الجمعة، 27 سبتمبر 2013

الإسلام السياسي وتحديات الربيع العربي - الشرق

الإسلام السياسي وتحديات الربيع العربي

الإسلام السياسي وتحديات الربيع العربي

طباعة ٢ تعليقات
إنّ القصور في تحليل ثورات الربيع العربي وتداعياتها على تجربة الإسلاميين العرب، من شأنه أن يحول الأزمة من حيز الجماعات الإسلامية في الدول المعنية بالثورات، إلى كل التجربة الإسلامية في الدول العربية بلا استثناء، وهو ما يفرض الخروج من حالة الانفعال مع أو ضد تجربة الإسلاميين، إلى التدقيق في دهاليز التجربة، والبحث العميق في نقاط القوة والضعف، وهي محاولة جادة مطلوبة للوصول إلى نتائج تطبيقية في تجربة الحكم والإدارة التي سعى لها الإسلاميون دهرا من السنين.

الخيال السياسي والحلم الاجتماعي

لم يتوقع أكثر المحللين فطنة أن تنتهي تجربة الإخوان المسلمين في مصر بهذه السرعة الفجائية، وأن يتحول مزاج الشارع المصري في غضون العام من الإقبال على انتخاب الإخوان المسلمين والوثوق بهم، إلى مليونية ترفض حكمهم وتطالب بإنهائه بصورة حاسمة. كان من المرجح طبقا للمراقبين أن يحقق الإسلاميون بعض النجاحات النوعية اعتمادا على مكتسبات وإمكانات السلطة مدعومة بالتأييد الشعبي الواسع للتغيير الذي اختار الإسلاميين بوصفهم البديل الآمن، أو لا أقل أن يتصاعد الاستياء الشعبي ضد التجربة الإسلامية بعد فترة زمنية معتبرة، وبعد تراكم عدد لا بأس به من الأخطاء.
لكن هذا التوقع لم يتماش مع سياقات المخاض العسير الذي ضرب الدول العربية والإسلامية من المحيط إلى الخليج، وقد بدا واضحا أن الدعم المعنوي والمادي الذي قدمته القوى الغربية للإسلام السياسي، لم يكن خيارا نهائيا ومنجزا بوصفه البديل المستقر لاستلام كراسي الحكم الفارغة، وإنما مجرد أداة ناجعة وقوية للتخلص من أنظمة ما قبل الربيع العربي، فشعبية التيار الإسلامي، وقدراته التنظيمية، وضعاه في دائرة «الخيارات الصعبة» التي لا يمكن تجاوزها بسهولة، كما أن الاستعدادات التي أبداها الإسلام الحركي في كل من مصر وتونس وليبيا وسوريا بوصفه عراب الإسلام الأردوغاني التركي المتصالح مع الغرب، كان مبعث أمان الدول الغربية.
هكذا تألق الإسلاميون المتأهبون لاستلام ميراث الحكم في مبادراتهم، فلم تكن مصر إلا محطة جاورتها محطات أخرى في تسلم دفة الحكم في تونس وليبيا، في الوقت الذي كان نظراؤهم يخوضون معركة طاحنة في سوريا، ودخلوا في مساومات متقدمة للمشاركة في الحكم في المغرب والأردن، واصطدموا مع حكوماتهم في الكويت والإمارات، ربما تكون التجارب الأخيرة أقل بريقا لكنها تشكل في مجملها صورة للإسلام السياسي الذي انتفض ليعيد مجد الخلافة وينجز الخيال السياسي للإسلاميين بوراثة الأرض.
على أن ثمة معضلات حقيقية واجهت ولا تزال تواجه الحراك الإسلامي في مساعيه نحو الحكم، إذ لم ينتج الإسلاميون في تجربتهم الراهنة أو حتى السالفة، خطابا إسلاميا رصينا متوازنا بمستوى إدارة دولة متنوعة، ولم يفرقوا بين الخيال السياسي والواقع المجتمعي الذي ينتظره أغلب الناس، فالمسألة كانت أكبر بكثير من كونها عملية توارث لمكتسبات الحكم والدولة، وأوسع من تحقيق انتصارات جانبية أو مؤقتة على الخصوم، وإنما هي مسؤوليات عميقة تتطلب توفير الأدوات الحديثة والملائمة لإدارتها وتحقيق مقاصدها، كما تتطلب قدرة فائقة على فهم الواقع ومتطلباته.
بالاطلاع على أغلب ما نشر في السنوات الأخيرة، نلاحظ أن الإخوان المسلمين وأمثالهم من مناضلي الإسلام الحركي، اكتفوا بنقد الحكومات القائمة، ونشر المعلومات حول النظم القمعية، واستفادوا من وسائل الإعلام الحديثة لتوسعة دائرة الأنصار حول عدد من القضايا التي تعكس معاناة الناس اليومية، لكنهم لم يقدموا مادة علمية رصينة توضح شكل النظام السياسي كما يراه الإنسان المسلم في العصر الحديث، فقد كتب الإسلاميون كثيرا من الكتب والمقالات حول قضايا مختلفة في الشأن العام، لكن رغم كثافة وانتشار كتاباتهم، لم يقدموا فكراً عميقاً في شأن الدولة والحكم والإدارة، وتمسكوا بشعار الإسلام هو الحل، وأن أهل الشريعة أقدر على إدارة دار الإسلام.
إن القول بأن الشريعة تحتوي على كل الإجابات التي يطرحها الإنسان المعاصر أمر مقبول من الناحية النظرية عند الإنسان المسلم، لكنها لا تفي بالغرض عندما يكون الإسلامي في موضع الحكم والإدارة، ويواجه عديدا من الأسئلة الحرجة والإشكالات اليومية، والمشكلات التي هي مقتضيات عمل السلطة، ومن طبيعة التحديات التي تبرز أمام إدارة الجهاز البيروقراطي في الدولة الحديثة، إن أغلب ما كتبه الإسلاميون في هذا السياق لم يتجاوز النظريات العامة المدرسية، والطرح الجمالي للنظام الإسلامي، فيما توارت المحاولات الفكرية الجادة والبحوث المعمقة.

الإسلام السياسي والخطاب الغائب

أحد أسباب ذلك القصور يعود إلى انشغال الحركات الإسلامية المعنية – الإخوان المسلمون مثالا- في مقارعة السلطة القائمة، والتهاء قادتها ورجالها بأمور تخص التنظيم الداخلي للجماعة، أما مسألة «التمكين» التي تبشر بها الجماعة فلم تتحول إلى فكرة واثقة عند الإسلاميين، وإنما ظلت مجرد «أمل منتظر» تسعى إليها الجماعة الإسلامية على افتراض أنها سوف تتحقق في زمن قادم، زمن هم ليسوا جزءا منه بل مرتحلين عنه، وظلت التحديات سالفة الذكر جزءا من الهموم الهامشية، واكتفت الجماعة ورجالها بتناولها كمواد إعلامية تصلح لتعبأة جمهور متحفز، وتعمل على تعميق إيمانهم بالجماعة، ولم يطرحوها كضرورات ملحة لواقع قائم.
ولذا يلاحظ أن أغلب التجديدات والمواقف في القضايا العامة، لا تبادر الجماعة الإسلامية للنظر فيها، أو التعديل عليها ومراجعتها، إلا بعد أن تشعر بضغط الأمر الواقع، وأنها في موقف لا يسمح لها بمواجهة التيار الاجتماعي أو السياسي العام، وهو الأمر الذي بدا واضحا في طريقة تعاطي الإسلاميين المتردد مع مشاركة المرأة السياسية، أو قبولهم المتأخر بالدستور الوضعي، أو الخضوع القسري لنتائج صناديق الاقتراع وفق النظام الحديث، أو ضبابية الرؤية حول حقوق المواطنة واستحقاقاتها السياسية والاجتماعية وغيرها.
في مصر مثلا لم ينهر مشروع الإخوان المسلمين السياسي بسبب الظروف المعيشية فقط، وإن مثّل ذلك عامل ضغط على الناس التي حلمت بمستقبل مختلف، وإنما حصل ذلك بسبب فشل الإخوان في إنتاج خطاب حديث يستوعب تطلعات الشعب المصري، ويكسب الفرقاء لصالح مشروع الدولة. وهو ما انتهى إلى عزلة الإسلاميين عن فئات واسعة من المجتمع، التقليدية والحديثة، فلم يترددوا عن افتعال خصومة مع مؤسسة الأزهر العريقة، وتجلت الطائفية بأبشع صورها، فبرزت الصراعات المذهبية القديمة بين الأشعرية الصوفية والسلفية والشيعة، وتضامن الحكم مع المجموعات الإسلامية المتشددة ضد القوى الوطنية، وعاشت الكنيسة أسوأ ظروفها في ظل حكم الإسلاميين.

الثورة .. الشرعية المتحولة

إنّ وصول حركة سياسية إلى السلطة باسم الإسلام، والعمل على تعزيز الهوية الإسلامية هو أمر مشروع، لكن توقف الحركة عند مهمة الدفاع عن الهوية وترصيص صفوف الجماعة، هو فشل لذلك المشروع وسقوط للهوية ذاتها، فالعلاقة مع الهوية هي علاقة أخلاقية بالدرجة الأولى، والتقدم نحو نظام العدالة وسيادة دولة القانون، والتفكير العميق بإنجاز البديل، هو أمر يتفق مع تعزيز الهوية، ولا يتعارض معها، بل ويسهم في رص صفوف المجتمع لصالح مقررات الحكم.
على الإسلاميين اليوم أن يدركوا حقيقة أن التنظيمات المجتمعية الثورية التي ولدت أثناء وبعد الربيع العربي، وواجهت آلات القمع التقليدية بكل بسالة، واستطاعت أن تنجز مهمة إسقاط الحكومات الديكتاتورية العريقة، لم يعد بالإمكان التعاطي معها بلغة القوة والتهديد والقسر، ولابد لهم من إنتاج خطاب توافقي، يستوعب المجتمع بكل أطيافه وتوجهاته.
كما يتوجب عليهم الإقرار بأن عالم ما بعد الربيع العربي تغير وإلى حد كبير عن شكله القديم، حيث وجدت أشكال جديدة وفاعلة خارج حيز المؤسسات التقليدية، ولم تعد أنماط العلاقات القديمة مؤثرة بنفس الدرجة والأهمية، كما لم تعد وسائل جس نبض الشارع على حالها القديم، فجيل ما بعد الربيع العربي هو جيل تقني وثوري ومغامر، ولا يمكن الاتكاء على الأساليب القديمة وحدها لإنجاز الشرعية السياسية أو قياس حجم الرضا الشعبي العام.

حظر جمعية الإخوان المسلمين بمصر ودلالاته - رضوان السيد - جريدة الشرق الأوسط

كتب محرر دار الغربة : المشكلة مع الدكتور رضوان السيد في توظيفه السياسي للفكرة المعقولة والقابلة للرد والقبول فيحكم على دولة شرعيتها (دينية شعبية وفق مصطلح الشيخ ابو الأعلى المودودي ) ويستثني أخرى أساس قيامها  يستند إلى الغَلَبَة والشرعية فيها اليوم قَبَلية لا علاقة لها بالتنظيمات أوبالشريعة  إلا تحدرها من تحالف تنظيمي ( قَبَلي - شرعي ) ليحكم بالتالي على نظام الرئيس محمد مرسي ( الإخوان ) الذي وصل بشرعيتين ثورية شعبية وانتخابية شعبية لا يفترض أن ينقضهما قيام قسم من الشعب في وجه النظام مهما بلغت الأخطاء . وموقفي في الشأن المصري هو قبول الدعوة إلى المراجعة السياسية والمصالحة الوطنية ووقف العنف الداخلي قبل الوصول إلى مأزق الإنقسام والتقسيم وتضييع هوية وقوة مصر من يد العرب والمسلمين والمسيحيين من غير العرب فيستجيب الإخوان المسلمون لمحاولة إدخالهم في متاهة ودوامة إثبات شرعية التنظيم على حساب إثبات شرعية الوطن والدولة وفقا لقواعد لعبة مصارعة الثيران بإلهاء الثور بمواجهة العلم الأحمر دون القاتل المصارع .

حظر جمعية الإخوان المسلمين بمصر ودلالاته - رضوان السيد
حظر جمعية الإخوان المسلمين بمصر ودلالاته
لا ينبغي الاستخفاف بقرار القضاء المصري فرض الحظر على جمعية (جماعة) الإخوان المسلمين بالبلاد. ليس لأن القرار أو الحكم له جوانب سياسية؛ بل لأنها ليست المرة الأولى التي يحصل فيها ذلك: فقد حصل الأمر نفسه بعد اتهام أعضاء بالتنظيم الخاص لـ«الإخوان» بقتل رئيس وزراء مصر في الأربعينات من القرن الماضي. أما القرارات الأخرى ضد الجماعة عامي 1954 و1965 فقد كانت سياسية وسيادية. وفي الحالتين المذكورتين فقد كان الاتهام المشاركة في أعمال إرهابية ضد أمن الدولة والنظام العام. أما هذه المرة (أي بتاريخ 2013/9/23) فقد كانت التهمة قيام الجمعية ذات الطابع «الخيري والاجتماعي» بنشاطات سياسية، ووجود أسلحة بمقراتها، وتحريض قادتها على العنف ضد خصومها من المتظاهرين السلميين.
سيقول كثيرون (بينهم عرب ومسلمون وغربيون) إن هذا الحكم القضائي سياسي الدوافع، لأنه جاء بعد إقصاء الرئيس محمد مرسي، وإصرار «الإخوان» وحلفائهم على الاعتصام والتظاهر والاشتباك مع قوات الأمن والجيش من أجل استعادة «الشرعية والشريعة». ومصطلحا الشرعية والشريعة في نظري هما الخيط الذي ينبغي التقاطه لفهم ظاهرة الإسلام السياسي السني والشيعي خلال العقود الماضية. فالذي لا يعرف أصول الحركات والتنظيمات الإسلامية المسلحة وغير المسلحة سيتجاهل مفردة «الشريعة» في الشعار المرفوع، وسيعتبر أن «الشرعية» هي المعروفة شروطها في العالم المعاصر مثل الدستور والانتخابات الحرة، وفصل السلطات، والأحزاب السياسية المتنافسة في المجتمع السياسي المتعدد والمفتوح. و«الإخوان» أنفسهم ومتفرعاتهم وأنصارهم بسائر البلاد العربية وبعد الانتخابات بالذات هم الذين شجعوا ولا يزالون على الانطباع بأنهم ليس في أذهانهم وتفكيرهم غير ذلك، عندما يتحدث الرئيس مرسي أو الغنوشي أو غيرهما عن الشرعية.
أما الواقع ومنذ الأربعينات من القرن الماضي فهو أن سائر الجمعيات والجماعات الإسلامية المتحولة إلى تنظيمات وأحزاب تربط ربطا وثيقا بين تحقق الشرعية وتطبيق الشريعة. وهذا الربط يعني عدة أمور؛ الأول أنه في زمن الدولة الوطنية الذي بدأ في حقبة ما بين الحربين العالميتين، تسللت قناعة إلى فئات من ذوي الذهنية الدينية العالية الحساسية، بأن الشرعية التقليدية في المجتمعات والدول الإسلامية تقلصت وأوشكت على الزوال، فظهرت في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي مئات الجمعيات للحفاظ على الهوية الدينية التي يتهددها الاستعمار والتغريب والدولة الوطنية البازغة. والأمر الثاني أن هذه الجمعيات نسجت خلال عقدين من الصراع لنفسها شرنقة تركزت فيها تلك الشرعية الزائلة عن سواها. وبالطبع فإن المشروع الوطني لدى الفئات الأَوسع والذي كان يحقق نجاحات حتى الستينات من القرن الماضي هو الذي ظل يستأثر بمشاعر الأكثريات الشعبية، مما أدى إلى تحول تلك الجمعيات، إلى أقليات صغيره وحاقدة.
والأمر الثالث أنه خلال تلك العقود الثلاثة في ما بين الثلاثينات والستينات أنتجت تلك الجماعات والتنظيمات أدبيات هائلة الاتساع تغذت على ثقافة الحرب الباردة وآثارها على العالمين العربي والإسلامي، ومن ضمن ذلك عقيدة الحاكمية في مواجهة الدولة الوطنية. والحاكمية تعني أن هناك نظاما كاملا موحى وشاملا لا بد من فرضه على الدولة والمجتمعات أو على المجتمعات من خلال النظام السياسي الذي يسيطر فيه الإسلاميون، ولا طريقة لاستعادة «الشرعية» إلا ذلك. والأمر الرابع أن خيبات الدولة الوطنية وقمعها زادا من شعبية تلك التنظيمات الإحيائية والأصولية. وقد تحرك الجمهور في كل مكان ضد الأنظمة في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي: ومن باكستان إلى إيران إلى مصر إلى سوريا. أما في إيران فإن المؤسسة الدينية القوية استطاعت استيعاب ثوران العامة فأقامت دولة دينية قوامها نظام ولاية الفقيه (الصيغة الشيعية للحاكمية). وأما في مصر وبلدان عربية أخرى، وبسبب عجز الإسلاميين الجدد عن الاستيلاء على السلطة؛ فقد انفجرت في أوساطهم وعلى حواشيهم جهاديات تحمل الفكر نفسه، فحولت الإسلام إلى مشكلة عالمية.
والأمر الخامس أن تيارا رئيسا في تنظيمات الشريعة والشرعية هذه ما دخل مباشرة في العنف آنذاك، وإنما تابع عمليات الأسلمة المتشددة في المجتمعات، وأغرى فئات واسعة من الطبقات الوسطى بسلميته فانخرطت فيه أو عبّرت شرائحها المثقفة عن خيبتها من الأنظمة باعتناق مقولاته، وصلاحيته لأن يكون بديلا طهوريا عقائديا وسياسيا.. وهاتان المسألتان: اليأس من الأوضاع القائمة، والاقتناع بأن الإسلام الفصامي هذا هو الحلّ الأمثل لمسألة الشرعية، هما اللتان أبرزتا الإسلام السياسي على السطح بعد سقوط القمع خلال الثورات. والأمر السادس والأخير أن الخطير على الدين والدولة في المجالين العربي والإسلامي ليس وصول هذا الحزب الإسلامي أو ذاك للسلطة، فقد وصلت أحزاب ذات عنوان ديني للسلطة في أوروبا بعد الحرب الثانية. بل الخطير هو تلك العملية الهائلة خلال عقود لتحويل المفاهيم: الإسلام دين ودولة. وقد ذهبت «الشرعية» لأن الدين خرج من الدولة بقيام الدول الوطنية القائمة على المواطنة وليس على مقتضيات الهوية. ولا بد لكي تستعاد الشرعية من قيام دولة إسلامية، أو لا تكون الدولة إسلامية من جديد إلا بالاستيلاء على النظام السياسي وفرض تطبيق الشريعة. وبالطبع فإن هذه المقولات العقائدية جميعا فاسدة. فديننا كامل وكذلك شرعية مجتمعاتنا وشريعتها. أما الأنظمة السياسية فهي عرضة للتغيير استنادا إلى إرادة الجمهور ومصالحه. ولذا عندما ثار الشبان العرب ما كانت شكواهم من قلة دين حكامهم العسكريين، بل من قمعهم وفسادهم، وهدرهم للمصالح العامة. وهوية الدول والمجتمعات لا يحددها النظام السياسي القائم بل ثوابت الدين والثقافة والقومية والأرض والتاريخ. ولذا يكون خطيرا بالفعل هذا الدمج بين الشرعية والتنظيم الحزبي باسم الدين، وتسليم الدين إلى نظام سياسي حزبي يدخله في بطن الدولة، ويحول الصراع السياسي إلى مجادلة بين أحزاب متنافسة على السلطة، فتصبح هذه الفئة مسلمة لأنها أيّدت «الإخوان»، وتلك منحرفة لأنها لم تؤيدهم!
يوم الحكم على جمعية الإخوان بالحظر حدثت وقائع أخرى مفزعة كلها باسم الإسلام: أغارت حركة «شباب المجاهدين» الصومالية على مجمع تجاري في كينيا فقتلت ستين إنسانا أو يزيد. واقتحم «إسلاميون» كنيسة بباكستان وقتلوا عشرات المسيحيين المصلين. وأُعلن أن إيران استوردت إلى سوريا شيعة أفغانا للقتال مع نظام الأسد إلى جانب الحرس الثوري الإيراني وشيعة من لبنان والعراق واليمن والبحرين. كما أُعلن أن أفغان «القاعدة» بسوريا وشيشانها ما اصطدموا فقط بأفغان إيران؛ بل أيضا بجبهة النصرة التي تنتمي إلى فرع آخر من «القاعدة». وأعلن الجيش المصري أخيرا عن عمليات قبض على «جهاديين» في سيناء وبالداخل المصري يناضلون من أجل عودة الرئيس المصري المعزول!
إيران الدولة القومية تستخدم المذهب الشيعي لخدمة مصالحها، فتضرب البلدان وتشرذم المجتمعات العربية والإسلامية. و«الإخوان المسلمون» المصريون يستخدمون «الجهاديين» السنة للدفاع عن شرعيتهم. و«القاعدة» وأنصارها يمارسون الإرهاب باسم الإسلام في سائر أنحاء العالم، وإنما بخاصة ضد العرب والمسلمين! وأنا أرى أن طبيعة ديننا سنة وشيعة لم تتغير، وهؤلاء جميعا انشقاقات تضر بديننا وأخلاقنا وأعراف مجتمعاتنا وعيشها التاريخي والحاضر. ولا فرق في ذلك بين الجهادي والتنظيمي وتابع ولاية الفقيه. ولست أدري كيف تبلغ عمليات التحويل والتزوير للنص القرآني (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا) بحيث تستباح الدماء إلى حدود الإبادة!
إن المهمة الضرورية والمصيرية والحاضرة لأهل الدين والأخلاق في مجتمعاتنا اليوم وغدا تتمثل في الخروج من هذا الإسلام السياسي بشتى أنواعه وأشكاله والذي يضرب الشريعة والشرعية باسم الدين!

بوابة فيتو: "الإيسيسكو" تصدر دليلًا للأئمة لتطوير الخطاب الإسلامى

بوابة فيتو: "الإيسيسكو" تصدر دليلًا للأئمة لتطوير الخطاب الإسلامى

"الإيسيسكو" تصدر دليلًا للأئمة لتطوير الخطاب الإسلامى

الأربعاء 11/سبتمبر/2013 - 02:19 م
اجتماع المنظمة الإسلامية اجتماع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة –إيسيسكو القاهرة أ ش أ
 
أصدرت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة –إيسيسكو- دليل الأئمة والمرشدين الدينيين خارج العالم الإسلامي للمساعدة في تطوير الخطاب الإسلامى وفق قيم الحوار والوسطية والاعتدال.

وأوضحت "الإيسيسكو"، في بيان صحفى اليوم الأربعاء، أن الإصدار الجديد في 182 صفحة ويتضمن خمسة فصول تتناول أهمية تكوين الأئمة، ومنهجية إعداد الخطبة والموعظة، ومنهجية إلقائهما، ومهمة الدعوة والحوار والتواصل، وأساسيات في الثقافة الإدارية والقانونية. 

وقد استعانت الإيسيسكو في إعداد هذا الدليل بالأستاذ عبد السلام الأحمر، عضو الرابطة المحمدية للعلماء في المملكة المغربية الذي شارك في تأطير مجموعة من دورات تأهيل الأئمة.

وجاء نشر هذا الدليل في إطار برنامج العمل الخاص بتكوين الأئمة الذي اعتمده الاجتماع التاسع للمجلس الأعلى للتربية والعلوم والثقافة للمسلمين خارج العالم الإسلامي المنعقد في موسكو خلال شهر يونيو 2008، وحرصت الإيسيسكو على تقديمه في اجتماعات رؤساء المراكز الثقافية والجمعيات الإسلامية في أمريكا اللاتينية والكاريبي، وجنوب شرق آسيا والمحيط الهادي. 

يذكر أن الإيسيسكو كانت قد عقدت بالتعاون مع وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية في دولة الكويت مجموعة من الدورات التدريبية لتكوين وتأهيل الأئمة في مجالات الحوار والوسطية والاعتدال في كل من سنغافورة (أكتوبر 2008)، وآخر بألمانيا، وتيرانا بألبانيا (2009)، وبروكسيل ببلجيكا (2010)، ولشبونة بالبرتغال (2011)، وفوزدو إيغواسو بالبرازيل، وبادوفا بإيطاليا (2012)، وباليرمو بجزيرة صقلية (2013)، إضافة إلى مجموعة أخرى من الدورات لفائدة الأئمة والدعاة في أفريقيا.

الجمعة، 13 سبتمبر 2013

الأهرام :: توقعات مستقبل الإسلام السياسى بعد ثورة‏30‏ يونيو هل يقدم التيار الإسلامي مرشحا رئاسيا في الانتخابات القادمة؟

محمد أبو العينين
بعد الثورة الشعبية التي شهدتها مصر في‏30‏ يونيو والتي أطاحت بحكم جماعة الإخوان المسلمين‏,‏ وأثبتت الأغلبية الصامتة حزب الكنبة بعد نزولها للشارع أنها القوي المؤثرة الآن في المجتمع المصري‏,‏ والتي تستطيع تغيير المسار‏,‏ وتصحيح الأوضاع‏,‏ مع تراجع تيار الاسلام السياسي‏,‏ بعد سقوط الاخوان المسلمين‏.  وفشل تجربتهم في الحكم, إلا أن العنف الإخواني والملاحقات الأمنية قد تتسبب في القضاء علي ما تبقي من أمل في مستقبل التيار الاسلام السياسي في مصر, بجانب أن هناك رفض شعبي لاستمرار الأحزاب الدينية, خاصة التي شارك المنتمون لها في أعمال عنف وتهديد للمواطنين, ولكن في حالة اخفاق الحكومة الحالية في تنفيذ خريطة الطريق, وتحسين الظروف المعيشية وتوفير الخدمات, قد يؤدي ذلك لاحتمالات عودة تيارات الإسلام السياسي بقوة, ونظرا للسيولة السياسية التي يشهدها الشارع السياسي المصري, تتباين الآراء حول مستقبل الإسلام السياسي في مصر وملامح الخريطة السياسية في الفترة المقبلة, فهناك من يري ضرورة حظر هذه التيارات بعد أن ثبت استغلالها للدين بهدف الوصول إلي سلطة الحكم والاحتفاظ بها, وهناك من يتوقع استمرار تيار الإسلام السياسي في الحياة السياسية ومشاركة أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية بصفة مستقلين, وآخر يري عزوف جماعة الإخوان المسلمين عن العمل السياسي واللجوء للعنف والاغتيالات, بينما يطالب آخرين بعدم الاقصاء و تعاون كل القوي السياسية في بناء الوطن, مع مراجعة التيارات الاسلامية لخطابها, وأسلوب عملها, وأدواتها, والفصل بين عملها الدعوي والسياسي. في هذا الملف نستعرض آراء مفكرين وسياسيين وأساتذة علوم سياسية واجتماع سياسي, لمحاولة معرفة مستقبل التيار الاسلامي في العملية السياسية, وتحديد ملامح للخريطة السياسية في الفترة المقبلة.
a يؤكد د. ناجح ابراهيم المفكر الاسلامي علي أن الحركة الإسلامية أساءت للمشروع الاسلامي من خلال أمرين الأول الخطاب الاسلامي الذي قدمته في الفترة الماضية, كان خطابا استعدائيا واستعلائيا ويدعو للانتقام وليس العكس, وفيه خطاب تكفيري للآخرين, وهذا الخطاب أساء اساءة بالغة للمشروع الاسلامي, وينبغي مراجعة هذا الخطاب من جديد, الأمرالثاني تبني شعار الشرعية أو الدماء, وهذا الشعار الذي أدي الي الحرب والعنف واراقة الدماء في الشوارع, واستلهم هذا الشعار من التجربة الجزائرية الفاشلة, والتي أدت لمقتل أكثر من100 ألف قتيل, وجرح أكثر من70 ألف جريح, ومع ذلك لم تعد الشرعية ولم تحقن الدماء, ولم تطبق الشريعة الاسلامية, وهذا ما حدث أيضا في مصر لم ندرك الشرعية ولم نحقن الدماء.
مشيرا الي أن المشروع الاسلامي لم يسقط في مصر بسقوط مرسي, حيث لم يسقط المشروع الاسلامي من قبل بوفاة النبي صلي الله عليه وسلم, أوبسقوط الدولة الأموية أو العباسية, حيث أن المشروع الاسلامي دعوة واصلاح في المقام الأول, مشروع هداية الخلق الي الحق سبحانه وتعالي, وليس مشروع سلطة, والسلطة فيه وسيلة وليست غاية, فاذا تعارضت الوسيلة مع الغاية, فلتذهب الوسيلة للجحيم, وماحدث في الفترة الماضية بعد25 يناير هو خسارة جولة سياسية.
وعن مستقبل تيار الاسلام السياسي في العملية السياسية أكد الدكتور ناجح ابراهيم أن نجاح التيار الاسلامي في المستقبل يتوقف علي الالتزام بعدة قواعد من بينها الفصل بين العقائدي الثابت والسياسي أو الحزبي المتغير, وعدم استخدام المساجد في العمل الحزبي وقصرها علي القضايا السياسية العامة التي تهم الوطن كله بالاضافة الي قضايا الدعوة وثوابت الاسلام, وعدم تكفير أو تخوين أو تفسيق المخالف لها في الرأي السياسي أو الاختيارات السياسية, والفصل بين عمل الجماعات الدعوي وعمل الأحزاب السياسي, فاذا وصلت للحكم فينبغي عدم التداخل بين مؤسسات الدولة وبين الجماعة والحزب( السبب الذي أدي لسقوط الدكتور مرسي وهو التداخل المعيب بين مؤسسات الدولة والجماعة والحزب حتي صار الثلاثة كالأواني المستطرقة يتحرك بها الماء من هنا الي هنا دون ضابط أو رابط).
مشددا علي ضرورة عودة جماعة الاخوان المسلمين للعمل السياسي, وعدم اقصائها أو اقصاء أي طرف لما فيه من ضرر كبير, وحتي لاتتحول للعمل السري الذي كله آفات وأضرار.
تيار يدعي التدين
تشير الدكتورة هدي زكريا أستاذ علم الاجتماع السياسي بأداب الزقازيق الي أن التيارات الإسلامية ظهرت في المجتمع كقوة هدامة سيطرت علي مقاليد القوة لضرب البناء الاجتماعي. مشيرة الي أن تلك التيارات سوف تسعي للبقاء في العملية السياسية, لكن دون وجود مستقبل سياسي لهذه التيارات, لأنهم لم يدركوا حتي الآن طبيعة المجتمع المصري الدينية, ومستوي تدينه, فالمجتمع المصري سبق اليهودية, والمسيحية, والإسلام, في التوحيد بعد أن نادي فرعون مصر اخناتون منذ عام1369 قبل الميلاد بالوحدانية, وعبقرية المصريين الدينية لا تسمح لأحد أن يهبط بهم لوثنية التيار الديني.
وتري الدكتورة هدي زكريا أننا أمام تيار يدعي التدين, وينتمي فكريا لحالة من الوثنية التي ترتدي رداءا إسلاميا من الخارج, فرغم أن الأديان السماوية بناءة, حيث حول الإسلام القبائل من الوضع البدوي لدولة عظمي, إلا أن التيار الاسلامي الآن يتكلم عن الأهل والعشيرة, ورغم أن الإسلام كان حافزا للتقدم وصانع للنهضة, فإذا بهم يحولونه لمعول للهدم والتخلف. مؤكدة علي أن مصير التيار الاسلامي في العمل السياسي يزداد ظلمة, بغض النظر عن العنف ولجوئهم له, لأن أفكارهم تزداد قتامة وظلاما يوما بعد يوم.
السلفيين أكثر تشددا
توضح الدكتورة عالية المهدي العميد السابق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن العمل السياسي قبل25 يناير كان يقرره تيارين أساسيين الحزب الوطني في الحكم, وجماعة الاخوان المسلمين في المعارضة, الي جانب بعض الأحزاب السياسية التي لها تاريخ كأحزاب الوفد والتجمع, حيث المشهد من25 يناير الي30 يونيو كانت جماعة الاخوان مهيمنة علي الموقف, وظهر التيار السلفي الذي كان عمله في الأساس دعوي وديني, وأنشأ عدة أحزاب كلها تحت مظلته, وبدأت تظهر كيانات صغيرة تحت شعارات الثورة.
موضحة أن بعض الأحزاب الصغيرة سوف تختفي من الوجود في الفترة القادمة, وأن الأحزاب السلفية سوف تظهر علي الساحة لفترة محدودة, لأنها بالرغم من أنها تقدم الطرح الديني المختلف عن جماعة الاخوان, الا انها أكثر تشددا من الناحية الدينية عن الاخوان التي كانت أكثر انتهازية, ورغم محاولتهم التعامل مع الأحزاب الأخري, إلا أن طريقهم السياسي غير واضح, وهم مترددين, وتنقصهم الخبرة والحنكة السياسية, وتفكيرهم في الأمور الدينية أكثر من تناولهم للقضايا الدنيوية, فموقفهم من الشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية غير واضح, وكل ما يطالبوا به تطبيق الشريعة الاسلامية. مؤكدة علي انهم بمثابة حزب ديني يبحث عن مرجعية سياسية, ليس له مستقبل واضح في العملية السياسية, وأن الفترة المقبلة سوف تشهد توجيه انتقادات حادة لهم.
وتعتقد د.عالية المهدي في إمكان ظهور أحزاب جديدة, وانتهاء دور حركة تمرد بعد نزول الجماهير في30 يونيو لأنها حركة لحظية, انتهي دورها بسقوط مرسي, وأن الإخوان بالرغم من سقوطهم سوف يحاولون العودة في صورة نواب مستقلين ويحصلوا علي ما بين15 الي20% من مقاعد البرلمان في الانتخابات المقبلة, سيكون لهم مرشح في الانتخابات الرئاسية, وأن يحصل السلفيون علي من18 الي20% من مقاعد البرلمان, وحصول بعض الأحزاب الاسلامية الأخري علي عدد من المقاعد, علي أن يكون مجمل ما يحصل عليه التيار الاسلامي40% من مقاعد البرلمان القادم, أما بالنسبة للأحزاب التقليدية فهي ضعيفة, باستثناء حزب الوفد الذي يستمر في الارتفاع, وهو من أقوي الأحزاب نسبيا, ومن الأحزاب الجديدة المنتظر أن يكون لها وجود قوي حزب المصريين الأحرار, وحزب التيار الشعبي, وفي حالة ما اذا استطاع أعضاء الحزب الوطني استعادة أوصاله, وعودة الحزب الوطني, من الممكن حصوله علي ما بين25 الي30% من مقاعد البرلمان, حيث مازال علي الأرض هناك اتصالات قوية بين أعضائه, لكن لم تظهر بوادر لعودته حتي الآن.
وتشير الدكتورة عالية المهدي الي أن الأغلبية الصامتة بعد30 يونيو, عرفت أن لها دور وأن دورهم أتي بنتيجة وغير المسار تماما, وهي اذا وجدت من يمثلها التمثيل الجيد, فسوف تشارك بقوة في الحياة السياسية من خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية, ومن المؤكد أن هذه الأغلبية ليست مع تيار الاسلام السياسي, وتمثل قوي كبري, وعنصرا مرجحا ومؤثرا في الفترة القادمة.
ابتزاز في العمل السياسي
يقول حسين عبد الرازق نائب رئيس حزب التجمع وعضو لجنة الخمسين لتعديل الدستور المصري إن المدة التي حكم فيها الرئيس المعزول, وجهت ضربة قاضية لتيار الإسلام السياسي, لا سيما لحزب الحرية والعدالة, ولجماعة الإخوان المسلمين, التي هي أساس هذا التيار في مصر, مما أضعف هذا التيار بشكل عام, وإن كانت هناك محاولات من جانب حزب النور لشغل هذا الفراغ الآن, وإعادة الحياة لتيار الإسلام السياسي لكنها تتعثر لأن فكرة إدخال الدين في السياسة ثبت فشلها, فهي جذر الأزمة التي نمر بها, وهي نوع من الابتزاز في العمل السياسي, وبالتالي أظن أن مستقبل العمل السياسي بالنسبة لتيار الإسلام السياسي سلبي للغاية.
وتوقع حسين عبد الرازق أن تواصل جماعة الإخوان المسلمين تحديدا من بين قوي التيار الإسلامي القيام بعمليات عنف متفرقة, وربما تلجأ للاغتيالات السياسية, وأن يحاول حزب النور الحصول علي عدد كبير من المقاعد في الانتخابات البرلمانية المقبلة, لكن يبدو أن منهجه في التعامل يجعله ضعيفا, حيث يعتقد الحزب أن حرص الدولة علي وجود الأحزاب والأطياف السياسية علي الساحة يعطيه الحق في فرض شروطه. كما توقع حسين عبد الرازق أن تظل الأذرع السياسية لباقي الجماعات الدينية موجودة لكن مهمشة, خاصة أن الدستور الجديد ربما يقرر عدم السماح بإنشاء أحزاب سياسية علي أساس ديني أو ذات مرجعية دينية.
ويشير حسين عبد الرازق الي أن دور الأحزاب في الفترة القادمة يتوقف علي أدائها وهي لديها فرصة بأن تنمو وتكون أكثر تأثيرا.
الاستفادة من التجربة
يري الدكتور مصطفي كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن التيار الاسلامي حقيقة موجودة في الواقع السياسي المصري, وله فصائله المتعددة فيوجد بخلاف جماعة الاخوان المسلمين, السلفيون ولهم أحزابهم, والجماعة الاسلامية ولها حزبها, وهناك فصائل أخري. فالتيار الاسلامي يستمد وجوده من كون الأغلبية الساحقة من المصريين ينتمون للاسلام, وأن الخطاب الاسلامي له وقع حسن في نفوسهم, وبعض قيادات هذا التيار بارعون في العمل الاجتماعي ولهم فيه خبرة واسعة, وامتدت به الي جميع ربوع الوطن.
وأوضح د. مصطفي أن فصيل الإخوان تحديدا قد مر بفترات صعبة عندما قام مجلس قيادة ثورة23 يوليو جماعة الاخوان المسلمين, واستمر هذا الحظر قائما لمدة تربو علي الستين عاما, واستطاعت الجماعة أن تبقي وتستمر, ورغم وجود قطاع واسع من المصريين ضاق بحكم الرئيس المعزول مرسي, الا أن هناك قطاع آخر يري أن الرئيس المعزول كان ينبغي أن يبقي لفترة4 سنوات كما حددها الدستور. مبينا أنه لهذه الأسباب يبدو أن التيار الاسلامي سوف يظل يعمل في الحياة السياسية في السر والعلن, فضلا عن أن قيادات التيار الاسلامي مصممة علي مواصلة نشاطها, وقد يلجأ عدد منهم للعنف والي العمل المسلح لمقاومة السلطات. مضيفا أن التيار الاسلامي في كل الأحوال سوف يواصل نشاطه الدعوي, ويحاول ايجاد طريقا لتمثيلهم في الانتخابات البرلمانية.
وطالب الدكتور مصطفي كامل السيد بادماج تيار الاسلام السياسي في الحياة السياسية المصرية بطريقة شرعية, والاستفادة من التجربة الماضية, وذلك من خلال تكوينهم لجمعيات أهلية تخضع للقانون, وألا تشارك في العمل السياسي, ولأنصار هذا التيار تأسيس أحزاب سياسية مع الالتزام باحترام مباديء حقوق الانسان الواردة في وثائق دولية وصدقت عليها الحكومة المصرية, مع حظر الدعوة لأي حزب سياسي في دور العبادة. مطالبا بالتعامل مع هذا التيار في اطار القانون, وليس اللجوء لأساليب استثنائية.
تجديد القيادات
تري الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم الاجتماع فشل قيادات تيار الاسلام السياسي في الفترة السابقة علي مستوي التنظيم, وبالتحديد جماعة الاخوان المسلمين التي تقلدت السلطة في مصر, لكن من المؤكد أنه سيكون هناك تجديد لتلك القيادات, ففكرة الجماعات الدينية أو الحركات لم تنته, و سوف تجدد نفسها من خلال قيادات جديدة تحاول أن تصحح الأخطاء والأسباب التي أدت لفشلهم بأساليب وأدوات جديدة, وما حدث بعد30 يونيو نهاية للقيادات فقط وتبقي الفكرة مستمرة, وسيكون هناك عقد جديد مع قيادات جديدة.
وتعول الدكتورة سوسن فايد علي ما سوف يتضمنه الدستور من مواد تقضي بالفصل في العمل السياسي بين الدين والسياسة, حينها ستتحدد رؤية تيار الاسلام السياسي, وتتحرر القيادات عن فكرها اذا ما أرادت أن تشارك في الحياة السياسية, وأن تفصل الدين عن السياسة اذا قرر الدستور ذلك, خاصة أن التجربة أثبتت فشل خلط الدين بالسياسة. مبينة أن الدستور هو المحك والبوصلة الموجهة للتيار الاسلامي في المستقبل بناء علي ما يتضمنه من قواعد تلزم التيار الاسلامي.
وتؤكد أهمية استرداد كل القوي الشعبية والشبابية والثورية لثقتها في نفسها بعد30 يونيو, لأن الفترة القادمة ستشهد من تلك القوي مشاركة أعلي بعد نجاحهم وتحقيق ذاتهم, أما الأحزاب التقليدية فهي تحتاج لبعض الوقت حتي تتبلور صورتها الجديدة المتفقة مع الواقع, فلابد من تنميتها ذاتيا والتأهيل للعمل طبقا للمعطيات الجديدة.
رابط دائم: 

شارك

Share |