الردة والحرية الدينية: رؤية إسلامية جديدة
الردة والحرية الدينية: رؤية إسلامية جديدة
يقدم الباحث يحيى جاد وجهة نظر جديدة حول قضية هامة وهي مسألة الردة وحرية الاعتقاد في الإسلام، وهي من المسائل التي "لم يحسم العقل المسلم المعاصر رأيه فيها بعد، رغم خطورتها وأهميتها ومحوريتها".
محمد الحمامصي
انطلاقا من "أن الله قد فرض قدسية دينه ولم يفرض قدسية اجتهادات البشر في فهمه" يناقش البحث التأصيلي والفقهي والفكري والفلسفي "الحرية الفكرية والدينية: رؤية إسلامية جديدة" للدكتور يحيي رضا جاد، قضايا مفخخة مثل حرية الرأي والتعبير وشرعيتها وتأصيلها، والجهاد القتالي والجزية والردة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها مما يشكل قلقا مجتمعيا وسط سيطرة جماعات وتيارات الإسلام السياسي.
يحرر يحيي رضا فكره ويعيد النظر في كل ما يرجع تحرير حكمه إلى الاجتهاد، مع عدم الخضوع مطلقا للاجتهاد السابق من الأقدمين أو المعاصرين، كحكم مسلم، لأنه إنما انبنى على نظر ـ حسب رأيه، ولا يخلو من أن يكون متأثرا بزمان ومكان وحال من صار إليه، ومستوى سقفه وقدراته المعرفية والعقلية والاجتماعية، مؤكدا أن سبق الوجود الزمني للغير لا يعطيه الحق في النظر والاجتهاد ويسلبه ويمنعه ممن تأخر وجوده عنه، وكأن اجتهاد المتقدمين في الاستنباط والتنزيل قيد على اجتهاد المعاصرين.
ووفقا لذلك يعتمد في منهجه على هدى الكتاب والسنة مع الاستيثاق من ثبوت النصوص ومن صحة دلالتها سالكا، فيما فيه مجال للاجتهاد أصولا وفروعا، طريق إعمال العقل واجتهاد الرأي والتشاور والتحاور، وذلك دون خلط باجتهادات البشر روائعها وإبداعاتها وصوابها وخطئها وإسرافها وغلوها وأوهامها، إذ يرى أن "التراث الإسلامي والمنظومة الفقهية أصولا وفروعا في القلب منه ـ ليس هو الإسلام وإنما هو اجتهادات المسلمين في فهم الإسلام وتطبيقه، وإذا كان الإسلام حقا كله، ومقدسا كله، فإن التراث الإسلامي فيه الصواب والخطأ، ويصيبه التغير والتطور ـ وإن التزم الإسلام واستنبط من ينابيعه، لأنه نتاج عقل بشري لا آية من الوحي الإلهي، نعم تراثنا سجل الجهد البشري للمسلمين والخبرة الإنسانية لديهم في التعامل مع الدين والحياة ولذلك فهو أحد الأدوات المعينة والوسائل المساعدة التي يستأنس بها في فهم الكتاب والسنة دون إلزام ولا تقييد ولا إخضاع للأعناق".
في قضية الحرية الدينية وعدم الإكراه في الدين، يقول الباحث "من عجائب السماحة الإسلامية أنها لا تجبر أحدا على أن يترك مباحا له في دينه، وهو محرم في الإسلام ليجامل المسلمين بتركه، فلم يجبر النصارى مثلا على ترك أكل الخنزير أو شرب الخمر، بل حتى إن من أراق خمرا لهم يغرم قيمتهاـ كما يرى أبو حنيفة بحق ـ مع أنها في الإسلام أم الخبائث ورجس من عمل الشيطان".
وأوضح أن "تشريع الجهاد القتالي في الإسلام لم يكن للإكراه في الدين كما يشيع البعض وإنما لتقرير حرية الاعتقاد والرأي والتعبير، وحرية الاختيار بين الإيمان والكفر، فالجهاد القتالي موجه ضد الإكراه في الدين وفرض الاعتقاد والرأي ومصادرة حق الناس في التفكير والاختيار والقرار وضد الاستبداد الذي اغتصب حق الناس في الاختيار والاعتقاد.
وبتعبير آخر يرى الباحث أن "القتال في الإسلام لم يكن لإكراه الناس على الدخول فيه، وإنما لحمايته ممن يقاتل أهله لإكراههم على الارتداد عنه، فهو قتال في سبيل تحقيق الحرية الدينية لأهله ولغيره من البشر والمستضعفين والمضطهدين تحقيقا لحريتهم الدينية".
ويرى الباحث أن تعدد الأحزاب داخل الدولة المسلمة كتعدد المذاهب داخل الفقه الإسلامي، "إن المذهب الفقهي مدرسة فكرية لها أصولها الخاصة في فهم الشريعة والاستنباط من أدلتها التفصيلية وعلى ضوئها، وأتباع المذهب هم في الأصل تلاميذ في المدرسة يؤمنون بأنها أدنى إلى الصواب من غيرها وأهدى سبيلا، فهم أشبه بحزب فكري التقى أصحابه على هذه الأصول ونصروها بحكم ظنهم أنها أرجح وأولى، وإن كان ذلك لا يعني بطبيعة الحال بطلان ما عداها، ومثال ذلك الحزب إنه مذهب في السياسة له فلسفته ومناهجه المستمدة أساسا من الإسلام الرحب وأعضاء الحزب أشبه بأتباع المذهب الفقهي، كل يؤيد ما يراه أولى بالصواب وأحق بالترجيح".
قتل المرتد
يقدم الباحث اجتهادا فقهيا مؤصلا جديدا لقضية الردة فيرى إن القول استنادا على ما يلوح للنظر العجول من حديث "من بدّل دينه فاقتلوه" بأن قتل المرتد يكون للردة وحدها، لا لشيء معها أو سواها، هذا القول يتنافى تنافيا واضحا لا فكاك منه مع قاعدة "لا إكراه في الدين"، إذ قتل آبي الرجوع إلى الإسلام إكراه له عليه، فتعين رد هذا الفهم وعدم التسليم به.
ويضع الباحث رؤيته "لقد صاحب الاعتراض عن طبيعة الردة والارتداد على عهد رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، إن فكرة الردة في عهد النبي وعهد صدر الإسلام ـ أي فكرة الردة في الواقع العملي يومئذ كانت مقترنة اقترانا ميكانيكيا بعداوة الإسلام وحربه، فمن آمن بالإسلام كان يعمل لنصرته، ومن ارتد عنه كان يعمل على حربه ويلحق بالمشركين".
ويؤصل الباحث اجتهاده هذا مستندا إلى القرآن والسنة النبوية خالصا إلى "لا يجوز في رأينا واجتهادنا عقاب المرتد في زماننا على ارتداده أصلا، لأنه من الإكراه في الدين، وقد نفاه القرآن نفيا قطعيا عاما شاملا في مواضع لا تحصى بصريح العبارة ودقيق الإشارة ولاختلاف طبيعة الارتداد عن ما كان في عصر النبوة وصدر الإسلام كما تبين لنا السنة الصحيحة".
ويزيد الباحث فيقول "قتل المرتد فيما يبدو لنا لمجرد ردته أي كفره بعد إسلامه متعارض تعارضا بينا مع ما قررته السنة الصحيحة من كون العقوبات، حدودا وتعزيرات، مكفرات للذنوب ـ وبهذا يتضح فساد تعليل قتل المرتد بمجرد كفره بعد إسلامه: إذ أن قتل المرتد لا يكفر عنه جرمه، فالله تعالى يقول "لا يغفر أن يشرك به" فليس من المعقول في دين الإسلام أن يرتد إنسان عن دين الله فيقتل حدا في الدنيا ليعتق من العذاب يوم القيامة".
حرية الرأي
يؤكد د. يحيي رضا احتفاء الإسلام احتفاء خاصا وكبيرا بحرية الرأي والتعبير فكريا ودينيا ويقول "وغير سديد تخيل تعبير الآخر ـأي آخرـ عن أفكاره أمرا مسيئا إلى الإسلام، أو ناشرا للشكوك أو باعثا على بلبلة المجتمع وخلخلة استقراره الفكري أو النفسي أو الحضاري، إذ أن إتاحة الحرية له للتعبير تنشطـ، بالمقابل لذلك، من المواقف والحركات والمراجعات، مواقف الدفاع عن الإسلام وتجلية أنواره وحركات إزالة ونفي ما التصق أو ألصق به، ومراجعات المشهور من المقولات في أوساطنا الفكرية والثقافية والدينية: ما به تزداد "الدورة الدموية الإسلامية والفكرية والثقافة" قوة وحيوية، وما به تحفظ "الأوعية الدموية الإسلامية والفكرية والثقافية" من الانسداد".
ويضيف "لقد بين الله سبحانه النهج الذي يجب أن نسلكه إزاء الآراء المخالفة، ألم تر كيف يذكر الله الدعاوي والأفكار والشبهات، مهما كان فيها من إفك أو كفر أو وقاحة، ثم يقفي عليها، بالعبارة أو بالإشارة، بما يدحض باطلها بالحجة والمنطق، لم يأمر الله تعالى في أي حالة منها بقطع ألسنة القائلين ولا إيداعهم السجون ولا بإطاحة رؤوسهم ولا بإنزال العقاب والعذاب بهم، لم يأمر بأي من ذلك، وإنما فند الزيغ بالبرهان، وبعث عليه جنودا من حجج الحق يتعقب بها فلول باطله فمحى آية الليل وجعل آية النهار مبصرة".
إن الباحث كان واضحا وقويا في مختلف القضايا التي طرحها خاصة قضية حرية التعبير والرأي والحرية الدينية وربما يكون قوله التالي جامعا، إذ يقول "إن حفظ وتثبيت إيمان المؤمن إنما يكون بـ "المناعة" لا "المنع" أي برفع قدراته المناعية ومستوى وعيه الثقافي والإسلامي لا بـ "منع الغير من التعبير".
ويحذر الباحث من أن الإسلاميين أنفسهم سيكونون هم الخاسرون قبل غيرهم إذا تم تقييد حرية التعبير عن الفكر والاعتقاد، ومن مصلحتهم ـ قبل غيرهم كذلك ـ فتح أوسع أبواب الحرية أمام الجميع، إذ بالحرية سيكسبون الملايين ولن يخسروا بحرية الفكر المخالف للإسلام إلا أفرادا قلائل قد يكون التخلص منهم مكسبا، فمن ذهب منا إليهم فأبعده الله، فمن خلال الحرية تتحقق مصلحة الإسلام.
محمد الحمامصي
انطلاقا من "أن الله قد فرض قدسية دينه ولم يفرض قدسية اجتهادات البشر في فهمه" يناقش البحث التأصيلي والفقهي والفكري والفلسفي "الحرية الفكرية والدينية: رؤية إسلامية جديدة" للدكتور يحيي رضا جاد، قضايا مفخخة مثل حرية الرأي والتعبير وشرعيتها وتأصيلها، والجهاد القتالي والجزية والردة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها مما يشكل قلقا مجتمعيا وسط سيطرة جماعات وتيارات الإسلام السياسي.
يحرر يحيي رضا فكره ويعيد النظر في كل ما يرجع تحرير حكمه إلى الاجتهاد، مع عدم الخضوع مطلقا للاجتهاد السابق من الأقدمين أو المعاصرين، كحكم مسلم، لأنه إنما انبنى على نظر ـ حسب رأيه، ولا يخلو من أن يكون متأثرا بزمان ومكان وحال من صار إليه، ومستوى سقفه وقدراته المعرفية والعقلية والاجتماعية، مؤكدا أن سبق الوجود الزمني للغير لا يعطيه الحق في النظر والاجتهاد ويسلبه ويمنعه ممن تأخر وجوده عنه، وكأن اجتهاد المتقدمين في الاستنباط والتنزيل قيد على اجتهاد المعاصرين.
ووفقا لذلك يعتمد في منهجه على هدى الكتاب والسنة مع الاستيثاق من ثبوت النصوص ومن صحة دلالتها سالكا، فيما فيه مجال للاجتهاد أصولا وفروعا، طريق إعمال العقل واجتهاد الرأي والتشاور والتحاور، وذلك دون خلط باجتهادات البشر روائعها وإبداعاتها وصوابها وخطئها وإسرافها وغلوها وأوهامها، إذ يرى أن "التراث الإسلامي والمنظومة الفقهية أصولا وفروعا في القلب منه ـ ليس هو الإسلام وإنما هو اجتهادات المسلمين في فهم الإسلام وتطبيقه، وإذا كان الإسلام حقا كله، ومقدسا كله، فإن التراث الإسلامي فيه الصواب والخطأ، ويصيبه التغير والتطور ـ وإن التزم الإسلام واستنبط من ينابيعه، لأنه نتاج عقل بشري لا آية من الوحي الإلهي، نعم تراثنا سجل الجهد البشري للمسلمين والخبرة الإنسانية لديهم في التعامل مع الدين والحياة ولذلك فهو أحد الأدوات المعينة والوسائل المساعدة التي يستأنس بها في فهم الكتاب والسنة دون إلزام ولا تقييد ولا إخضاع للأعناق".
في قضية الحرية الدينية وعدم الإكراه في الدين، يقول الباحث "من عجائب السماحة الإسلامية أنها لا تجبر أحدا على أن يترك مباحا له في دينه، وهو محرم في الإسلام ليجامل المسلمين بتركه، فلم يجبر النصارى مثلا على ترك أكل الخنزير أو شرب الخمر، بل حتى إن من أراق خمرا لهم يغرم قيمتهاـ كما يرى أبو حنيفة بحق ـ مع أنها في الإسلام أم الخبائث ورجس من عمل الشيطان".
وأوضح أن "تشريع الجهاد القتالي في الإسلام لم يكن للإكراه في الدين كما يشيع البعض وإنما لتقرير حرية الاعتقاد والرأي والتعبير، وحرية الاختيار بين الإيمان والكفر، فالجهاد القتالي موجه ضد الإكراه في الدين وفرض الاعتقاد والرأي ومصادرة حق الناس في التفكير والاختيار والقرار وضد الاستبداد الذي اغتصب حق الناس في الاختيار والاعتقاد.
وبتعبير آخر يرى الباحث أن "القتال في الإسلام لم يكن لإكراه الناس على الدخول فيه، وإنما لحمايته ممن يقاتل أهله لإكراههم على الارتداد عنه، فهو قتال في سبيل تحقيق الحرية الدينية لأهله ولغيره من البشر والمستضعفين والمضطهدين تحقيقا لحريتهم الدينية".
ويرى الباحث أن تعدد الأحزاب داخل الدولة المسلمة كتعدد المذاهب داخل الفقه الإسلامي، "إن المذهب الفقهي مدرسة فكرية لها أصولها الخاصة في فهم الشريعة والاستنباط من أدلتها التفصيلية وعلى ضوئها، وأتباع المذهب هم في الأصل تلاميذ في المدرسة يؤمنون بأنها أدنى إلى الصواب من غيرها وأهدى سبيلا، فهم أشبه بحزب فكري التقى أصحابه على هذه الأصول ونصروها بحكم ظنهم أنها أرجح وأولى، وإن كان ذلك لا يعني بطبيعة الحال بطلان ما عداها، ومثال ذلك الحزب إنه مذهب في السياسة له فلسفته ومناهجه المستمدة أساسا من الإسلام الرحب وأعضاء الحزب أشبه بأتباع المذهب الفقهي، كل يؤيد ما يراه أولى بالصواب وأحق بالترجيح".
قتل المرتد
يقدم الباحث اجتهادا فقهيا مؤصلا جديدا لقضية الردة فيرى إن القول استنادا على ما يلوح للنظر العجول من حديث "من بدّل دينه فاقتلوه" بأن قتل المرتد يكون للردة وحدها، لا لشيء معها أو سواها، هذا القول يتنافى تنافيا واضحا لا فكاك منه مع قاعدة "لا إكراه في الدين"، إذ قتل آبي الرجوع إلى الإسلام إكراه له عليه، فتعين رد هذا الفهم وعدم التسليم به.
ويضع الباحث رؤيته "لقد صاحب الاعتراض عن طبيعة الردة والارتداد على عهد رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، إن فكرة الردة في عهد النبي وعهد صدر الإسلام ـ أي فكرة الردة في الواقع العملي يومئذ كانت مقترنة اقترانا ميكانيكيا بعداوة الإسلام وحربه، فمن آمن بالإسلام كان يعمل لنصرته، ومن ارتد عنه كان يعمل على حربه ويلحق بالمشركين".
ويؤصل الباحث اجتهاده هذا مستندا إلى القرآن والسنة النبوية خالصا إلى "لا يجوز في رأينا واجتهادنا عقاب المرتد في زماننا على ارتداده أصلا، لأنه من الإكراه في الدين، وقد نفاه القرآن نفيا قطعيا عاما شاملا في مواضع لا تحصى بصريح العبارة ودقيق الإشارة ولاختلاف طبيعة الارتداد عن ما كان في عصر النبوة وصدر الإسلام كما تبين لنا السنة الصحيحة".
ويزيد الباحث فيقول "قتل المرتد فيما يبدو لنا لمجرد ردته أي كفره بعد إسلامه متعارض تعارضا بينا مع ما قررته السنة الصحيحة من كون العقوبات، حدودا وتعزيرات، مكفرات للذنوب ـ وبهذا يتضح فساد تعليل قتل المرتد بمجرد كفره بعد إسلامه: إذ أن قتل المرتد لا يكفر عنه جرمه، فالله تعالى يقول "لا يغفر أن يشرك به" فليس من المعقول في دين الإسلام أن يرتد إنسان عن دين الله فيقتل حدا في الدنيا ليعتق من العذاب يوم القيامة".
حرية الرأي
يؤكد د. يحيي رضا احتفاء الإسلام احتفاء خاصا وكبيرا بحرية الرأي والتعبير فكريا ودينيا ويقول "وغير سديد تخيل تعبير الآخر ـأي آخرـ عن أفكاره أمرا مسيئا إلى الإسلام، أو ناشرا للشكوك أو باعثا على بلبلة المجتمع وخلخلة استقراره الفكري أو النفسي أو الحضاري، إذ أن إتاحة الحرية له للتعبير تنشطـ، بالمقابل لذلك، من المواقف والحركات والمراجعات، مواقف الدفاع عن الإسلام وتجلية أنواره وحركات إزالة ونفي ما التصق أو ألصق به، ومراجعات المشهور من المقولات في أوساطنا الفكرية والثقافية والدينية: ما به تزداد "الدورة الدموية الإسلامية والفكرية والثقافة" قوة وحيوية، وما به تحفظ "الأوعية الدموية الإسلامية والفكرية والثقافية" من الانسداد".
ويضيف "لقد بين الله سبحانه النهج الذي يجب أن نسلكه إزاء الآراء المخالفة، ألم تر كيف يذكر الله الدعاوي والأفكار والشبهات، مهما كان فيها من إفك أو كفر أو وقاحة، ثم يقفي عليها، بالعبارة أو بالإشارة، بما يدحض باطلها بالحجة والمنطق، لم يأمر الله تعالى في أي حالة منها بقطع ألسنة القائلين ولا إيداعهم السجون ولا بإطاحة رؤوسهم ولا بإنزال العقاب والعذاب بهم، لم يأمر بأي من ذلك، وإنما فند الزيغ بالبرهان، وبعث عليه جنودا من حجج الحق يتعقب بها فلول باطله فمحى آية الليل وجعل آية النهار مبصرة".
إن الباحث كان واضحا وقويا في مختلف القضايا التي طرحها خاصة قضية حرية التعبير والرأي والحرية الدينية وربما يكون قوله التالي جامعا، إذ يقول "إن حفظ وتثبيت إيمان المؤمن إنما يكون بـ "المناعة" لا "المنع" أي برفع قدراته المناعية ومستوى وعيه الثقافي والإسلامي لا بـ "منع الغير من التعبير".
ويحذر الباحث من أن الإسلاميين أنفسهم سيكونون هم الخاسرون قبل غيرهم إذا تم تقييد حرية التعبير عن الفكر والاعتقاد، ومن مصلحتهم ـ قبل غيرهم كذلك ـ فتح أوسع أبواب الحرية أمام الجميع، إذ بالحرية سيكسبون الملايين ولن يخسروا بحرية الفكر المخالف للإسلام إلا أفرادا قلائل قد يكون التخلص منهم مكسبا، فمن ذهب منا إليهم فأبعده الله، فمن خلال الحرية تتحقق مصلحة الإسلام.
Alarab Online. © All rights reserved.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق