الخميس، 25 أغسطس 2011

السبيل :: الأقصى يشهد أول صلاة علنية لليهود

الأقصى يشهد أول صلاة علنية لليهود



السبيل - أصدرت مؤسّسة القدس الدوليّة تقرير "عين على الأقصى" السنويّ الخامس الذي يُغطّي الاعتداءات على المسجد الأقصى في الفترة من 22/8/2010 وحتى 21/8/2011. التقرير الذي تطلقه المؤسسة في الذكرى السنوية لإحراق المسجد الأقصى المبارك على يدي المتطرف الصهيوني مايكل روهان في 1969/8/21، يرصد الاعتداءات على المسجد الأقصى خلال الآونة المذكورة ليحاول رسم صورةٍ متكاملةٍ لمشروع تهويد المسجد الأقصى، عير 4 مساراتٍ رئيسة:
الأول: تطور فكرة الوجود اليهودي في المسجد الأقصى:
رصد التقرير خلال العام الماضي تطوّرًا على مختلف المستويات فيما يتعلّق بالوجود اليهوديّ في المسجد الأقصى فعلى المستوى السياسيّ يتوقف التقرير على صدور تقرير "مراقب عام الدولة" ميكا ليندنستراوس حول إمكانية فرض السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى، وإخضاعه بالتالي لقانون الآثار الإسرائيلي وتداعيات ذلك.
وعلى مستوى الموقف الديني فقد كان التطور الأبرز خلال العام الماضي الفتوى التي أصدرها حاخام صفد شموئيل إلياهو، أحد الحاخامين الأساسيين للسفارديم في الدولة بوجوب تقديم قرابين الفصح في "جبل المعبد"، أمام قبة الصخرة. وتعد هذه الفتوى أول رأي لحاخام أساسي في الدولة يجيز لليهود تقديم قرابينهم في "جبل المعبد".
أمّا على المستوى القانوني فكان التطوّر الأبرز خلال العام الماضي الحملة السياسية والإعلامية المنظمة التي أطلقها المتطرفون اليهود مدعومين بنواب من الكنيست ضد الشرطة الإسرائيلية متهمينها "بالتمييز ضد اليهود" في إجراءات الدخول للمسجد، وعلى أثر ذلك جرى استجواب قائد الشرطة آفي بيتون أمام لجنة الداخلية والأمن في الكنيست في 16/6/2011، و"أقرت" شرطة الاحتلال بوجود "تمييز ضد اليهود"، ووعدت بمنح تسهيلات أكبر لدخول اليهود، وقد ترجم ذلك ميدانياً في 9/8/2011 باقتحام أكثر من 500 متطرف يهودي للمسجد بحماية الشرطة في "ذكرى خراب المعبد" وهي سابقة تحصل لأول مرة منذ احتلال المسجد خلال شهر رمضان.
الثاني: الحفريّات والبناء أسفل المسجد الأقصى وفي محيطه
خلال الفترة التي يُغطّيها التقرير انتقلت الحفريّات أسفل المسجد الأقصى ومحيطه إلى مرحلةٍ جديدةٍ، إذ بعد أن كان جهد الاحتلال ينصبّ على توسيع رقعة الحفريّات وزيادة عددها، أصبح جهده اليوم يتركّز حول ترميم المواقع الموجودة وإعدادها لاستقبال الزوّار، بالإضافة إلى تجهيز البنى التحتيّة والخدمات اللازمة فوق الأرض وتحت الأرض لتحويل "المدينة اليهوديّة التاريخيّة" التي يبنيها أسفل المسجد ومحيطه إلى المزار السياحيّ الرئيس في دولة الاحتلال، وقد زار هذه المدينة بالفعل خلال العام المنصرم أكثر من مليون زائرٍ وسائح.
وقد كان أكبر مشاريع الحفريّات وأبرزها خلال العام الماضي هو ذلك الهادف إلى إعادة بناء وترميم ساحة البراق والذي يمتدّ على كامل المساحة الواقعة بين حائط البراق وحارة الشرف "الحيّ اليهوديّ" والتي تربو على 7 دونمات، وهذا المشروع يُعدّ الأوّل من نوعه الذي يستهدف توسيع ساحة البراق منذ أن هدم الاحتلال حيّ المغاربة وأقام الساحة مكانه عند احتلال المدينة.
ورغم التراجع الذي شهدته زيادة الحفريّات على الصعيد العددي إذ انخفض عدد الحفريّات الجديدة من 9 خلال الفترة من 22/8/2009 – 21/8/2010 إلى 4 مواقع جديدة خلال الفترة من 22/8/2010 – 21/8/2011، إلا أنّه بالإمكان ملاحظة أن طبيعة هذه الحفريّات هي مشاريع نوعيّة هي الأكبر والأكثر خطورةً على الإطلاق. وإضافة هذه المواقع الأربعة الجديدة يُصبح عدد مواقع الحفريّات حول المسجد 38 موقعًا، 25 منها نشطة، و13 مكتملة. أما من الناحية الجغرافية فتقع 17 حفرية منها جنوب المسجد، و19 حفرية غربه و 2 شماله.
الثالث: البناء ومصادرة الأراضي في محيط المسجد
أبرز التطوّرات التي شهدها هذا المجال خلال الفترة التي يُغطّيها التقرير تحويل الاحتلال منطقة حوش الشهابي المجاورة لباب الحديد (أحد أبواب المسجد الأقصى في الجهة الغربيّة) إلى ساحةٍ شبه رسميّة لصلاة اليهود، ووضع لافتةٍ تعريفية تحمل الاسم العربيّ الصحيح للموقع لكنها تُعرّفه بالعبرية والإنجليزيّة على أنّه "المبكى الصغير"، وذلك في شهر كانون الثاني/يناير 2011، ومناقشة برلمان الاحتلال "الكنيست" يوم الأربعاء 3/8/2011 مشروعًا لبناء خط للتلفريك يصل بين منطقة المحطّة في غرب القدس وباب المغاربة جنوب البلدة القديمة ويهدف المشروع إلى نقل أكثر من 4,000 شخص يوميًّا بين غرب القدس والبلدة القديمة.
الرابع: تحقيق الوجود اليهودي داخل الأقصى والتدخّل المباشر في إدارته
مثّل تحقيق الوجود اليهوديّ في المسجد الأقصى خلال الفترة التي يُغطّيها التقرير أولويّة لدى الاحتلال، وانصبّ جلّ جهده على تجهيز الأرضيّة اللازمة لتأمين هذا الوجود وحمايته، ومنحه صفةً شرعيّة توازي تلك التي للوجود الإسلاميّ في المسجد. وعلى الرغم من انخفاض عدد الاقتحامات والتصريحات المعادية، إلاّ أنّ الاقتحامات باتت أكبر حجمًا وتنظيمًا ونوعيّة.
وقد كان التطوّر الأهمّ خلال الفترة الماضية التغيّر الذي طرأ في طريقة تعامل شرطة الاحتلال مع الاقتحامات، فقد باتت تتعامل بتساهل واضح مع المتطرّفين اليهود وتسمح لهم بممارسة شعائرهم الدينيّة، بل وبعض أفرداها يُشاركون في هذه الشعائر، في حين أنّها تتعامل بعنفٍ مبالغٍ فيه مع المصليّن. ويرى التقرير أنّ لجوء شرطة الاحتلال لهذا الأسلوب يهدف لزرع الرعب في نفوس المصلّين وإيجاد حاجزٍ من الخوف يمنعهم من الاقتراب من المتطرفين اليهود حتى حين لا يكون عدد الشرطة المصاحبة لهم كبيرًا.
وقد شهد المسجد الأقصى للمرّة الأولى منذ احتلاله صلاةً جماعيّة علنيّة لليهود تحت حماية الشرطة وذلك بناءً على اتفاق مسبق بين قيادة شرطة الاحتلال والمسؤولين السياسيّين والناشطين من المتطرفين، وقد صوّرت هذه الصلاة وبُثّت عبر وسائل إعلام مختلفة بعضها رسميّ، ورغم ذلك فقد مرّت بهدوءٍ بالغ سيفتح في ظنّنا شهيّة الاحتلال لتكرارها بتواترٍ أكبر في المستقبل وصولاً إلى فرضها كأمرٍ واقع.
كما شهد المسجد الأقصى في شهر آب/أغسطس 2011 أكبر اقتحامٍ جماعيّ للمستوطنين منذ احتلاله عام 1967 إذ اقتحمت مجموعةٌ من 500 شخص المسجد في ذكرى "خراب المعبد" وهذه هي المرّة الأولى أيضًا التي يحصل فيها اقتحامٌ كبير للأقصى خلال شهر رمضان.
ردود الفعل على التطورات الجارية في المسجد الأقصى:
وبالانتقال إلى تفاصيل ردود الفعل فعلى مستوى الفصائل الفلسطينية، فقد بقيت عاجزة عن أي رد فعلي على أرض الواقع تجاه الممارسات الإسرائيلية والانتهاكات في المسجد الأقصى، مكتفية بالتحذير من خطورة ما يجري، وبالتذكير بالمسؤولية العربية والإسلامية.
أما على المستوى العربي والإسلامي فقد اقتصرت ردود الفعل العربية والإسلامية على الإدانات الخجولة، مع غياب التحركات الشعبية، ربما بسبب غمرة الانشغال بالثورات العربية وما فرضته من ارتباك على المستويات الداخلية في الدول التي امتدت إليها، وعلى المستوى الإقليمي العام.
التوصيات:
يختتم التقرير هذا الاستعراض المفصّل لأوضاع المسجد الأقصى المبارك بوضع توصيات تهدف لتشكيل خارطة طريقٍ لإعادة بناء معادلة الردع التي كانت وحدها كفيلةً بوقف اعتداءات الاحتلال على المسجد الأقصى في الماضي، وتُخاطب هذه التوصيات مختلف الجهات الفاعلة والقادرة على التأثير ليرسم صورةً متكاملة حول الدور المطلوب من كلّ فئات الأمّة لحماية المسجد الأقصى المبارك.
وأوّل هذه الجهات هي المقاومة الفلسطينية التي يرى التقرير أنّها غابت عن ساحة الفعل منذ انتهاء انتفاضة الأقصى ويدعوها للتكيّف مع الواقع الجديد في القدس والضفّة الغربيّة وقطاع غزّة وإعادة إنتاج نفسها بطرقٍ مختلفة تسمح لها بالتحرّك لنصرة المسجد الأقصى على الرغم من واقع الانقسام والتنسيق الأمنيّ وتكثيف الاحتلال لملاحقته لها.
ويتوجه التقرير للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير ويدعوهما إلى عدم تقديم أي تنازلٍ فيما خصّ السيادة والحقّ الفلسطينيّ الحصريّ في المسجد الأقصى كاملاً في سبيل الحصول على الاعتراف الدوليّ بالدولة الفلسطينيّة حتى وإن كان هذا الاعتراف يُمثّل خطوةً سياسيّة إيجابيّة. كما يحث التقرير السلطة الفلسطينيّة على بحث السبل العمليّة الكفيلة بترجمة هذا الاعتراف إلى فعلٍ على الأرض بالتنسيق مع الحكومة الأردنيّة، ويُحّذر من استغلال الاحتلال لتغيّر الوضع القانونيّ للسلطة كمدخلٍ لسحب الاعتراف بالإدارة الأردنيّة للمسجد الأقصى، واعتبار المسألة خلافًا بين دولة الاحتلال والدولة الفلسطينيّة الوليدة وحسمه على هذا الأساس مع كلّ ما يحمله ذلك من تبعات قانونيّة وسياسيّة.
أمّا الحكومة الأردنيّة بوصفها الوصيّ القانونيّ على المسجد الأقصى فيدعوها إلى الرفض القاطع والنهائي لأي محاولةٍ لنزع الحصرية الإسلامية عن المسجد.
ثم يتوجه التقرير للحكومات العربية والإسلامية: ويدعوها لاستغلال الزخم الشعبيّ العربيّ، وترجمته في رفع سقف مواقفها تجاه المسجد الأقصى، وتشكيل جبهةٍ موحّدة للضغط على الاحتلال، والعلاقات والمصالح المشتركة مع أبرز اللاعبين الدوليّين. كما يدعو هذه الحكومات إلى دعم الموقف الفلسطينيّ المتمسّك بالحقوق العربيّة والإسلاميّة في المسجد الأقصى والامتناع عن تغطية أيّ تنازلٍ عن المسجد من قبل أيّ طرفٍ كان.
بعدها ينتقل التقرير ليُقدّم توصياتٍ للجماهير العربية والإسلامية داعيًا إيّاها رغم حجم الانشغال الداخليّ الذي تفرضه الثورات العربيّة، إلى تخصيص حيّز للمسجد الأقصى في تحركاتهم ورؤيتهم السياسيّة الآخذة بالتشكّل. وجعل الموقف من القدس والأقصى أحد المعايير التي تحكم اختيارهم للشخصيّات والبرامج والأحزاب السياسيّة في أي انتخاباتٍ قادمة.
وفي الختام يدعو التقرير وسائل الإعلام والإعلاميين إلى تخصيص مساحةٍ للمسجد الأقصى في تغطياتها الإعلاميّة والتفاعل مع التطوّرات الميدانيّة الحاصلة فيه أوّلاً بأوّل لمنع الاحتلال من استغلال الانشغال العربيّ لتمرير مخطّطات التهويد والتقسيم التي يُبيّتها للمسجد الأقصى.
كما يدعو الشباب والقائمين على الإعلام الإلكترونيّ لتخصيص مساحةٍ في تغطياتهم لأوضاع المسجد الأقصى وتطوّرات الأحداث فيه، والتفاعل معها بما يليق بمكانة المسجد الأقصى، إذ لا يزال هذا الموضوع غائبًا إلى حدٍّ بعيد في الإعلام الإلكترونيّ العربيّ في مقابل حضورٍ نوعيّ وكثيّفٍ له على الجانب الآخر.

ليست هناك تعليقات:

شارك

Share |