الخميس، 10 فبراير 2011

ملخص كلمات مشاركين في مؤتمر "هرتسيليا": تراجع منسوب المناعة الاسرائيلية


ملخص كلمات مشاركين في مؤتمر "هرتسيليا": تراجع منسوب المناعة الاسرائيلية


الوضع الإقليمي يسيطر على الكلمات في ضوء تراجع مكانة "إسرائيل" الإستراتيجية

دعوات متكررة لإطلاق مبادرة سياسية صهيونية تحسباً من انحدار المنطقة إلى مواجهة كارثية

يشارك جملة من الباحثين والساسة الصهاينة في المؤتمر السنوي لمركز "هرتسيليا" لمناعة الأمن القومي، في ظل سيطرة المشهد بمصر على مجرياته؛ حيث ألقى عدد من صناع القرار كلمات ومحاضرات تناولت المجالات السياسية والعسكرية والإجتماعية والإستراتيجية، نوهت جميعها إلى أنًّ "إسرائيل" تعيش مأزقاً استراتيجياً مفصلياً، في ضوء ما أطلق عليه "انفضاض الحلفاء". وأشارت الكلمات التي تحدث بها رئيس الحكومة وزعيمة المعارضة ورئيس هيئة الأركان وقادة عسكريون إلى أنَّ الوضع القائم حالياً يتطلب من "إسرائيل" المزيد من اليقظة، والإستعداد لأي حرب متوقعة قد تندلع، أو تُشن عليها، من عدة جبهات في آن واحد، في ظل ما يعتبره أعداؤها "ضعف" يبدو على سياساتها العامة، على الصعيدين الداخلي والخارجي.

وفيما يلي أبرز المداخلات والكلمات التي شهدها المؤتمر:

 خوف غير مسبوق
فقد هاجمت زعيمة المعارضة عضو الكنيست "تسيبي ليفني"، الحكومة "الإسرائيلية" بزعامة رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو"، واصفة إياها بـ"الضعيفة والعرجاء، قائلة إنَّ وزراءها يريدون اتخاذ القرارات لمجرد قرارات، وأكدت أن "إسرائيل" تشهد فراغاً سلطوياً ممّا يدفع بالجهاز القضائي لملئه.
وحول الوضع الإقليمي في المنطقة، فقد وصفته بعدم الوضوح، وأنَّ الخوف ينتاب مواطني "إسرائيل" إزاء مستقبلهم ومستقبل الدولة، في ضوء أنهم ينظرون بقلق لما يحدث بالخارج خاصة في مصر وتونس، ويرون أنَّ "إسرائيل" محاطة بالأعداء، ويشهدون عمليات تجريدها من شرعيتها، للدرجة التي جعلت شعورهم هذه الأيام يصل إلى "انعدام اليقين إلى درجة الخوف".
ودعت "ليفني" إلى سرعة إجراء مفاوضات سلام مع الفلسطينيين في ضوء الأحداث التي تشهدها مصر، مؤكدة أنَّه لا يمكن انتظار "مرور العاصفة دون اتخاذ قرارات"، وإلا ستعصف "بإسرائيل"، مؤكدة أنه ينبغي مواصلة المفاوضات، وأن بالإمكان مواصلتها، وإنهاء الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
 المشروع النووي الإيراني
من جهته، قال رئيس جهاز "الموساد" سابقاً "إفرايم هاليفي" إنَّ "إسرائيل" تحقق انتصاراً في النضال الدولي ضد المشروع النووي الإيراني، زاعماً أنَّ إيران تتقهقر في أي مواجهة تخوضها الجهات التي تدور في فلكها مع "إسرائيل"، وفي مقدمتها حماس وحزب الله، مؤكداً أنها لم تشارك مباشرة في أي مواجهة مع إسرائيل.
وطالب الحكومة الإسرائيلية بأن تتخذ نهج الدولة الكبرى، وتعلن أنها ستقوم بكل ما هو ضروري لمنع إيران من حيازة أسلحة نووية، لأنه إذا تزودت طهران بأسلحة نووية، فستجد أن الأسرة الدولية توحّد صفوفها بمواجهتها، مثلما فعلته بمواجهة جنوب إفريقيا وليبيا.
 أحداث دراماتيكية
الرئيس "الإسرائيلي" "شمعون بيريز" خصص معظم خطابه على أوضاع مصر، مؤكداً أنَّ الاضطرابات التي تعم الشرق الأوسط حالياً تجعل من الضروري أن يعود "الإسرائيليون" والفلسطينيون إلى المفاوضات لصنع السلام، وإن الأحداث الدراماتيكية في الفترة الأخيرة تظهر الحاجة إلى تحرير الأجندة الإقليمية من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويجب القيام بذلك في أسرع وقت، لأن الصراع مستغل في غير صالح جميع الأطراف، معتبراً أن "الرئيس مبارك قام بأمور عظيمة من أجل السلام، لكن الشباب يريدون الديمقراطية".
 المناعة القومية
وقد كشف مؤتمر "هرتسليا" للأمن القومي الحادي عشر، أنَّ تراجعاً طرأ على منسوب المناعة القومية في "إسرائيل" في ثلاثة من خمسة من مركباته، رغم ارتفاع القياس من 3.9 عام 2009 إلى 4.0 عام 2010، وبحسب تعريفه، فإن المناعة القومية هي مصطلح نفسي يعكس قدرة صمود الأفراد والمجتمع في واقع صراع متواصل على مواجهة الضغوط والتحديات، وإبداء مرونة كافية تمكن من عدم الانكسار، وصيانة الاستقرار من ناحية المعتقدات والمفاهيم الأساسية التي تبني معا النسيج الاجتماعي الجماعي.
ويقوم مقياس المناعة القومية الذي ينجزه المؤتمر سنوياً على استطلاع واسع يفحص الأساس الاجتماعي للمناعة القومية من خلال خمسة أبعاد، حيث جاء مقياس الوطنية منخفضاً، أما الخوف من العمليات المسلحة فوصل إلى أقل مستوى له منذ 10 سنوات، وهو ما أكدته أبحاث إسرائيلية سابقة على خلفية ملاحقة السلطة الفلسطينية للمقاومين في الضفة الغربية، ومصادرة أسلحتهم، أما الخوف من مهاجمة دولة معادية فانخفض، بخلاف تقارير صحفية إسرائيلية، كما انخفض التفاؤل القومي، وتراجعت الثقة بمؤسسات الدولة انخفاضاً حاداً، وهو ما أكدته استطلاعات أخرى بعد الكشف عن فضائح مالية وأخلاقية لرموز من المؤسسة الحاكمة.
وتظهر نتائج مقياس الأمن القومي في إسرائيل ارتفاعاً في الناحية الاقتصادية مقابل تراجع في الناحية الاجتماعية، نتيجة ارتفاع نسب الفقر واتساع الفجوات في تقاسم المداخيل، علاوة على تراجع الناحية السياسية ونظام الحكم.
 تراجعات مقلقة
ويشير القائمون على نتائج المقياس السنوي إلى أن "إسرائيل" سجلت تحسناً في الناحية الاقتصادية رغم الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2009، كما يظهر في ارتفاع الناتج القومي، وانخفاض نسبة البطالة، فيما شهدت تراجعاً واضحاً في المجال السياسي خاصة فيما يتعلق بمراقبة الفساد، ونجاعة الحكم، والاستقرار السياسي، وقدرة المواطن على التأثير ونقد السلطة.
كما تكمن مشكلة إسرائيل في تخلفها في النواحي الاقتصادية، والاجتماعية، ونظام الحكم والسياسة، حيث تقع في منزلة متأخرة ضمن قائمة منظمة دول التعاون والتنمية (OECD)، حيث تقع إسرائيل في المرتبة الـ26 ضمن الدول الـ31، من ناحية الاستقرار السياسي والفساد، واحترام القانون والحكم الصالح، والتشريع الجيد، تتبعها تركيا فالأردن فمصر فسوريا فإيران.
وفي سياق تقديمه المعطيات، قال البروفسور "غبرائيل بن دور" إن نتائج الاستطلاع الجديد تظهر انخفاضاً جوهرياً في منسوب وطنية اليهود في إسرائيل، وجاهزيتهم للقتال من أجلها، لم تشهده الاستطلاعات التي بدأها قبل عشرين عاماً، مشيراً إلى دور اتساع الفجوات الاقتصادية والاجتماعية والفساد وأزمة القيادات، كما تدلل على أن الإسرائيليين يولون ثقة كبيرة للجيش، خاصة من الناحية الأخلاقية، وهي في رأيهم أعلى من قدرته على القتال.
 التطورات المستقبلية
رئيس المؤتمر البروفسور الجنرال احتياط "داني روتشيلد" أشار إلى استباق التطورات المستقبلية في المنطقة، واتخاذ قرار حاسم وإنجاز صفقة مع الفلسطينيين، قبل أن لا يسعف الوقت.
من جهته، دعا رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، "غابي أشكنازي" إلى الاستعداد للحرب على أكثر من جبهة، على ضوء ما وصفه بأنه ازدياد قوة المعسكر الراديكالي على حساب المعسكر المعتدل في القيادة العربية التقليدية، خاصة وأن العلاقة بين مكونات المعسكر الراديكالي تلزمنا خوض مواجهة على أكثر من جبهة، ما يعتبر بالغ الأهمية بالنسبة للجيش، خاصة على صعيد تعزيز القوات، وعقيدة تفعيلها. وأشار إلى أن الحرب باتت تختلف من نواحي عديدة عن الحروب السابقة، كما ساحة المعركة، قائلاً إن حماس وحزب الله لا يمكنها احتلال إسرائيل، مستدركاً أنه لا يستخف بهما، ولكن حينما نتوجه لساحة المعركة، فجنودنا لا يرون كتائب، لأن فالعدو يختفي في محيط مدني، منطقة شجرية، وفي مناطق طبيعية وتحت الأرض، والتغيير الكبير الذي حصل هو أن الحرب تدور رحاها في عمق دولة إسرائيل. وأضاف: حاربت في يوم الغفران، وتغيرت ساحة المعركة منذ ذلك الوقت، وكانت خسارة الحرب حينذاك تعني خسارة السيطرة على مناطق، لكن اليوم يدرك الأعداء أن مواجهتنا في ساحة الحرب التقليدية أمر إشكالي بالنسبة لهم.
 مصر "الذخر الاستراتيجي"
وتطرق "أشكنازي" إلى الثورة المصرية قائلاً: السلام مع مصر ذخر استراتيجي لإسرائيل، آملاً أن يسود الاستقرار يها، لكن من الصعب توقع المستجدات، مدافعاً عن فشل الاستخبارات في عدم توقع الثورة الجارية، لأن أي محلل استخباري لا يمتلك "كرة بلورية" لتوقع ما حصل، حتى هيئة الأركان المصرية لم تتوقعها. وفي إطار الدروس المستخلصة، قال: إن بناء القوة الإسرائيلية لا يحتاج فقط لسلاح جوي قوي وطائرات F-16, وM-16، لكنه يتطلب منا سلاحاً برياً قوياً، ولا يمكن لهذه القوات أن تكون مؤثرة إذا لم تجد تحتها أهدافاً عسكرية عالية الأهمية، ومن هنا يأتي دور الاستخبارات التي أحدثت تغيرات كبيرة في طبيعتها ".
ولوح "أشكنازي" إلى ميزانية الدفاع التي ستحتاج المزيد من المخصصات في السنوات القادمة في أعقاب تزايد قوية الإسلام الراديكالي لدى الجيران، ربما يكون التغيير المركزي لنا والذي يعتبر مهم جدا، خاصة من الناحية الظاهرية، هو حقيقة أن ما وصفه بـ"قوس الصراعات" آخذ في الاتساع، مقابل زيادة الرغبة في الانضمام للوحدات القتالية في السنوات الأخيرة.
وتطرق للعلاقات بين إسرائيل والغرب، على ضوء تصاعد القوى المعادية، والرؤية المختلفة للولايات المتحدة الأمريكية من قبل المصادر المختلفة في المنطقة، "ما يؤكد أنها فرصة للتأكيد على أهمية إسرائيل بالنسبة للغرب، فهي جزيرة الاستقرار لهذه المنطقة بأسرها".
 ضرورة المبادرة "الإسرائيلية"
من جهته، عرض رئيس شعبة التخطيط في هيئة الأركان العامة، "أمير إيشيل"، ومدير عام وزارة الخارجية "رافي باراك" تقديرات متشائمة للأوضاع السياسية الأمنية بشكل استثنائي، وتبين أن الجيش الإسرائيلي ووزارة الخارجية يعتقدان أنه في العام القادم "من المتوقع أن يتفاقم الوضع الإستراتيجي لإسرائيل بشكل خطير، وعلى ضوء هذه الحقيقة، طالب الاثنان بالقيام بمبادرة سياسية إسرائيلية.
وطبقا للتقدير المقدم للمؤتمر، فسيكون من الصعب جدا على إسرائيل أن تمتلك زمام المسيرات المختلفة ونتائجها، ومن غير الواضح إذا ما كان من الممكن التقدم مع الفلسطينيين، ولكن هناك شريك فعال لا يتبنى طريق العنف، ويجب محاولة تغيير النزعات، وفي حال عدم النجاح، ستقف إسرائيل في وضع إستراتيجي بالغ الصعوبة أكثر من الوضع الحالي".
وتطرق للمفاوضات مع سوريا، وطبقاً له، فإن إخراج سوريا من المحور المتطرف سيحمل مغزى دراماتيكياً، وهناك فرصة ينبغي محاولة استغلالها من خلال التمسك بالمصالح الأمنية، لكن يجب أن نظل يقظين أمام احتمال أن نضطر مستقبلاً لدفع ثمن باهظ جداً حين يكون المقابل الذي سنحصل عليه أقل". وحذر المسئولان من ضعف الولايات المتحدة والأنظمة العربية المعتدلة في الشرق الأوسط، لأن هناك تآكلاً في المواقف الأمريكية في الساحة العالمية، وباتت قدرتها للعمل على استقرار الشرق الأوسط مقيدة مقارنة بالماضي".
 مصر "العدو"
كما أطلقا تصريحات حذرة تتعلق بالملف المصري، لأن المسيرة لا زالت في خطواتها الأولى، وينبغي الحذر من عدم وصف مصر كعدو، لأنها في المستقبل ستركز على استقرار الوضع الداخلي، وستؤثر بشكل أقل على المسيرات الإقليمية، إلى جانب وجود خلاف في الرأي بين إسرائيل والولايات المتحدة في الوضع المصري، وينبغي توضيح أن الخلاف في النقاش يتم بشكل ودي، علينا أن نصبح لاعباً جماعياً مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأن نمكنها على الساحة العالمية". وحول القضية الإيرانية، قال التقدير أن الضغوط الدولية على إيران تثمر عن نتائج، لكن من غير الواضح إذا ما كانت كافية، ومع ذلك، لا يوجد شك في أن هناك خطوات من الضغط عليها لكنها ستؤثر علينا جميعاً، ما يتطلب أن تبقى على رأس جدول أولوياتنا، لكن التعامل العسكري يجب أن يظل الخيار الأخير".
 مخاطر كبيرة
الجنرال "جيمس جونس"، الذي تولى حتى الأشهر الثلاثة الأخيرة منصب مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي، قال خلال كلمة ضيف المؤتمر، أن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني هو الموضوع المركزي الذي يؤثر على الاستقرار في الشرق الأوسط، وفي العالم بأسره، مكرراً الموقف الذي تمسك به الكثيرون في الإدارة الأمريكية في السنوات الأخيرة، وأثار معارضة كبيرة في إسرائيل، ويقول بأن حل النزاع يمكنه أن يؤثر على حل قضايا أخرى في الشرق الأوسط، وعلى رأسها القضية الإيرانية. وأشار إلى أن الأحداث في مصر تحتم استئنافاً سريعاً لمسيرة السلام لأنه لا مجال للتشاؤم بهذه المرحلة، فالمخاطر كبيرة جداً أمام "إسرائيل" وهذا ليس الوقت المناسب لتنأى بنفسها.
- موقع مركز "هرتسيليا" متعدد المجالات - ترجمة: مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحفية
 09 فبراير, 2011

ليست هناك تعليقات:

شارك

Share |