الأربعاء، 17 أغسطس 2011

صحيفة الأحداث-قضايا ساخنة : التقسيم الديني لنساء العالم

صحيفة الأحداث-قضايا ساخنة(الأرشيف)

قضايا ساخنة-ياسين حسن بشير
قضايا ساخنة

 التقسيم الديني لنساء العالم
أثار انتباهي انعقاد مؤتمر الاتحاد النسائي الإسلامي العالمي بالخرطوم خلال الفترة من 13 إلى 14/7/2011م لأنني أعتقد أن هذه الأسلمة لقضايا الإنسان قد بدأت خلال النصف الثاني من القرن الماضي... فأثناء الحرب الباردة بين المعسكر الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي عملت الولايات المتحدة الأمريكية مع بعض الدول الإسلامية التي تقف في جانب المعسكر الرأسمالي على خلق كيانات إسلامية في مواجهة الكيانات التي كانت تقف في جانب المعسكر الاشتراكي... فظهرت منظمة المؤتمر الإسلامي في مواجهة تجمع دول عدم الانحياز... وعملت منظمة المؤتمر الإسلامي على خلق كيانات إسلامية متعددة تحت مظلتها... اتحاد الإذاعات الإسلامية... منظمة الشباب المسلم... منظمة الدعوة الإسلامية... بنك التنمية الإسلامي...الخ وهكذا توالى تكوين المنظمات الإسلامية وتكفلت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية في ذلك الوقت بالدعم المالي والسياسي لتلك التنظيمات لمواجهة التنظيمات المشابهة التي تدور في فلك المعسكر الاشتراكي... وعندما انتهت الحرب الباردة بانهيار المعسكر الاشتراكي تبدلت المواقف... فحركة الإسلام السياسي في جميع أنحاء العالم تحولت من حركة متحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية إلى حركة معادية لها... كما تبدل موقف المملكة العربية السعودية نفسها حيث أصبحت تتعامل بتحفظ مع تلك المنظمات الإسلامية... والآن تحاول بعض حركات الإسلام السياسي في الدول الإسلامية استغلال تلك المنظمات الإسلامية العالمية للتعبئة السياسية وسط المسلمين وإظهار قوتها السياسية في مواجهة القوى المعارضة لها محلياً وإقليمياً ودولياً.
في هذا الإطار يمكن فهم أسلمة الحركة النسائية العالمية... ففي الأصل كان التقسيم الديني لدول العالم ولمنظماته الإقليمية والدولية تقسيماً وهمياً استغلت فيه دول المعسكر الرأسمالي ومعها بعض الدول الإسلامية مشاعر المسلمين لمحاربة المعسكر الاشتراكي برفع شعار محاربة «الإلحاد الشيوعي» وأقول أنه تقسيم وهمي لأن الصراع في العالم لم يكن صراعاً دينياً وإنما كان وما زال صراعاً سياسياً وفكرياً واقتصادياً... وبالتالي لم تبرز تلك المنظمات الإسلامية كحاجة فعلية للمجتمعات الإسلامية في العالم وإنما كأدوات لإدارة صراع سياسي كان بين المعسكرين وأصبح الآن بين حركة الإسلام السياسي وحركة التقدم الديمقراطي المدني الحر في جميع الدول الإسلامية... لذلك ظلت تلك المنظمات الإسلامية كيانات كرتونية ليس لها أي أثر إيجابي في معالجة القضايا الرئيسية للمجتمعات الإسلامية... صحيح أنه قد تم صرف أموال في تنفيذ مشاريع في بعض الدول الإسلامية تحت رايات تلك المنظمات وهذا مفيد ولكن لم يكن الأمر يستدعي تغليفه بغلاف ديني... فالمنظمات المحلية والإقليمية والدولية غير الإسلامية قد قدمت الأكثر ونفذت العديد من المشاريع التي ترتبط بتطور وتنمية المجتمعات في الدول الإسلامية دون أن ترفع راية هذا الدين أو ذاك.
إن تجارب الإنسان وخبراته التراكمية في جميع أنحاء العالم في مواجهة الواقع ومعالجة إشكالاته هي تجارب وخبرات متكاملة ومتداخلة تأثرت بجميع الأديان السماوية وغير السماوية وبالمعتقدات والأعراف ولا يمكن فرزها وتقسيمها دينياً لنقول أن هناك أدوات معالجة دينية متعددة... إسلامية ومسيحية ويهودية وبوذية وهندوسية وغيرها... لذلك تعتبر أي محاولة للفرز الديني لنشاط وحركة الإنسان في العالم وخلق أدوات دينية للمعالجة هي محاولة فاشلة لا قيمة لها في المسار الحضاري للبشرية.
إن قضايا المرأة في جميع أنحاء العالم أياً كانت ديانتها هي قضايا موحدة تتعلق بحريتها وكرامتها كإنسان وإزالة قهر وتسلط وهيمنة الرجل عليها... صحيح أن أساليب وأشكال هذا القهر والتسلط قد تختلف من مجتمع إلى آخر باختلاف الدوافع دون أن يعني ذلك اختلاف طبيعة القضايا الرئيسية للمرأة في العالم.
إن العامل الديني يمكن أن يمثل أحد العوامل التي تعيق المعالجة الإنسانية الصحيحة لقضايا المرأة .
فالمرأة حالياً تعاني في معظم الدول الإسلامية ومنها السودان من زواج القاصرات .
وهكذا تصل المرأة المسلمة إلى حالة «قهر الذات» عندما يغيب وعيها الإنساني المدني الديمقراطي الحر.

ليست هناك تعليقات:

شارك

Share |