جريدة الدستور كفى للتعليم العنصري * سافي ريخلبسكي
كفى للتعليم العنصري * سافي ريخلبسكي
برز للمتابع لمظاهرات الاصوليين في القدس واساسا في بني براك ، خطّ تكرر في الحديث مع الجمهور وفي خطابات الحاخامين ، نحن في "إثر المسيح" ، قبل لحظة من ظهور المسيح. فما ندد به في الماضي كمسيحانية غريبة - صهيونية أصبح أمرا مسلما به ، وكدليل على عهد المسيح ، الى جانب ازدهار المدارس الدينية الهائل ، يأتي الكشف الاصعب ، كشف العمالقة الذين يتخفون في صورة يهود - ولهذا فان العلمانيين يكرهون الاصوليين اكثر مما كرهوا الاغيار ، وهذا لم يأت بالصدفة ، فقد بنى احد ما هذا الاحساس في عهد المسيح.
الدخول البطيء لمحكمة العدل العليا - احيانا في ظل انتظار عقد من الزمان - الى الجنون في علاقات الدين والدولة ، لا ينبع من رغبة الدولة بل من اهمالها المتطرف. والاخطر من ذلك ، ان الجهاز ذا الحكم الذاتي ، العنصري والمسيحاني الذي يهدد بابتلاع اسرائيل بأسرها لم ينمُ فقط تحت رعاية الدولة وبتمويلها ، بل انه خلق الدولة العلمانية الضعيفة.
في العالم الارثوذكسي لا يوجد كبير مثل الرمبام ، قراره واضح وقاطع ، الامر الذي يعني انه اذا كان الايمان الارثوذكسي هو الحقيقة ، فان من يصل الى الجحيم سيجده مليئا بالاصوليين. صحيح أن صاحب السلطة قلص بعض الشيء هذا الحظر الذي فرضه الرمبام وسمح للحاخامين بان يرتزقوا بعملهم - إذ أن الرمبام حظر هذا ايضا. ولكن شعبا كاملا كان سيعيش هكذا ، وهذا لم يكن موجودا الا في عهد المسيح - الى أن جاء العلمانيون في اسرائيل وخلقوا العالم المعكوس هذا.
محكمة العدل العليا مطالبة الان بالتصدي لمسألة تعليم المواضيع الاساسية في جهاز التعليم الديني ، وقرار المحكمة يفترض أن يتخذ في 10 ثوان وليس في 10 سنين ، لكن هذا لا يكفي: فالدولة لا يفترض بها أن تمول ، ولو "بشيكل" واحد ، أي جهاز يقوم على اساس العنصرية والعداء للديمقراطية وخاصة جهاز التعليم. ان تمويل التعليم ليس حقا مكتسبا ، وعلى الدولة واجب مطلق في ان تقدم لشبابها اساسا من التفكير النقدي والاجابات على حبهم للاستطلاع الطبيعي والمفهوم ، واساسا قيميا. ومن الواضح أنه لا يجب دعم جهاز يطبق أي فصل عنصري ، سواء أكان فصلا طائفيا ، ام فصلا بين البنين والبنات ، او فصلا لا يسمح للعلمانيين (او حتى لمن في بيته علمانيون) بأن يتعلموا.
كل جهاز اسرائيلي ، وبالتأكيد جهاز التعليم يجب أن يتعهد بالعمل وفق "وثيقة الاستقلال" - "دون فارق في الدين ، العرق والجنس" ، والواضح أن جهازا يعيش في تناقض مع ذلك ويروج لابنائه بان هناك فارقا جوهريا ونوعيا بين النساء والرجال ، بين اليهود وغير اليهود ، لا يمكنه ان يتلقى من دولته حتى "أغورة". ان أقوال الحاخام كوك - الذي اقر بوجود فارق بين اليهودي وغيره - وهو فارق اكبر بلا قياس من الفارق بين الغير والبهيمة - لا يمكن ان ترد في أي جهاز جماهيري آخر.
بالتأكيد ، من الافضل ان يكون هناك تنوع في التعليم ، وان يكون بوسع الاهالي ان يكون لهم تأثير على اساليب التعليم ، فالتنوع افضل من الانسجام ، ويمكن فحص اساليب التعليم الديمقراطية وحتى التعليم الفني لكن التنوع ايضا يجب أن يستند الى ذات المنظومة القيمية التي بدونها لا وجود للمجتمع الحديث: المساواة بين البشر: الابتعاد عن المفاهيم الجاهزة وبالتأكيد عن العنصرية المعلنة والتمييز العرقي: اعطاء مكان غير مراتبي للابداعات الانسانية الشابة: وتشجيع حب الاستطلاع العلمي والنقدي ، لكن هل هذا كله يعتبر تلبية لطبيعة الابناء وسبيلا للتقدم الاجتماعي؟ .
ان ادعاء الاهالي - باسم ايمانهم - بانه مسموح الشذوذ ، وبشكل مطلق ايضا ، عن هذا المسلم به ، وبان على الدولة ان تمول بشكل كامل هذا الجنون ، غير جدير بالتعقيب ، فدولة معظم تلاميذها في الصف الاول - ممن يعتبرون يهودا ، يحصلون على تعليم الزامي كهذا ، تفقد حق الوجود ، و الأحداث الأخيرة هي المؤشر.
" هآرتس "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق