الأربعاء، 18 أغسطس 2010
اليوم السابع | خطبة الجمعة
عبد المنعم فوزى
خطبة الجمعة
الإثنين، 16 أغسطس 2010 - 19:41
Bookmark and Share Add to Google
رمضان السنة دى مختلف ليه بقى؟ لأنه جاى فى صيف ساخن حره مش طبيعى مع زحمة أزمة الانتخابات، والكلام اللى زهق منه الناس عن التغير، ياريت بقى ننتهز فرصة روحانيات رمضان، ونبدأ نغير أنفسنا ونستثمر رغبة الناس فى التغيير بتحديث الخطاب الدينى، ونبدأ بخطبة الجمعة، السبب أن الخطبة وسيلة فعالة ومباشرة وتأثيرها فى المصلين إن كانت تعبر عن أحوالهم ومشاكلهم كبير قوى. المشكلة معظم محتويات الخطب الموجهة إلى الناس من فوق المنابر فى حاجة إلى عملية غربلة مما فيها من قصص ما أنزل الله بها من سلطان، السبب أن البعض من الدعاة الجدد أصحاب ثقافة خرافية ولغة تهويلية، دعاة أفكارهم متجمدة منغلقة على الماضى تسلحوا بالثقافة الخرافية والمعرفة السطحية والاعتماد على حفظ كل ما يلقاه الخطيب فى طريقه من صحيح وزائف دون تمييز بين الأمرين.
يعنى بصراحة أننا نعانى من أزمة دعاة لا أزمة دعوة، وأزمة خطباء لا أزمة خطابه، وقد صرنا فى زمن يعتلى فيه المنابر كل من هب ودب، وزمن لا تعنى فيه بعض القنوات الفضائية إلا بالحديث عن موضوعات مثل مس الجن والعفاريت للإنسان، ونحو ذلك من الموضوعات التى لا تتناسب مع عقلية المصلين فى القرن الحادى والعشرين، اللى فيهم المتعلمين والمثقفين وذوى المؤهلات العليا. عشان كده عايزين داعية كفء قادر على القيام بمهمته وبارع فى إقناع الناس وإمتاعهم بما يقول ويتناسب مع العصر ومشاكله. يعنى ليه ما يتكلمش عن النظافة وأهميتها ويبدأ من الجامع اللى هو فيه. يطلب من المصلين أن ينظفوا دورات المياه لأن النظافة من الإيمان، ويطالب أن يتبرع الناس بصابونة كل جمعة لوضعها فى المسجد. برضه يقولهم إن إماطة الأذى عن الطريق من الدين، وأن يحترم سائق السيارة المارة ويساعدهم على عبور الطريق لأنها صدقة، وميزهقش أن يزيد ويعيد فى النصائح للناس بما يناسب صحيح الدين يعنى ربط الدين بالمجتمع والبيئة اللى بيعيش فيها. حيقول لك ده راجل عايز يغير الخطبة والدين على مزاجه، وعايز نبدل ونحذف منه أشياء ونبقى منه أشياء أخرى. شوف يا صاحبى لما أقولك إن تجديد الخطاب الدينى شىء والتعديل فى هذا الخطاب شىء آخر لأن التعديل يعنى الانسلاخ عن الأصل وده مرفوض. التجديد لا يعنى تغييراً لمضمون النص الدينى الثابت الذى لا يجوز أبداً التلاعب فيه وإنما التجديد: تحديث للأداء وتحديث للوسيلة والطريقة بحيث نرتقى بالخطاب الدينى ونطوره إلى ما هو أفضل وأحسن وأمثل شكلاً ومضموناً وأداءً. وتعالوا نشوف عملوا ايه فى ماليزيا، أحد أكثر الدول الإسلامية تقدمًا، أقاموا مسابقة تليفزيونية على شكل "سوبر ستار" لتخريج أمام مسجد للمتميزين من الشباب بناء على الأسس الشرعية والثوابت.
البرنامج مختلفٌ من حيث الهدف والوسائل، بصورة جعلت الجمهور الماليزى يحرص على مشاهدته، ومتابعته كمثيله من برامج المسابقات العالمية.. إنه برنامج "الإمام الشاب"، أو أكثر الشباب المؤهَّلِين ليصبحوا أئمة فى المستقبل القريب .فى البدء، قام أصحاب فكرة البرنامج بانتقاء ألف شاب، تتراوحُ أعمارُهم بين 18 -27 عامًا، ليخضعوا لاختبارات تؤهلُهم للمشاركة فى هذا البرنامج، منها تلاوةُ بعض آيات القرآن، والإجابة عن غيرها من الأسئلة التى تتعلَّق بالإسلام والشئون العامة، واستمرَّت هذه الاختباراتُ حتى وقع الاختيارُ على عشرة شباب فحسب، هم الذين استطاعوا اجتياز كل الاختبارات، من بينهم موظف بنك، ومزارع، وعالم دين، وبعض الطلاب الجامعيين. وزى المسابقات العالمية، يوفِّر القائمون على البرنامج للمتنافسين مبنًى سكنيًّا تابعًا لأحد المساجد للإقامة فيه، وقاموا بمنعِهم من استعمال الهاتف أو الاتصال بالخارج (معسكر مغلَق)، ويمضى الشبان معظم أوقاتِهم فى الصلاة ودراسة التعاليم الإسلامية وتلقى الدروس الدينية، وعند تأديتهم بعض المهام المطلوبة منهم تقوم كاميرات البرنامج بتصويرهم. ويحرصُ البرنامج على تقديم صورة غير عادية للإسلام وواجبات الإمام ودوره الواسع فى الحياة، والذى يبدأُ من إمامة الناس فى الصلاة إلى مساعدتهم فى حلّ مشكلاتِهم الاجتماعية، وتتضمنُ المسابقة قيام المتسابقين بأعمالٍ مختلفة مثل تغسيل الموتى وفقًا للطقوس الإسلامية، وتقديم النصح والمشورة للنساء، وغيرها من الواجبات التى تفيدُ المجتمع وتكرِّس المفهوم الصحيح للإسلام وشموليتِه. ويحرص القائمون على البرنامج عند إعدادِه على التعاون مع السلطات الدينية للحدّ من وجود أى حساسيات. يقول المخرج "هذا البرنامج لا يشبِهُ البرامج الأخرى التى لا تقدم أية قِيم دينية، ليس لدينا جمهورٌ يصرُخ أو يقفِز، بل نقدِّم غذاءً للروح، نحن لا نبحث عن مغنٍّ أو عارض أزياء نريد أن نُثبِتَ أن الشباب الماليزى المسلم يستطيع أن يتواكبَ مع هذا العصر". الجميل أن روح الحب والأخُوَّة تسود بين المتسابقين، حيث يعانق الشبان بعضهم بعضًا ويبكون ويتحدثون بحُرْقَة عن مشاعر الأخوة التى تَحَلَّوْا بها فى هذا السباق، فور إعلان استبعاد أحدِهِم من قِبل رئيس لجنة التحكيم، والذى يقوم بدوره بمعانقة المتسابق والدعاء له بالبركة. منتجو البرنامج، والذين أكَّدوا أنه الأكثر مشاهدةً فى محطتهم، فقالوا: إنهم يهدفون إلى إيجاد قائد وإمام يتماشى مع الوقت الحالى، يكون مسلمًا تقيًّا وتقدميًّا يستطيعُ أن يثبتَ للشباب الماليزى أن الالتزام بتعاليم الدين ما زال مناسبًا على الرغم من تأثير ثقافة البوب الغربيَّة. الجوائز بقى تتضمن رحلة حج مجانية وسيارة، بالإضافة إلى 6400 دولار أمريكى، تعالوا بقى نصوم ونتغير ونتعلم فن الحوار ولغة العصر.
• نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق