأديان جميعا: مسلمين ومسيحيين ويهودا، وبالنسبة لليهود نقرأ في القرآن عن استغلالهم للدين: «فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ».. يضم إلى ذلك أيضا: أن تصحيح فهم الصراع يُكْسِب الحق العربي أنصارا كثرا عقلاء عدولا ذوي ضمائر نبيلة من اليهود أنفسهم.. ولكي نستبين دقة هذه العبارة، تعالوا نعش لحظات مع مواقف هؤلاء اليهود العدول.. ومن هؤلاء:
1) النائب البريطاني اليهودي المخضرم السير جيرالد كوفمان الذي صدع بالحق فقال: «لقد ترعرعت كيهودي أرثوذكسي صهيوني، وحين كنا أطفالا كنا نجمع النقود للصندوق الوطني اليهودي لنساعد في بناء الوجود اليهودي في فلسطين.. وفيما بعد عرفت شخصيا معظم رؤساء الوزراء في إسرائيل.. من بن جوريون فما بعده.. ونحن أسرة قدمت من بولندا إلى بريطانيا، ولقد قتل النازيون معظم أقربائي. وكانت جدتي مقعدة عندما دخل النازيون بيتها وأطلقوا عليها الرصاص وهي في فراشها فماتت، ولكن جدتي لم تمت حتى توفر الغطاء لإسرائيل وهي تقتل الجدات الفلسطينيات في غزة.. في أثناء حرب غزة سئلت المتحدثة الرسمية باسم الجيش الإسرائيلي عن مقتل 800 فلسطيني حتى تلك اللحظة، فكان ردها: أن 500 منهم مسلحون.. لقد كان هذا جواب أحد النازيين كذلك. يبدو أن اليهود الذين كانوا يقاومون ويدافعون عن أنفسهم في وارسو كان يمكن أن نسميهم (مسلحين).. لقد ولدت إسرائيل من رحم الإرهاب اليهودي من أمثال إيتان ليفني (والد تسيبي ليفني) رئيس العمليات في منظمة (الأرغون) الإرهابية. لقد حان الوقت لحكومتنا في بريطانيا أن توضح لإسرائيل أن سلوكها وسياساتها مرفوضة على الإطلاق، وأن تفرض حظر تسلح عليها. فهؤلاء ليسوا مجرمي حرب فقط.. إنهم حمقى أيضا».
2) إلان بايبي (وهو مؤرخ إسرائيلي)، الذي ألف كتابا بعنوان (التطهير العرقي في فلسطين) قال في مقدمته: «إن هدفي في هذا الكتاب هو بحث ودراسة منهجية التطهير العرقي الذي تم عام 1948 بالإضافة إلى كشف العقلية التي سمحت للعالم بنسيان هذه الجريمة، كما سمحت للمجرمين بإنكار الجريمة التي ارتكبتها الحركة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني».. ثم قال: «إنني أود أن أبتعد عن أسطورة تعليل الوحشية الصهيونية بعوامل غامضة مثل (الظروف). فمن شأن ذلك أن يعفي الدول من مسؤوليتها، كما يبرئ الأفراد ويسمح لهم بالهروب من العدالة. إنني أقف موقف من يوجه الاتهام، مع أنني جزء من هذا المجتمع الذي أدينه في هذا الكتاب. نعم أشعر أنني جزء من القصة، كما أشعر بعظم المسؤولية. وأنا مقتنع أن فهم هذه الرحلة المؤلمة عبر الماضي هي الطريق الوحيد لخلق مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين إذا كنا جادين في الوصول إلى هذا المستقبل».. ثم يقول: «إن التطهير العرقي الذي تم في فلسطين لا بد أن يصبح متجذرا في ذاكرتنا وإدراكنا كجريمة ضد الإنسانية، كما يجب أن يحذف من لائحة الجرائم (غير المثبتة). فالمجرمون في هذه الحالة ليسوا مبهمين، بل هم مجموعة معروفة ومحددة من الناس هم (أبطال) حرب الاستقلال اليهودية والذين يعرف معظم القراء أسماءهم جيدا.. إن الظلم كان واضحا جدا آنذاك، كما هو واضح الآن، إلا أنه لم يحظ بأي تعليق أو تغطية في الصحف الغربية المهمة التي كانت تغطي هذه القضية من جانب أحادي. فاليهود الذين كانوا يملكون أقل من 6% من أرض فلسطين، وكانوا ثلث السكان - لا أكثر -: أُعطوا أكثر من نصف الأرض، وحتى في داخل حدود المنطقة التي أعطيت لهم من قبل الأمم المتحدة، كانوا يملكون 11% فقط من الأرض، وكانوا أقلية بشرية في كل المناطق.. وفي طريقة رسمهم للخريطة ساهم أعضاء الأمم المتحدة الذين صوتوا لصالح قرار التقسيم، ساهموا بشكل مباشر في الجريمة التي كانت على وشك الحدوث» ويورد بايبي فقرة من مذكرات بن جوريون تلخص جريمة القرن العشرين.. وهذه الفقرة هي (أن هناك حاجة الآن لرد فعل قوي وعنيف. يجب أن نكون دقيقين في التوقيت والمكان الذي نضربه. إذا اتهمنا أسرة ما فيجب أن نؤذيهم بلا رحمة بمن فيهم النساء والأطفال، وإلا فإن رد فعلنا سيكون غير فعال وغير حاسم. لا حاجة للتفرقة بين المذنب وغير المذنب أثناء العملية»
3) متان كوهن الذي يقود حملة عالمية كبرى تهدف إلى مقاطعة الجامعات الإسرائيلية كصوت احتجاج أكاديمي نوعي على الجرائم الإسرائيلية - المادية والمعنوية - ضد الشعب الفلسطيني. ولقد نجح كوهن ومجموعة من زملائه في كسب أكثر من مائة منظمة في العالم للانضمام بفاعلية إلى هذه الحملة.. ومن ظواهر النجاح أن: 100 جامعة أميركية تقاطع الجامعات الإسرائيلية، ويوضح كوهن دوافع هذه الحملة بقوله: إن جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين تتطلب ردعا قويا في العالم، وأفضل ردع هو أن يقوم به يهود إسرائيليون على نحو مكشوف.
4) حايم براشيت، وهو أكاديمي يهودي بريطاني صمم على إظهار إسرائيل بأنها (دولة حرب) مجردة من القيم الأخلاقية والإنسانية مثلها مثل الحكومة العنصرية البائدة في جنوب أفريقيا، وكما سقطت حكومة جنوب أفريقيا العنصرية بفعل ضغط عالمي، يجب أن تسقط الحكومة الإسرائيلية بذات الأسلوب. كما يقول براشيت.
..وأمامي المزيد من المواقف الأخلاقية الرائعة لجمهرة من اليهود المحترمين: لم تتسع المساحة لاستعراضها، على أن ما سجل من هذه المواقف كفيل بإعادة العقل والوعي لعرب خابوا في خدمة القضية: عسكريا وسياسيا وإعلاميا حتى أصبح مثلهم كمثل من جاء المدعوون لمشاركته في الاحتفال بعرسه فأطفأ الأنوار وهرب، أو مثل الذي جاء الأصدقاء لمساعدته في حفر قبر أبيه فأخذ آلات الحفر وولى الدبر!!.. إن مفهوم «خير أمة أخرجت للناس» لا ينطبق على هؤلاء وأمثالهم.. هذه هي الحقيقة المرة.
بكل تجرد
أوروبا تعادي المسلمين..خطأ فادح
كتب خالد ساير العتيبي
2010/06/25 08:49 م
الأولى بنا التفكير الجدي في مد جسور الحوار لمصلحة الإنسانية ولتأكيد رسالة أمتنا
خطأ فادح جداً ولا يغفر في المستقبل، من الترديد والتكرار عن ان هناك حالة عداء مستحكم لدى الغرب وخاصة أوروبا باتجاه الإسلام والمسلمين، لاعتبارات عديدة وكثيرة صعب ان تحصى ولكن يمكن الاشارة لبعضها.
وقبل لفت الأنظار لبعض الأمثلة على صحة مانذهب اليه، يجب التنويه الى المصلحة والمقاصد المتوخاة من ذلك، أننا كأمة إسلامية لم نكلف بالصراع والصدام مع الأمم، بل كلفنا شرعا لهدايتها وارشادها، الأمر الآخر أننا كواقع حال نعتبر اليوم امة ضعيفة واهنة ليس لنا قوة في صراع، إذ لا عدة ولا عتاد، والعدة هنا لا أعني السلاح بل لا قيادة لا فكر لا رؤية لا اكتفاء لا عمل لا همة ولا بناء ولا تنمية، وفوق هذا ننتظر من الاخرين وضعنا على خارطة الاهتمام.
تجولنا في كل أنحاء أوروبا، كنا نسمع من المسلمين ولكن في ذات الوقت كنا نعاين الواقع ونبحث عن حقيقة مايردده اخواننا المسلمون هناك، فوجدنا ان أغلب مايقال على الألسنة هو مبالغات وتعبير عن شعور بالانتقاص والتشظي، وهو طبيعي لأي انسان في غير وطنه، ومع ذلك فقد قابلنا مهاجرين مسلمين غير متوترين مستقرين نفسيا واجتماعيا ولديهم ثقافة عالية ووعي، وجدنا تعبيراتهم وانطباعاتهم سوية وعاقلة، بلا تشنج ولا مكابرة ومنسجمة مع وطنها الجديد الذي اصبح أكثر أمنا واستقرارا من اوطان أصلية في عالمهم العربي والإسلامي.
ومن سبيل الأمثلة التي تؤكد حقيقة واقع المسلمين والإسلام في أوروبا، أنه لا يوجد حظر البتة على ممارسة الشعائر الدينية ولا على اقامة دور العبادة، ولا يحال بين المسلمين وبين حق انشاء مؤسسات خاصة بهم، بل ويعترف بها ويتم التعامل معها على الرغم من تشتتها وصراعاتها في داخل المجتمع المسلم الواحد، والموضوع لا يقتصر على الحاضر القريب بل منذ مئة عام اعترفت النمسا بالدين الإسلامي كدين رسمي في البلاد وبقرار امبراطوري 1908، ويدرس الإسلام في 2700 مدرسة لـ 40.000 طالب مسلم، ويعتبر الإسلام الدين الرسمي الثاني في الدولة، وأيضا بلجيكا اعترفت بالإسلام كدين ثان منذ عام 1974، وقد صرحت وزيرة الخارجية النمساوية (أرسولا بلاسنيك) عام 2008: ان الإسلام أمر حقيقي في أوروبا وأشارت باعتزاز إلى ان بلادها كانت الرائدة في ذلك، على الرغم من ان المسلمين في بلدها لا يتجاوزون 450 الف نسمة من أصل ثمانية ملايين ونصف النسمة.
وعلى سبيل المثال لا الحصر الاستفتاء الأخير في سويسرا الذي أجري في ديسمبر من عام 2009، كانت له صورة مشرقة وايجابية لم يقرأها المسلمون بعين الحكمة والادراك واعتبروه تمييزا وعداء للإسلام وللمسلمين، ولو كنا نعي وندرك أن السيادة في اي دولة حق طبيعي، وسويسرا ليست بحاجة لأن تجري استفتاء لمعرفة رأي شعبها في شأن السماح باقامة المآذن، لأنها دولة علمانية وليست مسيحية وهو حال أوروبا كلها، فلا كنائس تبنى في الأصل، فمن الطبيعي أنها لا تتحمس لموضوع بناء دور للعبادة لأي مجموعة او فئة او طائفة، وبالطبع منهم المسلمون، ثم تأتي نتيجة الاستفتاء بتصويت %57 أي ان هناك %43 من السويسريين ليس عندهم مانع او حرج وهي نسبة جدا معقولة، وتبقى الديموقراطية هي الحكم وليس التسلط.
حتى فرنسا أنشأت المسجد الكبير لباريس عام 1926عرفانا للجنود المسلمين الذين دافعوا عنها خلال الحرب العالمية الأولى، وان كانت فرنسا حاليا أكثر تشددا من بقية الدول الأوروبية، خاصة في الجدل حول الحجاب والنقاب، الا أنني اعتبر ان موقفها طبيعي وبديهي لاعتبار التباين بين الثقافات المختلفة، وأيضا لهم العذر نظرا لما يشاع من ترهيب في الاعلام عندما يستغل ويضخم تهور قلة من المسلمين، ويزيد الطين بلة تصرفات لا مسؤولة، كثير منها حالات فردية، لكنها تحدث الزلزال، كما حصل مع قتل ونحر المخرج الهولندي الشهير فان جوخ وهو يمارس رياضته اليومية وأمام أعين المارة.
ومع ذلك هناك الكثير من الشواهد تؤكد انه لا يوجد شعور بالعداء بقدر ماهو تخوف بديهي وسوء فهم، المسلمون هم سبب رئيسي في حدوثه وتناميه بالاضافة للاعلام الذي لا يتقنه ويغيب عنه المسلمون تماما، اذن خطأ فادح زيادة الترهيب والأولى التفكير الجدي في مد جسور الترغيب والحوار الثقافي لصالح الانسانية ولتأكيد رسالة امتنا الخالدة..هداية العالمين كما كان نبينا الكريم رحمة للعالمين.
خالد ساير العتيبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق