الجمعة، 7 مايو 2010

ملف الحركات والجماعات الإسلامية في طرابلس: أين كانت وأين أصبحت؟ (18) في حوار مع الداعية الشيخ إبراهيم الصالح

ملف الحركات والجماعات الإسلامية في طرابلس: أين كانت وأين أصبحت؟ (18)جريدة اللواء اللبنانية)الفيحاء والشمال0)
في حوار مع الداعية الشيخ إبراهيم الصالح
< التقارب السني - الشيعي قسري وليس اختيارياً لوجود كيان صهيوني ملاصق للبنان
الشيخ ابراهيم الصالح

ربما يتحفّظ بعضهم على نقده اللاذع وصراحته الواضحة في العديد من آرائه التي تولّدت لديه عن طول خبرة وممارسة وغوص في معترك الحياة الدعوية وعلاقاته الدقيقة مع مختلف الحركات الاسلامية، الا ان معظم الذين يلتقون الشيخ ابراهيم الصالح يدركون مقدار ألمه لما آلت إليه هذه الحركات، لا بل سائر الزعامات الاسلامية السنية، من حال الانقسام واللهاث وراء مصالحهم الخاصة، حيث يؤكد الشيخ الصالح انه لا بد لنا جميعاً من اعادة قراءة اوضاعنا حتى نعود سيرتنا الاولى التي اختطّها لنا النبي الكريم·
واننا اذ ندرك مدى عفويته التي تنم عن اخلاص وثبات، فإننا لم نمنع انفسنا من اعتماد الرقابة الذاتية في تجاوز العديد من الاسماء والامثلة التي لا مجال لإيرادها بصورة سافرة، حرصاً على عدم تخطّي الضوابط المفترضة في مثل هذه الموضوعات الشائكة، وإن كنا نعلم انه كان يتمنى عدم اغفالها·

وما حوارنا - في الحقيقة - مع الشيخ ابراهيم الصالح في الحلقة الـ 18 من هذا الملف إلا توخياً للوقوف على ثمرات خبرته في ميدان العمل الاسلامي الذي ينفرد به نسيج وحده رأياً وموقفاً:

أمام عدة خيارات نود في البدء ان نتعرّف الى الشيخ ابراهيم الصالح ونشأته؟

- ولدت في اسرة مسلمة متديّنة، ولكنني كنت امام عدة خيارات لا مجال لذكرها، وقد اتخذت الاسلام خياري في النهاية، وليس الاسلام بالمعنى الدعوي بل الاسلام السياسي، حيث وجدت فيه رؤية عظيمة لمشكلات كنت اظن ان الآخرين يستطيعون ان يجدوا حـلاً لها· ولقد وجدت في شخصية الرسول العظيم والصحابة الكرام صورة لمثال يمكن ان يُحتذى به، ليس فقط لأنه اسوتنا بل لأنه - عليه الصلاة والسلام - وصحبه رضوان الله عليهم هم في الحقيقة اشخاص يستحقون ان يتعلّم الانسان في اي زمان ومكان من تجربتهم وسلوكهم وطريقة تفكيرهم وتضحياتهم وتواضعهم امام المشروع الاسلامي العظيم الذين جُبلوا فيه حتى اوصلوا إلينا الاسلام، وما زالت حركتهم متواصلة لأنهم اصحاب مشروع حضاري وديني واجتماعي حتى هذه اللحظة وإلى ان يرث الله الارض ومن عليها·

اثر الشيخ صبحي الصالح نعلم انك كنت يسارياً، فكيف تغيّرت قناعاتك الى الاسلام السياسي؟

- صحيح، لقد كنت يسارياً اوائل حياتي ووجدت حينها ان الدعاة المسلمين لم يستطعوا ايصال الاسلام إليّ، ورأيت فيهم اشخاص متثاقلين عن مهمتهم الاساسية ومتنكرين لها وهي الدفاع عن الأمة ومصالحها، لذا تقلبت في عدة أحزاب وتيارات وجدتها غير ذات جدوى، فعدت الى منطلقي الاساس من اسرة مؤمنة متديّنة، وكان لعمي العلامة الشهيد الشيخ صبحي الصالح اثر بالغ في تحوّلي الى الاسلام عبر الحوار الطويل والدؤوب الذي استثاره في تنقية افكاري·· وما زال معي الى هذه اللحظة رحمه الله·

طرابلس أم الاعتراض دائماً نستفسر عن سبب انطلاق معظم الحركات الاسلامية من طرابلس فما رأيك؟

- من المنطقي جداً ان تنطلق الحركات الاسلامية من طرابلس لأنها في اصل مشروعها حركة معترضة··· وطرابلس أم الاعتراض، منها انطلقت الانتفاضات ضد مشروع المارونية السياسية التي انتهت مع اتفاق الطائف، وطبيعي ككل معترض على هذا النظام الفاسد ان تنطلق الحركات الاسلامية المناهضة له من طرابلس - ولسبب آخر مهم هو أن طرابلس هي المدينة الاسلامية التي تكاد تكون الوحيدة على كامل ساحل البحر الابيض المتوسط· انها مدينة عريقة تمتد تاريخياً واجتماعياً أكثر من 700 سنة بشكل متواصل منذ ان بناها المماليك على انقاض المدينة الصليبية - انها مدينة حضارية ايضاً تمركّز فيها المسيحيون وخاصة الارثوذكس الذين يتشابهون مع المسلمين في البنى الاجتماعية وعاشوا بتفاهم وتقارب هائل في الافكار·

والزعامات السنية متعددة!! ولماذا تتعدد هذه الحركات وتتفرع مع انها تعلم امر الله بوجوب الوحدة وعدم التفرق؟

- ليست الازمة محصورة بالحركات الاسلامية بل ايضاً بالزعامات الاسلامية السنية - اننا جميعاً في <مغطس> واحد، والمشكلة الرئيس ان المسلمين السنة التقليديين الذين كانوا هم الدولة فقدوا هذا الدور، وهم يبحثون عنه ولكن بعقليات متخلّفة بدل ان يبدأوا كما بدأ الرسول الكريم بصناعة الأمة قبل أن يطرح نفسه رئيساً لها·· لقد كان يربي المؤمنين في المرحلة العقائدية قبل ان يهاجر الى المدينة ليشكل دولة الاسلام رئيساً لها·

وإن المشكلة الاسلامية في تعدد هذه الحركات انها انطلقت من افكار <الاحكام السلطانية> لتؤسس على قاعدة العصبية والغلبة حكومات صغيرة تافهة عبّرت عن مشاريع ضيّقة بدل مشروع شامل··· لذا نحن الآن نعيش في تنازع هائل فيما بيننا انتج الكثير من الحركات الاسلامية المصغّرة والكل يريد الرئاسة وليس المشروع، ولهذا السبب تتفرّع الحركة الواحدة وتفرّخ حركات أصغر·

لماذا يتفرّق الدعاة؟

وهل ترى هذا الانقسام أيضاً لدى الزعامات الاسلامية؟

- بلا شك، فالانقسام ليس بين المتديّنين فحسب بل بين الاحزاب والتيارات والمؤسسات التابعة للزعامات الاسلامية، وكل زعيم لا يرضى بغيره، وهذا موجود لدى زعامات سائر الطوائف والمذاهب·· وكل القيادات السياسية في لبنان متفرّقة، وليست المشكلة عندنا نحن فقط، لكن المؤسف في الامر ان المسلمين الذين امرهم بالوحدة صفاً واحداً كالبنيان المرصوص، يتفرّقون ويتشبهون بغيرهم·· فإذا كانت مسؤولياتنا ان ندعو الناس الى الخير والوئام والتلاقي، فليس من المنطقي ان يتفرّق هؤلاء الدعاة·

عدم التنسيق فيما بينهم وقد رأينا أنهم لا ينسقون فيما بينهم في الانتخابات النيابية، ثم الآن في الاستحقاق البلدي والاختياري؟

- وكيف تريد للمتفرقين ان يلتقوا وينسقوا مع بعضهم، انهم اختلفوا في الاصل بناء لمصالح محددة وخاصة، ونرى انهم لا يتنازلون عن بعضها من اجل مصلحة المسلمين·

كيف ترى تلكم الحملات التي تشن من حين لآخر على مقام الرئاسة الثالثة

؟ - الهجوم على الرئاسة الثالثة عبر حملات سياسية مشبوهة لن تجدي نفعاً ولن تؤتي أكلها، وكل النزاعات التي نشهدها في لبنان هي سياسية وإن غلفت بالدينية·

المرجعيات الدينية!؟

لماذا لا تنسق الحركات الاسلامية مع المرجعيات الدينية في الأمور المفصلية؟

- إن ما سمّي بالمرجعية الدينية يحتاج الى حوار طويل، ذلك انه في المنطق الإسلامي الشرعي لا يوجد مرجعية دينية، وليس في الاسلام كهنوت، المشكلة الرئيس ان من تسمى المرجعية الدينية للمسلمين السنّة جعلت نفسها رهناً للقادة السياسيين، فلذلك فقدت اهليتها للقيادة، وحتى تكتسب هذه الاهلية يجب ان تتبع النبي الكريم والقول المأثور <بئس العالم على باب الحاكم، ونعم الحاكم على باب العالم>·

التقارب قسري لا اختياري نعلم أنك من دعاة الوحدة الإسلامية فكيف ترى منهج التقارب بين السنة والشيعة؟

- التقارب بينهما قسري، لا اختياري، وذلك لوجود كيان صهيوني ملاصق للبنان، مع الاشارة الى ان المسلمين السنّة هم اول من حملوا البندقية ضد المشروع الصهيوني، وان الشيعة الآن يتماهون مع السنة وعقلية صلاح الدين ونور الدين زنكي والمماليك والعثمانيين في العداء لكل ما هو معاد للاسلام·

إذاً عندما يتماهون معنا يجب علينا ان نحتضنهم لا ان نعاديهم· وقد آن الاوان لأن ينتهي هذا النزاع التافه بين السنة والشيعة، لا بل ايضاً بين سائر الطوائف·· فلبنان بلد صغير يجب على ابنائه ان يتفاهموا اذا كانوا يريدون العيش بأمان واستقرار في هذا البلد·

تهمة الإرهاب - سياسية لماذا تتهم بعض الحركات الاسلامية، وايضاً طرابلس بالارهاب؟ وكيف ترى السبيل الى رد هذه المزاعم؟

- انها تهمة سياسية، هم يعلمون ذلك، وليست دينية، وطرابلس يلبسونها هذه التهمة زوراً ومكراً، وللاسف فإننا نحن بحكم عنفواننا وعقليتنا نقبل هذه التهمة ونبالغ في الادعاء بها· وفي الحقيقة، فإن طرابلس كيان ضعيف ومهيض، كما ان زعماءنا السنة وكل حركاتها الاسلامية لا يدافعون عن المسلمين السنة، لذلك وصمتنا هذه التهمة، والكل يتبرّأ منا·

المطلوب من المعاهد الدينية ما هو الدور الذي تلعبه المعاهد الدينية في هذا المجال؟

- ان معاهدنا الدينية تفتقر - للأسف - الى الاستراتيجية الدينية، ولو كانت تمتلكها لكانت استطاعت ان تنشئ جيلاً مسلماً يعرف دينه بطريقة مختلفة كما عرفه الصحابة الاوائل·

يبدو انك غير متفائل بمستقبل الحركة الإسلامية؟

- كل الحركات الاسلامية واحزاب وتيارات الزعامات الاسلامية بحالة رثة· وإن المتديّنة منها انقسمت الى 8 و 14 آذار وتفرّقت الشريحة الاسلامية الى مواجهات ونأمل ان يتقوا الله فيما اوصلونا اليه·

حوار: عبد القادر الأسمر

·· وخلال الحوار مع الزميل عبد القادر الأسمر

ليست هناك تعليقات:

شارك

Share |