بيان الإخوان المسلمين بشأن الانتفاضة المباركة للشعب المصري
بيان الإخوان المسلمين بشأن الانتفاضة المباركة للشعب المصري .السبت، 29 يناير 2011 محرر الموقع .
لا يوجد تعليقات
إن الإخوان المسلمين "وهم جزء أصيل من الشعب المصري الكريم" يتقدمون بخالص التحية والتقدير لشباب مصر وشعبها الحر في طول البلاد وعرضها على انتفاضهتم السلمية المباركة، وعلى الدور الوطني والأداء المشرف في حماية المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة.
ويؤكد الإخوان المسلمون الدعوةَ إلى الاستمرار في ذلك، ويتقدمون مع جموع الشعب بالتحية إلى جيش مصر صاحب التاريخ الوطني المُشرِّف الذي يمتلك بالتأكيد رؤيةً إستراتيجيةً للحفاظ على أمن مصر وحماية مكتسبات الشعب وتحقيق مطالبه العادلة.
ويؤكد الإخوان المسلمون أن ما حدث هو ثورة تلقائية سلمية وطنية ترفض الظلم وتطالب بالحرية والإصلاح الشامل، وأن الذين يقومون بتخريب المحال والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة هم شركاء الجهاز الأمني من البلطجية الذين سبق أن استعان بهم الأمن في قمع الشعب وتزوير إردته في الانتخابات.
ويؤكد الإخوان المسلمون أن الشاب الوطني الحر هم الذين تصدوا بأجسادهم لحماية المؤسسات والممتلكات من هذا العدوان الهمجي في ظلِّ غيابٍ كاملٍ لأجهزة الأمن، التي تفرَّغت للبطش بهم، بل وقتلهم، ونسيت مهمتها الأساسية.
ويناشدون شباب الأمةَ الاستمرار في حماية مؤسسات الدولة والممتلكات العامة والخاصة مهما كانت التضحيات.
والإخوان المسلمون إذْ يتقدمون بخالص العزاء لأسر الشهداء، ويدعون الله أن يتقبَّلهم في الشهداء، ويمنُّ بالشفاء العاجل على المصابين؛ فإنهم يعلنون أنهم مع هذا الشعب الكريم حتى تتحقق مطالب الشعب الأساسية التي اتفقت عليها جموع الشعب وسائر القوى الوطنية والشعبية، وعلى رأسها:
1- إلغاء حالة الطوارئ فورًا ودون إبطاء.
2- حل مجلسي الشعب والشورى المزورَينِ، والدعوة إلى انتخابات جديدة تحت إشراف قضائي كامل.
3- الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين والمسجونين السياسيين.
4- الإعلان عن تشكيل حكومة وطنية انتقالية من غير الحزب الوطني تتولى إجراء الانتخابات النزيهة ونقل السلطة بشكلٍ سلمي.
5- تشكيل لجنة وطنية للتحقيق وتقصي الحقائق في وقائع استخدام العنف والقتل غير المبرر ضد المتظاهرين، والذي تسبب في عشرات القتلى ومئات الجرحى وآلاف المعتقلين.
ونحن مصرون على الاستمرار في هذه الانتفاضة السلمية حتى تتحقق مطالب الشعب العادلة كاملةً غير منقوصة قبل أن يحصل ما لا نتمناه لوطننا الحبيب، وقد آن لليل أن ينجلي، وللقيد أن ينكسر.. والله نسأل أن يحفظ مصرنا وشعبها من كل مكروهٍ وسوء.
التوقيع: أ د. محمد بديع
المرشد العام للإخوان المسلمين
القاهرة: 25 من صفر 1432هـ= الموافق 29 من يناير 20011م
الأحد، 30 يناير 2011
السبت، 29 يناير 2011
مسيرة حاشدة في الأقصى ضد تنازلات السلطة | باب العرب
مسيرة حاشدة في الأقصى ضد تنازلات السلطة باب العرب
مسيرة حاشدة في الأقصى ضد تنازلات السلطة
باب العرب، القدس- انطلقت مسيرة حاشدة عقب صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك، رفع خلالها المشاركون رايات حركة حماس، ونددوا بالتنازلات التي قدمتها السلطة الفلسطينية، وذلك في أعقاب الوثائق التي كشفتها فضائية الجزيرة القطرية مؤخرًا، ومستنكرين لممارسات الاحتلال وحفرياته تحت الاقصى.
وأكد خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري في خطبة الجمعة أن المسجد الأقصى المبارك هو ملك للمسلمين وحدهم، مشددًا على أن “الأنفاق المحيطة بالمسجد الأقصى هي بمثابة اعتداء صارخ عليه وانتهاك لحرمته، وهي أيضًا بمثابة اعتداء على الوقف الإسلامي”.
وقال إن “المسجد الأقصى المبارك هو ملك للمسلمين وحدهم بقرار من رب العالمين، موضحًا “أن القرار الرباني غير خاضع للمساومة ولا للتنازل ولا للتفاوض ولا للاستفتاء”.
وأضاف “لن نقبل بأي إشراف غير إسلامي على الأقصى، ولا أحد في العالم يملك أن يتباحث في موضوع الأقصى فهو خط أحمر، وكنا ولا زلنا على العهد والوعد مع الله العلي القدير لحماية الأقصى ولا تفريط بذرة تراب منه فهو أمانة الأجيال تلو الأجيال” .
وانتقد خطيب الأقصى تقاعس الحكومات العربية ورجال الأعمال العرب في دعم مدينة القدس، وقال “لماذا لا يفكر هؤلاء بدعم المؤسسات المقدسية خاصة بعد مؤتمر القمة العربية الذي عقد في ليبيا قبل عام واحد تقريبا ؟ هل حاولوا انقاذ القدس من التهويد ؟ وهل يوجد فيهم من يفكر بإنهاء الاحتلال الصهيوني عن هذه البلاد التي باركها الله وبارك ما حولها ؟”.
وقال الشيخ صبري “إننا من على منبر المسجد الأقصى المبارك، نعلن ونؤكد أنه لا تنازل عن هذه البلاد المباركة المقدسة فهي وقفية وهذا هو موقفنا الإيماني المبدئي الشرعي سابقا ولاحقا، وسبق أن أصدرنا فتوى شرعية بتحريم القبول بفكرة الوطن البديل أو تبادل الأراضي ولا نقر ولا نعترف بأي اتفاق يتعرض لهذا الموضوع وما بني على باطل فهو باطل”.
وقد قام أعضاء من حزب التحرير بإلقاء خطابات في ساحات المسجد الاقصى وهتف اعضاء الحزب وانصاره ضد الانظمة العربيه زأطلقوا هتافات تندد بالسلطة الفلسطينية والدعوة لإقامة الخلافة الاسلامية وقد إلتحمت جماهير المصلين بالمسيرة وتوحدت هتافات الجميع تحت شعار واحد يطالب بالتغيير والثورة على الظلم وإسقاط عروش الظلمة.
مسيرة حاشدة في الأقصى ضد تنازلات السلطة
باب العرب، القدس- انطلقت مسيرة حاشدة عقب صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك، رفع خلالها المشاركون رايات حركة حماس، ونددوا بالتنازلات التي قدمتها السلطة الفلسطينية، وذلك في أعقاب الوثائق التي كشفتها فضائية الجزيرة القطرية مؤخرًا، ومستنكرين لممارسات الاحتلال وحفرياته تحت الاقصى.
وأكد خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري في خطبة الجمعة أن المسجد الأقصى المبارك هو ملك للمسلمين وحدهم، مشددًا على أن “الأنفاق المحيطة بالمسجد الأقصى هي بمثابة اعتداء صارخ عليه وانتهاك لحرمته، وهي أيضًا بمثابة اعتداء على الوقف الإسلامي”.
وقال إن “المسجد الأقصى المبارك هو ملك للمسلمين وحدهم بقرار من رب العالمين، موضحًا “أن القرار الرباني غير خاضع للمساومة ولا للتنازل ولا للتفاوض ولا للاستفتاء”.
وأضاف “لن نقبل بأي إشراف غير إسلامي على الأقصى، ولا أحد في العالم يملك أن يتباحث في موضوع الأقصى فهو خط أحمر، وكنا ولا زلنا على العهد والوعد مع الله العلي القدير لحماية الأقصى ولا تفريط بذرة تراب منه فهو أمانة الأجيال تلو الأجيال” .
وانتقد خطيب الأقصى تقاعس الحكومات العربية ورجال الأعمال العرب في دعم مدينة القدس، وقال “لماذا لا يفكر هؤلاء بدعم المؤسسات المقدسية خاصة بعد مؤتمر القمة العربية الذي عقد في ليبيا قبل عام واحد تقريبا ؟ هل حاولوا انقاذ القدس من التهويد ؟ وهل يوجد فيهم من يفكر بإنهاء الاحتلال الصهيوني عن هذه البلاد التي باركها الله وبارك ما حولها ؟”.
وقال الشيخ صبري “إننا من على منبر المسجد الأقصى المبارك، نعلن ونؤكد أنه لا تنازل عن هذه البلاد المباركة المقدسة فهي وقفية وهذا هو موقفنا الإيماني المبدئي الشرعي سابقا ولاحقا، وسبق أن أصدرنا فتوى شرعية بتحريم القبول بفكرة الوطن البديل أو تبادل الأراضي ولا نقر ولا نعترف بأي اتفاق يتعرض لهذا الموضوع وما بني على باطل فهو باطل”.
وقد قام أعضاء من حزب التحرير بإلقاء خطابات في ساحات المسجد الاقصى وهتف اعضاء الحزب وانصاره ضد الانظمة العربيه زأطلقوا هتافات تندد بالسلطة الفلسطينية والدعوة لإقامة الخلافة الاسلامية وقد إلتحمت جماهير المصلين بالمسيرة وتوحدت هتافات الجميع تحت شعار واحد يطالب بالتغيير والثورة على الظلم وإسقاط عروش الظلمة.
الجمعة، 28 يناير 2011
بيان جبهة علماء الأزهر إلى الأئمة والدعاة وخطباء المساجد والوعاظ وهداة الأمة وقادتها
واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد
صدق الله العظيم.
إلى الأئمة والدعاة وخطباء المساجد والوعاظ وهداة الأمة وقادتها:
الآن رجع السهم إلى النزعة وجاءت الأمة إليكم
على رجاء أن تسمع منكم اليوم الكلمة الهادية الهادفة النافعة ، تلقون بها في نحر كل جبار عنيد إبراء للذمة ونصيحة للأمة فإن الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم على ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ، الكل الآن مستشرف إليكم ، فاقرأو على مسامع الجميع : " وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا" ."بشروا ولا تنفروا" وأرسلوها إلى كل جبار عنيد ، ممن أمهلهم القدر حتى ظنوا أنه أهملهم ..!
أنتم اليوم قادة الأمة وهداتها ، فأروا الله من أنفسكم خيرا ، اليوم يوم فاصل فلتكن أعيننا جميعا على الآخرة ، إننا إلى الآن لم نسمع تصريحات تعالج الفتنة إلا من وزارة الداخلية والحزب المالك ، فهم لا يزالون على انحرافهم فينا يداون بالتي كانت هي الداء ، فلا تكونوا عونا لهم في صمتكم عليهم ، واحذروا أن تستجيبوا لطلباتهم إليكم فالصلاة صلاة ، فليس في دين الله صلاة هادئة وصلاة غير هادئة على ما جاء في التوجيهات الرسمية التي صدرت إليكم ..!
وليس بخاف عنكم أن مهمتنا التي أقامنا الله تعالى فيها على ما جاء من ربعي بن عامر رضي الله عنه : " إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ". فيكفي أمتنا ما حل بها من جور الأديان ومن جور الأحزاب ، خذوا بأيديها إلى عدل الإسلام بعيدا عن توظيف ديننا لأغراض الساسة الذين أحلوا قومهم دار البوار ..
فالصلاة هادية كما تعلمون ، تنهى عن الفحشاء والمنكر ، ولا منكر أنكر من العمل على إفساد الإنسان إصرارا وعمدا ، فاستباحوا لذلك كل منكر وقبيح من تفزيع الآمنين ، ونهب للثروات وتجويع للجياع ، وتزوير إرادات الناخبين ، وسحل الكرام وإهانتهم على قارعة كل طريق "لا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمة" ، حتى إنهم صادروا فينا حق الحياة الكريمة التي عرفنا بها .
أيها الأئمة والهداة هذا يومكم فأعيدوا للمسجد وظيفته ورسالته ، وللعلماء هيبتهم ووقارهم ، وللعلم مكانه وقدره ، فاطلبوا اليوم باسم الله من على منبر رسول الله صلى الله وسلم من الحزب المالك –الذي اختار لسيرته فينا أن يحل قومه دار البوار ، فليصحح سيرته بأن يأخذ طريقه سريعا لرفع المقت والغضب عليه من الله تعالى ومن الأمة – كمحاولة أخيرة له للنجاة- وذلك بما يلي:
1- فتح معبر رفح فورا فتحا دائما.
2- وقف تصدير الغاز إلى اليهود.
3- وقف العمل في الجدار الفولاذي تمهيدا لمحاسبة المجرم الذي أشار بها وورط فيها.
4- حل المجلس المزور والالتزام بكل ما يترتب على هذا الإجراء. و تشكيل جمعية وطنية من جميع أطياف مصر لوضع دستور جديد تمهيدا لإجراء انتخابات مشرفة نزيهة.
5- إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسين.
6- الإعلان عن الإلغاء الفوري لقانون الطوارئ وكذا إلغاء الأحكام العسكرية الجائرة الصادرة عن القضاء العسكري بحق المدنيين.
7- رد الحقوق إلى النقابات والجمعيات المظلومة.
8- تمكين المصريين من الانتفاع بثرواتهم.
9- إنزال القصاص العادل من الذين باشروا جرائم القتل في حق المتظاهرين.
10- المساواة بين جميع الأحزاب في المزايا والتبعات مع ضرورة فصل الحزب عن الدولة.
11- قطع جميع العلاقات السياسية والاقتصادية مع إسرائيل.
12- تنفيذ جميع أحكام القضاء المهدرة والمعلقة.
13- تحرير القضاء من سلطان السياسة وألاعيبها.
14- استقلال الجامعات والقضاء استقلالا حقيقيا مع الالتزام بتعويض المضارين من جراء عدم الالتزام بتلك المطالب.
15- سرعة إطلاق سراح المواقع الإلكترونية المعتدى عليها من قبل الدولة.
ثم اطلبوا إلى الجيش وقائده أن يسلك سبيل رشيد بن عمار قائد الجيش في تونس الذي صدق الله فصدقه الله .
ثم اطلبوا من الأمة أن ترعى في غضبتها ثرواتها وأملاكها ، وأن تقوم بالحفاظ عليها ، فحرمة مال المسلم من حرمة دمه ، وكذلك حرمة من لاذ بهم من أهل الكتاب والذمة.
وكلمتنا معكم إلى كل ذي شأن : لا طاعة في المعصية ، إنما الطاعة في المعروف فلا عذر لمعتذر اليوم في طاعته للظالم ، فكل إنسان مسئول مسئولية فردية في الدنيا والآخرة عما يقوم به تجاه نفسه وأمته ورعيته "ولقد جئتمونا فرادى كما خلقانكم أول مرة" ، "فكلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته " ،"وسيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه ، فقتله" .
كونوا مع الأمة كما قال صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الأوقات : " كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل". مع ضرورة الثبات على المواقف فليس هناك من وسيلة أنجع في إزالة المناكر خاصة إذا استفحلت من الخروج إلى الشوارع ، ولو اقتضى الأمر ارتداء الأكفان ، وإن دعوتم إلى الاعتصام في المساجد بعد هذه الوقفة حتى تزول أسباب الفتنة فلا بأس .
"يأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون".
اطلبوا من على منابركم باسم الله من هؤلاء المتجبرين أن ينصفوا الأمة من أنفسهم وأن ينزلوا على مطالب الحق ، ذكروهم بحقيقة أمرهم أنهم خدام للأمة وليسوا ملاكا لها ، وأن رجال الشرطة ينبغي أن يكونوا من الأمة التي تدفع لهم رواتبهم ، ومن الخير لهم أن ينضموا إليها لأنهم من أوائل المنتفعين بدماء الشهداء وأرواحهم وأيام الثائرين وأعمارهم ، وأن مقتضى وظيفتهم أن يحموا الأمة لا أن يحاربوها ، وأن يوفوا لها لا أن يغدروا بها ، وأنهم ما لم يستجيبوا لهذا فإن حكم القدر جار فيهم على وفق ما قال النبي صلى الله عليهم " من أعان ظالما سُلط عليه" .
هذا غير ما ينتظره من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ، "فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد". غافر: 44
صادر عن جبهة الأزهر 23 صفر 1432 الوافق 27 يناير 2011
بيان جبهة علماء الأزهر ردا على الشيخ الدكتور " عجيل النشمي" , بدعون فيه للخروج وللمشاركة في أحداث الغضب
اخرجوا حتى تدخلوا عليهم الباب (انتظروا البيان التالي في أحداث الغضب)
( فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين)
لسنا دعاة فتنة- علم الله ،وكثير منا ممن يؤثر لأمته السلامة ، لكن ما حيلتنا بعد أن نطق الفقه، وتكلم فقيه اليوم بما يدمي ويجرح ،وذلك في البيان الصادر عن رئيس رابطة علماء الشريعة بدول مجلس التعاون الخليجي فضيلة الدكتور " عجيل النشمي" في بيانه الذي نشر له بصحيفة الوطن الكويتية يوم السبت 22 الجاري ، وفيه يقول : " إن إبداء الرأي بكل الوسائل لا يعني الخروج على الحاكم، فقد يخلط البعض بين وجوب السمع والطاعة والخروج على الحكام المسلمين ، فهذا خلط بين المشروع والممنوع ، وتحميل الشرع ما لم يحتمله أو يقره، فدائرة النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مضادة لدائرة الخروج على الحاكم، فالأصل وجوب النصح، والأصل أيضا هو حرمة الخروج، ولذا عُنِي الفقهاء بالأصل الأول – الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- فتوسعوا فيه توسعة كبيرة جدا، وضيقوا في الثاني – الخروج علي الحاكم- ،فلم يجيزوا الخروج إلا بتحقق شرطين متلازمين:
الأول: تعطيل شرع الله، وظهور الكفر البواح، الذي قام عليه الدليل والبرهان.
الثاني: القدرة على إقامة الشرع ومحو الكفر، وإزالة من أمر به- يعني الكفر- إذا لم يؤد ذلك إلى شر وفتنة أعظم.
ثم أردف البيان قائلا: إن الزجَّ بالشريعة وعلمائها في ميدان الطاعة المطلقة، والترهيب بالخروج على الحكام مطلقا، وهو يظهر العلماء بصورة المخذلين ،والمثبطين، والمجملين لوجه الظلم وأعوان الظالمين وموقعهم على مر التاريخ هو نصرة المظلومين ، وغياث المستضعفين، ورأس الحربة في مواجهة الظالمين، وكانوا نصرة للفقراء والمستضعفين، وهم اليوم في التاريخ الحديث قادة ثورات التحرر الوطني من الاستعمار، وهم الذين أعلنوا الخروج عليه وما استكانوا حتى خرج مخذولا بقوة السلاح، والله أعلم.
لذلك نقول لأمتنا الخارجين على الظلم على وفق ذلك :
- اخرجوا فلن تكونوا أبدا نملا. فالنمل وحده هو الذي قبل من النملة نصيحتها بدخول الجحور خشية أن يحطمها جيوش الغارين .
إنه لولا ما فرض علينا من المطاردات التي ألجأت من ألجات منا لمفارقة الأوطان، وتضييقٍ ألزم البيوت، وأسنان تقدمت، وعظام على الزمان والنازلات قد وهنت ، لولا هذا لرأيتمونا في الطليعة ومقدمة الركب ، نأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر، درءا للشرور التي استفحلت والتي من شأنها أن تدع الديار بلا قع.
- فليخرج كل قادر ليسمع الظالمين صوته، وليبرئ ذمته أمام الله تعالى الذي لا يقبل عذرا من مُخَذِّلٍ أو متخاذل في مثل تلك المواقف ، حيث قال جل جلاله ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فألئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا) النساء 97: 99.
- اخرجوا لتعذروا أولا إلى الله ، ثم لتعذروا ثانيا إلى العالم الذي يستشرفكم اليوم، ثم لتعذروا ثالثا إلى التاريخ الذي لا يغفل ولا يتغافل.
- اخرجوا على نية الأخذ على يد الظالم قبل أن يخرج غيركم ممن لا يرقبون فيكم إلا ولا ذمة من ملاحدة وشيوعيين .
- اخرجوا فدخول الجحور غير جائز لغير النمل
- اخرجوا وانفروا على وعد الله لكم ،وتصديقا به، وإيمانا برسوله صلى الله عليه وسلم، رسوله الذي قال" إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تُوُدِّع منهم"
* انفروا وأنتم موقنون بصدق موعود الله لكم بأنه ( سيهزم الجمع ويولون الدبر)
- انفروا على أمر الله تعالى لمن كان في مثل حالكم ( ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين)
- اخرجوا وانفروا، فماذا تنظرون وماذا تؤملون، بعد أن نزفت الكرامة، واستبيحت المحارم، واسترخصت الدماء، وانتهكت الأعراض، وزورت الإرادة، وكذب القادة، وتحروا الكذب تحريا كانوا فيه عند الله من الكاذبين ، ماذا تنتظرون بعد أن نطق فيكم الرويبضة ، وسيق الأبرياء إلى السجون، وطورد العلماء والمفكرون كل مُطرَّد، وخُوِّن الأمين، وائتمن الخائن، وصار فينا المعروف منكرا، والمنكر معروفا ، حتى حُرِمت الأمة من خيراتها وأقواتها وكنوزها ، فسرق ذلك كله استرخاصا واستهانة ليمد به اليهود، إعانة لهم على جرائمهم في المسلمين المستضعفين في غزة والضفة وعرب 48 وغيرهم، وذلك بعد أن حوصر المستضعفون منهم ، وبعد أن أحيط بهم بأيدي الظالمين منا مجاملة منهم للمجرمين.
- انفروا واخرجوا قبل أن يلعنكم التاريخ وتكونوا من الهالكين.
-اخرجوا وانفروا لترموا بها في وجوه المجرمين: (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) .
-( قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد)
اخرجوا لتتلوا على مسامع هؤلاء الذي طال عليهم الأمد بصوت مجلجل ، راعد آخذ متوعد قول الله تعالى في أمثالهم ( واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد)
(ألا لعنة الله على الظالمين * الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا) ألا لعنة الله على عمائم السوء التي خانت وقبلت أن تكون في حزب الهالكين
صدر عن جبهة علماء الأزهر في 20 من صفر الخير 1432هـ الموافق 24 يناير 2001م
الثلاثاء، 25 يناير 2011
قناة السويس تقول إنها لن تمنع سفن الأسطول الحربي الإيراني من المرور وترفض عملتها! | الدستور
قناة السويس تقول إنها لن تمنع سفن الأسطول الحربي الإيراني من المرور وترفض عملتها! الدستور
.
الفريق أحمد فاضل...رئيس هيئة قناة السويس
قال مسؤول بهيئة قناة السويس أن إدارة القناة لن تمنع مرور سفن الأسطول الحربي الإيراني التي أعلنت إيران بأنها ستستخدم قناة السويس في الوصول إلى البحرين الأحمر والمتوسط فما أكد مسؤول سابق أن عدم قبول قناة السويس دفع رسوم بالريال الإيراني لا يرجع لأي أسباب سياسية، وقال المسؤول أن السفن الإيرانية تعامل عند عبورها قناة السويس مثلها مثل بقية سفن العالم المارة بالقناة.
وأضاف أن قناة السويس لا تملك منع مرور أي سفينة للمجرى الملاحي ما دامت ملتزمة بشروط المرور بإستثناء السفن التي تكون دولها في حالة حرب مع مصر.
وأعلنت وكالة فارس الإيرانية للأنباء يوم أمس الأحد على لسان وكيل قائد سلاح البحر في الجيش الإيراني الأميرال "غلام رضا خادم بي غم" أن أسطولاً عسكرياً إيرانياً سيتوجه إلى البحر الأحمر والأبيض قريباً، للمرة الأولى في البلاد، وقال أن أهم خصوصيات هذه المهمة هي أن الأسطول العسكري سيمر من قناة السويس.
وقال محمد داود المستشار القانوني الأسبق لهيئة قناة السويس إن قناة السويس قناة داخلية وفق القانون المصري رقم 10 لسنة 1956 وأن الملاحة بالقناة تنظمها اتفاقية القسطنطينية التي وقعت عليها جميع الدول في عام 1888 والتي تسمح بمرور جميع أنواع السفن ما عدا سفن الدول التي تكون في حالة حرب مع مصر.
وتابع: إن قانون قناة السويس لا يسمح لأي جهات دولية بالقيام بعمليات تفتيش داخل المجرى الملاحي، وإن مثل هذه العمليات تتم في المياه الدولية، وتقول إدارة القناة إنها تخضع سفن الدول التي لها نشاط نووي لإجراءات التفتيش الدقيق للتأكد من مطابقة الشحنة التي تحملها مع الوثائق المقدمة.
وقال جلال الديب عضو مجلس إدارة قناة السويس الأسبق أن عدم قبول قناة السويس دفع السفن الإيرانية لرسومها بالريال الإيراني لا يرجع لأسباب سياسية وأنما يرجع لعدم تداوله بشكل موسع في معظم البنوك.
وتقول قناة السويس انها يمكن تلقيها رسوم المرور للعملات المختلفة باستثناء الريال الإيراني والدينار الليبي ، وتقوم قناة السويس بتحصيل رسومها بنظام وحدة حقوق السحب.
ويمكن للسفن أن تدفع بعملاتها المحلية بعد تحديد قيمتها مقابل الدولار ثم وحدة حقوق السحب حسب بيانات البنك المركزي المصري.
وتظهر إحصائية الملاحة بهيئة قناة السويس ارتفاع معدلات شحن حمولات السفن الإيرانية المارة بقناة السويس خلال الأحد عشر شهرا الأولى من العام الماضي بنسبة 9.1% عن نفس الفترة من العام قبل الماضي وقالت الإحصائية أن إجمالي حمولات السفن الإيرانية بلغت 2 مليون و415 ألف طن مرت بالقناة مقابل 2 مليون و194 الف طن .
وأكدت الإحصائية أن أعداد السفن التي مرت بقناة السويس وترفع علم الجمهورية الإيرانية بلغ 107 سفينة وناقلة خلال الأحد عشر من العام 2010 مقابل 101 سفينة مرت خلال نفس الفترة من العام الماضي.
وذكرت إحصائية الملاحة أن إيران تحتل المركز الثامن والعشرين في ترتيب العملاء المتعاملين مع قناة السويس.
وتعتبر أهم صادرات إيران المارة عبر قناة السويس هي البترول والمعادن المصنوعة فيما تعتبر أهم وارداتها المارة الكيماويات والحبوب والخامات والمعادن والأسمدة.
وشهد عام 1980 قطع العلاقات بين مصر وإيران بعد قيام الثورة الإسلامية الإيرانية وتوقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979.
وما زالت الخلافات قائمة بين الدولتين بشأن قضايا شرق أوسطية مثل عملية السلام وعلاقات دول المنطقة مع اسرائيل والولايات المتحدة.
وورد في برقية تاريخها عام 2009 سربها موقع ويكيليكس أن مدير المخابرات العامة المصرية الوزير عمر سليمان قال لمسؤولين أمريكيين ان ايران توفر ملاذا لمتطرفين.
وفي ابريل نيسان أدانت محكمة مصرية 26 رجلا قالت أنهم على صلة بحزب الله اللبناني الذي تدعمه إيران وأنهم خططوا لهجمات في مصر. ووصف زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله الأحكام بأنها "سياسية وظالمة.
وقال وكيل قائد سلاح البحر في الجيش الإيراني في حديث لوكالة "فارس" الإيرانية يوم الأحد ، أن "أول أسطول لجيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية سيتوجه إلي البحرين الأحمر والمتوسط خلال الأيام القلائل المقبلة لأول مرة""، مؤكدا "مشاركة فرقاطتين أو 4 في كل مهمة بحرية يقوم بها سلاح البحر التابع للجيش الإيراني".
وقال أن "مهمة الأسطول الإيراني الذي سيتوجه إلى البحر الأحمر ومن ثم إلى البحر الأبيض المتوسط هي أنها ستقوم بتعليم بعض الطلبة في جامعة الإمام الخميني "قدس سره".
.
الفريق أحمد فاضل...رئيس هيئة قناة السويس
قال مسؤول بهيئة قناة السويس أن إدارة القناة لن تمنع مرور سفن الأسطول الحربي الإيراني التي أعلنت إيران بأنها ستستخدم قناة السويس في الوصول إلى البحرين الأحمر والمتوسط فما أكد مسؤول سابق أن عدم قبول قناة السويس دفع رسوم بالريال الإيراني لا يرجع لأي أسباب سياسية، وقال المسؤول أن السفن الإيرانية تعامل عند عبورها قناة السويس مثلها مثل بقية سفن العالم المارة بالقناة.
وأضاف أن قناة السويس لا تملك منع مرور أي سفينة للمجرى الملاحي ما دامت ملتزمة بشروط المرور بإستثناء السفن التي تكون دولها في حالة حرب مع مصر.
وأعلنت وكالة فارس الإيرانية للأنباء يوم أمس الأحد على لسان وكيل قائد سلاح البحر في الجيش الإيراني الأميرال "غلام رضا خادم بي غم" أن أسطولاً عسكرياً إيرانياً سيتوجه إلى البحر الأحمر والأبيض قريباً، للمرة الأولى في البلاد، وقال أن أهم خصوصيات هذه المهمة هي أن الأسطول العسكري سيمر من قناة السويس.
وقال محمد داود المستشار القانوني الأسبق لهيئة قناة السويس إن قناة السويس قناة داخلية وفق القانون المصري رقم 10 لسنة 1956 وأن الملاحة بالقناة تنظمها اتفاقية القسطنطينية التي وقعت عليها جميع الدول في عام 1888 والتي تسمح بمرور جميع أنواع السفن ما عدا سفن الدول التي تكون في حالة حرب مع مصر.
وتابع: إن قانون قناة السويس لا يسمح لأي جهات دولية بالقيام بعمليات تفتيش داخل المجرى الملاحي، وإن مثل هذه العمليات تتم في المياه الدولية، وتقول إدارة القناة إنها تخضع سفن الدول التي لها نشاط نووي لإجراءات التفتيش الدقيق للتأكد من مطابقة الشحنة التي تحملها مع الوثائق المقدمة.
وقال جلال الديب عضو مجلس إدارة قناة السويس الأسبق أن عدم قبول قناة السويس دفع السفن الإيرانية لرسومها بالريال الإيراني لا يرجع لأسباب سياسية وأنما يرجع لعدم تداوله بشكل موسع في معظم البنوك.
وتقول قناة السويس انها يمكن تلقيها رسوم المرور للعملات المختلفة باستثناء الريال الإيراني والدينار الليبي ، وتقوم قناة السويس بتحصيل رسومها بنظام وحدة حقوق السحب.
ويمكن للسفن أن تدفع بعملاتها المحلية بعد تحديد قيمتها مقابل الدولار ثم وحدة حقوق السحب حسب بيانات البنك المركزي المصري.
وتظهر إحصائية الملاحة بهيئة قناة السويس ارتفاع معدلات شحن حمولات السفن الإيرانية المارة بقناة السويس خلال الأحد عشر شهرا الأولى من العام الماضي بنسبة 9.1% عن نفس الفترة من العام قبل الماضي وقالت الإحصائية أن إجمالي حمولات السفن الإيرانية بلغت 2 مليون و415 ألف طن مرت بالقناة مقابل 2 مليون و194 الف طن .
وأكدت الإحصائية أن أعداد السفن التي مرت بقناة السويس وترفع علم الجمهورية الإيرانية بلغ 107 سفينة وناقلة خلال الأحد عشر من العام 2010 مقابل 101 سفينة مرت خلال نفس الفترة من العام الماضي.
وذكرت إحصائية الملاحة أن إيران تحتل المركز الثامن والعشرين في ترتيب العملاء المتعاملين مع قناة السويس.
وتعتبر أهم صادرات إيران المارة عبر قناة السويس هي البترول والمعادن المصنوعة فيما تعتبر أهم وارداتها المارة الكيماويات والحبوب والخامات والمعادن والأسمدة.
وشهد عام 1980 قطع العلاقات بين مصر وإيران بعد قيام الثورة الإسلامية الإيرانية وتوقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979.
وما زالت الخلافات قائمة بين الدولتين بشأن قضايا شرق أوسطية مثل عملية السلام وعلاقات دول المنطقة مع اسرائيل والولايات المتحدة.
وورد في برقية تاريخها عام 2009 سربها موقع ويكيليكس أن مدير المخابرات العامة المصرية الوزير عمر سليمان قال لمسؤولين أمريكيين ان ايران توفر ملاذا لمتطرفين.
وفي ابريل نيسان أدانت محكمة مصرية 26 رجلا قالت أنهم على صلة بحزب الله اللبناني الذي تدعمه إيران وأنهم خططوا لهجمات في مصر. ووصف زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله الأحكام بأنها "سياسية وظالمة.
وقال وكيل قائد سلاح البحر في الجيش الإيراني في حديث لوكالة "فارس" الإيرانية يوم الأحد ، أن "أول أسطول لجيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية سيتوجه إلي البحرين الأحمر والمتوسط خلال الأيام القلائل المقبلة لأول مرة""، مؤكدا "مشاركة فرقاطتين أو 4 في كل مهمة بحرية يقوم بها سلاح البحر التابع للجيش الإيراني".
وقال أن "مهمة الأسطول الإيراني الذي سيتوجه إلى البحر الأحمر ومن ثم إلى البحر الأبيض المتوسط هي أنها ستقوم بتعليم بعض الطلبة في جامعة الإمام الخميني "قدس سره".
Dar Al Hayat - ثلاثية التجديد في التعليم الديني: المنهاج والمدرّس والتنوّع
Dar Al Hayat - ثلاثية التجديد في التعليم الديني: المنهاج والمدرّس والتنوّع
ثلاثية التجديد في التعليم الديني: المنهاج والمدرّس والتنوّع
السبت, 01 يناير 2011
أحمد الزعبي *
Related Nodes: 010116b.jpg
تكاد تجمع الدراسات والاجتهادات على ضرورة تطوير آليات ومناهج التعليم الديني في العالم الإسلامي، بوصفها مدخلاً رئيساً للتجديد في الخطاب الديني وإصلاح الفكر الإسلامي وعلائق المسلمين بالآخر والعالم، ونظرتهم إلى القضايا الإشكالية التي تواجه المسلمين في عالم اليوم. لكن هذه الآراء تتباين في تحديد الآلية الأكثر ملائمة لهذا التطوير، والتي توائم بين مقتضيات الحفاظ على جوهر الرسالة وأهدافها من جهة، وبين التطور المتسارع في النظم الأكاديمية والدراسية والبحثية من جهة ثانية.
في بيروت، ثمة محاولة أكاديمية طموحة، هي أقرب إلى مبادرة، تتطلع إلى تجديد ثلاثي الأبعاد: نظم التعليم، مضمون الخطاب، وحداثة الطرح، والمسؤولية الحضارية، وتتمثل ببرنامج أكاديمي خاص يمنح شهادة الماجستير في الفكر الإسلامي المعاصر يتميز بميزات عدة، منهجية وأكاديمية، تجعل منه برنامجاً فريداً من نوعه، في وقت كثرت المبادرات لإعادة صياغة أولويات الفكر الإسلامي بعيداً عن الصور النمطية التي ألصقت به في السنوات الأخيرة.
والبرنامج المذكور ثمرة اتفاقية تعاون أكاديمي بين جامعة بيروت الإسلامية التابعة لدار الفتوى في الجمهورية اللبنانية والمعهد العالمي للفكر الإسلامي، عمره سنة، ويهدف، بحسب معدّيه، إلى تلبية اهتمامات طلبة الدراسات العليا والباحثين المهتمين بقضايا الفكر الإسلامي والنهوض الحضاري. لكن تعدد ميزاته المرتكزة إلى المرونة الإدارية وعصرنة وسائل التلقي، ومواكبة النظم التعليمية الحديثة من دون الابتعاد عن مصادر التشريع الأساسية والارتقاء بالتعليم من صيغة الحفظ والتكرار إلى صيغة المناقشة والتفكير النقدي واجتراح المعالجات، والبحث المجرد، تجعل منه محطّ أنظار كثيرين ممن يطمحون إلى دراسة الفكر الإسلامي وتحول بينهم وبين هذه الرغبة معوقات إدارية أو جغرافية أو منهجية أو مادية.
ويشير عميد كلية الشريعة في جامعة بيروت الاسلامية الأستاذ الدكتور أنس طبارة، إلى أن «هذا البرنامج يسلط الضوء على ما يحمله الإسلام إلى الناس، كل الناس، من خير وفضيلة»، ويلفت إلى أنه راعى «تشعب الحياة، وكثرة الصوارف فحقق رغبة طالما راودت الحريصين على طلب العلم من الذين تحول ظروفهم دون الالتحاق في الجامعة النظامية، فكان هذا البرنامج محققاً لرغباتهم». ويوضح أن «البرنامج يهيئ للطالب مراجعة المحاضرة وصحبة الأستاذ في آن معاً، وبذلك يصبح المدرّس جزءاً من عائلة الطالب، وهذا الأمر من شأنه أن يبعد الطالب عن الملل ويوسّع آفاقه الفكرية ويحدّ من عصبيته ويقوّي الجانب العقلي المبني على المنطق في تصرفاته»، معتبراً أن «مقررات البرنامج تهدف إلى تكوين انسان مسلم، مطّلع على علوم الإسلام الأساسية، مع العلوم الاجتماعية، لتكون واضحة في ذهنه، وتدفعه نحو البحث والدراسة وقياس الأشباه والسعي الدائم لطلب المزيد من المعرفة»، ويخلص إلى أن هذه المنهجية توصل إلى «تكوين مواطن، صالح، حرّ، لا يتعصب، دأبه البحث لما فيه المصلحة العامة، وبهذا نربط الحاضر بالماضي، ونبني على القديم ما ينفعنا في الحديث»، كما يؤكد على ضرورة تشجيع المرأة على التعلم لأن «المرأة نصف المجتمع وعماده، وبصلاحها يصلح المجتمع ويتقدم».
ويتوجه البرنامج إلى الراغبين من خريجي كليات الشريعة والدراسات الإسلامية ومن الاختصاصات الإنسانية أو العلمية، من اجتماع وهندسة وعلوم وطب وبرمجة وغيرها، ممن يهمهم التعمق في فهم الإسلام وما وصل إليه الفكر الإسلامي المعاصر من إسهامات في التجديد الحضاري والتحديات المدنيّة، لكنه لا يشترط «الدين» كأحد شروط الانتساب إليه، إذ يمكن لأي كان، مهما كان دينه ومهما كان تخصصه الجامعي أو مكان تواجده متابعة البرنامج الذي صمم لتعريف الطلبة ممن لم يتخرجوا من فروع الدراسات الإسلامية على مراجع الفكر الإسلامي وأصوله قبل مباشرة دراسة معمقة في تحديات الفكر الإسلامي المعاصر، وعلى أيدي أساتذة متخصصين من ذوي الخبرة والكفاءة والتميز.
ومن ميزات البرنامج، أنه صُمم بمرونة تيسّر للموظف والمنشغل في عمله أن يواصل الدراسة حسب ظروفه الخاصّة، إذ لا يشترط على الطالب حضور الفصول شخصياً، فجميع المحاضرات تسجّل إلكترونيّاً ليتسنّى للطالب مشاهدتها والاستماع إليها ومراجعتها متى يشاء وكيف يشاء وحيثما كان، إما عبر قرص ممغنط (CD) يرسل بالبريد، أو تحميلها عبر الموقع الالكتروني الخاص بالبرنامج، (www.eiiit.org)، وهو المنهج الذي تعتمده جامعة هارفرد الأميركية في برامجها الأكاديمية الموجهة الى من هو خارج مدينة بوسطن. والأمر نفسه ينطبق على الامتحانات حيث يمكن للطالب تقديم الامتحانات في أربع دول – حتى الآن- هي الولايات المتحدة الأميركية، بريطانيا، المملكة العربية السعودية، ولبنان. ويسعى معدّو البرنامج إلى عقد اتفاقيات أكاديمية وثقافية مع أبرز المراكز البحثية العالمية المهتمة بقضايا الحضارات أو الحوار أو الدراسات الشرق أوسطية لتفعيل الاندماج والتواصل بين الطلبة وأقرانهم في العالم.
إلى ذلك، يوفر البرنامج فرصة التواصل مع طلبة من خلفيات ثقافية وأكاديمية مختلفة ومن شرائح اجتماعية وأعمار متنوعة يجمعهم هدف واحد هو مسؤولية التجديد الحضاري والتعرّف على التراث، والفكر الإسلامي الحديث بأسلوب عصري تفاعلي، وهو الأمر الذي تجلى في نوعية الطلاب الذين انخرطوا في البرنامج، إذ تراوحت تخصصاتهم العلمية بين إدارة الأعمال، والطب والهندسة والمعلوماتية والإدارة والحقوق والعلوم الطبيعية والإنسانية والفلسفة، كما أن جنسياتهم تعدت العشرين جنسية من عرب وأجانب.
وبحسب معدّي البرنامج، فإن التجربة التي انطلقت بخمسين طالباً وباتت تضم في سنتها الثانية أكثر من مئة وتسعة وثلاثين طالباً من 16 دولة، هي: لبنان، السعودية، الامارات، قطر، السودان، المغرب، مصر، الاردن، سوريا، شمال العراق، الجزائر، تركيا، أميركا، كندا، فرنسا وبريطانيا، تؤكد هذا المعنى.
وتحت عنوان «كن شريكاً»، يقدم معدو البرنامج أنفسهم للفئات التي يتوجهون إليها، أو بمعنى أدق، ليكون هذا العنوان بمثابة العبارة – المدخل لفهم الغايات التي يطمحون إليها، وهي إيجاد شراكة فاعلة بين طلاب البرنامج وبين التحديات والقضايا التي يواجهها الفكر الإسلامي المعاصر من خلال تقديم مادة منهجية مختلفة، تُعلي من شأن التراث أولاً، لكنها لا تلغي أهمية المنهاج، فثمة أرصدة متعددة لدراسة منهجية التعامل مع القرآن الكريم، والسنة النبوية، والتراث والحضارة الغربية أيضاً، وبالتزامن مع تقديم الإشكاليات التي يواجهها الفكر الإسلامي المعاصر، ثمة مقاربة للفكر الغربي، بمدارسه واتجاهاته ومرتكزاته، وجميعها تضع بين يدي الطالب كل ما من شأنه أن يجعله متفاعلاً ومدركاً لسبب التخلف الحضاري وما يطلق عليه العالم الثالث.
وبحسب الدكتور توفيق العوجي، فإن «الظروف العالمية المحيطة بالعالم الإسلامي ومن ثم الفرد المسلم، متغيّرة ومتسارعة وتؤثر مباشرةً في أحوال وأوضاع الأمة الإسلاميّة من جميع النواحي: السياسيّة والاقتصاديّة والتربوية والفكرية والثقافية، ولذلك بات على الأمة الانفتاح على العالم مقاربة التحديات بالفكر والمنطق»، ويعتبر أن «الهدف هو الانفتاح على العالم من خلال فهم الحاضر بندية ومعاصرة ومشاركة، لا الاتكال على خطاب القسمة والمواجهة، ومن ثم البحث عن مساحات مشتركة يتم فيها التواصل مع الباحثين الجادين وغير المنحازين للمنظومة الفكرية الغربية، بهدف التعمق في البحث والتواصل من أجل التخلص من التبعية الثقافية والتخلف الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي»، ويضيف بأن «البرنامج لا يدّعي نسخ ما سواه من برامج أكاديمية، بل هو مبادرة جادة تتكامل مع ما سبقها وتوائم بين الاحتياجات المستجدة، وتساهم في ترشيد موضوعات الرسائل الجامعة من خلال المؤهلين علمياً، والقادرين على الدراسة والتخطيط عبر مشروع حضاري يساهم في القضاء على الفقر والتخلف والأمية والتطرف والفساد والفرقة بين الشعوب».
ويقدم البرنامج شهادة الماجستير في الدراسات الإسلامية- تخصص الفكر الإسلامي على أربعة فصول دراسية، وهو مصمم وفق نظام الفصول التي يتخللها متابعة أرصدة مواد معينة، من أهمها: القرآن الكريم، اللغة العربية، علوم القرآن، قـواعد الفقه الكلية، العقيدة ومقارنة الأديان، مدخل لدراسة العلوم الاجتماعية، مناهج وطرق البحث، أصول الفقه، مقاصد الشريعة، الفكر الإسلامي، منهجية التعامل مع التراث ومع السنـة النبوية، الاجتهاد في الفكر الإسلامي المعاصر، الفكر الغربي، الحضارات، الفنون الإسلامية، والتفكير الإبداعي وحل المشاكل.
ويشير الدكتور العوجي إلى أن «تنوع المواد إنما يهدف إلى إيجاد منهجية فكرية واضحة تساعد الطالب على فهم مصادر التشريع الرئيسية وموارد التراث، وفي الوقت نفسه تتيح له الاطلاع على الحضارة والفكر الغربيين»، ويشدد على أن «إدارة البرنامج حرصت على التزام منهجية تعليمية تقوم على التلقي من خلال المناقشة والعرض والبحث (سمنار)، وليس عبر الآليات التقليدية التي تقوم على الحفظ
والاستعراض فقط، من دون الغوص في الإشكاليات والتحديات الراهنة». ويقول إن الغاية من وراء ذلك هي «تكوين نخبة من الباحثين ذوي الخبرة والثقة بأنفسهم وقدراتهم على الارتقاء بشعوبهم، متفهمين لعناصر الهبوط والرقي بحضارتهم، ويسعون من خلال العمل الدؤوب للخروج من المأزق الذي ترسخ فيه الأمة منذ أكثر من قرن من الزمن»، معتبراً أن «الثقة بالنفس والتزام القيم العليا والاعتزاز بالتاريخ وفهم الواقع وتحديات العصر هي اللبنات اللازمة للبناء المنشود ليكون ذلك مدخلاً للتطور الاجتماعي والسياسي».
ويخلص إلى أن «سياسة البرنامج تقوم على أربعة ركائز هي:
أ - التفاعلية، لتحفيز الطلاب على المشاركة والإسهام في مقاربة القضايا والمسائل بما يصقل فيهم ملكة القيادة الفكرية وليس حفظ النصوص.
ب - طريقة التلقي، من خلال الوصول إلى الطالب، من دون اية معوقات إدارية أو مكانية أو مادية.
ت - محتوى المواد، من خلال الجمع بين التراث والحداثة، وبين التقليد والاجتهاد.
ث - التنوع، من خلال مشاركة مروحة كبيرة من أهم أساتذة الدراسات الإسلامية والانسانية في العالم، والذين يمثلون التوجهات الفكرية المتنوعة.
وتتراوح فترة الدراسة بين سنة وأربع سنوات لحاملي بكالوريوس في الدراسات الإسلامية، وسنتين وخمس سنوات لحاملي البكالوريوس في التخصصات الاخرى. ويتطلع معدو البرنامج إلى أن يتيح هذا الجهد الأكاديمي في مرحلته التالية متابعة مرحلة العالمية الدكتوراه في ذات التخصص، كما يجري العمل راهناً على أن تشمل شهادة الماجستير التخصصات التالية: معارف الوحي والعلوم الاجتماعية، الاقتصاد من منظور إسلامي، التمويل من منظور إسلامي، التربية الاسلامية، الدراسات الحضارية، والفنون الاسلامية.
* كاتب لبناني
ثلاثية التجديد في التعليم الديني: المنهاج والمدرّس والتنوّع
السبت, 01 يناير 2011
أحمد الزعبي *
Related Nodes: 010116b.jpg
تكاد تجمع الدراسات والاجتهادات على ضرورة تطوير آليات ومناهج التعليم الديني في العالم الإسلامي، بوصفها مدخلاً رئيساً للتجديد في الخطاب الديني وإصلاح الفكر الإسلامي وعلائق المسلمين بالآخر والعالم، ونظرتهم إلى القضايا الإشكالية التي تواجه المسلمين في عالم اليوم. لكن هذه الآراء تتباين في تحديد الآلية الأكثر ملائمة لهذا التطوير، والتي توائم بين مقتضيات الحفاظ على جوهر الرسالة وأهدافها من جهة، وبين التطور المتسارع في النظم الأكاديمية والدراسية والبحثية من جهة ثانية.
في بيروت، ثمة محاولة أكاديمية طموحة، هي أقرب إلى مبادرة، تتطلع إلى تجديد ثلاثي الأبعاد: نظم التعليم، مضمون الخطاب، وحداثة الطرح، والمسؤولية الحضارية، وتتمثل ببرنامج أكاديمي خاص يمنح شهادة الماجستير في الفكر الإسلامي المعاصر يتميز بميزات عدة، منهجية وأكاديمية، تجعل منه برنامجاً فريداً من نوعه، في وقت كثرت المبادرات لإعادة صياغة أولويات الفكر الإسلامي بعيداً عن الصور النمطية التي ألصقت به في السنوات الأخيرة.
والبرنامج المذكور ثمرة اتفاقية تعاون أكاديمي بين جامعة بيروت الإسلامية التابعة لدار الفتوى في الجمهورية اللبنانية والمعهد العالمي للفكر الإسلامي، عمره سنة، ويهدف، بحسب معدّيه، إلى تلبية اهتمامات طلبة الدراسات العليا والباحثين المهتمين بقضايا الفكر الإسلامي والنهوض الحضاري. لكن تعدد ميزاته المرتكزة إلى المرونة الإدارية وعصرنة وسائل التلقي، ومواكبة النظم التعليمية الحديثة من دون الابتعاد عن مصادر التشريع الأساسية والارتقاء بالتعليم من صيغة الحفظ والتكرار إلى صيغة المناقشة والتفكير النقدي واجتراح المعالجات، والبحث المجرد، تجعل منه محطّ أنظار كثيرين ممن يطمحون إلى دراسة الفكر الإسلامي وتحول بينهم وبين هذه الرغبة معوقات إدارية أو جغرافية أو منهجية أو مادية.
ويشير عميد كلية الشريعة في جامعة بيروت الاسلامية الأستاذ الدكتور أنس طبارة، إلى أن «هذا البرنامج يسلط الضوء على ما يحمله الإسلام إلى الناس، كل الناس، من خير وفضيلة»، ويلفت إلى أنه راعى «تشعب الحياة، وكثرة الصوارف فحقق رغبة طالما راودت الحريصين على طلب العلم من الذين تحول ظروفهم دون الالتحاق في الجامعة النظامية، فكان هذا البرنامج محققاً لرغباتهم». ويوضح أن «البرنامج يهيئ للطالب مراجعة المحاضرة وصحبة الأستاذ في آن معاً، وبذلك يصبح المدرّس جزءاً من عائلة الطالب، وهذا الأمر من شأنه أن يبعد الطالب عن الملل ويوسّع آفاقه الفكرية ويحدّ من عصبيته ويقوّي الجانب العقلي المبني على المنطق في تصرفاته»، معتبراً أن «مقررات البرنامج تهدف إلى تكوين انسان مسلم، مطّلع على علوم الإسلام الأساسية، مع العلوم الاجتماعية، لتكون واضحة في ذهنه، وتدفعه نحو البحث والدراسة وقياس الأشباه والسعي الدائم لطلب المزيد من المعرفة»، ويخلص إلى أن هذه المنهجية توصل إلى «تكوين مواطن، صالح، حرّ، لا يتعصب، دأبه البحث لما فيه المصلحة العامة، وبهذا نربط الحاضر بالماضي، ونبني على القديم ما ينفعنا في الحديث»، كما يؤكد على ضرورة تشجيع المرأة على التعلم لأن «المرأة نصف المجتمع وعماده، وبصلاحها يصلح المجتمع ويتقدم».
ويتوجه البرنامج إلى الراغبين من خريجي كليات الشريعة والدراسات الإسلامية ومن الاختصاصات الإنسانية أو العلمية، من اجتماع وهندسة وعلوم وطب وبرمجة وغيرها، ممن يهمهم التعمق في فهم الإسلام وما وصل إليه الفكر الإسلامي المعاصر من إسهامات في التجديد الحضاري والتحديات المدنيّة، لكنه لا يشترط «الدين» كأحد شروط الانتساب إليه، إذ يمكن لأي كان، مهما كان دينه ومهما كان تخصصه الجامعي أو مكان تواجده متابعة البرنامج الذي صمم لتعريف الطلبة ممن لم يتخرجوا من فروع الدراسات الإسلامية على مراجع الفكر الإسلامي وأصوله قبل مباشرة دراسة معمقة في تحديات الفكر الإسلامي المعاصر، وعلى أيدي أساتذة متخصصين من ذوي الخبرة والكفاءة والتميز.
ومن ميزات البرنامج، أنه صُمم بمرونة تيسّر للموظف والمنشغل في عمله أن يواصل الدراسة حسب ظروفه الخاصّة، إذ لا يشترط على الطالب حضور الفصول شخصياً، فجميع المحاضرات تسجّل إلكترونيّاً ليتسنّى للطالب مشاهدتها والاستماع إليها ومراجعتها متى يشاء وكيف يشاء وحيثما كان، إما عبر قرص ممغنط (CD) يرسل بالبريد، أو تحميلها عبر الموقع الالكتروني الخاص بالبرنامج، (www.eiiit.org)، وهو المنهج الذي تعتمده جامعة هارفرد الأميركية في برامجها الأكاديمية الموجهة الى من هو خارج مدينة بوسطن. والأمر نفسه ينطبق على الامتحانات حيث يمكن للطالب تقديم الامتحانات في أربع دول – حتى الآن- هي الولايات المتحدة الأميركية، بريطانيا، المملكة العربية السعودية، ولبنان. ويسعى معدّو البرنامج إلى عقد اتفاقيات أكاديمية وثقافية مع أبرز المراكز البحثية العالمية المهتمة بقضايا الحضارات أو الحوار أو الدراسات الشرق أوسطية لتفعيل الاندماج والتواصل بين الطلبة وأقرانهم في العالم.
إلى ذلك، يوفر البرنامج فرصة التواصل مع طلبة من خلفيات ثقافية وأكاديمية مختلفة ومن شرائح اجتماعية وأعمار متنوعة يجمعهم هدف واحد هو مسؤولية التجديد الحضاري والتعرّف على التراث، والفكر الإسلامي الحديث بأسلوب عصري تفاعلي، وهو الأمر الذي تجلى في نوعية الطلاب الذين انخرطوا في البرنامج، إذ تراوحت تخصصاتهم العلمية بين إدارة الأعمال، والطب والهندسة والمعلوماتية والإدارة والحقوق والعلوم الطبيعية والإنسانية والفلسفة، كما أن جنسياتهم تعدت العشرين جنسية من عرب وأجانب.
وبحسب معدّي البرنامج، فإن التجربة التي انطلقت بخمسين طالباً وباتت تضم في سنتها الثانية أكثر من مئة وتسعة وثلاثين طالباً من 16 دولة، هي: لبنان، السعودية، الامارات، قطر، السودان، المغرب، مصر، الاردن، سوريا، شمال العراق، الجزائر، تركيا، أميركا، كندا، فرنسا وبريطانيا، تؤكد هذا المعنى.
وتحت عنوان «كن شريكاً»، يقدم معدو البرنامج أنفسهم للفئات التي يتوجهون إليها، أو بمعنى أدق، ليكون هذا العنوان بمثابة العبارة – المدخل لفهم الغايات التي يطمحون إليها، وهي إيجاد شراكة فاعلة بين طلاب البرنامج وبين التحديات والقضايا التي يواجهها الفكر الإسلامي المعاصر من خلال تقديم مادة منهجية مختلفة، تُعلي من شأن التراث أولاً، لكنها لا تلغي أهمية المنهاج، فثمة أرصدة متعددة لدراسة منهجية التعامل مع القرآن الكريم، والسنة النبوية، والتراث والحضارة الغربية أيضاً، وبالتزامن مع تقديم الإشكاليات التي يواجهها الفكر الإسلامي المعاصر، ثمة مقاربة للفكر الغربي، بمدارسه واتجاهاته ومرتكزاته، وجميعها تضع بين يدي الطالب كل ما من شأنه أن يجعله متفاعلاً ومدركاً لسبب التخلف الحضاري وما يطلق عليه العالم الثالث.
وبحسب الدكتور توفيق العوجي، فإن «الظروف العالمية المحيطة بالعالم الإسلامي ومن ثم الفرد المسلم، متغيّرة ومتسارعة وتؤثر مباشرةً في أحوال وأوضاع الأمة الإسلاميّة من جميع النواحي: السياسيّة والاقتصاديّة والتربوية والفكرية والثقافية، ولذلك بات على الأمة الانفتاح على العالم مقاربة التحديات بالفكر والمنطق»، ويعتبر أن «الهدف هو الانفتاح على العالم من خلال فهم الحاضر بندية ومعاصرة ومشاركة، لا الاتكال على خطاب القسمة والمواجهة، ومن ثم البحث عن مساحات مشتركة يتم فيها التواصل مع الباحثين الجادين وغير المنحازين للمنظومة الفكرية الغربية، بهدف التعمق في البحث والتواصل من أجل التخلص من التبعية الثقافية والتخلف الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي»، ويضيف بأن «البرنامج لا يدّعي نسخ ما سواه من برامج أكاديمية، بل هو مبادرة جادة تتكامل مع ما سبقها وتوائم بين الاحتياجات المستجدة، وتساهم في ترشيد موضوعات الرسائل الجامعة من خلال المؤهلين علمياً، والقادرين على الدراسة والتخطيط عبر مشروع حضاري يساهم في القضاء على الفقر والتخلف والأمية والتطرف والفساد والفرقة بين الشعوب».
ويقدم البرنامج شهادة الماجستير في الدراسات الإسلامية- تخصص الفكر الإسلامي على أربعة فصول دراسية، وهو مصمم وفق نظام الفصول التي يتخللها متابعة أرصدة مواد معينة، من أهمها: القرآن الكريم، اللغة العربية، علوم القرآن، قـواعد الفقه الكلية، العقيدة ومقارنة الأديان، مدخل لدراسة العلوم الاجتماعية، مناهج وطرق البحث، أصول الفقه، مقاصد الشريعة، الفكر الإسلامي، منهجية التعامل مع التراث ومع السنـة النبوية، الاجتهاد في الفكر الإسلامي المعاصر، الفكر الغربي، الحضارات، الفنون الإسلامية، والتفكير الإبداعي وحل المشاكل.
ويشير الدكتور العوجي إلى أن «تنوع المواد إنما يهدف إلى إيجاد منهجية فكرية واضحة تساعد الطالب على فهم مصادر التشريع الرئيسية وموارد التراث، وفي الوقت نفسه تتيح له الاطلاع على الحضارة والفكر الغربيين»، ويشدد على أن «إدارة البرنامج حرصت على التزام منهجية تعليمية تقوم على التلقي من خلال المناقشة والعرض والبحث (سمنار)، وليس عبر الآليات التقليدية التي تقوم على الحفظ
والاستعراض فقط، من دون الغوص في الإشكاليات والتحديات الراهنة». ويقول إن الغاية من وراء ذلك هي «تكوين نخبة من الباحثين ذوي الخبرة والثقة بأنفسهم وقدراتهم على الارتقاء بشعوبهم، متفهمين لعناصر الهبوط والرقي بحضارتهم، ويسعون من خلال العمل الدؤوب للخروج من المأزق الذي ترسخ فيه الأمة منذ أكثر من قرن من الزمن»، معتبراً أن «الثقة بالنفس والتزام القيم العليا والاعتزاز بالتاريخ وفهم الواقع وتحديات العصر هي اللبنات اللازمة للبناء المنشود ليكون ذلك مدخلاً للتطور الاجتماعي والسياسي».
ويخلص إلى أن «سياسة البرنامج تقوم على أربعة ركائز هي:
أ - التفاعلية، لتحفيز الطلاب على المشاركة والإسهام في مقاربة القضايا والمسائل بما يصقل فيهم ملكة القيادة الفكرية وليس حفظ النصوص.
ب - طريقة التلقي، من خلال الوصول إلى الطالب، من دون اية معوقات إدارية أو مكانية أو مادية.
ت - محتوى المواد، من خلال الجمع بين التراث والحداثة، وبين التقليد والاجتهاد.
ث - التنوع، من خلال مشاركة مروحة كبيرة من أهم أساتذة الدراسات الإسلامية والانسانية في العالم، والذين يمثلون التوجهات الفكرية المتنوعة.
وتتراوح فترة الدراسة بين سنة وأربع سنوات لحاملي بكالوريوس في الدراسات الإسلامية، وسنتين وخمس سنوات لحاملي البكالوريوس في التخصصات الاخرى. ويتطلع معدو البرنامج إلى أن يتيح هذا الجهد الأكاديمي في مرحلته التالية متابعة مرحلة العالمية الدكتوراه في ذات التخصص، كما يجري العمل راهناً على أن تشمل شهادة الماجستير التخصصات التالية: معارف الوحي والعلوم الاجتماعية، الاقتصاد من منظور إسلامي، التمويل من منظور إسلامي، التربية الاسلامية، الدراسات الحضارية، والفنون الاسلامية.
* كاتب لبناني
Almustaqbal Newspaper - Official Website
Almustaqbal Newspaper - Official Website
شعب يحفر في المستحيل
المستقبل - السبت 22 كانون الثاني 2011 - العدد 3890 -
مراجعة: حسن جابر
يخطئ من يظن أن الكتابة عن الشعب الفلسطيني يمكن أن تتفلت من مشاعر التعاطف الإنساني، فتجربتهم المعاصرة، هي بحق، تجسيد مكثف لمعاناة الإنسانية في دأبها لتلمس شعاع الشمس، وتعبير رمزي عن فجور القوة في مقابل عناد قوة الحق.
وإرادة الحياة لدى الشعب الفلسطيني عموماً، وفلسطينيي الخط الأخضر خصوصاً تشبه، في إصرارها، الشجرة البرية التي كلما حاول محتطبو خشبها تجريدها من الأغصان كلما تطاولت عالياً وازدادت تجذراً في الأرض.
ومن يتابع رحلة آلام فلسطينيي "الداخل" يظن أنهم سيستسملون لليأس، غير أن الواقع يشي بخلاف ذلك، فهؤلاء لم يتمتعوا، يوماً، بحق المواطنة وانما أدرجوا في الدرجة السادسة من السلّم الطبقي الذي يتكوّن منه الاجتماع الإسرائيلي، بعد الشرائع الخمس اليهودية، بل هم أدنى طبقة من المهاجرين اليهود الشرقيين، أي مواليد آسيا أو أفريقيا، ومع ذلك لا يزال لدى فلسطينيي 48 الشعور بالانتماء للهوية العربية، ويعارضون تعريف الكيان الإسرائيلي كدولة يهودية، وعلى الرغم من محاولات طمس الهوية، فإن ثمة مبادرات قامت بها مؤسسات فلسطينية لإعادة وصل ما انقطع مع تاريخهم القديم والحديث، منها على سبيل المثال وضع مشروع خريطة مفصّلة للمقدسات الإسلامية داخل "الخط الأخضر" والتي أشارت الى وجود مئات المعالم ما بين الخالصة وقيسارية.
ويحاول الفلسطينيون مقاومة خطط الحكومات "الإسرائيلية" لبعثرتهم والتعامل معهم بالمفرّق والتمييز بينهم على أساس إثني أو مذهبي فضلاً عن الطائفي، فالعلاقة مع البدو تختلف عن الشركس وهؤلاء تم تمييزهم عن الدروز، وبالتالي عن عرب المدن والقرى من باقي المسلمين أو المسيحيين.
يبلغ عدد البدو، حالياً، نحو 170 ألف نسمة، وقد حظي هؤلاء باهتمام متزايد من قبل الحكومات المتعاقبة وتجري عملية دمجهم في المجتمع الإسرائيلي من خلال التجنيد في الجيش أو العمل في المؤسسات العامة. أما الشركس، الذين يبلغ عددهم نحو 30 ألف نسمة، فيُعمل على الإفادة منهم في الجيش أيضاً فضلاً عن محاولة دمجهم في المجتمع، ولا تختلف العلاقة مع الدروز عن المجموعتين السابقتين لجهة تجندهم في الجيش ودخولهم القطاع العام.
أما المسيحيون، الذين يبلغ تعدادهم نحو 150 ألفاً، فغالبيتهم العظمى من العرب (120 ألف نسمة)، ويتفرعون الى الارثوذكس والكاثوليك والبروتستانت، وقد شارك المسيحيون اخوانهم المسلمين في الصراع ضد الحركة الصهيونية، وهم، اليوم، لا يختلفون عن المسلمين في اندفاعهم لإبراز الهوية الوطنية والقومية، وقد فشل الإسرائيليون في إثارة المشاعر الطائفية بينهم وبين المسلمين، بدليل وحدة الموقف الذي يظهره العرب ضد واقع الاحتلال.
ويعبّر احتضان الإسرائيليين للطائفة البهائية، وهي أقلية دينية انطلقت من بلاد فارس، وكانت تشكل العصب الرئيسي لإدارة شاه إيران المخلوع وقواه الأمنية، عن طبيعة التفكير الصهيوني، الذي يحاول تثمير كل التناقضات في المنطقة لصالح المشروع الإسرائيلي، ويسكن نحو 600 700 بهائي متطوع من ستين دولة بالقرب من المركز العالي للبهائيين في مدينة حيفا، حيث يقومون بإدارة شؤون الجاليات البهائية في العالم التي يبلغ تعدادها نحو ستة ملايين. ومن الجدير ذكره، أن خلية بهائية تقيم في لبنان كانت قد اعترفت بارتكابها مجزرة بئر العبد سنة 1985م والتي استهدفت يومذاك المرحوم السيد محمد حسين فضل الله.
هذا على المستوى الديمغرافي والتوزع الطائفي والمذهبي، أما الواقع الاقتصادي، فقد مرّ بمراحل مختلفة منذ النكبة والى يومنا هذا.
كان المصدر الرئيسي لمعيشة الفلسطينيين هو الزراعة، إلا أن سياسة مصادرة الأراضي، بعد النكبة، حرمتهم من هذا الرافد، الأمر الذي اضطر العمال العرب للبحث عن فرص عمل بديلة بعنتٍ ومشقة، وتشير الأرقام الى أن المدن والقرى العربية تقع في أدنى سلم الأجور، حيث تصل نسبة العاملين الذين يحصلون على الحد الأدنى للأجور الى حوالى 50%، بينما لا تتعدى هذه النسبة 30% في الوسط اليهودي. ويشير تقرير لاحدى المنظمات المختصة الى أن معدل ناتج الفرد اليهودي في "إسرائيل" كان، في سنة 2005، بحدود 22 ألف دولار، مقابل سبعة آلاف دولار للمواطن الفلسطيني.
أما على مستوى السياسة التعليمية، فقد مارست الدولة تمييزاً بين العرب واليهود، فجعلت للعرب نظاماً مستقلاً يشرف عليه شخص يهودي. وقد حُرم العرب نتيجة لذلك من العديد من أنواع التعليم والخدمات التعليمية، فالعرب محرومون من التعليم الديني، ومن نظم أخرى مثل تعليم "الكيبوتس" و"العالياه" والجيش و"الهستدروت" وتعليم الكبار وأنواع الروضات، وفي مرحلة التعليم الإلزامي تقل، الى أقصى حد، الصفوف الزراعية الأولية التي تقدم تدريباً مهنياً وزراعياً للطلاب، وفي المرحلة الثانوية تنعدم المدارس التي تقدم الدراسات المهنية والزراعية الأولية.
وتعبّر السياسة التعليمية عن رغبة في الحد من نمو المستوى التعليمي في صفوف العرب، وقد عبّر أوري لوبراني عن هذا التوجه بقوله: "حبذا لو بقي العرب في هذه البلاد، حطابين وسقاة ماء، لسهلت قيادتهم"، وهذا ما يفسّر رفض السلطات الإسرائيلية فكرة إقامة جامعة عربية في الناصرة سنة 1980.
وتلتقي السياسات المشار إليها مع محاولات دؤوبة لتهويد الذاكرة الفلسطينية عبر تغيير أسماء المدن والقرى والشوارع، وإصدار خرائط وأطالس عبرانية، وقد صدرت على سبيل المثال، خريطة معّدلة لتلك التي وضعتها حكومة الانتداب البريطاني، استبدلت فيها التسميات العبرية بالتسميات القديمة للأماكن الفلسطينية.
ولم يقف التهويد عند حدود الأسماء وإنما تجاوزها الى البشر، بصورة فاضحة، فقد كانت استراتيجية الكيان قائمة على الاستيطان، على قاعدة ما سمّوه بـ"ملء الفراغ" وخصوصاً في منطقتي الجليل والنقب.
في المقابل، لم يقدم فلسطينيو الداخل وسيلة لحماية وجودهم، وقد خاضوا التجارب السياسية والنقابية عبر مراحل ثلاث:
أ- المرحلة الأولى: امتدت من سنة 1948 حتى سنة 1966، وهي فترة الحكم العسكري، وقد حاول الفلسطينيون المشاركة في الانتخابات من خلال حزبي مباي والحزب الشيوعي الإسرائيلي، وحاولت حركة الأرض المشاركة في الانتخابات في "القائمة الاشتراكية"، لكن المحاولة فشلت بعد أن ألغت السلطات الإسرائيلية الانتخابات لاعتبارها "القائمة" غير قانونية وذلك في سنة 1964.
ب- المرحلة الثانية: امتدت هذه المرحلة من سنة 1966 حتى سنة 1976، وقد تأسس منها عدد من التنظيمات منها لجان الطلاب، واتحاد الطلاب العرب، ولجنة المبادرة الدرزية ثم لجنة الدفاع عن الأراضي.
ج المرحلة الثالثة: وتمتد من سنة 1876 حتى الوقت الراهن، وظهرت فيها عدة أحزاب وقوى وروابط وجمعيات، وقد شاركت بعضها في الانتخابات بصورة مستقلة كالقائمة التقدمية للسلام والحزب الديموقراطي العربي وحركة أبناء البلد ثم الحركة الإسلامية.
ويمكن القول، انطلاقاً مما عرضناه، أن فلسطينيي الداخل باتوا اليوم أكثر تفاعلاً، وفي الوقت عينه، عُرضة لمخاطر أكبر، خصوصاً بعد الإصرار الإسرائيلي على اعتبار كيانهم دولة يهودية، وهذا التوجه يبقي الباب مفتوحاً على الكثير من التحدّيات والمخاطر التي تفترض اليقظة الدائمة والتنبّه المستمر كي لا يلدغ عرب الداخل من الجحر مرتين.
[ الكتاب: فلسطينيون في وطنهم لا دولتهم
[ الكاتب: مأمون كيوان
[ الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت 2010
شعب يحفر في المستحيل
المستقبل - السبت 22 كانون الثاني 2011 - العدد 3890 -
مراجعة: حسن جابر
يخطئ من يظن أن الكتابة عن الشعب الفلسطيني يمكن أن تتفلت من مشاعر التعاطف الإنساني، فتجربتهم المعاصرة، هي بحق، تجسيد مكثف لمعاناة الإنسانية في دأبها لتلمس شعاع الشمس، وتعبير رمزي عن فجور القوة في مقابل عناد قوة الحق.
وإرادة الحياة لدى الشعب الفلسطيني عموماً، وفلسطينيي الخط الأخضر خصوصاً تشبه، في إصرارها، الشجرة البرية التي كلما حاول محتطبو خشبها تجريدها من الأغصان كلما تطاولت عالياً وازدادت تجذراً في الأرض.
ومن يتابع رحلة آلام فلسطينيي "الداخل" يظن أنهم سيستسملون لليأس، غير أن الواقع يشي بخلاف ذلك، فهؤلاء لم يتمتعوا، يوماً، بحق المواطنة وانما أدرجوا في الدرجة السادسة من السلّم الطبقي الذي يتكوّن منه الاجتماع الإسرائيلي، بعد الشرائع الخمس اليهودية، بل هم أدنى طبقة من المهاجرين اليهود الشرقيين، أي مواليد آسيا أو أفريقيا، ومع ذلك لا يزال لدى فلسطينيي 48 الشعور بالانتماء للهوية العربية، ويعارضون تعريف الكيان الإسرائيلي كدولة يهودية، وعلى الرغم من محاولات طمس الهوية، فإن ثمة مبادرات قامت بها مؤسسات فلسطينية لإعادة وصل ما انقطع مع تاريخهم القديم والحديث، منها على سبيل المثال وضع مشروع خريطة مفصّلة للمقدسات الإسلامية داخل "الخط الأخضر" والتي أشارت الى وجود مئات المعالم ما بين الخالصة وقيسارية.
ويحاول الفلسطينيون مقاومة خطط الحكومات "الإسرائيلية" لبعثرتهم والتعامل معهم بالمفرّق والتمييز بينهم على أساس إثني أو مذهبي فضلاً عن الطائفي، فالعلاقة مع البدو تختلف عن الشركس وهؤلاء تم تمييزهم عن الدروز، وبالتالي عن عرب المدن والقرى من باقي المسلمين أو المسيحيين.
يبلغ عدد البدو، حالياً، نحو 170 ألف نسمة، وقد حظي هؤلاء باهتمام متزايد من قبل الحكومات المتعاقبة وتجري عملية دمجهم في المجتمع الإسرائيلي من خلال التجنيد في الجيش أو العمل في المؤسسات العامة. أما الشركس، الذين يبلغ عددهم نحو 30 ألف نسمة، فيُعمل على الإفادة منهم في الجيش أيضاً فضلاً عن محاولة دمجهم في المجتمع، ولا تختلف العلاقة مع الدروز عن المجموعتين السابقتين لجهة تجندهم في الجيش ودخولهم القطاع العام.
أما المسيحيون، الذين يبلغ تعدادهم نحو 150 ألفاً، فغالبيتهم العظمى من العرب (120 ألف نسمة)، ويتفرعون الى الارثوذكس والكاثوليك والبروتستانت، وقد شارك المسيحيون اخوانهم المسلمين في الصراع ضد الحركة الصهيونية، وهم، اليوم، لا يختلفون عن المسلمين في اندفاعهم لإبراز الهوية الوطنية والقومية، وقد فشل الإسرائيليون في إثارة المشاعر الطائفية بينهم وبين المسلمين، بدليل وحدة الموقف الذي يظهره العرب ضد واقع الاحتلال.
ويعبّر احتضان الإسرائيليين للطائفة البهائية، وهي أقلية دينية انطلقت من بلاد فارس، وكانت تشكل العصب الرئيسي لإدارة شاه إيران المخلوع وقواه الأمنية، عن طبيعة التفكير الصهيوني، الذي يحاول تثمير كل التناقضات في المنطقة لصالح المشروع الإسرائيلي، ويسكن نحو 600 700 بهائي متطوع من ستين دولة بالقرب من المركز العالي للبهائيين في مدينة حيفا، حيث يقومون بإدارة شؤون الجاليات البهائية في العالم التي يبلغ تعدادها نحو ستة ملايين. ومن الجدير ذكره، أن خلية بهائية تقيم في لبنان كانت قد اعترفت بارتكابها مجزرة بئر العبد سنة 1985م والتي استهدفت يومذاك المرحوم السيد محمد حسين فضل الله.
هذا على المستوى الديمغرافي والتوزع الطائفي والمذهبي، أما الواقع الاقتصادي، فقد مرّ بمراحل مختلفة منذ النكبة والى يومنا هذا.
كان المصدر الرئيسي لمعيشة الفلسطينيين هو الزراعة، إلا أن سياسة مصادرة الأراضي، بعد النكبة، حرمتهم من هذا الرافد، الأمر الذي اضطر العمال العرب للبحث عن فرص عمل بديلة بعنتٍ ومشقة، وتشير الأرقام الى أن المدن والقرى العربية تقع في أدنى سلم الأجور، حيث تصل نسبة العاملين الذين يحصلون على الحد الأدنى للأجور الى حوالى 50%، بينما لا تتعدى هذه النسبة 30% في الوسط اليهودي. ويشير تقرير لاحدى المنظمات المختصة الى أن معدل ناتج الفرد اليهودي في "إسرائيل" كان، في سنة 2005، بحدود 22 ألف دولار، مقابل سبعة آلاف دولار للمواطن الفلسطيني.
أما على مستوى السياسة التعليمية، فقد مارست الدولة تمييزاً بين العرب واليهود، فجعلت للعرب نظاماً مستقلاً يشرف عليه شخص يهودي. وقد حُرم العرب نتيجة لذلك من العديد من أنواع التعليم والخدمات التعليمية، فالعرب محرومون من التعليم الديني، ومن نظم أخرى مثل تعليم "الكيبوتس" و"العالياه" والجيش و"الهستدروت" وتعليم الكبار وأنواع الروضات، وفي مرحلة التعليم الإلزامي تقل، الى أقصى حد، الصفوف الزراعية الأولية التي تقدم تدريباً مهنياً وزراعياً للطلاب، وفي المرحلة الثانوية تنعدم المدارس التي تقدم الدراسات المهنية والزراعية الأولية.
وتعبّر السياسة التعليمية عن رغبة في الحد من نمو المستوى التعليمي في صفوف العرب، وقد عبّر أوري لوبراني عن هذا التوجه بقوله: "حبذا لو بقي العرب في هذه البلاد، حطابين وسقاة ماء، لسهلت قيادتهم"، وهذا ما يفسّر رفض السلطات الإسرائيلية فكرة إقامة جامعة عربية في الناصرة سنة 1980.
وتلتقي السياسات المشار إليها مع محاولات دؤوبة لتهويد الذاكرة الفلسطينية عبر تغيير أسماء المدن والقرى والشوارع، وإصدار خرائط وأطالس عبرانية، وقد صدرت على سبيل المثال، خريطة معّدلة لتلك التي وضعتها حكومة الانتداب البريطاني، استبدلت فيها التسميات العبرية بالتسميات القديمة للأماكن الفلسطينية.
ولم يقف التهويد عند حدود الأسماء وإنما تجاوزها الى البشر، بصورة فاضحة، فقد كانت استراتيجية الكيان قائمة على الاستيطان، على قاعدة ما سمّوه بـ"ملء الفراغ" وخصوصاً في منطقتي الجليل والنقب.
في المقابل، لم يقدم فلسطينيو الداخل وسيلة لحماية وجودهم، وقد خاضوا التجارب السياسية والنقابية عبر مراحل ثلاث:
أ- المرحلة الأولى: امتدت من سنة 1948 حتى سنة 1966، وهي فترة الحكم العسكري، وقد حاول الفلسطينيون المشاركة في الانتخابات من خلال حزبي مباي والحزب الشيوعي الإسرائيلي، وحاولت حركة الأرض المشاركة في الانتخابات في "القائمة الاشتراكية"، لكن المحاولة فشلت بعد أن ألغت السلطات الإسرائيلية الانتخابات لاعتبارها "القائمة" غير قانونية وذلك في سنة 1964.
ب- المرحلة الثانية: امتدت هذه المرحلة من سنة 1966 حتى سنة 1976، وقد تأسس منها عدد من التنظيمات منها لجان الطلاب، واتحاد الطلاب العرب، ولجنة المبادرة الدرزية ثم لجنة الدفاع عن الأراضي.
ج المرحلة الثالثة: وتمتد من سنة 1876 حتى الوقت الراهن، وظهرت فيها عدة أحزاب وقوى وروابط وجمعيات، وقد شاركت بعضها في الانتخابات بصورة مستقلة كالقائمة التقدمية للسلام والحزب الديموقراطي العربي وحركة أبناء البلد ثم الحركة الإسلامية.
ويمكن القول، انطلاقاً مما عرضناه، أن فلسطينيي الداخل باتوا اليوم أكثر تفاعلاً، وفي الوقت عينه، عُرضة لمخاطر أكبر، خصوصاً بعد الإصرار الإسرائيلي على اعتبار كيانهم دولة يهودية، وهذا التوجه يبقي الباب مفتوحاً على الكثير من التحدّيات والمخاطر التي تفترض اليقظة الدائمة والتنبّه المستمر كي لا يلدغ عرب الداخل من الجحر مرتين.
[ الكتاب: فلسطينيون في وطنهم لا دولتهم
[ الكاتب: مأمون كيوان
[ الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت 2010
خارطة التيارات الإسلامية في تونس من الغنوشي إلى الشيخ الضرير - العربية
خارطة التيارات الإسلامية في تونس من الغنوشي إلى الشيخ الضرير
النهضة أهمها وأقدمها.. والسلفية أحدثها وأكثرها صعوداًخارطة التيارات الإسلامية في تونس من الغنوشي إلى الشيخ الضريرالأربعاء 15 صفر 1432هـ - 19 يناير 2011م
•الغنوشي: مشاركة حركة النهضة في الحياة السياسية واردة جدا خلال الفترة المقبلة
•"حركة النهضة" تعود لتونس ضعيفة منهكة.. في مواجهة منافس إسلامي صاعد
دبي – فراج إسماعيل
تبدأ خارطة التيار الإسلامي في تونس بحركة النهضة التي يتزعمها الشيخ راشد الغنوشي، والتي تتركز الأضواء حالياً عليها وعلى عودتها إلى تونس باعتبارها الرقم الأكبر منذ ثمانينات القرن الماضي.
الخارطة تمر بجماعات وجمعيات قد تبدو مهمشة حالياً، لكن من المهم الإلمام بها، فقد يكون لها وجود مؤثر في ظل التغييرات السياسية الحالية.
حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي يتزعمها الشيخ راشد الغنوشي، أصدرت بيانها التأسيسي في 6 يونيو/حزيران 1981 انتقدت فيه النظام السياسي في تونس، واتهمته بالهيمنة على السلطة والمؤسسات والمنظمات الجماهيرية، ورفضت الفصل بين الدين والدولة.
تمثل برنامجها السياسي في إعادة الحياة إلى المسجد، ودعم التعريب في مجال التعليم والإدارة مع الانفتاح على اللغات الأجنبية، ورفضها العنف كأداة للتغيير، والاستناد إلى شمولية الإسلام، ومنهج الشورى لحسم المسائل السياسية والثقافية والفكرية.
وهي أهم مجموعات التيار الإسلامي التونسي وأكثرها تمثيلاً لما يسمى بالإسلام السياسي.
الحركة السلفية أحد المساجد في تونس توصف حالياً بأنها التيار الإسلامي في تونس الصاعد في صمت، والذي ركز على العلوم الشرعية والمساجد في عهد بن علي ولم يمارس السياسة، لكنه لم يسلم من رقابة السلطات التي قاومت انتشار المحجبات في الشارع التونسي.
شيخها هو الخطيب الإدريسي الذي أنهى عام 2009 عقوبة حبس عامين بتهمة عدم الإبلاغ عن جريمة إرهابية. ينتمي إلى مدينة سيدي بن عون التابعة لولاية سيدي بوزيد. ألقت السلطات القبض عليه عام 2006 بعد اشتباكات مسلحة في الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة بين مسلحين وقوات الأمن، وكانت التهمة التي وجهت إليه "الافتاء بالقيام بعمليات جهادية، وعدم الإرشاد عن وقوع جريمة".
الإدريسي شيخ ضرير في السادسة والخمسين من عمره، يلمع اسمه في أوساط الشباب التونسي، ويفتي في الأمور الدينية، له ثلاث كتب هي صفة الصلاة، وكتاب الأذكار، وترتيل القرآن، ومخطوط في تفسير القرآن الكريم لم ير النور.
أقام فترة في السعودية عمل أثناءها بالتمريض، وعاد بعد منتصف تسعينيات القرن الماضي إلى تونس حيث بدأ يمارس التعليم الديني في منطقته، وانطلقت شهرته بين أوساط الشبابي التونسي عام 2005.
وتجد الأفكار السلفية قبولا بين بعض فئات الشباب التونسي المتعلم الذي يتعامل مع الإنترنت.
وينشط السلفيون التونسيون على المواقع الاجتماعية خصوصا (فيسبوك) ولا ينظمون أنفسهم داخل تيار معروف له زعاماته وناطقون باسمه، لكن تجمعهم حواراتهم على الشبكات الاجتماعية بالانترنت والعلاقات الشخصية.
الجيل الجديد من السلفيين التونسيين لم يسمع عن شيخ السلفية التونسية الإدريسي، ويتعلق بمشايخ من مصر والخليج يتابعهم عبر الفضائيات الدينية التي ساهمت بقوة في نشر الفكر السلفي في تونس.
الشريحة العمرية حسب تقرير الجمعية الدولية لمساعدة المساجين السياسيين تضمن تحليلا لملفات 1208 سلفيين تونسيين تم اعتقالهم بمقتضى قانون الإرهاب، تتراوح بين 25 و30 عاما، وتنخفض أحيانا لتصل إلى 19 عاما، وينحدر 46% من مناطق شمال تونس، و31% من وسط البلاد، و23% من الجنوب.
حزب التحرير الإسلاميفرع من تنظيم دولي، تأسس بمدينة القدس 1953 على يد تقي الدين النبهاني المنشق عن الإخوان المسلمين.
ولادته في تونس تزامنت مع بداية ظهور الجماعة الإسلامية التي غيرت اسمها إلى حركة الإتجاه الإسلامي والتي بدورها غيرت اسمها إلى حركة النهضة.
وترجع بداية تشكل الخلايا الأولى له إلى 1973، وقد نجح في استقطاب عدد من العسكريين، بينهم ضباط، مما جعل الدولة تتهمه بالإعداد لانقلاب عسكري.
حوكم أعضاؤه في أعوام 1983 و1986 و1990 وفي الأخيرة حوكمت مجموعة كبيرة ضمت 228 متهما. وفي 16-9-2006 أحيل 8 أشخاص إلى القضاء بتهمة الانتماء لحزب التحرير.
وفيما بعد تم اعتقال عناصر أخرى كثيرة مما يعني أنه كان مستمرا في تجنيد عناصر جديدة وتثبيت خلايا في تونس برغم الظروف الأمنية الصعبة التي كانت سائدة في عهد بن علي.
لا يعرف الحجم الحقيقي للحزب، لاضطرار أنصاره إلى العمل السري. وثائقه الأساسية تتضمن "العمل على التغيير الجذري والشمولي والانقلابي في العالم الإسلامي، واستئناف الحياة الإسلامية عن طريق إقامة دولة الخلافة، باسقاط الأنظمة التي يعتبرها امتدادا للسيطرة الاستعمارية الغربية على بلاد المسلمين".
ويقر حزب التحرير بالتعددية السياسية في إطار المرجعية الإسلامية، ويرفض الأنشطة المسلحة أو دعم العنف، لكنه يعمل على ضم العسكريين إلى صفوفه، ويعتبرهم جزءا من القوة التي يطلب منها تغيير الأوضاع، ولأنه يضم ضباطا من بين المتهمين في بعض القضايا التي حوكم فيها بتونس، أحيل أعضاء الحزب أحيانا إلى محاكم عسكرية.
جماعة التبليغوصلت تونس منذ منتصف السبعينيات، واستقطبت أتباعاً من مختلف الفئات الاجتماعية، وتأثيرها الرئيس يتركز داخل الأوساط المتوسطة التعليم، وكانت السلطات في عهد زين العابدين بن علي متسامحة معها، لكن أخضعتها للرقابة الدائمة.
الشيعة مسجد الزيتونة التاريخي بدأت ظاهرة التشيع في تونس على يد الدكتور محمد التيجاني السماوي صاحب كتاب "ثم اهتديت" قبل الثورة الإيرانية التي أعجب بها بعض رموز التيار الإسلامي ومنهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي.
إلا أن النسبة الأكبر من ظاهرة التشيع تمت بعد الثورة الإيرانية، حيث استقطبت عددا قليلا من أعضاء حركة النهضة، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها تنوع مذهبي في تونس التي كانت تتسم بالمرجعية المذهبية الأحادية، فمنذ قرون سادت الأشعرية بالنسبة للعقيدة والمالكية للفقه وطرق التصوف بالنسبة للتربية.
ويقول عماد الحمروني أحد رموز التشيع في تونس ورئيس جمعية (آل البيت الثقافية) في ندوة نظمها منتدى شيعة الجزائر في 8 مايو/آيار 2004 إن الموجة الثانية من التشيع بدأت مع ظهور الخميني في بداية الثمانينيات تحت اسم "المسلمون السائرون على خط الإمام".
تتسم العلاقة بين حركة النهضة والمجموعات الشيعية بالتوتر، ولهذا السبب تم منع راشد الغنوشي في وقت سابق من دخول إيران، فاتهم النظام الإيراني بـ"الرهان على نظام ديكتاتوري" وأن رفض منحه تأشيرة الدخول، مجرد غطاء لمحاولات نشر التشيع في تونس، ورشوة يقدمها لنظام بن علي، نظير نشر الفكر الإيراني.
ينقسم التيار الشيعي في تونس إلى مجموعتين رئيستين متصارعتين، الأولى يتزعمها التيجاني السماوي، والثانية جمعية (آل البيت الثقافية) التي يرأسها عماد الحمروني.
اعطى نظام بن علي حرية نسبية للمجموعات الشيعية، وسمح لها بالانتقال إلى العراق وإيران. ويتردد أن شيعة تونس يتلقون دعما من مرجعيات حوزية في النجف العراقية أو قم الإيرانية.
دراسة للباحث في شؤون الحركات الإسلامية التونسي صلاح الدين الجورشي، تحصر عددهم بين ألف وألفي شخص، لكن التيجاني السماوي يقول إنهم يتجاوزون مئات الآلاف، وهو رقم يرى الجورشي أنه مبالغ فيه ولا يعكس الواقع.
الإسلاميون التقدميون الانتفاضة التي فتحت الطريق للتغيير ظاهرة ثقافية حركية خرجت من جذور حركة النهضة، وتأسست نتيجة لقيام بعض المثقفين والأساتذة والطلبة من ذوي الاتجاه الإسلامي بمراجعة تراث الفكر الإخواني الذي مثل الأرضية الإيديولوجية للحركة الإسلامية.
ترفض مجموعة الإسلاميين التقدميين التي تشكلت نواتها الأولى في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، التعصب والانغلاق الفكري، وتتخذ موقفاً عقلانياً مستنيرا من التراث الإسلامي وتنفتح على مختلف الاتجاه الفكرية التقدمية عند السنة والشيعة، وأيضا تنفتح على الاشتراكيين والليبراليين.
يصفها بعض الباحثين بأنها ظاهرة إسلامية يسارية. وقد انفصلت بشكل متدرج عن جذور حركة النهضة الأم، وعندما ووجهت مطالبها بالرفض والإقصاء من القيادات الإخوانية، أعلنت استقلالها التام، وعقدت مؤتمرها التأسيسي في 24 و25 يوليو/تموز 1980.
تأثرت بمدارس سنية يسارية مثل فتحي عثمان وحسن حنفي، ويسارية شيعية مثل مجاهدي خلق وعلى شريعتي، وتبنت الديمقراطية الممزوجة بنوع من الإشتراكية. لم يكن هاجسها السياسة والوصول إلى الحكم.
وانحلت الحركة لينضوى معظم أعضائها السابقين في منتدى الجاحظ الذي يهدف إلى تنشيط الحركة الفكرية في تونس ويستقطب أقطاب الفكر العربي والإسلامي.
النهضة أهمها وأقدمها.. والسلفية أحدثها وأكثرها صعوداًخارطة التيارات الإسلامية في تونس من الغنوشي إلى الشيخ الضريرالأربعاء 15 صفر 1432هـ - 19 يناير 2011م
•الغنوشي: مشاركة حركة النهضة في الحياة السياسية واردة جدا خلال الفترة المقبلة
•"حركة النهضة" تعود لتونس ضعيفة منهكة.. في مواجهة منافس إسلامي صاعد
دبي – فراج إسماعيل
تبدأ خارطة التيار الإسلامي في تونس بحركة النهضة التي يتزعمها الشيخ راشد الغنوشي، والتي تتركز الأضواء حالياً عليها وعلى عودتها إلى تونس باعتبارها الرقم الأكبر منذ ثمانينات القرن الماضي.
الخارطة تمر بجماعات وجمعيات قد تبدو مهمشة حالياً، لكن من المهم الإلمام بها، فقد يكون لها وجود مؤثر في ظل التغييرات السياسية الحالية.
حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي يتزعمها الشيخ راشد الغنوشي، أصدرت بيانها التأسيسي في 6 يونيو/حزيران 1981 انتقدت فيه النظام السياسي في تونس، واتهمته بالهيمنة على السلطة والمؤسسات والمنظمات الجماهيرية، ورفضت الفصل بين الدين والدولة.
تمثل برنامجها السياسي في إعادة الحياة إلى المسجد، ودعم التعريب في مجال التعليم والإدارة مع الانفتاح على اللغات الأجنبية، ورفضها العنف كأداة للتغيير، والاستناد إلى شمولية الإسلام، ومنهج الشورى لحسم المسائل السياسية والثقافية والفكرية.
وهي أهم مجموعات التيار الإسلامي التونسي وأكثرها تمثيلاً لما يسمى بالإسلام السياسي.
الحركة السلفية أحد المساجد في تونس توصف حالياً بأنها التيار الإسلامي في تونس الصاعد في صمت، والذي ركز على العلوم الشرعية والمساجد في عهد بن علي ولم يمارس السياسة، لكنه لم يسلم من رقابة السلطات التي قاومت انتشار المحجبات في الشارع التونسي.
شيخها هو الخطيب الإدريسي الذي أنهى عام 2009 عقوبة حبس عامين بتهمة عدم الإبلاغ عن جريمة إرهابية. ينتمي إلى مدينة سيدي بن عون التابعة لولاية سيدي بوزيد. ألقت السلطات القبض عليه عام 2006 بعد اشتباكات مسلحة في الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة بين مسلحين وقوات الأمن، وكانت التهمة التي وجهت إليه "الافتاء بالقيام بعمليات جهادية، وعدم الإرشاد عن وقوع جريمة".
الإدريسي شيخ ضرير في السادسة والخمسين من عمره، يلمع اسمه في أوساط الشباب التونسي، ويفتي في الأمور الدينية، له ثلاث كتب هي صفة الصلاة، وكتاب الأذكار، وترتيل القرآن، ومخطوط في تفسير القرآن الكريم لم ير النور.
أقام فترة في السعودية عمل أثناءها بالتمريض، وعاد بعد منتصف تسعينيات القرن الماضي إلى تونس حيث بدأ يمارس التعليم الديني في منطقته، وانطلقت شهرته بين أوساط الشبابي التونسي عام 2005.
وتجد الأفكار السلفية قبولا بين بعض فئات الشباب التونسي المتعلم الذي يتعامل مع الإنترنت.
وينشط السلفيون التونسيون على المواقع الاجتماعية خصوصا (فيسبوك) ولا ينظمون أنفسهم داخل تيار معروف له زعاماته وناطقون باسمه، لكن تجمعهم حواراتهم على الشبكات الاجتماعية بالانترنت والعلاقات الشخصية.
الجيل الجديد من السلفيين التونسيين لم يسمع عن شيخ السلفية التونسية الإدريسي، ويتعلق بمشايخ من مصر والخليج يتابعهم عبر الفضائيات الدينية التي ساهمت بقوة في نشر الفكر السلفي في تونس.
الشريحة العمرية حسب تقرير الجمعية الدولية لمساعدة المساجين السياسيين تضمن تحليلا لملفات 1208 سلفيين تونسيين تم اعتقالهم بمقتضى قانون الإرهاب، تتراوح بين 25 و30 عاما، وتنخفض أحيانا لتصل إلى 19 عاما، وينحدر 46% من مناطق شمال تونس، و31% من وسط البلاد، و23% من الجنوب.
حزب التحرير الإسلاميفرع من تنظيم دولي، تأسس بمدينة القدس 1953 على يد تقي الدين النبهاني المنشق عن الإخوان المسلمين.
ولادته في تونس تزامنت مع بداية ظهور الجماعة الإسلامية التي غيرت اسمها إلى حركة الإتجاه الإسلامي والتي بدورها غيرت اسمها إلى حركة النهضة.
وترجع بداية تشكل الخلايا الأولى له إلى 1973، وقد نجح في استقطاب عدد من العسكريين، بينهم ضباط، مما جعل الدولة تتهمه بالإعداد لانقلاب عسكري.
حوكم أعضاؤه في أعوام 1983 و1986 و1990 وفي الأخيرة حوكمت مجموعة كبيرة ضمت 228 متهما. وفي 16-9-2006 أحيل 8 أشخاص إلى القضاء بتهمة الانتماء لحزب التحرير.
وفيما بعد تم اعتقال عناصر أخرى كثيرة مما يعني أنه كان مستمرا في تجنيد عناصر جديدة وتثبيت خلايا في تونس برغم الظروف الأمنية الصعبة التي كانت سائدة في عهد بن علي.
لا يعرف الحجم الحقيقي للحزب، لاضطرار أنصاره إلى العمل السري. وثائقه الأساسية تتضمن "العمل على التغيير الجذري والشمولي والانقلابي في العالم الإسلامي، واستئناف الحياة الإسلامية عن طريق إقامة دولة الخلافة، باسقاط الأنظمة التي يعتبرها امتدادا للسيطرة الاستعمارية الغربية على بلاد المسلمين".
ويقر حزب التحرير بالتعددية السياسية في إطار المرجعية الإسلامية، ويرفض الأنشطة المسلحة أو دعم العنف، لكنه يعمل على ضم العسكريين إلى صفوفه، ويعتبرهم جزءا من القوة التي يطلب منها تغيير الأوضاع، ولأنه يضم ضباطا من بين المتهمين في بعض القضايا التي حوكم فيها بتونس، أحيل أعضاء الحزب أحيانا إلى محاكم عسكرية.
جماعة التبليغوصلت تونس منذ منتصف السبعينيات، واستقطبت أتباعاً من مختلف الفئات الاجتماعية، وتأثيرها الرئيس يتركز داخل الأوساط المتوسطة التعليم، وكانت السلطات في عهد زين العابدين بن علي متسامحة معها، لكن أخضعتها للرقابة الدائمة.
الشيعة مسجد الزيتونة التاريخي بدأت ظاهرة التشيع في تونس على يد الدكتور محمد التيجاني السماوي صاحب كتاب "ثم اهتديت" قبل الثورة الإيرانية التي أعجب بها بعض رموز التيار الإسلامي ومنهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي.
إلا أن النسبة الأكبر من ظاهرة التشيع تمت بعد الثورة الإيرانية، حيث استقطبت عددا قليلا من أعضاء حركة النهضة، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها تنوع مذهبي في تونس التي كانت تتسم بالمرجعية المذهبية الأحادية، فمنذ قرون سادت الأشعرية بالنسبة للعقيدة والمالكية للفقه وطرق التصوف بالنسبة للتربية.
ويقول عماد الحمروني أحد رموز التشيع في تونس ورئيس جمعية (آل البيت الثقافية) في ندوة نظمها منتدى شيعة الجزائر في 8 مايو/آيار 2004 إن الموجة الثانية من التشيع بدأت مع ظهور الخميني في بداية الثمانينيات تحت اسم "المسلمون السائرون على خط الإمام".
تتسم العلاقة بين حركة النهضة والمجموعات الشيعية بالتوتر، ولهذا السبب تم منع راشد الغنوشي في وقت سابق من دخول إيران، فاتهم النظام الإيراني بـ"الرهان على نظام ديكتاتوري" وأن رفض منحه تأشيرة الدخول، مجرد غطاء لمحاولات نشر التشيع في تونس، ورشوة يقدمها لنظام بن علي، نظير نشر الفكر الإيراني.
ينقسم التيار الشيعي في تونس إلى مجموعتين رئيستين متصارعتين، الأولى يتزعمها التيجاني السماوي، والثانية جمعية (آل البيت الثقافية) التي يرأسها عماد الحمروني.
اعطى نظام بن علي حرية نسبية للمجموعات الشيعية، وسمح لها بالانتقال إلى العراق وإيران. ويتردد أن شيعة تونس يتلقون دعما من مرجعيات حوزية في النجف العراقية أو قم الإيرانية.
دراسة للباحث في شؤون الحركات الإسلامية التونسي صلاح الدين الجورشي، تحصر عددهم بين ألف وألفي شخص، لكن التيجاني السماوي يقول إنهم يتجاوزون مئات الآلاف، وهو رقم يرى الجورشي أنه مبالغ فيه ولا يعكس الواقع.
الإسلاميون التقدميون الانتفاضة التي فتحت الطريق للتغيير ظاهرة ثقافية حركية خرجت من جذور حركة النهضة، وتأسست نتيجة لقيام بعض المثقفين والأساتذة والطلبة من ذوي الاتجاه الإسلامي بمراجعة تراث الفكر الإخواني الذي مثل الأرضية الإيديولوجية للحركة الإسلامية.
ترفض مجموعة الإسلاميين التقدميين التي تشكلت نواتها الأولى في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، التعصب والانغلاق الفكري، وتتخذ موقفاً عقلانياً مستنيرا من التراث الإسلامي وتنفتح على مختلف الاتجاه الفكرية التقدمية عند السنة والشيعة، وأيضا تنفتح على الاشتراكيين والليبراليين.
يصفها بعض الباحثين بأنها ظاهرة إسلامية يسارية. وقد انفصلت بشكل متدرج عن جذور حركة النهضة الأم، وعندما ووجهت مطالبها بالرفض والإقصاء من القيادات الإخوانية، أعلنت استقلالها التام، وعقدت مؤتمرها التأسيسي في 24 و25 يوليو/تموز 1980.
تأثرت بمدارس سنية يسارية مثل فتحي عثمان وحسن حنفي، ويسارية شيعية مثل مجاهدي خلق وعلى شريعتي، وتبنت الديمقراطية الممزوجة بنوع من الإشتراكية. لم يكن هاجسها السياسة والوصول إلى الحكم.
وانحلت الحركة لينضوى معظم أعضائها السابقين في منتدى الجاحظ الذي يهدف إلى تنشيط الحركة الفكرية في تونس ويستقطب أقطاب الفكر العربي والإسلامي.
الأحد، 23 يناير 2011
جريدة النهار - سامريو نابلس امتهنوا التنجيم والفتاحة عبر الفلك
جريدة النهار
سامريو نابلس امتهنوا التنجيم والفتاحة عبر الفلك
جبل جرزيم مقصد فلسطينيين والدفع ربما بالذهب
الأحد 23 كانون الثاني 2011 - السنة 78 - العدد 24104
على امتداد شارع الجامعة في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، تعلو دكاكين مطلية بالابيض لافتات كتبت عليها اسماء كهنة من الطائفة السامرية الصغيرة المشهورة في الاراضي الفلسطينية، بالتنجيم والفتاحة. يقصد هذه المحال بعض الفلسطينيين الذين يعتقدون ان مشكلاتهم المستعصية ستحلها الفتاحة والتنجيم عند السامريين، الذين يطلق عليهم بالعامية "السمرا"، كما يقصدون جبل جرزيم، حيث يسكن السامريون.
يعتبر السامريون انفسهم السلالة الحقيقة لشعب بني اسرائيل، التي خرجت مع النبي موسى من مصر. وهم يعيشون على قمة جبل جرزيم، المقدس بالنسبة اليهم، في بيوت قرميدية جميلة في نابلس. ويقول الكاهن حسني السامري (67 عاما): "توارثنا كتب الفلك والتنجيم من آلاف الاعوام، وآخر كتاب نستخدمه عندنا عمره نحو 450 عاما". ويتدارك: "الفتاحة تقتصر على فئة الكهنة التي تشكل ثلث الطائفة السامرية، وتضم 370 شخصا في مدينة نابلس في الضفة الغربية، و380 في حولون في اسرائيل".
ويشير الى "اننا لا نؤمن بالسحر والفتاحة بالكف والمندل واخراج الجن من الجسد. كل ذلك كذب لا اساس له. نقوم بالفتاحة من طريق الفلك، والسؤال عن الاسم واسم الام او اسم الزوج او الزوجة، ونفتح للمرض وفشل الزواج او خسارة في العمل". ويشرح ان "كل حرف من احرف الاسم له معنى عندنا، ولغتنا العبرية القديمة تتكون من 22 حرفا، وكل حرف يعني عضوا من اعضاء الجسم".
تعلّم الكاهن حسني الفلك والفتاحة وهو في الثانية عشرة، "اي من 45 عاما". ويشير الى ان "السامريين يمتلكون كتبا فلكية غير موجودة في العالم، ويستطيعون معرفة مطلع كل رأس شهر قمري وتواريخ الكسوف والخسوف مسبقا". ويربط معرفتهم بالفتاحة والفلك، لانهم يعتبرون انفسهم من سلالة سبط لاوي وسبط النبي يوسف الذي كان يفسر الاحلام وقال "لم يكن علم النبي يوسف بتفسير الاحلام، الا بعد ان تعلم من كتاب "تارفيم" وهو كتاب جده لامه، التي أعطته اياه".
معظم الكتب القديمة "بيع بسبب الفقر"، على ما يفيد، "وهي موجودة اليوم في مكتبات موسكو وليننغراد وفي مكتبات الولايات المتحدة". وينأى بطائفة السامريين عن الساحر السامري الذي ذكر اسمه في القرآن واضل بني اسرائيل في سيناء وجعلهم يعبدون العجل، قائلا: "كان اسمه قارون السامري، ولم يكن في ذلك الوقت سامريون ويهودا، كانوا بني اسرائيل".
ويروي: "حدث الانقسام عند شعب بني اسرائيل بعد 450 عاما من العيش في الاراضي الكنعانية وفلسطين، عندما بنى الملك سليمان معبده في القدس وسماه الهيكل، عندها صار هناك يهود يؤمنون بهيكل سليمان. ونحن السامريين نؤمن بان الهيكل الحقيقي هو على جبل جرزيم في نابلس، وسمينا بالسامريين نسبة الى شومريم، اي المحافظين على التوراة".
من جهته، يشير عقيل خليل الجوهري، وهو صاحب محل بجانب دكاكين السامريين في نابلس، الى "انه يحضر فلسطينيون، معظمهم من القرى، يعتقدون ان فتاحة السمرا لا يعلى عليها. كذلك يأتي فلسطينيون يعيشون في الولايات المتحدة عندما يزورون البلاد".
ويفيد ان "السمرا يعمل من الثامنة صباحا حتى الاولى بعد الظهر، وسعر تسجيل الزيارة لتسمية نوع المشكلة تبدأ بـ150 شاقل (اي نحو 40 دولارا) وتسمى تمريخة، وقد تكلف عملية الفتاحة من 500 شاقل (نحو 140 دولارا) الى 5 آلاف شاقل (اي نحو 1400 دولار)". ويشير الى ان "السامريين اناس مسالمون ولطيفون".
ام فراس (28 عاما)، فلسطينية من مدينة القدس، ترددت مرات عدة قبل اشهر للتنجيم عند السامريين. "ذهبت للفتاحة عند السمرا في جبل جرزيم، عندما اشتد الخلاف بيني وبين زوجي، واعطيتهم اسمي واسم زوجي واولادي وكل ما طلب مني من معلومات"، على ما تروي. "عملوا حجابا لي، واخذوا مني اونصة ذهب مع زرد سعرها اكثر من الفي دينار اردني (2860 دولارا). كنت يائسة وفي حاجة الى حل. لكن ذلك لم ينفعني شيئا، لانني تطلقت وتزوج زوجي من روسية تعمل معه، وخسرت ذهبي عند السومريين". وتتدارك: "كنت جاهلة واعتقدت ان الفتاحة ستعيد لي زوجي".
غير ان الكاهن حسني السامري يشدد على "اننا لا نطالب الناس باعطائنا الذهب. نقول لهم : ما تهبه نفسك لنا. وفي النهاية عندما يفرغ الكاهن نفسه للتفكير والسهر على حل المشكلة، ويحسب ويحلل ويقرأ كتب الفلك، وهو امر قد يستغرق اياما، يحق له بان يحصل على اتعاب مثل اي عمل آخر". ويختم: "نأخذ الذهب اذا هي او هو وهبه لنا. لا نجبر اي امرأة او اي رجل على خلع ذهبه وتقديمه الينا".
و ص ف
.........................................................................................................................................................................................
جميع الحقوق محفوظة - © جريدة النهار 2011
سامريو نابلس امتهنوا التنجيم والفتاحة عبر الفلك
جبل جرزيم مقصد فلسطينيين والدفع ربما بالذهب
الأحد 23 كانون الثاني 2011 - السنة 78 - العدد 24104
على امتداد شارع الجامعة في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، تعلو دكاكين مطلية بالابيض لافتات كتبت عليها اسماء كهنة من الطائفة السامرية الصغيرة المشهورة في الاراضي الفلسطينية، بالتنجيم والفتاحة. يقصد هذه المحال بعض الفلسطينيين الذين يعتقدون ان مشكلاتهم المستعصية ستحلها الفتاحة والتنجيم عند السامريين، الذين يطلق عليهم بالعامية "السمرا"، كما يقصدون جبل جرزيم، حيث يسكن السامريون.
يعتبر السامريون انفسهم السلالة الحقيقة لشعب بني اسرائيل، التي خرجت مع النبي موسى من مصر. وهم يعيشون على قمة جبل جرزيم، المقدس بالنسبة اليهم، في بيوت قرميدية جميلة في نابلس. ويقول الكاهن حسني السامري (67 عاما): "توارثنا كتب الفلك والتنجيم من آلاف الاعوام، وآخر كتاب نستخدمه عندنا عمره نحو 450 عاما". ويتدارك: "الفتاحة تقتصر على فئة الكهنة التي تشكل ثلث الطائفة السامرية، وتضم 370 شخصا في مدينة نابلس في الضفة الغربية، و380 في حولون في اسرائيل".
ويشير الى "اننا لا نؤمن بالسحر والفتاحة بالكف والمندل واخراج الجن من الجسد. كل ذلك كذب لا اساس له. نقوم بالفتاحة من طريق الفلك، والسؤال عن الاسم واسم الام او اسم الزوج او الزوجة، ونفتح للمرض وفشل الزواج او خسارة في العمل". ويشرح ان "كل حرف من احرف الاسم له معنى عندنا، ولغتنا العبرية القديمة تتكون من 22 حرفا، وكل حرف يعني عضوا من اعضاء الجسم".
تعلّم الكاهن حسني الفلك والفتاحة وهو في الثانية عشرة، "اي من 45 عاما". ويشير الى ان "السامريين يمتلكون كتبا فلكية غير موجودة في العالم، ويستطيعون معرفة مطلع كل رأس شهر قمري وتواريخ الكسوف والخسوف مسبقا". ويربط معرفتهم بالفتاحة والفلك، لانهم يعتبرون انفسهم من سلالة سبط لاوي وسبط النبي يوسف الذي كان يفسر الاحلام وقال "لم يكن علم النبي يوسف بتفسير الاحلام، الا بعد ان تعلم من كتاب "تارفيم" وهو كتاب جده لامه، التي أعطته اياه".
معظم الكتب القديمة "بيع بسبب الفقر"، على ما يفيد، "وهي موجودة اليوم في مكتبات موسكو وليننغراد وفي مكتبات الولايات المتحدة". وينأى بطائفة السامريين عن الساحر السامري الذي ذكر اسمه في القرآن واضل بني اسرائيل في سيناء وجعلهم يعبدون العجل، قائلا: "كان اسمه قارون السامري، ولم يكن في ذلك الوقت سامريون ويهودا، كانوا بني اسرائيل".
ويروي: "حدث الانقسام عند شعب بني اسرائيل بعد 450 عاما من العيش في الاراضي الكنعانية وفلسطين، عندما بنى الملك سليمان معبده في القدس وسماه الهيكل، عندها صار هناك يهود يؤمنون بهيكل سليمان. ونحن السامريين نؤمن بان الهيكل الحقيقي هو على جبل جرزيم في نابلس، وسمينا بالسامريين نسبة الى شومريم، اي المحافظين على التوراة".
من جهته، يشير عقيل خليل الجوهري، وهو صاحب محل بجانب دكاكين السامريين في نابلس، الى "انه يحضر فلسطينيون، معظمهم من القرى، يعتقدون ان فتاحة السمرا لا يعلى عليها. كذلك يأتي فلسطينيون يعيشون في الولايات المتحدة عندما يزورون البلاد".
ويفيد ان "السمرا يعمل من الثامنة صباحا حتى الاولى بعد الظهر، وسعر تسجيل الزيارة لتسمية نوع المشكلة تبدأ بـ150 شاقل (اي نحو 40 دولارا) وتسمى تمريخة، وقد تكلف عملية الفتاحة من 500 شاقل (نحو 140 دولارا) الى 5 آلاف شاقل (اي نحو 1400 دولار)". ويشير الى ان "السامريين اناس مسالمون ولطيفون".
ام فراس (28 عاما)، فلسطينية من مدينة القدس، ترددت مرات عدة قبل اشهر للتنجيم عند السامريين. "ذهبت للفتاحة عند السمرا في جبل جرزيم، عندما اشتد الخلاف بيني وبين زوجي، واعطيتهم اسمي واسم زوجي واولادي وكل ما طلب مني من معلومات"، على ما تروي. "عملوا حجابا لي، واخذوا مني اونصة ذهب مع زرد سعرها اكثر من الفي دينار اردني (2860 دولارا). كنت يائسة وفي حاجة الى حل. لكن ذلك لم ينفعني شيئا، لانني تطلقت وتزوج زوجي من روسية تعمل معه، وخسرت ذهبي عند السومريين". وتتدارك: "كنت جاهلة واعتقدت ان الفتاحة ستعيد لي زوجي".
غير ان الكاهن حسني السامري يشدد على "اننا لا نطالب الناس باعطائنا الذهب. نقول لهم : ما تهبه نفسك لنا. وفي النهاية عندما يفرغ الكاهن نفسه للتفكير والسهر على حل المشكلة، ويحسب ويحلل ويقرأ كتب الفلك، وهو امر قد يستغرق اياما، يحق له بان يحصل على اتعاب مثل اي عمل آخر". ويختم: "نأخذ الذهب اذا هي او هو وهبه لنا. لا نجبر اي امرأة او اي رجل على خلع ذهبه وتقديمه الينا".
و ص ف
.........................................................................................................................................................................................
جميع الحقوق محفوظة - © جريدة النهار 2011
الزعيم الاسلامي راشد الغنوشي يعود "قريبا" الى تونس
الزعيم الاسلامي راشد الغنوشي يعود "قريبا" الى تونس
الزعيم الاسلامي راشد الغنوشي يعود "قريبا" الى تونس
أ. ف. ب.
GMT 17:00:00 2011 السبت 22 يناير 0Share
برلين: أعلن راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الاسلامي التونسي المقيم حاليا في منفاه بلندن والذي يتطلع الى العفو انه يأمل في العودة "قريبا جدا" الى تونس.
واعلن راشد الغنوشي في حديث مع مجلة در شبيغل الالمانية في عدد الاثنين، "انا قبل كل شيء مواطن تونسي يريد العودة الى بلاده" موضحا انه "يامل" ان تتم هذه العودة "قريبا جدا".
وردا على سؤال حول تطلعاته اكد الغنوشي انه "ليس الخميني وان تونس ليست ايران" وانه يريد "تقديم مساهمته الفكرية في هذا المنعطف التاريخي الذي يخرج تونس من عهد القمع الى الديمقراطية".
واضاف "اننا لا نريد نظام الحزب الواحد مهما كان" ولا فرض الشريعة ان "ما تحتاجه تونس اليوم هو الحرية (...) وديمقراطية حقيقية".
كما دعا الغنوشي الى رحيل "عناصر الحرس القديم" الذين ما زالوا في المؤسسات الانتقالية التي تريد "محاكاة نظام تعددي ديمقراطي".
من جهة اخرى اكد راشد الغنوشي (70 سنة) انه "لن يترشح لاي ولاية (...) وهناك شباب لذلك في حركتنا".
يذكر ان راشد الغنوشي اسس حركة النهضة الاسلامية سنة 1981 مع مفكرين من انصار جماعة الاخوان المسلمين في مصر.
وبعد ان كان متسامحا معه لدى توليه السلطة سنة 1987، قمع الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الحزب بعد انتخابات 1989 التي حصلت فيها النهضة على 17% من اصوات الناخبين.
وغادر الغنوشي اثرها تونس الى الجزائر ثم لندن وفي 1992 حكم عليه غيابيا بالسجن مدى الحياة مع مسؤولين اخرين بتهمة التآمر على الرئيس.
إطبع
الزعيم الاسلامي راشد الغنوشي يعود "قريبا" الى تونس
أ. ف. ب.
GMT 17:00:00 2011 السبت 22 يناير 0Share
برلين: أعلن راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الاسلامي التونسي المقيم حاليا في منفاه بلندن والذي يتطلع الى العفو انه يأمل في العودة "قريبا جدا" الى تونس.
واعلن راشد الغنوشي في حديث مع مجلة در شبيغل الالمانية في عدد الاثنين، "انا قبل كل شيء مواطن تونسي يريد العودة الى بلاده" موضحا انه "يامل" ان تتم هذه العودة "قريبا جدا".
وردا على سؤال حول تطلعاته اكد الغنوشي انه "ليس الخميني وان تونس ليست ايران" وانه يريد "تقديم مساهمته الفكرية في هذا المنعطف التاريخي الذي يخرج تونس من عهد القمع الى الديمقراطية".
واضاف "اننا لا نريد نظام الحزب الواحد مهما كان" ولا فرض الشريعة ان "ما تحتاجه تونس اليوم هو الحرية (...) وديمقراطية حقيقية".
كما دعا الغنوشي الى رحيل "عناصر الحرس القديم" الذين ما زالوا في المؤسسات الانتقالية التي تريد "محاكاة نظام تعددي ديمقراطي".
من جهة اخرى اكد راشد الغنوشي (70 سنة) انه "لن يترشح لاي ولاية (...) وهناك شباب لذلك في حركتنا".
يذكر ان راشد الغنوشي اسس حركة النهضة الاسلامية سنة 1981 مع مفكرين من انصار جماعة الاخوان المسلمين في مصر.
وبعد ان كان متسامحا معه لدى توليه السلطة سنة 1987، قمع الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الحزب بعد انتخابات 1989 التي حصلت فيها النهضة على 17% من اصوات الناخبين.
وغادر الغنوشي اثرها تونس الى الجزائر ثم لندن وفي 1992 حكم عليه غيابيا بالسجن مدى الحياة مع مسؤولين اخرين بتهمة التآمر على الرئيس.
إطبع
راشد الغنوشي يرفض مقارنته بالخميني
http://www.alwasatnews.com/3060/news/read/522794/1.html
راشد الغنوشي يرفض مقارنته بالخميني
دبي - رويترز
قال راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الاسلامية التونسية المعارضة والذي يعيش في المنفى ان حركته ديمقراطية ولا يجب الخوف منها رافضا أي مقارنة بينه وبين الزعيم الإيراني الراحل اية الله روح الله الخميني.
وقالت الحكومة التونسية الاسبوع الماضي انها سترفع الحظر عن الجماعات السياسية بما فيها حركة النهضة التي تعرضت للقمع خلال 24 عاما من حكم الرئيس زين العابدين بن الذي فر من البلاد قبل نحو اسبوع.
ووصف راشد الغنوشي في تصريحات لتلفزيون الجزيرة حركته بانها اسلامية معتدلة وديمقراطية تستند إلى مثل ديمقراطية في الثقافة الاسلامية. وأضاف ان بعض الاشخاص يحاولون ان يضعوا عليه عبائة الخميني مشيرا إلى انه ليس الخميني وليس شيعيا.
وسئل عن المتشددين الذين يرفضون اي ديمقراطية على النمط الغربي ويطالبون بإقامة دولة إسلامية تقليدية فقال ان حركته بعيدة جدا عن هذا الموقف معربا عن اعتقاده بانه ليس لمثل هذه الفكرة اي مكان داخل الاتجاه الاسلامي المعتدل. وقال انها فكرة متطرفة ولا تستند إلى فهم صحيح للاسلام.
ويقول محللون ان الاسلاميين المعتدلين في تونس ربما يجذبون الكثير من الاتباع بعد الاطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي في الوقت الذي ربما يتمكن فيه متشددون من التسلل إلى تونس قادمين من الجزائر التي خاضت صراعا طويلا مع المتشددين الاسلاميين.
وفرضت العلمانية بصرامة في تونس منذ ما قبل استقلالها عن فرنسا في عام 1956. فالحبيب بورقيبة الذي قاد حركة الاستقلال وتولى رئاسة تونس لفترة طويلة كان ذا توجه قومي واعتبر الإسلام تهديدا للدولة.
وفي عام 1987 عندما نحى بن علي بورقيبة عن السلطة أفرج عن الإسلاميين من السجون لفترة قصيرة وسمح لهم بالمشاركة في انتخابات 1989.
وأشارت النتائج الرسمية لتلك الانتخابات إلى حصول حركة النهضة وهي أكبر حركة الاسلامية في تونس على 17 في المئة من أصوات الناخبين وجاءت في الترتيب التالي للحزب الحاكم. وتشير بعض التقديرات إلى ان الحركة ربما تكون قد فازت بثلث الاصوات.
وكان الزعيم الشيعي الإيراني الخميني قاد الثورة الاسلامية عام 1979 والتي اطاحت بحكومة الشاه الموالية للغرب في إيران.
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3060 - السبت 22 يناير 2011م الموافق 17 صفر 1432هـ
راشد الغنوشي يرفض مقارنته بالخميني
دبي - رويترز
قال راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الاسلامية التونسية المعارضة والذي يعيش في المنفى ان حركته ديمقراطية ولا يجب الخوف منها رافضا أي مقارنة بينه وبين الزعيم الإيراني الراحل اية الله روح الله الخميني.
وقالت الحكومة التونسية الاسبوع الماضي انها سترفع الحظر عن الجماعات السياسية بما فيها حركة النهضة التي تعرضت للقمع خلال 24 عاما من حكم الرئيس زين العابدين بن الذي فر من البلاد قبل نحو اسبوع.
ووصف راشد الغنوشي في تصريحات لتلفزيون الجزيرة حركته بانها اسلامية معتدلة وديمقراطية تستند إلى مثل ديمقراطية في الثقافة الاسلامية. وأضاف ان بعض الاشخاص يحاولون ان يضعوا عليه عبائة الخميني مشيرا إلى انه ليس الخميني وليس شيعيا.
وسئل عن المتشددين الذين يرفضون اي ديمقراطية على النمط الغربي ويطالبون بإقامة دولة إسلامية تقليدية فقال ان حركته بعيدة جدا عن هذا الموقف معربا عن اعتقاده بانه ليس لمثل هذه الفكرة اي مكان داخل الاتجاه الاسلامي المعتدل. وقال انها فكرة متطرفة ولا تستند إلى فهم صحيح للاسلام.
ويقول محللون ان الاسلاميين المعتدلين في تونس ربما يجذبون الكثير من الاتباع بعد الاطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي في الوقت الذي ربما يتمكن فيه متشددون من التسلل إلى تونس قادمين من الجزائر التي خاضت صراعا طويلا مع المتشددين الاسلاميين.
وفرضت العلمانية بصرامة في تونس منذ ما قبل استقلالها عن فرنسا في عام 1956. فالحبيب بورقيبة الذي قاد حركة الاستقلال وتولى رئاسة تونس لفترة طويلة كان ذا توجه قومي واعتبر الإسلام تهديدا للدولة.
وفي عام 1987 عندما نحى بن علي بورقيبة عن السلطة أفرج عن الإسلاميين من السجون لفترة قصيرة وسمح لهم بالمشاركة في انتخابات 1989.
وأشارت النتائج الرسمية لتلك الانتخابات إلى حصول حركة النهضة وهي أكبر حركة الاسلامية في تونس على 17 في المئة من أصوات الناخبين وجاءت في الترتيب التالي للحزب الحاكم. وتشير بعض التقديرات إلى ان الحركة ربما تكون قد فازت بثلث الاصوات.
وكان الزعيم الشيعي الإيراني الخميني قاد الثورة الاسلامية عام 1979 والتي اطاحت بحكومة الشاه الموالية للغرب في إيران.
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3060 - السبت 22 يناير 2011م الموافق 17 صفر 1432هـ
اسرائيل تحذر من وقوف جنبلاط الى جانب المقاومة لتشكيل حكومة لبنانية
اسرائيل تحذر من وقوف جنبلاط الى جانب المقاومة لتشكيل حكومة لبنانية
شالوم:اجهاض المبادرة العربية هو الدافع وراء اتخاذ القرار
--------------------------------------------------------------------------------
موقع العرب وصحيفة كل العرب - الناصرة الاحد, 23 كانون التاني 2011 00:15:42
حذر الوزير الاسرائيلي سيلفان شالوم من ان انضمام الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط الى حزب الله في تشكيل حكومة لبنانية قد يؤدي الى اقامة "حكومة ايرانية" في الحدود الشمالية لاسرائيل. واعتبر الوزير شالوم ان حزب الله لن يكون منظمة ارهابية تعمل بايحاء من ايران فحسب بل يصبح حكومة سيادية تحكم لبنان.
المقاومة وسوريا
واكد شالوم ان هذا التطور يشكل خطراً يلزم اسرائيل بمتابعته عن كثب عليه مشددًا في نفس الوقت على ان اسرائيل ستكون على اهبة الاستعداد لاي تطور في لبنان.
فقد حسم وليد جنبلاط زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي التاريخ في لبنان في اصعب منعطفاته، امس، وذلك باعلان وقوفه الى جانب "المقاومة وسوريا" معربا عن امله في ان تأخذ اللعبة الديمقراطية مسارها بعيدا عن الاصطفافات والمسارات المذهبية مؤكدا تمسكه بالحوار والاحتكام للمؤسسات الدستورية.
ونبه جنبلاط من الممارسات الكيدية التي تتسبب في الانقسامات المدمرة.
واستعرض جنبلاط مواقف الحزب من رفضه المشاركة في حلف بغداد ومواجهة العدوان الاسرائيلي واسقاط اتفاق 17 اذار والمشاركة في حسم معركة سوق الغرب.
واختتم مؤتمره الصحفي بالقول "ان اجهاض المبادرة العربية هو الدافع وراء اتخاذ قراره ، داعيا الى الحوار والتعقل ولانقاذ لبنان .
واعلن في ختام حديثه ما سبق واعلنه سعد الحريري بانه يتعرض لاغتيال سياسي، فائلا" لا احد يمكنه ان يقصي احدا في لبنان".
د.الياس ود.ميلشطين:مذبحة عين الزيتون اكثر قساوة من مذبحة دير ياسين
د.الياس ود.ميلشطين:مذبحة عين الزيتون اكثر قساوة من مذبحة دير ياسين
د.الياس ود.ميلشطين:مذبحة عين الزيتون اكثر قساوة من مذبحة دير ياسين
من: محاسن ناصر - مراسل موقع العرب وصحيفة كل العرب السبت, 22 كانون التاني 2011 17:43:18
الدكتور الياس سليمان يقول في كتابه:
توجب على موشيه كلمان قائد الكتيبة الثالثة التابعة للبلماح ان يخطط لاحتلال عين الزيتون وبيريا، وافق يغئال الون على هذه الخطة وتم تعيين يغئال الون مخططا لها على يد يغئال يدين
لم يحدد الون الوقت في اوامر العملية يوم 27 ابريل 1948 ،لكن كلمان فهم انه يتوجب عليه اتمامها في اقرب وقت ممكن ولم تهاجم الكتيبة الثالثة بيريا وعين الزيتون في 28 و 29 ابريل بسبب هطول الامطار الغزيرة
يتسحاق غولان جندي من الكتيبة الثالث:
تم احضار 30 من الاسرى الى كنعان للتحقيق معهم على يد رجال المخابرات من الهاجاناه.. بعد التحقيق جاءت المشكلة..،ماذا سنفعل بهم ؟ كلهم كانوا مقاتلين.. فقالوا لنا انقلوهم الى شرطة روش بينا
نائب قائد الكتيبة مائير درزدنر:
تقدمت مع جنودي بإتجاه صفد بعد احتلال عين الزيتون وبعد عدة ايام وصلت الاخبار.. لكني كان منشغلا بالقتال في صفد دون توقف
--------------------------------------------------------------------------------
الدكتور اوري ميلشطين هو باحت ومفكر ومؤرخ في التاريخ العسكري لدولة اسرائيل ومحلل لأحداث وقضايا التي حدثت في العام 1948 . والدكتور اوري اصدرعدة كتب باللغة العبرية ونظر عدة نظريات حول هذه المواضيع وقسم من هذه الأبحاث ترجم الى اللغه الانجليزيه. اللافت للنظر كتابه الصادر في اللغه العبريه في العام 2007 تحت عنوان " القصة الحقيقية لمذبحة دير ياسين" وفي الكتاب تحليل واضح وجرئ لاحداث دير ياسين مقارنة مع مذبحة عين الزيتون في العام 1948.
الدكتور الياس سليمان
يعتمد الكتاب علي المصادر الاوليه منها : ارشيف الهاجاناه ،ارشيف كيبوتس هبلماحيم ،كتب البلماح،ارشيف جيش الدفاع الاسرائيلي ومقابلات مع قادة عسكريين قادوا ،اشتركوا واداروا العمليات انذاك بالاضافة الى مصادر اخرى. وقد أوكل الدكتور اوري ميلشطين الى صديقه الدكتور الياس عفيف سليمان من قرية الجش مولدا من كفر برعم اصلا والمهجره في العام 1948 بان يفحص امكانية ترجمة الكتاب الى اللغة العربية ليتسني لناطقي الضاد اينما كانوا وحيثما حلوا وبالاخص مهجري عين الزيتون اينما وجدوا قرائة الكتاب ليقفوا عن كثب على الحقائق والوقائع تحديدا كما حدثت.
تاريخ الشرق الأوسط
الدكتورالياس عفيف سليمان مؤرخ وباحث في تاريخ الشرق الأوسط الحديث والمعاصر والذي يحمل اللقب الثالث من جامعة بار- ايلان ، صدر له كتابان في اللغة العربية، الاول عن الحروب الاهلية في لبنان بين الدروز والموارنة بين الاعوام 1840-1860، والثاني ، جمال عبد الناصر في يوميات ومذكرات دافيد بن غوريون وموشيه ديان- حرب السويس 1956-1957. بالاضافة الى عدة مقالات وابحاث علمية في الجرائد الرسمية.
وقد تبلورت لدى الدكتورالياس عفيف سليمان فكرة نشر عدة صفحات مترجمة من الكتاب تسرد قصة مذبحة عين الزيتون ،تلك القرية التي تقع شمال غرب صفد وتبعد عنها قرابة 2 كم والتى سكن بها قرابة 800 شخص من العرب المسلمين عشية الحرب في العام 1948 ما تبقى من ملامح تلك القرية العربية الفلسطينية اليوم هو الجامع.. المقبرة.. والذكري.
مجزرة دير ياسين
الدكتور الياس سليمان يقول في كتابه الحديث والذي يعتمد به على ما جاء في بحث الباحث ومفكر ومؤرخ في التاريخ العسكري لدولة اسرائيل الدكتور اوري ميلشطين ان ما جرى في عين الزيتون يفوق ما حصل في مجزرة دير ياسين!! لكن حتى اليوم احد لم يقم ببحث ما حصل في هذه القرية عام 48. وما حصل يقول الدكتورالياس عفيف سليمان كما جاء في كتابه:
قوات يهودية ضئيلة
لقد احاط بالحي اليهودي بمدينة صفد من الشرق والغرب والجنوب احياء عربية. ومن شمال صفد وعلى بعد 2 كم كان هناك قريتان عربيتان ،عين الزيتون وبيريا،(قرابة 300 نسمة) هاتان القريتان تحكموا في المدخل- طريق المواصلات العام– للحي اليهودي رغم ذلك استطاعت قوات يهودية ضئيلة ان تتسلل ليلا لكي تهاجم الاحياء العربية من داخل الحي اليهودي ،لهذا توجب على موشيه كلمان قائد الكتيبة الثالثة التابعة للبلماح ان يخطط لاحتلال عين الزيتون وبيريا، وافق يغئال الون على هذه الخطة وتم تعيين يغئال الون مخططا لها على يد يغئال يدين.
لم يحدد الون الوقت في اوامر العملية يوم 27 ابريل 1948 ،لكن كلمان فهم انه يتوجب عليه اتمامها في اقرب وقت ممكن ولم تهاجم الكتيبة الثالثة بيريا وعين الزيتون في 28 و 29 ابريل بسبب هطول الامطار الغزيرة،وتخوف كلمان من انزلاق جنوده على الصخور ابان الهجوم على القرية.
الهجوم في نفس الليلة
في 29 ابريل ورد تقرير في يوميات عين - غيب جاء فيه : "تأجلت العملية مرة اخرى بسبب حالة الطقس الشتوي والبرد المفاجئ ". فقام الون بإرسال مولا كوهين ( ضابط العمليات) ليشجع كلمان ويدفعه الى الهجوم . وقال الاخير اننا ننتظر توقف هطول المطر الذي سياتي عما قريب لاننا في اواخر ابريل .لم يقتنع كوهين وطلب من كلمان الهجوم في نفس الليلة لكن كلمان بقى على موقفه وقال: " قصة النبي يوشع لن تعود" ،فقام كوهين باقصاء كلمان عن منصبه بسبب رفضه تنفيذ الاوامر العسكرية وتعيين نائبه مئير درزدنر مكانه.
كان موقف كلمان في الكتيبة الثالثة اقوى من موقف كوهين،ورفض درزدنر تعيينه مكان قائده كلمان، ورفض الضابط نتسير قائد الوحدة ذلك القرار أيضا. فلم يكن امام كوهين الا ان يتراجع عن قراره معللا ذلك بانه لم يتكلم بجدية وعاد الى روش بينا (الجاعونة).
تحركت الكتيبة
في 30 ابريل توقف المطر، مع حلول الظلام تحركت الكتيبة المكونة من وحدتان عسكريتان وفرقة مساعدة الى عين الزيتون، وروى كلمان لاحقا: " كانت المسافة قرابة 2 كم وقام ضابط المخابرات ارييه غال بتوجيه وحدة الدوريات وانا سرت خلفهم وورائي ساروا في طابورين وحدة الضابط رووبين نيتسر ووحدة الضابط شموئيل كتبان . بعد ساعة قال لي غال وصلنا الى الهدف ، فتقدمت ووجدت اننا لم نصل الى عين الزيتون انما لبيريا،عدنا ادراجنا ،وانا شخصيا قدت الكتيبة الى الهدف. في الساعة الثالثة من صباح يوم الاول من مايو 1948 وصلت الكتيبة الى التلة فوق عين الزيتون.
وقال نيتسر: " تقدمنا ،قائد الوحدة ابراهام ليخط وانا باتجاة القرية ،حددنا طرق الانقضاض والتحكم. وكان القمر بدرا وسمعنا صوت: مين هاذا؟ لم نجب.. وعدنا الى مكان التنظيم .وابتدا اطلاق النار من الرشاشات المتوسطة وقمنا نحن بالهجوم ،لم تكن هناك مقاومة ،اعتقدنا بان القرية خالية،فقد هرب المقاتلون العرب واغلبية السكان بقيت في بيوتها.
الدكتور اوري ميلشطين
وروى اليعيزر ( لديس ) كوهين جندي في وحدة الضابط نيتسر وقال :" انفجرت القنابل وقت الانقضاض مما ادى الى اصابة فصيلة كاملة، وكان ممن اصيب بجراح قائد الفصيلة موشية عزرا الذي رقد على الارض وصرخ قائلا: "عربيات القوا علينا القنابل " ..ووقع جدال هل نطلق النار على العربيات..واصدر الضابط نيتسر اوامره بعدم اطلاق النار.
وروى الجندي اهارون يوئيلي وقال: " حسب رايي من القى القنابل هم رجالنا،واصبنا، وعندما هاجمنا القرية هطل المطر مرة اخرى ،كان صعبا جدا. مردخاي بن سولومون مات متاثرا بجراحه
الضابط موشيه غرين وسبعة من مساعديه ،مهاجرين من اليونان ،اعضاء كيبوتس افيكيم ،اغلقوا الطريق بين بيريا وعين الزيتون، وانتشروا على التله المحاذية للشارع لمنع ارسال مساعدات من بيريا الى عين الزيتون. قام بعض العرب باطلاق النار على رجال الحاجز من اتجاه شرطة كنعان.
تحصين عربي امامي
وقال غرين: " كانت المسافة بيننا وبين بيريا بعض مئات الامتار،كنا في وسط النار ، امرت جنودي بالتقدم الى القرية واحتلال البيوت التى تقع علي اطرافها والتحصن بها ،ركضنا حتى وصلنا الى القرية واطلقنا الرصاص كالمطر وهرب السكان .. نحن ثمانية اشخاص احتلينا القرية. واستنادا الى اقوال موشيه كلمان : " واجه نيتسر تحصين عربي امامي في عين الزيتون ،وصرخت الى ضابط الدعم يوسف بولبوس بان يطلق النار. اطلقنا قذيفة ، سمعنا ضجة غريبة ، مر الوقت وبزغ الفجر ،سمعنا طلقات نارية ،وراينا ان العديد من سكان صفد اليهود قد جلسوا على المنحدر وشاهدوا ما حصل ومعهم جلس جنود من الوحدة التي قادها العاد بيليد والتى تواجدت في صفد .
التصفيق شجع المقاتلين
لقد صفقوا وهتفوا بعد كل قذيفة كانت تسقط على عين الزيتون، التصفيق شجع المقاتلين ..تفاجأت وفهمت بان المعلومة السرية عن موعد الهجوم والتي ارسلتها ببرقية الى بيليد بصفد وصلت الى السكان أيضا وربما الى العرب ..تم أطلاق خمسة قذائف ،لم يصلوا الى عين الزيتون ولم يحدثوا ضررا ملموسا ، كان لهذه القذائف تأثيرا نفسيا كبيرا، احتلينا القرية دون مقاومة تقريبا.
بعد بزوغ الفجر،رأيت أن مقر القيادة التابع لي واقع تحت خط النار من بيريا وكذلك حال الوحدة المساعدة. موشيه غرين وفرقته احتلت بيريا،تم فتح الطريق العام الى الحي اليهودي في صفد . أرسلنا الى هناك شباب من صفد مع مؤن لتسليمها الى الكتيبة التي ستصل الى هناك .أمرت بتفجير كل البيوت في عين الزيتون وبيريا، وباطلاق قذيفة كل ساعة باتجاه الأحياء العربية في صفد و تم تنفيذ اوامري حرفيا.
النساء والمسنين
من عين الزيتون طردنا الاولاد ،النساء والمسنين ،هم سردوا ما حصل، وهكذا تبلورت الخطوة التالية، وهي احتلال صفد. يستشف من يوميات عين غيف المكتوبة في الأول من شهر مايو :" كل اليوم انفجارات من جهة عين الزيتون ..دخان وحرائق.. وخلال النهار أتوا الأصدقاء مع الغنائم ، ماعز، أبقار، خيل وحمير.
وكتبت نتيفا بن يهودا:" كانت هناك اخبار دارت حول سرقات كبيره ومختلفة على يد ضباط كبار مثلا كل النقود الذهبيه التي وجدت في عين الزيتون في ارضية بيت احد المواطنين الذين هربوا أخذت على يد قيادة الكتيبه في نفس ألليله . وحتى خلال العوده من عين الزيتون الى كنعان كان الذهب في الصناديق المحمله على حمالات القذائف ، وعند الوصول الى كنعان كانت هذه الصناديق فارغه !!
قياده البلماح
وفي الأول من مايو من العام 1948 وفي الساعه 11:30 قبل الظهر قدم قائد العمليه يغئال الون تقريرا الى قياده البلماح مفاده بأنه تم القاء القبض على 100 أسير بعين الزيتون. في 11 مايو نشرت جريدة " عال هامشمار" خبرا مفاده: " 50 من رجال العصابات قتلوا في معارك بيريا وعين الزيتون!! وفي المقال الذي نشر بعد خمسين يوما من الاحداث، أي في 20 مايو على يد منظمة الهاجاناه في جريدة " بماحانه " جاء فيه:اكثر من 100 شخص من سكان عين الزيتون قتلوا ابان احتلال القريه!! وكتب يغئال الون في كتاب البلماح: ترك العدو ورائه عشرات القتلى اغلبهم من المتطوعين العراقيين.
لن يصمدوا!!
في نفس صباح الأول من مايو هاجمت قوات عربيه موشاف راموت نفتالي في الجليل الأعلى وخاف يغئال الون بأن المدافعين عن الموشاف لن يصمدوا ولهذا السبب اصدر امرا الى موشيه كلمان لاعتقال اسرى في عين الزيتون بهدف تبديلهم بأفراد من موشاف راموت نفتالي في حال وقعوا في الأسر. ولكن رجال الموشاف صدوا الهجوم وبقي الأسرى من عين الزيتون في الحجز. الأولى التي تحدثت عن قتل الأسرى في عين الزيتون وكشاهدة عيان كانت نتيفا بن يهودا في كتابها " من وراء الروابط " الذي صدر في العام 1985 . ولكن نتيفا لم تذكر في كتاب مذكراتها اسماء الاشخاص الذين كتبت عنهم . كان افضل للمجتمع الاسرائيلي ان يتغاضى عن شهادات واضحه وصريحه عن مذبحة عين الزيتون.
تأنيب الضمير حتى اليوم
على ما يبدو كان هناك عدة اعمال قتل للاسرى في عين الزيتون ،في العام 1981 قال لي (للدكتور اوري ميلشطين) رووبين نيتسر القائد المسؤول عن احتلال القرية وعن القوات التي بقيت فيها بعد استسلامها : يزعجني تأنيب الضمير حتى اليوم !! فبعد احتلال القرية تبين ان الفلاحين بقوا في بيوتهم مع نسائهم واطفالهم ولم يهروبوا ،لقد جمعناهم خارج بيوتهم في مكانين وقلنا للزملاء الجنود بعدم اخذ الغنائم ، وبتجميع الغنائم ذات القيمة في المسجد، كنا هناك طوال اليوم ، تكلمنا مع العرب ولم نرى بهم أعداء. وقال لي موشيه كلمان على مسمع من الجنود : " خذ كل الشباب، أصعدهم الى الطابق الثاني في احد البيوت وفجر المبنى من الأسفل بمن عليه !!
يفتشون عن سفاحين
اجتمعنا بعض الجنود وقررنا الذهاب الى مقر القيادة في اعلى التلة فوق عين الزيتون حيث يتواجد كلمان لكي نقول له بأننا لن نقدم على عمل كهذا. عندما وصلنا اليه قال بان هذه الخطة ملغاة لان يغئال الون أصدر أمرا بأخذ أسرى كرهائن .قمت باختيار 30 شابا عربيا وربما أكثر. بعض الجنود أخذوهم وأيديهم مرتفعة الى معسكر في كنعان ..لم اعلم انى اخترتهم الى الموت !! انا قلت للشباب العرب ..أنت وأنت وأنت.. وهكذا،بعد ذلك قالت لي نتيفا بن يهودا انه تم قتلهم على منحدر جبل كنعان بأتجاه روش بينا!! وروى الجندي اهرون يوئيلي : وصل الى عين الزيتون ثلاثة رجال من صفد ،اقتادوا 23 عربيا وقالوا بان اولئك العرب قاموا بارتكاب عمليات قتل ،أغمضوا أعينهم ،جردوهم من ساعات اليد ووضعوها في جيوبهم ،قادوهم الى ما بعد التلة وهناك قتلوهم !! وهكذا تم انتقام يهود صفد.
فهمت بان ضباطنا يفتشون عن سفاحين ليقوموا بمثل هذة الأعمال.
لم يكن كل سكان صفد اتقياء..وحسب رأيي هذا لم يكن قتل اسرى .. انما قتل قاتلين عرب .
اما الباقي فقد طردوهم ذلك المساء باتجاه جبل الجرمق وخلال هربهم تم باطلاق النار عليهم.
رجال المخابرات
يتسحاق غولان جندي من الكتيبة الثالثة قال : " ثم احضار 30 من الاسرى الى كنعان للتحقيق معهم على يد رجال المخابرات من الهاجاناه.. بعد التحقيق جاءت المشكلة..،ماذا سنفعل بهم ؟ كلهم كانوا مقاتلين.. فقالوا لنا انقلوهم الى شرطة روش بينا. في الطريق حاولوا الفرارعندها اطلقوا النار عليهم. لم يكن هناك خيار كان الخطر ان يهربوا الى صفد ليخبروا هناك كم قليل عددنا وعتادنا .من الممكن انهم قتلوا مكبلين وفي صباح اليوم التالي ثم ارسال فرقة الى هناك لدفنهم.
نتيفا بن يهودا وصفت المذبحة كالتالي: عندما دخل الزملاء (القصد الجنود) الى القرية قاموا بتجميع من بدا لهم جنديا او ضابطا حقيقيا . ثم تم تكبيل ايديهم وارجلهم والقائهم الى الوادي العميق تحت عين الزيتون وعلى هذا الحال بقوا يومان. كل الوقت تردد السؤال ،ماذا سنفعل بهم...بعد ثلاثة ايام تبين انهم قتلى.. ولكن الجنديان التابعان للبلماح الذين قاموا بالقتل بامر من قاتد الكتيبة تركوا الجثث مكبلة اليدين والرجلين .كان هناك تخوف من ان اعين غريبة على وشك ان ترى ماذا يجري هنا مع اولئك الاسرى.
تسرب الى الخارج
فتش قائد الكتيبة عن اشخاص لا يخيفهم الدم وانتقاها هي (نتيفا بن يهودا) وقامت وحدة تحت امرتها بالنزول الى الوادي ففكت الاشرطة والحبال التي كانت الجثث مكبلة بها. نتيفا بن يهودا قالت انها هي من قامت بذلك. وعن ذلك قالت في كتابها : ربما كانت هذه اللحظة التي غيرت حياتي ..كان ذلك فظيعا !! اخفاء ذلك الحدث،لم يحد ولا حتى مرة واحدة بان شيئا قد تسرب الى الخارج.
بعد ثلاثين سنة تقريبا قال موشية كلمان: بعد احتلال عين الزيتون توجب علي احتلال صفد ولم يكن عندي الوقت للتعامل مع الاسرى .. لو اطلقت سراحهم كانوا بالتاكيد سينظمون الي المقاتلين العرب في صفد .
احتلال عين الزيتون
نائب قائد الكتيبة مائير درزدنر قال:انه تقدم مع جنوده باتجاه صفد بعد احتلال عين الزيتون ولم يعلم عن المذبحه. بعد عدة ايام وصلت اليه الاخبار.. لكنه كان منشغلا بالقتال في صفد دون توقف . درزدنر لم يتكلم ابدا مع كلمان حول هذا الموضوع.
في 6 مايو 1948 التقطت وحدة التنصت التابعة لجهاز المخابرات بمنظمة الهاجاناة في القدس مكالمة هاتفية بين ضابط الجيش البريطاني ماكميلان وبين ضابط الجيش في شمال البلاد طالبا من الاخير تقريرا عن المذبحة . كل هذه الشهادات تؤكد المذبحة التي حصلت في عين الزيتون والتي راح ضحيتها قرابة 100 من الاسرى الذين قتلوا بعد احتلال القرية على يد رجال الهاجاناة.
د.الياس ود.ميلشطين:مذبحة عين الزيتون اكثر قساوة من مذبحة دير ياسين
من: محاسن ناصر - مراسل موقع العرب وصحيفة كل العرب السبت, 22 كانون التاني 2011 17:43:18
الدكتور الياس سليمان يقول في كتابه:
توجب على موشيه كلمان قائد الكتيبة الثالثة التابعة للبلماح ان يخطط لاحتلال عين الزيتون وبيريا، وافق يغئال الون على هذه الخطة وتم تعيين يغئال الون مخططا لها على يد يغئال يدين
لم يحدد الون الوقت في اوامر العملية يوم 27 ابريل 1948 ،لكن كلمان فهم انه يتوجب عليه اتمامها في اقرب وقت ممكن ولم تهاجم الكتيبة الثالثة بيريا وعين الزيتون في 28 و 29 ابريل بسبب هطول الامطار الغزيرة
يتسحاق غولان جندي من الكتيبة الثالث:
تم احضار 30 من الاسرى الى كنعان للتحقيق معهم على يد رجال المخابرات من الهاجاناه.. بعد التحقيق جاءت المشكلة..،ماذا سنفعل بهم ؟ كلهم كانوا مقاتلين.. فقالوا لنا انقلوهم الى شرطة روش بينا
نائب قائد الكتيبة مائير درزدنر:
تقدمت مع جنودي بإتجاه صفد بعد احتلال عين الزيتون وبعد عدة ايام وصلت الاخبار.. لكني كان منشغلا بالقتال في صفد دون توقف
--------------------------------------------------------------------------------
الدكتور اوري ميلشطين هو باحت ومفكر ومؤرخ في التاريخ العسكري لدولة اسرائيل ومحلل لأحداث وقضايا التي حدثت في العام 1948 . والدكتور اوري اصدرعدة كتب باللغة العبرية ونظر عدة نظريات حول هذه المواضيع وقسم من هذه الأبحاث ترجم الى اللغه الانجليزيه. اللافت للنظر كتابه الصادر في اللغه العبريه في العام 2007 تحت عنوان " القصة الحقيقية لمذبحة دير ياسين" وفي الكتاب تحليل واضح وجرئ لاحداث دير ياسين مقارنة مع مذبحة عين الزيتون في العام 1948.
الدكتور الياس سليمان
يعتمد الكتاب علي المصادر الاوليه منها : ارشيف الهاجاناه ،ارشيف كيبوتس هبلماحيم ،كتب البلماح،ارشيف جيش الدفاع الاسرائيلي ومقابلات مع قادة عسكريين قادوا ،اشتركوا واداروا العمليات انذاك بالاضافة الى مصادر اخرى. وقد أوكل الدكتور اوري ميلشطين الى صديقه الدكتور الياس عفيف سليمان من قرية الجش مولدا من كفر برعم اصلا والمهجره في العام 1948 بان يفحص امكانية ترجمة الكتاب الى اللغة العربية ليتسني لناطقي الضاد اينما كانوا وحيثما حلوا وبالاخص مهجري عين الزيتون اينما وجدوا قرائة الكتاب ليقفوا عن كثب على الحقائق والوقائع تحديدا كما حدثت.
تاريخ الشرق الأوسط
الدكتورالياس عفيف سليمان مؤرخ وباحث في تاريخ الشرق الأوسط الحديث والمعاصر والذي يحمل اللقب الثالث من جامعة بار- ايلان ، صدر له كتابان في اللغة العربية، الاول عن الحروب الاهلية في لبنان بين الدروز والموارنة بين الاعوام 1840-1860، والثاني ، جمال عبد الناصر في يوميات ومذكرات دافيد بن غوريون وموشيه ديان- حرب السويس 1956-1957. بالاضافة الى عدة مقالات وابحاث علمية في الجرائد الرسمية.
وقد تبلورت لدى الدكتورالياس عفيف سليمان فكرة نشر عدة صفحات مترجمة من الكتاب تسرد قصة مذبحة عين الزيتون ،تلك القرية التي تقع شمال غرب صفد وتبعد عنها قرابة 2 كم والتى سكن بها قرابة 800 شخص من العرب المسلمين عشية الحرب في العام 1948 ما تبقى من ملامح تلك القرية العربية الفلسطينية اليوم هو الجامع.. المقبرة.. والذكري.
مجزرة دير ياسين
الدكتور الياس سليمان يقول في كتابه الحديث والذي يعتمد به على ما جاء في بحث الباحث ومفكر ومؤرخ في التاريخ العسكري لدولة اسرائيل الدكتور اوري ميلشطين ان ما جرى في عين الزيتون يفوق ما حصل في مجزرة دير ياسين!! لكن حتى اليوم احد لم يقم ببحث ما حصل في هذه القرية عام 48. وما حصل يقول الدكتورالياس عفيف سليمان كما جاء في كتابه:
قوات يهودية ضئيلة
لقد احاط بالحي اليهودي بمدينة صفد من الشرق والغرب والجنوب احياء عربية. ومن شمال صفد وعلى بعد 2 كم كان هناك قريتان عربيتان ،عين الزيتون وبيريا،(قرابة 300 نسمة) هاتان القريتان تحكموا في المدخل- طريق المواصلات العام– للحي اليهودي رغم ذلك استطاعت قوات يهودية ضئيلة ان تتسلل ليلا لكي تهاجم الاحياء العربية من داخل الحي اليهودي ،لهذا توجب على موشيه كلمان قائد الكتيبة الثالثة التابعة للبلماح ان يخطط لاحتلال عين الزيتون وبيريا، وافق يغئال الون على هذه الخطة وتم تعيين يغئال الون مخططا لها على يد يغئال يدين.
لم يحدد الون الوقت في اوامر العملية يوم 27 ابريل 1948 ،لكن كلمان فهم انه يتوجب عليه اتمامها في اقرب وقت ممكن ولم تهاجم الكتيبة الثالثة بيريا وعين الزيتون في 28 و 29 ابريل بسبب هطول الامطار الغزيرة،وتخوف كلمان من انزلاق جنوده على الصخور ابان الهجوم على القرية.
الهجوم في نفس الليلة
في 29 ابريل ورد تقرير في يوميات عين - غيب جاء فيه : "تأجلت العملية مرة اخرى بسبب حالة الطقس الشتوي والبرد المفاجئ ". فقام الون بإرسال مولا كوهين ( ضابط العمليات) ليشجع كلمان ويدفعه الى الهجوم . وقال الاخير اننا ننتظر توقف هطول المطر الذي سياتي عما قريب لاننا في اواخر ابريل .لم يقتنع كوهين وطلب من كلمان الهجوم في نفس الليلة لكن كلمان بقى على موقفه وقال: " قصة النبي يوشع لن تعود" ،فقام كوهين باقصاء كلمان عن منصبه بسبب رفضه تنفيذ الاوامر العسكرية وتعيين نائبه مئير درزدنر مكانه.
كان موقف كلمان في الكتيبة الثالثة اقوى من موقف كوهين،ورفض درزدنر تعيينه مكان قائده كلمان، ورفض الضابط نتسير قائد الوحدة ذلك القرار أيضا. فلم يكن امام كوهين الا ان يتراجع عن قراره معللا ذلك بانه لم يتكلم بجدية وعاد الى روش بينا (الجاعونة).
تحركت الكتيبة
في 30 ابريل توقف المطر، مع حلول الظلام تحركت الكتيبة المكونة من وحدتان عسكريتان وفرقة مساعدة الى عين الزيتون، وروى كلمان لاحقا: " كانت المسافة قرابة 2 كم وقام ضابط المخابرات ارييه غال بتوجيه وحدة الدوريات وانا سرت خلفهم وورائي ساروا في طابورين وحدة الضابط رووبين نيتسر ووحدة الضابط شموئيل كتبان . بعد ساعة قال لي غال وصلنا الى الهدف ، فتقدمت ووجدت اننا لم نصل الى عين الزيتون انما لبيريا،عدنا ادراجنا ،وانا شخصيا قدت الكتيبة الى الهدف. في الساعة الثالثة من صباح يوم الاول من مايو 1948 وصلت الكتيبة الى التلة فوق عين الزيتون.
وقال نيتسر: " تقدمنا ،قائد الوحدة ابراهام ليخط وانا باتجاة القرية ،حددنا طرق الانقضاض والتحكم. وكان القمر بدرا وسمعنا صوت: مين هاذا؟ لم نجب.. وعدنا الى مكان التنظيم .وابتدا اطلاق النار من الرشاشات المتوسطة وقمنا نحن بالهجوم ،لم تكن هناك مقاومة ،اعتقدنا بان القرية خالية،فقد هرب المقاتلون العرب واغلبية السكان بقيت في بيوتها.
الدكتور اوري ميلشطين
وروى اليعيزر ( لديس ) كوهين جندي في وحدة الضابط نيتسر وقال :" انفجرت القنابل وقت الانقضاض مما ادى الى اصابة فصيلة كاملة، وكان ممن اصيب بجراح قائد الفصيلة موشية عزرا الذي رقد على الارض وصرخ قائلا: "عربيات القوا علينا القنابل " ..ووقع جدال هل نطلق النار على العربيات..واصدر الضابط نيتسر اوامره بعدم اطلاق النار.
وروى الجندي اهارون يوئيلي وقال: " حسب رايي من القى القنابل هم رجالنا،واصبنا، وعندما هاجمنا القرية هطل المطر مرة اخرى ،كان صعبا جدا. مردخاي بن سولومون مات متاثرا بجراحه
الضابط موشيه غرين وسبعة من مساعديه ،مهاجرين من اليونان ،اعضاء كيبوتس افيكيم ،اغلقوا الطريق بين بيريا وعين الزيتون، وانتشروا على التله المحاذية للشارع لمنع ارسال مساعدات من بيريا الى عين الزيتون. قام بعض العرب باطلاق النار على رجال الحاجز من اتجاه شرطة كنعان.
تحصين عربي امامي
وقال غرين: " كانت المسافة بيننا وبين بيريا بعض مئات الامتار،كنا في وسط النار ، امرت جنودي بالتقدم الى القرية واحتلال البيوت التى تقع علي اطرافها والتحصن بها ،ركضنا حتى وصلنا الى القرية واطلقنا الرصاص كالمطر وهرب السكان .. نحن ثمانية اشخاص احتلينا القرية. واستنادا الى اقوال موشيه كلمان : " واجه نيتسر تحصين عربي امامي في عين الزيتون ،وصرخت الى ضابط الدعم يوسف بولبوس بان يطلق النار. اطلقنا قذيفة ، سمعنا ضجة غريبة ، مر الوقت وبزغ الفجر ،سمعنا طلقات نارية ،وراينا ان العديد من سكان صفد اليهود قد جلسوا على المنحدر وشاهدوا ما حصل ومعهم جلس جنود من الوحدة التي قادها العاد بيليد والتى تواجدت في صفد .
التصفيق شجع المقاتلين
لقد صفقوا وهتفوا بعد كل قذيفة كانت تسقط على عين الزيتون، التصفيق شجع المقاتلين ..تفاجأت وفهمت بان المعلومة السرية عن موعد الهجوم والتي ارسلتها ببرقية الى بيليد بصفد وصلت الى السكان أيضا وربما الى العرب ..تم أطلاق خمسة قذائف ،لم يصلوا الى عين الزيتون ولم يحدثوا ضررا ملموسا ، كان لهذه القذائف تأثيرا نفسيا كبيرا، احتلينا القرية دون مقاومة تقريبا.
بعد بزوغ الفجر،رأيت أن مقر القيادة التابع لي واقع تحت خط النار من بيريا وكذلك حال الوحدة المساعدة. موشيه غرين وفرقته احتلت بيريا،تم فتح الطريق العام الى الحي اليهودي في صفد . أرسلنا الى هناك شباب من صفد مع مؤن لتسليمها الى الكتيبة التي ستصل الى هناك .أمرت بتفجير كل البيوت في عين الزيتون وبيريا، وباطلاق قذيفة كل ساعة باتجاه الأحياء العربية في صفد و تم تنفيذ اوامري حرفيا.
النساء والمسنين
من عين الزيتون طردنا الاولاد ،النساء والمسنين ،هم سردوا ما حصل، وهكذا تبلورت الخطوة التالية، وهي احتلال صفد. يستشف من يوميات عين غيف المكتوبة في الأول من شهر مايو :" كل اليوم انفجارات من جهة عين الزيتون ..دخان وحرائق.. وخلال النهار أتوا الأصدقاء مع الغنائم ، ماعز، أبقار، خيل وحمير.
وكتبت نتيفا بن يهودا:" كانت هناك اخبار دارت حول سرقات كبيره ومختلفة على يد ضباط كبار مثلا كل النقود الذهبيه التي وجدت في عين الزيتون في ارضية بيت احد المواطنين الذين هربوا أخذت على يد قيادة الكتيبه في نفس ألليله . وحتى خلال العوده من عين الزيتون الى كنعان كان الذهب في الصناديق المحمله على حمالات القذائف ، وعند الوصول الى كنعان كانت هذه الصناديق فارغه !!
قياده البلماح
وفي الأول من مايو من العام 1948 وفي الساعه 11:30 قبل الظهر قدم قائد العمليه يغئال الون تقريرا الى قياده البلماح مفاده بأنه تم القاء القبض على 100 أسير بعين الزيتون. في 11 مايو نشرت جريدة " عال هامشمار" خبرا مفاده: " 50 من رجال العصابات قتلوا في معارك بيريا وعين الزيتون!! وفي المقال الذي نشر بعد خمسين يوما من الاحداث، أي في 20 مايو على يد منظمة الهاجاناه في جريدة " بماحانه " جاء فيه:اكثر من 100 شخص من سكان عين الزيتون قتلوا ابان احتلال القريه!! وكتب يغئال الون في كتاب البلماح: ترك العدو ورائه عشرات القتلى اغلبهم من المتطوعين العراقيين.
لن يصمدوا!!
في نفس صباح الأول من مايو هاجمت قوات عربيه موشاف راموت نفتالي في الجليل الأعلى وخاف يغئال الون بأن المدافعين عن الموشاف لن يصمدوا ولهذا السبب اصدر امرا الى موشيه كلمان لاعتقال اسرى في عين الزيتون بهدف تبديلهم بأفراد من موشاف راموت نفتالي في حال وقعوا في الأسر. ولكن رجال الموشاف صدوا الهجوم وبقي الأسرى من عين الزيتون في الحجز. الأولى التي تحدثت عن قتل الأسرى في عين الزيتون وكشاهدة عيان كانت نتيفا بن يهودا في كتابها " من وراء الروابط " الذي صدر في العام 1985 . ولكن نتيفا لم تذكر في كتاب مذكراتها اسماء الاشخاص الذين كتبت عنهم . كان افضل للمجتمع الاسرائيلي ان يتغاضى عن شهادات واضحه وصريحه عن مذبحة عين الزيتون.
تأنيب الضمير حتى اليوم
على ما يبدو كان هناك عدة اعمال قتل للاسرى في عين الزيتون ،في العام 1981 قال لي (للدكتور اوري ميلشطين) رووبين نيتسر القائد المسؤول عن احتلال القرية وعن القوات التي بقيت فيها بعد استسلامها : يزعجني تأنيب الضمير حتى اليوم !! فبعد احتلال القرية تبين ان الفلاحين بقوا في بيوتهم مع نسائهم واطفالهم ولم يهروبوا ،لقد جمعناهم خارج بيوتهم في مكانين وقلنا للزملاء الجنود بعدم اخذ الغنائم ، وبتجميع الغنائم ذات القيمة في المسجد، كنا هناك طوال اليوم ، تكلمنا مع العرب ولم نرى بهم أعداء. وقال لي موشيه كلمان على مسمع من الجنود : " خذ كل الشباب، أصعدهم الى الطابق الثاني في احد البيوت وفجر المبنى من الأسفل بمن عليه !!
يفتشون عن سفاحين
اجتمعنا بعض الجنود وقررنا الذهاب الى مقر القيادة في اعلى التلة فوق عين الزيتون حيث يتواجد كلمان لكي نقول له بأننا لن نقدم على عمل كهذا. عندما وصلنا اليه قال بان هذه الخطة ملغاة لان يغئال الون أصدر أمرا بأخذ أسرى كرهائن .قمت باختيار 30 شابا عربيا وربما أكثر. بعض الجنود أخذوهم وأيديهم مرتفعة الى معسكر في كنعان ..لم اعلم انى اخترتهم الى الموت !! انا قلت للشباب العرب ..أنت وأنت وأنت.. وهكذا،بعد ذلك قالت لي نتيفا بن يهودا انه تم قتلهم على منحدر جبل كنعان بأتجاه روش بينا!! وروى الجندي اهرون يوئيلي : وصل الى عين الزيتون ثلاثة رجال من صفد ،اقتادوا 23 عربيا وقالوا بان اولئك العرب قاموا بارتكاب عمليات قتل ،أغمضوا أعينهم ،جردوهم من ساعات اليد ووضعوها في جيوبهم ،قادوهم الى ما بعد التلة وهناك قتلوهم !! وهكذا تم انتقام يهود صفد.
فهمت بان ضباطنا يفتشون عن سفاحين ليقوموا بمثل هذة الأعمال.
لم يكن كل سكان صفد اتقياء..وحسب رأيي هذا لم يكن قتل اسرى .. انما قتل قاتلين عرب .
اما الباقي فقد طردوهم ذلك المساء باتجاه جبل الجرمق وخلال هربهم تم باطلاق النار عليهم.
رجال المخابرات
يتسحاق غولان جندي من الكتيبة الثالثة قال : " ثم احضار 30 من الاسرى الى كنعان للتحقيق معهم على يد رجال المخابرات من الهاجاناه.. بعد التحقيق جاءت المشكلة..،ماذا سنفعل بهم ؟ كلهم كانوا مقاتلين.. فقالوا لنا انقلوهم الى شرطة روش بينا. في الطريق حاولوا الفرارعندها اطلقوا النار عليهم. لم يكن هناك خيار كان الخطر ان يهربوا الى صفد ليخبروا هناك كم قليل عددنا وعتادنا .من الممكن انهم قتلوا مكبلين وفي صباح اليوم التالي ثم ارسال فرقة الى هناك لدفنهم.
نتيفا بن يهودا وصفت المذبحة كالتالي: عندما دخل الزملاء (القصد الجنود) الى القرية قاموا بتجميع من بدا لهم جنديا او ضابطا حقيقيا . ثم تم تكبيل ايديهم وارجلهم والقائهم الى الوادي العميق تحت عين الزيتون وعلى هذا الحال بقوا يومان. كل الوقت تردد السؤال ،ماذا سنفعل بهم...بعد ثلاثة ايام تبين انهم قتلى.. ولكن الجنديان التابعان للبلماح الذين قاموا بالقتل بامر من قاتد الكتيبة تركوا الجثث مكبلة اليدين والرجلين .كان هناك تخوف من ان اعين غريبة على وشك ان ترى ماذا يجري هنا مع اولئك الاسرى.
تسرب الى الخارج
فتش قائد الكتيبة عن اشخاص لا يخيفهم الدم وانتقاها هي (نتيفا بن يهودا) وقامت وحدة تحت امرتها بالنزول الى الوادي ففكت الاشرطة والحبال التي كانت الجثث مكبلة بها. نتيفا بن يهودا قالت انها هي من قامت بذلك. وعن ذلك قالت في كتابها : ربما كانت هذه اللحظة التي غيرت حياتي ..كان ذلك فظيعا !! اخفاء ذلك الحدث،لم يحد ولا حتى مرة واحدة بان شيئا قد تسرب الى الخارج.
بعد ثلاثين سنة تقريبا قال موشية كلمان: بعد احتلال عين الزيتون توجب علي احتلال صفد ولم يكن عندي الوقت للتعامل مع الاسرى .. لو اطلقت سراحهم كانوا بالتاكيد سينظمون الي المقاتلين العرب في صفد .
احتلال عين الزيتون
نائب قائد الكتيبة مائير درزدنر قال:انه تقدم مع جنوده باتجاه صفد بعد احتلال عين الزيتون ولم يعلم عن المذبحه. بعد عدة ايام وصلت اليه الاخبار.. لكنه كان منشغلا بالقتال في صفد دون توقف . درزدنر لم يتكلم ابدا مع كلمان حول هذا الموضوع.
في 6 مايو 1948 التقطت وحدة التنصت التابعة لجهاز المخابرات بمنظمة الهاجاناة في القدس مكالمة هاتفية بين ضابط الجيش البريطاني ماكميلان وبين ضابط الجيش في شمال البلاد طالبا من الاخير تقريرا عن المذبحة . كل هذه الشهادات تؤكد المذبحة التي حصلت في عين الزيتون والتي راح ضحيتها قرابة 100 من الاسرى الذين قتلوا بعد احتلال القرية على يد رجال الهاجاناة.
العاملة الاجتماعية رغدة النابلسي:متوسط عمر العربيات 78.8مقابل 82.9 لليهوديات
العاملة الاجتماعية رغدة النابلسي:متوسط عمر العربيات 78.8مقابل 82.9 لليهوديات
العاملة الاجتماعية رغدة النابلسي:متوسط عمر العربيات 78.8مقابل 82.9 لليهوديات
كتبت: حنان حبيب الله- موقع العرب وصحيفة كل العرب- الناصرة الخميس, 02 كانون الاول 2010 15:57:10
العاملة الاجتماعية رغدة النابلسي:من بين كل 1000 امرأة عربية هنالك 80 امرأة مصابة بأمراض مزمنة23.2 من بين كل 1000 امرأة لديها إعاقة صحية في السمع والنطق، إعاقة عقلية أو إعاقة في الحركةمتوسط عمر النساء العربيات هو 78.8 مقابل 82.9 متوسط عمر النساء اليهوديات في البلادعدد الولادات الأخيرة في البلاد بلغ نحو 143.913 ولادة، 38.801 منهم عدد الولادات لنساء عربيات في البلاد وهو معدل 27% من جميع الولادات105.112 هو عدد ولادات لنساء عربيات بينما وبالمقابل بلغ عدد الولادات للنساء اليهوديات 2.666 فقط2.666 أطفال ولدوا للأمهات شابات في جيل 19 من بين الولادات 148 طفل ولد لنساء يبلغن 16 عاما فقط أو أقل من ذلك !!معدل سوء صحة المرأة العربية هو 27.8% أعلى من معدل سوء صحة المرأة اليهودية في البلاد والذي بلغ فقط 22.7%
--------------------------------------------------------------------------------
لاول مرة في اسرائيل ،مجموعة نساء فلسطينيات ويهوديات يقمن بتنظيم أنفسهن من أجل العمل والتطوع لوضع حد لعدم المعرفة والإدراك فيما يحصل حول كل ما يتعلق بصحة وجسد وجنسانية ورفاهية المرأة من خلال إصدار أول لكتاب جديد يختص بصحة النساء وأجسامهن وجنسانيتهن، ويعكس الواقع اليومي المتعلق بصحة النساء في البلاد.
عندما نتحدث عن صحة النساء والنهوض بصحتهن نقوم بذلك بالتحدث عن حق أساسي من قضايا حقوق الإنسان، بما في ذلك زيادة وعي النساء والفتيات لحقوقهن، مسؤولياتهن وبمعرفتهن حول أجسامهن وصحتهن وجنسانيتهن ورفاهيتهن. وفي أعقاب المعطيات المقلقة حول صحة النساء في البلاد قمنا بمقابلة رغدة النابلسي وهي عاملة اجتماعية وخريجة لقب ثان بالخدمة الاجتماعية بموضوع النساء والجندر في جامعة تل أبيب. تعمل على رسالة الدكتوراة في الخدمة الاجتماعية بالجامعة العبرية، خريجة توجيه مجموعات في جامعة تل أبيب ومدرّسة واحة السلام. مؤهلة بالتربية الجنسية للفرد وللعائلة على يد الجمعية لتخطيط الفرد والعائلة والمنتدى العربي لجنسانية الفرد والأسرة. رغدة النابلسي مديرة مشاريع جمعية "المرأة وكيانها" في المجتمع العربي تتحدث عن العمل المشترك بين نساء فلسطينيات ويهوديات نتيجة استياء من المعطيات المقلقة التي وردت حول ما يتعلق بصحة النساء في البلاد.
واقع النساء الفلسطينيات في إسرائيل
وتقول رغدة في لقاء معها:"لقد عملنا جاهدا على إصدار كتابين باللغة العربية والعبرية يعكسان الواقع اليومي المتعلق بصحة النساء في البلاد، يتميز الكتاب باللغة العربية بطرحه لمضامين ملائمة للثقافة والواقع الفلسطيني وبطرح رؤية نسويه- نقدية لصحة المرأة العربية في إسرائيل.
عندما نتحدث عن صحة النساء والنهوض بصحتهن نقوم بذلك بالتحدث عن حق أساسي من قضايا حقوق الإنسان، بما في ذلك زيادة وعي النساء والفتيات لحقوقهن، مسئولياتهن وبمعرفتهن حول أجسامهن وصحتهن وجنسانيتهن. سعيا لتحسين قدرة النساء على استعمال الخدمات الصحية بشكل حكيم. ولزيادة الوعي لدى العاملين والعاملات في مجال الصحة، الفتيات والنساء ومن خلال رؤية شمولية تكاملية ترتكز على خصوصية لصحة النساء في البلاد تأسست جمعية "المرأة وكيانها"، وذلك في أعقاب المعطيات المقلقة حول الوضع الصحي للنساء في إسرائيل وإدراك غياب الموارد المعرفية التي تتيح للنساء معرفة أجسادهن، جنسانيتهن وصحتهن ورفاهيتهن وحقوقهن، من خلال رؤية نسويه ممكنة.المرأة وكيانها هو تنظيم نسوي الذي تأسس عام 2005 يعتمد على الدفع قدماً بهدف التغيير الاجتماعي والمجتمعي بما يخص تصور النساء لأجسامهن، ونظرة المجتمع والمؤسسات الطبية لجسم المرأة وصحتها ورفاهيتها.
وتابعت رغدة:"تكمن الجمعية بتسليط الضوء على واقع النساء الفلسطينيات في إسرائيل في مواضيع مختلفة مثل:الصحة الجسدية، الصحة النفسية، الصحة المهنية والبيئية، الإدمان على مواد مختلفة، العنف ضد النساء، جوانب خاصة فيما يتعلق بأمراض النساء العامة، علاجات الخصوبة، الحقوق الخاصة بجهاز الصحة، فحوصات طبية وأبحاث وغيرها من الأمور التي تهم المرأة وصحتها، من اجل محاولة تقليص فجوة عدم المعرفة ورفع الوعي ولخلق موقف واع أمام الجهاز الطبي.
جمعية المرأة وكيانها:
تتألف الجمعية من نساء فلسطينيات ويهوديات من مختلف الأجيال، المناطق، القطاعات والانتماءات الثقافية، الدينية والمهنية اللواتي يقدن عملية تغيير شاملة في مفاهيم الصحة، الجسد والجنسانية لدى النساء الفلسطينيات واليهوديات في إسرائيل،جميعهن يعملن من أجل النهوض بصحة النساء في البلاد.
تقوم مؤخرا جمعية المرأة وكيانها بإصدار ونشر مواد تثقيفية شاملة في مواضيع صحة المرأة المختلفة، من خلال تأليف ونشر كتابين شاملين باللغتين العبرية والعربية يتناولان مواضيع متنوعة تتعلق بصحة, جسم وجنسانية النساء, على أن يُصاغ الكتابان بشكل واضح وسلس القراءة وسوف يتم نشر الكتابين في بداية عام 2011.يحوي الكتابان معلومات في مجالات الطب التقليدي والمكمّل، وعلى مقاطع من مقابلات وقصص تطرح صوت وتجارب النساء اليهوديات والفلسطينيات في إسرائيل بما فيه الجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المتعلقة بالصحة.
العاملة الاجتماعية رغدة النابلسي:متوسط عمر العربيات 78.8مقابل 82.9 لليهوديات
كتبت: حنان حبيب الله- موقع العرب وصحيفة كل العرب- الناصرة الخميس, 02 كانون الاول 2010 15:57:10
العاملة الاجتماعية رغدة النابلسي:من بين كل 1000 امرأة عربية هنالك 80 امرأة مصابة بأمراض مزمنة23.2 من بين كل 1000 امرأة لديها إعاقة صحية في السمع والنطق، إعاقة عقلية أو إعاقة في الحركةمتوسط عمر النساء العربيات هو 78.8 مقابل 82.9 متوسط عمر النساء اليهوديات في البلادعدد الولادات الأخيرة في البلاد بلغ نحو 143.913 ولادة، 38.801 منهم عدد الولادات لنساء عربيات في البلاد وهو معدل 27% من جميع الولادات105.112 هو عدد ولادات لنساء عربيات بينما وبالمقابل بلغ عدد الولادات للنساء اليهوديات 2.666 فقط2.666 أطفال ولدوا للأمهات شابات في جيل 19 من بين الولادات 148 طفل ولد لنساء يبلغن 16 عاما فقط أو أقل من ذلك !!معدل سوء صحة المرأة العربية هو 27.8% أعلى من معدل سوء صحة المرأة اليهودية في البلاد والذي بلغ فقط 22.7%
--------------------------------------------------------------------------------
لاول مرة في اسرائيل ،مجموعة نساء فلسطينيات ويهوديات يقمن بتنظيم أنفسهن من أجل العمل والتطوع لوضع حد لعدم المعرفة والإدراك فيما يحصل حول كل ما يتعلق بصحة وجسد وجنسانية ورفاهية المرأة من خلال إصدار أول لكتاب جديد يختص بصحة النساء وأجسامهن وجنسانيتهن، ويعكس الواقع اليومي المتعلق بصحة النساء في البلاد.
عندما نتحدث عن صحة النساء والنهوض بصحتهن نقوم بذلك بالتحدث عن حق أساسي من قضايا حقوق الإنسان، بما في ذلك زيادة وعي النساء والفتيات لحقوقهن، مسؤولياتهن وبمعرفتهن حول أجسامهن وصحتهن وجنسانيتهن ورفاهيتهن. وفي أعقاب المعطيات المقلقة حول صحة النساء في البلاد قمنا بمقابلة رغدة النابلسي وهي عاملة اجتماعية وخريجة لقب ثان بالخدمة الاجتماعية بموضوع النساء والجندر في جامعة تل أبيب. تعمل على رسالة الدكتوراة في الخدمة الاجتماعية بالجامعة العبرية، خريجة توجيه مجموعات في جامعة تل أبيب ومدرّسة واحة السلام. مؤهلة بالتربية الجنسية للفرد وللعائلة على يد الجمعية لتخطيط الفرد والعائلة والمنتدى العربي لجنسانية الفرد والأسرة. رغدة النابلسي مديرة مشاريع جمعية "المرأة وكيانها" في المجتمع العربي تتحدث عن العمل المشترك بين نساء فلسطينيات ويهوديات نتيجة استياء من المعطيات المقلقة التي وردت حول ما يتعلق بصحة النساء في البلاد.
واقع النساء الفلسطينيات في إسرائيل
وتقول رغدة في لقاء معها:"لقد عملنا جاهدا على إصدار كتابين باللغة العربية والعبرية يعكسان الواقع اليومي المتعلق بصحة النساء في البلاد، يتميز الكتاب باللغة العربية بطرحه لمضامين ملائمة للثقافة والواقع الفلسطيني وبطرح رؤية نسويه- نقدية لصحة المرأة العربية في إسرائيل.
عندما نتحدث عن صحة النساء والنهوض بصحتهن نقوم بذلك بالتحدث عن حق أساسي من قضايا حقوق الإنسان، بما في ذلك زيادة وعي النساء والفتيات لحقوقهن، مسئولياتهن وبمعرفتهن حول أجسامهن وصحتهن وجنسانيتهن. سعيا لتحسين قدرة النساء على استعمال الخدمات الصحية بشكل حكيم. ولزيادة الوعي لدى العاملين والعاملات في مجال الصحة، الفتيات والنساء ومن خلال رؤية شمولية تكاملية ترتكز على خصوصية لصحة النساء في البلاد تأسست جمعية "المرأة وكيانها"، وذلك في أعقاب المعطيات المقلقة حول الوضع الصحي للنساء في إسرائيل وإدراك غياب الموارد المعرفية التي تتيح للنساء معرفة أجسادهن، جنسانيتهن وصحتهن ورفاهيتهن وحقوقهن، من خلال رؤية نسويه ممكنة.المرأة وكيانها هو تنظيم نسوي الذي تأسس عام 2005 يعتمد على الدفع قدماً بهدف التغيير الاجتماعي والمجتمعي بما يخص تصور النساء لأجسامهن، ونظرة المجتمع والمؤسسات الطبية لجسم المرأة وصحتها ورفاهيتها.
وتابعت رغدة:"تكمن الجمعية بتسليط الضوء على واقع النساء الفلسطينيات في إسرائيل في مواضيع مختلفة مثل:الصحة الجسدية، الصحة النفسية، الصحة المهنية والبيئية، الإدمان على مواد مختلفة، العنف ضد النساء، جوانب خاصة فيما يتعلق بأمراض النساء العامة، علاجات الخصوبة، الحقوق الخاصة بجهاز الصحة، فحوصات طبية وأبحاث وغيرها من الأمور التي تهم المرأة وصحتها، من اجل محاولة تقليص فجوة عدم المعرفة ورفع الوعي ولخلق موقف واع أمام الجهاز الطبي.
جمعية المرأة وكيانها:
تتألف الجمعية من نساء فلسطينيات ويهوديات من مختلف الأجيال، المناطق، القطاعات والانتماءات الثقافية، الدينية والمهنية اللواتي يقدن عملية تغيير شاملة في مفاهيم الصحة، الجسد والجنسانية لدى النساء الفلسطينيات واليهوديات في إسرائيل،جميعهن يعملن من أجل النهوض بصحة النساء في البلاد.
تقوم مؤخرا جمعية المرأة وكيانها بإصدار ونشر مواد تثقيفية شاملة في مواضيع صحة المرأة المختلفة، من خلال تأليف ونشر كتابين شاملين باللغتين العبرية والعربية يتناولان مواضيع متنوعة تتعلق بصحة, جسم وجنسانية النساء, على أن يُصاغ الكتابان بشكل واضح وسلس القراءة وسوف يتم نشر الكتابين في بداية عام 2011.يحوي الكتابان معلومات في مجالات الطب التقليدي والمكمّل، وعلى مقاطع من مقابلات وقصص تطرح صوت وتجارب النساء اليهوديات والفلسطينيات في إسرائيل بما فيه الجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المتعلقة بالصحة.
سيلفان شالوم: الحكومة الإيرانية في لبنان تشكل خطرا حقيقيا وتجعلنا متيقظين
سيلفان شالوم: الحكومة الإيرانية في لبنان تشكل خطرا حقيقيا وتجعلنا متيقظين
سيلفان شالوم: الحكومة الإيرانية في لبنان تشكل خطرا حقيقيا وتجعلنا متيقظين
موقع العرب وصحيفة كل العرب- الناصرة السبت, 22 كانون التاني 2011 15:59:45 سيلفان شالوم:الحديث لا يدور بعد عن منظمة إرهابية تعمل تحت غطاء إيراني وبدعم كامل منه وإنما عن حكومة ذات سيادة مطلقة الحديث يدور عن تطورات خطيرة ستلزم إسرائيل تتبع الأوضاع وسنكون على استعداد لكل التطورالت المستقبلية
--------------------------------------------------------------------------------
قال الوزير سيلفان شالوم نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن قرار الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط الإتفاق مع حزب الله وسورية لإقامة حكومة جديدة إنما يشكل خطرا حقيقيا لإقامة حكومة إيرانية على الحدود الشمالية مع إسرائيل على حد تعبيره.
وقال سيلفان شالوم في مجمل أقواله اليوم في خلال تواجده في مدينة القدس: "إن الحديث لا يدور بعد عن منظمة إرهابية تعمل تحت غطاء إيراني وبدعم كامل منه وإنما عن حكومة ذات سيادة مطلقة. وشدد شالوم: ما من شك أن الحديث يدور عن تطورات خطيرة ستلزم إسرائيل تتبع الأوضاع. وختم قائلا: سنكون على استعداد لكل التطورالت المستقبلية.
جنبلاط يحسم القضة اللبنانية
وحسم وليد جنبلاط زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي التاريخ في لبنان في اصعب منعطفاته وذلك باعلان وقوفه الى جانب "المقاومة وسوريا" معربا عن امله في ان تأخذ اللعبة الديمقراطية مسارها بعيدا عن الاصطفافات والمسارات المذهبية مؤكدا تمسكه بالحوار والاحتكام للمؤسسات الدستورية،ونبه جنبلاط من الممارسات الكيدية التي تتسبب في الانقسامات المدمرة.
سيلفان شالوم: الحكومة الإيرانية في لبنان تشكل خطرا حقيقيا وتجعلنا متيقظين
موقع العرب وصحيفة كل العرب- الناصرة السبت, 22 كانون التاني 2011 15:59:45 سيلفان شالوم:الحديث لا يدور بعد عن منظمة إرهابية تعمل تحت غطاء إيراني وبدعم كامل منه وإنما عن حكومة ذات سيادة مطلقة الحديث يدور عن تطورات خطيرة ستلزم إسرائيل تتبع الأوضاع وسنكون على استعداد لكل التطورالت المستقبلية
--------------------------------------------------------------------------------
قال الوزير سيلفان شالوم نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن قرار الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط الإتفاق مع حزب الله وسورية لإقامة حكومة جديدة إنما يشكل خطرا حقيقيا لإقامة حكومة إيرانية على الحدود الشمالية مع إسرائيل على حد تعبيره.
وقال سيلفان شالوم في مجمل أقواله اليوم في خلال تواجده في مدينة القدس: "إن الحديث لا يدور بعد عن منظمة إرهابية تعمل تحت غطاء إيراني وبدعم كامل منه وإنما عن حكومة ذات سيادة مطلقة. وشدد شالوم: ما من شك أن الحديث يدور عن تطورات خطيرة ستلزم إسرائيل تتبع الأوضاع. وختم قائلا: سنكون على استعداد لكل التطورالت المستقبلية.
جنبلاط يحسم القضة اللبنانية
وحسم وليد جنبلاط زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي التاريخ في لبنان في اصعب منعطفاته وذلك باعلان وقوفه الى جانب "المقاومة وسوريا" معربا عن امله في ان تأخذ اللعبة الديمقراطية مسارها بعيدا عن الاصطفافات والمسارات المذهبية مؤكدا تمسكه بالحوار والاحتكام للمؤسسات الدستورية،ونبه جنبلاط من الممارسات الكيدية التي تتسبب في الانقسامات المدمرة.
الجمعة، 21 يناير 2011
Dar Al Hayat - مصر: احتدام الخلافات بين الأزهر والفاتيكان
مصر: احتدام الخلافات بين الأزهر والفاتيكان
الجمعة, 21 يناير 2011
القاهرة - «الحياة»
قرر مجمع البحوث الإسلامية في مؤسسة الأزهر تجميد الحوار بين الأزهر والفاتيكان إلى أجل غير مسمى. وهو القرار الذي أظهر احتدام الخلافات بين المؤسسة الدينية في مصر والفاتيكان.
وأرجع المجمع، في بيان عقب اجتماع عُقِد أمس برئاسة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، القرار إلى «تكرار التعرض للإسلام في شكل سلبي» من الفاتيكان.
وأوضح بيان للأمين العام للمجمع الشيخ علي عبدالدايم أن «قرار التجميد يأتي لتكرار ما صدر من بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر أكثر من مرة من تعرضه للإسلام في شكل سلبي، ومن دعوته (في خصوص المزاعم عن) اضطهاد المسلمين للآخرين الذين يعيشون معهم في الشرق الأوسط؛ ولذا فقد قرر الأزهر تجميد الحوار مع الفاتيكان».
يذكر أن بالأزهر لجنة للحوار مع الفاتيكان تعقد اجتماعها مرتين سنوياً لاستعراض كل ما يتعلق بالتعاون بين الجانبين.
لكن وكالة «فرانس برس» أشارت أمس إلى أن الفاتيكان أكد رغبته في مواصلة «الحوار» مع الأزهر. وقال الناطق باسم الفاتيكان الأب فيديريكو لومباردي للصحافيين: «مهما حصل، فإن نهج الانفتاح والرغبة في الحوار لدى المجلس المسكوني للحوار لم يتبدلا». وأضاف أن «المجلس المسكوني للحوار بين الأديان يقوم بتجميع المعلومات الضرورية ليفهم الوضع في شكل جيد».
على صعيد آخر، أرجأت محكمة مصرية أمس إلى 24 شباط (فبراير) المقبل النظر في محاكمة ثمانية نشطاء نسبت إليهم السلطات تهمة «تأجيج الفتنة الطائفية» على خلفية مشاركتهم في تظاهرات احتجاجية اندلعت في أعقاب الاعتداء الانتحاري الذي استهدف كنيسة القديسين في الإسكندرية ليلة رأس السنة.
وكان النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود أحال، في مطلع الشهر، ثمانية شباب ينتمون إلى حركة «6 أبريل» المعارضة على محاكمة عاجلة بعدما نسبت إليهم النيابة تهم «تكدير الأمن العام وإثارة الفتن والتجمهر والتعدي على موظفين عموميين أثناء تأديتهم لواجباتهم الوظيفية».
واستدعت محكمة روض الفرج في جلستها أمس مأمور قسم روض الفرج العميد إيهاب رشدي، والملازم أول أحمد عبدالوهاب لسماع شهادتيهما، فيما طلبت هيئة الدفاع عنهم بمعاينة مسرح الأحداث، ودفعت ببطلان معاينة الشرطة، مؤكدة أن النيابة العامة لم تقم بمعاينة مكان الحادث.
الخميس، 20 يناير 2011
صدور العدد الجديد عن مجلة (الإسلام اليوم) : الثقافة في معترك العلاقات الدولية
صدور العدد الجديد عن مجلة (الإسلام اليوم) : الثقافة في معترك العلاقات الدولية
الرباط: 19/01/2011
صدر العدد الجديد من المجلة الأكاديمية (الإسلام اليوم)، التي تصدرها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ــ إيسيسكو ــ بثلاث لغات، العربية والإنجليزية والفرنسية في طبعة واحدة. وتتناول افتتاحية هذا العدد موضوع "الثقافة في معترك العلاقات الدولية".
ويضمّ العدد الجديد عن مجلة (الإسلام اليوم)، دراسات وبحوثاً لعدد من الباحثين والمفكرين، هم: الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، والدكتور عبد الكبير العلوي المدغري، والدكتور عباس الجراري، والدكتور محمد عمارة، والدكتور عمر القاضي، والدكتور خالد عزب، والدكتور عز الدين إبراهيم، والدكتورة مريم آيت أحمد، والدكتور كمال عمران.
ونشرت المجلة في عددها الجديد، موضوعاً تعريفياً بالجمهورية التركية، في إطار الركن الثابت حول التعريف بالبلدان الإسلامية. وجاء في افتتاحية العدد الجديد الذي يحمل رقم 27 من مجلة (الإسلام اليوم) :
"يتعاظم الدور الذي تقوم به الثقافة في الساحة الدولية، من أجل تعزيز الأمن والسلم وبناء أسس قوية لعالم جديد، تسود فيه قيم التعايش ومبادئ التسامح وقواعد الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات، وتَتَقارَبُ فيه المسافات بين الأمم والشعوب، ليس جغرافياً فحسب، إنما ثقافياً وحضارياً، بحيث تزدهر الحضارة الإنسانية ازدهاراً يكون حدّاً فاصلاً بين عهدين من العهود التي عرفها التاريخ الإنساني؛ عهد الصراع والتنافس والتهديد المتبادل والنزاعات والأزمات والتوترات والحروب الإقليمية التي أعقبت الحربين العالميتين الأولى والثانية، وعهد النماء الاقتصادي والبناء الحضاري والسلام القائم على العدل.
لقد كان تأسيس منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ــ يونسكو ــ في عام 1945، غداة تأسيس منظمة الأمم المتحدة، تعبيراً من المجتمع الدولي عن القيمة السياسية للثقافة وعن القدرات الهائلة التي تَتَوافَرُ للتعاون الثقافي الدولي، لتعزيز جهود الأسرة الدولية في المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية المتعددة. فكان ميلاد اليونسكو إيذاناً بدخول مرحلة جديدة عرفت فيه العلاقات الدولية تطوراً إيجابياً، وانبعاثاً لعهد إنساني جديد، إعمالاً للمبادئ السامية الواردة في ميثاق اليونسكو، وفي ميثاق الأمم المتحدة، وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
كذلك كان الشأن مع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ــ إيسيسكو ــ التي تأسست في عام 1982، في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي، لتكون جهازاً إسلامياً دولياً يعبر عن الضمير الثقافي للعالم الإسلامي، ويساهم في نطاق اختصاصاته، في تقوية التضامن الإسلامي الذي هو القاعدة العريضة للعمل الإسلامي المشترك، سواء على الصعيد الإقليمي، أو على الصعيد الدولي. كما كان الشأن مع عديد من المنظمات والمؤسسات والهيئات الدولية والإقليمية ذات الاهتمامات المشتركة، إنْ جزئياً أو كلياً، والتي تلتقي مع اليونسكو والإيسيسكو، في الأهداف الثقافية، وإن لم تلتق معهما في الأهداف التربوية والعلمية وما يتفرع عنها من مجالات أخرى.
إنَّ من أهداف المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، تدعيم التفاهم بين الشعوب في الدول الأعضاء وخارجها والمساهمة في إقرار السلم والأمن في العالم بشتى الوسائل، ولاسيما عن طريق التربية والعلوم والثقافة والاتصال.
وهو هدف ٌاستراتيجيٌّ أول، يؤسّس لمبدإ التفاعل الثقافي مع المحيطين الإقليمي والدولي، على أساس أن التفاهم بين الشعوب لابد من أن يستند إلى التفاهم الثقافي في المقام الأول، باعتبار أن هذا النوع من التفاهم، هو الذي يؤدي إلى تحقيق الهدف الاستراتيجي الثاني، وهو (إقرار السلم والأمن في العالم)، بالوسائل الثقافية التي تدخل ضمن اختصاص الإيسيسكو،
الوسائل، عن طريق التربية والعلوم والثقافة والاتصال. فالثقافة في هذا المجال، هي قوة دفع لعملية السلام، وعنصرٌ رئيسٌ في بناء علاقات دولية متوازنة ومتماسكة ومُحصنة ضدّ عوامل التخريب تحت أي ظرف من الظروف؛ لأن تدعيم التفاهم بين الشعوب يبدأ من الثقافة وينتهي إليها.
ويبدأ ميثاق اليونسكو في ديباجته بهذه الفقرة : (لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، فإن عقولهم يجب أن تبني حصون السلام)، ثم تليها فقرة أخرى تقول: "ولما كانت كرامة الإنسان تقتضي نشر الثقافة وتنشئة الناس جميعاً على مبادئ الحرية والسلام، وكان هذا العمل بالنسبة لجميع الأمم واجباً مقدساً ينبغي القيام به بروح من التعاون المتبادل". ويأتي ضمن أهداف المنظمة الدولية، تعزيز التعارف والتفاهم بين الأمم بمساندة أجهزة إعلام الجماهير. وتوصي لهذا الغرض بعقد الاتفاقات الدولية التي تراها مفيدة لتسهيل تداول حرية الأفكار عن طريق الكلمة والصورة، والعمل على تنشيط التربية الشعبية ونشر الثقافة وحفظ المعرفة وعلى تقدمها وانتشارها.
فالأهداف التي تأسّست من أجلها المنظمتان الإسلامية والدولية، تَتَكامَلُ وتَتَناغَمُ ضمن سياق عام، هو تعزيز التعاون الدولي عن طريق الثقافة بمضامينها الشاملة ومفاهيمها العامة، وإقامة الأسس القويّة لنظام ثقافيّ دوليّ يكون رديفاً للنظام الدولي الحالي الذي ترتكز عليه العلاقات الدولية في هذه المرحلة، وهو ما يعبّر عنه بـ (النظام العالمي الجديد) الذي لا يمكن التسليم بأنه يبرأ من العيوب ويخلو من النقائص. وبعبارة أخرى، فإن التعاون الثقافي الدولي، هو بمثابة تطعيم للنظام الدولي، أو ترشيد للسياسة الدولية الحالية التي لا تلتزم في كلّ الأحوال، بقواعد القانون الدولي، ولا تتشبَّع بروح ميثاق الأمم المتحدة.
ونخلص من ذلك إلى الإقرار بأن الثقافة ليست مفهوماً محدود النطاق ضيّق مجال الفعل والتأثير، ولكنها مفهوم شامل المدى عميق الدلالة واسع الأفق رحب المجال، بحيث يجوز لنا أن نقول إن الثقافة بهذا المفهوم العميق الواسع، تستوعب التربية والتعليم والعلوم والتكنولوجيا والإعلام والاتصال والعلاقات العامة.
ولذلك فإن الفعل الثقافي فعل متشعب المضامين متداخل العناصر، يمتد أثره إلى مختلف مجالات الحياة الإنسانية، باعتبار أن الثقافة هي التي تبني العقل، وتصوغ الوجدان، وتحيي الضمير، وتقوي في الإنسان إرادة العمل، وتبث في نفسه طاقة الأمل، وتذكي جذوة الحماسة للحركة من أجل التغيير الذي يصلح الذات، ويبني المجتمع، ويصنع التقدم، ويشيد صروح الحضارة.
لقد انطلقت حركة الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات من قاعدة الثقافة، فالحوار هو فعل ثقافي، وكذلك هو التحالف مبادرة ثقافية.
ذلك أن الحوار الثقافي في عمقه، هو إرادة سياسية تحركها دوافع ثقافية، والتحالف الحضاري هو طور متقدم من الحوار ينبثق من إرادة سياسية، يؤسس لمرحلة جديدة في العلاقات الدولية على المستويات كافة، ويعزز جهود الأسرة الدولية من أجل إقرار الأمن والسلام في العالم. فالسلام يبدأ في العقل وينشأ في الضمير وينبثق من إرادة الإنسان الحر المؤمن بمبادئ السلام وبقيم الخير والفضيلة والعدل وحب الإنسان لأخيه الإنسان، وهو ما يعبر عنه بـ (ثقافة السلام)، ويعبر عنه في أدبيات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ــ إيسيسكو ــ بـ (ثقافة العدل والسلام).
والصياغة الثانية أبلغ في الدلالة وأعمق في المعنى وأبعد مدى في المفهوم العام. والصيغتان معاً تحيلان على (الثقافة السياسية) بمدلولها الواسع. ولا غرو، فإن الثقافة السياسية بهذا المعنى الشامل، هي أحد فروع الثقافة وحقل من حقول العمل الثقافي العام.
وينسجم هذا الاصطلاح مع اصطلاح آخر هو (العلوم الإنسانية)، التي هي ثقافة في البدء والختام. فالعلوم الإنسانية، هي علوم ثقافية، إذا أردنا أن نتوسَّع في المدلول مستندينَ إلى النظرية الحديثَة التي تجعل من العلوم الإنسانية جزءاً من (العلوم التطبيقية) و(العلوم الأساسية). وهذا الدمج بين العلوم في مختلف التخصّصات وفي شتّى الحقول المعرفية، يُكسب الثقافةَ دلالةً عميقة، ويعطي للعمل الثقافي معنىً أشمل ومفهوماً أكمل، ودوراً فاعلاً في حياة الفرد والمجتمع، وفي إعادة تجديد العلاقات الدولية على أسس أقوى وأرسخ.
وإذا كان من المفاهيم الحديثة في علوم التربية، مفهوم (جودة التعليم) الذي يراد به وضع مناهج جديدة للتعليم تكون داعمة له وممهدة لأن يصبح تعليماً جيداً، يصل إلى تحقيق درجة كبيرة من الجودة، فيمكن لنا أن نقتبس هذا المفهومَ الحديثَ من علوم التربية، ونستخدمه في مجال الثقافة، فنقول بضرورة اعتماد فلسفة (جودة الثقافة).
ولاشك أن مفهوم (جودة الثقافة) سيكون أكثر تعقيداً من مفهوم (جودة التعليم)، لأسباب كثيرة، منها أن الثقافة عملية مركبة تتداخل فيها عناصر متعدّدة منها عنصر التعليم ذاته؛ لأن الثقافة أشمل مضامينَ وأوسع ميادين، وأعمق مفهوماً وأبعد مدى في صياغة الذهنية الجماعية المؤهلة للإنتاج والابتكار والإبداع، وفي الإسهام بحظ وافر، في تقوية نسيج العلاقات الدولية، وإقامة أسس الأمن والسلم والاستقرار في العالم.
إنَّ الثقافة الجيّدة البانية للسلام والصانعة للتقدم والداعمة للتعاون الدولي في شتى المجالات، تقوم بدور بالغ الحيوية شديد الأهمية في تعزيز جهود المجتمع الدولي الرامية إلى تقوية العلاقات الدولية، وتطهيرها من الشوائب وإبعاد المخاطر التي تهدّدها عنها، وفي تطبيق مبادئ الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات وإدماج مفاهيمها ضمن قواعد القانون الدولي، ممّا يقوي من فعالية التعاون الثقافي الدولي، ويوطد علاقات الشعوب والأمم بعضها ببعض، ويبدّد سحب التوترات التي تسود في سماء هذا العالم، وتحول دون تحقيق سلام حقيقي يقوم على مبادئ العدل وأحكام ميثاق الأمم المتحدة والشرعية الدولية.
إنَّ الإنسانية تعيش اليوم عصراً من سماته أن للثقافة دوراً فاعلاً ومؤثراً في معترك العلاقات الدولية، يَتَنامى باطّراد، وتمتدُّ آثاره إلى المجالات كافة، من أجل بناء مستقبل آمن ومزدهر، تُحفظ فيه للإنسان كرامتُه، وتُصان حقوقُه، وتُحترم سيادة القانون".
المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة
المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة
الرباط: 19/01/2011
صدرت ضمن مطبوعات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ــ إيسيسكو ــ، ثلاث طبعات بالعربية والإنجليزية والفرنسية، من (استراتيجية العمل الثقافي الإسلامي خارج العام الإسلامي)، التي وضعتها الإيسيسكو، بالتنسيق مع الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، واعتمدها مؤتمر القمة الإسلامي التاسع المنعقد في العاصمة القطرية الدوحة في نوفمبر 2000، ثم صادق على صيغتها المعدّلة المؤتمر الإسلامي الخامس لوزراء الثقافة المنعقد في طرابلس في نوفمبر 2007.
وقدم الكتاب الذي يقع في الأصل العربي في 124 صفحة (الإنجليزي 111 صفحة والفرنسي 118 صفحة)، الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة.
الرباط: 19/01/2011
صدرت ضمن مطبوعات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ــ إيسيسكو ــ، ثلاث طبعات بالعربية والإنجليزية والفرنسية، من (استراتيجية العمل الثقافي الإسلامي خارج العام الإسلامي)، التي وضعتها الإيسيسكو، بالتنسيق مع الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، واعتمدها مؤتمر القمة الإسلامي التاسع المنعقد في العاصمة القطرية الدوحة في نوفمبر 2000، ثم صادق على صيغتها المعدّلة المؤتمر الإسلامي الخامس لوزراء الثقافة المنعقد في طرابلس في نوفمبر 2007.
وقدم الكتاب الذي يقع في الأصل العربي في 124 صفحة (الإنجليزي 111 صفحة والفرنسي 118 صفحة)، الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة.
اخبار محلية - بركة يطالب التربية بتقرير يرد على بحث بنك اسرائيل. ..فالمعدل بالنسبة للطالب في جهاز التعليم الديني الصهيوني يصل إلى 2,4 ساعة
06/01/2011 10:54:36
وصل لموقع بانيت وصحيفة بانوراما بيان من مكتب النائب محمد بركة ، جاء فيه فيما جاء:" بمبادرة النائب محمد بركة ، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ،
محمد بركة
البحث الذي أعده بنك إسرائيل المركزي ، وبيّن اتساع الفجوات القائمة بين جهازي التعليم العربي والعبري ، على مستوى ساعات عمل المعلمين ، بالنسبة للصف والطالب ، أكد بركة ، أنه حتى المعطيات الواردة في التقرير ، لا تعكس حقيقة الفجوات الكبيرة.
وجاء في البحث الذي استعرضه أحد معديه ، نوم زوسمان ، أن معدل ساعات عمل المعلمين بالنسبة للصف الواحد ، في جهاز التعليم العبري ، يصل إلى حوالي 53 ساعة ، وهذا لا يعني ساعات تعليم الصف ، بل ساعات عمل المعلمين في المدرسة ، بالنسبة للصف الواحد ، في حين ان هذا المعدل يصل في جهاز التعليم الديني اليهودي الصهيوني ، إلى أكثر من 66 ساعة ، مقابل 50 ساعة في جهاز التعليم العربي ، وهذا فارق ضخم ، ينعكس في عدد المعلمين بالنسبة للطلاب ، وأيضا كما سيتضح في تقرير لاحق في عدد الساعات التعليمية بالنسبة للصف والطالب ، والفارق أيضا بالنسبة للطالب وهذه الفجوة تتضح أيضا حينما يكون معدل ساعات عمل المعلمين بالنسبة للطالب الواحد ، فالمعدل بالنسبة للطالب في جهاز التعليم الديني الصهيوني يصل إلى 2,4 ساعة ، ولجهاز التعليم العبري عامة 1,8 ساعة ، ويهبط لدى جهاز التعليم العربي إلى معدل 1,66 ساعة ، تراجع في العامين 2008 و2009 ".
واضاف البيان الذي وصل لموقع بانيت وصحيفة بانوراما :"ويتضح من التقرير ، أن معدل ساعات التعليم العربي هو الأدنى على مر السنين ، إلا أنه شهد قفزة معينة في العامين 2006 و2007 ، بفعل تطبيق تقرير شوشاني ، الذي بات اليوم مديرا عاما للوزارة ، إلا أن هذا الارتفاع اختفى في العامين الدراسيين السابقين ، بعد قرار الوزارة الاستغناء عن تقرير شوشاني ، واتباع تقرير آخر ، شتراوس ، لا يأخذ بعين الاعتبار عدد الطلاب في الصف الواحد.
كما يظهر ان ساعات التعليم اللا منهجي في جهاز التعليم العربي هامشية جدا ، مقارنة عما هي في جهاز التعليم العبري.
ويقول موشيه ساغي نائب مدير عام الوزارة: إنه من العام 2001 وحتى العام 2005 جرى تقليص 130 ألف ساعة تعليمية في جهاز التعليم عامة ، وهي الفترة التي تولت بها ليمور ليفنات وزارة التعليم ، وكان وزير المالية بنيامين نتنياهو".
بركة: التلاعب بالتقارير استهدف العرب
وامضى البيان :" وفي كلمته ، قال النائب محمد بركة: إن المعطيات التي يعرضها بحث بنك إسرائيل تؤكد وجود الفجوات في جهازي التعليم العربي والعبري ، ولكن هذه على ارض الواقع فإن المعطيات اكثر حدة ، فمثلا يقول التقرير: إن معدل عدد الطلاب في الصف الواحد في جهاز التعليم العبري حوالي 29 طالبا مقابل حوالي 31 طالبا في جهاز التعليم العربي ، إلا أننا نعرف حقائق أخرى ، وهي ان المعدل في جهاز التعليم العربي يتراوح ما بين 32 طالبا وحتى 35 طالبا.
وتابع بركة قائلا: إن البحث لا يعكس عدد ساعات التعليم التي يحصل عليها الصف الواحد ، وحينما تعرض هذه المعطيات ستتضح حقائق خطيرة أيضا.
وانتقد بركة بشدة التلاعب بالتقارير ، وقال :إن تقرير شوشاني ، رغم تحفظاتنا من عدد من بنوده ، إلا أنه يبقى افضل من تقرير شتراوس ، فتقرير شوشاني انتبه إلى مسألة اكتظاط الطلاب ، وهو الأمر الذي رفضه تقرير شتراوس ، ولهذا فإن الغاء تطبيق شوشاني يستهدف جهاز التعليم العربي ، ولشديد السخرية ، ان هذا القرار يتخذ في الوقت الذي يكون فيه شوشاني مديرا عاما للوزارة".
زحالقة: كل التقارير تؤكد وجود فجوات وشارك في النقاش
وتابع البيان :"وطلب النائب بركة ، من وزارة التعليم تقريرا مفصلا يرد على بحث بنك إسرائيل ، ويوضح المعطيات اكثر ، مرفقا ببرنامج لسد الفجوات ، وليس مجرد التعليق البرفض والقبول لمعطيات في بنك إسرائيل.
النائب د. جمال زحالقة ، رئيس كتلة التجمع الوطني الديمقراطي البرلمانية ، وقال "إن هذا التقرير ليس دقيقا في عكس الفجوات القائمة بين جهازي التعليم ، ورغم ذلك ، فإنه يؤكد ما شهدناه في تقارير أخرى ، من ابحاث ونتائج امتحانات مختلفة، مثل الامتحان الدولي "بيزا"، وتقرير منظمة "OECD" ونتائج امتحانات البجروت الأخيرة ، وكلها تدل جميعها على الفجوات الواسعة في جهازي التعليم.
وتابع زحالقة قائلا: إنه لا يمكن لوزارة التربية والتعليم أن تنكر هذه الحقائق ، لأننا أيضا نراها على أرض الواقع ، وأضاف زحالقة يتوجب على وزارة التعليم دراسة هذا التقارير جميعها ، واستخلاص العبر منها وليس الادعاء بان الوضع التعليمي جيد وليس هناك إلا بعض المشاكل الصغيرة هنا وهناك ، إنما الوضع يتطلب خطة استراتيجية جدية للتعليم العربي لإحداث ثورة وليس انتهاج سياسة إطفاء الحرائق بالقيام بخطوات محدودة الأثر هنا وهناك". الى هنا نص البيان الذي وصل لموقع بانيت وصحيفة بانوراما من مكتب النائب محمد بركة.
الاثنين، 17 يناير 2011
ISRAEL-PALESTINE Patriarch of Jerusalem: we fear Muslim and Israeli extremists - Asia News
ISRAEL-PALESTINE Patriarch of Jerusalem: we fear Muslim and Israeli extremists - Asia News
» 01/12/2011 12:38
ISRAEL-PALESTINE
Patriarch of Jerusalem: we fear Muslim and Israeli extremists
Archbishop Fouad Twal is concerned about attacks on churches and Christians by Islamic radicals, and the increasing Judaization of the city, which wants to "exclude other faiths." The historic Mamilla Muslim cemetery in West Jerusalem vandalized.
Jerusalem (AsiaNews / Agencies) - The Latin Patriarch of Jerusalem, Mgr. Fouad Twal, gave a speech yesterday to greet the bishops of Europe and North America during their annual pilgrimage to the Holy Land, during which he spoke of Christian concern for the growth of two forms of religious extremism: Islamic and Israeli right wing fundamentalism. Patriarch Twal recalled the Synod for the Middle East, held last October in the Vatican, which concluded in its final proposals: "the attention of the whole world should be focused on the tragic situation of certain Christian communities of the Middle East, which suffer all manner of trials sometimes even to the point of martyrdom."
The Latin Patriarch said that "painful experience caused us to write these words. They turned out to be a prophecy as well, when we think about the situation in Baghdad and Egypt. " He added: "I confess that our people lost credibility in speeches and visits of vip political and religious personalities. They need to see concrete steps on the ground, for more justice and peace and dignity. They need us to be more involved. We are still anxious from the two extremisms: The Muslim one with his attacks against our churches and our faithful, and the Israeli right wing, invading more and more Jerusalem, trying to transform it to an only Hebrew –Jewish city, excluding the other faiths".
Meanwhile, the religious tensions in Jerusalem are still very strong. The Al-Aqsa foundation "denounces the vandalization of 20 Muslim graves in the historic cemetery in Mamilla, in West Jerusalem, which occurred on the night of January 10. The foundation points to Jewish extremists. The Mamilla cemetery is very old, some date it back to the seventh century of the Christian era and claim that some companions of the Prophet Muhammad were buried there, along with thousands of Sufis, scholars and notable families of Jerusalem.
» 01/12/2011 12:38
ISRAEL-PALESTINE
Patriarch of Jerusalem: we fear Muslim and Israeli extremists
Archbishop Fouad Twal is concerned about attacks on churches and Christians by Islamic radicals, and the increasing Judaization of the city, which wants to "exclude other faiths." The historic Mamilla Muslim cemetery in West Jerusalem vandalized.
Jerusalem (AsiaNews / Agencies) - The Latin Patriarch of Jerusalem, Mgr. Fouad Twal, gave a speech yesterday to greet the bishops of Europe and North America during their annual pilgrimage to the Holy Land, during which he spoke of Christian concern for the growth of two forms of religious extremism: Islamic and Israeli right wing fundamentalism. Patriarch Twal recalled the Synod for the Middle East, held last October in the Vatican, which concluded in its final proposals: "the attention of the whole world should be focused on the tragic situation of certain Christian communities of the Middle East, which suffer all manner of trials sometimes even to the point of martyrdom."
The Latin Patriarch said that "painful experience caused us to write these words. They turned out to be a prophecy as well, when we think about the situation in Baghdad and Egypt. " He added: "I confess that our people lost credibility in speeches and visits of vip political and religious personalities. They need to see concrete steps on the ground, for more justice and peace and dignity. They need us to be more involved. We are still anxious from the two extremisms: The Muslim one with his attacks against our churches and our faithful, and the Israeli right wing, invading more and more Jerusalem, trying to transform it to an only Hebrew –Jewish city, excluding the other faiths".
Meanwhile, the religious tensions in Jerusalem are still very strong. The Al-Aqsa foundation "denounces the vandalization of 20 Muslim graves in the historic cemetery in Mamilla, in West Jerusalem, which occurred on the night of January 10. The foundation points to Jewish extremists. The Mamilla cemetery is very old, some date it back to the seventh century of the Christian era and claim that some companions of the Prophet Muhammad were buried there, along with thousands of Sufis, scholars and notable families of Jerusalem.
الأحد، 16 يناير 2011
Dar Al Hayat - السعودية ليست دولة دينية
نظرا لأهمية البحث جمعت كل المقالات المشار إليها هنا إضافة إلى المقال نفسه : محرر دار الغربة
Dar Al Hayat - السعودية ليست دولة دينية
الأحد, 16 يناير 2011
خالد الدخيل
أعود إلى موضوع كتبتُ عنه هنا ثلاثة مقالات. كانت الأخيرة منها في 19 كانون الاول (ديسمبر) الماضي. كانت فكرة العودة تراودني، ثم جاء الدكتور محمد بن إبراهيم السعيدي وكتب مداخلة مطولة في هذه الصحيفة، في 30 كانون الاول، تعليقاً على ما كتبتُه. كان السعيدي مباشراً في التعبير عن اختلافه معي في مسائل مهمة وإستراتيجية، وعبر عن ذلك بأسلوب ينم عن قناعة راسخة بما يريد أن يصل إليه. ومع أن ما يريد الوصول إليه يتناقض مع ما كتبتُه، ومع طبيعة الدولة السعودية ونظامها الأساسي، إلا أنه لم يخرج في اختلافه عن أصول الجدل ومتطلباته، وهذا أمر يحسب له.
انصبّ اهتمام الكاتب في كل مداخلته على تأكيد الطبيعة الدينية للدولة السعودية، ولهذا يرفض أحياناً مصطلح الدستور، وأخرى يقترح أن نعطي له تعريفاً يتوافق مع تصوره الديني المسبق للدولة، من دون أن يفصح عن هذا التعريف. انسجاماً مع ذلك، ركَّز على مسألتين: مصطلح «الدستور» وصلاحيته لوصف النظام الأساسي، والثانية نفي الصفة الوطنية عن الدولة السعودية، والتأكيد بدلاً من ذلك على طبيعتها الدينية. واللافت أنه تجاهل في كل ذلك المسألةَ المركزية في ما كتبتُ، والتي كان يجب أن تكون موضوع النقاش، وأقصد طبيعة علاقة المؤسسة الدينية بدستور المملكة وحدود هذه العلاقة. وكنت قد طرحت هذه المسألة في المقال الأخير على النحو التالي: «ما هي تحديداً علاقة المؤسسة الدينية السعودية بالنظام الأساسي، باعتباره دستورَ الدولة التي تنتمي إليها؟ هل هو ملزم لها في كل ما يصدر عنها أو عن بعض أعضائها من مواقف وفتاوى؟»، أم أن هذه المؤسسة (وهذا سؤال أضيفه هنا) ليست ملزمة إلا بالمادة الأولى من النظام الأساسي، وغيرها من المواد، التي تؤكد على أن الكتاب والسنّة هما معاً مرجعيته الأولى، وأن المواد والعناصر الأخرى لهذا النظام ليست ملزمة لها؟ الباعث على مثل هذه الأسئلة، كما أشرت في المقالة ذاتها، هو الإشكال المتمثل في «أن مرجعية الكتاب والسنّة بالنسبة الى المؤسسة هي مرجعية مفتوحة، أي أنه ليس لها إطار دستوري يحدد وجهتها ويؤطر مواقفها وفتاواها بما يتفق مع مواد النظام الأساسي كوثيقة واحدة متكاملة». ونتيجة لذلك، صدرت عن المؤسسة مواقف وفتاوى تتعارض مع بعض أنظمة الدولة، كموقفها من النظام المصرفي، ومن عمل المرأة، على سبيل المثال. وبما أن الكتاب والسنّة هما مرجع النظام الأساسي، فلماذا لا يشكل هذا النظام بكليته الإطار الدستوري لعمل المؤسسة ومرجعيتها النهائية؟ هل لذلك علاقة بأن مفهوم «الكتاب والسنة» مفتوح على مدارس فقهية عدة، ويحتمل آراء واجتهادات قد تختلف في ما بينها إلى هذه الدرجة أو تلك، لكنها جميعاً تُعتبر اجتهاداتٍ صحيحةً ومشروعة؟
ليس هناك من معنى لسؤال الدكتور السعيدي عن هذه الإشكالية، لأنه يرى أن النظام الأساسي يؤكد أن «الدولة كلها، من رأس هرمها إلى نهاية أطراف قاعدتها الشعبية، هي مؤسسة دينية»، حتى «مجلس الوزراء... ومجلس الشورى... وبقية الوزارات، كلها مؤسسات دينية».
عدا عن مغالطته الواضحة بمثل هذا الرأي، فإن موقف الكاتب ملتبس، فهو يقبل من النظام الأساسي المواد التي يرى أنها تؤكد الطبيعة الدينية للدولة، ويُسهب كثيراً في تعداد إيجابياتها ودقتها، وهو ما ينطوي على اعتراف ضمني بأن هذا النظام هو الدستور الذي على أساسه تتحدد طبيعة الدولة. لكنه من ناحية ثانية، يرفض هذه الصفة الدستورية للنظام، انطلاقاً - كما يقول - من سيادتنا كدولة، وأن هذه السيادة تقتضي أن يكون لنا حرية «اختيار التعريف المناسب للمصطلحات التي تعبِّر عن هوية دولتنا وأمتنا...». ماهو هذا التعريف؟ يجيب بأنه «ليس من تمام السيادة أن نكون أسرى لفهم بشري لا يستند إلا إلى عرف قانوني لم يكن في يوم من الأيام ناتجاً عن ثقافتنا...»، أي أن القرآن هو دستور المملكة، لكنه - أي الكاتب - لا يدلف إلى تفصيل ذلك وتبريره. أراد أن يأخذ من النظام الأساسي ما يعتقد أنه يؤيد تصوره عن طبيعة الدولة، وترك ما لا يتفق مع هذا التصور. فاته هنا أمران: الأول أن السيادة لا علاقة لها بعملية التثاقف والتفاعل الحضاري بين الأمم، لأنها جزء من عملية التراكم الإنسانية، وأن الكثير من المفاهيم والمصطلحات تتحول، في هذا الإطار، إلى مفاهيم إنسانية قد يكون منشأها عربياً، أو صينياً، أو رومانياً لا فرق، فالغرب مثلاً أخذ مصطلح «الدستور»، وهو فارسي، وأخذ من العربية مصطلحات علمية أخرى، ولم تتأثر سيادته في شيء. والخليفة عمر بن الخطاب أخذ مصطلح «الدواوين» من الفرس ولم تتأثر حينها أيضاً سيادة الدولة الإسلامية في شيء. لماذا نحن من دون غيرنا سوف تتأثر سيادتنا عندما نأخذ بمصطلح الدستور؟ وفات الكاتب أيضاً تسبيب إصراره على أن القرآن هو الدستور الوحيد الصالح لهذه الدولة الإسلامية أو تلك. ولا أظن أنه كان في إمكانه ذلك، لأنه ليس في القرآن، ولا في السنّة، ولا في التجربة السياسية الإسلامية، وخاصة المبكرة باعتبارها التجربة التأسيسية، ما يدل على أن الكتاب، أو السنّة، أو كليهما معاً، يشكلان دستوراً ملزماً بهذه الصفة السياسية والقانونية، ولو كان هناك شيء من ذلك لما اختلفت الطريقة التي تولى بها أبو بكر الخلافة عن تلك التي تولى بها عمر، وتلك التي تولى بها عثمان، أو التي تولى بها علي، أو الخامسة التي تولى بها معاوية، والتي دشنت مرحلة مختلفة عن الخلافة الراشدة. بل إن الاختلاف البيّن لهذه الخلافة الأخيرة عن الخلافة الراشدة، لا يترك مجالاً للقول بأن القرآن كان دستور الدولة، لأنه لو كان كذلك فإن السؤال الذي يفرض نفسه في هذه الحالة: مَن مِن أولئك الصحابة خالف الدستور؟ وقبل ذلك، لم يستعن أحد من أطراف الخلاف الذي انفجر في السقيفة، بعد وفاة الرسول (ص)، بالقرآن لتأييد موقفه من الخلافة، ما يؤكد أن القرآن لم يكن يُنظر إليه حينها على أنه دستور الدولة.
بعد تفصيله لدلالة المادة الأولى للنظام الأساسي، يقول السعيدي «إنني لا أعرف بعد سبب إصرار الكاتب على وصف الدولة بأنها وطنية...»، ويضيف: «وأخشى ما أخشاه (أنه) يريد بهذا الوصف إنكار كون السعودية دولة دينية...». وأنا أحيله إلى المادة التاسعة من النظام الأساسي، التي تؤكد على «حب الوطن والاعتزاز به وبتاريخه المجيد»، وعلى المادة 12، التي تعتبر الوحدة الوطنية واجباً. لكن على أي أساس استند السعيدي في وصف السعودية بأنها «دولة دينية»؟ ليس في النظام الأساسي ما يشير من قريب أو بعيد إلى هذه الصفة. ما يؤكده هذا النظام، وقبله تاريخ الدولة، هو أنها دولة عربية إسلامية، وليست دينية. الواضح أن الصفة الوطنية للدولة تتناقض، في رأي الكاتب، مع هويتها الإسلامية، وهو بهذا يحصر الهوية الإسلامية للدولة في بعدها الديني، مستبعداً الأبعاد الحضارية الأخرى، من اجتماعية وفكرية واقتصادية. كأن الكاتب لا يدرك خطورة هذا المنحى، وأنه يفضي إلى إقصاء بعض مكونات المجتمع، لأن الدين بطبيعته يتوزع إلى مذاهب وطوائف، لكل منها رأيه ومعتقداته، وهو ما يتناقض رأساً مع التعددية التي هي المكون الطبيعي للمجتمع الإنساني، والمجتمع السعودي ليس استثناء من ذلك.
الغريب أن حصر هوية الدولة في بُعدها الديني يجد جذوره الفكرية ليس في التاريخ الإسلامي، بل في تاريخ العصور الوسطى الأوروبية، فـ «الدولة الدينية» مصطلح مسيحي ينتمي إلى تاريخ علاقة الكنيسة بالدولة في تلك العصور، وهو يعني الدولة التي يحكمها ملك على أساس حق إلهي في الحكم. وقد ارتبط قيام هذه الدولة بالطبقة الكهنوتية التي سيطرت على الكنيسة، ومن خلالها على الدولة. هل كان في الإسلام مثل هذه الدولة؟ أبدا، بل لا وجود لمصطلح «الدولة الدينية» في المصادر الكلاسيكية الإسلامية، من كتب تاريخ، وفقه، وسياسة، وتفسير، وسير وتراجم... إلخ. والأهم من ذلك، أن القرآن والسنّة كليهما ترك مسألة الحكم شأناً دنيوياً يختار فيه المسلمون ما يتفق مع مصالحهم ولا يتعارض مع ثوابت الإسلام. والرسول توفي وهو لم يوصِ - تماشياً مع القرآن - لأحد بالحكم، ولا بصيغة معينة للحكم أو الخلافة. ومن الطبيعي أن المصطلح الشائع إسلامياً كان «الخلافة» أو «الإمامة»، وهذه يعرفها الماوردي بقوله: «الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا». أما ابن خلدون، فيعرّف الخلافة بأنها «حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي». لاحِظْ أن الماوردي لم يصف الدولة بأنها دينية، وإنما وصف وظيفتها بـ «حراسة الدين وسياسة الدنيا»، ما يتضمن تمييزاً واضحاً بين الديني والدنيوي (السياسي)، وأن الدولة هنا هي الرابط العقدي بين الاثنين. وركز ابن خلدون أيضاً على «مقتضى النظر الشرعي»، وهو تعريف يتضمن أولاً الرأي (مقتضى النظر)، الذي يتعدد حسب المكان والزمان، وثانياً الشرعي، أي الفقهي قبل الأيديولوجي. بعبارة أخرى: لم يعطِ أيٌّ من هذين الفقيهين للدولة تعريفاً أيديولوجياً، كما في مصطلح «الدولة الدينية»، وإنما تعريفاً سياسياً قانونياً، وهو المعنى نفسه الذي تنطوي عليه كل مواد النظام الأساسي في السعودية، وعلى عكس ما يتمنى صاحب المداخلة.
* كاتب وأكاديمي سعودي
======================================================================
النظام الأساسي للحكم هو: النظام الأساسي للحكم
الخميس, 30 ديسيمبر 2010
محمد بن إبراهيم السعيدي
ثلاثة أمور في تقديري هي أكثر ما يدعو كاتباً للرد على آخر، الاختلاف في المنطلق أو الاختلاف في الفكرة أو الاختلاف في فهم مصطلح أو تقريره، وقد اجتمعت هذه الثلاثة في مقال الدكتور خالد الدخيل الذي نشره يوم الأحد 13/1/1432هـ في صحيفة «الحياة» بعنوان: النظام الأساسي هو دستور المملكة، وعنوان المقال في تقديري لا يعبر عن مشكلة قانونية كما يشرح الكاتب بقدر ما يعبر عن إشكال في المصطلح يمكن تجاوُزه بيسر حينما نقرر أننا لسنا بحاجة ماسة إلى مصطلح الدستور للتعبير عن هويتنا أو نظامنا، وكذلك حين نقرر أن استعمالنا لهذا المصطلح لا ينبغي أن يفرض علينا تعريفاً لا يتوافق مع السياق الذي استخدمنا هذا المصطلح فيه.
فبما أن كلمة دستور فارسية الأصل تعني حرفياً صاحب القاعدة. ومرت عبر تاريخها باستخدامات عدة منها الدفتر الذي تُدَوّن فيه الأنظمة ومنها كبير الوزراء الذي لديه سن الأنظمة وتوجيهها، فلماذا لا تكون لدينا الصلاحية في تعريف هذا المصطلح بحسب السياق الذي نضعه فيه لا بحسب ما يوجد في معاجم قانونية صنعها أفراد بعيدون عن بيئتنا السياسية والعقدية. كما صنع الدكتور الدخيل حين حاكم مصطلح الدستور الوارد في المادة الأولى من النظام الأساسي للحكم إلى القاموس السياسي، وحينما لم يتطابق وضع كلمة الدستور في سياق تلك المادة والمفهوم الذي دعا إليه القاموس السياسي حكم الكاتب بخطأ وضع المصطلح في ذلك السياق.
وتوضيح ذلك للأخ القارئ: أن المادة الأولى من النظام الأساسي للحكم تنص على أن كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - هما دستور المملكة العربية السعودية، وعندما لم يَصدُق التعريف الذي نقله عن قاموس السياسة في جزئه الثاني على الكتاب والسنة عمد إلى نفي صفة الدستورية عنهما وإثبات أن المادة الأولى من النظام الأساسي للحكم تحمل معنى مضمراً في نصها آخِذاً في الاعتبار العوامل التاريخية، والدينية، والسياسية التي أحاطت بكتابة الدستور، وبالتالي – وهذا كلامه - فإن نص المادة الأولى لا يعدو كونه تأكيداً على، وتكريس- هكذا - للسيادة العليا التي يعطيها الإسلام للشريعة. وهو في الوقت نفسه توثيق لتلك السيادة في إطار دولة وطنية، كجزء من أيديولوجية هذه الدولة، وبنيتها القانونية.
والحقيقة أن هذا الفهم من الكاتب للمادة الأولى من النظام الأساس للحكم يجعله في حاجة إلى تغيير عنوان مقالته لتكون: النظام الأساسي للحكم ليس هو دستور المملكة، فالمادة الأولى عنده بحسب ما تقدم من كلامه هي عبارة عن تأكيد لمسلّمة عرفية فقط وليست تأسيساً لما بعدها، وهذا يفقدها مكانتها التشريعية، سواء سمّينا الوثيقة التي نناقشها نظاماً أم دستوراً، بل إذا كان الدستور هو المرجع الأعلى لأنظمة الدولة فهذه المادة بحسب فهمه لا يمكن أن تكون مرجعاً أعلى لأنها مؤكدة لأمر هو أعلى منها وسابق لها، وبذلك فإن المرجعية إنما هي للمعنى الذي أكدته المادة لا لها.
كما أن عبارة السيادة التي يعطيها الإسلام للشريعة توحي بأن هناك فصلاً بين الإسلام وشريعته وأن هناك ما هو غير الشريعة يعطيه الإسلام سيادة، ولكن بشكل أقل، وهذا الفهم ليس من لوازم كلام الكاتب بل هو منطوقه حين وصف تلك السيادة بأنها في إطار دولة وطنية كجزء من أيديولوجية هذه الدولة، فالدولة وطنية وليست دينية، والشريعة جزء من أيديولوجيتها وليست أيديولوجيتها، وهذا الكلام ليس إسقاطاً تاماً للمادة الأولى فحسب، بل هو إسقاط لعدد من المواد المُؤصِلَة للنظام الأساسي يأتي بيانها لاحقاً.
يتجلى ذلك حين نقرأ معاً هذه المادة، ونصها: «المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة؛ دينها الإسلام ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله ولغتها هي اللغة العربية. وعاصمتها مدينة الرياض».
وأبرز ما نلحظه في هذه المادة إضافة إلى كونها المادة الأولى: أنها فاتحة المواد في الباب الأول من النظام وهو باب المبادئ العامة، أي المواد المعرفة للدولة والتي تُكَوِّن سِمَتها الخاصة بين دول العالم ويشمل ذلك منطلق أنظمتها الأيديولوجي وعَلَمها وعاصمتها وشعارها، والمادة التي تقع في هذا الباب تكتسب مكانة لا تكتسبها غيرها من المواد كونها أساساً لما بعدها من مواد، ولأنها تعبّر عن واجهة الدولة الفكرية أمام العالم، وهذا ما يجعل افتراض حملها معاني مضمرة ليس إهداراً لها فحسب، بل إهدار لسائر مواد النظام بل وتشكيك في صدق الصورة العالمية التي تقدمها الدولة لنفسها.
كما أن صياغتها المتقنة تقطع بنفي مجاملة أي مؤثرات تاريخية أو سياسية أو دينية أحاطت بكتابتها، بل هي مادة معبرة عن حقيقة الدولة ومؤثرة بشكل واضح فيما بعدها من مواد.
نلاحظ أن تعريف الدولة جاء بكونها عربية، وليست عروبية، للدلالة على أن العربية هي لسان الدولة ووعاؤها الثقافي والرابطة النسبية واللغوية بين أفرادها وبعضهم وبينهم وبين شعوب دول أخرى شقيقة، ولا تتجاوز ذلك إلى ما تفيده العروبية من انتماءات أيديولوجية تخرج بالدولة إلى العصبية القومية التي لا تقرها الشريعة الإسلامية.
وكذلك جاء التعبير بالإسلامية نسبة مباشرة إلى الإسلام، ولم يقل دولة مسلمة أو أن الإسلام هو دينها الرسمي أو مصدر التشريع الأول فيها أو أحد مصادر التشريع لديها، أو أن الفقه الإسلامي هو مصدر التشريع، وهي عبارات موجودة في الكثير من دساتير الدول العربية والإسلامية والتي كُتِبت قبل نظام الحكم السعودي، وهو ما يؤكد أن هذه الصياغة تجنبت مشابهة تلك الصياغات عمداً كي تُعبِّر المادة بمنطوقها عن انتمائها للإسلام لا كدين فحسب بل كمؤسِسٍ لكيانها ومصدر لأنظمتها ومنظم لعلاقاتها الداخلية والخارجية مع أبنائها والوافدين إليها كما تنظر من خلاله إلى كل ما تدخل فيه أو تخرج منه من معاهدات دولية أو إقليمية كما أنه الحاكم لنظرتها السياسية وخططها التنموية الحالية والمستقبلية.
وقد أراد المُنَظم قطع الطريق أمام أي تفسير علماني لهذه المادة أو أي مقاربة بينها وبين الدساتير الأخرى التي تفرق بين الإسلام كدين والإسلام كنظام، بإدخاله في المادة نفسها عبارة «دينها الإسلام» بعد وصفه لها بأنها إسلامية، فهي إسلامية أي تنتمي للإسلام كنظام حياة من منطلق كونها تتخذ الإسلام ديناً لا من منطلق كون النظام الإسلامي خياراً متاحاً أو حلاً لمشكلة ما يمكن الاستغناء عنه فيما بعد.
والحقيقة أنني لا أعرف بعد سبب إصرار الكاتب على وصف الدولة بأنها وطنية مع العلم بأن هذا الوصف إنما تحرص عليه تلك الدول التي تعرضت لسلطة الاستعمار الأجنبي للإشعار بانتقالها من سلطة المستعمر إلى سلطة من أبناء الوطن، أو تلك الدول التي تميز نفسها عن الاتجاهات القومية التي تضع في برامجها وربما في دساتيرها السعي إلى الوحدة مع الدول المشاركة لها في نزعتها القومية، أو تلك الدول التي تميز نفسها عن الانتماء الشيوعي الذي يسعى في النهاية إلى دولة عالمية.
هذه هي الدول التي يكثر وصفها بالوطنية والمملكة العربية السعودية لا يمكن تصنيفها ضمن أي من هذه الدول.
وأخشى ما أخشاه أن يكون الكاتب يريد بهذا الوصف إنكار كون السعودية دولة دينية وهو ما لا يمكن إنكاره من خلال واقع نشأة الدولة كما يأباه نظامها الأساسي الذي يرى الكاتب أنه هو دستورها، وسأفصل هذا الأمر حين أتحدث عن موقع المؤسسة الدينية من نظام الدولة.
أما عبارة «دستورها كتاب الله وسنة رسوله» فقد أدخلت على الكاتب لبساً من جهة أن جميع مواصفات الدستور تنطبق على النظام الأساسي للحكم ولا تنطبق أبداً على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم-.
وهذا اللبس سينجلي إذا أبعدنا القداسة عن التعريفات الأخرى للدستور وانطلقنا من تعريف يخدم سياق نظامنا وينطلق منه، وأعتقد بأنه لا مانع أن يكون لنا تعريف مستقل للدستور، بل هذا ما تقتضيه عبارة ذات سيادة تامة التي تضمنها المادة الأولى وتقتضي هذه العبارة أن يكون لنا سيادة أيضاً في اختيار التعريف المناسب للمصطلحات التي نعبر عن هوية دولتنا وأمتنا، وليس من تمام السيادة أن نكون أسرى لفهم بشري لا يستند إلا إلى عرف قانوني لم يكن في يوم من الأيام ناتجاً عن ثقافتنا أو داخلاً ضمن سياق موروثنا وحاضرنا.
فالدستور هو المرجعية الأعلى للدولة وهذا تعريف يتطابق مع المادة الأولى ولا يَحدُث من خلاله أي إشكال، ولا سيما أن الكاتب في آخر مقاله أقر أن النظام الأساسي له مرجعية أعلى منه وهي الكتاب والسنة، ولن يكون الكاتب مع هذا التعريف في حاجة إلى التزهيد في المادة الأولى واعتبارها ذات ظاهر وباطن أو أنها صيغت تحت وطأة ظرف معين ولمجاملة فئة ما.
بقيت إشكالية كبرى لدى الكاتب بل ولدى كثير من الكتاب والباحثين في الشأن السعودي، وهي العلاقة بين الدولة وبين المؤسسة الدينية في المملكة، وهل ما تقرره المؤسسة الدينية يعد ملزما للدولة، في ظل عدد من الخلافات بين ما تقرره الدولة وبين ما يصدر عن المؤسسة الدينية.
وقد أعجبني في الكاتب أنه لم يجازف بإبداء نفي العلاقة كما فعل آخرون، بل قدم في آخر كلامه توصية من حيث الجملة تُعد مقبولة وتعبّر عن حاجة إلى إضافة عدد من المواد الإيضاحية على النظام الأساسي للحكم، قال الكاتب «يكمن اللبس والإشكال هنا في أن مرجعية الكتاب والسنة بالنسبة للمؤسسة هي مرجعية مفتوحة، أي أنه ليس لها إطار دستوري يحدد وجهتها، ويؤطر مواقفها وفتاواها، بما يتفق مع مواد النظام الأساسي كوثيقة واحدة متكاملة. يحتاج هذا الإشكال الدستوري إلى معالجة تحتفظ للدولة بروحيتها، وتؤكد التزامها بهويتها، وبأن الكتاب والسنة هما (معاً) مرجعيتها. لكنها مرجعية ينبغي لها أن تكون في إطار دستوري جامع، وملزم للدولة بكل مؤسساتها، كما هو ملزم لكل مواطن ومقيم».
اللبس الذي أشار إليه الكاتب يكمن في الاستسلام لمصطلح المؤسسة الدينية، وهو مصطلح يأتي للتعبير عن هيئة كبار العلماء خاصة وغيرها من المؤسسات الحكومية التي تخدم الجانب العلمي الشرعي في الدولة.
والاستسلام لهذا المصطلح خطأ كبير يتلخص في مخالفة النظام الأساسي للحكم، بقصر وصف المؤسسة الدينية على إحدى الهيئات الحكومية أو بعضها والصحيح الذي يؤكده هذا النظام الذي سمّاه الدكتور الدخيل دستوراً: أن الدولة كلها مؤسسة دينية في مرجعيتها مدنية في وظيفتها، ووظيفتها المدنية دينية في حقيقتها على اعتبار أن العمل المدني إنما هو جزء من عمارة الأرض التي خُلِق الإنسان مكلفاً بها طبعاً، أما الجهات الحكومية التي تَعنى بإصدار الفتاوى للدولة أو للأفراد كهيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة المنبثقة عنها أو التي تُعنى بإقامة العدل كمجلس القضاء ووزارة العدل أو التي تُعنى بالدعوة وإدارة الأوقاف العامة والخاصة، فهذه بعض مؤسسات الدولة الدينية وليست هي المؤسسة الدينية وحدها، فمجلس الوزراء وما انبثق عنه ومجلس الشورى وما انبثق عنه وبقية الوزارات وما تفرع عنها كلّ على حدة، كُلها مؤسسات دينية بمعنى أن كل واحدة منها مسؤولة عن سياسة الدنيا بالدين نصاً وقواعد أو بما لا يتعارض مع الدين.
فبعد المادة الأولى التي تقدم شرحها بالتفصيل تأتي المواد الأخرى منطلقة منها ومؤكدة دور الدين في تسيير أمور الدولة ودور الدولة في إقامة الدين. ولا يُستثنى من ذلك المادتان الثانية والثالثة اللتان تحددان علم الدولة وعيديها، والبعد الديني فيها ظاهر لا خفاء فيه.
والباب الثاني من النظام والمسمى نظام الحكم يحتوي على خمس مواد كلها تؤكد أن الدولة دينية خالصة ولا تشير إلى أي مصدر آخر لاستقاء الأنظمة والحكم عليها سوى الكتاب والسنة.
استمع إلى الجزء الثاني من الفقرة من المادة الخامسة «ويبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم». وهذا النص من النصوص النفيسة جداً في النظام، إذ إنه يلخّص حقوق المواطنين على الملك وهي أن يحكمهم على الكتاب والسنة، وعليه فإن هذين الأصلين هما المصدر الوحيد لكل حق للمواطن على الملك، ويلزم منه أن تكون الأنظمة التي تفصل حقوق الرعية خاضعة لحكم هذين الأصلين وهذا ما ستنص عليه صراحة المادة السابعة والتي سأذكرها بعد قليل.
أما المادة السادسة: فهي تجمل حقوق الملك على المواطنين، من خلال نص البيعة المستمد من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم عن عبادة بن الصامت: «بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وعلى أن لا ننازع الأمر أهله وعلى أن نقول بالحق». تقول المادة السادسة: «يبايع المواطنون الملك على كتاب الله وسنة رسوله وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره». إذاً فحقوق الملك على المواطنين أيضاً مستمدة من الكتاب والسنة غير خارجة عنها.
أما المادة السابعة: فإنها تنتقل بالمادتين الخامسة والسادسة إلى مدى أعمق من الوضوح والإلزام.
تقول المادة: «يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله وسنة رسوله... وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة».
وسلطة الحكم التي تضمنتها المادة تعني مجموع حقوق المواطن وحقوق الحاكم، والزيادة هنا هي أن مصدري الحقوق في هذه الدولة وهما الكتاب والسنة يُرجع إليهما في فهم كل نظام من أنظمة الدولة لا يستثنى من ذلك النظام الأساسي للحكم، بل إن كلمة هما الحاكمان تعبير يفيد الحصر كما أنه يتجاوز معنى التفسير إلى القضاء بالاعتبار أو الإلغاء فكل نظام يصدر مخالفاً للكتاب والسنة أو لأحدهما فهو نظام محكوم عليه بعدم الاعتبار، لأن الكتاب والسنة لا يعتبرانه.
ولا يتوقف النظام عن التأكيد على هذه المعاني في مختلف أبوابه فتجد هذا التأكيد في الموادّ (23ـ26ـ33ـ34ـ45ـ46ـ55)، وهي مادة خاصة بالملك تعد تأكيداً وتوضيحاً لما جاء في المادة الثالثة والجديد فيها هو نصها على السياسة الشرعية، تقول المادة: «يقوم الملك بسياسة الأمة سياسة شرعية طبقاً لأحكام الإسلام، ويشرف على تطبيق الشريعة الإسلامية والأنظمة والسياسة العامة للدولة وحماية البلاد والدفاع عنها»، كما تجعل له ولاية الإشراف على تطبيق الشريعة.
وبهذا يثبت أن وصف المؤسسة الدينية ليس خاصاً بالإدارات الحكومية التي تعالج الشأن الشرعي بل إن الدولة كلها من رأس هرمها إلى نهاية أطراف قاعدتها الشعبية هي مؤسسة دينية، مصدر التعريف بالحقوق لكل من المواطن والدولة هما الكتاب والسنة فحسب.
ثم يبقى السؤال الأخير وهو: أي تفسير للكتاب والسنة هو المُبَيِِن للحقوق والحاكم على جميع الأنظمة؟
والجواب أنه التفسير الذي قامت عليه المملكة العربية السعودية وهو التفسير السلفي، إذ إن الدولة قامت في جميع مراحلها على المناداة بأن كل فهم للكتاب والسنة يناقض فهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين فهو فهم خاطئ، وبذلك لا يمكن إحالة الأنظمة التي يُراد حكم الشريعة عليها إلى فهم خاطئ.
ومرجعية فهم السلف للكتاب والسنة غير منصوص عليها في النظام الأساسي للحكم، ولكنها من مقتضياته التي لا يمكن صرفها عنها يؤكد ذلك عدم النص على مذهب من المذاهب الأربعة، مع أن المذهب السائد هو مذهب الحنابلة.
وأختم المقال بالقول: إن قراءة الوثائق الدستورية على الملأ ينبغي أن لا يُعدل فيها عن حقائقها لتتوافق مع رؤانا الشخصية، بل تُقرأ وفق دلالتها اللغوية الصريحة وكما أراد لها كُتّابها، فإن كان لدينا رؤية تختلف مع هذه الوثيقة فلا بأس من تقديمها كمادة نقدية لها، وليس على شكل لي لأعناقها كي تتوافق مع رؤانا.
*متخصص في أصول الفقه.
==============================================================================
«النظام الأساسي» هو دستور المملكة
الأحد, 19 ديسيمبر 2010
خالد الدخيل *
ربما أن المعنى الذي يحمله عنوان هذه المقالة هو من الأمور الواضحة في الحالة السعودية، خاصة بعد أن أصبح «النظام الأساسي للحكم»، منذ إصداره قبل تسع عشرة سنة، هو المستند القانوني النهائي لكل المراسيم والأوامر الملكية، والقوانين والأنظمة التي تصدر عن السلطة التنظيمية (التشريعية). وهذا صحيح. لكن كما أتضح من مقالة الإسبوع الماضي بقى هناك لبس يتعلق بطبيعة وحدود دور المؤسسة الدينية في الإطار الدستوري الذي تحدده هذه الوثيقة. وكنت قد ختمت المقالة السابقة بالقول أن أهم مصادر الإلتباس «ما جاء في المادة الأولى لـ»النظام الأساسي للحكم» التي تنص على أن «المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ...». وهذا نص طبيعي، ويعبر عن روح الدولة السعودية، وعن جذورها الاجتماعية والسياسية، وعن الأساس الفكري الذي قامت عليه. لكن مع ذلك يبقى سؤال مهم: إذا كان «الكتاب والسنة» يشكلان معا دستور المملكة، فما هي الصفة القانونية التي يمكن أن نطلقها على وثيقة «النظام الأساسي» نفسه؟ أليست هي دستور المملكة؟ أم أنها شيئ مختلف؟
تقتضي الإجابة على هذه الأسئلة أن نجيب على سؤال بديهي: هل تنطبق شروط وخصائص الدستور على النظام الأساسي للحكم؟ والإجابة أنها بالتأكيد تنطبق عليه تماما، بغض النظر عن كل ما قد يبدو في هذه الوثيقة من ثغرات وأوجه نقص قد تتطلب التعديل، والتصحيح، أو الحذف والإضافة. تقدم»موسوعة السياسة» في جزئها الثاني تعريفا لا يخرج عن المعنى المتعارف عليه لمصطلح «دستور»، وهو أنه «أهم وثيقة في الحياة السياسية للمجتمع، وفي بنية الدولة. وهو مجموع القواعد القانونية التي تحدد نظام الحكم»، وتبين «طبيعة النظام السياسي، وهيئات الدولة، وسلطاتها، ووظائفها، ... وعلاقاتها، وإختصاصاتها في ما بينها، ثم علاقاتها مع المواطنين، وحقوق المواطنين ووجباتهم.» ونضيف إلى ذلك بأن الدستور هو الذي يحدد أيضا قواعد وأصول إنتقال الحكم داخل الدولة. وإذا ما نظرنا إلى النظام الأساسي نجد أنه تتوافر فيه كل هذه الخصائص. فهو يحدد أن نظام الحكم ملكي وراثي، وأن سلطات الدولة غير منفصلة، ويحدد أن مرجعيتها هو الملك. وأن الشريعة الإسلامية والأنظمة التي يصدرها الملك هي القانون الوحيد للبلاد.
في رمضان 1327هـ (2006م) صدر «نظام هيئة البيعة» بأمر ملكي، وبمقتضاه تم تعديل الفقرة «ج» من المادة الخامسة للنظام الأساسي، المتعلقة بإختيار ولي العهد. وبمقتضى هذا التعديل تحولت الفقرة التي لم تكن تتجاوز سطرا واحدا إلى نظام من 25 مادة. وبهذا النظام تكون الدولة قد إتخذت خطوة كبيرة في إتجاه تنظيم وترتيب عملية إنتقال الحكم بين أبناء مؤسس الدولة، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، على أسس دستورية ملزمة. من ناحية ثانية، يحدد النظام الأساسي الحقوق التي تكفلها الدولة للمواطن مثل الحق في الملكية، والأمن، والعمل، والتعليم، والصحة، إلى جانب حماية حقوق الإنسان. ويحدد الباب السادس سلطات الدولة، وهي كما جاء في الترتيب: السلطة القضائية، والسلطة التنفيذية، والسلطة التنظيمية. ويقصد بالأخيرة «السلطة التشريعية»، وذلك تجنبا لإستخدام صفة «التشريعية»، وما قد تثيره من حساسية لدى المؤسسة الدينية. هناك أيضا نظامي « مجلس الوزراء» و «مجلس الشورى» اللذين يكملان مع النظام الأساسي، ونظام هيئة البيعة، المدونة الدستورية للدولة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن مجلس الوزراء، الذي يرأسة الملك حسب النظام الأساسي، هو الهيئة التي تجمع بين السلطة التنفيذية، والسلطة التنظيمية (التشريعية). أما مجلس الشورى، فهو شريك بدرجة أقل لمجلس الوزراء في التشريع. وهذا ما تشير إليه المادة 67 من النظام الأساسي للحكم، مع أن المجلس في الأساس هيئة إستشارية للملك.
بناء على ذلك ليس هناك ما يمكن أن يوصف به «النظام الأساسي للحكم» إلا أنه دستور المملكة، وهو أول دستور مكتوب في تاريخ الدولة السعودية. في هذه الحالة، وعودة إلى السؤال الذي طرحناه في صدر هذه المقالة، كيف يمكن إذن أن نفهم نص المادة الأولى للنظام الأساسي الذي يؤكد بأن دستور المملكة يتمثل في الكتاب والسنة؟ أضف إلى ذلك حقيقة أن مسمى النظام نفسه لا يتضمن كلمة «دستور»، أي أن هذه الوثيقة لا تسمى رسميا بـ»الدستور». كيف يمكن أن نقرأ ذلك، وأن نفهمه؟ لعله من الواضح الآن بأننا إذا أخذنا بالمنطوق الحرفي لإسم النظام، ولنص المادة الأولى، فإنه يتعين علينا أن ننفي صفة الدستورية عن النظام الأساسي. هذا في حين أن هذه الوثيقة، سواء من حيث الشكل أو المضمون، تأخذ كل صفات وسمات الدستور. من الناحية الأخرى، فإن الكتاب والسنة، اللذين تعتبرهما المادة الأولى دستور المملكة، لا تتوافر في أي منهما صفة الدستورية. فالقرآن هو كلام الله الذي نزل على النبي هداية للناس أجمعين في كل زمان ومكان. وهو يجمع بين دفتيه نصوصا قانونيا، كما في الميراث والقصاص، وأخرى تاريخية، وقصص الأنبياء والأولين، وآيات في الوعد والوعيد، وأخرى تحض على التفكر في مخلوقات الله، وعجائب قدرته، ...الخ. بمثل هذه المواصفات، ليس القرآن وثيقة قانونية يقصد بها أن تكون دستورا لهذه الدولة أو تلك. ثم إن كلام الله مقدس ونهائي، وغير قابل للتعديل تحت أي ظرف. هذا في حين أن من أهم سمات الدستور أنه نص قابل للتعديل، والحذف والإضافة. ثالثا أن القرآن هو كتاب لجميع المسلمين في كل مكان وزمان، والدولة السعودية دولة وطنية لها حدودها الجغرافية، والسياسية، والثقافية، ودستورها ليس له سيادة، أو سلطة خارج هذه الحدود. أما السنة، فمع أنها أيضا، بحكم قدسيتها غير قابلة للتعديل أو التغيير، إلا أنها إلى جانب ذلك تتمثل في مدونات ستة، موجهة لجميع المسلمين، أيضا في كل مكان وزمان.
في مثل هذه الحالة، لا يجب علينا أن نأخذ بالنص الحرفي لمسمى النظام أو لمنطوق المادة الأولى، وأنما يجب أن نأخذ بالمعنى الأقرب، والأكثر تعبيرا عن الواقع السياسي، وهو المعنى المضمر في النص، وذلك أخذا في الإعتبار العوامل التاريخية، والدينية، والسياسية التي أحاطت بكتابة الدستور، وتحويلة إلى وثيقة مدونة. بهذا المعنى، يعكس مسمى النظام، وبشكل خاص منطوق المادة الأولى الطبيعة السياسية للدولة السعودية، وطبيعة علاقتها بالمؤسسة الدينية، والإرث التاريخي الذي نجمت عنه هذه العلاقة. وبالتالي فإنه ليس من التجاوز في شيئ أن نأخذ كلا من مسمى النظام الأساسي، ونص المادة الأولى، على أنهما يعكسان معا الخصوصية التاريخية والسياسية للدولة السعودية، وخصوصية علاقتها بالمنهج السلفي. وإذا ما إعتبرنا النظام الأساسي للحكم على أنه تقنين للواقع السياسي والاجتماعي للدولة السعودية، فإن نص المادة الأولى لا يعدو كونه تأكيدا على، وتكريس للسيادة العليا التي يعطيها الإسلام للشريعة. وهو في الوقت نفسه توثيق لتلك السيادة في إطار دولة وطنية، كجزء من أيديولوجية هذه الدولة، وبنيتها القانونية. لا يكون بهذا المعنى تناقض بين نص المادة الأولى، وبين طبيعة النظام الأساسي، ووظيفته كوثيقة دستورية. بعبارة أخرى، يحدد النظام الأساسي المجال السياسي والاجتماعي لتلك السيادة، المتمثل في الدولة السعودية بحدودها الجغرافية والسياسية. لاحظ هنا أن الشريعة، بمصدريها الكتاب والسنة، ومن حيث المبدأ، هي لكل المسلمين. لكن هذه الشريعة تأخذ دلالات ومعان قانونية محددة ضمن حدود الدولة التي تأخذ بها. ومن ثم فإن النظام الأساسي هو دستور المملكة، لكنه دستور له مرجعية أعلى منه، هي الكتاب والسنة.
الملاحظات السابقة تخص رؤية الدولة لنفسها، وللنظام الأساسي الذي صاغته لنفسها كدولة وطنية. وهنا يبرز السؤال: ما هي تحديدا علاقة المؤسسة الدينية السعودية بالنظام الأساسي، بإعتباره دستور الدولة التي تنتمي إليها؟ هل هو ملزم لها في كل ما يصدر عنها، أو عن بعض أعضائها من مواقف وفتاوي تتعلق بالشأن العام؟ يشير هذا السؤال إلى حالة اللبس المشار إليها من قبل. وإذا كان ما يصدر عن هذه المؤسسة من فتاوي، ومواقف تتعارض أحيانا مع بعض أنظمة وقوانين الدولة، هو أحد مصادر ذلك اللبس، إلا أن المصدر الأساسي لهذا اللبس، هو نص المادة الأولى للنظام الأساسي. ويتضاعف اللبس، كما أشرنا من قبل، عندما نضيف إلى المادة الأولى، ما جاء في المادة 45 من النظام نفسه، والتي تنص على أن «مصدر الإفتاء في المملكة العربية السعودية كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم..»، من غير تحديد يوضح بشكل مباشر الألتزام في ذلك بمقتضيات دستور الدولة. بعبارة أخرى، يكمن اللبس والإشكال هنا في أن مرجعية الكتاب والسنة بالنسبة للمؤسسة هي مرجعية مفتوحة، أي أنه ليس لها إطار دستوري يحدد وجهتها، ويؤطر مواقفها وفتاواها، بما يتفق مع مواد النظام الأساسي كوثيقة واحدة متكاملة. يحتاج هذا الإشكال الدستوري إلى معالجة تحتفظ للدولة بروحيتها، وتؤكد إلتزامها بهويتها، وبأن الكتاب والسنة هما معا مرجعيتها. لكنها مرجعية ينبغي لها أن تكون في إطار دستوري جامع، وملزم للدولة بكل مؤسساتها، كما هو ملزم لكل مواطن ومقيم.
* كاتب واكاديمي سعودي
==========================================================================
الدستور بين الدولة والمؤسسة الدينية
الأحد, 12 ديسيمبر 2010
خالد الدخيل *
أعود إلى موضوع المؤسسة الدينية وعلاقتها بالدولة. كنت قد تناولت هذا الموضوع من قبل (14 تشرين الثاني /نوفمبر)، في ضوء فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية، والتي بموجبها حرّمت حينها عمل المرأة كمحاسبة في المحلات التجارية. وأنا لا أعود هنا انطلاقا من أهمية حق المرأة في العمل (وهو حق مهم)، وإنما لسببين: الأول ما أثارته المقالة السابقة من تعليقات، من أصدقاء وغيرهم، وهو ما سأعود إليه لاحقاً. أما السبب الثاني، فهو إعادة تسليط الضوء على النهج الفقهي الذي تصدر عنه اللجنة الدائمة في مثل فتواها تلك، وما يقوله هذا النهج عن طبيعة العلاقة بين المؤسسة الدينية والدولة في المرحلة الحالية. تبدو مرجعية المؤسسة الدينية في هذه العلاقة مختلفة، بهذه الدرجة أو تلك، مع المرجعية التي تستند إليها الدولة. تتمثل مرجعية الدولة في «النظام الأساسي للحكم»، وهو وثيقة تنص مادتها الأولى على أن الكتاب والسنة هما معاً «دستور المملكة». من جانبها، تستند المؤسسة الدينية إلى الكتاب والسنّة كمرجعين أساسيين في فتاويها وآرائها الشرعية، لكن غالباً ليس ضمن الإطار الدستوري لوثيقة «النظام الأساسي».
الفتوى المذكورة للَّجنة الدائمة كانت آخرَ الأمثلة على ذلك الاختلاف، حيث جاءت الفتوى (وهناك فتاوى أخرى مماثلة) استناداً إلى قراءة معينة للنص الديني، في موضوع هو في أصله خلافي، وليس محلَّ إجماع. وقد جاء في الفتوى، حسب ما نشر، أن عمل المرأة محاسبة «يعرِّضها للفتنة، ويفتن بها الرجال، فهو عمل محرَّم شرعاً، وتوظيف الشركات لها في مثل هذه الأعمال تعاونٌ معها على المحرَّم، فهو محرَّم أيضاً».
اين تختلف اللجنة في مرجعيتها بمثل هذا الرأي عن مرجعية الدولة؟
تختلف في أنها استندت في فتواها ليس إلى نص واضح ومباشر من الكتاب، أو نص صحيح ومحلِّ إجماع من السنّة، على اعتبار أن الكتاب والسنّة هما المرجع الأخير لدستور المملكة. بدلاً من ذلك، استند أعضاء اللجنة إلى ما أجمع عليه رأيهم وقناعتهم حول الموضوع. وهذه القناعة هي أقرب إلى الموروث الاجتماعي منها إلى نص شرعي محل إجماع. المسألة الأخرى التي كشفت اختلاف مرجعية اللجنة عن مرجعية الدولة، أن اللجنة لم تأخذ في الاعتبار أنها تعمل ضمن الإطار الدستوري للدولة المتمثل في «النظام الأساسي للحكم». هذا النظام هو بمثابة العقد بين الدولة والمجتمع، والمؤسسة الدينية هي إحدى مؤسسات الدولة. تنص المادة 48 من هذا النظام على أن المحاكم «تطبق على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية وفقاً لما دلَّ عليه الكتاب والسنّة، وما يُصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنّة». أما المادة 55، فتنص على أن الملك يقوم «بسياسة الأمة سياسة شرعية طبقاً لأحكام الإسلام، ويشرف على تطبيق الشريعة الإسلامية والأنظمة والسياسة العامة للدولة، وحماية البلاد والدفاع عنها». لاحظْ أن هاتين المادتين تؤكدان على ما أصبح من المسلَّمات، وهو أن الحزمة التشريعية للدولة السعودية لا تقتصر على ما جاء في الكتاب والسنّة وحسب، بل تشمل الأنظمة والقوانين التي تسنّها الدولة، شرط أن لا تتعارض مع الكتاب والسنّة. ولاحظْ ثانياً التأكيد المتكرر لـ «النظام الأساسي للحكم» على مصطلح «الكتاب والسنةّ». وذلك - كما يبدو - لتوفير مساحة كافية من المرونة أمام الشارع لاختيار القانون الأنسب والأصلح حسب الظرف والمصلحة المباشرة من بين الخيارات التي يتيحها هذا المصطلح: فهناك مسائل ومواضيع نص عليها الكتاب أو نصت عليها السنّة، وهي مواضيع محدودة، خاصة في الكتاب. أما بالنسبة الى السنّة، ففيها بعض النصوص المتناقضة، والتي تختلف في درجة صحتها من قضية لأخرى. ثم هناك التراث الفقهي، المليء بالمواقف والآراء المختلفة حيال القضايا نفسها، وإستناداً إلى الكتاب والسنّة أيضاً. هذا فضلاً عن المسائل والمواضيع المستجدة التي لا ذِكْرَ مباشر لها في أي من هذين المصدرين على الأقل. هذه الحرية والمرونة التي ينطوي عليها مصطلح «الكتاب والسنّة» أضحت ضرورة ملحة بالنسبة الى دولة إسلامية في العصر الحديث.
الإشكالية أن المؤسسة الدينية، كما عبَّرت عن ذلك اللجنة الدائمة في فتواها، لا تعترف بهذه المساحة، وما تتيحه من حرية تشريعية، أو لا ترى مصلحة من ورائها. لم تأخذ اللجنة في اعتبارها - مثلاً - أن عمل المرأة محاسِبة في الشركات والمحلات التجارية يستند إلى نظام صادر عن مجلس الوزراء. والأرجح أن السبب في ذلك يعود إلى أن فقهاء هذه المؤسسة متمسكون بالتراث الفقهي الذي ورثوه من ماضيهم المباشر، ونتيجة له استقرت خياراتهم الفقهية على مواقف بعينها من دون سواها، ولا يعتبرون أنفسهم ملزَمين بخيارات أو قناعات غيرهم المختلفة. وكنت قد ذكرت من قبلُ بأنه أيام الدولتين السعوديتين الأولى والثانية، كان الفقيه ورجل الدين، بشكل عام، هو المثقف الوحيد الذي يمثل رؤية الدولة ويعمل على ترسيخها، ويتبنى سياسات الدولة ويدعمها في الداخل والخارج. وتنبع أهمية هذه الملاحظة بالنسبة الى موضوعنا، من أنها تتضمن أن المؤسسة الدينية كما تمثلت في علماء الدعوة وعلاقتهم بالحاكم، كانت تقريباً هي المرجعية القانونية الوحيدة داخل الدولة. وذلك لأن البنية المؤسسية والدستورية للدولة آنذاك كانت محدودة جداً مقارنة بما هي عليه الآن. أضف إلى ذلك الانقلاب الذي تعرضت له بنية المجتمع السعودي خلال نصف القرن الماضي. وهو انقلاب يشير إلى أن الأساس الاجتماعي والاقتصادي الذي كانت تستند إليه الدولة، ومعها المؤسسة الدينية في مراحلها الأولى، يتلاشى بشكل مستمر. ولعله من الواضح أن الدولة تعي هذا التحول، وتعمل في شكل أو آخر على التكيف معه. لكن المؤسسة الدينية لا تبدو في وارد الاعتراف بحقيقة ما حدث ويحدث من تغيرات اجتماعية واقتصادية. وعلى العكس، ترى هذه المؤسسة أن المجتمع والدولة وهما يمران بهذه التحولات، هما من تقع عليهما مسؤولية التكيف مع رؤيتها هي، والتي يتداخل فيها الديني مع الموروث الاجتماعي الآتي من ماضي المجتمع. وهذا الفارق بين موقف المؤسسة الدينية وموقف الدولة يشكِّل الأساس للكثير من اللَّبْس والتناقض في الرؤية الدستورية لكل منهما.
لكن يبدو أن اللبس يمتد إلى خارج المؤسسات الرسمية. وهنا أعود إلى إحدى المداخلات التي وصلتني من طرف ثالث عبر البريد الإلكتروني. وهي مداخلة جادة من الدكتور سعد العتيبي، عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء. يقول الدكتور سعد إنه من الضروري إيجاد «آلية شرعية صحيحة لتحقيق الرقابة الدستورية السابقة على الأنظمة، وذلك في جانبها الشرعي، ... مع العناية بالرقابة اللاحقة للواقع التطبيقي». ومع أنه ليس واضحاً ما هي هذه الآلية الشرعية، إلا أن فكرتها تمثل مخالفة دستورية، لأنها كما يبدو، تهدف إلى إعطاء دور الرقابة للمؤسسة الدينية على عمل السلطة التنظيمية (التشريعية) للدولة، والمتمثلة في مجلس الوزراء، ومجلس الشورى كشريك أقل درجة في هذه السلطة. وهذا بالرغم من أن المؤسسة الدينية لا علاقة لها بالسلطة التشريعية حسب النظام الأساسي للحكم. ومن المعروف أن هناك في مجلس الوزراء ما يعرف بـ «لجنة الخبراء» كهيئة استشارية قانونية للنظر في ما يعرض من قرارات وأنظمة على المجلس للتأكد من سلامتها القانونية. وتزداد درجة اللبس لدى الدكتور عندما فهم قولي في المقالة السابقة «والمفارقة أن (اللجنة) بذلك (أي بفتواها المذكورة) لم تخالف، كما أشرنا أعلاه، نصّاً دستورياً، لكنها خالفت تشريعاً واضحاً صادراً عن الدولة التي تنتمي إليها»، على أنه إشارة إلى أن اللجنة خالفت الكتاب والسنّة. وهذا غير صحيح، لأن الجملة السابقة تشير إلى حالة اللبس والتداخل في البنية القانونية للدولة بين البعد الدستوري لهذه البنية من ناحية، والبعد الفقهي كما تراه اللجنة الدائمة، ومعها هيئة كبار العلماء، وبقية المؤسسة الدينية بشكل عام. وهي حالة ينبغي الالتفات إليها.
ربما أن أحد مصادر الالتباس حول هذا الموضوع هو ما جاء في المادة الأولى لـ»النظام الأساسي للحكم» التي تنص على أن «المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى، وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم ...». وهذا نص طبيعي، ويعبِّر عن روح الدولة السعودية، وعن جذورها الاجتماعية والسياسية، وعن الأساس الفكري الذي قامت عليه. لكن مع ذلك يبقى سؤال مهم: إذا كان «الكتاب والسنة» يشكِّلان معا دستور المملكة، فما هي الصفة القانونية التي يمكن أن نطلقها على وثيقة «النظام الأساسي» نفسه؟ أليست هي دستور المملكة؟ أم أنها شيء مختلف؟
* اكاديمي وكاتب سعودي
===============================================================================
الفتوى بين منطق الدين ومنطق الدولة
الأحد, 14 نوفمبر 2010
خالد الدخيل *
كان التقليد المتبع في السعودية إلى عهد قريب أن توجيه النقد من خلال الإعلام للمؤسسة الدينية يعتبر تقريباً من المحظورات. لم يصدر نظام أو قرار بذلك قط، وإنما كان تقليداً ترسخ مع الوقت. وهو تقليد يجد جذوره الأولى في تأسيس الدولة في أواخر النصف الأول من القرن الثامن عشر. الآن يبدو أن هذا التقليد قد وصل إلى منتهاه، وأنه آخذ في أن يصبح من التراث الماضي. لم يصدر أيضاً نظام أو قرار بذلك، بقدر ما أن الأحداث المحلية والخارجية فرضت أن يتشكل تقليد جديد لعله يحل محل التقليد القديم. هذا ما يوحي به الحراك الثقافي السعودي في السنوات الأخيرة، وتحديداً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حيث اتسع هامش حرية التعبير أمام الصحافة المحلية في تناول الكثير من القضايا المحلية التي تهم المواطن. ويدخل ضمن ذلك هامش نقد المؤسسة الدينية ضمن الثوابت التي تحكم علاقة هذه المؤسسة بالدولة. وهذه خطوة متقدمة في التاريخ السعودي تحسب لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وهي خطوة ذكية لأنها لمحت مسار الأحداث، وسياق التغير الذي تنبئ به.
كانت بداية نقد المؤسسة الدينية مع الصحوة حين وجهت سهامها الى التغيرات الاجتماعية والثقافية التي كانت تعتمل داخل المجتمع السعودي في ثمانينات القرن الماضي. كان النقد المعلن والمباشر لأصوات الصحوة موجهاً بشكل أساسي لما اعتبرته مظاهر للحداثة والعلمانية، ولما تؤشر إليه بالتالي من انحراف عقدي كانت ترى أنه لا بد من مواجهته. لكن النقد المضمر في خطاب الصحوة كان موجهاً الى الدولة التي تتساهل مع هذه المظاهر، وإلى المؤسسة الدينية الرسمية التي بدت لتلك الأصوات بأنها غير فاعلة وغير مؤثرة، أمام استشراء مظاهر الحداثة بشكل خاص. تراجع الكثير من أصوات الصحوة عن مواقفهم تلك، أو هكذا يبدو، أثناء وبعد تجربة ليست قصيرة مع السجن. ماذا يعني كل ذلك؟ يعني أولاً انقسام الخطاب الديني بعد أن كان موحداً تحت عباءة المؤسسة الدينية الرسمية حتى سبعينات القرن الماضي. ومن ثم لم تأتِ التغيرات الاجتماعية بصيغ مختلفة للمثقف غير رجل الدين، وإنما بصيغة مختلفة لرجل الدين نفسه أكثر ميلاً للتسييس، وأكثر ابتعاداً عن نمطية رجل الدين التقليدي. وهذا يعني بدوره، ثانياً، أن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية بفعل الطفرة وخطط التنمية، كانت تعصف بالمجتمع، في إطار الدولة وليس خارجها. ثالثاً: أن تغير الخطاب الديني، كنتيجة طبيعية لتغير المجتمع وبشكل خاص هنا تغير البنية الثقافية للمجتمع، فرض أن تتغير علاقة الدولة بالمؤسسة الدينية. لم يتغير الالتزام، ولا العقد الذي يربط بين الطرفين، لكن شكل العلاقة التي يمتد عمرها الى ما يقرب من ثلاثة قرون، أصبح في مواجهة واقع اجتماعي مختلف، ومتطلبات تفرضها التزامات الدولة داخلياً وخارجياًَ، الأمر الذي يفرض عليها مراعاته وأخذه في الحسبان في سياساتها الداخلية والخارجية. كانت قيادة الدولة ولا تزال على وعي واضح بهذه الأحداث والتغيرات، وما تفرضه من مواقف وسياسات. لكن على الجانب الآخر، لا يبدو أن المؤسسة الدينية كانت على الخط نفسه، وبموازاة الدولة. على العكس، تبدو هذه المؤسسة وكأنها تعاني من بطء في مسايرة الدولة ببرامجها وخطواتها الإصلاحية في الداخل.
عند هذه اللحظة، كان من الطبيعي أن يبدأ التباين بين مواقف الدولة والمؤسسة الدينية، إزاء قضايا تتعلق بالتنمية، وبشكل خاص قضية المرأة، يطفو على السطح. آخر تلك القضايا التي ظهر الاختلاف إزاءها كانت قضية الاختلاط، ثم قضية عمل المرأة (وهي مرتبطة مباشرة بالاختلاط)، أو الفتوى الأخيرة بتحريم عمل المرأة محاسبة في المحال التجارية. في هذا السياق، أجد لزاماً علي إيراد نص رسالة جاءتني على جوالي من صديق بعد صدور هذه الفتوى مباشرة. وهي رسالة تشير إلى المأزق الذي وضعت اللجنة الدائمة للإفتاء نفسها، ومعها الدولة، فيه بسبب فتواها. تقول رسالة الصديق: «بعد صدور الفتوى اليوم ... والتوقيع عليها من جميع أعضاء اللجنة السبعة أصبح موقف الدولة محرجاً جداً. فإذا قبلت (بفتوى اللجنة) تكون قد رضخت وسلّمت القرار للعلماء، وإذا لم تنفذ فتوى اللجنة، تكون قد نسفت أمر حصر الفتوى ..». والإشارة هنا إلى الأمر الملكي الذي صدر في آب (أغسطس) الماضي، والذي بموجبه تم حصر الفتوى في «هيئة كبار العلماء»، و «اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء».
والحقيقة أن عدم الالتزام الرسمي بالفتوى لا يعني بالضرورة نسفاً لأمر حصر الفتوى بالمؤسسة الدينية. فهذا الأمر خطوة إصلاحية جريئة ومتقدمة في هذه المرحلة. سوف يبقى الحصر، لكن شيئاً آخر يحتاج إلى مراجعة، بخاصة معنى الفتوى ودورها ومكانتها في دولة تطمح الى أن تكون دولة حديثة في مؤسساتها. كان أمر الحصر خطوة مطلوبة لتفادي فوضى الفتاوى، من ناحية، ولجعل أمر الفتوى داخل مؤسسة الدولة، وليس خارجها، بما يعزز فكرة المأسسة، من ناحية ثانية. وعليه يمكن النظر إلى إقدام اللجنة الدائمة للإفتاء على تحريم عمل مشرّع له من قبل الدولة بأنه يمثل في حقيقة الأمر نوعاً من التجاوز القانوني. هو بالتأكيد تجاوز غير مقصود، وسببه تداخل بين سلطات الدولة. فاللجنة هيئة إستشارية، وليس منوطاً بها أمر تشريعي. السلطة التشريعية تعود إلى مجلس الوزراء، ومجلس الشورى، ومرجعية كليهما تتمثل في الملك. من ناحيتها فإن الفتوى هي رأي شرعي، لكنها ليست تشريعاً أو تنظيماً ملزماً، بخاصة بالنسبة الى الدولة. الإشكالية أن مصدر الإفتاء، كما جاء في المادة 45 من «النظام الأساسي للحكم»، أو دستور المملكة، محصور في «كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ...». وهذا يتفق تماماً مع طبيعة الدولة السعودية، وتاريخها، ومع مرتكزاتها العربية الإسلامية. إلا أن هذه المادة لا تنص مباشرة بما يفيد أن مؤسسة الإفتاء ملزمة العمل ضمن الإطار الدستوري للدولة المتمثل بـ «النظام الأساسي للحكم»، وهو الإطار الذي تلزم الدولة نفسها به، وفقاً للدستور نفسه، إلى جانب إلتزامها كتاب الله وسنة نبيه أيضاً.
من هنا تكشف الفتوى الأخيرة عن أن هناك تبايناً بين الدولة والمؤسسة الدينية يعود في الأساس إلى اختلاف بهذه الدرجة أو تلك في قراءة كل منهما للكتاب والسنة. ليس بالضرورة أن هناك تناقضاً بين قراءة كل من الطرفين. لكن هناك اختلاف بينهما، ومصدر هذا الاختلاف ليس أي شيء آخر عدا عن أن الدولة ملتزمة الإطار الدستوري الذي وضعته لنفسها، لكن الأمر ليس بالوضوح نفسه بالنسبة الى عمل المؤسسة الدينية، وبخاصة اللجنة الدائمة للإفتاء. ربما قيل بأن كون المؤسسة الدينية إحدى مؤسسات الدولة، فمن الواضح أنها ملزمة بإطارها الدستوري. لكن اللبس الذي رافق صدور الفتوى الأخيرة للجنة لا يؤيد ذلك. حيث كان المفترض أن تعود اللجنة قبل إصدار فتواها إلى قوانين الدولة وأنظمتها، لأنها هي المرجعية الأولى والأساسية لها. وهذه القوانين والأنظمة تستند إلى «النظام الأساسي للحكم»، الذي تنص مادته الأولى على أن دستور المملكة يتمثل في القرآن والسنة النبوية. لكن اللجنة لم تفعل ذلك. والمفارقة أنها بذلك لم تخالف، كما أشرنا أعلاه، نصاً دستورياً، لكنها خالفت تشريعاً واضحاً صادراً عن الدولة التي تنتمي إليها.
من هذه الزاوية، تبرز إشكالية الفتوى في دولة تأخذ بالسبل الحديثة في بناء مؤسساتها. هناك إجماع على أن الفتوى رأي شرعي في مسألة معينة. وبما أنها كذلك فهي ليست ملزمة لأحد، وذلك بخلاف الحكم القضائي. السؤال: إذا كان الأمر كذلك، فلماذا إذن نجد أن الفتاوى، وليست الأحكام القضائية، هي غالبا مصدر إثارة الإشكاليات والأزمات الاجتماعية والسياسية؟ هذا سؤال مهم، ويحتاج الى الكثير من الاهتمام. لن يكون متاحاً في هذه المساحة أكثر من مواصلة التساؤل، واقتراح فرضية ليست بعيدة من متناول الجميع. وهي أن السبب الأهم وراء هذه الإشكالية يعود إلى أن منطق الدين الملتبس بالقيم الاجتماعية والثقافة الشعبية، وليس منطق الشرع أو القانون، هو المهيمن على ثقافة المجتمع المسلم. بعبارة أخرى، منطق الدين، وتحديداً الدين الشعبي، المتميز أو المنفصل عن منطق الشرع، صار يمثل سلطة سياسية واجتماعية موازية لسلطة الدولة داخل المجتمع. وهذا يحمل مؤشراً على تراجع منطق القانون، وبالتالي ضعف منطق الدولة في ثقافة المجتمع الذي تحكمه هذه الدولة.
إذا استمر الأمر على حاله، سيظل الفكر الديني المتخفف، إن لم نقل المتحلل، من قيود القانون وضوابطه، مصدر إشكال وتحد للدولة. لا أظن أن في هذا شيئاً جديداً على أحد، وبخاصة على الدولة. لكن السؤال الذي ما فتئ يفرض نفسه على الجميع: كيف يمكن تكييف الشريعة بحيث يصار إلى تقنينها لتصبح قابلة للتحول إلى دستور لدولة وطنية حديثة، يمثل المرجعية لكل سلطات الدولة، وكل مؤسساتها؟ من الواضح أن السؤال يتضمن فرضية بأنه بقدر ما أن حصر الفتوى في مؤسسات الدولة خطوة متقدمة، إلا أنه يحتاج إلى خطوات أخرى.
* كاتب وأكاديمي سعودي
- الفتوى بين منطق الدين ومنطق الدولة - خالد الدخيل - الحياة - الأحد, 14 نوفمبر 2010
- الدستور بين الدولة والمؤسسة الدينية - خالد الدخيل - الحياة - الأحد, 12 ديسيمبر 2010
- «النظام الأساسي» هو دستور المملكة - خالد الدخيل - الحياة - الأحد, 19 ديسيمبر 2010
- النظام الأساسي للحكم هو: النظام الأساسي للحكم - محمد بن إبراهيم السعيدي - الحياة - الخميس, 30 ديسيمبر 2010
Dar Al Hayat - السعودية ليست دولة دينية
الأحد, 16 يناير 2011
خالد الدخيل
أعود إلى موضوع كتبتُ عنه هنا ثلاثة مقالات. كانت الأخيرة منها في 19 كانون الاول (ديسمبر) الماضي. كانت فكرة العودة تراودني، ثم جاء الدكتور محمد بن إبراهيم السعيدي وكتب مداخلة مطولة في هذه الصحيفة، في 30 كانون الاول، تعليقاً على ما كتبتُه. كان السعيدي مباشراً في التعبير عن اختلافه معي في مسائل مهمة وإستراتيجية، وعبر عن ذلك بأسلوب ينم عن قناعة راسخة بما يريد أن يصل إليه. ومع أن ما يريد الوصول إليه يتناقض مع ما كتبتُه، ومع طبيعة الدولة السعودية ونظامها الأساسي، إلا أنه لم يخرج في اختلافه عن أصول الجدل ومتطلباته، وهذا أمر يحسب له.
انصبّ اهتمام الكاتب في كل مداخلته على تأكيد الطبيعة الدينية للدولة السعودية، ولهذا يرفض أحياناً مصطلح الدستور، وأخرى يقترح أن نعطي له تعريفاً يتوافق مع تصوره الديني المسبق للدولة، من دون أن يفصح عن هذا التعريف. انسجاماً مع ذلك، ركَّز على مسألتين: مصطلح «الدستور» وصلاحيته لوصف النظام الأساسي، والثانية نفي الصفة الوطنية عن الدولة السعودية، والتأكيد بدلاً من ذلك على طبيعتها الدينية. واللافت أنه تجاهل في كل ذلك المسألةَ المركزية في ما كتبتُ، والتي كان يجب أن تكون موضوع النقاش، وأقصد طبيعة علاقة المؤسسة الدينية بدستور المملكة وحدود هذه العلاقة. وكنت قد طرحت هذه المسألة في المقال الأخير على النحو التالي: «ما هي تحديداً علاقة المؤسسة الدينية السعودية بالنظام الأساسي، باعتباره دستورَ الدولة التي تنتمي إليها؟ هل هو ملزم لها في كل ما يصدر عنها أو عن بعض أعضائها من مواقف وفتاوى؟»، أم أن هذه المؤسسة (وهذا سؤال أضيفه هنا) ليست ملزمة إلا بالمادة الأولى من النظام الأساسي، وغيرها من المواد، التي تؤكد على أن الكتاب والسنّة هما معاً مرجعيته الأولى، وأن المواد والعناصر الأخرى لهذا النظام ليست ملزمة لها؟ الباعث على مثل هذه الأسئلة، كما أشرت في المقالة ذاتها، هو الإشكال المتمثل في «أن مرجعية الكتاب والسنّة بالنسبة الى المؤسسة هي مرجعية مفتوحة، أي أنه ليس لها إطار دستوري يحدد وجهتها ويؤطر مواقفها وفتاواها بما يتفق مع مواد النظام الأساسي كوثيقة واحدة متكاملة». ونتيجة لذلك، صدرت عن المؤسسة مواقف وفتاوى تتعارض مع بعض أنظمة الدولة، كموقفها من النظام المصرفي، ومن عمل المرأة، على سبيل المثال. وبما أن الكتاب والسنّة هما مرجع النظام الأساسي، فلماذا لا يشكل هذا النظام بكليته الإطار الدستوري لعمل المؤسسة ومرجعيتها النهائية؟ هل لذلك علاقة بأن مفهوم «الكتاب والسنة» مفتوح على مدارس فقهية عدة، ويحتمل آراء واجتهادات قد تختلف في ما بينها إلى هذه الدرجة أو تلك، لكنها جميعاً تُعتبر اجتهاداتٍ صحيحةً ومشروعة؟
ليس هناك من معنى لسؤال الدكتور السعيدي عن هذه الإشكالية، لأنه يرى أن النظام الأساسي يؤكد أن «الدولة كلها، من رأس هرمها إلى نهاية أطراف قاعدتها الشعبية، هي مؤسسة دينية»، حتى «مجلس الوزراء... ومجلس الشورى... وبقية الوزارات، كلها مؤسسات دينية».
عدا عن مغالطته الواضحة بمثل هذا الرأي، فإن موقف الكاتب ملتبس، فهو يقبل من النظام الأساسي المواد التي يرى أنها تؤكد الطبيعة الدينية للدولة، ويُسهب كثيراً في تعداد إيجابياتها ودقتها، وهو ما ينطوي على اعتراف ضمني بأن هذا النظام هو الدستور الذي على أساسه تتحدد طبيعة الدولة. لكنه من ناحية ثانية، يرفض هذه الصفة الدستورية للنظام، انطلاقاً - كما يقول - من سيادتنا كدولة، وأن هذه السيادة تقتضي أن يكون لنا حرية «اختيار التعريف المناسب للمصطلحات التي تعبِّر عن هوية دولتنا وأمتنا...». ماهو هذا التعريف؟ يجيب بأنه «ليس من تمام السيادة أن نكون أسرى لفهم بشري لا يستند إلا إلى عرف قانوني لم يكن في يوم من الأيام ناتجاً عن ثقافتنا...»، أي أن القرآن هو دستور المملكة، لكنه - أي الكاتب - لا يدلف إلى تفصيل ذلك وتبريره. أراد أن يأخذ من النظام الأساسي ما يعتقد أنه يؤيد تصوره عن طبيعة الدولة، وترك ما لا يتفق مع هذا التصور. فاته هنا أمران: الأول أن السيادة لا علاقة لها بعملية التثاقف والتفاعل الحضاري بين الأمم، لأنها جزء من عملية التراكم الإنسانية، وأن الكثير من المفاهيم والمصطلحات تتحول، في هذا الإطار، إلى مفاهيم إنسانية قد يكون منشأها عربياً، أو صينياً، أو رومانياً لا فرق، فالغرب مثلاً أخذ مصطلح «الدستور»، وهو فارسي، وأخذ من العربية مصطلحات علمية أخرى، ولم تتأثر سيادته في شيء. والخليفة عمر بن الخطاب أخذ مصطلح «الدواوين» من الفرس ولم تتأثر حينها أيضاً سيادة الدولة الإسلامية في شيء. لماذا نحن من دون غيرنا سوف تتأثر سيادتنا عندما نأخذ بمصطلح الدستور؟ وفات الكاتب أيضاً تسبيب إصراره على أن القرآن هو الدستور الوحيد الصالح لهذه الدولة الإسلامية أو تلك. ولا أظن أنه كان في إمكانه ذلك، لأنه ليس في القرآن، ولا في السنّة، ولا في التجربة السياسية الإسلامية، وخاصة المبكرة باعتبارها التجربة التأسيسية، ما يدل على أن الكتاب، أو السنّة، أو كليهما معاً، يشكلان دستوراً ملزماً بهذه الصفة السياسية والقانونية، ولو كان هناك شيء من ذلك لما اختلفت الطريقة التي تولى بها أبو بكر الخلافة عن تلك التي تولى بها عمر، وتلك التي تولى بها عثمان، أو التي تولى بها علي، أو الخامسة التي تولى بها معاوية، والتي دشنت مرحلة مختلفة عن الخلافة الراشدة. بل إن الاختلاف البيّن لهذه الخلافة الأخيرة عن الخلافة الراشدة، لا يترك مجالاً للقول بأن القرآن كان دستور الدولة، لأنه لو كان كذلك فإن السؤال الذي يفرض نفسه في هذه الحالة: مَن مِن أولئك الصحابة خالف الدستور؟ وقبل ذلك، لم يستعن أحد من أطراف الخلاف الذي انفجر في السقيفة، بعد وفاة الرسول (ص)، بالقرآن لتأييد موقفه من الخلافة، ما يؤكد أن القرآن لم يكن يُنظر إليه حينها على أنه دستور الدولة.
بعد تفصيله لدلالة المادة الأولى للنظام الأساسي، يقول السعيدي «إنني لا أعرف بعد سبب إصرار الكاتب على وصف الدولة بأنها وطنية...»، ويضيف: «وأخشى ما أخشاه (أنه) يريد بهذا الوصف إنكار كون السعودية دولة دينية...». وأنا أحيله إلى المادة التاسعة من النظام الأساسي، التي تؤكد على «حب الوطن والاعتزاز به وبتاريخه المجيد»، وعلى المادة 12، التي تعتبر الوحدة الوطنية واجباً. لكن على أي أساس استند السعيدي في وصف السعودية بأنها «دولة دينية»؟ ليس في النظام الأساسي ما يشير من قريب أو بعيد إلى هذه الصفة. ما يؤكده هذا النظام، وقبله تاريخ الدولة، هو أنها دولة عربية إسلامية، وليست دينية. الواضح أن الصفة الوطنية للدولة تتناقض، في رأي الكاتب، مع هويتها الإسلامية، وهو بهذا يحصر الهوية الإسلامية للدولة في بعدها الديني، مستبعداً الأبعاد الحضارية الأخرى، من اجتماعية وفكرية واقتصادية. كأن الكاتب لا يدرك خطورة هذا المنحى، وأنه يفضي إلى إقصاء بعض مكونات المجتمع، لأن الدين بطبيعته يتوزع إلى مذاهب وطوائف، لكل منها رأيه ومعتقداته، وهو ما يتناقض رأساً مع التعددية التي هي المكون الطبيعي للمجتمع الإنساني، والمجتمع السعودي ليس استثناء من ذلك.
الغريب أن حصر هوية الدولة في بُعدها الديني يجد جذوره الفكرية ليس في التاريخ الإسلامي، بل في تاريخ العصور الوسطى الأوروبية، فـ «الدولة الدينية» مصطلح مسيحي ينتمي إلى تاريخ علاقة الكنيسة بالدولة في تلك العصور، وهو يعني الدولة التي يحكمها ملك على أساس حق إلهي في الحكم. وقد ارتبط قيام هذه الدولة بالطبقة الكهنوتية التي سيطرت على الكنيسة، ومن خلالها على الدولة. هل كان في الإسلام مثل هذه الدولة؟ أبدا، بل لا وجود لمصطلح «الدولة الدينية» في المصادر الكلاسيكية الإسلامية، من كتب تاريخ، وفقه، وسياسة، وتفسير، وسير وتراجم... إلخ. والأهم من ذلك، أن القرآن والسنّة كليهما ترك مسألة الحكم شأناً دنيوياً يختار فيه المسلمون ما يتفق مع مصالحهم ولا يتعارض مع ثوابت الإسلام. والرسول توفي وهو لم يوصِ - تماشياً مع القرآن - لأحد بالحكم، ولا بصيغة معينة للحكم أو الخلافة. ومن الطبيعي أن المصطلح الشائع إسلامياً كان «الخلافة» أو «الإمامة»، وهذه يعرفها الماوردي بقوله: «الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا». أما ابن خلدون، فيعرّف الخلافة بأنها «حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي». لاحِظْ أن الماوردي لم يصف الدولة بأنها دينية، وإنما وصف وظيفتها بـ «حراسة الدين وسياسة الدنيا»، ما يتضمن تمييزاً واضحاً بين الديني والدنيوي (السياسي)، وأن الدولة هنا هي الرابط العقدي بين الاثنين. وركز ابن خلدون أيضاً على «مقتضى النظر الشرعي»، وهو تعريف يتضمن أولاً الرأي (مقتضى النظر)، الذي يتعدد حسب المكان والزمان، وثانياً الشرعي، أي الفقهي قبل الأيديولوجي. بعبارة أخرى: لم يعطِ أيٌّ من هذين الفقيهين للدولة تعريفاً أيديولوجياً، كما في مصطلح «الدولة الدينية»، وإنما تعريفاً سياسياً قانونياً، وهو المعنى نفسه الذي تنطوي عليه كل مواد النظام الأساسي في السعودية، وعلى عكس ما يتمنى صاحب المداخلة.
* كاتب وأكاديمي سعودي
======================================================================
النظام الأساسي للحكم هو: النظام الأساسي للحكم
الخميس, 30 ديسيمبر 2010
محمد بن إبراهيم السعيدي
ثلاثة أمور في تقديري هي أكثر ما يدعو كاتباً للرد على آخر، الاختلاف في المنطلق أو الاختلاف في الفكرة أو الاختلاف في فهم مصطلح أو تقريره، وقد اجتمعت هذه الثلاثة في مقال الدكتور خالد الدخيل الذي نشره يوم الأحد 13/1/1432هـ في صحيفة «الحياة» بعنوان: النظام الأساسي هو دستور المملكة، وعنوان المقال في تقديري لا يعبر عن مشكلة قانونية كما يشرح الكاتب بقدر ما يعبر عن إشكال في المصطلح يمكن تجاوُزه بيسر حينما نقرر أننا لسنا بحاجة ماسة إلى مصطلح الدستور للتعبير عن هويتنا أو نظامنا، وكذلك حين نقرر أن استعمالنا لهذا المصطلح لا ينبغي أن يفرض علينا تعريفاً لا يتوافق مع السياق الذي استخدمنا هذا المصطلح فيه.
فبما أن كلمة دستور فارسية الأصل تعني حرفياً صاحب القاعدة. ومرت عبر تاريخها باستخدامات عدة منها الدفتر الذي تُدَوّن فيه الأنظمة ومنها كبير الوزراء الذي لديه سن الأنظمة وتوجيهها، فلماذا لا تكون لدينا الصلاحية في تعريف هذا المصطلح بحسب السياق الذي نضعه فيه لا بحسب ما يوجد في معاجم قانونية صنعها أفراد بعيدون عن بيئتنا السياسية والعقدية. كما صنع الدكتور الدخيل حين حاكم مصطلح الدستور الوارد في المادة الأولى من النظام الأساسي للحكم إلى القاموس السياسي، وحينما لم يتطابق وضع كلمة الدستور في سياق تلك المادة والمفهوم الذي دعا إليه القاموس السياسي حكم الكاتب بخطأ وضع المصطلح في ذلك السياق.
وتوضيح ذلك للأخ القارئ: أن المادة الأولى من النظام الأساسي للحكم تنص على أن كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - هما دستور المملكة العربية السعودية، وعندما لم يَصدُق التعريف الذي نقله عن قاموس السياسة في جزئه الثاني على الكتاب والسنة عمد إلى نفي صفة الدستورية عنهما وإثبات أن المادة الأولى من النظام الأساسي للحكم تحمل معنى مضمراً في نصها آخِذاً في الاعتبار العوامل التاريخية، والدينية، والسياسية التي أحاطت بكتابة الدستور، وبالتالي – وهذا كلامه - فإن نص المادة الأولى لا يعدو كونه تأكيداً على، وتكريس- هكذا - للسيادة العليا التي يعطيها الإسلام للشريعة. وهو في الوقت نفسه توثيق لتلك السيادة في إطار دولة وطنية، كجزء من أيديولوجية هذه الدولة، وبنيتها القانونية.
والحقيقة أن هذا الفهم من الكاتب للمادة الأولى من النظام الأساس للحكم يجعله في حاجة إلى تغيير عنوان مقالته لتكون: النظام الأساسي للحكم ليس هو دستور المملكة، فالمادة الأولى عنده بحسب ما تقدم من كلامه هي عبارة عن تأكيد لمسلّمة عرفية فقط وليست تأسيساً لما بعدها، وهذا يفقدها مكانتها التشريعية، سواء سمّينا الوثيقة التي نناقشها نظاماً أم دستوراً، بل إذا كان الدستور هو المرجع الأعلى لأنظمة الدولة فهذه المادة بحسب فهمه لا يمكن أن تكون مرجعاً أعلى لأنها مؤكدة لأمر هو أعلى منها وسابق لها، وبذلك فإن المرجعية إنما هي للمعنى الذي أكدته المادة لا لها.
كما أن عبارة السيادة التي يعطيها الإسلام للشريعة توحي بأن هناك فصلاً بين الإسلام وشريعته وأن هناك ما هو غير الشريعة يعطيه الإسلام سيادة، ولكن بشكل أقل، وهذا الفهم ليس من لوازم كلام الكاتب بل هو منطوقه حين وصف تلك السيادة بأنها في إطار دولة وطنية كجزء من أيديولوجية هذه الدولة، فالدولة وطنية وليست دينية، والشريعة جزء من أيديولوجيتها وليست أيديولوجيتها، وهذا الكلام ليس إسقاطاً تاماً للمادة الأولى فحسب، بل هو إسقاط لعدد من المواد المُؤصِلَة للنظام الأساسي يأتي بيانها لاحقاً.
يتجلى ذلك حين نقرأ معاً هذه المادة، ونصها: «المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة؛ دينها الإسلام ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله ولغتها هي اللغة العربية. وعاصمتها مدينة الرياض».
وأبرز ما نلحظه في هذه المادة إضافة إلى كونها المادة الأولى: أنها فاتحة المواد في الباب الأول من النظام وهو باب المبادئ العامة، أي المواد المعرفة للدولة والتي تُكَوِّن سِمَتها الخاصة بين دول العالم ويشمل ذلك منطلق أنظمتها الأيديولوجي وعَلَمها وعاصمتها وشعارها، والمادة التي تقع في هذا الباب تكتسب مكانة لا تكتسبها غيرها من المواد كونها أساساً لما بعدها من مواد، ولأنها تعبّر عن واجهة الدولة الفكرية أمام العالم، وهذا ما يجعل افتراض حملها معاني مضمرة ليس إهداراً لها فحسب، بل إهدار لسائر مواد النظام بل وتشكيك في صدق الصورة العالمية التي تقدمها الدولة لنفسها.
كما أن صياغتها المتقنة تقطع بنفي مجاملة أي مؤثرات تاريخية أو سياسية أو دينية أحاطت بكتابتها، بل هي مادة معبرة عن حقيقة الدولة ومؤثرة بشكل واضح فيما بعدها من مواد.
نلاحظ أن تعريف الدولة جاء بكونها عربية، وليست عروبية، للدلالة على أن العربية هي لسان الدولة ووعاؤها الثقافي والرابطة النسبية واللغوية بين أفرادها وبعضهم وبينهم وبين شعوب دول أخرى شقيقة، ولا تتجاوز ذلك إلى ما تفيده العروبية من انتماءات أيديولوجية تخرج بالدولة إلى العصبية القومية التي لا تقرها الشريعة الإسلامية.
وكذلك جاء التعبير بالإسلامية نسبة مباشرة إلى الإسلام، ولم يقل دولة مسلمة أو أن الإسلام هو دينها الرسمي أو مصدر التشريع الأول فيها أو أحد مصادر التشريع لديها، أو أن الفقه الإسلامي هو مصدر التشريع، وهي عبارات موجودة في الكثير من دساتير الدول العربية والإسلامية والتي كُتِبت قبل نظام الحكم السعودي، وهو ما يؤكد أن هذه الصياغة تجنبت مشابهة تلك الصياغات عمداً كي تُعبِّر المادة بمنطوقها عن انتمائها للإسلام لا كدين فحسب بل كمؤسِسٍ لكيانها ومصدر لأنظمتها ومنظم لعلاقاتها الداخلية والخارجية مع أبنائها والوافدين إليها كما تنظر من خلاله إلى كل ما تدخل فيه أو تخرج منه من معاهدات دولية أو إقليمية كما أنه الحاكم لنظرتها السياسية وخططها التنموية الحالية والمستقبلية.
وقد أراد المُنَظم قطع الطريق أمام أي تفسير علماني لهذه المادة أو أي مقاربة بينها وبين الدساتير الأخرى التي تفرق بين الإسلام كدين والإسلام كنظام، بإدخاله في المادة نفسها عبارة «دينها الإسلام» بعد وصفه لها بأنها إسلامية، فهي إسلامية أي تنتمي للإسلام كنظام حياة من منطلق كونها تتخذ الإسلام ديناً لا من منطلق كون النظام الإسلامي خياراً متاحاً أو حلاً لمشكلة ما يمكن الاستغناء عنه فيما بعد.
والحقيقة أنني لا أعرف بعد سبب إصرار الكاتب على وصف الدولة بأنها وطنية مع العلم بأن هذا الوصف إنما تحرص عليه تلك الدول التي تعرضت لسلطة الاستعمار الأجنبي للإشعار بانتقالها من سلطة المستعمر إلى سلطة من أبناء الوطن، أو تلك الدول التي تميز نفسها عن الاتجاهات القومية التي تضع في برامجها وربما في دساتيرها السعي إلى الوحدة مع الدول المشاركة لها في نزعتها القومية، أو تلك الدول التي تميز نفسها عن الانتماء الشيوعي الذي يسعى في النهاية إلى دولة عالمية.
هذه هي الدول التي يكثر وصفها بالوطنية والمملكة العربية السعودية لا يمكن تصنيفها ضمن أي من هذه الدول.
وأخشى ما أخشاه أن يكون الكاتب يريد بهذا الوصف إنكار كون السعودية دولة دينية وهو ما لا يمكن إنكاره من خلال واقع نشأة الدولة كما يأباه نظامها الأساسي الذي يرى الكاتب أنه هو دستورها، وسأفصل هذا الأمر حين أتحدث عن موقع المؤسسة الدينية من نظام الدولة.
أما عبارة «دستورها كتاب الله وسنة رسوله» فقد أدخلت على الكاتب لبساً من جهة أن جميع مواصفات الدستور تنطبق على النظام الأساسي للحكم ولا تنطبق أبداً على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم-.
وهذا اللبس سينجلي إذا أبعدنا القداسة عن التعريفات الأخرى للدستور وانطلقنا من تعريف يخدم سياق نظامنا وينطلق منه، وأعتقد بأنه لا مانع أن يكون لنا تعريف مستقل للدستور، بل هذا ما تقتضيه عبارة ذات سيادة تامة التي تضمنها المادة الأولى وتقتضي هذه العبارة أن يكون لنا سيادة أيضاً في اختيار التعريف المناسب للمصطلحات التي نعبر عن هوية دولتنا وأمتنا، وليس من تمام السيادة أن نكون أسرى لفهم بشري لا يستند إلا إلى عرف قانوني لم يكن في يوم من الأيام ناتجاً عن ثقافتنا أو داخلاً ضمن سياق موروثنا وحاضرنا.
فالدستور هو المرجعية الأعلى للدولة وهذا تعريف يتطابق مع المادة الأولى ولا يَحدُث من خلاله أي إشكال، ولا سيما أن الكاتب في آخر مقاله أقر أن النظام الأساسي له مرجعية أعلى منه وهي الكتاب والسنة، ولن يكون الكاتب مع هذا التعريف في حاجة إلى التزهيد في المادة الأولى واعتبارها ذات ظاهر وباطن أو أنها صيغت تحت وطأة ظرف معين ولمجاملة فئة ما.
بقيت إشكالية كبرى لدى الكاتب بل ولدى كثير من الكتاب والباحثين في الشأن السعودي، وهي العلاقة بين الدولة وبين المؤسسة الدينية في المملكة، وهل ما تقرره المؤسسة الدينية يعد ملزما للدولة، في ظل عدد من الخلافات بين ما تقرره الدولة وبين ما يصدر عن المؤسسة الدينية.
وقد أعجبني في الكاتب أنه لم يجازف بإبداء نفي العلاقة كما فعل آخرون، بل قدم في آخر كلامه توصية من حيث الجملة تُعد مقبولة وتعبّر عن حاجة إلى إضافة عدد من المواد الإيضاحية على النظام الأساسي للحكم، قال الكاتب «يكمن اللبس والإشكال هنا في أن مرجعية الكتاب والسنة بالنسبة للمؤسسة هي مرجعية مفتوحة، أي أنه ليس لها إطار دستوري يحدد وجهتها، ويؤطر مواقفها وفتاواها، بما يتفق مع مواد النظام الأساسي كوثيقة واحدة متكاملة. يحتاج هذا الإشكال الدستوري إلى معالجة تحتفظ للدولة بروحيتها، وتؤكد التزامها بهويتها، وبأن الكتاب والسنة هما (معاً) مرجعيتها. لكنها مرجعية ينبغي لها أن تكون في إطار دستوري جامع، وملزم للدولة بكل مؤسساتها، كما هو ملزم لكل مواطن ومقيم».
اللبس الذي أشار إليه الكاتب يكمن في الاستسلام لمصطلح المؤسسة الدينية، وهو مصطلح يأتي للتعبير عن هيئة كبار العلماء خاصة وغيرها من المؤسسات الحكومية التي تخدم الجانب العلمي الشرعي في الدولة.
والاستسلام لهذا المصطلح خطأ كبير يتلخص في مخالفة النظام الأساسي للحكم، بقصر وصف المؤسسة الدينية على إحدى الهيئات الحكومية أو بعضها والصحيح الذي يؤكده هذا النظام الذي سمّاه الدكتور الدخيل دستوراً: أن الدولة كلها مؤسسة دينية في مرجعيتها مدنية في وظيفتها، ووظيفتها المدنية دينية في حقيقتها على اعتبار أن العمل المدني إنما هو جزء من عمارة الأرض التي خُلِق الإنسان مكلفاً بها طبعاً، أما الجهات الحكومية التي تَعنى بإصدار الفتاوى للدولة أو للأفراد كهيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة المنبثقة عنها أو التي تُعنى بإقامة العدل كمجلس القضاء ووزارة العدل أو التي تُعنى بالدعوة وإدارة الأوقاف العامة والخاصة، فهذه بعض مؤسسات الدولة الدينية وليست هي المؤسسة الدينية وحدها، فمجلس الوزراء وما انبثق عنه ومجلس الشورى وما انبثق عنه وبقية الوزارات وما تفرع عنها كلّ على حدة، كُلها مؤسسات دينية بمعنى أن كل واحدة منها مسؤولة عن سياسة الدنيا بالدين نصاً وقواعد أو بما لا يتعارض مع الدين.
فبعد المادة الأولى التي تقدم شرحها بالتفصيل تأتي المواد الأخرى منطلقة منها ومؤكدة دور الدين في تسيير أمور الدولة ودور الدولة في إقامة الدين. ولا يُستثنى من ذلك المادتان الثانية والثالثة اللتان تحددان علم الدولة وعيديها، والبعد الديني فيها ظاهر لا خفاء فيه.
والباب الثاني من النظام والمسمى نظام الحكم يحتوي على خمس مواد كلها تؤكد أن الدولة دينية خالصة ولا تشير إلى أي مصدر آخر لاستقاء الأنظمة والحكم عليها سوى الكتاب والسنة.
استمع إلى الجزء الثاني من الفقرة من المادة الخامسة «ويبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم». وهذا النص من النصوص النفيسة جداً في النظام، إذ إنه يلخّص حقوق المواطنين على الملك وهي أن يحكمهم على الكتاب والسنة، وعليه فإن هذين الأصلين هما المصدر الوحيد لكل حق للمواطن على الملك، ويلزم منه أن تكون الأنظمة التي تفصل حقوق الرعية خاضعة لحكم هذين الأصلين وهذا ما ستنص عليه صراحة المادة السابعة والتي سأذكرها بعد قليل.
أما المادة السادسة: فهي تجمل حقوق الملك على المواطنين، من خلال نص البيعة المستمد من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم عن عبادة بن الصامت: «بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وعلى أن لا ننازع الأمر أهله وعلى أن نقول بالحق». تقول المادة السادسة: «يبايع المواطنون الملك على كتاب الله وسنة رسوله وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره». إذاً فحقوق الملك على المواطنين أيضاً مستمدة من الكتاب والسنة غير خارجة عنها.
أما المادة السابعة: فإنها تنتقل بالمادتين الخامسة والسادسة إلى مدى أعمق من الوضوح والإلزام.
تقول المادة: «يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله وسنة رسوله... وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة».
وسلطة الحكم التي تضمنتها المادة تعني مجموع حقوق المواطن وحقوق الحاكم، والزيادة هنا هي أن مصدري الحقوق في هذه الدولة وهما الكتاب والسنة يُرجع إليهما في فهم كل نظام من أنظمة الدولة لا يستثنى من ذلك النظام الأساسي للحكم، بل إن كلمة هما الحاكمان تعبير يفيد الحصر كما أنه يتجاوز معنى التفسير إلى القضاء بالاعتبار أو الإلغاء فكل نظام يصدر مخالفاً للكتاب والسنة أو لأحدهما فهو نظام محكوم عليه بعدم الاعتبار، لأن الكتاب والسنة لا يعتبرانه.
ولا يتوقف النظام عن التأكيد على هذه المعاني في مختلف أبوابه فتجد هذا التأكيد في الموادّ (23ـ26ـ33ـ34ـ45ـ46ـ55)، وهي مادة خاصة بالملك تعد تأكيداً وتوضيحاً لما جاء في المادة الثالثة والجديد فيها هو نصها على السياسة الشرعية، تقول المادة: «يقوم الملك بسياسة الأمة سياسة شرعية طبقاً لأحكام الإسلام، ويشرف على تطبيق الشريعة الإسلامية والأنظمة والسياسة العامة للدولة وحماية البلاد والدفاع عنها»، كما تجعل له ولاية الإشراف على تطبيق الشريعة.
وبهذا يثبت أن وصف المؤسسة الدينية ليس خاصاً بالإدارات الحكومية التي تعالج الشأن الشرعي بل إن الدولة كلها من رأس هرمها إلى نهاية أطراف قاعدتها الشعبية هي مؤسسة دينية، مصدر التعريف بالحقوق لكل من المواطن والدولة هما الكتاب والسنة فحسب.
ثم يبقى السؤال الأخير وهو: أي تفسير للكتاب والسنة هو المُبَيِِن للحقوق والحاكم على جميع الأنظمة؟
والجواب أنه التفسير الذي قامت عليه المملكة العربية السعودية وهو التفسير السلفي، إذ إن الدولة قامت في جميع مراحلها على المناداة بأن كل فهم للكتاب والسنة يناقض فهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين فهو فهم خاطئ، وبذلك لا يمكن إحالة الأنظمة التي يُراد حكم الشريعة عليها إلى فهم خاطئ.
ومرجعية فهم السلف للكتاب والسنة غير منصوص عليها في النظام الأساسي للحكم، ولكنها من مقتضياته التي لا يمكن صرفها عنها يؤكد ذلك عدم النص على مذهب من المذاهب الأربعة، مع أن المذهب السائد هو مذهب الحنابلة.
وأختم المقال بالقول: إن قراءة الوثائق الدستورية على الملأ ينبغي أن لا يُعدل فيها عن حقائقها لتتوافق مع رؤانا الشخصية، بل تُقرأ وفق دلالتها اللغوية الصريحة وكما أراد لها كُتّابها، فإن كان لدينا رؤية تختلف مع هذه الوثيقة فلا بأس من تقديمها كمادة نقدية لها، وليس على شكل لي لأعناقها كي تتوافق مع رؤانا.
*متخصص في أصول الفقه.
==============================================================================
«النظام الأساسي» هو دستور المملكة
الأحد, 19 ديسيمبر 2010
خالد الدخيل *
ربما أن المعنى الذي يحمله عنوان هذه المقالة هو من الأمور الواضحة في الحالة السعودية، خاصة بعد أن أصبح «النظام الأساسي للحكم»، منذ إصداره قبل تسع عشرة سنة، هو المستند القانوني النهائي لكل المراسيم والأوامر الملكية، والقوانين والأنظمة التي تصدر عن السلطة التنظيمية (التشريعية). وهذا صحيح. لكن كما أتضح من مقالة الإسبوع الماضي بقى هناك لبس يتعلق بطبيعة وحدود دور المؤسسة الدينية في الإطار الدستوري الذي تحدده هذه الوثيقة. وكنت قد ختمت المقالة السابقة بالقول أن أهم مصادر الإلتباس «ما جاء في المادة الأولى لـ»النظام الأساسي للحكم» التي تنص على أن «المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ...». وهذا نص طبيعي، ويعبر عن روح الدولة السعودية، وعن جذورها الاجتماعية والسياسية، وعن الأساس الفكري الذي قامت عليه. لكن مع ذلك يبقى سؤال مهم: إذا كان «الكتاب والسنة» يشكلان معا دستور المملكة، فما هي الصفة القانونية التي يمكن أن نطلقها على وثيقة «النظام الأساسي» نفسه؟ أليست هي دستور المملكة؟ أم أنها شيئ مختلف؟
تقتضي الإجابة على هذه الأسئلة أن نجيب على سؤال بديهي: هل تنطبق شروط وخصائص الدستور على النظام الأساسي للحكم؟ والإجابة أنها بالتأكيد تنطبق عليه تماما، بغض النظر عن كل ما قد يبدو في هذه الوثيقة من ثغرات وأوجه نقص قد تتطلب التعديل، والتصحيح، أو الحذف والإضافة. تقدم»موسوعة السياسة» في جزئها الثاني تعريفا لا يخرج عن المعنى المتعارف عليه لمصطلح «دستور»، وهو أنه «أهم وثيقة في الحياة السياسية للمجتمع، وفي بنية الدولة. وهو مجموع القواعد القانونية التي تحدد نظام الحكم»، وتبين «طبيعة النظام السياسي، وهيئات الدولة، وسلطاتها، ووظائفها، ... وعلاقاتها، وإختصاصاتها في ما بينها، ثم علاقاتها مع المواطنين، وحقوق المواطنين ووجباتهم.» ونضيف إلى ذلك بأن الدستور هو الذي يحدد أيضا قواعد وأصول إنتقال الحكم داخل الدولة. وإذا ما نظرنا إلى النظام الأساسي نجد أنه تتوافر فيه كل هذه الخصائص. فهو يحدد أن نظام الحكم ملكي وراثي، وأن سلطات الدولة غير منفصلة، ويحدد أن مرجعيتها هو الملك. وأن الشريعة الإسلامية والأنظمة التي يصدرها الملك هي القانون الوحيد للبلاد.
في رمضان 1327هـ (2006م) صدر «نظام هيئة البيعة» بأمر ملكي، وبمقتضاه تم تعديل الفقرة «ج» من المادة الخامسة للنظام الأساسي، المتعلقة بإختيار ولي العهد. وبمقتضى هذا التعديل تحولت الفقرة التي لم تكن تتجاوز سطرا واحدا إلى نظام من 25 مادة. وبهذا النظام تكون الدولة قد إتخذت خطوة كبيرة في إتجاه تنظيم وترتيب عملية إنتقال الحكم بين أبناء مؤسس الدولة، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، على أسس دستورية ملزمة. من ناحية ثانية، يحدد النظام الأساسي الحقوق التي تكفلها الدولة للمواطن مثل الحق في الملكية، والأمن، والعمل، والتعليم، والصحة، إلى جانب حماية حقوق الإنسان. ويحدد الباب السادس سلطات الدولة، وهي كما جاء في الترتيب: السلطة القضائية، والسلطة التنفيذية، والسلطة التنظيمية. ويقصد بالأخيرة «السلطة التشريعية»، وذلك تجنبا لإستخدام صفة «التشريعية»، وما قد تثيره من حساسية لدى المؤسسة الدينية. هناك أيضا نظامي « مجلس الوزراء» و «مجلس الشورى» اللذين يكملان مع النظام الأساسي، ونظام هيئة البيعة، المدونة الدستورية للدولة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن مجلس الوزراء، الذي يرأسة الملك حسب النظام الأساسي، هو الهيئة التي تجمع بين السلطة التنفيذية، والسلطة التنظيمية (التشريعية). أما مجلس الشورى، فهو شريك بدرجة أقل لمجلس الوزراء في التشريع. وهذا ما تشير إليه المادة 67 من النظام الأساسي للحكم، مع أن المجلس في الأساس هيئة إستشارية للملك.
بناء على ذلك ليس هناك ما يمكن أن يوصف به «النظام الأساسي للحكم» إلا أنه دستور المملكة، وهو أول دستور مكتوب في تاريخ الدولة السعودية. في هذه الحالة، وعودة إلى السؤال الذي طرحناه في صدر هذه المقالة، كيف يمكن إذن أن نفهم نص المادة الأولى للنظام الأساسي الذي يؤكد بأن دستور المملكة يتمثل في الكتاب والسنة؟ أضف إلى ذلك حقيقة أن مسمى النظام نفسه لا يتضمن كلمة «دستور»، أي أن هذه الوثيقة لا تسمى رسميا بـ»الدستور». كيف يمكن أن نقرأ ذلك، وأن نفهمه؟ لعله من الواضح الآن بأننا إذا أخذنا بالمنطوق الحرفي لإسم النظام، ولنص المادة الأولى، فإنه يتعين علينا أن ننفي صفة الدستورية عن النظام الأساسي. هذا في حين أن هذه الوثيقة، سواء من حيث الشكل أو المضمون، تأخذ كل صفات وسمات الدستور. من الناحية الأخرى، فإن الكتاب والسنة، اللذين تعتبرهما المادة الأولى دستور المملكة، لا تتوافر في أي منهما صفة الدستورية. فالقرآن هو كلام الله الذي نزل على النبي هداية للناس أجمعين في كل زمان ومكان. وهو يجمع بين دفتيه نصوصا قانونيا، كما في الميراث والقصاص، وأخرى تاريخية، وقصص الأنبياء والأولين، وآيات في الوعد والوعيد، وأخرى تحض على التفكر في مخلوقات الله، وعجائب قدرته، ...الخ. بمثل هذه المواصفات، ليس القرآن وثيقة قانونية يقصد بها أن تكون دستورا لهذه الدولة أو تلك. ثم إن كلام الله مقدس ونهائي، وغير قابل للتعديل تحت أي ظرف. هذا في حين أن من أهم سمات الدستور أنه نص قابل للتعديل، والحذف والإضافة. ثالثا أن القرآن هو كتاب لجميع المسلمين في كل مكان وزمان، والدولة السعودية دولة وطنية لها حدودها الجغرافية، والسياسية، والثقافية، ودستورها ليس له سيادة، أو سلطة خارج هذه الحدود. أما السنة، فمع أنها أيضا، بحكم قدسيتها غير قابلة للتعديل أو التغيير، إلا أنها إلى جانب ذلك تتمثل في مدونات ستة، موجهة لجميع المسلمين، أيضا في كل مكان وزمان.
في مثل هذه الحالة، لا يجب علينا أن نأخذ بالنص الحرفي لمسمى النظام أو لمنطوق المادة الأولى، وأنما يجب أن نأخذ بالمعنى الأقرب، والأكثر تعبيرا عن الواقع السياسي، وهو المعنى المضمر في النص، وذلك أخذا في الإعتبار العوامل التاريخية، والدينية، والسياسية التي أحاطت بكتابة الدستور، وتحويلة إلى وثيقة مدونة. بهذا المعنى، يعكس مسمى النظام، وبشكل خاص منطوق المادة الأولى الطبيعة السياسية للدولة السعودية، وطبيعة علاقتها بالمؤسسة الدينية، والإرث التاريخي الذي نجمت عنه هذه العلاقة. وبالتالي فإنه ليس من التجاوز في شيئ أن نأخذ كلا من مسمى النظام الأساسي، ونص المادة الأولى، على أنهما يعكسان معا الخصوصية التاريخية والسياسية للدولة السعودية، وخصوصية علاقتها بالمنهج السلفي. وإذا ما إعتبرنا النظام الأساسي للحكم على أنه تقنين للواقع السياسي والاجتماعي للدولة السعودية، فإن نص المادة الأولى لا يعدو كونه تأكيدا على، وتكريس للسيادة العليا التي يعطيها الإسلام للشريعة. وهو في الوقت نفسه توثيق لتلك السيادة في إطار دولة وطنية، كجزء من أيديولوجية هذه الدولة، وبنيتها القانونية. لا يكون بهذا المعنى تناقض بين نص المادة الأولى، وبين طبيعة النظام الأساسي، ووظيفته كوثيقة دستورية. بعبارة أخرى، يحدد النظام الأساسي المجال السياسي والاجتماعي لتلك السيادة، المتمثل في الدولة السعودية بحدودها الجغرافية والسياسية. لاحظ هنا أن الشريعة، بمصدريها الكتاب والسنة، ومن حيث المبدأ، هي لكل المسلمين. لكن هذه الشريعة تأخذ دلالات ومعان قانونية محددة ضمن حدود الدولة التي تأخذ بها. ومن ثم فإن النظام الأساسي هو دستور المملكة، لكنه دستور له مرجعية أعلى منه، هي الكتاب والسنة.
الملاحظات السابقة تخص رؤية الدولة لنفسها، وللنظام الأساسي الذي صاغته لنفسها كدولة وطنية. وهنا يبرز السؤال: ما هي تحديدا علاقة المؤسسة الدينية السعودية بالنظام الأساسي، بإعتباره دستور الدولة التي تنتمي إليها؟ هل هو ملزم لها في كل ما يصدر عنها، أو عن بعض أعضائها من مواقف وفتاوي تتعلق بالشأن العام؟ يشير هذا السؤال إلى حالة اللبس المشار إليها من قبل. وإذا كان ما يصدر عن هذه المؤسسة من فتاوي، ومواقف تتعارض أحيانا مع بعض أنظمة وقوانين الدولة، هو أحد مصادر ذلك اللبس، إلا أن المصدر الأساسي لهذا اللبس، هو نص المادة الأولى للنظام الأساسي. ويتضاعف اللبس، كما أشرنا من قبل، عندما نضيف إلى المادة الأولى، ما جاء في المادة 45 من النظام نفسه، والتي تنص على أن «مصدر الإفتاء في المملكة العربية السعودية كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم..»، من غير تحديد يوضح بشكل مباشر الألتزام في ذلك بمقتضيات دستور الدولة. بعبارة أخرى، يكمن اللبس والإشكال هنا في أن مرجعية الكتاب والسنة بالنسبة للمؤسسة هي مرجعية مفتوحة، أي أنه ليس لها إطار دستوري يحدد وجهتها، ويؤطر مواقفها وفتاواها، بما يتفق مع مواد النظام الأساسي كوثيقة واحدة متكاملة. يحتاج هذا الإشكال الدستوري إلى معالجة تحتفظ للدولة بروحيتها، وتؤكد إلتزامها بهويتها، وبأن الكتاب والسنة هما معا مرجعيتها. لكنها مرجعية ينبغي لها أن تكون في إطار دستوري جامع، وملزم للدولة بكل مؤسساتها، كما هو ملزم لكل مواطن ومقيم.
* كاتب واكاديمي سعودي
==========================================================================
الدستور بين الدولة والمؤسسة الدينية
الأحد, 12 ديسيمبر 2010
خالد الدخيل *
أعود إلى موضوع المؤسسة الدينية وعلاقتها بالدولة. كنت قد تناولت هذا الموضوع من قبل (14 تشرين الثاني /نوفمبر)، في ضوء فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية، والتي بموجبها حرّمت حينها عمل المرأة كمحاسبة في المحلات التجارية. وأنا لا أعود هنا انطلاقا من أهمية حق المرأة في العمل (وهو حق مهم)، وإنما لسببين: الأول ما أثارته المقالة السابقة من تعليقات، من أصدقاء وغيرهم، وهو ما سأعود إليه لاحقاً. أما السبب الثاني، فهو إعادة تسليط الضوء على النهج الفقهي الذي تصدر عنه اللجنة الدائمة في مثل فتواها تلك، وما يقوله هذا النهج عن طبيعة العلاقة بين المؤسسة الدينية والدولة في المرحلة الحالية. تبدو مرجعية المؤسسة الدينية في هذه العلاقة مختلفة، بهذه الدرجة أو تلك، مع المرجعية التي تستند إليها الدولة. تتمثل مرجعية الدولة في «النظام الأساسي للحكم»، وهو وثيقة تنص مادتها الأولى على أن الكتاب والسنة هما معاً «دستور المملكة». من جانبها، تستند المؤسسة الدينية إلى الكتاب والسنّة كمرجعين أساسيين في فتاويها وآرائها الشرعية، لكن غالباً ليس ضمن الإطار الدستوري لوثيقة «النظام الأساسي».
الفتوى المذكورة للَّجنة الدائمة كانت آخرَ الأمثلة على ذلك الاختلاف، حيث جاءت الفتوى (وهناك فتاوى أخرى مماثلة) استناداً إلى قراءة معينة للنص الديني، في موضوع هو في أصله خلافي، وليس محلَّ إجماع. وقد جاء في الفتوى، حسب ما نشر، أن عمل المرأة محاسبة «يعرِّضها للفتنة، ويفتن بها الرجال، فهو عمل محرَّم شرعاً، وتوظيف الشركات لها في مثل هذه الأعمال تعاونٌ معها على المحرَّم، فهو محرَّم أيضاً».
اين تختلف اللجنة في مرجعيتها بمثل هذا الرأي عن مرجعية الدولة؟
تختلف في أنها استندت في فتواها ليس إلى نص واضح ومباشر من الكتاب، أو نص صحيح ومحلِّ إجماع من السنّة، على اعتبار أن الكتاب والسنّة هما المرجع الأخير لدستور المملكة. بدلاً من ذلك، استند أعضاء اللجنة إلى ما أجمع عليه رأيهم وقناعتهم حول الموضوع. وهذه القناعة هي أقرب إلى الموروث الاجتماعي منها إلى نص شرعي محل إجماع. المسألة الأخرى التي كشفت اختلاف مرجعية اللجنة عن مرجعية الدولة، أن اللجنة لم تأخذ في الاعتبار أنها تعمل ضمن الإطار الدستوري للدولة المتمثل في «النظام الأساسي للحكم». هذا النظام هو بمثابة العقد بين الدولة والمجتمع، والمؤسسة الدينية هي إحدى مؤسسات الدولة. تنص المادة 48 من هذا النظام على أن المحاكم «تطبق على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية وفقاً لما دلَّ عليه الكتاب والسنّة، وما يُصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنّة». أما المادة 55، فتنص على أن الملك يقوم «بسياسة الأمة سياسة شرعية طبقاً لأحكام الإسلام، ويشرف على تطبيق الشريعة الإسلامية والأنظمة والسياسة العامة للدولة، وحماية البلاد والدفاع عنها». لاحظْ أن هاتين المادتين تؤكدان على ما أصبح من المسلَّمات، وهو أن الحزمة التشريعية للدولة السعودية لا تقتصر على ما جاء في الكتاب والسنّة وحسب، بل تشمل الأنظمة والقوانين التي تسنّها الدولة، شرط أن لا تتعارض مع الكتاب والسنّة. ولاحظْ ثانياً التأكيد المتكرر لـ «النظام الأساسي للحكم» على مصطلح «الكتاب والسنةّ». وذلك - كما يبدو - لتوفير مساحة كافية من المرونة أمام الشارع لاختيار القانون الأنسب والأصلح حسب الظرف والمصلحة المباشرة من بين الخيارات التي يتيحها هذا المصطلح: فهناك مسائل ومواضيع نص عليها الكتاب أو نصت عليها السنّة، وهي مواضيع محدودة، خاصة في الكتاب. أما بالنسبة الى السنّة، ففيها بعض النصوص المتناقضة، والتي تختلف في درجة صحتها من قضية لأخرى. ثم هناك التراث الفقهي، المليء بالمواقف والآراء المختلفة حيال القضايا نفسها، وإستناداً إلى الكتاب والسنّة أيضاً. هذا فضلاً عن المسائل والمواضيع المستجدة التي لا ذِكْرَ مباشر لها في أي من هذين المصدرين على الأقل. هذه الحرية والمرونة التي ينطوي عليها مصطلح «الكتاب والسنّة» أضحت ضرورة ملحة بالنسبة الى دولة إسلامية في العصر الحديث.
الإشكالية أن المؤسسة الدينية، كما عبَّرت عن ذلك اللجنة الدائمة في فتواها، لا تعترف بهذه المساحة، وما تتيحه من حرية تشريعية، أو لا ترى مصلحة من ورائها. لم تأخذ اللجنة في اعتبارها - مثلاً - أن عمل المرأة محاسِبة في الشركات والمحلات التجارية يستند إلى نظام صادر عن مجلس الوزراء. والأرجح أن السبب في ذلك يعود إلى أن فقهاء هذه المؤسسة متمسكون بالتراث الفقهي الذي ورثوه من ماضيهم المباشر، ونتيجة له استقرت خياراتهم الفقهية على مواقف بعينها من دون سواها، ولا يعتبرون أنفسهم ملزَمين بخيارات أو قناعات غيرهم المختلفة. وكنت قد ذكرت من قبلُ بأنه أيام الدولتين السعوديتين الأولى والثانية، كان الفقيه ورجل الدين، بشكل عام، هو المثقف الوحيد الذي يمثل رؤية الدولة ويعمل على ترسيخها، ويتبنى سياسات الدولة ويدعمها في الداخل والخارج. وتنبع أهمية هذه الملاحظة بالنسبة الى موضوعنا، من أنها تتضمن أن المؤسسة الدينية كما تمثلت في علماء الدعوة وعلاقتهم بالحاكم، كانت تقريباً هي المرجعية القانونية الوحيدة داخل الدولة. وذلك لأن البنية المؤسسية والدستورية للدولة آنذاك كانت محدودة جداً مقارنة بما هي عليه الآن. أضف إلى ذلك الانقلاب الذي تعرضت له بنية المجتمع السعودي خلال نصف القرن الماضي. وهو انقلاب يشير إلى أن الأساس الاجتماعي والاقتصادي الذي كانت تستند إليه الدولة، ومعها المؤسسة الدينية في مراحلها الأولى، يتلاشى بشكل مستمر. ولعله من الواضح أن الدولة تعي هذا التحول، وتعمل في شكل أو آخر على التكيف معه. لكن المؤسسة الدينية لا تبدو في وارد الاعتراف بحقيقة ما حدث ويحدث من تغيرات اجتماعية واقتصادية. وعلى العكس، ترى هذه المؤسسة أن المجتمع والدولة وهما يمران بهذه التحولات، هما من تقع عليهما مسؤولية التكيف مع رؤيتها هي، والتي يتداخل فيها الديني مع الموروث الاجتماعي الآتي من ماضي المجتمع. وهذا الفارق بين موقف المؤسسة الدينية وموقف الدولة يشكِّل الأساس للكثير من اللَّبْس والتناقض في الرؤية الدستورية لكل منهما.
لكن يبدو أن اللبس يمتد إلى خارج المؤسسات الرسمية. وهنا أعود إلى إحدى المداخلات التي وصلتني من طرف ثالث عبر البريد الإلكتروني. وهي مداخلة جادة من الدكتور سعد العتيبي، عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء. يقول الدكتور سعد إنه من الضروري إيجاد «آلية شرعية صحيحة لتحقيق الرقابة الدستورية السابقة على الأنظمة، وذلك في جانبها الشرعي، ... مع العناية بالرقابة اللاحقة للواقع التطبيقي». ومع أنه ليس واضحاً ما هي هذه الآلية الشرعية، إلا أن فكرتها تمثل مخالفة دستورية، لأنها كما يبدو، تهدف إلى إعطاء دور الرقابة للمؤسسة الدينية على عمل السلطة التنظيمية (التشريعية) للدولة، والمتمثلة في مجلس الوزراء، ومجلس الشورى كشريك أقل درجة في هذه السلطة. وهذا بالرغم من أن المؤسسة الدينية لا علاقة لها بالسلطة التشريعية حسب النظام الأساسي للحكم. ومن المعروف أن هناك في مجلس الوزراء ما يعرف بـ «لجنة الخبراء» كهيئة استشارية قانونية للنظر في ما يعرض من قرارات وأنظمة على المجلس للتأكد من سلامتها القانونية. وتزداد درجة اللبس لدى الدكتور عندما فهم قولي في المقالة السابقة «والمفارقة أن (اللجنة) بذلك (أي بفتواها المذكورة) لم تخالف، كما أشرنا أعلاه، نصّاً دستورياً، لكنها خالفت تشريعاً واضحاً صادراً عن الدولة التي تنتمي إليها»، على أنه إشارة إلى أن اللجنة خالفت الكتاب والسنّة. وهذا غير صحيح، لأن الجملة السابقة تشير إلى حالة اللبس والتداخل في البنية القانونية للدولة بين البعد الدستوري لهذه البنية من ناحية، والبعد الفقهي كما تراه اللجنة الدائمة، ومعها هيئة كبار العلماء، وبقية المؤسسة الدينية بشكل عام. وهي حالة ينبغي الالتفات إليها.
ربما أن أحد مصادر الالتباس حول هذا الموضوع هو ما جاء في المادة الأولى لـ»النظام الأساسي للحكم» التي تنص على أن «المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى، وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم ...». وهذا نص طبيعي، ويعبِّر عن روح الدولة السعودية، وعن جذورها الاجتماعية والسياسية، وعن الأساس الفكري الذي قامت عليه. لكن مع ذلك يبقى سؤال مهم: إذا كان «الكتاب والسنة» يشكِّلان معا دستور المملكة، فما هي الصفة القانونية التي يمكن أن نطلقها على وثيقة «النظام الأساسي» نفسه؟ أليست هي دستور المملكة؟ أم أنها شيء مختلف؟
* اكاديمي وكاتب سعودي
===============================================================================
الفتوى بين منطق الدين ومنطق الدولة
الأحد, 14 نوفمبر 2010
خالد الدخيل *
كان التقليد المتبع في السعودية إلى عهد قريب أن توجيه النقد من خلال الإعلام للمؤسسة الدينية يعتبر تقريباً من المحظورات. لم يصدر نظام أو قرار بذلك قط، وإنما كان تقليداً ترسخ مع الوقت. وهو تقليد يجد جذوره الأولى في تأسيس الدولة في أواخر النصف الأول من القرن الثامن عشر. الآن يبدو أن هذا التقليد قد وصل إلى منتهاه، وأنه آخذ في أن يصبح من التراث الماضي. لم يصدر أيضاً نظام أو قرار بذلك، بقدر ما أن الأحداث المحلية والخارجية فرضت أن يتشكل تقليد جديد لعله يحل محل التقليد القديم. هذا ما يوحي به الحراك الثقافي السعودي في السنوات الأخيرة، وتحديداً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حيث اتسع هامش حرية التعبير أمام الصحافة المحلية في تناول الكثير من القضايا المحلية التي تهم المواطن. ويدخل ضمن ذلك هامش نقد المؤسسة الدينية ضمن الثوابت التي تحكم علاقة هذه المؤسسة بالدولة. وهذه خطوة متقدمة في التاريخ السعودي تحسب لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وهي خطوة ذكية لأنها لمحت مسار الأحداث، وسياق التغير الذي تنبئ به.
كانت بداية نقد المؤسسة الدينية مع الصحوة حين وجهت سهامها الى التغيرات الاجتماعية والثقافية التي كانت تعتمل داخل المجتمع السعودي في ثمانينات القرن الماضي. كان النقد المعلن والمباشر لأصوات الصحوة موجهاً بشكل أساسي لما اعتبرته مظاهر للحداثة والعلمانية، ولما تؤشر إليه بالتالي من انحراف عقدي كانت ترى أنه لا بد من مواجهته. لكن النقد المضمر في خطاب الصحوة كان موجهاً الى الدولة التي تتساهل مع هذه المظاهر، وإلى المؤسسة الدينية الرسمية التي بدت لتلك الأصوات بأنها غير فاعلة وغير مؤثرة، أمام استشراء مظاهر الحداثة بشكل خاص. تراجع الكثير من أصوات الصحوة عن مواقفهم تلك، أو هكذا يبدو، أثناء وبعد تجربة ليست قصيرة مع السجن. ماذا يعني كل ذلك؟ يعني أولاً انقسام الخطاب الديني بعد أن كان موحداً تحت عباءة المؤسسة الدينية الرسمية حتى سبعينات القرن الماضي. ومن ثم لم تأتِ التغيرات الاجتماعية بصيغ مختلفة للمثقف غير رجل الدين، وإنما بصيغة مختلفة لرجل الدين نفسه أكثر ميلاً للتسييس، وأكثر ابتعاداً عن نمطية رجل الدين التقليدي. وهذا يعني بدوره، ثانياً، أن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية بفعل الطفرة وخطط التنمية، كانت تعصف بالمجتمع، في إطار الدولة وليس خارجها. ثالثاً: أن تغير الخطاب الديني، كنتيجة طبيعية لتغير المجتمع وبشكل خاص هنا تغير البنية الثقافية للمجتمع، فرض أن تتغير علاقة الدولة بالمؤسسة الدينية. لم يتغير الالتزام، ولا العقد الذي يربط بين الطرفين، لكن شكل العلاقة التي يمتد عمرها الى ما يقرب من ثلاثة قرون، أصبح في مواجهة واقع اجتماعي مختلف، ومتطلبات تفرضها التزامات الدولة داخلياً وخارجياًَ، الأمر الذي يفرض عليها مراعاته وأخذه في الحسبان في سياساتها الداخلية والخارجية. كانت قيادة الدولة ولا تزال على وعي واضح بهذه الأحداث والتغيرات، وما تفرضه من مواقف وسياسات. لكن على الجانب الآخر، لا يبدو أن المؤسسة الدينية كانت على الخط نفسه، وبموازاة الدولة. على العكس، تبدو هذه المؤسسة وكأنها تعاني من بطء في مسايرة الدولة ببرامجها وخطواتها الإصلاحية في الداخل.
عند هذه اللحظة، كان من الطبيعي أن يبدأ التباين بين مواقف الدولة والمؤسسة الدينية، إزاء قضايا تتعلق بالتنمية، وبشكل خاص قضية المرأة، يطفو على السطح. آخر تلك القضايا التي ظهر الاختلاف إزاءها كانت قضية الاختلاط، ثم قضية عمل المرأة (وهي مرتبطة مباشرة بالاختلاط)، أو الفتوى الأخيرة بتحريم عمل المرأة محاسبة في المحال التجارية. في هذا السياق، أجد لزاماً علي إيراد نص رسالة جاءتني على جوالي من صديق بعد صدور هذه الفتوى مباشرة. وهي رسالة تشير إلى المأزق الذي وضعت اللجنة الدائمة للإفتاء نفسها، ومعها الدولة، فيه بسبب فتواها. تقول رسالة الصديق: «بعد صدور الفتوى اليوم ... والتوقيع عليها من جميع أعضاء اللجنة السبعة أصبح موقف الدولة محرجاً جداً. فإذا قبلت (بفتوى اللجنة) تكون قد رضخت وسلّمت القرار للعلماء، وإذا لم تنفذ فتوى اللجنة، تكون قد نسفت أمر حصر الفتوى ..». والإشارة هنا إلى الأمر الملكي الذي صدر في آب (أغسطس) الماضي، والذي بموجبه تم حصر الفتوى في «هيئة كبار العلماء»، و «اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء».
والحقيقة أن عدم الالتزام الرسمي بالفتوى لا يعني بالضرورة نسفاً لأمر حصر الفتوى بالمؤسسة الدينية. فهذا الأمر خطوة إصلاحية جريئة ومتقدمة في هذه المرحلة. سوف يبقى الحصر، لكن شيئاً آخر يحتاج إلى مراجعة، بخاصة معنى الفتوى ودورها ومكانتها في دولة تطمح الى أن تكون دولة حديثة في مؤسساتها. كان أمر الحصر خطوة مطلوبة لتفادي فوضى الفتاوى، من ناحية، ولجعل أمر الفتوى داخل مؤسسة الدولة، وليس خارجها، بما يعزز فكرة المأسسة، من ناحية ثانية. وعليه يمكن النظر إلى إقدام اللجنة الدائمة للإفتاء على تحريم عمل مشرّع له من قبل الدولة بأنه يمثل في حقيقة الأمر نوعاً من التجاوز القانوني. هو بالتأكيد تجاوز غير مقصود، وسببه تداخل بين سلطات الدولة. فاللجنة هيئة إستشارية، وليس منوطاً بها أمر تشريعي. السلطة التشريعية تعود إلى مجلس الوزراء، ومجلس الشورى، ومرجعية كليهما تتمثل في الملك. من ناحيتها فإن الفتوى هي رأي شرعي، لكنها ليست تشريعاً أو تنظيماً ملزماً، بخاصة بالنسبة الى الدولة. الإشكالية أن مصدر الإفتاء، كما جاء في المادة 45 من «النظام الأساسي للحكم»، أو دستور المملكة، محصور في «كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ...». وهذا يتفق تماماً مع طبيعة الدولة السعودية، وتاريخها، ومع مرتكزاتها العربية الإسلامية. إلا أن هذه المادة لا تنص مباشرة بما يفيد أن مؤسسة الإفتاء ملزمة العمل ضمن الإطار الدستوري للدولة المتمثل بـ «النظام الأساسي للحكم»، وهو الإطار الذي تلزم الدولة نفسها به، وفقاً للدستور نفسه، إلى جانب إلتزامها كتاب الله وسنة نبيه أيضاً.
من هنا تكشف الفتوى الأخيرة عن أن هناك تبايناً بين الدولة والمؤسسة الدينية يعود في الأساس إلى اختلاف بهذه الدرجة أو تلك في قراءة كل منهما للكتاب والسنة. ليس بالضرورة أن هناك تناقضاً بين قراءة كل من الطرفين. لكن هناك اختلاف بينهما، ومصدر هذا الاختلاف ليس أي شيء آخر عدا عن أن الدولة ملتزمة الإطار الدستوري الذي وضعته لنفسها، لكن الأمر ليس بالوضوح نفسه بالنسبة الى عمل المؤسسة الدينية، وبخاصة اللجنة الدائمة للإفتاء. ربما قيل بأن كون المؤسسة الدينية إحدى مؤسسات الدولة، فمن الواضح أنها ملزمة بإطارها الدستوري. لكن اللبس الذي رافق صدور الفتوى الأخيرة للجنة لا يؤيد ذلك. حيث كان المفترض أن تعود اللجنة قبل إصدار فتواها إلى قوانين الدولة وأنظمتها، لأنها هي المرجعية الأولى والأساسية لها. وهذه القوانين والأنظمة تستند إلى «النظام الأساسي للحكم»، الذي تنص مادته الأولى على أن دستور المملكة يتمثل في القرآن والسنة النبوية. لكن اللجنة لم تفعل ذلك. والمفارقة أنها بذلك لم تخالف، كما أشرنا أعلاه، نصاً دستورياً، لكنها خالفت تشريعاً واضحاً صادراً عن الدولة التي تنتمي إليها.
من هذه الزاوية، تبرز إشكالية الفتوى في دولة تأخذ بالسبل الحديثة في بناء مؤسساتها. هناك إجماع على أن الفتوى رأي شرعي في مسألة معينة. وبما أنها كذلك فهي ليست ملزمة لأحد، وذلك بخلاف الحكم القضائي. السؤال: إذا كان الأمر كذلك، فلماذا إذن نجد أن الفتاوى، وليست الأحكام القضائية، هي غالبا مصدر إثارة الإشكاليات والأزمات الاجتماعية والسياسية؟ هذا سؤال مهم، ويحتاج الى الكثير من الاهتمام. لن يكون متاحاً في هذه المساحة أكثر من مواصلة التساؤل، واقتراح فرضية ليست بعيدة من متناول الجميع. وهي أن السبب الأهم وراء هذه الإشكالية يعود إلى أن منطق الدين الملتبس بالقيم الاجتماعية والثقافة الشعبية، وليس منطق الشرع أو القانون، هو المهيمن على ثقافة المجتمع المسلم. بعبارة أخرى، منطق الدين، وتحديداً الدين الشعبي، المتميز أو المنفصل عن منطق الشرع، صار يمثل سلطة سياسية واجتماعية موازية لسلطة الدولة داخل المجتمع. وهذا يحمل مؤشراً على تراجع منطق القانون، وبالتالي ضعف منطق الدولة في ثقافة المجتمع الذي تحكمه هذه الدولة.
إذا استمر الأمر على حاله، سيظل الفكر الديني المتخفف، إن لم نقل المتحلل، من قيود القانون وضوابطه، مصدر إشكال وتحد للدولة. لا أظن أن في هذا شيئاً جديداً على أحد، وبخاصة على الدولة. لكن السؤال الذي ما فتئ يفرض نفسه على الجميع: كيف يمكن تكييف الشريعة بحيث يصار إلى تقنينها لتصبح قابلة للتحول إلى دستور لدولة وطنية حديثة، يمثل المرجعية لكل سلطات الدولة، وكل مؤسساتها؟ من الواضح أن السؤال يتضمن فرضية بأنه بقدر ما أن حصر الفتوى في مؤسسات الدولة خطوة متقدمة، إلا أنه يحتاج إلى خطوات أخرى.
* كاتب وأكاديمي سعودي
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)