الأربعاء، 21 مارس 2012

عنصرية لبنانية بلباس علماني: الحجاب ممنوع في قوى الأمن | الأخبار

عنصرية لبنانية بلباس علماني: الحجاب ممنوع في قوى الأمن | الأخبار

عنصرية لبنانية بلباس علماني: الحجاب ممنوع في قوى الأمن



يسمح لموظفي قوى الأمن الداخلي بالصلاة والصوم ويمنعون من ارتداء الشارات الدينية
ضاقت بعض المؤسسات الرسمية ذرعاً بالمحجبات. ضيقٌ كان يمكن أن يكون مبرراً لو كان على غرار التجربة الفرنسية. لكن الفارق الشاسع بين التجربتين يطرح الأسئلة حول إثارة قضية كهذه في قوى الأمن الداخلي بعد نجاح 39 محجبة في مباراة التطويع التي شهدتها المؤسسة أخيراً، وبعدما رأى بعض الضباط أن الحجاب ينتهك الأنظمة الداخلية للمديرية
ربى أبو عمو
أبى لبنان الاكتفاء بـ«فرنكوفونيته». أراد تعميق جذوره والامتثال إلى مستعمرٍ سابق و«صديق» حالي. قرّر أن يكون فرنسياً بجدارة، وتحديداً ساركوزيّ الهوى (نسبة إلى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي). لبنان الطائفي سيمارس العلمانية من البند الأخير. منعت فرنسا الحجاب في مدارسها وجامعاتها وشوارعها حفاظاً على العلمانية. وضعت الحجاب ضمن شعائر تنتهك مبادئ العلمانية. هذا حقها ربما. لكن لا يبدو الأمر مقنعاً في لبنان، الذي قرّر أن يصبح علمانياً فجأة. علمانيةٌ ربما هي انعكاس لتعصب طائفي ترفض الغالبية الاعتراف به. مسرح الأحداث هذه المرة هو المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. في ذلك المكان، لا مكان للجميع.
خيّرت إحدى ضباط المديرية، الرائد سوزان الحاج، بحسب مصدر أمني، محجبات ناجحات في مباراة التطوع في المؤسسة بين العمل والحجاب. والحجة انتهاك نصوص التعليمات التي تحظر على موظفي المؤسسة إظهار ممارسة الشعائر الدينية. ويضيف المصدر أن «تخييرها المتطوعات جاء بقرار فردي».
في البداية، لم تكن هناك قصة. دخلت 400 شابة قوى الأمن الداخلي بعدما فزن في مباراة التطوع، وكانت بينهن 39 محجبة. لم يعترض أحد من اللجنة المسؤولة عن قبول المتقدمين على وجود محجبات. في المقابل، تمحور النقاش حول قبول المتزوجات الذي حسم سريعاً وايجابياً، باستثناء الحوامل اللواتي تقرر عدم قبولهن في المؤسسة. ولفت أكثر من مسؤول أمني إلى أن المسؤولة عن تدريب واحدة من دفعات الدركيات الفائزات في مركز الضبية، الرائد سوزان الحاج، استقبلت النساء (نحو مئة وخمسين) بالورود، تزامناً مع يوم المرأة العالمي. لكن يبدو أن وجود محجبات فاجأها. يتابع مسؤول أمني: «دعت الحاج قناة تلفزيونية إلى تغطية دخول نساء سلكَ الأمن الداخلي، من دون نيل إذن رسمي بذلك من المديرية». يضيف أمنيون أن الحاج «طلبت من مندوب القناة التلفزيونية التركيز على المحجبات، من زاوية مخالفة ارتداء الحجاب للتعليمات الناظمة للعمل». وهذا ما حدث.
بقرار فردي، حوّلت الحاج الحجاب إلى مسألة خلافية. لكن إذا كان الأمر كذلك، فلماذا سمحت المؤسسة للمحجبات بالتقدم أصلاً إلى الوظائف المطلوبة في قوى الأمن؟ ولماذا تم قبولهن بعد نجاحهن في مباراة التطوع؟ ربما لو حُسِمت المسألة في وقت سابق، لما تحولت إلى قضية حساسة رفضت الحاج، كما المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، التحدث عنها.
ويلفت مسؤول رفيع المستوى في المديرية إلى أن «المحرض على قضية الحجاب هو أساساً قائد القوى السيّارة في قوى الأمن الداخلي العميد روبير جبور»، فيما يوضح آخر أن المسألة وصلت إلى ذروتها عندما «خيّرت الحاج المتطوعات المحجبات بين البقاء في العمل أو خلع الحجاب». بداية، يقول المسؤول الأمني، «أراد ريفي اغلاق القضية والابقاء على المحجبات. قرارٌ لم يُرضِ جبّور الذي أصر على أن الحجاب يخالف تعليمات قوى الأمن الداخلي، مذكراً بأن الجيش يرفض تطويع المحجبات. حينها، خشي ريفي من استخدام جبّور هذه القضية وإطلاق مزايدة مسيحية بشأنها، فقرر طرح القضية على الرئيس ميشال سليمان. رئيس الجمهورية أصر على المحافظة على سياسة النأي بالنفس بحجة أن الموضوع يمثل شأناً حساساً للمسلمين. فما كان من خيار أمام ريفي إلا اللجوء إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي قرر بدوره نقل الملف إلى مجلس الوزراء».
رفضت الحاج التعليق على الموضوع لأنه ليس من اختصاصها، وأحالتنا على المدير العام. وحين سألناها عن تخيير النساء بين البقاء أو خلع الحجاب، قالت: «هذه المعلومات غير دقيقة»، لتحيلنا مجدداً على ريفي. رفض الأخير بدوره الحديث عن القضية إعلامياً، رغم ما تردد عن طرحها للبحث على طاولة مجلس الوزراء، وفضّل انتظار قرار السلطة السياسية. إلا أنه لفت إلى منع ممارسة الشعائر الدينية في مؤسسة قوى الأمن وغيرها من المؤسسات الأمنية والعسكرية. ماذا عن الحجاب؟ هل يندرج ضمن فئة الشعائر؟ قال إن نص القانون ليس واضحاً في هذا الشأن. كأننا أمام قضية تثار بسبب عدم وضوح نص قانوني. وربما هي المرة الأولى التي تكون فيها هذه المؤسسة أمام واقع وجود محجبات، باستثناء المتعاقدات.
لم يرفض وزير العدل شكيب قرطباوي التعليق. استغرب السؤال بداية عن القانون المتعلق بالشعائر الدينية في قوى الأمن الداخلي. سأل ما القصة؟ ثم قال إنه لا يحفظ نصوص القانون ويحتاج إلى الاطلاع عليها قبل الاجابة. بقي وزير الداخلية مروان شربل. الأخير حوّل القضية إلى مسألة «لا يحرز» طرحها. قال إن المسألة غير مطروحة على جدول أعمال مجلس الوزراء لأنها أيضاً «لا تحرز»، عدا «عدم وجود علاقة لي بالموضوع». بدا وكأنه يحاول الاشارة إلى أنه لم يطلع على القضية تماماً بعد، أو أنه ليس هناك قضية من أصله. بعدها، شرح أن المسألة لا صلة لها بالشعائر الدينية بل بالزي الرسمي الموحد. «على سبيل المثال، لا يستطيع الموظف ارتداء بذلة كاكية بينما اللون المعتمد رمادي». لكن إذا كان الحجاب يتعارض والزي الرسمي، فلماذا تم قبول المحجبات؟ يوضح شربل أنه «من غير الممكن منع المحجبات من التقدم للوظائف، لكن لاحقاً، يطبق القانون على الجميع. ومن يعجز عن الالتزام به ينسحب».
يفاجأ شربل من تخيير المحجبات. يسأل: «متى حدث ذلك؟ الآن؟»، مضيفاً أنه سيسأل عن الأمر اليوم. لكن لا وجود لحديث جدي بعد، خصوصاً أن النتائج ظهرت حديثاً.
اللافت أنه يسمح لموظفي قوى الأمن الداخلي بالصلاة والصوم، ويمنعون فقط من ارتداء الشارات الدينية كالصليب أو سيف ذو الفقار. فماذا يكون موقع الحجاب لبنانياً لا فرنسياً؟ الأسئلة كثيرة في ظل الأجوبة غير الموجودة أو المبهمة للمسؤولين. فإذا كان القانون يمنع ممارسة جميع الشعائر الدينية، ويعتبر الحجاب إحدى هذه الشعائر، يجب على المعنيين الفصل في هذه المسألة قبل أن تتحول إلى قضية حساسة ينأى رأسا الدولة بنفسيهما عنها، إلا إذا كان السبب يكمن في الوجه الآخر للعلمانية: العنصرية.

ليست هناك تعليقات:

شارك

Share |