تقسيم افغانستان الى شمالي وجنوبي ، خطة تدرسها واشنطن قناة العالم الاخباري
تقسيم افغانستان الى شمالي وجنوبي ، خطة تدرسها واشنطن
ثلاثاء, 31/08/2010 - 18:42 GMT
اعلن بعض الساسة الاميركيين ان الولايات المتحدة تعتزم ان تخرج من افغانستان بحلول عام 2011 كما اقترح السفير السابق للولايات المتحدة في الهند السيد روبرت د. بلاك ويل النظرية تقسيم افغانستان الى شمالي وجنوبي وروج لها في مراسم مختلفة لتقييمها.و ذكر بلاك وويل ان السبيل الوحيد للتخلص من العنف والحرب في جنوب افغانستان ما هو الا تقسيم هذا البلد الى منطقتين شمالية وجنوبية.
لقد تعززت نظرية انفصال افغانستان بعد هزيمة قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في مواجهة طالبان حيث قرر تسليم افغانستان الى جماعة طالبان بدعم من باكستان .
يبدو ان استراتيجية ادارة اوباما في مواجهة مسلحي طالبان باءت بالفشل حيث طرح نظرية تجزئة وتقسيم افغانستان كبديل وواقع لابد منه و خيار افضل للولايات المتحدة وحلفائها للخلاص من ورطة افغانستان.
يجب على الولايات المتحدة التوقف عن اعلان الجداول الزمنية واستراتيجيات الخروج من افغانستان وتتاكد من عدم استسلام شمال وغرب افغانستان لطالبان وتقبل واشنطن سيطرة وحكم طالبان على معقلها التاريخي في مناطق ذات الأغلبية البشتونية جنوب افغانستان .
انصار استيراتيجية مكافحة التمرد في ادارة اوباما قد لا يتفقون مع هذه النظرية و انهم ربما يجادلون بأن هناك تعقيدات في تطبيقها بالفعل. وقد يعتبر البعض أن النتائج والتداعيات المترتبة في تجزئة وتقسيم افغانستان قد تسيء للولايات المتحدة ولو ان تجزئة هذا البلد قد تسفر عن أفضل النتائج لمصالح أميركا القومية الحيوية في مجال السياسة الداخلية لان ادارة اوباما حتى اذا تمدد استيراتيجتها الراهنة لسنة او سنتين اخريين لن تتمكن من الحصول على نجاح باهر.
وقد قامت الولايات المتحدة بشن هجمات واسعة النطاق في المناطق الجنوبية بافغانستان لكنها فشلت ولم تتمكن من تقويض حركة طالبان وأجبارها على الجلوس حول طاولة المفاوضات . في الحقيقة أن البشتون في أفغانستان ليسوا مجموعة متحدة لكنهم متحدين ضد الاجانب و يدعمون سيادة البشتون على الآخرين.
قال مدير وكالة المخابرات المركزية الاميركية ليون بانيتا في 27 يونيو "اننا لم نر دليلا على أن جماعة طالبان تريد المصالحة الحقيقية الا اذا اقتنعت الجماعة بان الولايات المتحدة سوف تفوز وانها سوف تخسر المعركة فحينئذ يجب ان تسلم اسلحتها وتبتعد عن جماعة القاعدة وتندمج في المجتمع الافغاني وتصبح جزء منه.... "وأعتقد أنه من الصعب جدا المضي قدما في مصالحة ذات مغزى. "
فقد احتلت الولايات المتحدة افغانستان عسكرياً و تجاهلت تاريخها ، تركيبتها القبلية ، لغتها ، تقاليدها وقيمها فلن تتمكن ان تنجح بكسب دعم البشتون الواسع من خلال الهندسة الاجتماعية في المستقبل القريب.
الى جانب هذا فان الجيش واجهزة الاستخبارات الباكستانية ما زالتا تعتبران الهند عدواً ولا ترغبان وضع حد لدعم جماعة طالبان الافغانية او اعتراف واقعي بافغانستان مستقلة.فنستنتج بحسم ان استراتيجية طويلة الأجل والجدول الزمني السياسي للولايات المتحدة غير متوافقة.
ولم تشهد افغانستان اي حكومة مركزية قوية طوال تاريخها ويتوقع ان لا يتمكن الجيش الوطني الافغاني ان يتحدى طالبان في المستقبل القريب على الاقل ومن يدرس الوضع الراهن في افغانستان لا يرى اي تحسن فيها . وتاسيسا على هذه المعطيات ،فكل محاولات المجتمع الدولي والغرب ستبوء بالفشل لانهم بدل بناء امة وملة واحدة قاموا ببشتنة افغانستان واثارة النعرات الطائفية فيها.
لا شك أن استراتيجية اميركا لوضع جدول زمني طويل الأمد وقصير الأجل لا يطبق على الارض في افغانستان لان الاميركان فشلوا في استبباب الامن لمعظم المناطق ذات الأغلبية البشتونية ويبين هذا الموضوع زمن خروج القوات الاميركية في يوليو 2011 . واذا لم تسفر استيراتيجية اميركا خلال الاشهر الـ 12 المقبلة الى النتائج المرجوة ، فاجهزة صنع القرار في الولايات المتحدة ستقدم ست خطط بديلة على نحو التالي:
1- مواصلة واشنطن استراتيجيتها الفاشلة وتقليص من التزاماتها تجاه افغانستان لعدم وجود صلة جوهرية بين مصالحها الحيوية فيها.
2- قيام ادارة اوباما بالبحث عن سبل اخرى كترغيب الحكومة تشكيل حكومة ائتلافية مع طالبان لوضع حد للعنف ، ويبدو ان حكومة حامد كرزاي تواصل هذا المنهج حالياً ولكن هذه الاجراءات لا يمكن ان تغير الحقائق المروعة و التعنت المستمر للبشتون ومواصلة تمردهم وعصيانهم حيث يقول مدير الـ CIA "ليون بانيتا" ، لماذا تفاوض إذا كنت تعتقد بالفوز؟
3- بذل جهود مضنية لحماية جزء من المناطق ذات الاغلبية البشتونية بحيث تستمر الحرب في جزء وتسود السلام في جزء اخر من افغانستان.وبناءً على هذا تستمر خسائر القوات الاميركية و حلف شمال الاطلسي في جنوب افغانستان كما تتيح الفرصة لعناصر طالبان ان تمركز قواها وترعب البشتون ، على اية حال هذه الخطة قد تؤجل تلقائياً خروج القوات الاميركية من افغانستان.
4- تطبيق خطة نائب الرئيس الاميركي جو بايدن الذي كان – قبل تطبيق استيراتيجية اوباما - ينصح بعدم خوض الحرب مع طالبان في المناطق المحلية وبذل الجهود للدفاع والحفاظ على كابول وقندهار اللتين كانتا مركزين رئيسيين لسلطة جماعة طالبان وودفع الاموال للجماعة و ترغيبهم للاندماج في تركيبة حكومة كرزاي و التعامل مع امراء الحرب المحليين بدل التركيز على الحكومة المركزية.
5- انسحاب سريع للقوات الاجنبية من افغانستان الذي يمكن ان يؤدي الى كارثة عظيمة لاميركا حيث تندلع حرب اهلية شاملة وتسيطر طالبان على كل ارجاء افغانستان وتزعزع امن واستقرار المنطقة باسرها.هذه الخطة يمكن ان تحفز وتشوق المتطرفين الاسلاميين في باكستان وتجعل مصير الأسلحة النووية الباكستانية غامضة.فان سيادة هذه الحالة قد تضعف وتقوض العلاقات الاستراتيجية بين الهند والولايات المتحدة من جهة و تؤثر سلبياً على برامج وخطط حلف الاطلسي من جهة اخرى حيث تقنع هذا الحلف ان لا يشارك في اي عمليات مستقبلية خارج حدوده وقد تعتبر هذه النتيجة هزيمة استيراتيجية لقيادة اميركا على العالم وستدوم عواقبها لسنوات طويلة.
6- وضع صناع القرار الاميركي مشروعاً افضل و اكثر واقعية لافغانستان حتى يمكن توقع نجاحه ، و يدعم هذا المشروع الولايات المتحدة و الحلف الاطلسي و الجيش الوطني الافغاني حيث تعتبر حكومة افغانستان حليفاً دولياً للغرب و بناء على ذلك ستتم خطة تجزئة افغانستان بالفعل.
لا يوجد حل سريع و سهل و مجاني للهروب من المستنقع الحالي بعد سنوات من السياسة الاميركية الخاطئة تجاه أفغانستان ، لكن الولايات المتحدة بدل تقبل هزيمة استيراتيجية من الافضل ان تلجا الى تقسيم وتجزئة افغانستان الى شمالي و جنوبي و هذه الخطة هي افضل ما متاح لصناع القرار في واشنطن .
وبناء على هذه الخطة ولو الولايات المتحدة لن تقبل بسيطرة طالبان الدائمة على جنوب افغانستان لكنها تسحب قواتها القتالية من اكثر المناطق ذات غالبية بشتونية وبهذا تواصل اميركا وحلفاؤها بدورهما القتالي في افغانستان لسنوات طويلة و تضع حدا لخسائرها المادية والبشرية في الجبال والوديان والمناطق الحضرية في جنوب افغانستان الى جانب احتفاظ بقاء القوات العسكرية الاميركية لفترة طويلة في افغانستان.
*ذي بلوتيكو - السيد روبرت د. بلاك السفير السابق للولايات المتحدة في الهند
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق