الجمعة، 21 ديسمبر 2012

المصريون :: الحرية الدينية ( 3-3 )..الحرية الدينية حجج تحت سيف الحقيقة

الحرية الدينية حجج تحت سيف الحقيقة

الحرية الدينية حجج تحت سيف الحقيقة
 
20
ديسمبر
2012
05:58 PM

نعرض هنا لطائفة من حجج ودعاوى أصحاب الهوى فى محاولاتهم لتلبيس الحق بالباطل فى شأن حرية الاعتقاد وابتغائهم تعطيل حد الردة.. فقد ساقت الأهواء المضلة بعض المعاصرين إلى اعتناق الفهم الغربى الفوضوى للحرية عامة والحرية الدينية خاصة، فانبروا يحاولون المروق من شرع الله سبحانه، خاصة فى مجال الحدود والعقوبات، فتماروا وتباروا فى توجيه سهام حقد مسمومة إلى هذا الباب من أبواب الشريعة، فهم ما بين مستنكر لقطع يد السارق، بدعوى حقوق الإنسان، وما بين مروّج للكفر والإلحاد بدعوى حرية الرأى والفكر والاعتقاد، ويتذرع بعضهم ويتشدق بأن الإسلام قد قرر حرية الرأى والتعبير والتفكير لكل أحد وبكل وسيلة وطريقة للتعبير، وراحوا يهوّنون من شأن الشرع الحنيف.
وقد أمعن بعضهم فى الجدل العقيم واخترع موقفًا يراه هو وسطًا أو يحاول به أن يكون وسطًا؛ فذهب إلى الزعم بأن قتل المرتد حدًّا لا يكون لمجرد الردة عن الإسلام، فهذه يكفلها الإسلام نفسه وفقًا لهذا الفهم الأعوج للحرية الدينية، وإنما يقتل المرتد فى حالة ما لو صار حرباً على المسلمين ووقف فى صف أعدائهم. وفى لدد جدالهم لتسويغ هذا الزعم الأبتر فقد لاكت ألسنتهم حججًا أوهى من خيوط العنكبوت؛ فقالوا إن قتل المرتد ليس عقوبة فى الإسلام على الكفر فى ذاته ولا على المخالفة فى الدين بذاتها، وكذلك ليس على الخروج من الإسلام فى ذاته، سواء كان إلى دين آخر أو إلى غير دين، بدليل ((هكذا يتقولون)) أن غير المسلم من اليهود أو النصارى قد كفل له الإسلام حرية اعتقاده بل وحماها وفقًا لشروط وضوابط، من غير إكراه على الإسلام أو تضييق عليه فى ممارسة شعائر دينه، وعندئذ يتعين النظر إلى هذا القتل كعقوبة على ما يسمى فى المصطلح القانونى الحديث جريمة الخيانة العظمى، وهى فى الشأن الدينى تسمى بالمكيدة الدينية، حيث ادعى المرتد الدخول فى الإسلام زورًا وإفكًا، ثم خرج منه بقصد الإساءة إليه والطعن فيه، ثم انضم إلى صفوف أعداء الدين الذين يحاربونه بكل الوسائل، ومنها الدعاية المغرضة، فكأن هذا المرتد فى هذه الحرب الدعائية يقول بلسان الحال: لقد خلعت ربقة هذا الدين لأنى لم أجد فيه ما يقنعنى به دينًا ومنهج حياة. وعلى ذلك، فإن هذا المرتد يجب قتله لأن أحدًا لم يكرهه ابتداءً على الدخول فى الإسلام، ولأنه صار بعد خروجه من الإسلام حربًا وعونًا لأعدائه عليه.
وعلى وجاهة و(دبلوماسية) هذا الرأي؛ إلا أننا نراه قاصرًا فى فقه الشريعة وابتسار النصوص قطعية الدلالة والثبوت، إذ إنه يقيد تطبيق حد ثابت بشرط لم يقل به الشرع ولم تتطرق إليه نصوصه، وهو شرط الحرب على الإسلام. وحتى هذا الشرط فإن الواقع يهدره، لأن فعل الردة فى ذاته هو حرب على الإسلام ولو بمعنى الحرب الدعائية، وهى لا تقل خطرًا عن أساليب الحرب الأخرى. ثم إن المرتد لا يخرج عن أحد حالين: فإما أن يكون قد دخل فى الإسلام متخذًا إياه ستارًا لعمل الدسائس والكيد للإسلام من ورائه، وإما أن يخرج عن الدين كفرًا منه وضلالاً، وحينئذ فهو لن يقف من الدين موقفًا ساكنًا محايدًا، بل سيجتهد – ولو لتنقية صورته هو نفسه – فى أن يكيل الطعن للدين وأن يثير الفتنة وبلبلة الخواطر والعقول والقلوب بين الناس، حتى ليقال: إنه لو لم يجد فى هذا الدين ما يدعوه إلى تركه لما تركه ولتمسك به، أو لو أنه وجد فى هذا الدين خيرًا لما أفلته. فالحق إذن هو أن المرتد وبمجرد ردته يكون حربًا على الدين وواقفًا فى صفوف أعدائه، فالحقيقة أنه لا بقاء للإنسان بدون دين، حتى الملحد؛ فإنه قد اتخذ من الإلحاد دينًا.
وخلاصة ما نرى فى هذا المبحث الشائك، ونرى موافقته لصحيح فقه شريعة الإسلام يمكن إيجازه فيما يلي:
1- إن الموقف الصحيح من الحرية الدينية فى الفهم الإسلامى لها يجب أن يتقيد بما قيدته به الشريعة الإسلامية نفسها، فكون الشريعة أطلقت حرية الاعتقاد، فهذا هو الوجه الأول من الحقيقة، أما وجهها الثانى فإن ذلك يخص ويعنى من لم يدخل فى الإسلام وكان كافرًا به من حيث الأصل، وسواء فى ذلك ظل على كفره أم خرج منه إلى كفر آخر ودخل فى دين غير الإسلام أو العكس. أما المسلم أصلاً أو من دخل فى الإسلام مختارًا طائعًا عالمًا بحقيقته وبما يترتب عليه من أحكام ومنها حكم المرتد الذى بينته الأدلة، فليس هو المَعْنِى بهذه الحرية وليس له ظل من حماها أو حمايتها؛ لأنه دخل فى الإسلام مختارًا عن علم وقناعة ويقين أنه لا يجوز له الخروج منه، وأنه يترتب على خروجه منه قتله حدًّا إن لم يرجع إليه بعد استتابته.
2- القاعدة المقررة فى الإسلام أنه لا ضرر ولا ضرار، لذا أوجب الشارع الحكيم النار جزاءً وفاقًا لقاتل نفسه، لأن نفسه ليست ملكه يتصرف فيها كما يشاء فيوردها موارد التهلكة. وبالمثل فإن خروج المسلم من ربقة الإسلام هو أفدح ما يمكن للإنسان أن يضر به نفسه ((من منظور إسلامي)) لأن ذلك محبط لعمله وموجب لخلوده فى النار، لهذا – ولغيره – فقد اعتبر الإسلام المرتد ميتًا أو كالميت، فأوجب قتله حدًّا لردته.
3- لقد قرر الإسلام مبدأ عدم الإكراه فى الدين، بل إنه أجاز – فى كثير من أقوال الفقهاء – لمن ثبت أنه دخل الإسلام مكرهًا الخروج منه، واتبع الإسلام مبدأ الحوار العقلى والدعوة المبنية على اقتناع العقل وانشراح الصدر، وعمد القرآن الكريم إلى اتباع أضبط قواعد المنطق العقلى فى أساليبه وبراهينه فى مواجهة أقوال المخالفين له. وبعد كل هذه الوسائل التى كفلها الإسلام والتى تمثل مصفاة للعقل والقلب حتى إذا ما وقر الإسلام فى نفس الشخص وقر بلا شائبة، فإن المرتد عن الإسلام لا مبرر له ولا حجة لأن يعاود الخروج منه.

اليوم السابع | "جابر عصفور" يصدر "دفاعًا عن التراث" لمواجهة التطرف الدينى

اليوم السابع | "جابر عصفور" يصدر "دفاعًا عن التراث" لمواجهة التطرف الدينى

"جابر عصفور" يصدر "دفاعًا عن التراث" لمواجهة التطرف الدينى

الجمعة، 21 ديسمبر 2012 - 13:11
غلاف الكتاب غلاف الكتاب
كتب بلال رمضان
صدر حديثًا عن الدار المصرية اللبنانية، كتاب بعنوان "دفاعًا عن التراث" للناقد الكبير الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة السابق، ويقع الكتاب فى 286 صفحة من القطع المتوسط، متضمنًا أربع أبواب حول (القص، ناثرون ومفكرون، إضاءات وملاحظات، ومحاكمة ألف ليلة وليلة)، وقد أهدى "عصفور" كتابه إلى "القاضى المستنير سيد محمود يوسف، الذى لا يعرفه شخصيًا، ولكنه قرأ حيثيات أحكامه الحاسمة برفض مصادرة ألف ليلة وليلة واتهامها بالإساءة إلى الآداب العامة أربع مرات".

ويتضمن الكتاب مجموعة من المقالات التى يهدف من خلالها "عصفور" أن يعلم الشباب أن الأصالة – التى هى الوجه الآخر من المعاصرة – موجودة فى كل زمان ومكان، وأن جوهر الإبداع أكثر عالمية من العولمة، وأن كل إبداع حقيقى ينتمى إلى جوهر واحد من القيم الجمالية التى تعبر حواجز الأزمنة والأمكنة واللغة، وأن الذى بلا ماض بلا مستقبل.

ويوضح "عصفور" أن ما يحتاجه التراث الأدبى للدفاع عنه لا الحاجة النظرية، وإنما الممارسة العلمية بالتقديم الجديد له، وبما تسيغه الأذواق المعاصرة، رغم اختلاف تجلياته من عصر إلى عصر، وأنه هكذا يبدأ فعل الدفاع عن التراث بالتعريف به، والتقريب بينه والقارئ المعاصر، سواءً بطرح تفسيرات مواكبة لمعطيات الواقع، تتجاوب وجوهره الإنسانى فى القيمة الإبداعية التى تنجح فى تخطى كل الحوائل، ويكتمل التعريف بما يقود إليه، ويسبقه، من التقديم العلمى الذى يشمل التحقيق والتوثيق والكشف عن كل ما يظل فى حاجة إلى كشف.

ويوضح "عصفور" أن القضية التى كانت بمثابة الدافع الأول لكتابه هذا، هى نتيجة المتغيرات التى شهدها جيله الذى عانى من التحديات ما لم تعانه أجيال أساتذته الذين ازدهروا، وأزهروا، فى مناخ ليبرالى منفتح العقل على مصراعيه، كان فيه إسماعيل أدهم الذى كان يكتب مقاله "لماذا أنا ملحد؟" عام 1936، دون أن يغتاله بائع سمك كما حدث مع فرج فوده عام 1992، ولم يجد شابًا مضللاً يغرس سكيناً صدئة فى رقبة نجيب محفوظ عام 1994، لأن أمير جماعته أفتى له بتكفيره، ولم يروا زمنًا طالب فيه وكيل نيابة يمثل الدفاع فى دعوة مرفوعة لمصادرة ألف ليلة وليلة بحرقها فى أحد ميادين القاهرة لخروجها على الأخلاق والدين، ولم يشهد فى عام 2010 ما شهدناه من جماعة المحامين الممثلين لتيار الإسلام السياسى الذين تقدموا بطلب إلى المدعى العام بمصادرة ألف ليلة وليلة ومحاسبة الهيئة العامة لقصور الثقافة التى أعادت تصوير طبعة بولاق الأولى، ولو أخبرهم أحد أن طه حسين أشرف على أنبه تلامذته – سهير القلماوى – لإعداد أولى أطروحات الدكتوراه التى تنهض بها امرأة فى الجامعات العربية عن ألف ليلة وليلة، ولكن ذلك كله كان فى زمنٍ جميل مضى، لم يعرف التعصب الدينى والتزمت الأخلاقى الذى يعيشه، ومنا المختل الذى يضطرنا إلى أن نقلب غوايتنا بالتراث إلى الدفاع عنه.

الاثنين، 17 ديسمبر 2012

المصريون :: الحرية الدينية ( 2-3 )..ضوابط الحرية فى الفهم الإسلامى

ضوابط الحرية فى الفهم الإسلامى
15
ديسمبر
2012
05:23 PM
وصلاً لمقالنا فى الحرية الدينية، والذى استفتحناه بمدخل إلى فهم إشكاليتها، وعوْدًا على بدء الحديث عن إشكالية الحرية، وبتعرية الحرية بمفهومها الغربى من قشورها وزخارف بريقها الخدّاع؛ فإننا نراها تنتهى إلى غاية من الفوضى والانفلات تدمر المجتمع وتهدر حريات أفراده، أما المعنى الذى يراه المنصف صحيحًا من فهم إسلامى للحرية فهو كونها تبتدئ بتحرير النفوس من سيطرة أغلال الأهواء والشهوات، وجعلها خاضعة لسلطان الإيمان والعقل، خضوعًا هو عين التحرر، فالإسلام لا يعرف ولا يقر للحرية بالانطلاق وراء الهوى من غير قيد من حكم الإيمان والعقل، إنها حرية سياجات رصينة حصيفة بقدر ما تحد من انطلاق الإنسان منفلتًا فى الحياة، بقدر ما تصونه وتصون حريته من أن يجور بهذه الحرية على حريات الآخرين، لأن الحرية فى الفهم الإسلامى تصون حرية هذا الفرد من أن يجور عليها الآخرون، وبهذا يتضح الخيط الرفيع بين الحرية كما يريدها الإسلام لأفراده وبين الفوضى التى يؤدى إليها الفهم الغربى للحرية التى لا ضوابط لها.
ولعل من ضوابط الحرية فى الفهم الإسلامى لقضية الحرية ما يمكن إجماله فيما يلي:
1- أن الإسلام قد أخضع الهوى للإيمان وحكم العقل..
يقول الإمام ابن تيمية: ((فالإنسان الحر حقًَّا هو الذى يعبد الله وحده، فكل من استكبر عن عبادة الله لا بد أن يعبد غيره ويذل له)).
2- أن الإسلام قد أرسى مفهومًا لقوة الشخصية وللقوة النفسية، مناطه سيطرة الإنسان على هوى الغضب.. إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس الشديد بالصرعة – أى الذى يصرع الرجال – إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب)).
3- أن الإسلام قد حرص على تربية النفس تربية ربانية، ومخاطبة الوجدان الإنسانى خطابًا يمس ويستجيش العاطفة، ويوقظ كوامن رحمتها ونقائها، ويربأ بها عن المهالك والزلات. ومثال ذلك بازغ فى تعليم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته بقوله: ((الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))، إنها الحرية التى تنطلق من تصور عن الإنسان أنه أسمى المخلوقات والمكرم عليها عند الله سبحانه، مصداقًا لقوله جل شأنه: { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِى البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}. إذن فهى الحرية التى تدعو الإنسان إلى التحرر من عبادة الهوى والملذات والشهوات، لأن هذه جميعًا هى صور للطاغوت ومداخل له إلى النفس، هى حرية تجعل الإنسان عبدًا لإله واحد لا لآلهة عديدين أولها أهواء النفس وشهواتها، هى حرية تقوم على ((إطلاق الحرية للفرد فى كل شيء، ما لم تتعارض أو تصطدم بالحق أو الخير أو المصلحة العامة، فإذا انعدمت تلك الحدود فإن الحرية تصبح اعتداء يتعين وقفه وتقييده)).
وعودًا مجددًا إلى موقف الإسلام من الحرية الدينية؛ فلقد سار الإسلام إلى مبدأ الحرية الدينية فى نهج سمح نبيل، فلم يلبث أن استقر وتبينت للناس تعاليمه، حتى قرر فى هذا الصدد أربعة مبادئ هى أسمى وأكمل ما يمكن أن يصل إليه التشريع فى شأن حرية الدين والمعتقد فى كل زمان ومكان، وهذه المبادئ هي:
أولاً: أن أحدًا لا يُرغم على ترك دينه – ولو كان وثنيًّا يعبد الأصنام أو مجوسيًّا يعبد النار – ليعتنق الإسلام، وفى هذا يقرر رب العزة سبحانه فى بلاغ جلى حاسم: ((لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغي))، ويقول مخاطبًا رسوله الأكرم – عليه الصلاة والسلام-: ((ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعًا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين))، هكذا يخاطبه سبحانه بالاستفهام الإنكارى وهو مصطفاه الأشرف – عليه الصلاة والسلام – مبينًا له ما أطلقه ووهبه عباده جميعًا من حرية كاملة فى الإيمان به أو الإعراض عن هداه المنير، وفى تفسير هذا يقول الإمام البيضاوي: ((أفأنت تكره الناس بما لم يشأ الله منهم حتى يكونوا مؤمنين، وترتب الإكراه على المشيئة بالفاء وإيلائها حرف الاستفهام للإنكار، وتقديم الضمير على الفعل للدلالة على أن خلاف المشيئة مستحيل، فلا يمكنه تحصيله بالإكراه عليه، فضلاً عن الحث والتحريض عليه؛ إذ روى أنه كان حريصًا على إيمان قومه شديد الاهتمام به، فنزلت)).
ثانيًا: أن الله سبحانه يرسم ويمهد للمسلمين طريق الحوار والنقاش مع الناس جميعًا، ويدعوهم لأن يكون منهجهم للإقناع بالإسلام هو قرع الحجة بالحجة والدليل بالدليل، وفى هذا يقول رب العزة سبحانه مخاطبًا رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِى أَحْسَنُ}.
يقول الإمام ابن كثير: ((يقول تعالى آمرًا محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يدعو الخلق إلى الله بالحكمة. يقول ابن جرير: وهو ما أنزله عليه من الكتاب والسنة، والموعظة الحسنة، أى بما فيه من الأحداث والوقائع بالناس، ذكرهم بها ليحذروا بأس الله تعالى. وقوله: {وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِى أَحْسَنُ}؛ أي: من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال فليكن بالوجه الحسن، برفق ولين وحسن خطاب)).
ويقول جل شأنه مخاطبًا المؤمنين: {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِى هِى أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}، ويقول مخاطبًا أهل الأديان الأخرى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}. ((ولا يكتفى القرآن بذلك، بل يغرى الكفار بالمناقشة والإتيان بالدليل على صحة دينهم، فيتظاهر جدلاً بأنه لا يقطع بأنه على حق وأنهم على باطل، فيقول اللَّهُ: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِى ضَلالٍ مُّبِينٍ})).
ثالثًا: أن الإيمان الصحيح هو ما كان عن يقين واقتناع لا عن تقليد واتباع، وبذلك يحطم الإسلام أكبر القواعد التى كان يسير عليها التدين فى كثير من الأمم السابقة عليه، وهى التقليد الأعمى والاتباع الذى يهدر قيمة الإنسان وحقه فى إعمال الرأى والنظر والتفكير الحر المتجرد من مؤثرات الأسلاف بما لهم من سطوة على نفوس وعقول الناس.
رابعًا: إباحة الاجتهاد فى فروع الشريعة لكل قادر عليه، بالشروط المعتبرة، وهى التمكن من الكتاب والسنة والعربية وقواعد الاستنباط، بل حض عليه ولم يغلق الباب أمام مجتهد، إدراكًا من الإسلام بضرورة الاجتهاد ولاستنباط الأحكام لمجاراة ما يجد من حوادث ووقائع فى حياة الناس تتجدد بتجدد الحياة نفسها.
وهكذا يستبين جليًّا كالشمس فى رابعة النهار البون الشاسع بين المفهوم الإسلامى للحرية حيث بها يكرم الإنسان ويتحقق له جوهر وجوده، وبين إفراط المفهوم الغربى فى معنى الحرية، حيث إطلاق العنان لحرية الأفراد بلا قيد ولا ضابط، بما ترتب على ذلك من خلط شائن بين الحرية التى هى قيمة إنسانية عليا وبين الفوضى التى هى سمة همجية بهيمية بها يتجرد الإنسان من قيمة الحرية الحقة، فانحصر فهم وتفسير الغرب للحرية فى أنها إطلاق أعنه الهوى وامتثال دواعى النزق، فتخبطت إرادات الأفراد وتعدى بعضهم على حدود حريات البعض.
وللحديث بقية إن شاء الله فى مقال لاحق.

السبت، 15 ديسمبر 2012

وفاة عبد السلام ياسين شيخ ومؤسس العدل والاحسان المحظورة بالمغرب وزوج ابنته ابرز المرشحين لخلافته وتعيين محمد العبادي مرشدا عاما مؤقتا

وفاة عبد السلام ياسين شيخ ومؤسس العدل والاحسان المحظورة بالمغرب وزوج ابنته ابرز المرشحين لخلافته وتعيين محمد العبادي مرشدا عاما مؤقتا
وفاة عبد السلام ياسين شيخ ومؤسس 'العدل والاحسان' المحظورة بالمغرب وزوج ابنته ابرز المرشحين لخلافته وتعيين محمد العبادي مرشدا عاما مؤقتا
محمود معروف
2012-12-13



الرباط ـ 'القدس العربي': توفي صباح امس الخميس بالرباط الشيخ عبد السلام ياسين، مرشد جماعة العدل والاحسان ذات المرجعية الاسلامية شبه المحظورة، عن عمر يناهز الـ84 عاما بعد وعكة صحية المت به.
وقال فتح الله ارسلان الناطق الرسمي باسم الجماعة ان الشيخ ياسين توفي صباح اليوم (امس الخميس) في احدى العيادات الخاصة في حدود الساعة السابعة والنصف صباحا بسبب 'مضاعفات نزلة برد عابرة'.
وأعلن مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان، 'بقلوب يعصرها الحزن والأسى ويملؤها السكون إلى قضاء الله والرضا بقدره، تنعي جماعة العدل والإحسان إلى كافة الأعضاء والمتعاطفين وإلى الشعب المغربي وإلى أمة رسول الله صلى الله وسلم رجلا من رجالها العظام وعالما من علمائها الأفذاذ'، ومن المقرر ان يشيع جثمانه إلى مثواه الأخير بمقبرة الشهداء اليوم الجمعة من مسجد السنة بالرباط بعد صلاة الجمعة.
ورغم عدم حصولها على الترخيص الرسمي للنشاط السياسي، الا ان المراقبين يقدرون ان جماعة العدل والاحسان اقوى الجماعات والتيارات السياسية بالمغرب، وشكلت منذ تأسيسها بداية ثمانينات القرن الماضي، معارضة شرسة للنظام السياسي المغربي ورفضت الاقرار بالملك اميرا للمؤمنين، كما ينص الدستور المغربي على ذلك، وهو ما عرض الشيخ ياسين للاعتقال والاقامة الاجبارية عدة سنوات وملاحقة ناشطي الجماعة.
وقال عبد السلام ياسين في اخر تصريح اعلامي له يوم 10 تموز/يوليو 2011، أي بعد ايام من اقرار المغرب لدستور جديد، قال المرشد ان جماعته لا تعارض الملك وإنما تعارض المُلك العاض. وشبه ياسين أثناء استقباله أعضاء مجلس إرشاد الجماعة 2011، المُلك العاض وجبرية التوريث بالتخلف. وقال 'الملك العاض تخلف بميزان الدنيا وبميزان الديمقراطية'.
واضاف 'أقول للناس ولكل الذين سيسمعون هذا المسجل ما ينفعك أخي واختي جميعا ما ينفعكم هو ما قدمتموه في الآخرة، والذي ينفع عند الله، من عمل صالح ما كان على سنة رسول الله تربية وزحفا.. زحفا على من؟ على من قبحه رسول الله وسماه مُلكا عاضا وجبرية التوريث تخلف الملك العاض تخلف بميزان الدنيا وبميزان الديمقراطية وتخلف عما يريده الله تعالى لهذه الأمة من فضل على سائر الامم...'.
ووجه ياسين 'الشكر للاخوان الذين صمدوا في الميدان رغم أسباب الهزيمة المحيطة بالكثير من الناس. صبروا، وصابروا.. الله تعالى يثبتهم، اخوان وأخوات العدل والاحسان حمروا الوجه الحمد لله، نحن لا نعارض الملك، نعارض المُلك العاض أصلا وهذا التراث البشع وهو أن يأتي ويقال فيه هذا الذي يحكمكم جبار...'.
ولد الشيخ عبد السلام بن محمد بن سلام بن عبد الله بن ابراهيم سنة 1928 من أسرة شهيرة في الجنوب تدعى آيت بهي، وكان لها صيت وذكر في تاريخ المغرب، وتتلمذ وهو في مراحله التعليمية الاولى على العالم المغربي محمد المختار السوسي بمدرسة بمراكش حيث تعلم القرآن ومبادئ اللغة العربية، ثم التحق بمعهد بن يوسف وكان يومئذ معهدا دينيا تابعا لجامعة القرويين، واكمل تعليمه بالمعهد ثم تخرج من مدرسة المعلمين، فعمل أستاذاً للغة العربية والترجمة، فمفتشاً بالتعليم الابتدائي بعد ثلاث سنوات من التدريس ثم مفتشا ايضا بالتعليم الثانوي.
والتحق الشيخ ياسين بالزاوية البودشيشية القادرية مدة ست سنوات لتبرز بوادر الاختلاف بين ياسين والزاوية، بسبب مواقفه المنتقدة لممارسات اعتبرها غريبة في الزاوية، واكتمل هذا الاختلاف واحتد مع إصدار الشيخ كتابيه 'الإسلام بين الدعوة والدولة' 1971 و'الإسلام غدا'1972.
واصبح الشيخ عبد السلام ياسين شخصية بارزة بالمشهد السياسي المغربي بعد رسالته الشهيرة 'الإسلام أو الطوفان' التي بعثها عام 1974 إلى الملك الراحل الحسن الثاني وكان من تداعيات تلك الرسالة اعتقال ياسين ثلاث سنوات وستة أشهر من دون محاكمة، ادخل في فترة منها بالاكراه الى مستشفى الامراض العقلية والأمراض الصدرية، وفي فترة الاعتقال أعاد الكرة عبر كتابة رسالة ثانية (باللغة الفرنسية) إلى الملك على سبيل الإلحاح في الدعوة والنصيحة.
وتقول الجماعة ان 'الاسلام او الطوفان' رسالة قوية المعنى والمبنى بالنظر إلى الشروط السياسية المميزة للمرحلة وإلى المضامين التي جاءت بها؛ فأما الظروف العامة التي اكتنفت الحدث فقد صارت معروفة اليوم بسنوات الجمر والرصاص، حيث كان الصراع السياسي على أشده بين أقطاب الحقل السياسي: المؤسسة الملكية والجيش والمعارضة الاشتراكية، وكانت اللغة السياسية المهيمنة موسومة بالعنف والاتهام والتخوين. ولعل أبرز مظاهر تلك المرحلة كان هو تكرار المحاولات الانقلابية التي ظلت تستهدف حياة الملك مباشرة.
فقد نصح ياسين الملك الخائف من ضياع ملكه نصيحة واضحة، نصيحة كشفت الوجه الجهادي للرجل الخارج توا من 'زاوية صوفية' محملا بروحانية الذاكرين المتبتلين. كانت النصيحة تدعو الملك إلى التوبة والرجوع إلى الإسلام وشريعته، مقترحة نموذجاً تاريخياً فذّاً هو الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، الذي أعز الله به الإسلام وأهله، وموضحة مجموع الخطوات العملية التي يتعين على الحاكم أن يبرهن بها لله تعالى ولشعبه على صدق الذمة والقول.
في سنة 1981 أعلن ياسين عن تأسيس 'أسرة الجماعة'، مع الاستمرار في تفعيل واجهة الإعلام التي انطلقت منذ إصدار مجلة 'الجماعة' ثم صحيفتي 'الصبح' و'الخطاب' تعرضت كلها للتضييق والمنع والمصادرة ودخول ياسين السجن مرة أخرى (سنتين) بسبب مقال 'قول وفعل'، الذي انتقد فيه الملك الحسن الثاني حول ادعاء دعم ومساندة الدعوة والدعاة، لكن المحنة لم تتوقف مع خروجه من السجن في كانون الاول/ ديسمبر 1985، بل تواصل حضور أجهزة الأمن ومحاصرتها لبيته إلى حين فرض الإقامة الإجبارية يوم 30 ديسمبر 1989. واستمرت مدة الإقامة الإجبارية أزيد من عشر سنوات، لم تكن خالية من متابعة التأليف والتواصل والدعوة بالسبل المتاحة.
وقبل رفع الاقامة الجبارية عنه بشهور قليلة وجه الى العاهل المغربي الملك محمد السادس في 28 كانون الثاني/ يناير 2000 رسالة 'مذكرة إلى من يهمه الأمر' شبيهة بتك التي وجهها إلى والده الحسن الثاني، لكن بلهجة اخف وتحمل ودا وهداية يحثه فيها على 'رد المظالم والحقوق التي انتهكت في فترة حكم والده'، ويجدد له 'النصيحة' التي سبق أن وجهها لوالده في رسالة 'الإسلام أو الطوفان'، وهي الاقتداء بالنموذج 'العادل الخالد' للخليفة عمر بن عبد العزيز، أو ما يسمى في أدبيات الجماعة بالخلافة الراشدة التي تلي الحكم العاض والجبري.
رفعت الإقامة الإجبارية عن عبد السلام ياسين أواسط شهر ايار/ مايو 2000، وكان أول خروج من بيته يوم 19 مايو 2000، حيث توجه لأداء صلاة الجمعة، ثم عقد في اليوم الموالي ندوة صحافية، ثم قام بزيارات شملت مختلف مدن المغرب شمالا وجنوبا شرقا وغربا استمرت أسابيع استطاع أثناءها أن يلتقي بأعضاء جماعة العدل والإحسان.
وللشيخ عبد السلام ياسين عشرات الكتب والمؤلفات بعضها بالفرنسية، ومن اشهر كتبه التي تتضمن فلسفة الجماعة وتصوراته الدينية والسياسية 'المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا' 1982، وكتاب 'مقدمات في المنهاج '1989، ثم كتاب 'الإسلام والقومية والعلمانية ' 1989 وكتاب 'محنة العقل المسلم بين سيادة الوحي وسيطرة الهوى' 1994، و'الإحسان' الجزء الاول و'الإحسان' الجزءالثاني. وكتاب بالفرنسية ' الثورة ساعة الإسلام'، و'اسلمة الحداثة' 1998.
وشكلت جماعة العدل والاحسان منذ عدة سنوات فعلا سياسيا بالمشهد السياسي المغربي، وهي التي امتنعت عن المشاركة بالمسلسل الانتخابي 'لعدم ثقتها بنزاهة وديمقراطية' هذه الانتخابات من جهة وتحفظها على الدستور والقوانين المنظمة للانتخابات.
وتظهر الجماعة قوتها بالنشاطات الجماهيرية، خاصة التظاهرات والمسيرات التي تتعلق بالقضايا الاسلامية كالقضية الفلسطينية والاحتلال الامريكي للعراق، حيث باتت منذ بداية الالفية الثالثة القوة الرئيسية في هذه التظاهرات. وكانت احد المكونات الرئيسية لحركة 20 فبراير الاحتجاجية التي طالبت بإصلاحات جذرية في السياسة والاقتصاد في سياق حراك الربيع العربي، وأدى خروج الجماعة من الحركة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 إلى تراجع زخم التظاهرات في الشارع، وبدلا من مشاركة مئات الالوف في مدن مثل طنجة، باتت المشاركة تقتصر على مئات الاشخاص من الناشطين في التيارت والاحزاب اليسارية، الا انه لم تمر سوى دقائق على وفاة الشيخ ياسين، حتى خرج ناشطون من حركة عشرين فبراير على صفحات 'الفيسبوك' ينعون الراحل، رغم توجههم الإيديولوجي والفكري المعارض لأفكار الجماعة.
ووصف نجيب شوقي الشيخ ياسين بـ'إنسان قاوم المخزن إلى يوم مماته... انتصر للفقراء والضعفاء ورفض الريع السلطاني'، وأضاف أنه رغم الاختلاف 'يبقى شخصية كبيرة طبعت المغرب المعاصر بمواقف جريئة'، فيما وصفته وداد ملحاف بـ'الرجل الذي ظل صامدا في وجه جبروت المخزن وظلمه'، موضحة أنه 'رغم الاختلاف إلا أن الرجل تحسب له مواقفه الجريئة'. ووصف اخر الشيخ ياسين بالرجل العظيم. وقال الصحافي محمد البقالي 'اتفقنا او اختلفنا مع فكره، فقد كان رجلا في زمن قل فيه الرجال، صدح بقولة الحق ولم يخش بطشا'.
وتوافد المئات من الشخصيات السياسية والحقوقية على منزل الشيخ عبد السلام ياسين لتقديم واجب العزاء لعائلته وجماعته، من بينهم رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران، زعيم حزب العدالة والتنمية ذات المرجعية الاسلامية والحزب الرئيسي بالحكومة الحاكم رفقة وزير الدولة عبد الله باها ووزير العدل والحريات مصطفى الرميد.
وقال بنكيران الذي اكد مشاركته بتشييع ياسين، إنه تأثر كثيرا بوفاة الزعيم عبد السلام ياسين ووصفه بـ'الصديق' و'من الناس الذين أثروا في المسار السلمي' الذي اتبعه،
واضاف لم نتفاهم سياسيا لكن هذا لا يمنعني من التعبير عن التأثر بوفاته وأقدم لعائلته الصغيرة والكبيرة تعازي الحارة'.
وقال حزب العدالة والتنمية على موقعه الالكتروني 'انتقل إلى عفو الله ورحمته الأستاذ الشيخ عبد السلام ياسين مرشد جماعة العدل والإحسان، وبهذه المناسبة الأليمة يتقدم حزب العدالة والتنمية بأحر التعازي والمواساة لجماعة العدل والإحسان ولكافة أفراد أسرته، سائلين المولى تعالى أن يتغمد الشيخ برحمته الواسعة وأن يسكنه فسيح جناته، إنه سميع مجيب.'
كما نعت حركة التوحيد والإصلاح الجناح الدعوي للحزب، وفاة عبد السلام ياسين، وتقدمت بالتعازي والمواساة لجماعة العدل والإحسان ولكافة أفراد أسرته، فيما اوردت وكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية خبر وفاة ياسين في قصاصة 'وفاة عبد السلام ياسين زعيم جماعة العدل والإحسان غير المرخص لها'، قالت فيها 'توفي صبيحة اليوم الخميس عبد السلام ياسين زعيم جماعة العدل والإحسان غير المرخص لها، عن سن يناهز 87 سنة وذلك حسب ما أعلنته الجماعة على موقعها الإلكتروني'.
واكتفت القناة المغربية الأولى بنشرتها ظهر امس بنقل خبر مقتضب عن وفاة ياسين، فيما تجاهلته القناة الثانية ونقل موقع 'هسبرس' عن حسن بن ناجح القيادي في جماعة العدل والإحسان، أن تعتيم الإعلام الرسمي على خبر وفاة الشيخ ياسين 'غير مستغرب'، لأن الجماعة عانت من الحصار منذ سنوات، وأن تدبير الإعلام المغربي مرتبط بنقل الصوت الواحد والصورة الواحدة، 'في مقابل التعتيم على الصوت الحر'.
وقبل وفاة الشيخ عبد السلام ياسين بشهور، وفي ظل تسريب اشاعات عن وفاته، شغلت الاوساط السياسية بخليفته على رأس الجماعة، وذهب البعض الى ترشيح كريمته نادية، الناشطة لزعامة الجماعة لشخصيتها القوية ونشاطاتها المكثفة وقوة حجتها وايضا لقربها من والدها، بالاضافة الى قدرتها على التواصل باللغات الاجنبية، وتعرضت نادية ياسين للمتابعة القضائية لتصريحها انها تفضل النظام الجمهوري بدلا من النظام الملكي لبلادها، كما نشرت لها صور مع رفيق لها في اليونان وهما يشاركان في منتدى فكري، لكن التعليقات عليها كانت مسيئة.
ويبدو ان حظوظ نادية ياسين بالخلافة قد تبددت بعدم اختيارها عضوا بالدائرة السياسية للجماعة، ليبرز اسم زوجها عبد الله الشيباني، الذي اثار مقالاه الأخيران جدالا واسعا داخل قيادات الجماعة، قدم من خلالهما ما يشبه خارطة طريق تمهد لمرحلة ثانية بعد وفاة مرشد الجماعة عبد السلام ياسين، وهو المقال الذي نشره الموقع الرسمي للجماعة قبل يومين من وفاة الشيخ، يطرح فيه مسألة خلافة المرشد وطرق تصريفها داخل الجماعة بالشورى، ويوضح من خلالها تصوره للخط السياسي والتربوي الذي يجب أن تسير فيه جماعة العدل والإحسان وكأنه يتحدث بلسان الخليفة المرتقب.
كما يرشح عبد الواحد المتوكل الأمين العام لدائرة السياسية وعضو مجلس إرشاد الجماعة، ومولاي عبد الكريم العالمي عضو مجلس الإرشاد والعقل السري المدبر لتكوين الأطر الدعوية داخل الجماعة والمشرف المباشر على تنظيماتها.
واصبح الشيخ محمد العبادي رسميا المرشد العام المؤقت لجماعة العدل والإحسان، وفق قانون الجماعة الذي ينص 'بعد وفاة المرشد يحل محله مباشرة أكبر مجلس الإرشاد سنا لفترة شهرين يجتمع فيها مجلس شورى الجماعة ليختار المرشد العام الجديد من بين أعضاء مجلس الإرشاد الخمسة عشر'.
ويعتبر محمد العبادي أكبر أعضاء مجلس الإرشاد سنا في الوقت الراهن بعد وفاة محمد العلوي السليماني في ديسمبر 2008، وبالتالي أصبح مؤقتا المرشد العام للجماعة في أفق اجتماع مجلس الشورى والتصويت على استمراره في المنصب أو اختيار مرشد عام جديد.
وقالت مصادر تابعة لجماعة العدل والإحسان، ان مجلس الإرشاد يحترم القوانين التي جرى وضعها والاتفاق عليها والواردة في المنهاج النبوي للشيخ، وسيكون العبادي هو المرشد العام المؤقت.

عبدالله بن زايد يفتتح مركز التميّز الدولي لمكافحة التطرف العنيف - الإمارات اليوم

عبدالله بن زايد يفتتح مركز التميّز الدولي لمكافحة التطرف العنيف - الإمارات اليوم

15 ديسمبر 2012

عبدالله بن زايد يفتتح مركز التميّز الدولي لمكافحة التطرف العنيف

إفتتح سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، مركز التميز الدولي لمكافحة التطرف العنيف " هداية " وذلك خلال الإجتماع الوزاري الثالث للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الذي إنطلق اليوم في أبوظبي.
وقال سموه في كلمة له خلال الإفتتاح إن إستضافة دولة الإمارات للمركز تأتي تجسيدا لمبدأ التسامح الذي تتبناه دولتنا والذي يقف على طرف النقيض لتحييد التطرف العنيف.

وأشار سموه إلي أن مكافحة التطرف العنيف ومعالجة قضاياه لا تتمّان لنا إلا عندما نبذل كمجتمع دولي جهودا جماعية ونلتزم باستمرار العمل.
وشدد سموه على أن مركز هداية سيتابع سعيه الحثيث ليكون مركزا دوليا يحتضن جميع الخبراء والخبرات في مجال مكافحة التطرف العنيف بحيث يقود عملهم المشترك مع طاقم المركز إلى تعزيز النهج الذي تتبعه دول العالم من أجل مكافحة التطرف العنيف.
 وقال سموه " لقد عمل مركز هداية خلال الأشهر العشرة الماضية بجد مع الجهات المعنية الدولية" . موضحا أن قيادة المركز أجرت زيارات لأكثر من عشرين عاصمة وعملت على بناء الشراكات مع عدة مؤسسات تعمل في مجال مكافحة التطرف العنيف ووضعت تقويماً زمنياً للبرامج والمبادرات التي تسعى لتنفيذها خلال العام الأول من انطلاق العمل.

ونوه سموه إلى أن مركز هداية سيركز على عدة مجالات هامة منها على سبيل المثال الدبلوماسية الرياضية والثقافية ومكافحة التطرف العنيف عبر المناهج التربوية ونبذ الراديكالية في السجون ودعم ضحايا الإرهاب.

الأربعاء، 12 ديسمبر 2012

المصريون :: الدروس المستفادة من النووى الإيرانى

الدروس المستفادة من النووى الإيرانى

الدروس المستفادة من النووى الإيرانى (1/2)


الضجة الكبرى التى تثار من حين لآخر حول البرنامج النووى هنا أو هناك ترتكز فى ظاهرها على الحرص على منع انتشار الأسلحة النووية، على اعتبار أنها أسلحة دمار شامل تهدد كوكب الأرض عمومًا.. ولكن الحقيقة الواضحة أن هناك أهدافاً أخرى مستترة؛ أهمها السيطرة على عملية التقدم التقني، ومنع دول الجنوب "المتخلف" من اللحاق بدول الشمال "المتقدم".. فالتقنية النووية تتطلب إجراءات وممارسات واحتياطات إدارية وعلمية وفنية فائقة الدقة والصرامة.. وغير مسموح فى المحطات النووية بأية نسبة من الإهمال أو التراخى أو التواكل أو الكسل، أو بأقل احتمال من الخطأ؛ وإن ضؤل.. وهذا من شأنه أن يوفر للدولة الممارسة لذلك النشاط جيشاً من الخبراء والتقنيين البارعين المبدعين الذين يمكن أن يكونوا جاهزين وقادرين على الإدارة الناجحة لأى عمل تقنى آخر.. وإذا علمنا أن المحطة النووية تستوعب بطبيعة الحال جميع التخصصات العلمية والتقنية والفنية والإدارية، وأن العاملين فيها يتم استبدالهم دوريًا ومبكرًا لحمايتهم من آثار الإشعاع المحتملة.. فهذا يعنى أن الدولة (النووية) تستطيع- بالاستفادة من هؤلاء الخبراء- أن تُحدث نقلة نوعية تقنية عظيمة فى جميع المجالات، كما حدث فى كل الدول النووية، وهذا بالطبع غير مرحب به من قوى الاستكبار العالمي.. كما أن الاستخدام الناجح للتقنية النووية يؤدى بالتأكيد إلى فوائد اقتصادية عظيمة من خلال توفير مصدر رخيص ونظيف للطاقة، وتحلية مياه البحر بكميات وفيرة تشجع على زراعة الصحراء، وغير ذلك الكثير.
   أما قضية الأسلحة النووية فهى على أهميتها وخطورتها ليست بالضبط هى بيت القصيد.. لأنها فى الحقيقة أسلحة للردع أكثر منها للاستخدام، وهى منتشرة بوفرة فى أركان المعمورة، وتمتلكها العديد من الدول الكبرى والصغرى، ووصلت إلى دول تعتبر مارقة أو خارجة عن السيطرة الغربية مثل باكستان وكوريا الشمالية والهند.. ولم يحدث شيء على الإطلاق؛ لأن السلاح النووى لا يمكن استخدامه إلا على بُعد آلاف الأميال.. أى خارج نطاق الصراع بين الدول المتحاربة، لأن أغلب الحروب تكون بين دول الجوار.. فالتلوث الذى ينجم عن استخدام الأسلحة النووية، والذى يمكن أن يصل إلى المستخدم نفسه، يجعل من هذه الأسلحة مجرد وسيلة للتباهى بالقوة، أو لمجرد الردع والشعور بالثقة والاستقلال الفعلي.
   وقد يكون الردع والتلويح بالقدرة على إيذاء العدو أحد لوازم الصراع الذى جُبل عليه النوع البشري، ولكن الإحاطة بالصورة الكاملة وبطريقة صحيحة تجعلنا نعطى الموضوع حجمه الحقيقي، ولا نسير معصوبى العينين وراء الإعلام الغربى الموجه، الذى يريد أن يثير لدينا المخاوف، بل والرعب، من البرنامج النووى الإيرانى مثلا، ولا يشير من قريب أو بعيد للترسانة النووية الصهيونية (التى لا نخشاها- بالمناسبة، لأنه يستحيل استخدامها ضد دول الجوار مادام اليهود فى فلسطين المحتلة).. فقد قامت الدنيا ولم تقعد عند الحلف الصهيونى الأمريكى لمحاولة إيران امتلاك جزء من المعارف الحديثة المهمة، وهى المعرفة النووية.. ولجأ هذا الحلف إلى الخداع وإيهام العرب بخطورة امتلاك إيران للسلاح النووي، وأنه (أى السلاح النووي) سوف يكون خطرًا على العرب أنفسهم.. فهل صحيح أن امتلاك إيران للمعرفة النووية، أو حتى للسلاح النووي؛ يشكل خطرًا على العرب؟، وهل من حق الحلف الصهيونى الأمريكى أو غيره منع العرب والمسلمين (أو غيرهم) من امتلاك السلاح النووى كأداة ردع ضد من يهدد وجودهم بترسانته النووية؟.
       هناك ما يعرف بالاستراتيجية النووية، والتى تسعى الدول المستهدَفة من عدو إلى تحقيقها، وترتكز على محاور أربعة:
(1) منع العدو من امتلاك السلاح النووى (أو القدرة على امتلاكه) بكافة الوسائل الممكنة، حتى وإن أدى ذلك إلى تدمير المنشآت النووية للعدو، وقد فعل ذلك الكيان الصهيونى عام 1981 ضد المفاعل النووى العراقي، وقبلها فى أحد الموانئ الفرنسية ضد مفاعل عراقى أيضًا، وحاول ضد مصر أثناء حرب الاستنزاف ولكنه أخطأ الهدف ودمر مصنع الحديد والصلب (أبو زعبل).
(2) إذا لم تتمكن الدولة المستهدفة من منع العدو من امتلاك السلاح النووي؛ فهى تسعى لامتلاكه، وقد فعل ذلك الاتحاد السوفيتي، وباكستان، وكوريا ...إلخ.
(3) إذا عجزت الدولة عن تحقيق أحد الخيارين السابقين، فهى تحرص على امتلاك خيار بديل يصلح رادعًا لمنع العدو من استخدام سلاحه النووي، مثل الأسلحة الكيميائية أو حتى التقليدية بشرط استخدامها بكثافة على مئات المواقع فى وقت واحد بالاستعانة بالصواريخ والطائرات.. إلخ، بحيث يفهم العدو أن الرد سوف يكون موجعًا ولا قبل له به.
(4) إذا كانت الدولة (عاجزة) عن تحقيق أى من الخيارات السابقة؛ فعليها اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستيعاب الضربة النووية وتقليل الخسائر بقدر الإمكان، أى تظل على قيد الحياة، وهذا خيار العاجز.. وبالمناسبة فحتى هذا الخيار الأخير (العاجز) غير موجود فعليًا فى الدول العربية.. (ونستكمل الموضوع بالمقال القادم إن شاء الله).

الدروس المستفادة من النووى الإيرانى (2/2)

انتهينا بالمقال السابق إلى شرح الإستراتيجية النووية التى تجاهلناها، مما أدى إلى التطرف الغربى ضد العرب والمسلمين، فلم يكتفوا بمنع الحصول على السلاح النووي- الذى لا نسعى لامتلاكه- ولكن محاولة منع المعرفة النووية نفسها، واستخداماتها السلمية!
 والواقع أن العرب عجزوا عن مجرد التفكير فى الإستراتيجية النووية، رغم امتلاك الصهاينة للسلاح النووى وتهديدهم للجميع، لأنهم لن يشعروا بالأمان أو الراحة ما بقى عربى على قيد الحياة، فاللص لا يمكن أن يستمتع بالنوم فى بيت مسروق. وهناك سؤال استراتيجي: هل من حق العرب والمسلمين امتلاك السلاح النووى أو غيره كوسيلة للردع؟ إننا كمسلمين نؤمن بأن الإسلام يحرم استخدام أسلحة الدمار الشامل، ولكنه يدعونا إلى اليقظة وحماية أنفسنا، ومادام عدوك يمتلك سلاحا فتاكا، فمن السذاجة النوم والتغافل عن الخطر حتى وإن كان يصعب عليه استخدامه.. لابد أن تمتلك رادعا يمنعه من ابتزازك. فوجود رادع هو الذى يمنع من استخدام هذا السلاح غير الإنساني.. ولو أن اليابان كان لديها ما تردع به أمريكا لما جُرّب السلاح النووى فيها، وقد جُمّد السلاح النووى بكل من الهند وباكستان بامتلاكهما له معا. لن يمنع الصهاينة من ابتزاز العرب والمسلمين إذاً، إلا امتلاكنا لسلاح رادع مثيل، إذا فشلنا فى إلزامهم بتوقيع معاهدة حظر الانتشار النووى وإخضاعهم للتفتيش. الأمر إذاً ليس مجرد حق الامتلاك، ولكنه واجب، والتفريط فيه انتحار أو خيانة، وليس مجرد سذاجة. وليس من حق أمريكا أو غيرها منع المهدد بالإبادة من امتلاك سلاح رادع يحمى به نفسه، ولكنها القرصنة التى كان يشجعها الانحناء العربي.. قبل الربيع العربي.
   هل يمكن أن تضرب إيران العرب بالسلاح النووي؟ هذا سؤال لا محل له، لأنه لا يمكن لدولة أن تستخدم سلاحا نوويا ضد جيرانها، لأن أكبر مشكلة هى التلوث الإشعاعي، والذى ينتشر بمساحة واسعة جدا ولأزمانٍ طويلة.. فالتدمير والحرق وخلافه مقدور عليه ويحدث بالأسلحة التقليدية، أما التلوث الإشعاعى فهو المشكلة الأخطر التى لا سبيل لمواجهتها بسهولة، وحادثة تشرنوبل خير دليل، لذا فليس واردا أن تستخدم إيران السلاح النووى ضد الجيران. وهذا السؤال فيه خداع كبير: فما الذى يدعو إيران لفعل ذلك؟ هل هناك خطر استراتيجى يهدد وجود الإيرانيين من قِبل جيرانهم العرب؟ وأين هو الخطر المحتمل والعرب لا يملكون ما يدافعون به عن أنفسهم، وليس ما يهاجمون به الغير؟ إن ترديد هذا الكلام مقصود به الإيقاع بين العرب والإيرانيين ليتمكن الحلف الصهيوأمريكى من استخدام الأراضى العربية لضرب إيران. وإيران فى كل الأحوال، رغم الخلاف المذهبي، دولة مسلمة قوتها فى النهاية مضافة للمسلمين.. ومهما حدث من خلافات سياسية أو مذهبية فإيران هى الأقرب جغرافياً وعقائدياً وسياسياً، وما يؤذى العرب يؤذى إيران بلا شك، والعكس بالعكس.. ومهما اختلفنا فلا يمكن للمسلم الإيرانى أن يفضل الحلف الصهيوأمريكى على العرب، شركاء الجغرافيا والتاريخ والمصير والحضارة والثقافة. وبالتأكيد فإن وجود رادع نووى بإيران وباكستان أو لدى العرب يمنع الصهاينة من ابتزازنا بكثرة التلويح باستخدام ترسانتهم النووية.. علما بأن المساحة التى يحتلها الصهاينة لا تسمح لهم بالمجازفة والانتحار.
       أما البرنامج النووى الإيرانى فمازال فى بداياته، وكله موجه للأغراض السلمية.. وكما تشير وثائق الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ فإن إيران لا تمتلك حاليا أية محطات نووية عاملة، ولكن لديها محطتان "تحت الإنشاء" بقدرة إجمالية 2392 ميجاوات كهربائي. وهذا المشروع بدأ منذ عهد الشاه، وعرقل الغرب استكماله بعد الثورة وتحوُّل إيران إلى دولة خارج السيطرة الغربية، ونعتقد أنه لم يكن ليكتمل حتى وإن لم يسقط الشاه.. لأن الغرب لا يفرِّق بين النظام الصديق والنظام العدو عند التعامل مع المسلمين، إذا تعلق الأمر بأية محاولة لامتلاك القوة أو التنمية الجادة المستقلة التى يمكن أن تؤدى إلى امتلاكها. والحقيقة أن إيران نجحت فى الذود عن حقها فى امتلاك المعرفة والتقنية النووية التى أوضحنا أهميتها لأية أمة تريد أن تعيش عصرها باستقلال ونِدّية. وأهم إنجاز لإيران هو قرارها الاستراتيجى بالاعتماد على النفس فى إنتاج الوقود النووي، إذ ماذا يفيد امتلاك المفاعلات والوقود النووى بأيدى من لا يريدون لنا الاقتراب من هذه التقنية، باعتبارها الطريق الأسرع للتنمية المستقلة؟ وماذا تفعل إيران إذا مُنع عنها الوقود بعد إنشاء المفاعلات بتكاليفها الباهظة؟ إن ما فعلته إيران كان عين العقل، ولا سبيل غيره لبدء برنامج نووى حقيقى مستقل. والفرق واضح بين الاستقلال وبين الثقة المفرطة فى الغرب، فقد فشل العرب (العراق، ليبيا، مصر، سوريا،...) فى استكمال أى برنامج نووى بسبب سيادة العقلية التقليدية التى تظن أن بالإمكان الاعتماد على (التقنية المعلـَّبة) التى ربما تصلح لأى مجال، إلا المجال النووي. ونظرا لأن إيران أخذت قرارها سريعا ودون تردد، وبدأت بالتنفيذ علنا وبكل ثقة فى النفس، وبإيمان قوى بأنها تمارس نشاطا شرعيا ليس من حق أحد الاعتراض عليه.. فقد وقف الغرب منها موقفا مختلفا تماما عن مواقفه مع العرب (الحائط المنخفض يغرى بالامتطاء!)، حيث الإغراء بالحوافز الاقتصادية وغيرها. وها هى تواصل تخصيب اليورانيوم بكميات ضخمة، وتعد عدتها لامتلاك ما يكفى من الوقود قبل بدء تشغيل أول محطة نووية.. وبهذه الطريقة وبتلك العقلية المقتحمة تستطيع أيضا أن تعتمد على سواعد أبنائها فى استكمال المحطتين النوويتين، إن تخلت عنها روسيا.
     والخلاصة أن الدروس المستفادة من البرنامج النووى الإيرانى يجب أن تكون حاضرة عربيا؛ وأهمها الاعتماد على النفس، واستقلال الإرادة، وعدم الإفراط فى الثقة فى (الصديق الأمريكي) أو غيره، والإيمان بأن التنمية الحقيقية والجادة يجب أن تكون معتمدة على العقول والسواعد الوطنية، وليس على التقنية المستوردة؛ المعلبة! وأهم ما فى الموضوع أن التقنية النووية والمعارف المتصلة بها حق لا يمكن التفريط فيه، وواجب ينبغى الإسراع فى أدائه بالسعى للحصول عليها؛ إن أردنا أن نكون بالفعل خير أمة أخرجت للناس.
abdallah_helal@hotmail.com

‮العالم‬ - ‭BBC Arabic‬ - ‮المنازل "الحلال" تثير جدلا في هولندا‬

‮العالم‬ - ‭BBC Arabic‬ - ‮المنازل "الحلال" تثير جدلا في هولندا‬

المنازل "الحلال" تثير جدلا في هولندا

آخر تحديث:  الأربعاء، 12 ديسمبر/ كانون الأول، 2012، 13:28 GMT

هولندا
آراء الهولنديين مختلفة إزاء تعديلات بعض المساكن لتناسب المسلمين
أطلقت التجديدات في عدد من الشقق في أمستردام، والتي أطلق عليها اسم البيوت الحلال، شرارة صراع سياسي في هولندا، حيث تم إعادة تجديد قرابة 180 شقة هناك، بإضافة عدد من الكماليات لتجعلها مناسبة لسكانها المسلمين.
تضمنت الكماليات المضافة صنابير مياه يمكن استخدامها في الوضوء قبل الصلاة، وأبوابا منزلقة يمكن استخدامها لفصل مجلس الرجال عن النساء وقت الحاجة.
وتسببت هذه التجديدات في إثارة معارضة جماهيرية من جناح اليمين السياسي، مطالبين أي شخص يرغب في مثل هذه التعديلات بالرحيل إلى مكة المكرمة.
ولا تختلف المباني السكنية التي تضم هذه الشقق في مظهرها عن أي مبان سكنية أخرى في منطقة بوس آند لومر الواقعة غربي العاصمة.
وافقت آينور يلدريم على قيامنا بجولة تفقدية في منزلها، بعد الإضافات التي قام بها الوكيل العقاري.
كان هناك في دورة المياه صنبور منخفض تستخدمه في بعض الأعمال المنزلية، ولكنه لا يوجد في منازل أخرى لايسكنها مسلمون، ولكن التكهنات باستخدامها في الطقوس الدينية هو ما أثار الجدل.
ولكن التعديلات في المطبخ الشديد الضيق كانت أكثر إثارة للاهتمام، حيث أرتنا السيدة يلدريم الأبواب المنزلقة به وهي تقول: " كنت أرغب في إيجاد وسيلة لإغلاق مطبخي علي إذا رغبت في بعض الخصوصية، وفي بعض الأحيان نرغب في الانعزال عن بعضنا قليلا، النساء في ناحية والرجال في أخرى".
في حين أصر ويم دي وارد من جمعية إسكان إيجن هارد أن هذه التغييرات لم يكن الهدف منها الاستخدامات الدينية، ولكنها كانت لمجرد التأقلم مع السكان، الذين يضمون مجموعات من العائلات المسلمة.
وأكد دي وارد أن هذه الشقق ليست مخصصة للمسلمين فحسب، إذ يتم حجز الشقق بنظام الحجز على قوائم الانتظار، التي تعتمد على المساحة ومتوسط الدخل.

غضب ويلدرز

وتعد فكرة الفصل بين الرجال بين النساء بالنسبة للهولنديين في أماكن السكن نوعا من التفرقة الجنسية، وهو ما دفع السياسي المعارض للإسلام جيرت ويلدرز للاحتجاج لدى السلطات الهولندية بسبب ما أسماه "التفرقة العنصرية بين الجنسين والتي تعود إلى العصور الوسطى".
وقال ويلدرز: "إنها فكرة سخيفة تصورتها مزحة في البداية، وعندما عدت للواقع اكتشفت أن التمييز الذي يحرض عليه القرآن يحدث في الواقع، مما يعيدنا إلى العصور الوسطى، فهؤلاء المهاجرون من طبقات اجتماعية أقل، وهم غير متعلمين، وهم يأتون بقيمهم إلى مجتمعنا الهولندي، ويجب أن نعارضهم هنا لأنهم يمكن أن يتسللوا إلى قيم الحرية والحداثة لدينا".
ويضيف: "يجب أن نعلمهم الاندماج، لأن ما يفعلونه ردة حضارية، ماذا لو حدث هذا في حافلات النقل العام، لو حدث فصل بين الرجال والنساء في حافلات النقل العام فإنه يعني عودة للتمييز في هولندا وهذا يخيفني شخصيا".

كرة الديسكو

ولكن يبدو أن الكثير من السكان بالمنطقة وافقوا على أن ما فعله جيرانهم في منازلهم، هو شأن خاص بهم.
تقول تيس دوجهويسين التي تسكن في نفس العقار: "الكثير من السكان الجدد قدموا إلى هنا مؤخرا، والكثيرون منهم شباب في عمري، لهذا ثق بي لا يوجد أي مشكلة للتمييز، كما أن هناك الكثير من الاختلافات بين الناس من مختلف الجنسيات، مما يجعل الحياة أكثر لطفا هنا".
ولم تخل هذه القضية الخلافية من التعليقات الساخرة أيضا على شبكة الإنترنت، حيث علق أحدهم: "أنا أؤمن بقوة الديسكو، هل يمكن أن تركبوا كرة ديسكو في منزلي".
وتؤكد جمعية الإسكان أن المجمع السكني مختلط تماما، وأن المنازل تم تجديدها لزيادة قيمتها الإيجارية، وأن هذا يهدف لجعل الجميع سعداء، وجميعها تهدف للوفاء باحتياجات سكانها الدينية والسياسية والخاصة.

الثلاثاء، 11 ديسمبر 2012

الحريات الدينية: هل نعود للوراء؟ | المصري اليوم، أخبار اليوم من مصر

الحريات الدينية: هل نعود للوراء؟ | المصري اليوم، أخبار اليوم من مصر

الحريات الدينية: هل نعود للوراء؟

Thu, 15/11/2012 - 21:30

توضع الدساتير، فى الأصل والأساس، لحماية الضعفاء من الأقوياء وضمان حقوق الأضعف وليس لاستعراض عضلات الأقوى. فالدستور يحمى الأقليات من تغول الأغلبية إذا ظلمت، ويضمن حقوق الفئات الأضعف اجتماعياً والأكثر احتياجاً إلى الحماية والرعاية.
فقد اكتشف البشر فى مرحلة متقدمة من تاريخهم ضرورة تنظيم العلاقات بينهم بشكل تعاقدى موثق. وكانت هذه بداية ظهور فكرة الدستور باعتباره الوثيقة المعبرة عن عقد اجتماعى ضمنى غايته حماية الأضعف فى المجتمع من الأقوى. فإذا لم تتحقق هذه الغاية فى وثيقة تحمل اسم الدستور لا يمكن أن تكون دستوراً مهما كانت القوة التى تفرضها. فقد يوجد الدستور اسماً ولكنه يغيب فعلاً وواقعاً.
وكان هذا هو حال مصر على مدى عقود صدرت خلالها ثلاثة دساتير (أو أربعة إذا أضفنا دستور دولة الوحدة 1958) دون أن يشعر المصريون بأن لهم دستوراً يلوذون به. فكان فى مصر دساتير، ولكنها لم تكن دولة دستورية.
وهى لن تكون كذلك فى الفترة القادمة إلا إذا ضمن الدستور الجديد حقوق الفئات الأضعف وحمى حرياتهم من ظلم الأقوياء إذا ظلموا وجبروتهم إذا تجبروا. وليست الحريات الدينية استثناء فى هذا المجال. فلا يكون الدستور دستوراً إلا إذا ضمن حرية ممارسة الشعائر الدينية للجميع. ولذلك يبدو إغفال هذه الحرية فى المسودات الأولى لمشروع الدستور الجديد، ثم إعادتها مقصورة على الأديان السماوية فقط، بمثابة عودة إلى الوراء لأنها كانت متاحة للجميع فى دساتيرنا السابقة كلها منذ دستور 1923. والحال أن الصيغة الخاصة بالحريات الدينية المطروحة الآن تزيد القيود على هذه الحريات، بدلا من أن تقللها أو تزيلها. فوفقا لهذه الصيغة أصبحت حرية الاعتقاد مصونة فقط بعد أن كانت مطلقة، وصارت حرية ممارسة الشعائر الدينية مقصورة ضمنياً على أتباع الأديان السماوية الذين يحق لهم بناء دور عبادة فى الإطار الذى ينظمه القانون. فهى تنص على: (حرية الاعتقاد مصونة وتكفل الدولة حرية إقامة دور العبادة للأديان السماوية على النحو الذى ينظمه القانون).
فالإيجابية الوحيدة فى هذا النص هى حرية إقامة دور العبادة للمسيحيين، الذين عانوا طويلا بسبب تقييد حقهم فى بناء الكنائس وترميمها. وهذه خطوة إلى الأمام إذا لم يُفرغها القانون، الذى أحيل إليه تنظيم إقامة دور العبادة، من محتواها.
غير أنه فى مقابل هذه الخطوة، نجد خطوتين إلى الوراء بسبب خفض منزلة حرية الاعتقاد التى كانت مطلقة فصارت مصونة فقط، واستبعاد حرية ممارسة الشعائر الدينية لكل من لا يشملهم الحق فى بناء دور العبادة.
وهذا تراجع خطير لأنه يعيدنا إلى ما قبل دستور 1923 الذى وضع الأساس لإطلاق حرية الاعتقاد، وضمان ممارسة الشعائر الدينية مع بعض التحفظات التى أزيلت تدريجياً بعد ذلك.
فقد تناول دستور 1923 الحريات الدينية فى المادتين 12 و13، فخصص أولاهما لحرية الاعتقاد التى نص على أنها مطلقة، وجعل الثانية لحرية ممارسة الشعائر. وكان التحفظ المتعلق بمراعاة العادات والآداب فى المادة 13 مفهوماً فى بداية حياة دستورية جديدة، وقبل أن يستقر معنى الحريات الدينية ونطاقها فى العالم، فضلا عن أن النص شمل العقائد غير الدينية أيضا.
وظل نص هاتين المادتين فى دستور 1923 كما هو فى مشروع دستور 1954 ثم دستورى 1956 و1964 مع دمجهما فى مادة واحدة. وكان فى هذا الدمج خطوة للأمام لأن التحفظ الوارد على ممارسة الشعائر الدينية صار محدوداً بعد ربطه باحترام حرية الاعتقاد المطلقة.
وحقق دستور 1971 تقدما أكبر عندما أزال أى تحفظ على ممارسة الشعائر الدينية. فقد أصبحت المادة 46 فيه تنص على: (تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية). ولكن ازدياد التعصب الدينى وتنامى «الفتنة الطائفية» حالا دون تفعيل هذه الحرية وإزالة القيود القانونية العتيقة على بناء الكنائس وإصدار قانون عصرى لبناء دور العبادة.
غير أن عدم تفعيل ما ورد فى دستور 1971 يتطلب نصاً أقوى فى الدستور الجديد يُلزم الدولة بضمان احترام حرية ممارسة الشعائر، وليس استبعاد النص على هذه الحرية فى المسودات الأولى ثم إعادته- بعد جهد هائل- ولكن بعد ربطه ببناء دور العبادة. ويتيح هذا الربط لمن يضيقون الحريات منع بعض المصريين من ممارسة شعائرهم الدينية. فهل يليق بمصر أن يصدر فيها دستور عام 2012 أو 2013 أو أى عام يليهما خاليا من نص قوى يحمى حرية ممارسة الشعائر الدينية، ويلزم الدولة بضمان احترامها ويوجه المشرع القانونى فى هذا الاتجاه بصياغة واضحة؟

المصريون :: الحرية الدينية ( 1-3 ).. (مدخل إلى فهم الإشكالية)

الحرية الدينية ( 1-3 ).. (مدخل إلى فهم الإشكالية)
الحرية الدينية ( 1-3 ).. (مدخل إلى فهم الإشكالية) -د. عادل أحمد عبد الموجود
10
ديسمبر
2012
من أكثر مباحث الفكر إثارة لأبواب الجدل، وأيضًا لدرجات متفاوتة من الالتباس: مبحث حرية الاعتقاد؛ لما له من أهمية بالغة فى حياة الفرد والجماعة.
ومن وجوه التباس هذا المبحث فى أفهام كثيرين، الظن بأن هناك تعارضًا وتناقضًا بين حد الردة والمناداة بتطبيق إقامته وبين مبدأ الحرية العقائدية الذى خلصت إليه كل النظريات الفكرية والفلسفية، وخلصت إليه قبل ذلك الشريعة الإسلامية نفسها، بل إنها جاءت – أول ما جاءت – لتصل بالإنسان إلى هذه الحرية العقائدية. لذلك كان هناك من يتساءل منكرًا: كيف تقرر الشريعة الإسلامية حدًّا للردة فى حين أن معظم نصوصها الثابتة قاطعة الدلالة فى إطلاق حرية الإنسان فى الاعتقاد؟..
ومثل هذا الجدل يكشف عن قدر من الالتباس يصل إلى حد المساواة التامة لدى أصحاب هذه الذهنية بين حرية الاعتقاد وحرية الكفر، بمعنى الخروج من الملة، وليس بمعنى الكفر كموقف ابتدائى عند طرح وتصور الإشكالية، وقد أدى هذا الالتباس إلى فهم خاطئ كل الخطأ لقضية حرية الاعتقاد، حيث صار منسجمًا مع هذه الحرية – وفقًا لهذا الفهم الخاطئ- أن يعلن ويصرح الإنسان بخروجه عن دين الإسلام بعد سبق إذعانه له، بل يتفرع عن هذا الفهم مثال أكثر مغالطة؛ كأن يهرف كاتب – تحت مظلة هذه الحرية – بإنكار وجود الله سبحانه، أو غير ذلك من ثوابت الدين، فلا يجوز أن تُصادر كتابته ولا أن يحكم عليه بأنه مرتد خارج من الملة، وإنما الواجب حينئذ أن يُقارَع الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان كلمة بكلمة وجملة بجملة. وبناءً على ذلك فيحق للإنسان أن يدخل فى الإسلام متى شاء وأن يخرج منه متى شاء كذلك؛ وهو أقصى الخطأ والتطرف أيضًا فى تفسير وفهم قول الله سبحانه: {فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}.
وإذا ما طرحت هذه القضية على بساط الفكر والبحث؛ فإن السؤال/ المدخل إليها؛ هو: هل أباح القرآن الكريم هذه الفوضى تحت مسمى الحرية؟ أم أن لحرية الفكر والعقيدة معنى آخر غير ما ذهب إليه المجادلون بهذا الزعم؟.. وبصيغة أخرى: هل من الصحيح أن حرية الفكر لازمها حرية الكفر.. مع الوضع فى الاعتبار أن المقصود بالكفر هنا هو الخروج من الإسلام بعد اعتناقه والدخول فيه، وليس الكفر ابتداء من غير دخول فى الإسلام؟
فالحقيقة التى لا مراء فيها والتى قررها الإسلام وطبقها عملاً وواقعًا أنه حين يُعرض على الناس فإنه لا يقتحم عليهم ولا يطلب من أتباعه فرضه بالقوة وبإرغام الناس عليه، وإنما الناس أمام الإسلام مطلقو الحرية والاختيار فى الدخول فيه والانضواء تحت شرعته بنفس قدر حريتهم فى الإعراض عنه، أما بعد أن يعلن الإنسان اعتناقه للإسلام والإذعان له والدخول طواعية فيه وصيرورته واحدًا من أهله؛ فإن إعلانه هذا هو بمثابة العقد الملزم الذى تترتب عليه أمور وأحكام كثيرة، ومن أول هذه الأحكام حرمة الخروج من الإسلام والإلحاد فيه. فالإنسان هنا هو من فرض هذا الحكم على نفسه برضائه به قبل أن يدخل فى الإسلام وقبل أن يكون هذا الحكم سياجًا لحريته، والإسلام قد عنى فى هذا الموقف أن يمنح الإنسان ويقرر له أقصى قدر من الحرية مطلقًا من كل قيد، عن إدراك من شريعة الإسلام أن حرية الإنسان هى منطلقه نحو الكمال، ومن هنا يكون الإنسان فى سلوكه مصداق فطرته من الطهر والعفاف والصدق مع نفسه والآخرين والإخلاص لله سبحانه الذى منحه هذه الحرية ابتداء فى الإيمان به والإذعان له والرضاء طواعية بأحكامه، وفى هذا أنصع البرهان على أن الإسلام لا يصادر الحريات، بل يحرص ويحض على اتخاذها منطلقًا ومدرجًا إنسانيًّا نحو الكمال، أما أن تكون الحرية مرادفة للفوضى والتحلل من كل التزام فهذا هو النقيض من منهج الإسلام ورؤيته للحرية كمعنى وقيمة.
والحرية بمعناها الفوضوى المنفلت هذا هى طرح فكرى غربي، كان بدوره نتاجًا لتفاعلات اجتماعية وسياسية ودينية فى البيئات والمجتمعات الغربية، خاصة فى فترة ما يسمى بعصر النهضة، وقد جاءت كردة فعل عنيفة على تسلط الكنيسة واقتحامها حياة الناس اقتحامًا كان يطال حتى القصور وأروقة الحكم والسياسة، لذا فقد بلغ من عنف ردة الفعل هذه أن جاءت بهذا الفهم المتطرف الفوضوى لمعنى وقيمة الحرية، وقد عنى منظرو ذلك الفهم بوضع الضوابط القانونية لهذه الحرية متناسين لضوابطها الأخلاقية.
ولا شك أن هذه الحرية العارية تمامًا من أى ضابط أخلاقى هى حرية فى غاية النقصان رغم ما يبدو من ظاهرها أنها مطلقة وكاملة، لأنها بصورتها هذه تؤدى إلى تفلت أخلاقى وإباحية تهدد المجتمع وتدمر تماسكه بل ووجوده.
أما الحريات فى الإسلام فضابطها وازع دينى وباعث أخلاقى كامنان فى النفس يحددان ويسيجان حركة الفرد فى المجتمع وعلاقته به، وهو ما يهتم الدين بترسيخه فى أعماق النفس البشرية كضامن أول وأكيد للحريات. كما وأن الحرية فى الإسلام مقصودة لذاتها تحريرًا للفرد من العبودية والخضوع لغير الله سبحانه، أما فى غيره من المذاهب فهى مجرد وسيلة إلى غاية معينة، فحرية الفرد فى المذاهب اليسارية – مثلاً - مقيدة بمصلحة الجماعة، والتى هى فى الوقت نفسه مقيدة ومرهونة برأى وتوجه الحزب الحاكم، الذى هو فى الوقت عينه رهن برأى ورؤية رأس الحزب. وهكذا يتدرج هرم التبعية والقيود من أعلى إلى أسفل حتى نجد الإنسان الفرد منسحقًا تحت وطأة قيود وإملاءات وتسلط الجماعة والحزب والحاكم.
وعلى النقيض من المجتمعات الشيوعية نجد المجتمعات الرأسمالية وقد أعلت من شأن الحرية الفردية فغالت كل المغالاة، إذ صارت الحرية فيها مطلقة تجعل مصالح قلة من الأفراد الرأسماليين فوق مصالح الجماعة بل منتهبة لمصالح الجماعة، بما يثير ذلك من دواعى ونوازع الحقد الطبقى وما يترتب عليه من صراع مدمر بين الطبقات، والأمثلة على ذلك تكاد تكون حاضرة فى كل يوم، بما نشهده من حركات اجتماعية توشك أن تنقلب إلى ثورات تهدد بنيان المجتمع والدولة، وآخرها حركة ((احتلوا وول ستريت)) فى أصرخ مثال للمدن والمجتمعات الرأسمالية: نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية.
وللحديث بقية إن شاء الله.

السبت، 8 ديسمبر 2012

بانوراما الشرق الأوسط :: علم الأديان .. مساهمة في التأسيس

علم الأديان .. مساهمة في التأسيس

علم الأديان .. مساهمة في التأسيس

علم الأديان .. مساهمة في التأسيس
علم الأديان .. مساهمة في التأسيس
هذا الكتاب هو مبادرة علمية لفهم الظّاهرة الدّينية المستقاة من مختلف التجارب في شتّى الثقافات الإنسانية، ذلك ما يمكن أن يتجلّى من خلال عنوان الكتاب بصورة إجمالية. فمادته المتنوعّة تهدف بالأساس إلى دراسة مناهج تحليل الإنسان المتديّن وفهمه، هذه الظّاهرة الكونية الشيوع والمفارقة والممتزجة عبر إنسان مدرك في بعده الكلّي والجماعي، وداخل واقع معيش وأصلي، كغيره من المخلوقات. وكذلك يهدف الكتاب إلى الإلمام بشيء يبدو متجاوزا للإنسان ومنظورا إليه على أساس أنه واقعة متعالية وهو المقدّس.
إذ بين المقاربة العلمية والمقاربة اللاهوتية للدين بون شاسع، غير أن هيمنة هذه الأخيرة على التصورات والرؤى، خلقت نوعا من التداخل والضبابية تسبب في إزاحة مناهج القراءة العلمية وحضور العلوم الشرعية/اللاهوتية، حتى طغت وطمست غيرها. حيث صدر عن المركز الثقافي العربي في بيروت كتاب قيّم، بعنوان “علم الأديان: مساهمة في التأسيس”، للكاتب الفرنسي ميشال مسلان، بترجمة الأستاذ التونسي بجامعة لاسابيينسا بروما د. عزالدين عناية، يعرض لأول مرة، في الثقافة العربية، توضيحا لهذه الحدود والتداخلات. الكتاب مؤلّف علمي يتناول مناهج مقاربة الظواهر الدينية والمقدّس، من زوايا عدة. ومما يلفت في إهداء الترجمة توجّهها إلى الزيتونة والقرويين والنجف والأزهر، ربما لما ربطت المترجم من وشائج حميمة بجامعة الزيتونة، وهو خرّيج هذه الجامعة التاريخية، ولما لهذه الجامعات عموما من تاريخ عريق ودور حضاري جليل في العالم الإسلامي.
حيث ورد في توطئة الكتاب: لا يزال التناول العلمي للمقدّس وللظّواهر الدينية شبه غائب في الفكر العربي. وهو ما يطرح تساؤلاً حرجاً على الذات في مستهلّ الألفية الثالثة، ضمن أي عتاد رؤيوي تدخل المنافسة الحضارية المطروحة والرؤية تشكو من قَدَامة المناهج والانحصار في دوائر تأويل ضيّقة؟ إذ يستمرّ التعامل مع التجربة الدينية، دون تقدير لعمقها وثرائها، وهو ما يستوجب السّعي إلى إعادة النظر في أدوات وتحولات تلك الظاهرة بما ينسجم مع التغيرات التي حصلت للإنسان كفرد، وللمجتمعات كحاضنة.
فالراهن يكشف عن فراغ إبستمولوجي، برغم الحاجة الأكيدة والنفعية لخوض غمار التجربة العلمية، إذ تكاد تنحصر المقاربة للدين في المتابعة الداخلية، التي بقي فيها العقل، بمقاربَتيه الإيمانية أو العَلمانية، يطوف حول المناهج القديمة، المتبلورة مع العلوم الشرعية وفي أحضان أدب الملل والنِّحل. بشرحها حينا أو بإعادة النظر فيها أخرى، دون الخروج عن أطرها الكلاسيكية أو التنبّه إلى محدودية قدراتها، في متابعة الكائن الدّيني وظواهر المقدّس، ولم يتطلّع إلى تدشين منهج تعامل محدث.
ذلك ما أجّل حتى الراهن ظهور “علوم دينية” في الفكر العربي، بالمعنى الإبستمولوجي للكلمة، مثل: علم الاجتماع الديني، أو الإناسة الدينية، أو تاريخ الأديان، أو علم النفس الديني، أو علم مقارنة الأديان وما شابهها.
من جانب آخر، قطع الغرب شوطاً بعيداً في ذلك، قلّب فيه التجارب الدينية للبشر من أوجه مختلفة وزوايا عدّة، وصاغ بشأنها الموسوعات والقواميس والإحصاءات والمؤلّفات، وخصّص لها أقسام الدراسات ومراكز الأبحاث في جامعاته وخارجها.
ونظرا لانعدام المؤلفات في هذا المبحث في البلاد العربية يأتي هذا المؤلَّف ليسد ثغرة علمية بارزة. فكما يبين الكتاب أن علوم الشريعة أو علوم اللاهوت عموما، في جل الديانات، هي علوم معيارية سياقاتها مشروطة دائما بمدى ما يتمتع به الإيمان من صدق، فهي مانعة وغالباً ما تكون واحدية. أما علم الأديان فلا يستطيع أن يكون محل إجلال أو إدانة، بسبب الموضوعية العلمية العليا التي تصبغه. إذن مسعيا الدراسة العلمية واللاهوتية مختلفا السياق، فحقل دراسة علم الأديان يتميز كلياً عن المقاربات اللاهوتية من الناحية النوعية والكمية، فهذا الشكل الأخير يجيب عن سؤال: ما الواجب علينا الإيمان به؟ ولماذا ينبغي علينا الإيمان بذلك؟ في حين أن علم الأديان فهو يهتم بكل ما هو معتقَد من طرف البشر، بفضل التقدير الذي يوليه للإبداعات والمفاهيم الدينية للبشرية. فهو علم ينتهي حقيقة إلى فهم أكثر حداثة وإحاطة، لما يقدّمه كل دين لأتباعه، باحثاً قبل كل شيء عن التقاط معاني اللغات الدينية ومفادها العميق بغية فهم أوضح وأشمل. فهو يحلل ويقارن ويوضح ويسبر الأغوار محاولاً أن يتفكّر في الأمر بطريقة تحليلية صارمة توصل إلى توليف جامع، عابراً من مستوى اختبار المقدّس المُعاش إلى مستوى المفاهيم.
تأتي هذه الترجمة، لكتاب يعدّ من الكلاسيكيات في مناهج دراسة الظواهر الدينية، محاولةً لحفز التناول العلمي لدى الباحثين العرب. فالمؤلِّف مشهود له بعمق تفكيره وعلميته، أشرف على عدّة موسوعات كما تولى عدة مهام في مراكز الأبحاث والجامعات الغربية. وهو من المساهمين في بلورة المنهج الشامل لعلم الأديان، الذي يتطلّع إلى الإحاطة بالتجربة الدينية للإنسان، بما يرنو له هذا العلم من تأسيس أداة عقلية جديدة، تتناول “الكائن المتديّن” والمقدّس المعاش. الكتاب منهجي ويتوجه إلى الذين لهم اهتمامات علمية في متابعة الظواهر الدينية، بعيدا عن الصخب السطحي والجدل العقيم السائدين اليوم في الحديث عن الدين.
أما المترجم عزالدين عناية فهو تونسي إيطالي، خرّيج الجامعة الزيتونية وجامعة القديس توما الأكويني في روما متخصص في الدراسات العلمية للأديان. يدرس في جامعة روما لاسابيينسا. نشر مجموعة هامة من الأبحاث والترجمات من الفرنسية والإيطالية، منها: “نحن والمسيحية في العالم العربي وفي العالم”، و”الاستهواد العربي”، و”علم الاجتماع الديني” للإيطالي إنزو باتشي، و”الإسلام الإيطالي” لعالم الاجتماع ستيفانو أليافي.

علم الأديان.. مساهمة في التأسيس
تأليف: ميشال مسلان
ترجمة: عزالدّين عناية
الناشر: المركز الثقافي العربي بيروت
320 صفحة
المترجم عزالدين عناية

الاثنين، 3 ديسمبر 2012

إحصائية عدد المسلمين في العالم .. توقعات بين عامي (2010 و 2030) - تقارير وحوارات - موقع المسلمون في العالم - شبكة الألوكة

إحصائية عدد المسلمين في العالم .. توقعات بين عامي (2010 و 2030) - تقارير وحوارات - موقع المسلمون في العالم - شبكة الألوكة


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/World_Muslims/0/47000/#ixzz2E16pPNVw

شارك

Share |