مؤسسسة الفكر الإسلامي المعاصر للدراسات و البحوث
تطوير مناهج التعليم الديني ضرورة لا تعني التخلي عن ثوابت الشريعة
العنوان : تطوير مناهج التعليم الديني ضرورة لا تعني التخلي عن ثوابت الشريعة
حوار مع: الدكتور محمد رضا فضل الله
حاوره: رحيل دندش
التاريخ: ٥/١١/٢٠١٢
يمثل التعليم الديني إحدى الركائز الأساسية في تشكيل الوعي الفردي والمجتمعي لدى الإنسان لفهم العالم والتعامل معه، وبناء الشخصية الإسلامية وصوغ علاقتها مع نفسها ومع المحيط. ولأن هناك تمايزاً واضحاً بين التصوّر الديني المأمول تجسيده وحقيقة الواقع الذي تحكمه التشظيات ويسوده النزاع المذهبي والعقدي، بات العمل على إعادة النظر في التعليم الديني في كل مستوياته وتجديد مناهجه حاجةً مُلحةً، -لا بل من أولى الأولويات- بغية وضع حد لحالة التشرذم التي تعيشها مجتمعاتنا الإسلامية على أكثر من صعيد. وللوقوف على هذا الموضوع الهام، كان هذا الحوار مع مؤسس مناهج التربية الإسلامية في مدارس التعليم الديني الإسلامي في لبنان الدكتور محمد رضا فضل الله.
علام تركّز مناهج التعليم الديني عادةً، وهل تعكس رؤية فلسفية ما للدين؟
المنهج هو الخطة المعتمدة من قبل جهة متخصصة لتحقيق أهداف محددة.
ومناهج التعليم الديني الإسلامي تنطلق أيضاً من أهداف تربوية تعليمية واضحة ومحددة وقابلة للقياس، وهي في طبيعتها تركز على معالم صورة المتعلم المسلم الذي تنتظره في نهاية المرحلة الثانوية من التعليم الأكاديمي. ولعل من أبرز عناوين هذه الأهداف:
- تعميق عقيدة الإيمان بالله تعالى وكتبه ورسله واليوم الآخر.
- تأصيل العلاقة الوجدانية ما بين الإنسان والله تعالى، من خلال تنمية ملكة التقوى في الذات المسلمة.
- وعي أهمية العبادات على أنواعها، والتأكيد على حسن تأديتها من خلال ثقافة فقهية كافية، قادرة على أن تصوّب أقوال الفرد وأفعاله.
- اعتماد الأسوة الحسنة المجسّدة لتعاليم الله تعالى من خلال دراسة السيرة وتحليلها والاستفادة العملية من أحداثها.
- تنمية شعور المسلم بمسؤوليته تجاه قضايا المجتمع ومشكلاته، وتجاه ما يواجه المسلمين والمستضعفين في العالم.
- إبراز الوجه الحضاري للدين الإسلامي من خلال معالجته السامية لحقوق الإنسان ولكل أشكال الاستبداد والانحراف والاستعمار والاحتلال، ومن خلال عنايته بالجوانب الصحية والبيئية والرياضية والفنية..
- إدراك العلاقة الوثيقة بين الإيمان والعلم وأثرهما في تطور المجتمعات وتقدمها..
- العمل على أن يتحول المتعلم إلى داعية إنساني بالوسائل الحضارية التي تعتمد الحوار بالتي هي أحسن...
ثم إنَّ آلية تحقيق هذه الأهداف تتم من خلال معارف وخبرات ونشاطات ومهارات وقيم مختارة، تستمد شرعيتها من مصادر التشريع الإسلامي (القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة...)، وهي التي تعكس الرؤية الفلسفية الشاملة للدين الإسلامي بعقيدته وقيمه وأحكامه ومفاهيمه.
أين يقع التصور المذهبي الخاص من هذا التصور العام؟
في إطار اختيار المادة المعرفية المتصلة بالأهداف، أخذنا بعين الاعتبار ظروف الساحة الاجتماعية التي تتعدد فيها الأديان والطوائف والمذاهب والأحزاب.. مركّزين في البحث على الطرح العقائدي الموضوعي الذي ينأى عن مقاربة الحساسيات التاريخية، ولا يعقّد العلاقات المحلية، وبالتالي يساهم في تعزيز الوحدة الوطنية.
من أجل ذلك كان التركيز على القواسم المشتركة، التي تغطي مساحة واسعة من المعارف والتي تنطلق من نصوص القرآن الكريم وصحيح النبوية الشريفة، وبالأخص تلك التي تتصل بالعقيدة والأخلاق والسيرة والمفاهيم وكثير من الأحكام..
أما الأمور الخلافية فقد حرصنا على أن تُطرح بأسلوب علمي رصين يعالج الآراء المختلفة من خلال احترام الآخر والاعتراف بخصوصيته، لنترك الحكم لقناعات كل فريق، متجاوزين بذلك الإرث التاريخي الأليم انطلاقاً من التوجيه القرآني الذي تحدّده الآية الكريمة:
{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(البقرة:134).
ولكن عملياً نجد أن الكتاب الديني يتبنى في الغالب نظرة المذهب، وهو بذلك يمثل الحقيقة المطلقة التي تقلل من شأن ما عداها، كيف تتعامل الكتب الدينية مع المدارس العقدية والفقهية المختلفة؟
من الطبيعي أننا ونحن نقدّم المنهج التعليمي، نعتمد مذهب أهل البيت(ع) مركزين على نظرته العقدية والفقهية التي تنطلق من قواعد أصولية وفقهية قد تتفق وقد تتباين مع الآخرين.
والكتاب الديني هو خلاصة المنهج التعليمي الذي يترجم الأهداف المحدّدة إلى معارف وخبرات ونشاطات ومهارات.. والذي يعتمد التدرج في عرض المعلومات، والموضوعية في الطرح بعيداً عن الحماس والانفعال، متجاوزاً كل الموضوعات التي لا تنسجم مع المنطق، ولا تصمد أمام الدقة في البحث، ولا تتلاءم وطبيعة العصر، وبالتالي لا تساعد على الانفتاح على الآخر، ولا تنسجم مع نشر روح المحبة والألفة والتسامح..
على هذا الأساس كان عمل الكتاب الديني في إطارين:
- الإطار الإسلامي العام: (وجود الله تعالى، عظمته، عبادته، شكره، كتبه، رسله، ملائكته، غيبه، اليوم الآخر، مكارم الأخلاق، قصص الأنبياء، المفاهيم العامة: العلم، المرأة، المواطنية، الديمقراطية، حقوق الإنسان، الجنس...)، وكل هذه تُبحث انطلاقاً من المصادر الأساسية التي لا يختلف عليها مسلم عن آخر في القواعد العامة.
- في الإطار المذهبي الخاص: يتم عرض الخصوصيات ـ كما قلنا ـ بموضوعية وصراحة ووضوح وشفافية، مع احترام قناعات الآخر بعيداً عن التوهين.
وقد تمَّ الحرص على أن يشمل المنهج موضوعات تعرض أفكار الآخر كثقافة ضرورية، يفهم فيها الواحد الآخر في مجتمع متعدد، دون أن يفرض عليه التنازل عن قناعاته الخاصة.
هل لا زالت هذه المناهج الدينية تلبّي حاجة الأجيال في ظل توسع مصادر المعرفة وتنوعها؟.. وما هو المطلوب حيال ذلك؟
إننا في ظل عصر انفجار المعرفة، وما يرافقه من متغيرات وتطورات وتقنيات حديثة وتعدد مصادر المعلومات.. نعمد بين حين وآخر إلى إعادة النظر في المناهج التعليمية، وبالأخص الموضوعات المستجدّة التي تثير تساؤلات، وتتطلب أجوبة، والتي تمثّل حاجةً للمتعلم المسلم الذي يعيش الانفتاح الواسع على العالم الواسع، والذي عليه ألاّ يعيش الغربة عن عصره التكنولوجي باتصالاته المتطورة، وإعلامه الذكي الذي غزا البيوت في عمقها.
لذا يتم بين حين وآخر حذف بعض الموضوعات، وإضافة أخرى (العولمة، المواطنية، الديمقراطية، الشورى، الإرهاب والعنف، التواصل الإيجابي، الاعتراف بالآخر...)، مع التركيز على الثوابت العقيدية والروحية والفقهية التي يتمّ عرضها بأسلوب حضاري جذّاب، يتناغم مع الوسائل الإلكترونية المتطورة (اللوح التفاعلي..)، والذي يمكن أن يقدم دروساً إلى المتعلمين بأسلوب تعليمي مشوق ومثير لدافعيتهم ورغبتهم، ليعيشوا من خلالها الشعور الصادق لمواكبة الدين لكل تطور وتقدّم.
كيف يتم قياس الفائدة من التعليم الديني؟ وهل هناك دراسات حول هذا الموضوع؟ وهل أن المدرسين الدينيين يلبّون توجهات المؤسسة أم أن هناك ثغرات على هذا المستوى؟
مادة التربية الدينية هي واحدة من المواد التعليمية التي يشملها المنهج الرسمي، ولها أهدافها الخاصة ومناهجها وأساليبها ووسائلها وطرق تقييم نتائجها.. وهي لا تختلف في أطرها التعليمية والفنية عن غيرها (صياغة الأهداف، التحضير، طرح الأفكار الأساسية، استخدام الطرق الناشطة، اعتماد الوسائل التعليمية الحديثة...).
على ضوء تنفيذ المنهج ضمن خطط مدروسة ومرنة، يجري تقييم التجربة بأسلوبين:
- الإطار المدرسي من خلال الامتحانات والاختبارات الشهرية والفصلية التي تعكس مدى التحصيل التعليمي عند المتعلمين على صعيد المعرفة والسلوك.. وفي هذا تجري دراسات إحصائية عن حالات الرسوب والنجاح والتفوق، والتي على ضوئها تُحدّد نقاط الضعف والقوة، ليتم التعامل معها على أساس المعالجة أو التعزيز.
ويتم التقييم أيضاً من خلال متابعة الإشراف الديني الفني لأداء المعلم داخل الصفوف: معرفة وأسلوباً ووسيلة وتفاعلاً وتقييماً وعلاقة... ليتم توجهيه، ومعالجة الثغرات التي ترافق أداءه، في جو من الحب والثقة والاحترام، بحيث لا يشعر المعلم بالرقابة الحديدية التي تفتش عن هفواته لتنال منه، وتحدّد العقاب الملائم.
وعلى ضوء هذه المواكبة الفنية الحكيمة لأداء المعلمين، استطعنا إنتاج كادر تعليمي مثقف ومبدع ومحبوب، لا يقلّ أهمية وإبداعاً عن الكوادر في المواد التعليمية الأخرى، مع العلم بأن حالات الضعف لدى بعض المعلمين تُعالج بالطريقة المناسبة التي تحرص في أن يحافظ المستوى على توازنه.
وهنا لا بد من الإشارة إلى طريقة تقييمية أخرى تعتمدها دائرة الأبحاث في مؤسسة التعليم الديني وهو قياس الفائدة المرجوة في مرحلة دراسية معينة، من خلال استمارات علمية، تركز على النواتج العقيدية والأخلاقية والعبادية(...)، وتتصل بنماذج مختارة من المتعلمين، ثم يجري تفريغ هذه الاستمارات وتحليلها ودراستها.. لأخذ توصيات لمعالجة ما ظهر من ثغرات.
ما هي برأيكم أبرز العقبات التي تحول دون تطوير مناهج التعليم الديني؟
تطوير مناهج التعليم الديني حاجة وضرورة، وهو ما تسعى إليه كل المؤسسات التي تُشرف عليها، ومن الطبيعي أن تعترضه بعض العقبات والموانع، منها:
- إنَّ الدولة اللبنانية تسمح بالتعليم الديني في مدارسها، ساعة في الأسبوع في كل صف، إذا ما وفّرت المجالس المليّة لها المعلم المناسب، وهي في الوقت ذاته لا تساهم في تغطية نفقاته المالية، وعلى هذا تسعى المؤسسات المحلية إلى توفير ذلك، لتظل دائماً في حالة طوارئ.
- الوقت المحدّد لساعة واحدة في الأسبوع لا يسمح بطرح الحدّ الأدنى من الموضوعات الضرورية، في ظل تحديات الحضارة الحديثة ووسائلها.
- الإقبال المحدود من قِبل الذكور على التعليم الديني وبالأخص في المرحلة الثانوية.
- قلّة الخبرات الفنية في عالم التأليف الذي يتطلب ثقافة وذهنية منفتحة ومعاصرة، وفهماً سيكولوجياً لخصائص المتعلمين وحاجاتهم.
ما هي أبرز الموضوعات التي يجب أن تتضمنها وتركز عليها المناهج الجديدة، والتي تشكل المدماك لبناء الإنسان المؤمن؟ وهل هذه المناهج الحديثة تنمي الحسّ النقدي عند المتعلم؟
ن كتب التعليم الديني في موضوعاتها تركز على عدة محاور، بحيث تشكل في مجموعها الثقافة الإسلامية التي تختصر معالم شخصية المسلم، والتي ـ على سبيل المثال ـ تركز على العناوين التالية: معرفة الله وطاعته، القدوة والمسؤولية، الفقه والالتزام، الاستقامة ومكارم الأخلاق، ثقافة وحضارة..
وقد تمَّ الحرص على التذكير الدائم بالثوابت العقيدية والقيمية والفقهية والمفاهيمية على أن يتمَّ التنويع في بعض الموضوعات المعاصرة التي تمثّل حاجة لأن يفهمها المتعلم ويواجه تحدياتها في زمن اختلطت فيها المفاهيم، وتعددت فيها المذاهب.
وقد صُنّفت هذه الدروس ورُتّبت وأُخرجت بشكل فني متطور، يُؤكد على مشاركة المتعلم في استنباط المفاهيم الدينية، لتتحول إلى قناعات استطاع بجهده الخاص أن يتوصل إليها، وهذا من شأنه أن ينمّي لديه الفكر النّقدي بحيث لا يقبل ما لا ينسجم مع العقل والمنطق والحجة والبرهان.
ماذا عن تداخل الهويتين الدينية والوطنية، كيف تتعامل المناهج الدينية الجديدة معهما؟
انطلاقاً من إيحاءات الآية القرآنية:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}(المائدة:8).المواطنية في الإسلام تتناغم مع وجود مجتمع التعدد في الأديان والأجناس والأعراق والثقافات... وهذا يفرض أن تكون موضوعات المنهج التعليمي متنوعة بالشكل الذي تستطيع أن تصنع إنساناً يتعايش مع جميع أهل المِلل والنِحل، في إطار من الاحترام والمودة، وفي ظل نظام يحترم خصوصيات كل فريق.
وهنا تُطرح موضوعات حقوق الإنسان في الإسلام (إخاء، مساواة، حرية، عدالة...) التي تمثل القواسم المشتركة التي يتفق عليها جميع المواطنين.
وهذا يفرض سيادة خلق التعاون والتنافس على الخير والهدى وكلمة التقوى، كما يفرض رفض التعصب دون مبرر. ورد في الحديث:
"ليس من العصبيّة أن يحبّ الرجل قومه، ولكن من العصبيّة أن يساعدهم على الظّلم".
والآية الكريمة تقول: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}(المائدة:8).
وفي إطار تعزيز المواطنية يٌطرح في المنهج الديني موضوع فقه النظام الذي يركز على احترام القوانين الرسمية التي تحفظ سلامة البيئة والنظام العام.
تكلمتم عن المناهج التعليمية الدينية.. ولكن في الحديث عن الطرائق التعليميَّة، ما هي الطريقة التي ترونها المثلى في هذا المجال؟
تتعدد أساليب التعليم بتعدد الموضوعات، فقد تختلف طريقة تعليم العقائد عن السيرة أو الأخلاق أو الفقه.. ولكن ما هو متفق عليه هو اعتماد الطرق الناشطة التي تأخذ بعين الاعتبار محورية المتعلم، أي الطرق التي تشرك المتعلم في الحوار والمعالجة والاستنتاج، والتي تساهم في إغنائه بمهارة التعلم الذاتي، بحيث يشعر أن ما توصل إليه من مفاهيم، وما هو مكتوب في الكتاب من معارف.. هي من إنتاجه وفعاليته، لذا تصبح عزيزة عليه من جهة، وسهل حفظها من جهة أخرى، وبذلك ينمو لده الدافع النفسي لأن يتبنّاها ويتحمس لها.
هذا ومن الضروري أن يواكب الأسلوب الناشط استخدام الوسائل التعليمية التي تطرح الأفكار بصورة حسية وجذّابة، في أجواء بعيدة عن الملل والتعب.
هل تؤيدون فكرة ألا يحتسب لحصة التربية الإسلامية ضمن الشهادة؟
نظراً لكون موضوع الدين مادة أساسية في توازن الشخصية وتفاعلها مع محيطها، لذا كان السعي لأن تصبح علامة فاعلة في إطار النجاح والرسول، حتى يتعزز اهتمام الطالب والأهل بها، ليتم على ضوء ذلك تحقيق الأهداف المرجوة.
هناك من يناهض تجديد المناهج الدينية بداعي أنه مطلب غربي يهدفون من ورائه إلى حذف آيات من القرآن الكريم بحجة تجفيف منابع الإرهاب، بماذا تعلّقون؟ وكيف نوفق بين فكرة تجديد مناهج التعليم الديني، وفي الوقت نفسه نقي أنفسنا من تهمة مراعاة من يريدون التجديد على الطريقة الأميركية؟
إنَّ كلمة التجديد لا تعني أن نُدخل عناوين معرفية جديدة لا تنسجم مع ثوابت المفاهيم العقدية والفقهية، تماشياً مع حركة التطور الغربي الذي لا ينطلق من عمق القيم، بل من واقع المصالح والأطماع، فحرام محمد حرام إلى يوم القيامة، وحلاله حلال إلى يوم القيامة. هذا هو المبدأ، ولكن التجديد في المناهج التعليمية قد يعتبر مشروعاً في إطارين:
إضافة موضوعات مستحدثة فرضها الواقع الجديد، والتي تحتاج إلى طرح رأي الدين بها، وطريقة التعامل معها.
- تقديم الدروس الدينية إلى المتعلمين بأساليب فنية ناشطة وجذّابة، تأخذ بعين الاعتبار أفضل ما توصلت إليه الأبحاث والتقنيات الحديثة من أساليب ووسائل الكترونية تفاعلية متطورة.
أما حذف آيات وأحاديث وغيرهما انطلاقاً من دعوى مسايرتهما للإرهاب بالمعنى الغربي، فهذا مرفوض جملة وتفصيلاً.
والله ولي التوفيق
تطوير مناهج التعليم الديني ضرورة لا تعني التخلي عن ثوابت الشريعة
العنوان : تطوير مناهج التعليم الديني ضرورة لا تعني التخلي عن ثوابت الشريعة
حوار مع: الدكتور محمد رضا فضل الله
حاوره: رحيل دندش
التاريخ: ٥/١١/٢٠١٢
يمثل التعليم الديني إحدى الركائز الأساسية في تشكيل الوعي الفردي والمجتمعي لدى الإنسان لفهم العالم والتعامل معه، وبناء الشخصية الإسلامية وصوغ علاقتها مع نفسها ومع المحيط. ولأن هناك تمايزاً واضحاً بين التصوّر الديني المأمول تجسيده وحقيقة الواقع الذي تحكمه التشظيات ويسوده النزاع المذهبي والعقدي، بات العمل على إعادة النظر في التعليم الديني في كل مستوياته وتجديد مناهجه حاجةً مُلحةً، -لا بل من أولى الأولويات- بغية وضع حد لحالة التشرذم التي تعيشها مجتمعاتنا الإسلامية على أكثر من صعيد. وللوقوف على هذا الموضوع الهام، كان هذا الحوار مع مؤسس مناهج التربية الإسلامية في مدارس التعليم الديني الإسلامي في لبنان الدكتور محمد رضا فضل الله.
علام تركّز مناهج التعليم الديني عادةً، وهل تعكس رؤية فلسفية ما للدين؟
المنهج هو الخطة المعتمدة من قبل جهة متخصصة لتحقيق أهداف محددة.
ومناهج التعليم الديني الإسلامي تنطلق أيضاً من أهداف تربوية تعليمية واضحة ومحددة وقابلة للقياس، وهي في طبيعتها تركز على معالم صورة المتعلم المسلم الذي تنتظره في نهاية المرحلة الثانوية من التعليم الأكاديمي. ولعل من أبرز عناوين هذه الأهداف:
- تعميق عقيدة الإيمان بالله تعالى وكتبه ورسله واليوم الآخر.
- تأصيل العلاقة الوجدانية ما بين الإنسان والله تعالى، من خلال تنمية ملكة التقوى في الذات المسلمة.
- وعي أهمية العبادات على أنواعها، والتأكيد على حسن تأديتها من خلال ثقافة فقهية كافية، قادرة على أن تصوّب أقوال الفرد وأفعاله.
- اعتماد الأسوة الحسنة المجسّدة لتعاليم الله تعالى من خلال دراسة السيرة وتحليلها والاستفادة العملية من أحداثها.
- تنمية شعور المسلم بمسؤوليته تجاه قضايا المجتمع ومشكلاته، وتجاه ما يواجه المسلمين والمستضعفين في العالم.
- إبراز الوجه الحضاري للدين الإسلامي من خلال معالجته السامية لحقوق الإنسان ولكل أشكال الاستبداد والانحراف والاستعمار والاحتلال، ومن خلال عنايته بالجوانب الصحية والبيئية والرياضية والفنية..
- إدراك العلاقة الوثيقة بين الإيمان والعلم وأثرهما في تطور المجتمعات وتقدمها..
- العمل على أن يتحول المتعلم إلى داعية إنساني بالوسائل الحضارية التي تعتمد الحوار بالتي هي أحسن...
ثم إنَّ آلية تحقيق هذه الأهداف تتم من خلال معارف وخبرات ونشاطات ومهارات وقيم مختارة، تستمد شرعيتها من مصادر التشريع الإسلامي (القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة...)، وهي التي تعكس الرؤية الفلسفية الشاملة للدين الإسلامي بعقيدته وقيمه وأحكامه ومفاهيمه.
أين يقع التصور المذهبي الخاص من هذا التصور العام؟
في إطار اختيار المادة المعرفية المتصلة بالأهداف، أخذنا بعين الاعتبار ظروف الساحة الاجتماعية التي تتعدد فيها الأديان والطوائف والمذاهب والأحزاب.. مركّزين في البحث على الطرح العقائدي الموضوعي الذي ينأى عن مقاربة الحساسيات التاريخية، ولا يعقّد العلاقات المحلية، وبالتالي يساهم في تعزيز الوحدة الوطنية.
من أجل ذلك كان التركيز على القواسم المشتركة، التي تغطي مساحة واسعة من المعارف والتي تنطلق من نصوص القرآن الكريم وصحيح النبوية الشريفة، وبالأخص تلك التي تتصل بالعقيدة والأخلاق والسيرة والمفاهيم وكثير من الأحكام..
أما الأمور الخلافية فقد حرصنا على أن تُطرح بأسلوب علمي رصين يعالج الآراء المختلفة من خلال احترام الآخر والاعتراف بخصوصيته، لنترك الحكم لقناعات كل فريق، متجاوزين بذلك الإرث التاريخي الأليم انطلاقاً من التوجيه القرآني الذي تحدّده الآية الكريمة:
{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(البقرة:134).
ولكن عملياً نجد أن الكتاب الديني يتبنى في الغالب نظرة المذهب، وهو بذلك يمثل الحقيقة المطلقة التي تقلل من شأن ما عداها، كيف تتعامل الكتب الدينية مع المدارس العقدية والفقهية المختلفة؟
من الطبيعي أننا ونحن نقدّم المنهج التعليمي، نعتمد مذهب أهل البيت(ع) مركزين على نظرته العقدية والفقهية التي تنطلق من قواعد أصولية وفقهية قد تتفق وقد تتباين مع الآخرين.
والكتاب الديني هو خلاصة المنهج التعليمي الذي يترجم الأهداف المحدّدة إلى معارف وخبرات ونشاطات ومهارات.. والذي يعتمد التدرج في عرض المعلومات، والموضوعية في الطرح بعيداً عن الحماس والانفعال، متجاوزاً كل الموضوعات التي لا تنسجم مع المنطق، ولا تصمد أمام الدقة في البحث، ولا تتلاءم وطبيعة العصر، وبالتالي لا تساعد على الانفتاح على الآخر، ولا تنسجم مع نشر روح المحبة والألفة والتسامح..
على هذا الأساس كان عمل الكتاب الديني في إطارين:
- الإطار الإسلامي العام: (وجود الله تعالى، عظمته، عبادته، شكره، كتبه، رسله، ملائكته، غيبه، اليوم الآخر، مكارم الأخلاق، قصص الأنبياء، المفاهيم العامة: العلم، المرأة، المواطنية، الديمقراطية، حقوق الإنسان، الجنس...)، وكل هذه تُبحث انطلاقاً من المصادر الأساسية التي لا يختلف عليها مسلم عن آخر في القواعد العامة.
- في الإطار المذهبي الخاص: يتم عرض الخصوصيات ـ كما قلنا ـ بموضوعية وصراحة ووضوح وشفافية، مع احترام قناعات الآخر بعيداً عن التوهين.
وقد تمَّ الحرص على أن يشمل المنهج موضوعات تعرض أفكار الآخر كثقافة ضرورية، يفهم فيها الواحد الآخر في مجتمع متعدد، دون أن يفرض عليه التنازل عن قناعاته الخاصة.
هل لا زالت هذه المناهج الدينية تلبّي حاجة الأجيال في ظل توسع مصادر المعرفة وتنوعها؟.. وما هو المطلوب حيال ذلك؟
إننا في ظل عصر انفجار المعرفة، وما يرافقه من متغيرات وتطورات وتقنيات حديثة وتعدد مصادر المعلومات.. نعمد بين حين وآخر إلى إعادة النظر في المناهج التعليمية، وبالأخص الموضوعات المستجدّة التي تثير تساؤلات، وتتطلب أجوبة، والتي تمثّل حاجةً للمتعلم المسلم الذي يعيش الانفتاح الواسع على العالم الواسع، والذي عليه ألاّ يعيش الغربة عن عصره التكنولوجي باتصالاته المتطورة، وإعلامه الذكي الذي غزا البيوت في عمقها.
لذا يتم بين حين وآخر حذف بعض الموضوعات، وإضافة أخرى (العولمة، المواطنية، الديمقراطية، الشورى، الإرهاب والعنف، التواصل الإيجابي، الاعتراف بالآخر...)، مع التركيز على الثوابت العقيدية والروحية والفقهية التي يتمّ عرضها بأسلوب حضاري جذّاب، يتناغم مع الوسائل الإلكترونية المتطورة (اللوح التفاعلي..)، والذي يمكن أن يقدم دروساً إلى المتعلمين بأسلوب تعليمي مشوق ومثير لدافعيتهم ورغبتهم، ليعيشوا من خلالها الشعور الصادق لمواكبة الدين لكل تطور وتقدّم.
كيف يتم قياس الفائدة من التعليم الديني؟ وهل هناك دراسات حول هذا الموضوع؟ وهل أن المدرسين الدينيين يلبّون توجهات المؤسسة أم أن هناك ثغرات على هذا المستوى؟
مادة التربية الدينية هي واحدة من المواد التعليمية التي يشملها المنهج الرسمي، ولها أهدافها الخاصة ومناهجها وأساليبها ووسائلها وطرق تقييم نتائجها.. وهي لا تختلف في أطرها التعليمية والفنية عن غيرها (صياغة الأهداف، التحضير، طرح الأفكار الأساسية، استخدام الطرق الناشطة، اعتماد الوسائل التعليمية الحديثة...).
على ضوء تنفيذ المنهج ضمن خطط مدروسة ومرنة، يجري تقييم التجربة بأسلوبين:
- الإطار المدرسي من خلال الامتحانات والاختبارات الشهرية والفصلية التي تعكس مدى التحصيل التعليمي عند المتعلمين على صعيد المعرفة والسلوك.. وفي هذا تجري دراسات إحصائية عن حالات الرسوب والنجاح والتفوق، والتي على ضوئها تُحدّد نقاط الضعف والقوة، ليتم التعامل معها على أساس المعالجة أو التعزيز.
ويتم التقييم أيضاً من خلال متابعة الإشراف الديني الفني لأداء المعلم داخل الصفوف: معرفة وأسلوباً ووسيلة وتفاعلاً وتقييماً وعلاقة... ليتم توجهيه، ومعالجة الثغرات التي ترافق أداءه، في جو من الحب والثقة والاحترام، بحيث لا يشعر المعلم بالرقابة الحديدية التي تفتش عن هفواته لتنال منه، وتحدّد العقاب الملائم.
وعلى ضوء هذه المواكبة الفنية الحكيمة لأداء المعلمين، استطعنا إنتاج كادر تعليمي مثقف ومبدع ومحبوب، لا يقلّ أهمية وإبداعاً عن الكوادر في المواد التعليمية الأخرى، مع العلم بأن حالات الضعف لدى بعض المعلمين تُعالج بالطريقة المناسبة التي تحرص في أن يحافظ المستوى على توازنه.
وهنا لا بد من الإشارة إلى طريقة تقييمية أخرى تعتمدها دائرة الأبحاث في مؤسسة التعليم الديني وهو قياس الفائدة المرجوة في مرحلة دراسية معينة، من خلال استمارات علمية، تركز على النواتج العقيدية والأخلاقية والعبادية(...)، وتتصل بنماذج مختارة من المتعلمين، ثم يجري تفريغ هذه الاستمارات وتحليلها ودراستها.. لأخذ توصيات لمعالجة ما ظهر من ثغرات.
ما هي برأيكم أبرز العقبات التي تحول دون تطوير مناهج التعليم الديني؟
تطوير مناهج التعليم الديني حاجة وضرورة، وهو ما تسعى إليه كل المؤسسات التي تُشرف عليها، ومن الطبيعي أن تعترضه بعض العقبات والموانع، منها:
- إنَّ الدولة اللبنانية تسمح بالتعليم الديني في مدارسها، ساعة في الأسبوع في كل صف، إذا ما وفّرت المجالس المليّة لها المعلم المناسب، وهي في الوقت ذاته لا تساهم في تغطية نفقاته المالية، وعلى هذا تسعى المؤسسات المحلية إلى توفير ذلك، لتظل دائماً في حالة طوارئ.
- الوقت المحدّد لساعة واحدة في الأسبوع لا يسمح بطرح الحدّ الأدنى من الموضوعات الضرورية، في ظل تحديات الحضارة الحديثة ووسائلها.
- الإقبال المحدود من قِبل الذكور على التعليم الديني وبالأخص في المرحلة الثانوية.
- قلّة الخبرات الفنية في عالم التأليف الذي يتطلب ثقافة وذهنية منفتحة ومعاصرة، وفهماً سيكولوجياً لخصائص المتعلمين وحاجاتهم.
ما هي أبرز الموضوعات التي يجب أن تتضمنها وتركز عليها المناهج الجديدة، والتي تشكل المدماك لبناء الإنسان المؤمن؟ وهل هذه المناهج الحديثة تنمي الحسّ النقدي عند المتعلم؟
ن كتب التعليم الديني في موضوعاتها تركز على عدة محاور، بحيث تشكل في مجموعها الثقافة الإسلامية التي تختصر معالم شخصية المسلم، والتي ـ على سبيل المثال ـ تركز على العناوين التالية: معرفة الله وطاعته، القدوة والمسؤولية، الفقه والالتزام، الاستقامة ومكارم الأخلاق، ثقافة وحضارة..
وقد تمَّ الحرص على التذكير الدائم بالثوابت العقيدية والقيمية والفقهية والمفاهيمية على أن يتمَّ التنويع في بعض الموضوعات المعاصرة التي تمثّل حاجة لأن يفهمها المتعلم ويواجه تحدياتها في زمن اختلطت فيها المفاهيم، وتعددت فيها المذاهب.
وقد صُنّفت هذه الدروس ورُتّبت وأُخرجت بشكل فني متطور، يُؤكد على مشاركة المتعلم في استنباط المفاهيم الدينية، لتتحول إلى قناعات استطاع بجهده الخاص أن يتوصل إليها، وهذا من شأنه أن ينمّي لديه الفكر النّقدي بحيث لا يقبل ما لا ينسجم مع العقل والمنطق والحجة والبرهان.
ماذا عن تداخل الهويتين الدينية والوطنية، كيف تتعامل المناهج الدينية الجديدة معهما؟
انطلاقاً من إيحاءات الآية القرآنية:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}(المائدة:8).المواطنية في الإسلام تتناغم مع وجود مجتمع التعدد في الأديان والأجناس والأعراق والثقافات... وهذا يفرض أن تكون موضوعات المنهج التعليمي متنوعة بالشكل الذي تستطيع أن تصنع إنساناً يتعايش مع جميع أهل المِلل والنِحل، في إطار من الاحترام والمودة، وفي ظل نظام يحترم خصوصيات كل فريق.
وهنا تُطرح موضوعات حقوق الإنسان في الإسلام (إخاء، مساواة، حرية، عدالة...) التي تمثل القواسم المشتركة التي يتفق عليها جميع المواطنين.
وهذا يفرض سيادة خلق التعاون والتنافس على الخير والهدى وكلمة التقوى، كما يفرض رفض التعصب دون مبرر. ورد في الحديث:
"ليس من العصبيّة أن يحبّ الرجل قومه، ولكن من العصبيّة أن يساعدهم على الظّلم".
والآية الكريمة تقول: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}(المائدة:8).
وفي إطار تعزيز المواطنية يٌطرح في المنهج الديني موضوع فقه النظام الذي يركز على احترام القوانين الرسمية التي تحفظ سلامة البيئة والنظام العام.
تكلمتم عن المناهج التعليمية الدينية.. ولكن في الحديث عن الطرائق التعليميَّة، ما هي الطريقة التي ترونها المثلى في هذا المجال؟
تتعدد أساليب التعليم بتعدد الموضوعات، فقد تختلف طريقة تعليم العقائد عن السيرة أو الأخلاق أو الفقه.. ولكن ما هو متفق عليه هو اعتماد الطرق الناشطة التي تأخذ بعين الاعتبار محورية المتعلم، أي الطرق التي تشرك المتعلم في الحوار والمعالجة والاستنتاج، والتي تساهم في إغنائه بمهارة التعلم الذاتي، بحيث يشعر أن ما توصل إليه من مفاهيم، وما هو مكتوب في الكتاب من معارف.. هي من إنتاجه وفعاليته، لذا تصبح عزيزة عليه من جهة، وسهل حفظها من جهة أخرى، وبذلك ينمو لده الدافع النفسي لأن يتبنّاها ويتحمس لها.
هذا ومن الضروري أن يواكب الأسلوب الناشط استخدام الوسائل التعليمية التي تطرح الأفكار بصورة حسية وجذّابة، في أجواء بعيدة عن الملل والتعب.
هل تؤيدون فكرة ألا يحتسب لحصة التربية الإسلامية ضمن الشهادة؟
نظراً لكون موضوع الدين مادة أساسية في توازن الشخصية وتفاعلها مع محيطها، لذا كان السعي لأن تصبح علامة فاعلة في إطار النجاح والرسول، حتى يتعزز اهتمام الطالب والأهل بها، ليتم على ضوء ذلك تحقيق الأهداف المرجوة.
هناك من يناهض تجديد المناهج الدينية بداعي أنه مطلب غربي يهدفون من ورائه إلى حذف آيات من القرآن الكريم بحجة تجفيف منابع الإرهاب، بماذا تعلّقون؟ وكيف نوفق بين فكرة تجديد مناهج التعليم الديني، وفي الوقت نفسه نقي أنفسنا من تهمة مراعاة من يريدون التجديد على الطريقة الأميركية؟
إنَّ كلمة التجديد لا تعني أن نُدخل عناوين معرفية جديدة لا تنسجم مع ثوابت المفاهيم العقدية والفقهية، تماشياً مع حركة التطور الغربي الذي لا ينطلق من عمق القيم، بل من واقع المصالح والأطماع، فحرام محمد حرام إلى يوم القيامة، وحلاله حلال إلى يوم القيامة. هذا هو المبدأ، ولكن التجديد في المناهج التعليمية قد يعتبر مشروعاً في إطارين:
إضافة موضوعات مستحدثة فرضها الواقع الجديد، والتي تحتاج إلى طرح رأي الدين بها، وطريقة التعامل معها.
- تقديم الدروس الدينية إلى المتعلمين بأساليب فنية ناشطة وجذّابة، تأخذ بعين الاعتبار أفضل ما توصلت إليه الأبحاث والتقنيات الحديثة من أساليب ووسائل الكترونية تفاعلية متطورة.
أما حذف آيات وأحاديث وغيرهما انطلاقاً من دعوى مسايرتهما للإرهاب بالمعنى الغربي، فهذا مرفوض جملة وتفصيلاً.
والله ولي التوفيق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق