اليوم السابع التعريف الأمنى للمواطن الشيعى والإخوانى والتكفيرى
محمد الدسوقى رشدى
التعريف الأمنى للمواطن الشيعى والإخوانى والتكفيرى
السبت، 10 يوليو 2010 - 12:00
أجمل ما فى قيادات الحكومة والحزب الوطنى هو "وشهم المكشوف" الذى لا يخجل من قول الكلام وإطلاق التصريحات فى الصباح، والقيام بأفعال عكسها تماما فى المساء، وبما أنك تعيش فى مصر فمن المؤكد أنك تسمع تصريحات السادة المسؤلين وتقرأ مانشيتات صحف الحكومة التى تؤكد على هذا المعنى.
ويمكنك أن تتبع هذا المعنى بوضوح أكثر فى تلك الفترات التى ترتفع فيها موجة الاعتقالات الأمنية لقيادات جماعة الإخوان المسلمين والتى تسبق كل انتخابات حتى ولو كانت انتخابات اتحاد الطلبة كما أخبرتنا العادة، طبعا لا داعى لأن أخبرك أن واجب كل مصرى يفرض عليه التضامن مع الإخوان فى مسألة الاعتقالات هذه حتى ولو كان على خلاف جذرى معهم طالما هذه الاعتقالات تتم بالمخالفة للقانون وتحت مظلة قانون الطوارئ.
ولا أعتقد أن هناك فى مصر من قد يرضى على حملات الاعتقالات المستمرة سواء للإخوان أو غيرهم خاصة لو كانت هذه الاعتقالات تتم استنادا إلى ما تذكره مذكرات النيابة من مبررات وتهم مثل الانضمام لجماعة محظورة وحيازة أوراق ومطبوعات تروج لأفكارها، والانتماء لهيكل تنظيمى ينتهج أفكار سيد قطب، وهى اتهامات لو تمهلنا فى قراءة كل واحدة منها على حدة سيتصيبك نوبة من الضحك الهستيرى.
- التهمة الأولى الانضمام لجماعة محظورة: وهو اتهام قانونى 100% على اعتبار أن الجماعة بالفعل "منحلة"، ولكنه اتهام سياسى سخيف وساذج، لأن الجماعة موجودة فى قلب الشارع ولها أعضاء فى البرلمان، ولها مرشد عام يصدر بيانات أسبوعية، ويعقد اجتماعات بشكل منتظم، كما أنه اتهام يتم استخدامه حسب مزاج الجهاز الأمنى، لأن هناك على الأقل أكثر من 100 ألف معلوم بالضرورة انتماؤهم للجماعة تنظيميا يسيرون فى كافة شوارع مصر، فلماذا لا تقوم الأجهزة الأمنية بدورها لحماية الوطن واعتقال هؤلاء؟
- التهمة الثانية حيازة أوراق ومطبوعات تروج لأفكارها.. وهو اتهام يجب توجيه لعشرات الآلاف من أبناء الجماعة، لأنه وبطيعة الحال سيصبح داخل كل بيت إخوانى شعارا للجماعة وصورة لحسن البنا، ورسالة مطبوعة للمرشد وكتب تحمل أفكارها الدعوية والسياسية.
- التهمة الثالثة الانتماء لهيكل تنظيمى ينتهج أفكار سيد قطب.. وهو اتهام يضحك، لأن توجيهه يتم على أساس عدد الكتب التى تحتويها مكتبتك المنزلية، وتحمل اسم أو توقيع المفكر الكبير الراحل سيد قطب.
التهم الثلاث السابقة جاهزة ويتم استخدامها فى كل حملات الاعتقال سواء كان المعتقل فلاحا أو عاملا أو طالبا أو قياديا فى الجماعة، ولكن المثير فى هذه الاتهامات هو مسألة الاعتقال بناء على نوعية الكتب التى تحتويها مكتبتك المنزلية، رغم أن الكثير من عناوين الكتب التى تستخدمها الأجهزة الأمنية كإحراز وأدلة يتم على أساسها الاعتقال وتوجيه التهم موجودة بكل بساطة فى أغلب البيوت والمكتبات المصرية، إما بحكم الاطلاع والمعرفة أو بحكم الدراسة أو بحكم الوراثة عن الأباء والأجداد.. وهذا الأمر يعنى ببساطة أنك معرض للاعتقال فى أى وقت لو كان فى مكتبتك أو فى كراكيب البلكونة وغرفة السطوح كتاب من هذه الكتب التى يكرهها جهاز أمن الدولة، ويراها خطرا على أمن الوطن ومستقبله.
ولو كنت من المتابعين للقضايا الأخيرة التى شهدت اعتقال عدد من القيادات الشيعية والسلفية والإخوانية فى قضايا أو حملات مختلفة سوف تدرك أن الاتهام بترويج المذهب الشيعى ونشر الفتنة المذهبية لا يحتاج إلا لصورة صغيرة للإمام الحسين أو لوحة مطرزة باسمه حصلت عليها أثناء المولد، أو خطبة للشيخ حسن شحاتة أحضرتها من على الإنترنت أو إحدى الكتب الشيعية ككتاب "الكافى" يسكن مكتبتك على سبيل الاطلاع والمعرفة، مثلما حدث فى مرات كثيرة مع أحمد راسم النفيس وعدد من الطلبة الذين تم اعتقالهم غدر.
أما الاتهام بالانتماء لتنظيم القاعدة فلا يحتاج مثلما حدث فى قضية التنظيم المسلح الذى عرف إعلاميا باسم "تنظيم المهندسين" إلا لكتاب يحمل عنوان "أعدوا للمقاومة" لمؤلف اسمه أبو مصعب السورى أو كتاب "العمدة فى إعداد العدة" أو كتابى" التبرئة" و"الحصاد المر" لأيمن الظواهرى، أو أى مؤلفات لأبو الأعلى المودودى أو كتب لمشايخ السلف المشهورين وخطب صوتية لمشايخ مثلما حدث مع طلبة تنظيم الطائفة المنصورة منذ فترة.
أما الاتهام بالانتماء إلى تنظيم جماعة الإخوان المسلمين المحظورة يهدف إلى قلب نظام الحكم وإثارة الأمن العام فلا تحتاج الأجهزة الأمنية مثلما حدث فى عدد من حملات الاعتقال، وتحديدا حملة اعتقال مناصرى فلسطين فى 2002، واعتقال شقيقين من العريش فى يناير 2009 أكثر من وجود كتب تحمل عناوين مثل "نحو جيل مسلم" أو"طريق الدعوة" الذى قام بتأليفه المرشد الراحل مصطفى مشهور، أو "أفراح الروح" تأليف سيد قطب، و"رجال ونساء حول الرسول" و"فقه السيرة"، أو كتيبات صغيرة تحمل عناوين مثل "يا مسلمون الأقصى فى خطر"، و"القرآن فوق الدستور"، و"ضوابط العمل الإسلامى" و"الجهاد بالمساهمة"، و"فقه الجهاد وزاد المجاهدين"، و"المحرقة الصهيونية" و"قوارب النجاة فى إعداد الدعاة".
أما الاتهام باعتناق الفكر التكفيرى المتطرف"القطبى" فيكفى أجهزة الأمن أن تجد اسم المفكر الراحل سيد قطب على أى كتاب فى منزلك حتى لو كان "التصوير الفنى فى القرآن الكريم"، وتعتبر كتب سيد قطب الموجودة فى أغلب بيوت مصر والتى تحمل عناوين مثل "فى ظلال القرآن" و"معالم فى الطريق" هى الأشهر فى لائحة الأحراز التى يتم على أساسها توجيه اتهامات من نوعية تكفير المجتمع والتخطيط للقيام بأعمال عنف تهدف لهز الاستقرار.
الغريب أن أغلب هذه الكتب تباع على الأرصفة بجوار الصحف والجرائد، وطبيعى جدا أن تجده فى المكتبات المنزلية الذى يهتم أهلها بالاطلاع والمعرفة أو يتخصص أحد أفرادها فى دراسة التفسير أو الفقه أو الدين.
كما أن هذه الكتب يتم طبعها فى دور نشر خاضعة لإشراف أجهزة الأمن وتعمل برخصة حكومية، فلماذا لم تقم بإيقاف طبعاتها أو حرقها أو مصادرتها إن كانت بهذا القدر من الخطورة الذى يجعل مقتنيها عضوا فى تنظيم محظور وعنصرا ضمن تنظيم سرى مسلح تكفيرى يهدد أمن وسلامة المجتمع.؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق