الأربعاء، 13 يوليو 2011

خمس سنوات على حرب لبنان الثانية الحدود الأهدأ لاسرائيل

خمس سنوات على حرب لبنان الثانية الحدود الأهدأ لاسرائيل
خمس سنوات على حرب لبنان الثانية الحدود الأهدأ لاسرائيل
صحف عبرية
2011-07-12


بضع مئات الأمتار تفصل بين استحكام المراقبة التابع للجيش الاسرائيلي، المحاذي للزاوية الشمالية لكيبوتس مسغاف عام، وبين الطريق الرئيس لبلدة العديسة اللبنانية، في الطرف الآخر من السياج الحدودي. هنا، في آب من العام الماضي، وقعت الحادثة الأصعب على الحدود منذ وقف النار الذي أنهى حرب لبنان الثانية. المقدم دوف هراري، قائد كتيبة الاحتياط، قُتل بنار قناص من الجيش اللبناني. رد الجيش الاسرائيلي يهجوم كثيف نسبيا على استحكامات الجيش اللبناني فقتل خمسة من جنوده.
اليوم، 12 تموز، هو يوم الذكرى الخامسة لاندلاع الحرب. الحادثة التي قُتل فيها قائد الكتيبة هراري هي مثابة استثناء يدل على القاعدة. سبقها توتر محلي، حول إصرار اسرائيلي على تحقيق السيادة 'حتى آخر سنتيمتر' كدرس من دروس الحرب. حتى ذلك الحين، تنازلت اسرائيل عمليا عن الوصول الى الجيوب الصغيرة التي كان يفترض بها أن تبقى تحت سيطرتها، ولكنها بقيت في الطرف الشمالي من السياج في أعقاب الانسحاب في العام 2000. حزب الله استغل ذلك، ضمن امور اخرى، كمنطلق ناجع للعمليات بما فيها اختطاف جنديي الاحتياط إلداد ريغف وأودي غولدفاسر، مما أشعل الحرب في 2006.
رأى اللبنانيون في عملية موضعية للجيش الاسرائيلي لاخلاء حرش حول السياج، تحديا لسيادتهم وإن كان عمليا يدور الحديث عن ارض سيادية اسرائيلية. ضابط استخبارات في الجيش اللبناني هيّج القوة التي عملت في المنطقة ورجالها فتحوا نار قناصة قُتل منها قائد الكتيبة.
ولكن منذ الحادثة يبذل الجيش اللبناني كل جهد مستطاع لتهدئة الجبهة. قائد لواء 9 الذي خدم فيه القناصة اللبنانيون، ضابط شيعي، أُحيل من منصبه. الجيش اللبناني وقوة اليونفيل التابعة للامم المتحدة يحافظان على تواجد معزز على طول السياج. في احتجاجات يوم النكبة، في منتصف أيار، أطلق اللبنانيون نارا حية لابعاد مئات المتظاهرين الفلسطينيين واللبنانيين الذين اقتربوا من السياج. عشرة منهم قُتلوا، بعضهم بنار لبنانية وبعضهم بنار الجيش الاسرائيلي.
في زيارة الى الحدود هذا الاسبوع بدا جنود الامم المتحدة قرب يافطة طرق وعليها صورة كبيرة للامين العام لحزب الله حسن نصر الله، على مسافة قصيرة من حاجز الجيش اللبناني. على التلة فوقهم وقفت سيارة سوداء فاخرة، تحمل لوحة ترخيص مدنية. وحسب كل المؤشرات، كان هؤلاء هم رجال استخبارات حزب الله تابعوا دورية الجيش الاسرائيلي من الجانب الاسرائيلي من الحدود.
ضابط كبير في فرقة 91، المسؤول عن الحدود، قال لـ 'هآرتس' ان 'ما يمكن أن يبدو كعناد تافه، في الدخول الى كل متر من السيادة الاسرائيلية، ينقل رسالة قاطعة الى الجانب الآخر. هذا تصميم يخلق ردعا ويسمح لمزارعي المطلة العودة الى فلاحة اراضيهم المحاذية للسياج. خدمت هنا قبل الحرب، وفي نظرة الى الوراء أجدني خجلا من الشكل الذي تصرفنا به. في تلك السنين قلنا للجنود ان الهدف هو خلق 'صفر أهداف' للاختطاف من جانب حزب الله. منذئذ طرأ تغير ذهني هائل في عملنا على طول الحدود'.
ما هو ربما أكثر تشويقا هو سلوك حزب الله. تدعي شعبة الاستخبارات العسكرية 'أمان' بأنه لم يكن للمنظمة الشيعية أي صلة بنار القناصة في حادثة العام الماضي. فضلا عن ذلك، في السنوات الخمس الاخيرة لم يتخذ حزب الله أي خطوة هجومية ضد اسرائيل من لبنان. في الحالات الست التي أُطلقت فيها الكاتيوشا قصيرة المدى نحو الجليل (اجمالي الاصابات: جريحة واحدة)، كانت هذه منظمات سنية تعمل بالهام من القاعدة. فقد وضع حزب الله سلاحه. نصر الله يتواجد في الجنوب بروحه، ومن على اليافطات، ولكن ليس جسديا. الزعيم الكاريزماتي يكاد لا يخرج من القبو منذ نهاية الحرب.
بعد خمس سنوات من ذلك، الجبهة اللبنانية هي الحدود الأهدأ لاسرائيل، باستثناء الاردن. لأول مرة منذ نحو اربعين سنة، قال منذ وقت غير بعيد رئيس الاركان السابق غابي اشكنازي، سيترفع الى الصف الاول في كريات شمونة في 1 ايلول وردية تلاميذ بالنسبة لهم صافرات الانذار والكاتيوشا هي تجربة غير معروفة. الجيش الاسرائيلي يُقدر بأن الاضرار التي تكبدها لبنان وحزب الله في الحرب، مثل التحولات الداخلية الاخيرة في العالم العربي، تقلص خطر اشتعال الجبهة في لبنان من جديد، على الأقل في الفترة القريبة القادمة.
الهدوء في الشمال هو الحجة الأساس للعصبة التي أدارت الحرب في لبنان (الثلاثي اهود اولمرت - عمير بيرتس- دان حلوتس ومعهم بعض كبار الضباط، بعضهم لا يزال في الخدمة)، لتبرير سياستها وأفعالها بأثر رجعي. كلما طال الهدوء، يُعد الردع الاسرائيلي أقوى ويتعاظم الميل الى النظر بتسامح لأخطاء صيف 2006. ولكن الهدوء كما أسلفنا يرتبط ايضا بالواقع العربي: الرئيس السوري، بشار الاسد، منشغل بصراع البقاء أمام معارضي نظامه، أما حزب الله فغارق في الاحتكاكات الداخلية.
صحيح أن خطواته ضمنت له سيطرة عملية على الحكومة الجديدة في بيروت، ولكن في نفس الوقت تشعر المنظمة بالتهديد في ضوء رفع لوائح اتهام ضد اربعة من رجالها الى المحكمة الدولية في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. في مثل هذه الظروف نشأت ظاهرا مصلحة مشتركة للأطراف لمنع حرب جديدة مع اسرائيل.
هل يكفي ذلك لتسويغ، في نظرة الى الوراء، خطوات القيادة السياسية والجيش الاسرائيلي؟ اللواء احتياط غيورا آيلاند قال هذا الاسبوع لصحيفة 'هآرتس' انه 'ليس صحيحا تجميل الامور التي جرت بشكل سيء في حينه. فقد عكست الحرب ضعفا عميقا في الشكل الذي عمل فيه الجيش الاسرائيلي. علاقات القيادة السياسية والعسكرية كانت اشكالية ومثلها السلوك الاستراتيجي'.
زميله، قائد سلاح الجو السابق، اللواء احتياط ايتان بن الياهو، كان حتى أكثر حدة. 'هذه الحرب كانت فضيحة لا تغتفر، في الطريقة التي أُديرت فيها، بالذات لان مجرد شنها كان مبررا. يكمن خطر في استخدام الهدوء لتشويش الاستنتاجات من الحرب.
هيا نفحص ما سعى حزب الله الى تحقيقه. نصر الله نفذ الاختطاف لغرض تبادل الأسرى وفي هذا نجح مائة في المائة. وقد أراد المس بصورة القوة الاسرائيلية، وفي هذا ايضا نجح. منذئذ تزود بعشرات آلاف الصواريخ وسيطر بشكل كامل على لبنان. لقد كانت الحرب نجاحا مدويا لنصر الله وفشلا أليما لنا'.
في الجانب الايجابي النسبي، يمكن أن نرى في حرب 2006 دعوة يقظة للجيش الاسرائيلي، أدت الى عمل اعادة بناء واسعة: تحسينات في القوات البرية والاحتياط، في أداء قيادة المنطقة الشمالية، في التغطية الاستخبارية في لبنان وبالأساس في الاستعداد الواسع للجبهة الاسرائيلية الداخلية، التي تكمن في الفهم بأنه في كل مواجهة مستقبلية ستكون هذه هي الجبهة الأساس (وزير الدفاع، اهود باراك، اختار أمس تشجيع الجمهور في التشخيص في أنه في الحرب القادمة ستتلقى الجبهة الداخلية 50 طن من الذخيرة كل يوم). الردع يعمل في الطرفين: حزب الله لا يسارع الى استفزاز اسرائيل مرة اخرى، ولكن اسرائيل ايضا تعرف بأن شن حرب معناه سقوط صواريخ دقيقة جدا في غوش دان.
الحرب في لبنان، اذا، تبدو كفشل تكتيكي أدى في أعقابه الى نجاح استراتيجي جزئي، في شكل الهدوء (ومن يرغب، يمكنه أن يدعي بأنه في حالة 'الرصاص المصبوب' في غزة، حصل بالضبط العكس). وضع حزب الله أكثر تعقيدا مما يصفه بن الياهو. صحيح أن المنظمة حسنت مدى ودقة الصواريخ التي في حوزتها، ولكن قرارها نقل مواقعها ومنظومات اطلاق صواريخها من الارض المفتوحة الى قلب القرى الشيعية في جنوب لبنان، كفيل أن يتبين كخطأ يُدخلها الى فخ. مع اندلاع الحرب، كفيل المعنى بأن يكون ايقاع الخراب على مراكز القوة السياسية للمنظمة. سلسلة موجهة من التسريبات حول استعدادات حزب الله في القرى، في الصحافة الاجنبية، تدل على أن المتابعة الاستخبارية الاسرائيلية لما يجري في المنظمة، يجب أن تقلق نصر الله.
في الصيف الخامس منذ الحرب، بقيت الحدود اللبنانية في هذه الاثناء هادئة (والامور، كما هي العادة في الشرق الاوسط، صحيحة بالضبط للصباح الذي تُكتب فيه). يبدو أن للطرفين في هذه اللحظة مصلحة في الحفاظ على الهدوء ـ وتشخيص اشكنازي عن التلاميذ في كريات شمونة هو القول الممكن الأكثر ايجابية، في الظروف الحالية. واذا كانت السنوات الاخيرة ساهمت في شيء في احتواء مستوى توقعات الجمهور الاسرائيلي من الجبهة الشمالية ـ بمعنى، الهدوء حتى المرة القادمة، بدون أوهام بحسم جارف فان هذا هو ايضا ليس أمرا يُستهان به.

هآرتس 12/7/2011

ليست هناك تعليقات:

شارك

Share |