الخميس، 3 فبراير 2011

تونس :: الصّحافة: لمن نترك هذه اللغة؟

الصّحافة: لمن نترك هذه اللغة؟
لمن نترك هذه اللغة؟



يطرح الباحث الاجتماعي التونسي الدكتور محمود الذوادي مصطلح «الوطنية اللغوية» كمفهوم جديد يعني به ان المجتمع وافراده يتصفون بالوطنية اللغوية متى كانت اللغة الوطنية تحتل المكانة الاولى في قلوب المواطنين وفي السمعة الاجتماعية وفي الاستعمال اليومي لدى الافراد وفي المؤسسات والقطاعات المجتمعية.
يطرح الدكتور الذوادي بحوثه حول اللغة من خلال وعيه بمستوى التهديد الذي تعيشه اللغة الام داخل المجتمعات المغاربية.وهو يحيل اسباب البلبلة اللغوية (الفرنكوآراب) الى اسباب تاريخية تتعلق بالاستعمار والى اسباب اجتماعية ونفسية.
لسنا هنا بصدد الخوض في اطروحات الدكتور الذوادي وهي هامة وتنير للمهتمين مجالات لفهم عدة ظواهر تخص المجتمع في علاقته بلغته الام ولسنا بصدد افساح المجال للكتابة عن اللغة الا من زاوية علاقتها بالحياة وبالنشاط الانساني.ذلك ان اللغة ليست معزولة عنا، فهي تتطور وتثرى بتطورنا وبثراء مشاركتنا وحضورنا في الحياة بمعناها الواسع والشامل.قد تتحول اللغة الى شيء مركون في ادراج التاريخ او اشبه باللغة السرية لدى اقلية. فاللغة العربية ووفق دراسات منشورة في المجال، شهدت طفرة من التطور بفضل الصحافة المكتوبة وما ضخته نحوها من مفردات جديدة.اما في مجال الفنون والتي تصر بعض الذهنيات على انها نخبوية رغم ارتباطها بالحياة اليومية في المجتمعات المعاصرة رغم اننا نعيش عصر الصورة ومركزية عنصر التصميم في المنتوج الاستهلاكي ورغم تكاثر نسبة المنتمين لهذه الاختصاصات، الا ان هذه الفنون تبدو وكانها من مشمولات اللغات الغربية (الفرنسية في ربوعنا المغاربية) وذلك على مستوى المصطلحات والمفاهيم والكتابة النظرية والنقدية وحتى الاعلامية.
ولعل هذه الظاهرة وليدة المعطيات التاريخية التي ظهرت فيها هذه الفنون في بلداننا.اي الفترة الاستعمارية التي شهدت ظهور الجيل الاول من الفنانين التونسيين الذين تتلمذوا على ايادي فنانين فرنسيين،او على الاقل انتموا الى حلقاتهم ، ثم مع دولة الاستقلال تكرست اللغة الفرنسية داخل المحيط الفني بمختلف جزئياته ومكوناته.وهي ظاهرة مستمرة الى اليوم، لكن بالموازاة ،نجد ان اللغة الام اصبحت بدورها حاضرة وبإقناع، يكفي وعلى سبيل المثال النظر الى الكتالوجات التي يصدرها فنانونا الشبان خاصة والتي تحمل نصوصا بالعربية كما بالفرنسية، يكفي ان ننظر الى المدونة النقدية باللغة العربية والتي نجحت في نحت مفاهيم ورؤى هي في جزء منها استثمار للتعريف الذي شهدته حتى مصطلحات من الفرنسية الى العربية.واذكر في هذا المجال وكمثال اننا في تونس نطلق وبسلاسة اسم «الرواق» على قاعات العرض عكس بلدان المشرق العربي التي مازالت تستعمل لفظة «الغاليري».
واتذكر هنا الصديق الفنان الاردني محمد الجالوس،الذي وما ان عاد من تونس الى عمان، حيث كان هناك مشروع بعث غاليري البلقاء والذي هو ايضا فضاء استضافة واقامة للفنانين،حتى بادر باقتراح بأن يطلق عليه اسم «رواق البلقاء» وهذا ما تم.
لو نظرنا الى الامر بشكل اعم،فإن المطروح من وراء كل ذلك هو جعل هذه الفنون بمختلف مكوناتها جزءا من حياتنا الثقافية والاجتماعية المعاصرة،من خلال اللغة الام غير المعزولة عنا، ذلك ان اللغة طريقة في التفكير، واذا كفت هذه اللغة عن التطور فإنها ستبقى طريقة في التفكير المتخلف، اي كمجرد لغة خشبية تعوزها الحياة.






عمر الغدامسي

ليست هناك تعليقات:

شارك

Share |