الجمعة، 27 أبريل 2012

مدونة شؤون استراتيجية: التنبؤ الإستخباري الفصلي للربع الثاني من العام 2012

التنبؤ الإستخباري الفصلي للربع الثاني من العام 2012


المؤلفون مجموعة باحثين في الأمن الدولي والإقليمي
تاريخ الإصدار  09 نيسان 2012
عدد الصفحات  13 صفحة
تاريخ إصدار الترجمة 25 نيسان 2012

1- الملخّص التنفيذي
مع إطلالة الربع الثاني من سنة 2012، أهم سؤال مطروح يتعلق بإمكانية قيام إسرائيل أو الولايات المتحدة بضرب المنشآت النووية الإيرانية. أعربنا عن وجهة نظرنا وهي أن هذا الهجوم مستبعد إلى أقصى الحدود، لكنه يصبح محتملاً في أقصى الحدود. وباعتبار أن الغرض من الحملة الإسرائيلية تخويف طهران وإشاعة حسّ بالحاجة إلى القيام بعمل عاجل في الوقت نفسه حيال المسألة الإيرانية، نتج عن ذلك زيادة الوعي العام بخطورة المسألة. وفي ما عدا هذه الحملة، لا نعتقد أن هذه الضربة مرجَّحة وسنبسط حججنا التي تثبت صواب رأْينا في هذه التنبؤات.
لكنّ ذلك لا يعني أننا لسنا في غمرة أزمة إيرانية. وكما ذكرنا في تنبؤاتنا السنوية، إيران آخذة في البروز بوصفها القوة المهيمنة في الخليج العربي، لو استثنينا الولايات المتحدة. وعقب الانسحاب الأميركي من العراق، لا يظهر أن الولايات المتحدة راغبة في الغرق في المنطقة من جديد. لكنّ تركيزنا منصبّ على سوريا في هذا الربع، حيث سينجم عن خروج النظام الحالي من أزمته، مع رئيسه بشار الأسد أو بدونه، تهيئة الساحة لتمدّد كبير للنفوذ الإيراني. لذلك، تعارض الولاياتُ المتحدة بقاء النظام للجم ذلك النفوذ. لكنها فشلت إلى الآن في صدّ إيران سواء في سوريا أو من خلال فرض عقوبات. ونحن نرى أن مستقبل الأزمة السورية هو من سيحدد مدى نفوذ إيران وإن كنا نشك في وصول الأزمة السورية إلى خاتمتها في هذا الربع.
من أهم النقاط المفصلية على المدى الطويل الانتخابات الفرنسية. إذا أُعيد انتخاب الرئيس نيكولا ساركوزي، لن يطرأ على العلاقات الفرنسية الألمانية تغيير، وكذلك الأسس التي يقوم عليها الاتحاد الأوروبي. لكن إذا خسر الانتخابات، سيضاف إلى الأمور التي تحوم حولها الشكوك في الاتحاد الأوروبي أمر آخر. نحن هنا لا نتنبأ بنتائج الانتخابات ولكن نتنبأ بأن ترزح النخبة الأوروبية الحالية لضغوط شديدة منشؤها الإجراءات التقشفية واختلال الموازين التجارية مع ألمانيا. إن الانتخابات الفرنسية هي العامل الأهم بالتأكيد، لكن ستبرز عوامل في أوروبا في السنين القادمة تكون بمثابة الاختبار لهذه الفرضية.
تبقى العمليات التي تكلمنا عنها في التنبؤات السنوية، من التحديات الداخلية الصينية إلى الانتعاش الأميركي المعتدل، بدون تغيير، ونحن لا نتوقع بروز تطور حاسم في أي من هذه العمليات في هذا الربع. وفي ما عدا الانتخابات الفرنسية، أهم مؤشر على حدوث تغيّر جيوسياسي هو سقوط النظام السوري. وكلما طال بقاء هذا النظام، قوي احتمال بقائه، وبقاؤه يعني تعاظم قوة إيران على نحو يفوق من بعض الوجوه تعاظم قوتها بحيازة أسلحة نووية.

2- الشرق الأوسط
المعضلة الإيرانية
تضمنت تنبؤات ستراتفور السنوية المتصلة بالشرق الأوسط ثلاثة اتجاهات عريضة: ستسرّع إيرانُ جهودها لترسيخ نفوذها الإقليمي وتوسيعه فيما لا تزال الفرصة متاحة؛ وستعمل إيران في ظلّ ضوابط شديدة ولن تتمكن من إحداث تحوّل جوهري في سياسات المنطقة بما يخدم مصالحها؛ وسترتاب المملكة العربية السعودية من تسوية استراتيجية تتوصل إليها الولايات المتحدة وإيران في هذا المناخ المفعم بالتهديدات، لكنها ستراهن على مزيد من الانحياز إلى الولايات المتحدة بالنظر إلى الطموحات الإيرانية.
تبقى هذه التنبؤات صحيحة، إذْ أكدت إيران في الربع الأول على استراتيجيتها الردعية الأكثر فاعلية، أي التهديد بإغلاق مضيق هرمز. وقد أوضحت طهران موقفها لمستوردي نفطها الرئيسيين في أوروبا وآسيا وليس للولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي فقط. ساعدت هذه الاستراتيجيةُ إيران إلى الآن على تلافي هجوم عليها، لكنها دفعت الولايات المتحدة إلى تشديد عقوباتها وتقليص حصة إيران في سوق الطاقة بالتدريج. وسيحين أجل امتثال الدول الأجنبية لحملة العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة ومقاطعة النفط الإيراني في هذا الربع، وسيصار إلى التشكيك مرة أخرى في مصداقية حملة العقوبات عندما تعجز واشنطن عن شحذ الإرادات السياسية لإرغام كبار مستوردي الطاقة الإيرانية على الامتثال.
ستبذل إيران جهداً منسّقاً لإضعاف زخم حملة العقوبات الأميركية. باعتماد مقاربة أقرب إلى المصالحة في المفاوضات المتعلقة ببرنامجها النووي بمعونة تركيا وروسيا والصين، ستحاول طهران توفير غطاء سياسي للجهات التي تستورد الطاقة الإيرانية ما يمكّنها من مقاومة الضغوط التي تدفعها إلى الامتثال الكامل للعقوبات. لكنّ خطوات طهران التصالحية ستكون سطحية في الأغلب، بينما ستواصل التعويل على تهديدات كلامية مصاغة بعناية لإبقاء أسعار النفط عند مستوياتها الحالية وتحاشي الدخول في صراع عسكري.
لم تغب العراقيلُ التي تعترض إجراء مفاوضات أميركية إيرانية في هذه المرحلة عن المملكة العربية السعودية، ولذلك ستستغلها في هذا الحين لتواصل تعزيز ائتلاف إقليمي مناوئ لإيران بقيادة مجلس التعاون الخليجي فيما تقوّي الأساسَ الاستراتيجي لحلفها مع واشنطن. ومع أنه ليس في وسع المملكة التعويض عن نقص الإمدادات النفطية الإيرانية بالكامل في السوق في الربع القادم، ستواصل زيادة حصتها في السوق وإمداد الولايات المتحدة بكميات أكبر من النفط كوسيلة لزيادة حظوتها السياسية لدى واشنطن وإتاحة قدر أكبر من المرونة للولايات المتحدة في ضغطها على إيران.

بالتالي يُستبعد حدوث تغير جوهري في الصراع الإيراني الأميركي في هذا الربع. وستتزايد الاستعراضات العسكرية والحديث عن العقوبات، بيد أن تكلفة الضربة العسكرية على الولايات المتحدة وإسرائيل تظل باهظة جداً، وستتمكن إيران من الصمود في وجه الضغوط الغربية المتزايدة.
الأزمة السورية
لا تزال تنبؤات ستراتفور بقدرة النظام الأسدي على الصمود وبُعد احتمال تدخل الغرب عسكرياً صحيحة. وسيواصل حكم الأقلية العلوية في دمشق حملته العسكرية في المدن الثائرة للقضاء على معاقل الثوار وسحق المظاهرات المدنية. ومع ذلك، سيواصل الثوار مهاجمة الأهداف والبنية التحتية الاستراتيجية لكنهم لن يتمكنوا من كسر الجيش السوري أو السيطرة على أرضٍ مهمة. وفيما ستكافح المعارضة المدنية لإثبات وجودها، ستجنح المعارضة المسلحة إلى مزيد من التطرّف وتُظهر مزيداً من علامات التحول إلى تمرّد جهادي.
وإذْ يصعب تعقّب جذور الجماعات الجهادية المتنوعة التي ستبرز في سوريا في هذا الربع، يرجَّح أن تساند المملكةُ العربية السعودية الاتجاه الجهادي المتعاظم كوسيلة لتحصين الثورة وإضعاف النظام السوري. لكنّ الرياض ستعجز عن فرض سيطرة كاملة على النشاط الجهادي المتزايد في سوريا على المدى الطويل، ويمكن أن تستغلّ البؤرُ المحلية الفرصة لمحاولة تنشيط حملاتها داخل المملكة في الشهور القادمة. ولن تُعدَم البؤرُ الجهادية في شبه الجزيرة العربية ملاذاً آمناً في غمرة الشلل السياسي الذي أصاب اليمن، لكنّ قدراتها التكتيكية ستبقى محدودة للغاية.
الانتقال السياسي في مصر
حدد الجيش المصري جدولاً زمنياً طموحاً لوضع الأساس السياسي للدولة بعد حقبة مبارك. ومن المقرر أن تُجري مصر انتخابات رئاسية، وتصوغ دستور وتصادق عليه من خلال استفتاء عام، وتكمل المرحلة الانتقالية من الحكم العسكري إلى حكم مدني بحلول نهاية هذا الربع. من خلال هذه العمليات، لا سيما صياغة الدستور، ستحدد مصر مقدار الصلاحيات التي سيمارسها الجيشُ ومجلسُ شعب يهيمن عليه الإسلاميون. ولو أردنا الحكم بالاعتماد على التقدم المحرَز في المرحلة الانتقالية السياسية إلى الآن، يتبين أنه ليس هناك ضمانة بالتقيد بكافة هذه المهل، لكن لا بدّ من دراسة مطالب الإخوان المسلمين قبل النصّ على ميزان قوى بين المدنيين والعسكر في الدستور الجديد. وكما ذكرنا في تنبؤات ستراتفور السنوية، يبقى الجيش أول المنتفعين من هذه المراوحة وسيحتفظ بنفوذ عظيم في الحكومة المدنية المصرية في المستقبل. ومع أن كلاً من الإخوان المسلمين والجيش سيقدّم تنازلات، فإن الإسلاميين السياسيين في مصر هم من سيقدم أعظم التضحيات لتجنب إفشال عملية الانتقال السياسي برمتها.

3- الاتحاد السوفياتي السابق
سيركز الرئيس فلاديمير بوتن العائد والذي سيتولّى منصبه رسمياً في 7 أيار، على التعامل مع التحديات المحلية الكثيرة التي يواجهها الكرملين. ستبدأ هذه العملية، التي تخوّل الحكومةَ إجراء تعديلات في تشكيلة الوزراء وإجراء تعيينات جديدة لرؤساء المؤسسات المهنية الاستراتيجية وزيادة الضغط على العديد من أصحاب الامتيازات الروس، قبل تولّي بوتن منصبه رسمياً، وستستمرّ شهوراً طويلة بعد ذلك.

كما ستتواصل الاحتجاجات المعارضة للكرملين والتجمعات الشعبية المؤيدة له، مع أنها لن تكون بالحجم والانتشار الذي شهدناه في الربع الأول من السنة.
إحدى القضايا الحساسة التي ستواجه بوتن لدى تولّيه منصبه، تحديد مستقبل البرامج الاقتصادية الروسية. لقد أدرك الكرملين أن تعليق برامج التحديث والخصخصة أمر وارد لأن شركاء موسكو الرئيسين في هذه المشاريع، أعني الأوروبيين، يواجهون صعوبات مالية. وكانت موسكو قد تكفّلت بتغطية تكاليف مشاريع معيّنة مثل مشاريع السكك الحديدية بالتعاون مع شركات ألمانية حرصاً على استمرار مشاركة الأوروبيين وتشجيعهم على الإسهام بالتكنولوجيا. وفي الربع الثاني، تخطط روسيا لخصخصة أصل استراتيجي رئيسي هو "سْبيرْبانك"، ثاني أكبر مصرف في روسيا، لقياس شهية الأوروبيين للاستثمار في مثل هذا البرنامج. إذا تمت الخصخصة الأولية، تمضي روسيا في برامجها الطموحة في هذه السنة وفي السنين التالية، وإلاّ ستعيد النظر في هذه البرامج فتقلّص أحجام بعض مكوناتها وترفع إسهاماتها المالية صوناً لروابطها الاقتصادية بأوروبا.
في هذه الأثناء، ستزداد التوترات القديمة بين روسيا والناتو حماوة قبل قمّة بين روسيا والناتو حُدّد لها موعد مبدئي في أيار، وستكون أول قمّة منذ سنة 2007. وستزيد روسيا تركيزها على الخطط الأميركية المتصلة بالدفاع الصاروخي البالِستي في أوروبا الوسطى، وستستخدم أوراقاً مثل تفعيل منظومة الدفاع الجوي أس-400 وربما نشر صواريخ إسكندر البالِستية القصيرة المدى في كالينينْغراد، وذلك بموازاة مواصلة المناورات الدبلوماسية والعسكرية في سوريا. بيد أن الاستفزازت الروسية لن تحمل الولايات المتحدة على التخلي عن خططها الأمنية الحالية في المنطقة. كما أن موسكو لن تدفع بهذا التصعيد إلى مستوى يُؤدي إلى قطيعة مع الناتو أو مع الولايات المتحدة مع أن العلاقات بين الطرفين ستزداد توتراً. وفي الوقت عينه، ستحافظ روسيا على علاقات أمنية دافئة مع دول أوروبا الغربية وعلى رأسها ألمانيا.
إن الضغط الروسي المتزايد على الولايات المتحدة سيدفع دول أوروبا الوسطى، لا سيما بولندا وليتوانيا، إلى الردّ، علماً بأن وارسو وفيلْنيوس بدأتا بالعمل أصلاً على إيجاد مزيد من التحديات الحقيقية للنفوذ الروسي المتعاظم. كما زادت هاتان الدولتان اللتان شجعهما نجاحُ جهودهما في وقف الاعتماد على إمدادات الطاقة الروسية، على التعاونَ الأمني الإقليمي أسوة بدول البلطيق والدول الإسكندنافية الأخرى، وسيساعدهم ذلك على الردّ على الموقف العسكري الروسي المتشدد في المنطقة.


4- أوروبـــــــــا
سيتميز الربع الثاني في أوروبا بانتخابات مزمعة في بلدين واقعَين في صلب الأزمة المالية الأوروبية هما فرنسا واليونان. ذكرت ستراتفور في تنبؤاتها السنوية أن الانتخابات الفرنسية في سنة 2012  ستكون مفصلية لأن الشراكة الفرنسية الألمانية هي لبّ النظام الأوروبي، وأي شرخ خطير بين الدولتين يُؤْذن بنهاية الاتحاد الأوروبي. لذلك، ستكون الانتخابات الفرنسية المحور الذي ستدور أوروبا حوله في الربع الثاني.
ستُجرى الانتخابات الفرنسية على مرحلتين، أولاهما في 22 نيسان، وجولة الإعادة في 6 ايار. وبعد ذلك بشهر، تُجري فرنسا انتخابات برلمانية على مرحلتين أيضاً. ستتركز أنظار باريس على الداخل في أغلب الربع الثاني مع تركيز السياسيين على القضايا المحلية، ولن يتسنّى لها الوقت ولا الإرادة لقيادة أوروبا بالتعاون مع برلين كما كانت عليه الحال في بداية الأزمة.

أضف إلى ذلك أنه بانشغال فرنسا بقضاياها الداخلية ستتمايز عن ألمانيا، وهذه عملية ستسلط الضوء على المصالح المتباعدة للاقتصادين الفرنسي والألماني، فضلاً عن أمور أخرى. لكنّه ليس أكثر من تمايز كلامي في هذا الربع إذْ لن تُتخَذ أي قرارات جوهرية تُحدث توتراً في العلاقات الفرنسية الألمانية. ستنشغل ألمانيا بقضايا داخلية أيضاً، إذْ ستجد المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل نفسها مرغمة على التصدي لمشكلات داخل ائتلافها. ويضاف إلى ذلك دنوّ الانتخابات المحلية، بما في ذلك انتخابات في ولاية الراين ويستْفاليا الشمالية ذات الكثافة السكانية الأعلى في البلاد.
مع انشغال ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي وفرنسا التي تليها مرتبة بقضايا محلية، تتوقع ستراتفور تباطؤاً شديداً في عملية صنع القرار داخل الاتحاد.
في هذه الأثناء، ستواجه دول شمال أوروبا معضلة كيفية التعامل مع العجز في ميزانياتها. وفيما تدور نقاشات في الدول الرئيسية، وخصوصاً هولندا وألمانيا، حول إجراءاتها التقشفية الخاصة، ستنحسر شرعية ضغوطها على الدول الواقعة على أطراف القارّة لإقرار تدابير تقشفية. إن انحسار الشرعية هذا المقترن بالشلل الذي أصاب الحلف الفرنسي الألماني سيشجّع الدول الطرفية على إبطاء عمليات إعادة هيكلة اقتصاداتها، ما يثير شكوكاً في فاعلية آخر اتفاقية مالية أقرّها الاتحاد الأوروبي.
ذكرت ستراتفور في تنبؤاتها السنوية أنه في سياق هذه الأزمة، "توظّف ألمانيا تفوقها المالي وموقعها الاقتصادي في محاولة تعديل هيكلية منطقة اليورو بما يخدم المصالح الألمانية". إذا كانت ألمانيا ستواصل استغلال قوتها الاقتصادية بهذا المعنى في هذا الربع، لا سيما بزعم أن الأزمة لم تنتهِ بعد وأنه يلزم تحمّل مزيد من المسؤوليات المالية، ستجد برلين صعوبة في بلوغ هدفها فيما تحاول الدول الأوروبية الأخرى تليين إجراءاتها التقشفية.
أخيراً، إذا جرت انتخابات في اليونان في أواخر نيسان أو في مطلع أيار، وهو ما ألمحت إليه الحكومة اليونانية مؤخراً، يرجَّح بروز ائتلاف ضعيف لأن لا حزب سيحصل على أصوات كافية تمكّنه من تشكيل حكومة أغلبية. ويُتوقع أن تصبح الأحزاب التي لم تشكل على مرّ تاريخها جزءاً من المؤسسة السياسية جهاتٍ أساسية فاعلة في الربع الثاني إما بالمشاركة في قرارات ترمي إلى تشكيل ائتلاف بعد الانتخابات أو بالإعراب عن عدم رضاها عن أداء الحكومة اليونانية إذا أُجِّلت الانتخابات. وفي الحالة الأخيرة، يمكن أن تنظّم الأحزابُ المتطرّفة احتجاجات ربما تؤدي إلى أحداث عنف في الشوارع.

5- شرق آسيا
التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها الصين
سيُسهم الاقتصاد العالمي الضعيف وإعادة الهيكلة المترنّحة في الصين في إبطاء نمو الاقتصاد الصيني في الربع الثاني، وهو اتجاه زادته التكاليفُ المرتفعة للخدمات العامة والعمالة تعقيداً. ومع أن بيجين ألمحت من قبل إلى استعدادها للقبول بنمو أقل لمصلحة إعادة التوازن الاقتصادي، يرجَّح أن يدفع الضعفُ المستمرّ الذي يعاني منه قطاع التصدير والمشكلات المتصلة بالاستثمار المحلي بيجين إلى اعتماد بعض التدابير التوسعية تلافياً لتباطؤ اقتصادي شديد يمكن أن يهدد وضع العمالة في البلاد. كما يرجَّح تليين بعض السياسات النقدية، مثل خفض معدلات الفائدة في الربع الثاني.
إن تنفيذ سياسات مالية مثل إدخال إصلاحات ضريبية، وتقديم معونات مباشرة، وزيادة الأجور للتشجيع على الاستهلاك لن يكون كافياً للابتعاد عن سياسة تحقيق النمو التقليدية بواسطة الاستثمارات في الربع التالي. وسيبقى الاستثمار الثابت خصوصاً محركاً أساسياً لتعزيز نمو البلاد في الربع الثاني، بينما يرجَّح أن يتلقّى قطاع التصدير، الذي أصبح محل نزاعات تجارية عالمية متزايدة، دعماً من بيجين. ومع أنه ما من سبب يدعو إلى الاعتقاد بأن بيجين ستحدث تغييرات واسعة النطاق في سياستها المتصلة بالعقارات، يرجَّح أن تُدخل تعديلات محدودة في هذا الربع. وهي تراهن على أن هذه السياسة المقرونة بتدنّي الأسعار ستساعد على الإبقاء على مستوى الطلب على العقارات أو حتى زيادته في الربع الثاني.
إن إقصاء بو كسليا زعيم حزب تشونغ كينغ أظهر للعيان الاقتتال السياسي الداخلي في الصين، وقاد إلى تكهنات كثيرة وأثار قلقاً وأحدث انقسامات إيديولوجية مع دخول الانتقال القيادي في بيجين مراحله الحاسمة. لكنّ حماوة التوترات السياسية الداخلية يمكن أن تسهم في تبنّي اتجاهات سياسية متضاربة حيال طريقة التعاطي مع القضايا الاجتماعية أو مع الأجندة الإصلاحية المثيرة للخلاف. ومع ذلك، سيستمرّ الضباب الذي يكتنف النظام السياسي في إذكاء التكهنات والشائعات. ومع اقترانه بتذمّر اجتماعي مستتر يمكن أن يؤدي إلى ردود سياسية معاكسة متفرّقة.

التجربة الصاروخية التالية لكوريا الجنوبية
ستطلق كوريا الشمالية قمراً صناعياً في نيسان للاحتفال بالذكرى السنوية المئة لميلاد المؤسس كيم إيل سونغ. ستُجرى تجربة الإطلاق في وقت بين مؤتمر خاص لحزب العمال الكوري ودورة مجلس الشعب الأعلى الرامية إلى قوننة انتقال القيادة إلى كيم جونغ أون.
مع أنه يجري في الخارج تصوير تجربة الإطلاق بأنها عمل استفزازي، أخطرت كوريا الشمالية الولاياتِ المتحدة بهذه الخطوة قبل وفاة كيم جونغ إيل. أريد من التجربة الصاروخية في شباط والتعليق الطوعي للأنشطة النووية الحدّ من الانتقادات الدولية لإطلاق الصاروخ.
ستطرح بيونغ يانغ مسألة العودة إلى المفاوضات في النصف الأخير من الربع، لكنّ موسمي الانتخابات في كوريا الجنوبية وفي الولايات المتحدة سيرجئان أي عمل إضافي في هذا الشأن.

التوترات السياسية والقرارات الاقتصادية في اليابان
إن الصراع السياسي حول مشروع قانون زيادة ضريبة الاستهلاك الذي اقترحه رئيس الوزراء يوشيهيكو نودا سيزيد الضغوط الداخلية والخارجية على الائتلاف الحاكم بقيادة الحزب الديمقراطي الياباني، ما يهدد بإسقاط وزارة نودا في الربع الثاني. كما أنه لتبديد تصور المستثمرين إفلاساً مالياً يابانياً على المدى الطويل، ربما يُذعن نودا للدعوات المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة في مقابل دعم الحزب الديمقراطي الليبرالي لمشروع قانون الزيادة الضريبية. ويرجّح أن يمهد ذلك الطريقَ أمام أحزاب ثالثة للوصول إلى البرلمان.

التكامل الاقتصادي الإقليمي
أدركت الدول الآسيوية التي استخلصت العبر من الأزمة المالية التي عصفت بآسيا في سنة 1997 أهمية التكامل الاقتصادي الإقليمي خلال الاضطراب الاقتصادي الحالي. وفيما تبحث الدول الآسيوية التي تعاني من ضعف اقتصادي عن سبُل لتقوية برامجها الحمائية لمواجهة حالات تدنّي السيولة والانعتاق من النظام المالي الغربي، بدأت بالتحول إلى اعتماد آليات اقتصادية إقليمية مثل مبادرة تشاينغ ماي.
وبالإضافة إلى ما تقدم، قَوَّى تحريرُ التجارة المتسارع في أرجاء المنطقة، لا سيما الإجراءات التي قادتها الولايات المتحدة، هذه الدينامية الإقليمية بإعطاء الأولوية لاتفاقات التجارة الحرّة. يراد من هذه الاتفاقات، ثنائية كانت أم متعددة الأطراف، زيادة المنافع التي تجنيها كافة الدول المعنية إلى أقصى حدّ. وعلى الأرجح أن تسعى الصين لتولّي دور الوسيط في العديد من هذه الاتفاقات. كما أن الصين واليابان وكوريا الجنوبية منكبَّة على وضع اللمسات الأخيرة على معاهدتها الاستثمارية في أيار كجزء من التفاوض على اتفاقية تجارة حرّة ثلاثية الأطراف، بالإضافة إلى اتفاقات ثنائية أخرى يجري العمل عليها.
6- جنوب آسيا
ستنطلق عملية هجومية محدودة بقيادة الولايات المتحدة في شرق أفغانستان في هذا الربع، لكنّ مدى هذه العملية وأهدافها لن تصل إلى مدى وأهداف العمليات الهجومية التي نُفذت في السنين الأخيرة في جنوب أفغانستان. ومع اشتداد موسم القتال في فصل الربيع، ستطرأ زيادة على الهجمات التي يشنها المتمردون على قوة إيساف وعلى أهداف أمنية أفغانية. وبرغم توافر حافز قوي لطالبان لشنّ هجمات طنّانة تحقيقاً لغايات سياسية، نتوقع أن تأتي هذه الأعمال منسجمة تكتيكياً مع الهجمات السابقة وألاّ تُظهر امتلاك قدرات جوهرية جديدة.
تتنبّأ ستراتفور بأن تواصل الولايات المتحدة وطالبان التفاوض في هذه السنة، لكن لا تزال الشكوك تساور المؤسسة في إمكانية التوصل إلى اتفاق نهائي بحلول نهاية السنة. وستتواصل الحوادث الخطيرة التي تعرقل هذه المحادثات، مثل الحوادث التي شهدناها في الجزء الأول من السنة، لكن المفاوضات ستستمرّ برغم هجمات المفسدين.
بدأت الولايات المتحدة بتخفيضات محدودة لقواتها استباقاً للخفض المخطط له للقوات الأميركية وصولاً إلى مستوى 68000 جندي بحلول نهاية أيلول، ولا تزال الولايات المتحدة ماضية إلى الآن في خطة الخفض السريع لتلك القوات بحلول نهاية الربع الثاني. ونشير إلى أن الربع الأول شهد تزايد هجمات قوات أفغانية حكومية على قوات أجنبية متحالفة معها ما دفع إلى تعديل تدابير حماية القوات بشكل جذري. ومن شأن ذلك زيادة الأعباء على العدد الصغير من القوات الأجنبية في البلاد والتأثير سلباً في التنسيق بين القوات الأجنبية والقوات الأفغانية في هذا الوقت الدقيق.
سيتواصل التطور السياسي الجاري بباكستان لمصلحة القوى المدنية مع التقليص التدريجي لقدرة الاستخبارات والجيش على صياغة الأحداث في البلاد. وإذا كان تعزيز الحوكمة المدنية يضفي تعقيدات على الروابط الأميركية الباكستانية، سيشهد الربع الثاني تحسناً في الإجمال في العلاقات الثنائية مع تواصل المفاوضات ببطء. وستكون إعادة فتح خط التموين الباكستاني المحتملة أحد المؤشرات في هذا الربع على أن الولايات المتحدة وباكستان تحرزان تقدماً في التفاوض على تسوية أميركية أفغانية لاحقة.
7- البلدان الواقعة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا

صراع نيجيريا مع المسلحين
ستُبذل جهود سياسية جديدة بهدف إعاقة جماعة بوكو حرام في الربع الثاني، وستواصل القوى الأمنية النيجيرية ضغطها على هذه الجماعة المسلحة الناشطة في شمال شرق البلاد. وبعد انتخاب بامانغا توكور، وهو من المنطقة الشمالية الشرقية، رئيساً لحزب الشعب الديمقراطي الحاكم على مستوى البلاد في 24 آذار، تتوقع الحكومة النيجيرية أن يطرح توكور وجهات نظره حيال جماعة بوكو حرام ليتسنى للحكومة إضعاف قدرات هذه الجماعة.
ستواجه بوكو حرام تحديات هائلة خارج منطقتها الشمالية الشرقية، لكنها ستحافظ على وجودها بالنظر إلى حاجة المنطقة الشمالية الشرقية إلى استخدام هذه الجماعة المسلحة كرافعة سياسية قبل انعقاد مؤتمر قيادة حزب الشعب الديمقراطي في سنة 2014. ستشنّ الجماعة في الربع الثاني هجمات أغلبها في المنطقة الشمالية الشرقية. وهذا العنف المتدني الشدة سيُبقي على الضغط الذي ترزح تحته الحكومة النيجيرية من أجل تلبية مطالب المنطقة الشمالية الشرقية وإبقاء العنف عند مستوى يجنّب الحكومةَ النيجيرية الانتباه الدولي.
كما سيشنّ المسلحون في منطقة دلتا النيجر هجمات متقطعة على أهداف نيجيرية ضعيفة غالباً، فضلاً عن تسديد ضربات للبنية التحتية للطاقة بين الحين والآخر. وستذكّر هذه الهجماتُ شركاتِ النفط الدولية والحكومة النيجيرية بإمكانية تفعيل النشاط المسلح في المنطقة إذا اقتضت الأوضاع السياسية ذلك.
زيادة الضغط على الجهاديين في الصومال
ستشهد استراتيجيةُ احتواء الجهاديين الصوماليين مزيداً من التطوير في الربع الثاني. ذلك أنه ستنضمّ إلى قوة حفظ السلام التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميسوم) قوات إضافية، منها قوات أوغندية في نيسان وقوات سيراليونية في حزيران، ما سيمكن "أميسوم" من تعزيز موقفها في مقديشو والبدء بالتوسع خارج المناطق المحيطة بالعاصمة مباشرة، بما في ذلك تسيير دوريات في المناطق والبلدات المجاورة مثل أفجويي وبايدوا.
وفي شأن متصل، سيصار إلى دمج أكثر من 4000 جندي كيني من قوات حفظ السلام في "أميسوم"، وهي خطوة ستسهل عملية القيادة والتنسيق خلال الربع الثاني، مع أن الكينيين سيحافظون على انتشارهم لمواصلة احتواء الخاصرة الجنوبية في مواجهة حركة الشباب. وسيتمسك الإثيوبيون بموقفهم الدفاعي في وسط الصومال وبالتعاون مع ميليشيا أهل السنّة والجماعة على عرقلة نشاط مقاتلي الشباب في المنطقة.
وبالإجمال، يراد من هذه الجهود تعزيز المكاسب الحالية، مع أن استراتيجية قطع الدعم الشعبي عن حركة الشباب تظلّ هدفاً بعدي المدى. ومن شأن مناخ أمني وطيد أن يدعم الجهود السياسية التي ستجعل الحكومة الصومالية المؤقتة كياناً دائماً، وهي عملية ستدعمها الانتخابات المزمعة في آب.

المشهد السياسي في جنوب أفريقيا
سيشتدّ التنافس على القيادة داخل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم في جنوب أفريقيا في الربع الثاني. ومن المقرر عقد مؤتمر للتخطيط للسياسات في 26-29 حزيران ما سيوفر للفصائل المنتوعة في الحزب فرصة للتموضع أمام الوفود التي ستصوّت في مؤتمر القيادة المزمع عقده في كانون الأول. بيد أنه لن تُختتم مناقشات السياسات ولا الحملات الانتخابية في هذا الربع.
سيشهد الربع الثاني انطلاق موسم إضرابات في جنوب أفريقيا مع بدء النقابات المنضوية تحت مظلّة مجلس النقابات التجارية الجنوب أفريقية بجولة مفوضاتها السنوية الرامية إلى زيادة الأجور وتحسين أوضاع العمل. وسيستمر موسم الإضرابات هذا في الربع الثالث.
علاقة متحوّلة بالنسبة إلى السودان، وجنوب السودان
مع عدم امتلاك أي طرف قوات كافية لإنزال الهزيمة بالطرف الآخر ومع انكشاف خطوط التموين الطويلة للقوى النظامية وللقوى غير النظامية المتناحرة، سيلجأ السودان وجنوب السودان إلى مفاوضات يتوسط فيها المجتمع الدولي لإيجاد حلول للقضايا المتصلة بالحدود والقطاع النفطي.
سيواصل البلدان نشر قوات كثيرة نظامية وغير نظامية على امتداد حدودهما المشتركة، وخصوصاً في ولايتي جنوب كردفان والوحدة وفي مناطق بولايتي النيل الأزرق وأعالي النيل. وبالنظر إلى انتشار هذه القوات، ستستمرّ التوترات الحدودية وستندلع اشتباكات عنيفة بين الحين والآخر.
كما سُتجرى مفاوضات على مستوى متدنّ بواسطة الاتحاد الأفريقي في دولة إثيوبيا المجاورة في أوائل نيسان، علماً بأن الاتفاق على قضايا أقل إثارة للخلاف مثل حقوق المواطنة يمكن أن يمهد لقمّة ثنائية سبق إرجاؤها تناقَش فيها قضايا أهم. لكن يرجَّح أن تشهد باقي شهور السنة مفاوضات على الترسيم الكامل للحدود وعلى اقتسام عائدات النفط والتوصل إلى اتفاقات جمركية. ومع أن الحكومتان ستهيئان البيئة لاستثمارات أجنبية متنوعة، لكنّ الآفاق المحدودة سترغم السودان وجنوب السودان على مواصلة التعاون ولو كان تعاوناً تشوبه التوترات


8- أمريكا اللاتينية
القضايا المالية في الأرجنتين
شكّل فرضُ الأرجنتين قيوداً صارمة على التجارة وعلى حركة رؤوس الأموال تطوراً بارزاً في هذا البلد في الربع الأول مع أنه لم يشكل بنداً في تنبؤاتنا السنوية. المراد من هذه التدابير إبقاء رؤوس الأموال داخل النظام المالي المحلي، لكنها ستُحدث ارتدادات اقتصادية في الربع الثاني مع تطبيق السياسات الجديدة. ونتيجة للعراقيل التجارية التي وُضعت في 1 شباط، تحدثت تقارير عن حالات نقص في سلع استهلاكية في الأرجنتين بدءاً بالأثاث وانتهاءً بالعقاقير الطبّية. وستزداد حالات النقص هذه استفحالاً قبل انقضاء الربع. وعلى صعيد آخر، ستزداد التوترات الدولية حماوة خلال الربع القادم بين الأرجنتين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والدول الأعضاء في "اتحاد الميرْكوسور". لكنّ الأرجنتين لن تغيّر تصرفاتها إذعاناً للتهديدات الدولية وستركز على حاجاتها المحلية عوضاً عن ذلك.
ستحدث طفرة في عائدات التصدير خلال الربع الثاني، ما يعني تدفق رؤوس أموال أجنبية تُؤْذن ببعض الانفراج في الوضع المالي على المدى القصير. وهذا الانفراج المقترن بالتبعات السياسية للنقص في السلع سيدفع الأرجنتين إلى السماح باستيراد مزيد من السلع لمدة محدودة بحلول نهاية الربع.
إلى جانب هذه التحولات الاقتصادية الكلّية، سيبقى قطاع الطاقة الأرجنتيني محور الخلاف السياسي مع ضغط الحكومة على ريسبول واي بي أف، أكبر الشركات في القطاع، لزيادة استثماراتها ومخرجاتها تخفيفاً للضغط المالي الذي ترزح تحته الحكومة. وستمارس الحكومة ضغوطاً مشابهة وإن أقلّ شدّة على قطاع التعدين ليزيد استثماراته ومخرجاته في الربع الثاني.
الاقتصاد والسياسة البرازيلية
إن القلق المتزايد من تراجع الإنتاج الصناعي في البرازيل سيحمل الحكومة على زيادة دعمها للمؤسسات المهنية البرازيلية وعلى وضع عراقيل تجارية أمام الشركات الأجنبية المنافسة. في ظل هذه السياسة، ستتصاعد حدة التوترات مع الصين ومع الدول الأعضاء في "اتحاد الميركوسور" خلال الربع الثاني، لكنّ البرازيل لن تصل إلى حدّ القطيعة مع أي من شركائها التجاريين. وسيواصل الرئيس البرازيلي، ديلما روسِف، الضغط على المجتمع الدولي لفعل شيء حيال القضايا المتصلة بالعملات والتجارة، وسيستغل زيارته لواشنطن في نيسان في العمل على زيادة صادرات بلاده إلى الولايات المتحدة، لكنّ الطرفين لن يجدا الكثير من النقاط المشتركة في ما عدا هذه الإجراءات الرمزية.
وعلى الصعيد المحلي، سيهيمن على المناخ السياسي انشغال البرازيل بالانتخابات البلدية. وستستأثر هذه الانتخابات باهتمام كافة الأطراف السياسية على كافة مستويات الحكم وتُضعف تماسك الائتلاف الحاكم.
ملامح القتال في كولومبيا
تشهد كولومبيا ما تصفه حكومتها بانبعاث القوات الثورية المسلحة الكولومبية (فارك). ويمكن توقّع زيادة وتيرة ومدى العمليات التي تستهدف "فارك" ومنظماتِ الجريمة الأخرى التي تتخذ من العنف سلاحاً في الربع الثاني. ومن شأن ذلك زيادة الاشتباكات العنيفة وفرص توجيه "فارك" ضربات ثأرية لأهداف ضعيفة كالمواقع المدنية والبنية التحتية للطاقة. وسيكون التعاون الأمني المستمرّ بين كولومبيا وفنزويلا نعمة في الربع الثاني على عمليات ملاحقة المسلحين والمجرمين التي تشنها كولومبيا على الحدود الشرقية للبلاد.
المكسيك تتهيّأ للانتخابات
ستمضي المكسيك هذا الربع في التحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية المزمعة في 1 تموز. ولا يُتوقع حدوث تغييرات إن في المشهد السياسي أو في البرلمان مع أن حزب العمل الوطني الحاكم سيسعى لتحقيق مكاسب رمزية في حربه مع المنظمات الإجرامية العابرة للحدود.
ستبقى مستويات العنف الإجمالية على حالها في الربع القادم مع كثافة عالية لأعمال العنف في ولايتي تاموليباس وفيراكْروز. وستزداد وتيرة الهجمات في مدينتي نيفو لاريدو وكيلياكان مع اشتداد المنافسة على السيطرة على المناطق بين الكارتيلين سينالوا ولوس زيتاس، علماً بأن أهم صراع تدور رحاه في هذا الربع هو الصراع الدائر بين نايتس تيمبلَر (فرسان الهيكل) وكارتيل دي جاليسيكو نيفا جينيراسيون اللذَين يتنافسان على الولايات الوسطى والولايات المطلة على المحيط الهادئ، بما في ذلك جاليسكو، وميشواكان، وغيوريرو، وغواناجواتو. ويُتوقّع أن تشهد ولاية غواناجواتو أشدّ أعمال العنف في الربع الثاني مقارنة بما شهدته منذ سنة 2010. وعلى الصعيد الاقتصادي، يُتوقَّع أن تحافظ المكسيك على نمو مستقرّ يرجع إلى انتعاش الاقتصاد الأميركي وزيادة صادرات المكسيك إلى الولايات المتحدة.
وضع شافيز الصحي والإصلاحات في فنزويلا
القضيتان اللتان ستهيمنان على فنزويلا في الربع الثاني هما تدهور صحة الرئيس الفنزويلي هيوغو شافيز، وتطبيق إصلاحات اقتصادية أساسية. يخضع شافيز حالياً للعلاج بعد الجراحة الثانية التي أُجريت له لاستئصال سرطان بطني. ومع أن المعلومات المؤكدة تبقى نادرة، الظاهر أن ما بقي له من الحياة يقلّ عن عام. ويتوقع أن تركز الديناميات السياسية في فنزويلا على الوضع الصحي لرئيسها الذي تحوم حوله الشكوك فيما يبرم اللاعبون السياسيون الأساسيون صفقات من وراء الكواليس تحسباً لتغيّر قيادي.
وبعد هدوء نسبي في الربع الأول، يتوقع أن تتفاقم مظاهر السخط الشعبي في الربع الثاني بعد أن تتحول الإصلاحات المهمة المقترحة إلى قوانين وتدخل حيّز التنفيذ. وقد دخل قانون التكاليف والأسعار المنصفة حيّز التنفيذ رسمياً في 1 نيسان. ومع أن تأثيراته ستكون متفاوتة، يتوقع أن يزيد حالات ندرة السلع الاستهلاكية الأساسية ويرفع الأسعار في السوق الرمادية (السوق الموازية وهي السوق التي تشهد نقصاً في السلع). وبالإضافة إلى ذلك، يُتوقع دخول قانون عمالة جديد في صورة ما حيّز التنفيذ في 1 أيار. ومع أن القانون لم تكتمل صياغته وربما لن يوضع موضع التنفيذ في 1 أيار، فسيكون غداة بدء موسم الانتخابات الرئاسية خطوة رمزية مهمة يقدم عليها شافيز في يوم العمال العالمي. وعلى الأرجح أن يرغم القانونُ الشركاتِ والوكالات الحكومية على إعادة صياغة عقود العمل في عملية لا بدّ وأن تحدث اضطرابات مدنية في قطاعات عديدة.

ليست هناك تعليقات:

شارك

Share |