...............................................................
بقلم : غريب المنسى
........................
فى خلال الثلاثين عاما الماضية تعرضت مصر الى حملة منظمة لنشر ثقافة الهزيمة - The Culture of Defeat - بين المصريين, فظهرت أمراض اجتماعية خطيرة عانى ومازال يعانى منها خمسة وتسعون بالمئة من هذا الشعب الكادح . فلقد تحولت مصر تدريجيا الى مجتمع الخمسة بالمئه وعدنا بخطى ثابته الى عصر ماقبل الثورة .. بل أسوء بكثير من مرحلة الاقطاع , ففى عهد الاقطاع كنا على الأقل نعرف أصل وفصل الباشا .. أما اليوم فطبقة الأغنياء الجدد تختلف تماما .. فهم مجموعة من البثورالاجتماعية التى لانعلم من أين أتت ؟ ولا بأى مظلة هبطت علينا ؟ مجموعة كوماندوز اجتماعى سلبوا ونهبوا واستحلوا جهد المجموع وسخروه لأغراضهم الانتهازية وشوهوا مصر بل وسيطروا على دائرة صنع القرار .. والخيار اذا جاز التعبير !!
وفلسفة ثقافة الهزيمة تعتمد على تدمير الوعى الفطرى والمكتسب لدى المواطن وتحطيم كرامته وتشويشه واقناعه بأنه لايساوى شيئا وعندما يصل اقتناع الانسان الداخلى بأنه صفرا مدمرا, يكون قد تدمر معه كل طاقات الابداع والتفكير التى ولد بها والتى هى منحة من الله سبحانه وتعالى تنموا وتزدهر فى ظروف متفائلة.. ولذلك نجد نسبة كبيرة من الشعب وبالذات الشباب الذى هو ثروة قومية قد أعلنت اليأس وأصيبت بالتبلد وكل ما يصاحب ذلك من سلبيات .. فلا أمل ولا يحزنون. وعندما تسود ثقافة الهزيمة يهبط معها الفن والابداع ويهبط معها مستوى دخل الفرد ويهبط معها الانتماء ويهبط معها البناء ويموت معها التفاؤل.. ويهبط معها تقريبا كل شىء يمس التقدم والرخاء الذى هو أساسى للبلد.
وظهرت فى حقبة ثقافة الهزيمة هذه عادات جديدة ومفاهيم جديدة ومعادلات جديدة وحياة جديدة ورموز جديدة على المجتمع وكل الدلائل تؤكد أن مصر تراجعت كثيرا جدا وهى التى كانت فى بداية جيدة فى فترة الستينيات .. فترة العلم والفن والابداع والحلم والأمل ...!!!!! وأعتقد أنه واجبا وطنيا علينا جميعا نحن الذين نجونا من هذه المجزرة الفكرية المدبرة أن نبدأ فى نقاش مشاكلنا الرئيسية بشىء من الترتيب والمنطق وأن نزرع الأمل فى هذا القطاع العريض من أبناء الوطن الذى فقد حب الحياة وحب الغد تحت وطأة تدمير الذات.
وعلى الرغم من انتصارنا فى حرب اكتوبر وتحريرنا لسيناء ومسح عار هزيمة يونيو67 والتى كان من المفروض أن تؤجج لدى المصريون ثقافة النصر وتجعلهم يبدأون طريق التعمير والبناء وحل مشاكلهم الداخلية والقفز على طريق التنمية الاقتصادية والبشرية والاجتماعية الا أن القيادة السياسية قد قررت نشر ثقافة الهزيمة بين المصريون وتحول الشعب المصرى لأول مرة فى التاريخ الحديث الى شعب مشوش تابع لايعرف بالضبط ماهو قادم , ليعيش حياة مليئة بالسلبية وأصبحت المعادلة هى : شعب سلبى يقابله حكومة سلبية ليصل مستوى انتاج الفرد الى اقل معدلاته منذ قيام الثورة وعلى الرغم من التحديات التى واجهتها.
ونحن وان كنا على ثقة كبيرة بأن الشعب المصرى لديه مخزون حضارى عظيم ولديه الطاقات البشرية المتعلمة والقادرة فى غضون سنوات قليلة على وضع مصر فى قائمة الدول الناهضة , فعلينا أن نعترف بأن هذا الشعب قد اصيب بدون أن يشعر بالسلبية والهزيمة , ولذلك لابد من نشر ثقافة النصر والتخلى عن ثقافة الهزيمة التى بثها فى ربوع البلاد أولئك اليائسون القانطون من حب الوطن والذين يريدون الاستثار بخيراته ومقدراته.
ستخرج مصر من المحن قوية عظيمة وسيكتب التاريخ أن هذا الشعب يسقط أرضا أحيانا ولكنه لن يموت .. هذا الشعب يرفض الهزيمة بكل صورها وأشكالها سواء كانت هزيمة عسكرية أو هزيمة نفسية .. وسيؤكد التاريخ أيضا أننا لن نموت طالما أن هناك قلوب صادقة مازلت متعلقة بحب هذا الوطن.
أتمنى أن تجذب مواضيع ثقافة الهزيمة آخرين للمشاركة بأرائهم الايجابية وبذلك نحس جميعا باننا مازلنا أحياء لاننا مازلنا نفكر.
وحفظ الله مصر..
07/03/2010
مصرنا ©
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق