المحامي الشيخ إبراهيم ليثومي: المسلمون في كينيا يواجهون تحدي التنمية والمعرفة |
Wednesday, 29 February 2012 08:04 |
إبراهيم ليثومي عثمان المحامي الكيني عضو مجلس أمناء جامعة الأمة ( UMMAH UNIVERSITY ) وأستاذ الفقه الإسلامي بها. (وجامعة الأمة إحدى الجامعات التي تدعمها لجنة مسلمي إفريقيا وهي أول جامعة تأسست للمسلمين وتتمتع بالاعتراف الرسمي من الحكومة ،وتقع في منطقة ثيكا المقر الرئيسي وهي منطقة الماساي، وعدد طلبتها حوالي ألف طالب من جنسيات مختلفة معظمهم من أوغندا وكينيا والصومال). والبروفيسور ليثومي محام متمرس بالإضافة إلى أنشطته الدعوية المتنوعة هو عضو في لجنة جامع نيروبي الكبير ويتولى الخطابة فيه أحيانا. عمل ليثومي مستشارا قانونيا (في الشئون الإسلامية) مع المكتب السياسي للصومال التابع للأمم المتحدة للتنمية UNPOS الصومال اليوم : لو سلطتَّ الأضواء على الإسلام في قبيلة الماساي التي تنتمي إليها ؟ الشيخ إبراهيم : صحيح ، أسلم الوالد عثمان وأنا في مرحلة الصبا، وقد تأثر بالتجار الصوماليين ( وجلهم من قبيلة إسحاق الصومالية) في منطقة نيفاشا في كينيا التي تبعد عن نيروبي 100 كم جهة الشمال. وتقع أراضي الماساي في الجنوب الغربي لكينيا ونسبة المسلمين ضئيلة جدا فيهم ربما لا تبلغ 1% والسبب في ذلك أن الكنائس دخلت بلادهم مبكرا، والمسلمون تقاعسوا عن دورهم الدعوي، ومع ذلك عندهم معتقدات موروثة أقرب إلى ديانة التوحيد ، فيؤمنون بإله واحد يسمونه إنغاي" ENKAI والشخص من الماساي إذا عرضت له حاجة اتجه إلى الجبل قبل طلوع الشمس وينادي أرواح الأجداد وحوالي 65 % من الماساي ما زالوا في وثنيتهم، ويكرسون حياتهم عادة لرعي وتربية الأبقار، ويعتقدون أن الإله الذي خلق البقر إنما خلقها لأجلهم ،ولذلك ينهبون بقر غيرهم محتجين بأنهم يسترجعون حقهم الضائع ولا يقولون أنها سرقة. الصومال اليوم : وماذا عن الوجود الإسلامي في كينيا ؟الشيخ إبراهيم : تقدر نسبة المسلمين في كينيا حوالي 35% وهناك قوميات بكاملها تعتنق الإسلام كالصوماليين 100% والعرب في الساحل أيضا مسلمون 100% وهناك قبائل " ماجيكيدا " (تتألف من تسع قبائل )منهم قبيلة " إديغو " IDIGO هم مسلمون كلهم . الصومال اليوم: لكن سمعنا مؤخرا تغلغلا للشيعة والقاديانية في كينيا ؟الشيخ إبراهيم: الشيعة أقلية ضئيلة جدا وهم تغلغلوا داخل كينيا بعد الثورة الإيرانية، ويتلقون دعما من إيران ولبنان ومن شيعة الكويت أيضا. أما القاديانية فلها وجود ولكن في عدد محدود جدا غير ظاهر ، والمسلمون تنبهوا إلى خطرهم، وعقائدهم مرفوضة، ويجب أن نعلم أن الأسر الآسيوية عندها ارتباطات بأصولها في بلادها دائما فالسني هناك سني هنا ، والشيعي هناك شيعي هنا. الصومال اليوم: إلام ترجع تأخر المسلمين في كينيا ؟الشيخ إبراهيم: التأخر في مجال التعليم يمثل العامل الأهم في التخلف لأن المسلمين في البداية تعرضوا لتهميش متعمَّد من المستعمر ألجأهم إلى العزلة ورفضهم إلحاق أبنائهم بالمدارس التنصيرية التي تعلم منها غيرهم ، وكنتيجة لهذا عانت مناطق المسلمين –ولا تزال تعاني- من نقص حاد في عدد المدارس والمعلمين والوسائل التعليمية المناسبة، بالإضافة إلى عامل آخر هو أن بعض المسلمين ما زالوا على نظرتهم القديمة بأن التعليم العصري يبعدهم عن الإسلام. الصومال اليوم : ولكن أشرت إلى وجود تحسن في اهتمام المسلمين بالتعليم حاليا.الشيخ إبراهيم: نعم ، الآن تحسنت الظروف وبدأ المسلمون يتنبهون إلى خطورة هذا الإعراض وتبعاته الحضارية، وبدأ حديثا إنشاء مدارس مزدوجة تسمى : INTEGRATED SCHOOLS SYSTEM بدأت حركة الدمج ، والآن تعتبر بعض هذه المدارس الإسلامية نموذجية بل من أحسن المدارس على مستوى كينيا حتى غير المسلمين يلحقون أبناءَهم بتلك المدارس بعد أن أثبتت نجاحها في حلبة الاختبارات الحكومية، وأصبحت مشروعا استثماريا، وتدرس تلك المدارس منهج وزارة التعليم في كينيا ويشترك الطلاب في الاختبارات المركزية بالإضافة إلى المواد الإسلامية واللغة العربية . وهذه المدارس تسمح للطلاب باللباس الشرعي ، لأن في البداية المدارس التابعة للكنائس لم تكن تسمح للطالب أن يتميز بزيه الإسلامي. الصومال اليوم : ماذا عن أبرز التحديات التي تواجه المجتمع المسلم في كينيا ؟الشيخ إبراهيم: أبرز تلك التحديات تحدي المعرفة التي تنتج القوة ثم إنَّ الحركة التبشيرية في كينيا ضخمة جدا ،وبها (مجلس الكنائس في إفريقيا)، المؤسسة التي ترعى كنائس إفريقيا ومقرها في نيروبي وتسمي : مجلس الكنائس في إفريقيا All Africa Conference of Churches ( AACC) هناك تحديات تأتي من المسلمين أنفسهم ،فما يجري حاليا في الصومال له تأثير سلبي على المسلمين في كينيا، وخاصة مع المسلمين الجدد وخاصة جيل الشباب الذي لم يعرف من الإسلام إلا العنف وتكفير العلماء لأنهم يمنعونهم من الذهاب إلى الصومال لمناصرة حركة الشباب. وهذا أيضا يمثل فرصة لأعداء الإسلام لاستغلالها لضرب المسلمين لأن المسلم متهم بانتمائه للقاعدة أصالة ،وهناك مراقبة شديدة على المؤسسات الخيرية . الصومال اليوم : تحدثت عن معركة وضع الدستور في كينيا ؟الشيخ إبراهيم : الدستور القديم في كينيا وضع عام 1963 أي وقت نيل كينيا استقلالها من بريطانيا ، وكان ينص على دستورية إنشاء محاكم شرعية خاصة بالمسلمين تنحصر سلطتها في الأحوال الشخصية ثم بدأت حركة تعديل الدستور عام 2001 فالمسيحيون ظلوا منزعجين من وجود تلك المحاكم ، وفي الآونة الأخيرة خططوا لإزاحة تلك المحاكم من القضاء بدعوى أن ذلك يمثل لونا من التمييز متسائلين :لماذا محاكم خاصة بالمسلمين دون بقية الطوائف ؟ ومن العجيب أنهم جاءوا بمن سموهم خبراء مسلمين من مصر والسودان لإقناعنا بالتنازل عن تلك المحاكم ، ولكننا رفضنا ذلك بشدة. الصومال اليوم : ولكن أين مكمن المشكلة في دمجها في القضاء العام؟الشيخ إبراهيم : هذه خدعة ترمي إلى إضعاف الإسلام في النهاية لأن القاضي العادي لن يتم إعداده بداهة، ثم إنهم يقولون: لا حاجة إلى تلك المحاكم لأننا نختار علماء مسلمين يتولون فصل هذه القضايا ،ونحن نعتبر أن هذه خدعة خبيثة. والمساجد كان لها دور كبير في تعبئة الرأي العام الإسلامي ضد إزالة تلك المحاكم وجعلها قضية إسلامية خطيرة، وهنا تنبهت الحكومة إلى قوة المنابر في تحريك الجماهير ، والسياسيون المسلمون شاركوا الحملة معنا. الصومال اليوم : هل ثمة حركة ترجمة للعلوم الإسلامية إلى اللغات الحية في كينيا ؟الشيخ إبراهيم: حركة الترجمة نشطة وواسعة الخطوات جدا لتعريف غير المسلمين بالإسلام وبالمسلمين أنفسهم أيضا ،القرآن الكريم ترجم إلى اللغة السواحلية ، وليس هناك كتابٌ مشهور متداول عن الإسلام إلا وترجم إلى اللغة الإنجليزية، فاللغة الإنجليزية هي لغة التواصل في كينيا ولغة التعليم من الروضة إلى الجامعة وهي لغة مكاتب الحكومة أي اللغة الرسمية للبلاد. الصومال اليوم : كيف تقيِّم دور الصوماليين في كينيا في نشر الإسلام ؟الشيخ إبراهيم : الصوماليون بطبيعتهم يعزفون عن الاختلاط بالشعوب الأخرى ، حتى الدعوة إلى الإسلام محتكرة في أوساطهم ، وقلَّما ترى عالما صوماليا يهتم بغير الصوماليين، وحتى المشاهير من العلماء محصورون في حي إسلي ومن بينهم علماء كبار ولكن للصوماليين فقط. وحتى مساجد الصوماليين تجد الخطبة تكون باللغة الصومالية وفي المناطق الأخرى بالسواحلية والإنجليزية. ومع هذا يمدحون باعتزازهم بالإسلام فالصومالي يموت فقرا لكنه لا يقبل الارتداد عن دينه. الصومال اليوم : ماذا عن الإسلام في مناطق البورانا والتركانا بشكل خاص؟الشيخ إبراهيم : البورانا: مسكنهم الرئيس في مويالي في الحدود مع إثيوبيا ويتعرضون لحركة تنصير رهيبة ونسبة الارتداد عن الإسلام عالية نتيجة الفقر والنشاط الكنسي المكثف وضحالة الثقافة الإسلامية، وينتمي إلى البورانا بعض أبرز العلماء أمثال الشيخ عبد الله بوليجا اشتهر بمحاربة الرافضة والخرافة. والبورانا هم أقرب إلى الصوماليين ويتقاتلون معهم وأشكالهم لا تكاد تفرقهم عن الصوماليين. التركانا: الإسلام قليل في منطقة التركانا ولكن تشهد حاليا حركة دعوية نشطة،وهناك مؤسسات خاصة بالمسلمين مثل مؤسسة المؤمن MU,MIN FOUNDATION، ويتم تخريج الدعاة والمعلمين وحفَّاظ القرآن ، ولذا أقترح أن يكون لكل منطقة مؤسسات خاصة بها حتى يكون التركيز وقد رأينا ثمار تجربة مؤسسة المؤمن في منطقة تركانا. الصومال اليوم : هل هناك كتابات تاريخية أو تصف واقع المسلمين في كينيا ؟الشيخ إبراهيم : الكتابة في هذا المجال لا تكفي ، أذكر كتابا ألفه الدكتور محمد بكر برفيسور في جامعة نيروبي، وعنوانه (تاريخ الإسلام والمسلمين في كينيا ). رسالتي كانت : الزواج والطلاق في الأحوال الشخصية مقارنا بالقانون المطبق في كينيا والعادات في قبائل كينيا. الصومال اليوم : هل هناك شخصيات بارزة تود أن تنوِّه بدورهم الدعوي في كينيا ؟الشيخ إبراهيم : الدكتور محمد شيخ عثمان شخصية مؤثرة وخصوصا في نهضة المسلمين التعليمية، وإنشاء المراكز الإسلامية وتمويلها ،أنشأ جامعة الأندلس في منطقة كاجيادو KAJIADO وهي منطقة الماساي( تحول اسمها إلى جامعة الراف العالمية )اضغط هنا لتقرأ حوار الصومال اليوم مع الدكتور وطلبتها من شتى القوميات في كينيا ، والدكتور محمد شخصية متفتحة يتمتع بعلاقات طيبة مع الجماهير، وهو يجيد الخطابة باللغتين العربية والإنجليزية. الشيخ خلفان خميس: له نشاط إذاعي وينتمي إلى قبيلة جلوا التي تقل فيها نسبة المسلمين فوجوده يبرهن أن الإسلام ليس له جنسية أو قبيلة معينة وإنما هو دين الجميع ،أنشأ جامعة أم سلمة للبنات في مدينة كيسومو وهي ثالث مدن كينيا وهي عمق منطقة الجلوا. والشيخ أحمد محمد مسلم : صاحب الخطب القويَّة والله أعطاه مقدرة في التأثير يحارب الرافضة، ويهتم بتصحح المفاهيم الدينية لدى المسلمين ويملك قدرة في إلقاء الخطب بالعربية والسواحلية والإنجليزية ويتنقل بين نيروبي وممباسا. الأستاذ حارث صالح : شخصية تحظى بالقبول العام بين العلماء،بقي تأثيره الكبير في الإذاعات ويعتبر بمثابة الوالد للجميع بحكم سنه وتجاربه- فهو في الثمانينيات من عمره- ويدعى العلامة أستاذ حارث، يهتم بالمخطوطات وبالطب النبوي لا يميل إلى إقامة الموالد . الشيخ محمد عبده أمل: عالم وصديق محترم، ولكن تأثيره الكبير بين الصوماليين. الصومال اليوم : كثيرا ما نطالع في سائل الإعلام تظاهرات للمسلمين في كينيا عند القبض على شخص مسلم مثلا ماذا يعني ذلك ؟الشيخ إبراهيم : العلماء لا يؤيدون مثل هذا الحماس لأنه ليس لصالحنا، ودائما ندعو الشباب إلى التريث واستشارة أهل الحكمة قبل اتخاذ أي خطوة ؛ حتى نغير الصورة النمطية عن المسلمين لأنه اشتهر في كينيا وفي العالم أن المسلم إنسان عاطفي ،نحن ننظر أين مصلحتنا،ونقدم دفع المفسدة من جلب المصلحة ، ونتفادى من وقوع ضرر أكبر. والعلماء في كينيا يفهمون تناقضات الواقع ويتعاملون الأمور بشكل حذر دون أن نتنازل عن مبادئنا الإسلامية؛ لأن الشباب لو تركوا يستهدفون السفارات الأجنبية بالتفجيرات ،وهذا لا يساعد قضيتنا . الصومال اليوم: وماذا عن النشاط الإعلامي للمسلمين في كينيا ؟الشيخ إبراهيم: هناك إذاعات خاصة بالمسلمين تحرص على اتباع أسلوب الحكمة في تبليغ الإسلام ، وإذا حاول أحد أن يطعن في المسيحية مثلا نقول له : لا ، لا تسبوا هؤلاء هذا استعداء بالآخرين عليك، وآثاره خطيرة على الدعوة . في نيروبي إذاعة اقرأ- تابعة للمجلس الأعلى لمسلمي كينيا -،ولها تأثير متنامٍ في الآونة الأخيرة وعمرها ثماني سنوات وفي ممباسا إذاعة الرحمة وإذاعة السلام ، وهناك ثلاث إذاعات تخاطب الصوماليين هي إستار وفرونتيير والرسالة( قيد الإعداد). الصومال اليوم : في مجتمع كبير كهذا لا بد من مؤسسات تمثل المسلمين وتخدمهم؟الشيخ إبراهيم : نعم ، هناك عدة مؤسسات من بينها المجلس الأعلى لمسلمي كينيا Supreme Council Of Kenya Muslims (SUPKEM)،وهذه المؤسسة همزة وصل بين الحكومة والمسلمين وتمثل الناطق الرسمي باسم المسلمين. وهناك أيضا مجلس علماء كينيا KCIU (Kenya Council OF Imams And Ulama)يترأسه الشيخ خلفان خميس ،ومن أعضائها بدر جعفر ، والدكتور محمد إبراهيم، والشيخ أحمد محمد مسلم، والشيخ أبو بكر أبو حمزة ، والشيخ عبد الناصر من منطقة بورانا،وعبد الله أتيكا من غرب كينيا، والشيخ علي جوري سكودو. ومجلس العلماء والمبلغين في كينيا CIPK (Council of Imams And Preachers of Kenya) ومنتدى القادة المسلمين في كينيا NAMLEF ( National Muslim Leader Forum). الصومال اليوم : كيف تنظر إلى مستقبل المسلمين في كينيا ؟الشيخ إبراهيم : المستقبل بشكل عام مبشر بالخير ، فالوعي الإسلامي آخذ في النمو بفضل الاهتمام بإقامة صروح العلم مثل الجامعات والمدارس ،وبالمشاركة السياسية حتى يكون للمسلمين دور في صنع سياسات البلاد وتشكيل مستقبلها.. والتضامن الإسلامي بدأ يقوى –والحمد لله- فحاليا إذا كانت هناك قضية تخص المسلمين تجد المجتمع المسلم في كينيا يهبُّ لها ، وهذا يسبب تقارب القوميات تحت راية الإسلام. أجرى الحوار : محمد عمر أحمد |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق