الأحد، 16 سبتمبر 2012

جريدة الرياض : المفتي العام يناشد دول العالم والمنظمات الدولية بالتحرك لتجريم الإساءة للأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام

جريدة الرياض : المفتي العام يناشد دول العالم والمنظمات الدولية بالتحرك لتجريم الإساءة للأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام

أكد أن استنكار المسلمين يجب أن يكون وفق ما شرعه الله.. فلا يجرهم الحنق والغضب إلى تجاوز المشروع إلى الممنوع

المفتي العام يناشد دول العالم والمنظمات الدولية بالتحرك لتجريم الإساءة للأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام


الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ
الرياض-واس
    أكد سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن أعظم النصرة للنبي صلى الله عليه وسلم هو الاقتداء بهديه والاستنان بسنته ونشر فضائله والتعريف بسيرته وإذاعة قيم الإسلام وتعاليمه. وقال إن المحاولة الإجرامية البائسة بنشر الفيلم المسيء للنبي صلى الله عليه وسلم لن تضر الجناب النبوي الكريم بشيء ولا الدين الإسلامي كذلك فقد رفع الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم ذكره وجعل الذل والصغار على من خالف أمره وفتح له الفتح المبين وعصمه من الناس أجمعين وكفاه المستهزئين وأعطاه الكوثر وجعل شانئه هو الأبتر. وشدد سماحته في بيان أصدره امس السبت على أن استنكار المسلمين لهذه المحاولة الإجرامية يجب أن يكون وفق ما شرعه الله عز وجل في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يجرهم الحنق والغضب إلى أن يتجاوزوا المشروع إلى الممنوع فيكونوا بذلك قد حققوا بعض أهداف هذا الفيلم المسيء من حيث لا يشعرون، ويحرم أن يأخذوا البريء بجريرة المجرم الآثم ويعتدوا على معصوم الدم والمال أو يتعرضوا للمنشآت العامة بالحرق والهدم. وناشد دول العالم والمنظمات الدولية بالتحرك لتجريم الإساءة للأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام.
وفيما يلي نص بيان سماحته :
من عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ إلى من يراه من عموم المسلمين سلمهم الله . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. . وبعد : فنحمد الله عز وجل إليكم الذي منَّ علينا بأن جعلنا من خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله ومنَّ علينا وتفضل بأن أنزل إلينا أفضل كتبه الذي هو القرآن والفرقان قال جل اسمه: ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا )، وقال تبارك وتعالى ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ). ومنَّ علينا وتفضل وهو أهل الفضل والمن سبحانه بأن أرسل إلينا أفضل رسله وخاتم أنبيائه محمد بن عبدالله النبي الهاشمي القرشي الذي أشرق عليه نور النبوة وأكرمه الله تعالى برسالته، وبعثه إلى خلقه،واختصه بكرامته، وجعله أمينه بينه وبين عباده يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة كما قال سبحانه ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) فحقق الله تعالى ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم التوحيد الذي محا الله به الشرك، والنور الذي بعث الله به الحياة كما قال سبحانه ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون ) وقال عزَّ من قائل عليماً ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم ) وكانت بعثته صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين كما قال تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) يتحقق بها الرحمة الكاملة التي تصلح معاشهم في الدنيا وبالهم يوم المعاد ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) وكما جاءت شريعة الإسلام والتي بعث بها محمد صلى الله عليه وسلم بالتعظيم لأمر الله فقد جاءت بالرحمة لعباد الله قال سبحانه ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ) قال أهل العلم هذان الأصلان هما جماع الدين العام: التعظيم لأمر الله والرحمة لعباد الله .
ولما اشتمل عليه هذا الدين العظيم دين الإسلام من ابتناء مقاصده على الفطرة السوية بالسماحة واليسر في التشريع والعدل والإنصاف في الحقوق والإحسان في البذل والعطاء فقد بلغ أمره وشأنه ما بلغ الليل والنهار ودخل الناس في دين الله أفواجاً. وقد قضى الله عز وجل وله الحكمة في ذلك بتدافع الحق والباطل ومن ذلك هؤلاء الشانئون للأنبياء والمرسلين الكارهون لما جاءوا به من الحق المبين لخبث طويتهم وفساد فطرتهم قال تعالى ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ ) وقال تعالى ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ) وهم بذلك ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) فكان من هؤلاء الشياطين شياطين الإنس والجن وعبر التاريخ حيل وأساليب وأقوال وأفعال مكراً وكيداً يحاولون محالاً في النيل من جناب عبدالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم وقد كفاه الله عز وجل مكرهم ورد كيدهم في نحورهم. هذا ومن آخر هذه المحاولات الضالة اليائسة ما أذيع في هذه الأيام عن نشر فيلم يحاول الإساءة لجناب النبي صلى الله عليه وسلم وقد تابعنا ردود الأفعال الإسلامية والدولية على تلك المحاولة القذرة التي لا يقرها عقل ولا دين ولذلك نرغب أن نوضح للجميع هذه النقاط المهمة : أولاً : إن هذه المحاولة الإجرامية البائسة بنشر هذا الفيلم المسيء لن تضر الجناب النبوي الكريم بشيء ولا الدين الإسلامي كذلك فقد رفع الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم ذكره وجعل الذل والصغار على من خالف أمره وفتح له الفتح المبين وعصمه من الناس أجمعين وكفاه المستهزئين وأعطاه الكوثر وجعل شانئه هو الأبتر قال سبحانه : ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) وقال تعالى ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * َويَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا ) وقال جل اسمه ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) وقال عز وجل ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ) وقال تعالى : ( إِنَّا كَفَيْنَكَ الْمُسْتَهْزءِينَ ) وقال سبحانه : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) وكلما ازداد المجرمون من هذه المحاولات البائسة ازداد نشر فضل النبي صلى الله عليه وسلم والتنويه بدين الإسلام مصداقاً لهذه الآيات الكريمة.
ثانياً : ولما كان المسلم مأموراً ومطالباً بأن يكون في كل ما يأتي ويذر على هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته امتثالاً لقوله تعالى: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) فإنه وفي نطاق ذلك يجب أن يكون استنكار المسلمين لهذه المحاولة الإجرامية وفق ما شرعه الله عز وجل في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يجرهم الحنق والغضب إلى أن يتجاوزوا المشروع إلى الممنوع فيكونوا بذلك قد حققوا بعض أهداف هذا الفيلم المسيء من حيث لا يشعرون، ويحرم أن يأخذوا البريء بجريرة المجرم الآثم ويعتدوا على معصوم الدم والمال أو يتعرضوا للمنشآت العامة بالحرق والهدم فإن هذه الأفعال هي أيضاً تشوه وتسيء إلى الدين الإسلامي ولا يرضاها الله عز وجل وليست من سنة النبي صلى الله عليه وسلم في شيء وقد عاب الله عز وجل على الذين يخربون بيوتهم بأيديهم وأمرنا بالاعتبار بحالهم. ولنذكر في هذا الصدد أن نبينا صلى الله عليه وسلم وهو الذي نفديه بأنفسنا وأهلينا وأموالنا كان لا يزيده استهزاء المستهزئين إلا إصراراً على أخلاقه الفاضلة وسجاياه الكريمة عملاً بقوله سبحانه: ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) وقد وصفه ربه بقوله : ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) وفي صحيح البخاري وغيره عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما: " أنه قيل له : أخبرنا ببعض صفة رسول الله في التوراة ، قال : إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً، وحرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ، لست بفظ ، ولا غليظ ، ولا صخاب بالأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يجزي السيئة بالحسنة، ويعفو ويغفر، ولن أقبضه حتى أقيم به الملة العوجاء، فأفتح به أعيناً عمياء، وآذاناً صما، وقلوباً غلفا بأن يقولوا :لا إله إلا الله. وهذا الاستنكار الواسع في العالم الإسلامي ما لم يكن مصدراً لأعمال إيجابية بناءة فإنه لن يعدو وقته وسينتهي أثره وكأن شيئاً لم يكن ولذلك فإن من أعظم النصرة للنبي صلى الله عليه وسلم هو الاقتداء بهديه والاستنان بسنته ونشر فضائله والتعريف بسيرته وإذاعة قيم الإسلام وتعاليمه .
ثالثاً : يجب أن يكون عند المسلمين الوعي التام بأن هذه المحاولة الآثمة المجرمة ليس القصد منها الإساءة إلى جناب محمد عليه الصلاة والسلام فإنهم لن يضروه شيئاً، ولكن الذي نعلمه علماً ليس بالظن استقراء تاريخياً وإلى هذه اللحظة أن هؤلاء الأعداء الذين يثيرون هذه الإثارات وغيرها مما ينسج على منوالها الهدف منها والمبتغى صرف المسلمين عما هم بصدده من بناء دولهم وتعزيز وحدتهم والتماسهم أسباب الحضارة والتقدم ولذلك فإن أبلغ رد على هذه الاساءات أن يمضي المسلمون قدماً وبإصرار وعزيمة في بناء وتنمية أوطانهم حتى يكونوا على مستوى المسؤولية والأمانة لخير أمة أخرجت للناس. رابعاً : وإننا بهذه المناسبة لنناشد ونطالب دول العالم والمنظمات الدولية بالتحرك لتجريم الإساءة للأنبياء والرسل كإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام الذين لهم في ضمير الإنسانية الاحترام والإجلال والإكرام وقد كان لبلاد الحرمين المملكة العربية السعودية مطالبات عدة بهذا الخصوص. نسأل الله تعالى أن يعم بالخير والعدل أرجاء المعمورة وأن يوفق المسلمين لما يجمع شملهم ويصلح حالهم إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
المفتي العام للمملكة العربية السعودية
ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء

الاثنين، 3 سبتمبر 2012

وجهات نظر | الإسلام السياسي والفقهاء | Al Ittihad Newspaper - جريدة الاتحاد


وجهات نظر | الإسلام السياسي والفقهاء | Al Ittihad Newspaper - جريدة الاتحاد

الإسلام السياسي والفقهاء
تاريخ النشر: الإثنين 03 سبتمبر 2012
مثل ظهور محمد ناصر الدين الألباني في منتصف القرن العشرين منعطفاً كبيراً في علاقة الفقهاء والمذهبية بأهل الحديث الجدد. انقضت قرون سبعة من قبل ذبل فيها علم الحديث، واقتصر المنشغلون به على الحفظ والتكرار، والشروح تلو الشروح والتعليقات والحواشي. وكانت الومضة الاستثنائية هي ظهور خاتمة الحفاظ ابن حجر العسقلاني الشافعي. الألباني أسهم في تشكيل السلفية المعاصرة.
جاء الألباني على أثر ما قام به بعض من علماء الحديث الهنود الذين حرضهم زوال مُلك المسلمين في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، على الاعتناء بعلوم الشريعة وفي مقدمتها علوم الحديث. صحيح أن الوهابية واجهت صدامات مع بعض علماء المذاهب وخاضت جدلاً كبيراً معهم، إلا أن ما قام به الألباني كان أشبه ببعث جديد.

تأثر الألباني في بداياته بمحمد رشيد رضا الذي كان أحد أهم الشخصيات تأثيراً في الإسلام السياسي السني. كان رضا ملهماً لأكثر من تيار، ألهم تلميذه بالمراسلة، الذي سيكون مجدداً للسنة، ومن جهة أخرى ألهم حسن البنا وآخرين. في الستينيات وقعت صدامات ومواجهات بين الألباني وطلابه وبين بعض هيئة التدريس في الجامعة الإسلامية.
موقف الألباني من التبعية للمذاهب، والتعصب لأقوال الفقهاء، جر معه نفرته من أي ميول تمرد أو احتجاج ضد السلطة القائمة، وهو في ذلك لم يكن على خلاف مع فقهاء الإسلام من أبناء عصره، والثاني هو عداؤه للإسلام السياسي ونفرته الفطرية من التنظيمات والأحزاب. كان موقف الألباني سلفياً خالصاً، ولكنه استبطن ما هو أبعد من ذلك، وهو أنه أورث أتباعه والمؤمنين بأفكاره صفة الاستقلال والاجتهاد الشخصي، وهذا كانت له تجلياته حتى في أعراب الجزيرة العربية من أبناء البادية، الذين تأثروا بتعاليمه فترة تدريسه في المدينة المنورة في الستينيات، ثم عكوفهم على كتبه، واجتماعهم به في زياراته لأداء العمرة والحج.
تولدت عن أفكار الألباني، نتائج لم تكن منه في الحسبان، فعداؤه للحزبية، ونزوعه نحو التصالح مع السلطة القائمة، ورفضه لأي خروج مسلح، لم يحصِّن أتباعه من الانزلاق والتورط بحمل السلاح، واحتلال المسجد الحرام عام 1979م / 1400هـ. أي أن الألباني الذي خاض مناظرات كثيرة وأثار عداء "الإخوان المسلمين" باتهامه لهم بالطمع في الحكم، واتباع سبل الغدر والخيانة، أصبح هو نفسه متهماً عشية احتلال بعض طلابه للمسجد الحرام بأنه يدعو إلى الخروج على ولي الأمر المسلم ويحمل فكراً تكفيرياً. الوقائع والشهادات تؤكد أن بعض المصريين الذين كانوا من أتباع التنظيم، وعرفتهم السجون المصرية في الستينيات والسبعينيات، هم من كان لهم التأثير الأكبر على طلابه.
الشاهد هنا أن المؤسسات الدينية الرسمية كانت على خلاف مع الاثنين، مع الألباني وتطرفه ضد المذهبية ونزوعه نحو الاجتهاد، وجرأته على الفقهاء، وكانت هذه المؤسسات في الوقت نفسه تناصب "الإخوان المسلمين" العداء وتنأى بنفسها عنهم.
قصة "الإخوان المسلمين" مع المؤسسات الدينية طوال ستين عاماً، كانت لها فصول عديدة، من التوجس إلى النفرة ثم العداء والاتهام والتخوين للفقهاء الرسميين ووصمهم بأنهم وعاظ السلاطين، ونشهد اليوم أحد فصول هذه العلاقة بمحاولات متكررة للاستيلاء على المؤسسات والاستحواذ وبسط السيطرة عليها، فـ"الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" الذي نشط في "الربيع العربي"، لم يكن كافياً لبلوغ الأهداف المرجوة، ولا يمكنه أن يعوض ثقل الزيتونة أو الأزهر.
منصور النقيدان
ilovereform@yahoo.com

Al Hayat-رهبان بوذيون يتظاهرون في ميانمار دعماً لاقتراح رئاسي بترحيل المسلمين



Al Hayat-رهبان بوذيون يتظاهرون في ميانمار دعماً لاقتراح رئاسي بترحيل المسلمين


رهبان بوذيون يتظاهرون في ميانمار دعماً لاقتراح رئاسي بترحيل المسلمين


يانغون – أ ب، أ ف ب


الأحد ٢ سبتمبر ٢٠١٢


نظّم مئات من الرهبان البوذيين مسيرة في يانغون، دعماً لاقتراح رئيس ميانمار ثين سين ترحيل أقلية مسلمي الروهينجيا الى دولة أخرى.

وحمل الرهبان يافطة كُتب عليها: «أنقذوا وطننا الأم ميانمار، من خلال مساندة الرئيس» ثين سين الذي كان اقترح في تموز (يوليو) الماضي ترحيل المسلمين الى أي دولة مستعدة لاستقبالهم.

وتعتبر ميانمار مسلمي الروهينجيا الذين تُقدّر الأمم المتحدة عددهم بنحو 800 ألف، مهاجرين غير شرعيين، أتوا من بنغلادش، ولكن دكا ترفض استقبالهم، ما يجعلهم بلا وطن.

تأتي مسيرة الرهبان بعدما أدى عنف بين بوذيين ومسلمين في ولاية راخين في حزيران (يونيو) الماضي، الى مقتل حوالى 80 شخصاً وتشريد عشرات الآلاف.

ويتفق المسلمون والبوذيون في ولاية راخين غرب ميانمار (بورما) على شيء واحد، هو رفضهم العيش معاً مجدداً بعدما فروا من قراهم طلباً للحماية واحتشد المسلمون في مخيمات للاجئين واحتمى البوذيون في الاديرة.

وبعد شهرين على موجة اعمال العنف التي اوقعت عشرات القتلى بين اتنية الراخين البوذية واقلية الروهينجيا المسلمة، لم يبق من بعض القرى سوى الانقاض واكوام الرماد بعدما قام الجيران فيها باحراق منازل بعضهم البعض.

وأوضحت توسيما هار تو فا انها غادرت قريتها بعدما شاهدتها تحترق وهي الآن تعيش قرب سيتوي عاصمة ولاية راخين التي اعلنت فيها حال الطوارئ منذ نحو شهرين. وتقول: «لم تكن لدينا اي مشكلة مع البوذيين من قبل. لم نتشاجر مرة. كنا نعيش معاً ونتكلم معاً ونذهب الى السوق معاً». وتضيف: «جئنا الى هنا اولاً لحماية الاطفال والا لكانوا ربما قتلوا هناك».

وهناك حوالى سبعين الف نازح في محيط سيتوي، هم خمسون الفاً من الروهينجيا وعشرون الف بوذي، كما افادت الشرطة في هذه المنطقة المحاذية لبنغلادش والتي تفرض قيوداً شديدة على دخولها.

ويعيش الروهينجيا الذين تعتبرهم الامم المتحدة من الاقليات الاكثر اضطهاداً في العالم، في مخيمات ولا يأملون كثيراً في ان تتحسن اوضاعهم اذ لا تعترف بهم السلطات البورمية كاقلية شرعية وترفض بنغلادش استقبالهم.

ويوضح سوي مينت الذي يدير مخيم كونغ دوكار للاجئين، احد المخيمات الستة في سيتوي: «ليس هناك منازل ولا ملاجئ في قراهم، كلها احرقت، لذا جاؤوا الى هنا».

واندلعت موجة العنف الاخيرة بعد اغتصاب امراة من الراخين ما اثار سلسلة عمليات انتقامية. وناهزت حصيلة اعمال العنف في حزيران (يونيو) الماضي، التسعون قتيلاً لكن منظمات غير حكومية اعتبرتها اقل من العدد الفعلي للقتلى.

وعلى رغم تأكيد السلطات انها استعادت السيطرة على الوضع، فان احداثاً جديدة دامية وقعت في مطلع اب (اغسطس) الماضي. وبقي الروهينجيا داخل المخيمات حيث يعولون على المواد الغذائية التي يوزعها برنامج الاغذية العالمي التابع للامم المتحدة.

ويقول ابو شكور احد النازحين: «ليس لدينا كثير من الطعام لاننا لا نستطيع الذهاب الى سيتوي لشراء ما نحتاج اليه».

وفي مواجهة انتقادات منظمات مدافعة عن حقوق الانسان وبعض الدول العربية، تدافع الحكومة عن قوات الامن، غير ان منظمة «هيومن رايتس ووتش» تتهمها باطلاق النار على الروهينجيا وارتكاب عمليات اغتصاب ومشاهدة اعمال عنف احياناً من دون التدخل.

وفي سيتوي يشعر البوذيون بنقمة كبيرة حيال الروهينجيا ويبدون استياءهم لنقل المساعدات الى من يصفونهم بالمهاجرين غير الشرعيين ويطلقون عليهم تسمية «بنغاليين» او «كالار» وهو اسم تحقيري يشيرون به الى جميع المسلمين بدون تمييز.

ويقول الرئيس ثين سين مندداً في تقرير عرضه على البرلمان في 17 آب ان «الاحزاب السياسية وبعض الرهبان وبعض الافراد يؤججون الحقد الاتني».

ويضيف: «يسعى الراخين باستمرار الى ترهيب المسلمين البنغاليين الذين يعيشون في هذا البلد» مشيراً الى ان المجموعتين تعانيان من الوضع.

وكان ثين سين اعلن اخيراً تشكيل لجنة جديدة مكلفة طرح حلول تضمن «التعايش السلمي».

غير ان المهمة التي تنتظرها صعبة للغاية وقال ساو ساو احد النازحين الراخين: «كنا نعرف الذين احرقوا منازلنا. لكن ان جاء روهينجيا لا نعرفهم من الخارج، فسيكون الامر اسوأ».

الأحد، 2 سبتمبر 2012

السيد حسين الصدر ::::: قصّة الصّراع بين السّلفيين والصّوفيّة في داغستان

السيد حسين الصدر ::::: قصّة الصّراع بين السّلفيين والصّوفيّة في داغستان

قصّة الصّراع بين السّلفيين والصّوفيّة في داغستان
تاريخ النشر       01/09/2012 06:00 AM

مع منتصف التسعينات، أصبح الصّدام بين السلفيين وأصحاب الطرق الصوفيّة جزءاً لا يتجزّأ من الحياة الدينيّة في جمهوريّة داغستان. الصّدام بين الطرفين أخذ مظاهر عدّة، ابتداءً بالحرب الهجوميّة الكلاميّة والاتّهامات المتبادلة من الخروج عن الدين وانتهاء بالصّدام المباشر في العديد من المدن والقرى، بما فيها العاصمة "محجّ قلعة".
أساسيّات هذا الصّدام كانت عدم وجود أيّة بوادر على الاعتراف بالآخر، ومحاولة احتكار الحقيقة، واعتبار الآخر خارجاً من الملّة والدّين. وبالرّغم من هذا العداء المستشري بين الطرفين، إلا أنّ ذلك لم يمنعهما من التوحّد ضدّ الإدارة الروحيّة المركزيّة في عام 1989، وطالبا بليبراليّة الحياة الدينيّة في المجتمع، والابتعاد عن احتكار الإدارة الروحيّة للمسلمين في داغستان للعمل الدعويّ. ولكن بمجرّد تنحية المفتي غيكييف عاد الطرفان إلى الخلاف حول تقسيم مراكز النفوذ في الشؤون الدينيّة داخل المجتمع.
الصراع مفتوح
الباحث في شؤون القوقاز رسلان قوربانوف أشار "إلى أنّ الصّراع المفتوح بين الطرفين كان في عام 1994م، يوم ترسّخت غالبيّة المراكز القياديّة الدينيّة في يد مريدي الشّيخ سعيد أفندي، والذين حاولوا اللعب بورقة الوهابيّة لإبعاد السلفيين عن طريقهم وتقوية مكتسباتهم السياسية والضغط على الحكومة وجميع فروع السلطة في الجمهورية".
في تلك الفترة، اتّهم السّلفيّون بفرض أفكارهم على المجتمع، وبمحاولة القضاء على الإسلام "التقليديّ"، وعلى كلّ ما يتعلق بالأخلاق والتقاليد الموروثة. بل وصل الحال إلى نشر أخبار عن وجود أسلحة لدى السلفيين، وأنّهم يحاولون بذلك زعزعة الاستقرار وفرض أفكارهم بالقوة. كما اتّهم السلفيون بحصولهم على أموال من دول خليجيّة لفرض ما أسموه بـ "إسلام الدولار" الذي لا يسعى إلى القطيعة بين المجتمع وتراثه وتقاليده فقط، بل يسعى إلى زعزعة "الأمن القوميّ" في الجمهوريّة.
تواصل الصّراع وأخذ مظاهر عدّة، إلى أن وصل إلى الصدام المباشر، ففي أغسطس عام 1995 وعلى إثر صدامات، استعملت فيها الأسلحة الخفيفة، بين الصوفيين من مدينة كيزيليورت وأتباع أحد الأئمّة السلفيين، قتل شخص وجرح آخر، وفي شهر نوفمبر من نفس السنة، تمّ الاستيلاء على مسجد بناه السلفيّون بأموال خليجيّة في العاصمة محج قلعة.
يقول الباحث قوربانوف "إنّ محاولات جمع الطرفين على طاولة الحوار زادت من حدّة المشكلة، حيث اعتبر الصوفيون أنّ هذا الحوار مكّن السلفيين من طرح أفكارهم على الملأ، وهو ما لم يرضِ الصوفيين؛ وزاد من حدّة المشكلة بين الطرفين محاولة زجّ السّلطات الأمنية والسياسيّة، بل حتّى جماعات “المافيا” في هذا الصراع، ما جعل الجماعات السلفيّة تؤكّد لأتباعها أنّ الصوفية تعادي بالفعل الإسلام "الصحيح"، مع أنّ بعض قادة السّلفيين رفضوا تكفير الصوفيين بجميع أصنافهم. هكذا تفرّق المجتمع وأصبحت المساجد تُقام فيها جماعتان، وتفرّق صفّ المسلمين إلى صوفيين ووهابيين، وتوسّعت الهوة بين الطرفين إلى حدّ بعيد. تبادل الطرفان التكفير في ما بعد، وأصبح الصّراع مفتوحاً على كلّ الجبهات وعلى كلّ الصّعد.
التطرف داخل السلفية!
قبل عام 1997 اكتفت الجماعات السلفيّة بتوجيه انتقادات كلاميّة للسلطة القائمة، وبعدم الدخول معها في صدام مباشر. الشيخ بهاء الدين، شيخ السلفيين في جمهوريّة داغستان، صرّح في العديد من المرّات أنّ الهدف الأساسيّ من عملهم هو إنشاء دولة إسلاميّة في الجمهوريّة، ولكن ذلك ليس ممكناً الآن، لعدم وجود كوادر، لا في المجتمع الداغستانيّ ولا بين الجماعات الإسلاميّة.
كما وجّهوا انتقاداً صريحاً للحركة السريعة التي شهدتها جمهوريّة الشيشان في أسلمة المجتمع، وفرض العديد من القوانين التي لا يقبلها المجتمع المحليّ. فأكّد شيوخ السلفيّة في داغستان أنّ "هذا التسارع لن يولّد إلا نظاماً دكتاتوريّاً، ودولة ديكتاتوريّة"، واعتبروا أنّ الفترة الحاليّة إنّما هي فترة دعوة وليست فترة حكم. وقد حاول السلفيّون أن يقننوا أنشطتهم من خلال تسجيل مدرسة "الحكمة" في كيزليورت عام 1991، وفي عام 1996 المركز السلفيّ الإسلاميّ في "القوقاز" بفروعه في العاصمة محج قلعة ومدينة كيزليورت.
أمّا عن الأسباب التي أدّت إلى التصادم مع السلطات المحليّة فيقسّمها المتخصّصون إلى أسباب عدّة، يمكن تلخيصها في ما يلي:
· الاتجاه الأيديولوجيّ الذي نقل الأوضاع إلى المعركة المسلحة بتأثير السلفيّة الجهاديّة المؤمنة بالتغيير بقوّة السّلاح، وليس من خلال الإقناع. فالسّلفيون الجهاديّون يمثلون توجهاً داخل السّاحة الإسلاميّة، عرف أصحابه بالصّدام المسلّح والمباشر مع السلطات الحاكمة. ثم إنّ هذا السبب الأيديولوجيّ كان يجد له من داخل الجماعات من يؤصّله على اعتبار أنّه طريقة النبي محمد (ص) في حربه مع الكفّار، بعد 13 سنة من الدعوة...
· التأثير الذي جاء من المجموعات المتطرّفة المتواجدة في ذلك الحين في الشيشان، والتي كانت تدعو "إخوانها" الداغستانيين إلى السير على منوالهم ورفع السّلاح في وجه السلطة، وبناء "الدولة الاسلاميّة" المنشودة. كلّ هذه الأسباب ربّما تعطي توجّهاً عامّاً لحركة التطرّف التي شهدتها الجماعات السلفيّة الداغستانيّة.
طريق اللاعودة
وفي هذا المقام لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الصّراع أخذ أبعاد اللارجعة بعد الأحداث التي حصلت في 12 مايو 1997 في قرية "كرماخي"، حيث تحوّل من مجرّد مشادات كلاميّة إلى تراشق بالأسلحة، قتل فيه شخص وجرح آخرون. الإشاعات التي انتشرت بعد تلك الحادثة بأن "الجماعات" تملك أسلحة كثيرة ومسلّحين مدرّبين، جعلت السلطة تتحرّك بقوّاتها الأمنيّة نحو تلك القرية، وتقف ضمنياً في صفّ أتباع الطرق الصوفيّة، وأصبحت هذه القوات النظاميّة جزءاً من المشكلة ما أدّى إلى تفاقمها، بالرغم من تدخّل العديد من الشخصيّات الهامّة لوأد الفتنة في مهدها.
التحركات الأشد من قبل السلطة ضد "الجماعات" كانت بعد دخول المجموعات المسلّحة الشيشانيّة بقيادة باساييف، وتلك التابعة لقائد المجموعات العربيّة في الشيشان "خطّاب" في 23 ديسمبر 1997، والحديث غير المؤكّد عن مشاركة السلفيين من قرية "كرماخي" في العمليات المسلحة ضد القوات النظامية. كل ذلك رفع من حدة التوتر ودفع السلطات إلى اتخاذ قرارات متسارعة، فبدأت بغلق مركز "القوقاز" واعتقال مديره محمد شافي بتهمة تخزين أسلحة، وعدد آخر من أفراد "الجماعة" وتعرّضهم للمسائلة .
· تحرّك عدد من السلفيين وعلى رأسهم الشيخ بهاء الدين إلى الشيشان، حيث أُعلِنَت الحرب على السلطة في الداغستان في 25 يناير 1998 في بيان صدر حينها عن الجماعات السلفيّة المجتمعة في مدينة "غودرميس" الشيشانية.
التطرف القادم من الخارج
يكثر الحديث في أروقة السلطة حول دور المؤسّسات الإسلامية الخارجيّة والجماعات في رفع وتيرة التطرّف بين الجماعات الداغستانيّة. كما يذكر دور القائد الميدانيّ العربي "خطّاب" ومن معه في زيادة تطرّف الجماعات الإسلاميّة الداغستانيّة... كذلك دور الشباب العربي الذي شارك في الحرب الشيشانيّة الثانية، لا ينكره أيّ مراقب للشأن القوقازيّ، فقد أكّد الباحث رسلان قوربانوف أنّ هذه المجموعات كان لها الأثر في تصعيد العلاقة بين السّلطة والجماعات السلفيّة، من خلال الفتاوى التي كانت تصدر من قبل عدد من العرب المتصدّرين للفتوى بين المقاتلين الشيشان...

العامل الشيشانيّ
لكنّ المراقبين يتّفقون تقريباً على أنّ الدور الرئيسيّ في عملية تطرّف الجماعات السلفيّة في داغستان، كان العامل الشيشانيّ، بعد أن التحق في 1995-1996 العديد من المتطوّعين السلفيين الداغستانيين للمشاركة في الحرب الشيشانيّة ضد القوات الروسية. وأثّرت "هزيمة" الجيش الروسي في الشيشان في الحرب الأولى تأثيراً كبيراً على معنويات المقاتلين، وغرس ذلك في نفوسهم الأمل في "التخلص" من الهيمنة الروسيّة على الجمهوريّات المسلمة في شمال القوقاز، بداية من الشيشان، ثمّ تتبعها داغستان على رأس القائمة.
هذا الشعور هو الذي دفع المسلحين الشيشان إلى الدخول إلى الأراضي الداغستانيّة بحجّة مساعدة ونجدة إخوانهم في العقيدة، وهو كما يرى المراقبون أدخل المنطقة في حرب طويلة المدى، كانت مختلفة بكلّ معطياتها عن الحرب الشيشانيّة الأولى.
وقد أدّى الشعور بنشوة النصر في الحرب الشيشانيّة الأولى، والاعتقاد بأنّ شعوب القوقاز موحّدة في فكرة المطالبة بالحكم الإسلاميّ على أراضيها، دفع مولادي أودوغوف وشامل باساييف في 24 أغسطس/آب 1997 إلى الدعوة إلى مؤتمر حركة "الأمّة الإسلاميّة" السياسيّة في مدينة غروزني؛ الهدف الأساسيّ لهذه الحركة كان توحيد الشعوب القوقازية وتوحيد الشيشان مع داغستان في الدولة التاريخيّة الواحدة، لتنطلق منها الدعوة لتوحيد بقية الشعوب والجمهوريّات الأخرى.
السلفيون الداغستانيون شاركوا بنشاط كبير في الترويج لهذه الفكرة والعمل على توحيد الشّعبين، واعتمدوا في ذلك على المساندة القوية التي يمكن أن يحصلوا عليها في حال حصل صدام مسلح مع السلطة في داغستان.
ويبدو أنّ نشوة القوّة جعلت المقاتلين يُخطئون في تحليل الواقع، فالظروف التي تعيشها روسيا قد تغيّرت، ووجود رئيس الوزراء فلاديمير بوتين على هرم السلطة التنفيذية آنذاك قد غيّر من موازين القوى. الأخطاء في دراسة الواقع، جعلت المقاتلين يُخطئون في حساباتهم وتقييمهم لقوّة السّلطة القائمة، ولذلك أدخلوا المنطقة في أنهر من الدماء لم تُحقق لهم مآربهم التي اعتقدوا أنّها سهلة المنال.

إسلام أونلاين

شارك

Share |