الجمعة، 29 مارس 2013

الأخبار - مؤتمر عن الإسلام و التعايش بنيجيريا دولي - الجزيرة.نت

الأخبار - مؤتمر عن الإسلام و التعايش بنيجيريا دولي
مؤتمر عن الإسلام و التعايش بنيجيريا
مسلمون يقومون بأداء الصلاة في نيجيريا (الفرنسية-أرشيف)
تبدأ رابطة العالم الإسلامي الجمعة في تنظيم مؤتمر عن "الإسلام وأسس التعايش السلمي" بمدينة سوكوتو النيجيرية، وذلك ضمن سلسلة من مؤتمرات ستعقدها بعدد من الدول الأفريقية للتشاور حول البرامج الثقافية والإغاثية.  
ويقوم وفد من رابطة العالم الإسلامي برئاسة أمينها العام د. عبد الله بن عبد المحسن التركي حاليا بجولة يزور خلالها خمس دول أفريقية، هي نيجيريا والغابون والكونغو برازافيل وتنزانيا والسودان.
وقالت الرابطة في بيان الخميس إنها ستعقد برئاسة أمينها العام عددا من المؤتمرات والندوات بهذه البلدان، وأشارت إلى أنها أكملت الاستعداد لعقد الأنشطة الثقافية بهذه الدول بالتعاون مع المجالس العليا للشؤون الإسلامية ومؤسسات الدعوة ومكاتب الرابطة والعلماء والدعاة.
ووفق الرابطة، التي تتخذ من مكة المكرمة غرب السعودية مقرا، سيتم أيضا تنظيم ندوة بعنوان "المساجد ودورها في إصلاح المجتمع" بعاصمة الغابون ليبرفيل، في حين سيتم بالكونغو برازافيل عقد ملتقى  بعنوان "الإسلام وتنمية المجتمع".
كما سيتم عقد ندوة ثقافية في تنزانيا بعنوان "الثقافة الإسلامية في شرق أفريقيا" إضافة إلى أخرى بعنوان "الإسلام وتحديات أفريقيا" بالعاصمة السودانية الخرطوم.
وإلى جانب هذه المؤتمرات والندوات، يتضمن برنامج وفد الرابطة زيارات تفقدية للمؤسسات الإسلامية للاطلاع على أوضاعها وبرامجها وعقد اجتماعات مع مسؤوليها، وفي مقدمتهم العلماء بالمجالس العليا للشؤون الإسلامية، لبحث مشكلات الدعوة ومؤسساتها وأوضاع المساجد وحاجة المشرفين عليها من أئمة وخطباء ودعاة إلى التأهيل.
المصدر:وكالة الأنباء الألمانية

الردة والحرية الدينية: رؤية إسلامية جديدة - العرب أون لاين

الردة والحرية الدينية: رؤية إسلامية جديدة
الإسلاميون سيكونون هم الخاسرون قبل غيرهم إذا تم تقييد حرية التعبير عن الفكر والاعتقاد

الردة والحرية الدينية: رؤية إسلامية جديدة

يقدم الباحث يحيى جاد وجهة نظر جديدة حول قضية هامة وهي مسألة الردة وحرية الاعتقاد في الإسلام، وهي من المسائل التي "لم يحسم العقل المسلم المعاصر رأيه فيها بعد، رغم خطورتها وأهميتها ومحوريتها".

محمد الحمامصي

انطلاقا من "أن الله قد فرض قدسية دينه ولم يفرض قدسية اجتهادات البشر في فهمه" يناقش البحث التأصيلي والفقهي والفكري والفلسفي "الحرية الفكرية والدينية: رؤية إسلامية جديدة" للدكتور يحيي رضا جاد، قضايا مفخخة مثل حرية الرأي والتعبير وشرعيتها وتأصيلها، والجهاد القتالي والجزية والردة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها مما يشكل قلقا مجتمعيا وسط سيطرة جماعات وتيارات الإسلام السياسي.

يحرر يحيي رضا فكره ويعيد النظر في كل ما يرجع تحرير حكمه إلى الاجتهاد، مع عدم الخضوع مطلقا للاجتهاد السابق من الأقدمين أو المعاصرين، كحكم مسلم، لأنه إنما انبنى على نظر ـ حسب رأيه، ولا يخلو من أن يكون متأثرا بزمان ومكان وحال من صار إليه، ومستوى سقفه وقدراته المعرفية والعقلية والاجتماعية، مؤكدا أن سبق الوجود الزمني للغير لا يعطيه الحق في النظر والاجتهاد ويسلبه ويمنعه ممن تأخر وجوده عنه، وكأن اجتهاد المتقدمين في الاستنباط والتنزيل قيد على اجتهاد المعاصرين.

ووفقا لذلك يعتمد في منهجه على هدى الكتاب والسنة مع الاستيثاق من ثبوت النصوص ومن صحة دلالتها سالكا، فيما فيه مجال للاجتهاد أصولا وفروعا، طريق إعمال العقل واجتهاد الرأي والتشاور والتحاور، وذلك دون خلط باجتهادات البشر روائعها وإبداعاتها وصوابها وخطئها وإسرافها وغلوها وأوهامها، إذ يرى أن "التراث الإسلامي والمنظومة الفقهية أصولا وفروعا في القلب منه ـ ليس هو الإسلام وإنما هو اجتهادات المسلمين في فهم الإسلام وتطبيقه، وإذا كان الإسلام حقا كله، ومقدسا كله، فإن التراث الإسلامي فيه الصواب والخطأ، ويصيبه التغير والتطور ـ وإن التزم الإسلام واستنبط من ينابيعه، لأنه نتاج عقل بشري لا آية من الوحي الإلهي، نعم تراثنا سجل الجهد البشري للمسلمين والخبرة الإنسانية لديهم في التعامل مع الدين والحياة ولذلك فهو أحد الأدوات المعينة والوسائل المساعدة التي يستأنس بها في فهم الكتاب والسنة دون إلزام ولا تقييد ولا إخضاع للأعناق".

في قضية الحرية الدينية وعدم الإكراه في الدين، يقول الباحث "من عجائب السماحة الإسلامية أنها لا تجبر أحدا على أن يترك مباحا له في دينه، وهو محرم في الإسلام ليجامل المسلمين بتركه، فلم يجبر النصارى مثلا على ترك أكل الخنزير أو شرب الخمر، بل حتى إن من أراق خمرا لهم يغرم قيمتهاـ كما يرى أبو حنيفة بحق ـ مع أنها في الإسلام أم الخبائث ورجس من عمل الشيطان".

وأوضح أن "تشريع الجهاد القتالي في الإسلام لم يكن للإكراه في الدين كما يشيع البعض وإنما لتقرير حرية الاعتقاد والرأي والتعبير، وحرية الاختيار بين الإيمان والكفر، فالجهاد القتالي موجه ضد الإكراه في الدين وفرض الاعتقاد والرأي ومصادرة حق الناس في التفكير والاختيار والقرار وضد الاستبداد الذي اغتصب حق الناس في الاختيار والاعتقاد.

وبتعبير آخر يرى الباحث أن "القتال في الإسلام لم يكن لإكراه الناس على الدخول فيه، وإنما لحمايته ممن يقاتل أهله لإكراههم على الارتداد عنه، فهو قتال في سبيل تحقيق الحرية الدينية لأهله ولغيره من البشر والمستضعفين والمضطهدين تحقيقا لحريتهم الدينية".

ويرى الباحث أن تعدد الأحزاب داخل الدولة المسلمة كتعدد المذاهب داخل الفقه الإسلامي، "إن المذهب الفقهي مدرسة فكرية لها أصولها الخاصة في فهم الشريعة والاستنباط من أدلتها التفصيلية وعلى ضوئها، وأتباع المذهب هم في الأصل تلاميذ في المدرسة يؤمنون بأنها أدنى إلى الصواب من غيرها وأهدى سبيلا، فهم أشبه بحزب فكري التقى أصحابه على هذه الأصول ونصروها بحكم ظنهم أنها أرجح وأولى، وإن كان ذلك لا يعني بطبيعة الحال بطلان ما عداها، ومثال ذلك الحزب إنه مذهب في السياسة له فلسفته ومناهجه المستمدة أساسا من الإسلام الرحب وأعضاء الحزب أشبه بأتباع المذهب الفقهي، كل يؤيد ما يراه أولى بالصواب وأحق بالترجيح".

قتل المرتد

يقدم الباحث اجتهادا فقهيا مؤصلا جديدا لقضية الردة فيرى إن القول استنادا على ما يلوح للنظر العجول من حديث "من بدّل دينه فاقتلوه" بأن قتل المرتد يكون للردة وحدها، لا لشيء معها أو سواها، هذا القول يتنافى تنافيا واضحا لا فكاك منه مع قاعدة "لا إكراه في الدين"، إذ قتل آبي الرجوع إلى الإسلام إكراه له عليه، فتعين رد هذا الفهم وعدم التسليم به.

ويضع الباحث رؤيته "لقد صاحب الاعتراض عن طبيعة الردة والارتداد على عهد رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، إن فكرة الردة في عهد النبي وعهد صدر الإسلام ـ أي فكرة الردة في الواقع العملي يومئذ كانت مقترنة اقترانا ميكانيكيا بعداوة الإسلام وحربه، فمن آمن بالإسلام كان يعمل لنصرته، ومن ارتد عنه كان يعمل على حربه ويلحق بالمشركين".

ويؤصل الباحث اجتهاده هذا مستندا إلى القرآن والسنة النبوية خالصا إلى "لا يجوز في رأينا واجتهادنا عقاب المرتد في زماننا على ارتداده أصلا، لأنه من الإكراه في الدين، وقد نفاه القرآن نفيا قطعيا عاما شاملا في مواضع لا تحصى بصريح العبارة ودقيق الإشارة ولاختلاف طبيعة الارتداد عن ما كان في عصر النبوة وصدر الإسلام كما تبين لنا السنة الصحيحة".

ويزيد الباحث فيقول "قتل المرتد فيما يبدو لنا لمجرد ردته أي كفره بعد إسلامه متعارض تعارضا بينا مع ما قررته السنة الصحيحة من كون العقوبات، حدودا وتعزيرات، مكفرات للذنوب ـ وبهذا يتضح فساد تعليل قتل المرتد بمجرد كفره بعد إسلامه: إذ أن قتل المرتد لا يكفر عنه جرمه، فالله تعالى يقول "لا يغفر أن يشرك به" فليس من المعقول في دين الإسلام أن يرتد إنسان عن دين الله فيقتل حدا في الدنيا ليعتق من العذاب يوم القيامة".

حرية الرأي

يؤكد د. يحيي رضا احتفاء الإسلام احتفاء خاصا وكبيرا بحرية الرأي والتعبير فكريا ودينيا ويقول "وغير سديد تخيل تعبير الآخر ـأي آخرـ عن أفكاره أمرا مسيئا إلى الإسلام، أو ناشرا للشكوك أو باعثا على بلبلة المجتمع وخلخلة استقراره الفكري أو النفسي أو الحضاري، إذ أن إتاحة الحرية له للتعبير تنشطـ، بالمقابل لذلك، من المواقف والحركات والمراجعات، مواقف الدفاع عن الإسلام وتجلية أنواره وحركات إزالة ونفي ما التصق أو ألصق به، ومراجعات المشهور من المقولات في أوساطنا الفكرية والثقافية والدينية: ما به تزداد "الدورة الدموية الإسلامية والفكرية والثقافة" قوة وحيوية، وما به تحفظ "الأوعية الدموية الإسلامية والفكرية والثقافية" من الانسداد".

ويضيف "لقد بين الله سبحانه النهج الذي يجب أن نسلكه إزاء الآراء المخالفة، ألم تر كيف يذكر الله الدعاوي والأفكار والشبهات، مهما كان فيها من إفك أو كفر أو وقاحة، ثم يقفي عليها، بالعبارة أو بالإشارة، بما يدحض باطلها بالحجة والمنطق، لم يأمر الله تعالى في أي حالة منها بقطع ألسنة القائلين ولا إيداعهم السجون ولا بإطاحة رؤوسهم ولا بإنزال العقاب والعذاب بهم، لم يأمر بأي من ذلك، وإنما فند الزيغ بالبرهان، وبعث عليه جنودا من حجج الحق يتعقب بها فلول باطله فمحى آية الليل وجعل آية النهار مبصرة".

إن الباحث كان واضحا وقويا في مختلف القضايا التي طرحها خاصة قضية حرية التعبير والرأي والحرية الدينية وربما يكون قوله التالي جامعا، إذ يقول "إن حفظ وتثبيت إيمان المؤمن إنما يكون بـ "المناعة" لا "المنع" أي برفع قدراته المناعية ومستوى وعيه الثقافي والإسلامي لا بـ "منع الغير من التعبير".

ويحذر الباحث من أن الإسلاميين أنفسهم سيكونون هم الخاسرون قبل غيرهم إذا تم تقييد حرية التعبير عن الفكر والاعتقاد، ومن مصلحتهم ـ قبل غيرهم كذلك ـ فتح أوسع أبواب الحرية أمام الجميع، إذ بالحرية سيكسبون الملايين ولن يخسروا بحرية الفكر المخالف للإسلام إلا أفرادا قلائل قد يكون التخلص منهم مكسبا، فمن ذهب منا إليهم فأبعده الله، فمن خلال الحرية تتحقق مصلحة الإسلام.

مسئولة أمريكية: الانطباع بوقوف واشنطن إلى جانب "الإخوان المسلمون" سوء فهم لا أكثر - بوابة الأهرام

مسئولة أمريكية: الانطباع بوقوف واشنطن إلى جانب "الإخوان المسلمون" سوء فهم لا أكثر - بوابة الأهرام
مسئولة أمريكية: الانطباع بوقوف واشنطن إلى جانب "الإخوان المسلمون" سوء فهم لا أكثر
أ ش أ
28-3-2013 | 09:59
صورة آرشيفية - مؤيدين الاخوان المسلمون
وصفت وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للشئون الدبلوماسية العامة تارا سونينشاين الانطباع السائد في الشرق الأوسط بشأن وقوف الولايات المتحدة إلى جانب جماعة "الإخوان المسلمون" بأنه سوء فهم لا أكثر.

وحول ما أفرزته ثورات الربيع العربي من أنظمة تقودها جماعات إسلامية، مما خلق انطباعا يشير إلى دعم الولايات المتحدة لهذه التيارات مثل "الإخوان المسلمون" في مصر وحركة "النهضة" في تونس، قالت سونينشاين: "إننا نعيش في عالم الانطباعات.. وأنا أتفهم أن الناس لديهم العديد من الانطباعات.. ولذلك فإنهم يدخلون الفضاء الافتراضي.. وإننا نعتبر ذلك سوء فهم أو انطباعا خاطئا".

وأضافت: أنه" بين الانطباع الخاطئ والواقع السياسي يقع الإنسان الضعيف فريسة للمتشددين نتيجة عجز بعض الحكومات والمسئولين، فينمو التشدد".

جاء ذلك في كلمة ألقتها سونينشاين في جامعة ميرلاند شرحت فيها الدور الذي تلعبه الدبلوماسية العامة في محاربة التطرف العنيف.

ولفتت المسئولة الأمريكية إلي أن هذه الدبلوماسية تسعى عبر عدة أدوات إلى معالجة جهود التطرف الذي ينمو عادة في المجتمعات التي تفتقر إلى الفرص الثقافية والسياسية والاقتصادية
والاجتماعية.

وقالت: "الدبلوماسية العامة هي كيفية الانخراط مع الناس حول العالم من أجل أن نشرح قيمنا ومصالحنا ونبني تفاهما متبادلا، ولكنني أريد أن اضيف تعزيز نسيج التواصل من أجل تحسين حياة الناس وتطوير حقوقهم الإنسانية وتعزيز التسامح الديني لديهم وبعض الحريات التي نعتقد أنها ربما تكون مضمونة من خلال دساتير ومحمية من خلال ممارسات الحكومات ودور القانون ومجتمع مدني حيوي، وأن نتمكن من خلال هذا الانخراط من تعزيز الفرص لهؤلاء الناس".

وأوضحت سونينشاين أن محاربة التطرف تستهدف بالدرجة الأولى تنظيم القاعدة الذي يواجه مصاعب على مستويات عدة، وتوابعها مثل حركة الشباب في الصومال وبوكو حرام النيجيرية.

وقالت: "عندما نتحدث عن متطرفين عنيفين فإننا نتحدث عن أناس يضمرون نوايا العنف والتدمير".
ولا نتحدث عن ديانات معتدلة ولا نتحدث عن أناس يريدون أن يناقشوا أفكارًا ويتحاوروا.. إننا نتحدث عن أعمال تؤدي إلى عنف حقيقي".

الثلاثاء، 5 مارس 2013

قبل أن يصبح الإسلام هو المشكلة - فهمي هويدي - الشرق - 05/03/2013

 قبل أن يصبح الإسلام هو المشكلة

تواجه الحالة الإسلامية تحديا كبيرا بعد الثورة جراء هبوطها الاضطراري من فضاء الشعارات والتعاليم على أرض الواقع المدبب والملغوم، الأمر الذي فرض عليها إعادة النظر في الكثير من مواقفها ومقولاتها.
(١)
أدري أن مصطلح الحالة الإسلامية فضفاض إلى حد كبير، لكني أقصد الناشطين "في الساحة" الإسلاميين وليس كل المسلمين الذين هم جزء لا يتجزأ من «الحالة»، ولست أشك في أن منهم كثيرين أشد إخلاصا وأكثر إسلاما من أولئك الناشطين، ثم إنني أفهم أن هؤلاء الآخرين ليسوا شيئا واحدا، وأن تبايناتهم حاصلة في البلد الواحد (في مصر 8 أحزاب إسلامية غير الجماعات التي يقودها شيوخ مستقلون). ليس ذلك فحسب وإنما تلك التباينات حاصلة أيضا في خبرات الناشطين الإسلاميين في مختلف الأقطار العربية والإسلامية، ومما يحسب للربيع العربي أنه سلط الأضواء على هذه الخرائط كلها (أغلبها إن شئت الدقة)، بحيث أسفر الجميع عن وجوههم فسمعنا أصوات المعتدلين والمتطرفين، والعقلاء والسفهاء، ولأسباب مفهومة احتفت وسائل الإعلام بالمتطرفين والغلاة، وكانت الحفاوة أشد بكل من ذهب بعيدا في الغلو والشذوذ.
في مصر وفي تونس وسوريا ابتلي الجميع بالإيذاء والإقصاء، لكن الابتلاء كان أشد بعد الثورة لأنه حل بهم من باب الغواية والتمكين، وإذا كانت العزائم هي سلاح التصدي للابتلاء الأول، فإن الخبرات والعقول صارت السلاح الأمضى في التعامل مع الثاني، إن شئت فقل إنهم في الابتلاء الأول كانوا يصدون ويقاومون، أما الابتلاء الثاني فقد فرض عليهم التقدم والمبادرة، ولأنهم لم يكونوا جاهزين لمواجهة ذلك الموقف الذي فاجأهم في مسار لم يتوقعوه، إذ فرض عليهم أولويات لم تكن في الحسبان، واستدعى ملفات وعناوين ظلت مؤجلة طول الوقت وجلّها يتعلق بكيان الدولة الحديثة ومؤسساتها وبإطار التعامل مع الآخر في الداخل والخارج.
(٢)
منذ سبعينيات القرن الماضي على الأقل، حيث ظهر عنوان الصحوة الإسلامية في الأفق ظلت فكرة الدولة عند الإسلاميين محل لغط كبير في بعض أوساط المثقفين العرب فضلا عن الباحثين الغربيين، فقد اعتبرها البعض نموذجا للدولة الدينية التي عرفتها التجربة الأوروبية، ولم تكن العلاقة بين الدولة والأمة واضحة، كما كان شكل الدولة غامضا حتى تحدث البعض عن الإمارة وقال آخرون بالخلافة، وكان هناك من يجادل في علاقة الشورى بالديمقراطية، ويتساءل عما إذا كانت الشورى مُعلمة أو ملزمة، كما كان الجدل مثارا حول صيغة التعددية السياسية والموقف الشرعي من فكرة الأحزاب، وطال الجدل في مسألة العلاقة مع العالم الخارجي وهل ذلك العالم هو دار الكفر أم دار العهد أم أمة الدعوة (في مقابل ديار الإسلام التي اعتبرت أمة الإجابة)؟..إلخ.
وحين قامت الثورة الإيرانية وتأسست الجمهورية الإسلامية في عام 1979، فإنها قدمت نموذجا لم يوقف الجدل، لكنه هز بعض القناعات والانطباعات. إذ قدمت فكرة «ولاية الفقيه» صورة جاءت أقرب إلى صيغة الدولة الدينية، إلا أن الدولة الجديدة وضعت دستورا وأقامت مجلسا نيابيا وأجرت الانتخابات الديمقراطية على أكثر من مستوى، فيما غدا تجسيدا قريبا من فكرة الدولة الحديثة، ورغم أن قلة من الباحثين أدركوا أن النموذج الإيراني مرتبط بخصوصية المذهب الشيعي ومرجعياته الفقهية، إلا أن شبحه ظل يطارد الإسلاميين في مجتمعات أهل السنة طول الوقت، وباتوا يلاحقون بالسؤال عما إذا كانوا يتطلعون إلى احتذائه وتطبيقه، ومن ثم عما إذا كانوا يسعون إلى إقامة دولة دينية أم مدنية.
الثورات العربية التي تلاحقت في المنطقة منذ عام 2011 استدعت كل الأسئلة المعلقة منذ السبعينيات بما فيها الأسئلة المستجدة التي فرضتها الثورة الإسلامية في إيران، وكان السبب في استدعاء تلك الأسئلة أن التيار الإسلامي فاز بالأغلبية في الانتخابات التشريعية التي أجريت في ثلاث دول على الأقل هي تونس ومصر والمغرب، وكان على تلك الأغلبية أن تقدم إجاباتها عليها إن لم يكن من خلال المواقف والممارسات العملية فعلى الأقل في الناحية النظرية لطمأنة المجتمعات التي شهدت تلك الثورات.
اختلف الوضع في أقطار الثورات العربية من عدة نواح، فالثورات كانت وطنية ولم تكن ذات صيغة إسلامية كما في الحالة الإيرانية، بالتالي فإن الإسلاميين كانوا فصيلا معها فيها وليسوا صناعها أو قادتها، ومن ناحية ثانية فإن الثورات وقعت في مجتمعات أهل السنة التي تختلف في بيئاتها وهياكلها وتراثها الفقهي عن بيئة المجتمعات الشيعية، ومن ناحية ثالثة فإن مجتمعات أهل السنة العربية تحفل بالاجتهادات الفقهية المستنيرة (من محمد عبده إلى القرضاوي) التي تنحاز إلى قيم الدولة الحديثة وفي مقدمتها الديمقراطية والتعددية السياسية، ويعد الأزهر في مصر رمزا للمرجعية التي تعبر عن ذلك الانحياز.
(3)
قبل عدة سنوات تداول السلفيون في الإسكندرية رسالة كان عنوانها: «القول السديد في أن الاشتراك في الانتخابات مخالف للتوحيد». إلا أن الدنيا تغيرت بحيث شكلت الجماعة السلفية في الإسكندرية حزب النور بعد الثورة، وخرج من عباءتها حزب آخر باسم الوطن، وحزب ثالث مشترك بينها وبين الإخوان هو حزب الإصلاح والنهضة، وفي حين كان الاعتقاد الشائع في أوساط السلفيين أن الحزبية مكروهة باعتبارها بابا للفرقة والفتنة، فقد تشكل في مصر بعد الثورة نحو ثمانية أحزاب (أحدثها حزب الراية للشيخ حازم أبو إسماعيل)، وبدا أن بعضها أحزاب تمثل الجهة بأكثر مما تمثل فكرا مغايرا «النور في الإسكندرية ـــ الشعب في الدقهلية ــــ الإصلاح في البحيرة ــــ الأصالة والفضيلة في القاهرة ـــــ الهدف في 6 أكتوبر».
خارج الدائرة السلفية فهناك 8 أحزاب أخرى تعتمد المرجعية الإسلامية، الأمر الذي يعني أنه في مصر وحتى إشعار آخر هناك 16 حزبا إسلاميا كل منها يتطلع إلى المشاركة في الانتخابات والفوز بعضوية مجلس النواب القادم، وهو ما يمكن أن يسوغ لنا أن تقول بأن الجدل حول الأحزاب بات محسوما على الصعيد العملي.
حين دخلت الأحزاب الإسلامية بما فيها السلفية إلى ساحة العمل السياسي من باب الانتخابات فذلك يعني عمليا أن الواقع فرض نفسه على الفكر، ولن نذهب بعيدا إذا قلنا إن الواقع سبق الفكر وصوبه، بالتالي فلم يعد هناك مجال للجدل حول النظام الحزبي والتعددية السياسية، أو حول الديمقراطية واختلافها أو اتفاقها مع الشورى، كما لم يعد هناك خلاف حول النظام البرلماني ومؤسسات الدولة الحديثة، الأمر الذي يستبعد تلقائيا أي حديث عن فكرة الدولة الدينية أو دولة الخلافة أو صيغة الإمارة، وهو ما يسوغ لنا أن نقول إن هذه المشاركة في مجملها كرست فكرة التصالح بين الأحزاب الإسلامية والديمقراطية، والدولة المدنية. وهي العلاقة التي ظلت محل جدل ومثار لغط لم يتوقف خلال العقد الأخير.
لا أستطيع أن أدعي أن هذه الأمور حسمت تماما، لأن ثمة أصواتا لا تزال تشكك في الديمقراطية وترفض التعددية وتتململ من فكرة المواطنة، لكنها تظل أصواتا شاذة لا وزن لها ولا تأثير على المسار الديمقراطي لأن الأغلبية انحازت إلى صف الديمقراطية وقيمها وتقدمت للمشاركة في بناء النظام الجديد على ذلك الأساس.
 (4)
تصالح الإسلاميين مع الديمقراطية لا يعني أن الأمور كلها حسمت لأن ثمة تحديات ينبغي عدم الاستهانة بها لا تزال تواجه العقل الإسلامي الذي له دوره في إدارة شؤون الدولة بعد الثورة، ولا أستطيع في هذا الصدد أن أتجاهل حقيقة أن الإقصاء الذي فرض على الحالة الإسلامية لم يمكنها من اختبار الأفكار على صعيد الواقع، كما لم يمكن الناشطين من اكتساب الخبرات التي تمكنهم من المشاركة في تسيير ماكينة إدارة الدولة. لذلك لا مفر من الاعتراف بأنه في الحالة المصرية وأمثالها فإن أداء الإسلاميين في إدارة شؤون الدولة يبدأ من الصفر تقريبا، الأمر الذي فرض عليهم إجراء مجموعة من المراجعات الضرورية للكثير من رؤاهم الإستراتيجية واجتهاداتهم الفكرية، وتلك دعوة لا أتفرد بها، لأن بعض القيادات الإسلامية التي خاضت التجربة عبرت عن ذلك بصورة أو أخرى، إذ في مناسبتين منفصلتين قال كل من الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية والدكتور محمد مرسي رئيس مصر إن الأوضاع التي تعامل معها كل منهما في تونس ومصر، مختلفة وأصعب بكثير مما تصوروا في البداية.
وإذا جاز لي أن أعرض لبعض أبرز الملفات العالقة والتي يحتاج بعضها إلى حسم ويحتاج البعض الآخر إلى مراجعة وتصويب ومنها ما يلي:
< العلاقة بين الدين والسياسة وكيف يمكن ضبط التمايز بين الدائرتين دون انفصال يهدد المرجعية ودون اتصال يعيد إلى الأذهان فكرة الدولة الدينية.
< ترجمة الشعارات إلى سياسات تستلهم المرجعية وتستهدف خدمة الناس وتنمية المجتمع متجنبة الاستغراق في وعظ الناس وفرض الوصاية على المجتمع.
< تصويب العلاقة بين الجماعة والوطن، واعتبار الأولى وسيلة لا غاية ينبغي أن تتراجع مصلحتها أمام أي مصلحة مرجوة للوطن.
< رد الاعتبار لفقه المقاصد وتقديمه على الوسائل، باعتبار أن المقاصد في المرحلة الراهنة تشكل المظلة والإطار الأوسع الذي يوسع في محيط المشترك مع الآخر، بما يعزز من قيمة الوحدة الوطنية التي تشكل حجر الأساس في ضمان الاستقرار والتقدم للمجتمع.
< تأصيل فقه العيش المشترك، الذي يسع المخالفين في الرأي والمذهب والاعتقاد، الأمر الذي يرد الاعتبار لقيمة المواطنة التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.
< فض الاشتباك مع التيارات الأخرى العلمانية واليسارية، واستلهام صيغة «حلف الفضول» الذي امتدحه النبي عليه الصلاة والسلام حين عقد في الجاهلية لحماية الضعفاء والانحياز للفقراء.
< إعمال وتطوير قواعد فقه الأولويات وفقه الإنكار، وفي ظل الأول ترتب الواجبات طبقا لمدى إسهامها في تحقيق المصالح العليا للمجتمع التي تقدم على مصالح الأفراد، وبتطوير فقه الأفكار توضع ضوابط الإصلاح التي تحملها الدولة وتلك التي يباشرها المجتمع وحدود ما يخص الأفراد منها.
< التعامل الإيجابي مع قضية الحريات بما يرفع من سقف الحريات العامة ويحول دون المساس بالحريات الخاصة طالما أنها تتم في إطار القانون وبما لا يمس النظام العام للمجتمع.
< حسم العلاقة مع العالم الخارجي، بما ينهي اللغط المثار حول تكييف تلك العلاقة عند بعض الإسلاميين بما يضعها في دائرة التضاد والتقاطع وليس التوازي أو التفاعل والتعاون.
لقد كان البعض يرفعون في السابق شعار الإسلام هو الحل، وأخشى إذا تعثرت المسيرة في ظل وجود الإسلاميين بالسلطة أن تنقلب الآية في نهاية المطاف بحيث يصبح الإسلام في نظر البعض هو المشكلة.
ملحوظة: النص عاليه خلاصة محاضرة دعيت لإلقائها في العاصمة الأردنية عمان يوم السبت الماضي ٢/٣، بدعوة من منتدى مركز دراسات الشرق الأوسط.

السبت، 2 مارس 2013

الردة والحرية الدينية: رؤية إسلامية جديدة - Alarab Online

الردة والحرية الدينية: رؤية إسلامية جديدة

الردة والحرية الدينية: رؤية إسلامية جديدة


يقدم الباحث يحيى جاد وجهة نظر جديدة حول قضية هامة وهي مسألة الردة وحرية الاعتقاد في الإسلام، وهي من المسائل التي "لم يحسم العقل المسلم المعاصر رأيه فيها بعد، رغم خطورتها وأهميتها ومحوريتها".

محمد الحمامصي

انطلاقا من "أن الله قد فرض قدسية دينه ولم يفرض قدسية اجتهادات البشر في فهمه" يناقش البحث التأصيلي والفقهي والفكري والفلسفي "الحرية الفكرية والدينية: رؤية إسلامية جديدة" للدكتور يحيي رضا جاد، قضايا مفخخة مثل حرية الرأي والتعبير وشرعيتها وتأصيلها، والجهاد القتالي والجزية والردة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها مما يشكل قلقا مجتمعيا وسط سيطرة جماعات وتيارات الإسلام السياسي.

يحرر يحيي رضا فكره ويعيد النظر في كل ما يرجع تحرير حكمه إلى الاجتهاد، مع عدم الخضوع مطلقا للاجتهاد السابق من الأقدمين أو المعاصرين، كحكم مسلم، لأنه إنما انبنى على نظر ـ حسب رأيه، ولا يخلو من أن يكون متأثرا بزمان ومكان وحال من صار إليه، ومستوى سقفه وقدراته المعرفية والعقلية والاجتماعية، مؤكدا أن سبق الوجود الزمني للغير لا يعطيه الحق في النظر والاجتهاد ويسلبه ويمنعه ممن تأخر وجوده عنه، وكأن اجتهاد المتقدمين في الاستنباط والتنزيل قيد على اجتهاد المعاصرين.

ووفقا لذلك يعتمد في منهجه على هدى الكتاب والسنة مع الاستيثاق من ثبوت النصوص ومن صحة دلالتها سالكا، فيما فيه مجال للاجتهاد أصولا وفروعا، طريق إعمال العقل واجتهاد الرأي والتشاور والتحاور، وذلك دون خلط باجتهادات البشر روائعها وإبداعاتها وصوابها وخطئها وإسرافها وغلوها وأوهامها، إذ يرى أن "التراث الإسلامي والمنظومة الفقهية أصولا وفروعا في القلب منه ـ ليس هو الإسلام وإنما هو اجتهادات المسلمين في فهم الإسلام وتطبيقه، وإذا كان الإسلام حقا كله، ومقدسا كله، فإن التراث الإسلامي فيه الصواب والخطأ، ويصيبه التغير والتطور ـ وإن التزم الإسلام واستنبط من ينابيعه، لأنه نتاج عقل بشري لا آية من الوحي الإلهي، نعم تراثنا سجل الجهد البشري للمسلمين والخبرة الإنسانية لديهم في التعامل مع الدين والحياة ولذلك فهو أحد الأدوات المعينة والوسائل المساعدة التي يستأنس بها في فهم الكتاب والسنة دون إلزام ولا تقييد ولا إخضاع للأعناق".

في قضية الحرية الدينية وعدم الإكراه في الدين، يقول الباحث "من عجائب السماحة الإسلامية أنها لا تجبر أحدا على أن يترك مباحا له في دينه، وهو محرم في الإسلام ليجامل المسلمين بتركه، فلم يجبر النصارى مثلا على ترك أكل الخنزير أو شرب الخمر، بل حتى إن من أراق خمرا لهم يغرم قيمتهاـ كما يرى أبو حنيفة بحق ـ مع أنها في الإسلام أم الخبائث ورجس من عمل الشيطان".

وأوضح أن "تشريع الجهاد القتالي في الإسلام لم يكن للإكراه في الدين كما يشيع البعض وإنما لتقرير حرية الاعتقاد والرأي والتعبير، وحرية الاختيار بين الإيمان والكفر، فالجهاد القتالي موجه ضد الإكراه في الدين وفرض الاعتقاد والرأي ومصادرة حق الناس في التفكير والاختيار والقرار وضد الاستبداد الذي اغتصب حق الناس في الاختيار والاعتقاد.

وبتعبير آخر يرى الباحث أن "القتال في الإسلام لم يكن لإكراه الناس على الدخول فيه، وإنما لحمايته ممن يقاتل أهله لإكراههم على الارتداد عنه، فهو قتال في سبيل تحقيق الحرية الدينية لأهله ولغيره من البشر والمستضعفين والمضطهدين تحقيقا لحريتهم الدينية".

ويرى الباحث أن تعدد الأحزاب داخل الدولة المسلمة كتعدد المذاهب داخل الفقه الإسلامي، "إن المذهب الفقهي مدرسة فكرية لها أصولها الخاصة في فهم الشريعة والاستنباط من أدلتها التفصيلية وعلى ضوئها، وأتباع المذهب هم في الأصل تلاميذ في المدرسة يؤمنون بأنها أدنى إلى الصواب من غيرها وأهدى سبيلا، فهم أشبه بحزب فكري التقى أصحابه على هذه الأصول ونصروها بحكم ظنهم أنها أرجح وأولى، وإن كان ذلك لا يعني بطبيعة الحال بطلان ما عداها، ومثال ذلك الحزب إنه مذهب في السياسة له فلسفته ومناهجه المستمدة أساسا من الإسلام الرحب وأعضاء الحزب أشبه بأتباع المذهب الفقهي، كل يؤيد ما يراه أولى بالصواب وأحق بالترجيح".

قتل المرتد

يقدم الباحث اجتهادا فقهيا مؤصلا جديدا لقضية الردة فيرى إن القول استنادا على ما يلوح للنظر العجول من حديث "من بدّل دينه فاقتلوه" بأن قتل المرتد يكون للردة وحدها، لا لشيء معها أو سواها، هذا القول يتنافى تنافيا واضحا لا فكاك منه مع قاعدة "لا إكراه في الدين"، إذ قتل آبي الرجوع إلى الإسلام إكراه له عليه، فتعين رد هذا الفهم وعدم التسليم به.

ويضع الباحث رؤيته "لقد صاحب الاعتراض عن طبيعة الردة والارتداد على عهد رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، إن فكرة الردة في عهد النبي وعهد صدر الإسلام ـ أي فكرة الردة في الواقع العملي يومئذ كانت مقترنة اقترانا ميكانيكيا بعداوة الإسلام وحربه، فمن آمن بالإسلام كان يعمل لنصرته، ومن ارتد عنه كان يعمل على حربه ويلحق بالمشركين".

ويؤصل الباحث اجتهاده هذا مستندا إلى القرآن والسنة النبوية خالصا إلى "لا يجوز في رأينا واجتهادنا عقاب المرتد في زماننا على ارتداده أصلا، لأنه من الإكراه في الدين، وقد نفاه القرآن نفيا قطعيا عاما شاملا في مواضع لا تحصى بصريح العبارة ودقيق الإشارة ولاختلاف طبيعة الارتداد عن ما كان في عصر النبوة وصدر الإسلام كما تبين لنا السنة الصحيحة".

ويزيد الباحث فيقول "قتل المرتد فيما يبدو لنا لمجرد ردته أي كفره بعد إسلامه متعارض تعارضا بينا مع ما قررته السنة الصحيحة من كون العقوبات، حدودا وتعزيرات، مكفرات للذنوب ـ وبهذا يتضح فساد تعليل قتل المرتد بمجرد كفره بعد إسلامه: إذ أن قتل المرتد لا يكفر عنه جرمه، فالله تعالى يقول "لا يغفر أن يشرك به" فليس من المعقول في دين الإسلام أن يرتد إنسان عن دين الله فيقتل حدا في الدنيا ليعتق من العذاب يوم القيامة".

حرية الرأي

يؤكد د. يحيي رضا احتفاء الإسلام احتفاء خاصا وكبيرا بحرية الرأي والتعبير فكريا ودينيا ويقول "وغير سديد تخيل تعبير الآخر ـأي آخرـ عن أفكاره أمرا مسيئا إلى الإسلام، أو ناشرا للشكوك أو باعثا على بلبلة المجتمع وخلخلة استقراره الفكري أو النفسي أو الحضاري، إذ أن إتاحة الحرية له للتعبير تنشطـ، بالمقابل لذلك، من المواقف والحركات والمراجعات، مواقف الدفاع عن الإسلام وتجلية أنواره وحركات إزالة ونفي ما التصق أو ألصق به، ومراجعات المشهور من المقولات في أوساطنا الفكرية والثقافية والدينية: ما به تزداد "الدورة الدموية الإسلامية والفكرية والثقافة" قوة وحيوية، وما به تحفظ "الأوعية الدموية الإسلامية والفكرية والثقافية" من الانسداد".

ويضيف "لقد بين الله سبحانه النهج الذي يجب أن نسلكه إزاء الآراء المخالفة، ألم تر كيف يذكر الله الدعاوي والأفكار والشبهات، مهما كان فيها من إفك أو كفر أو وقاحة، ثم يقفي عليها، بالعبارة أو بالإشارة، بما يدحض باطلها بالحجة والمنطق، لم يأمر الله تعالى في أي حالة منها بقطع ألسنة القائلين ولا إيداعهم السجون ولا بإطاحة رؤوسهم ولا بإنزال العقاب والعذاب بهم، لم يأمر بأي من ذلك، وإنما فند الزيغ بالبرهان، وبعث عليه جنودا من حجج الحق يتعقب بها فلول باطله فمحى آية الليل وجعل آية النهار مبصرة".

إن الباحث كان واضحا وقويا في مختلف القضايا التي طرحها خاصة قضية حرية التعبير والرأي والحرية الدينية وربما يكون قوله التالي جامعا، إذ يقول "إن حفظ وتثبيت إيمان المؤمن إنما يكون بـ "المناعة" لا "المنع" أي برفع قدراته المناعية ومستوى وعيه الثقافي والإسلامي لا بـ "منع الغير من التعبير".

ويحذر الباحث من أن الإسلاميين أنفسهم سيكونون هم الخاسرون قبل غيرهم إذا تم تقييد حرية التعبير عن الفكر والاعتقاد، ومن مصلحتهم ـ قبل غيرهم كذلك ـ فتح أوسع أبواب الحرية أمام الجميع، إذ بالحرية سيكسبون الملايين ولن يخسروا بحرية الفكر المخالف للإسلام إلا أفرادا قلائل قد يكون التخلص منهم مكسبا، فمن ذهب منا إليهم فأبعده الله، فمن خلال الحرية تتحقق مصلحة الإسلام.


Alarab Online. © All rights reserved.



شارك

Share |