الجمعة، 31 مايو 2013

3336 سؤالاً في كتب التربية الإسلامية.. ما الفائدة منها؟! - (5) | جريدة القبس

3336 سؤالاً في كتب التربية الإسلامية.. ما الفائدة منها؟! - (5) | جريدة القبس
 التربية الإسلامية في الكويت

3336 سؤالاً في كتب التربية الإسلامية.. ما الفائدة منها؟! - (5)

تم النشر في 2013/05/29
إعداد د. فوزي أيوب - (باحث تربوي أستاذ في الجامعة اللبنانية)
في إطار الدراسات العلمية التي قدمتها القبس حول التعليم في الكويت: الخلل في المناهج (2002)، المناهج الكويتية أمام ساعة الحقيقة (2003)، التعليم في أزمة (2012)،  المعلم في الكويت: واقعه.. إعداده.. دوره، (يناير2013)، تواصل حلقات دراستها العلمية الموسعة، لقناعتها بأن أي إصلاح حقيقي، وتنمية مستدامة، يبدآن من التعليم ويستندان إليه. وفي الحلقة الجديدة من الدراسة الموسعة، تتناول القبس مناهج التربية الإسلامية في الكويت. بعدما تناولت مناهج الاجتماعيات، واللغة العربية.
يعتمد تقويم التحصيل التعليمي للتلاميذ في مقرر دراسي معين، بشكل أساسي، على مدى نجاحهم في الإجابة عن أسئلة متعددة الأنواع (شكل السؤال) والمستويات (المستوى الفكري للسؤال).
لذلك ليس من المبالغة القول إن السؤال هو لب عملية التقويم التربوي، وهو العنصر الذي يكشف عن مدى التعمق في المادة الدراسية، ومدى صعوبة المضمون الدراسي وملاءمته لقدرة المتعلم الذهنية، ولكي يكون السؤال مجدياً فلا بد أن تتوافر له شروط خاصة، بعضها يطول شكل السؤال وصياغته اللغوية ووضوحه والمطلوب فيه، وبعضها يطول المستوى الفكري للسؤال وملاءمته لأعمار التلاميذ وصحة مضمونه العلمي.. الخ.
في تقويمنا للأسئلة الواردة في دروس التربية الإسلامية في الكويت نلتفت خصوصاً إلى معيار شمولية الأسئلة، أي توافر عدد كافٍ منها، وإلى التوازن بين أنماط الأسئلة أو أشكالها، إضافة إلى المستوى الفكري الذي تصدر عنه الإجابة الصحيحة عن السؤال، وإلى طبيعة المضمون التربوي للأسئلة وابتعاده عن مناحي الخلل المتنوعة. فإلى أي مدى تلتزم أسئلة مقرر التربية الإسلامية في الكويت بالمعايير التربوية المذكورة؟
قبل ذلك نشير إلى انه بالنظر إلى ضخامة كمية الأسئلة المطروحة في الكتب، فقد اكتفينا بعيِّنة منها - على سبيل النموذج.
تضم كتب التربية الإسلامية في الصف الثاني الابتدائي (ك 57) وفي الصف الثاني المتوسط أو الصف السابع (ك 66 + ك 67) والصف الثاني الثانوي أو الصف الحادي عشر (ك 72) الأسئلة - موضوع البحث.
أ - أنماط الأسئلة وتوازنها
بعد قراءة أسئلة عينة الكتب المختارة وفحصها بدقة، أمكن توصيف أنواع الأسئلة (أنماطها) وفق ما يظهر من خلال الجدول رقم 1 .
 يشير الجدول  إلى أن العينة المختارة لكتب التربية الإسلامية (ثلاثة صفوف دراسية) تشتمل على 834 سؤالا، وهذا يعني أن حجم الأسئلة المطروحة كبير، بل وزائد في بعض الحالات. ووفق هذا المعدل، فإن الحجم النهائي لأسئلة التربية الإسلامية في كل الكتب والسنوات الدراسية هو افتراضيا 3336 سؤالا، ولاشك في أن تلميذا يجيب إجابة صحيحة عن هذا الكم من الأسئلة سيكون ملما بتفاصيل ومفاهيم التربية الإسلامية إلى حد بعيد.
ومن حيث نوع السؤال في كتب العينة المختارة، فإن حوالي نصف الأسئلة المطروحة هو من نوع سؤال المقال الذي يتطلب إجابة كتابية قصيرة، أو وسط، أو طويلة تبعاً لحجم الإجابة المطلوبة. فالجدول يبين أن 47% من أسئلة التربية الإسلامية هي أسئلة مقال يقع معظمها في خانة المقال القصير (%35 من مجمع الأسئلة) مقابل %10 لأسئلة المقال الوسط، و2% فقط لأسئلة المقال الطويل الذي تتطلب الإجابة عنه صفحة وما فوق.
ومن أسئلة المقال القصير ما جاء في كتاب الصف الثاني الابتدائي: أنظر إلى هذه الصورة، ووصف الموقف الذي تعبرِّ عنه (ك 58 – ص 59 – س 1)، أو ما جاء في كتاب الصف الثاني المتوسط:
بيِّن الحكم الشرعي لمن أنكر شيئا من الغيبيات التي أخبر بها الشرع مع التحليل (ك 66 – ص 22 – س 3).
أما أسئلة المقال المتوسط الحجم فقد بلغت 10% من مجموع الأسئلة ويقع السؤال الواحد منها في حدود صفحة واحدة، ومن أمثلتها ما يأتي: أثبت بالدليل العقلي أن القرآن الكريم من وحي الله تعالى (ك 66 – ص 61 – س 4). أما أسئلة المقال الطويل، التي تتطلب الإجابة عنها أكثر من صفحة، فلم تتجاوز %2 من مجموع الأسئلة وهي لا تظهر إلا في التعليم الثانوي. ومن الأمثلة عليها ما يلي: «أذكر الفرق بين الثابت والمتغير، موضحا أساليب أعوان التغريب في مواجهة الثوابت الأصيلة والدافع وراء محاولاتهم، والنتائج المترتبة عليها» (ك 72 – ص 104 – س2). وبالنسبة للأسئلة الموضوعية التي تتطلب إجابات دقيقة وموجزة فقد بلغت نسبتها %29 من مجموع أسئلة التربية الإسلامية.
وجاءت أسئلة الصواب والخطأ في طليعة الأسئلة الموضوعية مع نسبة %14 من إجمالي الأسئلة. ومن نماذج الصواب والخطأ ما يلي: ضع علامة (✓) مقابل العبارة الصحيحة في ما يلي:
- أكد الإسلام حرية الاعتقاد (         )
- لم يقرر الإسلام حرية التعبير (         )
- الإسلام دعا إلى الانتفاع بما في الأرض من ثروة (ك 72 – ص 76 – س ب).
بعد أسئلة الصواب والخطأ، التي هي الأساس في الأسئلة الموضوعية، تأتي أسئلة التكميل وملء الفراغ التي تستقطب 6% من إجمالي الأسئلة، وتسير وفق النموذج التالي: وملء الفراغات الآتية: أول من آمن بالنبي (صلى الله عليه وسلم) من النساء........... ومن الرجال ........... ومن الصبيان........... (ك 67 – ص 69 – س1).
أسئلة الاختيار
وفي المرتبة الثالثة بعد أسئلة الصواب وملء الفراغ يأتي سؤال الاختيار بين إجابات متعددة، ومن الأمثلة على هذا النمط من الأسئلة ما جاء في كتاب الصف الثاني الابتدائي (ك 57 – ص 25 – س ا):
- ضع دائرة حول كل أسم من أسماء القرآن الكريم:
 الذكر- الكتاب - العلم - النعيم - الفرقان.
تكثر أسئلة الاختيار من متعدد في المرحلة الابتدائية إذ تبلغ نسبتها %20 من أسئلة كتاب الصف الثاني الابتدائي مقابل ما نسبته %2 فقط في التعليم المتوسط والثانوي وهذا أمر طبيعي لأن سؤال الاختيار يتصف بالسهولة ويلائم التلميذ الصغير عادة.
وفي المرتبة الرابعة من حيث قوة الحضور في الأسئلة الموضوعية نجد سؤال الربط أو المطابقة (%3 من الأسئلة) وهو، كسؤال الاختيار من متعدد، يظهر أساسا في التعليم الابتدائي ويتراجع بعد ذلك (راجع الجدول). ومن نماذج سؤال المطابقة، ما جاء في (ك 57 – ص 17) وفق ما يلي:
- صل بين القائمتين «أ» و «ب» فيما يأتي:
القائمة «أ»
1 – الكلمة الطيبة تدخل صاحبها
2 – الكلمة الخبيثة تدخل صاحبها
القائمة «ب»
النار
الدار
السوق
الجنة
وإلى جانب أسئلة المقال والأسئلة الموضوعية نقع على نمط ثالث هو عبارة عن تشكيلة متنوعة من الأسئلة التي تستقطب 23% من مجموع أسئلة التربية الإسلامية في الكويت وفي طليعتها أسئلة التحديد والتسمية التي هي عبارة عن جملة أو فقرة في الغالب. تبلغ نسبة أسئلة التحديد 18% من الأسئلة كلها وهي نسبة كبيرة كما نلاحظ. ويمكن اعتبار سؤال التحديد سؤال مقال وجيز أي انه مختصر جدا، وهذا النمط  من الأسئلة له حضور في كل مراحل التعليم وهو يكثر في التعليم المتوسط أولاً ثم في الابتدائي، وبعد ذلك في الثانوي (راجع الجدول)، والأمثلة  على سؤال التحديد كثيرة نذكر منها ما يأتي: حدد معنى الغيب لغة وشرعاً (ك 66ــ ص22).
الأسئلة الشفوية
بعد اسئلة التحديد تبرز الاسئلة الشفوية التي تشكل ما نسبته %30 من اسئلة التربية الاسلامية في العينة المختارة، وهي تتركز في دروس التعليم الابتدائي بشكل خاص، نظراً لاهمية المحادثة عند الولد وعدم قدرته على الكتابة الصحيحة في بداية التعليم الابتدائي، وحتى لو كانت الاسئلة الشفوية مطروحة في المرحلة المتوسطة والثانوية، فإن وجودها يساعد على التفاعل الحيوي بين التلاميذ والمعلم ويشجع التلميذ على روح المبادرة والمشاركة عندما يجيب شفوياً عن السؤال المطروح: أجب شفوياً عما يأتي: ما معنى «الله معنا»: (ك 57 ــ ص11 ــ س1).
سؤال البحث
وبين الانواع المتنوعة للاسئلة يبرز سؤال العمل البحثي الذي يتطلب نشاطا توثيقياً او عملاً ميدانياً يحتاجه تلميذ المرحلة الثانوية، وكذلك المتوسطة الى حد ما، ومن امثلة سؤال البحث ما يرد في (ك 27 ــ ص135 ــ ص7) وفق الآتي:
ــــــ ارجع الى كتاب الاحوال الشخصية في التشريع الاسلامي للدكتور احمد الغندور للبحث عن الحقوق الآتية مع بيان معانيها والحكمة منها وادلة مشروعيتها (المهر ــ النفقة ــ تأديب الزوجة بالمعروف).
غياب غير حميد
بعد استعراض صورة انواع الاسئلة المستعملة في دروس التربية الاسلامية في الكويت، وتحديد ثقل كل نوع منها يمكن القول ان هناك توازناً محدوداً بين انماط الاسئلة مما يقتضي تعزيز حضور بعض اشكال السؤال وتقليل حضور اشكال اخرى.
فمن الافضل تربوياً ان يكون حضور اسئلة المقال مساوياً لحضورالاسئلة الموضوعية، خاصة ان اسئلة التحديد والتسمية يمكن ان تدخل في نطاق الاسئلة المقالية، باعتبار التحديد شكلاً من المقال الوجيز (أو الشديد الاختصار)، ويقتضي التوازن الطبيعي لانماط الاسئلة ان تشكل اسئلة المقال ثلث الاسئلة وكذلك الاسئلة الموضوعية بينما يذهب الثلث الباقي للاسئ‍لة التطبيقية (بحث، عمل ميداني، مقابلات...) وللاسئلة الشفهية.
فالمناهج التربوية الحديثة تتجه صوب التركيز على الاسئلة العملية والبحثية والتطبيقية على اساس ربط العلم والتعليم بالواقع العملي، وبالحياة، بصورة عامة، وهو ما لا يبرز في نظام الاسئلة الخاص بمقررات التربية الاسلامية في الكويت، لان الاسئلة التطبيقية والنشاطات العملية تكاد تكون غائبة عن هذه المقررات.
ب ــــ المستوى الفكري للاسئلة‍
وجدنا ان تصنيف اسئلة التربية الاسلامية بحسب نوع السؤال او نمطه قد اظهر نتجية مقبولة بوجه عام، الا انها تشكو من بعض الثغرات الواضحة، فهل الامر يختلف عندما نقوم بتصنيف الاسئلة على اساس المستوى الفكري المطلوب للاجابة عنها؟ والمسألة الاساسية هنا تدور حول مدى قابلية الاسئلة المطروحة لتنمية قدرات التلميذ على الفهم والتطبيق والتحليل، بدل التركيز على تنمية قدراته على الحفظ والتذكر وتكرار المعلومات لديه.
والمقصود بالمستوى الفكري للسؤال هو نوعية الجهد الفعلي الذي يجب على المتعلم ان يحركه او يستعمله للاجابة الصحيحة عن السؤال المطروح، وقد بات معروفاً في الاوساط التربوية في العالم ان سلم القدرات الفكرية المتدرجة عند الفرد، كما حددها بنيامين بلوم (Benjamin  Bloom) صاحب نظرية تصنيف الاهداف التربوية (Taxonomie Of Educatiom Objectives)  بتدرج وفق المستويات الذهنية التالية: (1 ).
ـــــ مستوى حفظ المعلومات وتذكرها كأن يحفظ موجبات الافطار.
ـــــ مستوى فهم المعلومات واستيعابها كأن يلخص التلميذ نصاً معينا.
ـــــ مستوى التطبيق كأن يحدد التلميذ عملياً كيفية ازالة النجاسة عن الثياب او تأدية صلاة العصر في مسجد المدرسة.
ـــــ مستوى التحليل كأن يستخلص التلميذ العوامل التي ساعدت على نصر المسلمين في معركة بدر، او يبين تأثيرات دخول خالد بن الوليد في الاسلام، والوجه المعاكس للتحليل (Analysis) هو التركيب او التوليف (Synthesis).
ـــــ مستوى التقويم وهو يعني ابداء الرأي المعلل او اصدار حكم بناء على معطيات واضحة، كأن يقوّم التلميذ دور منظمة المؤتمر الاسلامي في خدمة قضايا المسلمين في العالم، وتدخل المقارنة بين امرين او ظاهرتين في اطار التقويم.
ولتسليط الضوء على قضية المستوى الفكري لأسئلة التربية الاسلامية بصورة موضوعية كان لابد من استخراج المعطيات الكمية والنوعية الخاصة بمستوى الاسئلة وهو ما يتحقق من خلال الجدول الاحصائي رقم 2.
حفظ المعلومة حرفياً
يتبين من جدول المستوى الفكري للاسئلة ان هنالك سيطرة شبه كاملة لأسئلة الحفظ والتذكر على سائر المستويات الفكرية الاخرى للاسئلة، لأن هذا المستوى يظهر في %70 من اسئلة التربية الاسلامية وهو ما يشكل مقارنة لافتة للنظر وممتلئة بالدلالات التربوية. فسؤال الحفظ لا يتطلب جهداً فكرياً عميقاً من التلميذ، وهو يسير على المنوال التالي:
- التوكل على الله هو.. ماذا تقول عند الخروج من البيت؟
- وظيفة ميكائيل (عليه السلام) هي.. إلخ.
فإذا كان المطلوب من التلاميذ في مقرر التربية الاسلامية تشغيل عقولهم بدرجة منخفضة جداً وقائمة على حفظ المعلومات فإن ذلك يدل على وجود مشكلة كبيرة في هذا المقرر طالما أن مؤلفي نصوص التربية الاسلامية يلحون على حشو عقل التلميذ بالمعلومات بدل ان يركزوا على تشغيل عقل التلميذ بصورة نشيطة أو عميقة.
وفي أحيان كثيرة، نجد ان المؤلفين يريدون من التلميذ ان يحفظ المعلومة الدينية بصورة حرفية وكأن اي فكرة ذاتية قائمة على التساؤل والتحليل والمقارنة والتقويم هي فكرة مشبوهة أو غير مستحبة في احسن الاحوال، إن أي افكار صادرة عن المتعلم نفسه حول الموضوعات الدينية تصبح أفكاراً غير مفيدة ولا محل لها في قاموس المؤلفين، الذين يريدون عبارات وكلمات بعينها وحرفيتها عند الاجابة عن الاسئلة، وهو مايشير الى وجود نزعة تلقينية «ببغاوية» عند المؤلفين تظهر مراراً وتكراراً في الاسئلة الواردة في دروس التربية الاسلامية.
ولعل مما يدعم النقد الذي نوجهه اننا لاحظنا وجود تشديد مستمر عند واضعي الاسئلة من المؤلفين على عدم ابداء التلميذ لأي رأي شخصي في معالجة اي موضوع او مسألة مطروحة أو سؤال.
ومن الامثلة على ذلك ما يلي:
1 – ارجع الى كتاب «حقوق المرأة في الزواج للشيخ محمد الغروي لإعداد بحث عن حكم المغالاة في المهور ( ك72 – س12).
وتعليقنا على سؤال كهذا هو ان البحث بطبيعته عمل فكري استقصائي حر يعبِّر الباحث فيه عن شخصيته وقدرته الذهنية، فلماذا نحصر الطالب بمرجع معيَّن وشيخ معين للقيام ببحث عن موضوع المغالاة في المهور؟ لماذا لا نقول له ابحث في هذا الموضوع مستعيناً بما تيسر لك من مراجع ومصادر؟ لماذا لا نترك للطالب قليلاً من الحرية في البحث والتفكير، ونمنعه من التعمق في اي مسألة دينية مفضلين تقييده ضمن اطار محدد سلفاً، وغالباً ما لا يكون فيه شيء من التجديد او الرؤية المختلفة؟
2 – للعلماء تعريفات لتوضيح الفرق بين القضاء والقدر، ناقش هذه العبارة في ضوء دراستك للموضوع مع استيعاب كل ما ورد في ذلك (ك72 – ص55 – س2)
وتعليقنا على هذا السؤال هو انه سؤال يسعى واضعه الى تقييد الطالب الى اقصى حد ممكن لمنعه من ان يستعمل عقله بصورة حرة او مستقلة. فمن الممكن ان نطلب من الطالب مناقشة التعريفات الخاصة بالفرق بين القضاء والقدر، وعند ذلك يمكنه ان يرجع الى النص او الى مراجع اخرى، او الى الانترنت، او الى اشخاص من حوله، فلماذا نقيده دائماً بالنص ثم نزيد ع‍لى ذلك بمطالبته «باستيعاب كل ماورد في ذلك» اي ان لا يخرج قيد انملة عن الدرس، وكأن درس التربية مقدس مثل النص القرآني؟
3 – الجن له اقسام. ناقش هذه الحقيقة في ضوء دراستك (ك72 – ص25 – س5)
فلماذا النقاش مشروط دائما بشيء آخر هو الدرس؟ ألا يمكن مناقشة المسألة المطروحة من خارج الدرس ايضاً؟! ماذا لو كانت عند الطالب الذي أصبح في المرحلة الثانوية نظرة اعمق الى الموضوع مستمدة من نصوص اخرى او من مصادره الخاصة؟ لماذا نطلب من التلميذ ان يناقش ولا نترك له الحرية في النقاش؟
4 – وضِّح من خلال فهمك للدرس طرق استعمال الوقت بما هو نافع (ك66 – ص184).
حتى التوضيح يجب أن يكون من خلال الدرس ولا يحق للتلميذ المسلم أن يتجاوز النصوص حتى من باب التوضيح. المؤلف لا يقبل من التلميذ أن يوضح كيفية الاستخدام النافع للوقت بناء على فهمه للموضوع، بل فقط من خلال ما هو مكتوب له في النص التعليمي.
حفظ الإجابة
إن منهجية طرح أسئلة التربية الإسلامية تشكو من جمود تربوي ملحوظ، كما يتضح من جدول المستويات الفكرية لهذه الأسئلة، فمن بين كل أربعة أسئلة مطروحة يتوجب على التلميذ أن يحفظ الإجابة في ثلاث حالات، وأن يفهم الموضوع في حالة واحدة لا أكثر، مما يشير إلى أن مادة التربية الإسلامية هي مادة تلقينية بامتياز، وأنها لا تخاطب عقل المتعلم الكويتي إلا في حدود ضيقة مركزة على المستوى الأدنى من تفكير التلميذ، ألا وهو مستوى حفظ المعلومات واسترجاعها عند الطلب. من جهة أخرى، لم يلتفت المؤلفون في هذه المادة الدراسية المهمة إلى أسئلة التطبيق والتحليل والتقويم التي تتطلب تشغيل المستويات العليا من التفكير إلا في حدود %4 فقط من مجموع الأسئلة ومستوياتها الفكرية. فلم يظهر الجانب التطبيقي العملي في الأسئلة إلا في %1 فقط من الأسئلة وفق ما يلي:
ــــ اجمع صوراً تعبّر عن مظاهر حسن الخلق وألصقها (ك57 – ص81 – س4).
أما أسئلة التحليل Analysis فلم تتجاوز %2 في مجموع الأسئلة، ومن الأمثلة عليها ما يلي:
ــــ من خلال فهمك للدرس ضع خطة لبناء مستقبلك العلمي، مستعيناً بمراحل بناء الخطة (ك67 – ص141 – س3).
كذلك لم تظهر أسئلة التقويم إلا سبع مرات (في أقل من %1 من الأسئلة) ومن أمثلة مستوى التقويم في السؤال ما يأتي:
ــــ ما رأيك فيمن يذهبون إلى زيارة المريض في بيته من دون موعد مسبق؟ (ك57 – ص89 – س1).
خلل في المنهجية
إن هذا الخلل الواضح في منهجية طرح الأسئلة في مقرر التربية الإسلامية يشير إلى وجود أزمة في الوظيفة التربوية المرجوة من تعليم هذا المقرر، الذي يتحول في مضمونه إلى عملية تحفيظ دؤوبة للنصوص الدراسية من دون أي تفاعل من جانب المتعلم نفسه. وكأن المؤلفين ينظرون إليه بصفته وعاءً يملأونه بما يشاؤون من نصوص وأفكار وتوجهات.
أين المشكلة؟
ولا يعني نقدنا لطغيان أسئلة الحفظ في التربية الإسلامية أننا ضد كل شكل من أشكال حفظ المعلومات وتخزينها، فالتلميذ يحتاج إلى حد أدنى ضروري من المعلومات والمعارف المخزونة في ذاكرته قبل أن يتمكن من الفهم والتحليل والتطبيق والتقويم، ولكن المشكلة تبرز عندما تزيد نسبة الحفظ كثيراً على حساب المستويات الذهنية العليا، فالمتعلم لا يفهم موضوعاً معيناً من دون أن تكون لديه معلومات مسبقة عن هذا الموضوع، وهو لا يستطيع تطبيق ما يعرفه إلا إذا فهم ما يريد تطبيقه، ولا يستطيع أن يحلل ظاهرة قبل أن يكون قد فهمها نظرياً وعملياً، ولا يستطيع تقويم أمر أو عمل ما وإعطاء رأي أو حكم موضوعي بشأنه قبل أن يكون قد مر بالخطوات الأربع السابقة لمستوى التقويم.
ورغم أهمية المعلومات والحفظ فإن من الخطأ المبالغة فيها وإشغال التلميذ بها، خصوصاً عندما يتطلب الأمر حفظ أجزاء من النص بصورة حرفية بدل التركيز على معنى النص ودلالته.
وهكذا، فقد جاءت صياغة أسئلة التربية الإسلامية صياغة مغلقة في أحيان كثيرة بحيث تتطلب إجابات حرفية من الدرس ولا تتيح للتلميذ غير التسليم الأعمى بمضمون النص من دون الحاجة إلى تفكير معمق أو اجتهاد شخصي في الإجابة.
إن سعي المؤلفين إلى تقييد المتعلم بحرفية النصوص والدروس يحول النص إلى غاية بحد ذاته، وهذا توجه متعارض مع التربية الحديثة التي تجعل من المتعلم محور العملية التربوية وتجعل من النص مجرد وسيلة لتنشيط التفكير ورفع مستواه عند المتعلمين. فكثير من الأسئلة لا يتطلب تشغيلاً فعلياً لذهن المتعلم من خلال البحث عن إجابة عن السؤال المطروح، بل إنه يشجع التلميذ على التسليم السلبي بكل شاردة وواردة في النص التعليمي، وقد لاحظنا أنه حتى في حالة أسئلة المناقشة لا توجد فرصة لنقاش حر أو حقيقي، لأن المطلوب إجابات حرفية من التلاميذ.
ج- ملاحظات إضافية
على أسئلة التربية الإسلامية
إضافة إلى تقويم أنماط الأسئلة ومستوياتها الفكرية نتناول أيضاً. بعض المشكلات التي تشكو منها أسئلة التربية الإسلامية في الكويت بدءاً بمشكلة صعوبة السؤال ومروراً بمشكلات عدم الدقة وعدم الوضوح، وصولاً إلى مظاهر من الخلل في صياغة الأسئلة وإخراجها، مع الإشارة إلى أن هذه الملاحظات النقدية للأسئلة ليست شاملة، كما أنها تقتصر على العينة المختارة في كتب التربية الإسلامية في الكويت.
خلاصة
خلاصة القول هي إن مؤلفي كتب التربية الإسلامية في الكويت يلتزمون في الجانب الأكبر من النصوص بمعيار الدقة العلمية للمعلومات المطروحة على التلاميذ، وبما يكمله من معيار الموضوعية في معالجة الموضوعات والقضايا. غير أن هؤلاء المؤلفين يقعون - في جانب من النصوص - في فخ النزعة الذاتية في تناول موضوعات الدروس أو أجزاء منها تخص هذا المفهوم أو ذاك. وقد لاحظنا أن النزعة الذاتية المخالفة للروح العلمية الموضوعية تؤدي غالباً إلى نظرة سطحية لأمور مهمة لا يمكن تقديم إجابات بسيطة أو مجتزأة بشأنها.
الهوامش
 (1) راجع كتاب «طرائق تدريس التربية الاسلامية واساليبها وتطبيقاتها العملية»، تأليف ناصر الخوالدة ويحيى عيد، دار حنين للنشر والتوزيع، مكتبة الفلاح، الاردن، 2001م، الصفحات 143ــ147.
الحلقة السادسة :

ليست هناك تعليقات:

شارك

Share |