الاثنين، 1 نوفمبر 2010

جريدة الشرق الأوسسط : نتنياهو يستغل الرسائل الملغومة ليعلن أن مشكلة البشر هي الإرهاب الإسلامي

نتنياهو يستغل الرسائل الملغومة ليعلن أن مشكلة البشر هي الإرهاب الإسلامي

ساركوزي غاضب من رئيس الوزراء الإسرائيلي ويتهمه بإجهاض لقاء باريس
بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل في طريقه الى مكتبه في رئاسة الحكومة برفقة بيني بيغن نجل رئيس الوزراء الاسبق مناحيم بيغن ( إ ب أ )
تل أبيب: نظير مجلي
في الوقت الذي تشتد فيه الانتقادات الحادة لسياسة الحكومة الإسرائيلية بسبب إصرارها على مواصلة البناء الاستيطاني، وعرقلة مسيرة السلام، وتهديد المنطقة بويلات حروب جديدة، استغل رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الرسائل اليمنية الموجهة إلى كنيس يهودي في شيكاغو، ليعلن أن «المشكلة الأساسية التي تواجه البشرية اليوم هي الإرهاب الذي تخطط له قيادة تنظيم القاعدة، وتنفذه عناصر التطرف في الإسلام السياسي».

وقال نتنياهو، الذي كان يتحدث في مستهل جلسة حكومته، أمس، في القدس الغربية، إنه سيسافر إلى الولايات المتحدة ليبحث مع قادتها «موضوع استئناف العملية السياسية بغية التوصل إلى اتفاق سلام وأمان لدولة إسرائيل، وكذلك سبل مواجهة الإرهاب الإسلامي، الذي يهدد البشرية جمعاء وليس فقط اليهود في كنيس شيكاغو أو بومباي أو غيرهما، بل أيضا في قطار مدريد أو لندن أو بالي».

وأضاف نتنياهو، وفقا لبيان صادرعن مكتبه: «نحن نواجه موجة عمليات إرهابية للإسلام المتطرف، وهي تكبر وتزداد خطورة، وأصحابها يمارسونها بوقاحة عالية، ولذلك فإن أحد المواضيع التي سأناقشها في هذا المؤتمر (إيباك) سيكون الخطوات التي يجب أن تتخذ من قبل العالم الحضاري والعالم الحر لوقف هذه الموجة التي تهددنا جميعا».

وكان نتنياهو مترددا بشأن السفر إلى واشنطن، حيث إنه مدعو لحضور مؤتمر المنظمات اليهودية الأميركية «إيباك»، الذي اعتاد رؤساء حكومات إسرائيل على حضوره، وهو لم يحضره في السنة الماضية بسبب امتناع الرئيس باراك أوباما عن لقائه. وفي هذه السنة أيضا، لن يلتقي أوباما مع نتنياهو، لأنه سيكون في زيارة إلى آسيا، لدى وصول رئيس الوزراء الإسرائيلي. وهو يخشى من أن يفسر عدم اللقاء مع أوباما بمثابة تعبير عن غضب أميركي على إسرائيل وسياستها.

لكن الرسائل الموجهة إلى يهود شيكاغو، شحنت نتنياهو بالقوة وأعطته النفس الذي يريد لكي يسافر إلى واشنطن ويلتقي أيا كان هناك من القادة. فهو يستطيع التحدث الآن عن المواجهة المشتركة لدول الغرب، وبينها الولايات المتحدة وإسرائيل، لـ«الإرهاب الإسلامي». وبدلا من اتهام حكومته بتأخير عملية السلام، يمكنه، كما يعتقد، أن يظهر إسرائيل وشعبها اليهودي ضحية للإرهاب الذي يهدد الأمن في أوروبا والولايات المتحدة.

ولكن هذا التوجه من نتنياهو جوبه برد حاد في إسرائيل نفسها، حيث أقيم مهرجان شعبي ضخم حضره ما لا يقل عن 50 ألف شخص، في الذكرى السنوية الخامسة عشرة لاغتيال إسحاق رابين. فقد تكلم في المهرجان حفيد رابين، يوحنان بن آرتسي، محذرا من سياسة الخوف التي يديرها نتنياهو. فقال: «تجد القادة عندنا يهاجمون الحكومة من صفوف المعارضة بدعوى أنها غير مسؤولة وأنها عنصرية ومعادية للمشروع الاستيطاني، ويرفضون السلام بحجة أنهم لا يريدون إعادة تقسيم القدس أو تدمير المشروع الاستيطاني، فما أن يصلوا إلى ذلك السحر المسمى كرسي رئاسة الوزراء، حتى يعودوا للسير في طريق رابين نفسه. هم الذين اتهموا وهم الذين يفسرون لماذا يتراجعون».

وقال بن آرتسي، إن هناك من يبني سياسته على الخوف والتخويف. وزاد قائلا: «يحاولون تخويفنا بالإرهاب الإسلامي ليأخذونا بعيدا عن مفاوضات السلام. وعلينا أن نقول لهؤلاء القادة إننا أصبحنا بالغين راشدين ونريد السلام بكل قوة ولن نتراجع عنه».

وكان الرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس، قد تكلم في هذا المهرجان وتطرق هو الآخر إلى الرسائل اليمنية. فقال إن الولايات المتحدة ودولا أخرى تمكنت من اجهاض عملية إرهاب رهيبة. وإسرائيل تقف في خندق واحد مع الولايات المتحدة، وهذه الدول ضد الإرهاب. ولكنه أشار أيضا إلى أن السبيل الأفضل لمكافحة الإرهاب ومحاصرة أصحابه يكون بتغذية السير في طريق رابين، الذي هو طريق السلام. وأكد أن غالبية الشعب في إسرائيل توصلت إلى قناعة بالتخلي عن السيطرة على الشعب الفلسطيني، وتقول بملء الفم إنها غير معنية بالسيطرة على شعب آخر.

من جهة ثانية، كشفت صحيفة «هآرتس»، في عددها أمس، عن أن توترا شديدا حصل بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في الأسبوعين الأخيرين، وذلك في أعقاب مكالمة هاتفية بينهما، قبل نحو 10 أيام، حيث طالب ساركوزي بتمديد تجميد البناء في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية بهدف تجنب تقويض احتمالات تجديد عملية السلام.

ونقلت عن دبلوماسيين أوروبيين مطلعين على تفاصيل المكالمة أن ساركوزي غاضب بسبب تراجع نتنياهو في اللحظة الأخيرة عن المشاركة في قمة مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في باريس، والتي كان من المفروض أن يشارك فيها ساركوزي أيضا، والرئيس المصري حسني مبارك، ووزيرة خارجية الولايات المتحدة، هيلاري كلينتون.

وأضافت الصحيفة أن إلغاء نتنياهو مشاركته دفع مكتب ساركوزي إلى إطلاع القادة الأوروبيين على فحوى المكالمة الهاتفية.

يذكر أن ساركوزي اقترح قبل نحو شهر على نتنياهو وعباس المشاركة في قمة بهدف التغلب على «أزمة تجميد البناء في المستوطنات»، وإتاحة المجال لاستمرار المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وفي حينه، رد نتنياهو وعباس بالإيجاب، وبدأت فرنسا استعداداتها لتنظيم القمة. وحسب الدبلوماسيين الأوروبيين فإن ساركوزي خطط بأن تكون قمة باريس، التي كانت مرتقبة في 21 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خطوة أولى لتحريك عملية السلام، بحيث تكون المرحلة الثانية قمة الاتحاد الأوروبي من أجل البحر المتوسط في برشلونة في الشهر الجاري، والتي كان يفترض أيضا أن يشارك فيها نتنياهو وعباس.

وأشارت المصادر ذاتها إلى أن نتنياهوتراجع عن المشاركة بعد أن أدرك أن الإدارة الأميركية ترى في القمة أمرا إيجابيا وتدفع باتجاه عقدها. وقال الدبلوماسيون الأوروبيون إن «نتنياهو أدرك بأنه ستمارس عليه ضغوط شديدة بشأن المستوطنات، وأنه قرر إلغاء مشاركته تجنبا للضغوط».

وكان نتنياهو قد أبلغ ساركوزي، في مكالمة هاتفية قبل 10 أيام، بأنه لن يشارك في القمة بادعاء أن توقيتها غير مناسب. ورد ساركوزي بغضب، وقال إنه لا يقبل تبريرات نتنياهو.

ليست هناك تعليقات:

شارك

Share |