الطلبة المسلمون الأميركيون...مخاوف واهية
تاريخ النشر: الأحد 04 مارس 2012
أشعل اكتشاف وكالة "أسوشيتد برس" أن دائرة شرطة نيويورك راقبت الطلاب الجامعيين المسلمين داخل حدود المدينة وخارجها عامي 2006 و2007 نار الغضب الشديد من جانب مسؤولي الجامعة وطلابها. وقد ضمت أعمال الرقابة والتنصت كلية "باروخ" وجامعة كولومبيا وجامعة نيويورك وجامعة ولاية نيويورك في بافالو وسيراكيوز. كذلك قامت شرطة نيويورك بمراقبة الطلبة في جامعات "رتجرز" وبنسلفانيا و"يل". لم يكن أي من الطلبة الذين جرت مراقبتهم متهماً بارتكاب أي عمل خاطئ أو وجد مذنباً أو متورطاً.
وقام عملاء الشرطة بتقديم تقارير مختصرة وضعت عليها إشارات تقول إنها سرية تذكر الطلبة بالاسم وتفصّل نشاطاتهم، مثل ركوب الأطواف المطاطية في الأنهر، أو الصلاة، أو بحث الأمور الدينية، وإرسال إعلانات صادرة عن مؤتمرات. هناك دروس يمكن لمسؤولي تطبيق القوانين اتباعها للسير قدماً.
أولاً: لنراجع ما تخبرنا به البحوث، حيث وجدت دراسة أجراها مؤخراً المركز الثلاثي للإرهاب وأمن الوطن في "درهام "بكارولاينا الشمالية أن مؤامرات مزعومة تضم أميركيين مزعومين قد انخفضت منذ أحداث الحادي عشر من سبتمر، ولا توجد إلا براهين قليلة تشير إلى دعم الإرهاب في أوساط هؤلاء السكان. وقد وجد المؤلف "شارلز كوزمان" أن التوقعات بتهديدات وشيكة من إرهاب ناشئ محلياً من قبل المسلمين لم تحصل لحسن الحظ. من خلال الجمع بين مضمون هذه التقارير والتدريبات والبيانات الموجزة، تتواجد قوات تنفيذ القانون في أماكن أكثر استراتيجية لحماية وخدمة مجتمعاتهم. إضافة إلى ذلك، فإن إيجاد فرص للحوار بين قوات تطبيق القانون والمسلمين يمكن أن يساعد كلا المجموعتين على فهم بعضهما بعضاً.
ثانياً، تستطيع دائرة شرطة نيويورك استشارة نيويوركيين محترمين مثل إمام دائرة شرطة نيويورك ومديرها التنفيذي، وإمام المركز الإسلامي بجامعة نيويورك، خالد لطيف. فهو وآلاف مثله يعكسون أفضل ما تستطيع أميركا تقديمه، شاب تواق لخدمة زملائه النيويوركيين، وفي الوقت نفسه مساعدتهم على فهم عقيدته وتنوع. إضافة إلى ذلك، ورغم وجود سوء فهم بأن الممارسة الدينية المتزايدة مرتبطة بالتطرف الديني، كان بإمكان دائرة شرطة نيويورك أن تتعلم بسرعة أن الطلبة المسلمين يوازنون بين واجبهم تجاه الله تعالى وبلدهم بكياسة لا تشوبها شائبة، وأنهم يرفضون من خلال ذلك التطرف في كافة أوجه الحياة. يقوم العديد من الشباب المسلمين أثناء وجودهم في حرم الجامعة بتنظيم خدمات الصلاة والحلقات الدراسية والمناسبات لجمع الأموال لأعمال الخير وقضاء صباح السبت في القيام بأعمال مثل إطعام المشردين والتطوع في أعمال (Habitat for Humanity)، وهي منظمة تعمل على إيجاد سكن يمكن تحمل كلفته.
الدرس الثالث: هو الضرر العميق المحتمل الذي يمكن أن تسببه أعمال المراقبة هذه للوضع النفسي الاجتماعي لجيل كامل من الشباب الأميركيين المسلمين. لقد كبر الطلاب في أميركا ما بعد الحادي عشر من سبتمبر، ولم يعد لديهم أي تسامح مع التطرف أو الإرهاب. ومع غيرهم في الجالية المسلمة، أصبحوا وبشكل متزايد مع أناس ساعدت معلومات أدلوا بها على إلقاء القبض على المخططين لأعمال إرهابية وإفشال مخططاتهم. يمكن للشك والتمحيص الذي لا يلين أن يؤدي إلى نتائج نفسية مثل الإحباط ورفض الذات والحقد الذاتي وانعدام احترام الذات.
عملت أثناء دراستي للحصول على الدكتوراه في العمل الاجتماعي كرئيس لمنظمة الطلبة المسلمين على صعيد الولايات المتحدة. وأثناء فترتي الثانية كرئيس، ضرب الإرهابيون أميركا يوم الحادي عشر من سبتمبر. حزن المسلمون لأن أمتنا هوجمت، توجهت مع طلبة آخرين إلى موقع الصليب الأحمر في واشنطن العاصمة للتبرع بالدم. وأذكر مشاعر الصدمة التي شعرنا بها عندما تبين أن المهاجمين كانوا مسلمين. عبر الطلبة عن مشاعر مثل: يتوجب علينا الدفاع عن وطننا من المزيد من الهجمات، ويتوجب علينا تسليم أي شخص يتبنى قتل الأبرياء. سمعت كذلك انتقادات، وهو أمر ينبع من الطبيعة الأميركية، للسياسات المحلية والخارجية، لأن بعض السياسات التي تبعت هجمات الحادي عشر من سبتمبر كانت المبادئ نفسها التي تأسست عليها أمتنا.
وتبرز صورة قوية لأميركا يمسك فيها المسلمون والمسيحيون واليهود، وأناس من تقاليد دينية أخرى بأيدي بعضهم بعضاً لإدانة الإرهاب وتركيز طاقاتهم على خدمة المجتمع ومبادرات العدالة الاجتماعية.
لقد تخرّج الطلبة الذين عايشوا تلك الحقبة مثلي منذ مدة طويلة، ونحن نبني حلمنا الأميركي وفق الرؤية التالية: بناء أسر وتحقيق مستقبل مهني وخدمة مجتمعاتنا المحلية. وساعدتنا المبادئ الإرشادية لمنظمة الطلاب المسلمين في أميركا كثيراً. ونحن نشكر الله تعالى على أننا نعيش في أميركا، ونمارس ديننا بحرية، ونستطيع خدمة الله وبلدنا. وبالمثل، تستحق أجيال المستقبل الفرص ذاتها كأي أميركي لمتابعة أحلامهم، وعدم الاضرار لينظروا وراءهم خوفاً، وهم يتابعون حياتهم.
يستحق هؤلاء الطلبة وبالذات من قوات حفظ القانون، الاحترام والمهنية في العمل، وكذلك احترام شعار دائرة شرطة نيويورك. اتفق بشكل كامل مع نتائج بحث كوزمان، لنكن حذرين ونفشل مخططات الإرهابيين المحتملة.
ألطاف حسين
أستاذ مساعد بجامعة هوارد في واشنطن ورئيس جمعية الطلبة المسلمين على مستوى الولايات المتحدة لفترتين متعاقبتين
ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند" الإخبارية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق